ثم اذا عطفنا النظر الى الطوارئ البشرية التي لابد لكل عبد منها. وهي المصيبات التي تأتري العباد من الامراض المتنوعة وموت الاحبة وفقد الاموال ونقصها ووقوع المكاره بمن تحب. وزوال المحاب وغيرها من انواع المصائب دقيقها وجليلها. رأيت المؤمن حقا قد تلقاها بقوة وصبر واحتساب وقد قام لها بارتقاء الاجر والثواب. وعلم انها تقدير العزيز العليم. وانها اقضية صدرت من الرب الرحيم. فهان عليه امرها وخفت عليه وطأتها. فانه اذا فكر فيما فيه فيها من الالام الشاقة قابلها بما تتضمنه من تكفير السيئات وتكفير الحسنات ورفعة الدرجات والتخلق باخلاق الكرام والقوة والشجاعة. واذا انهكت بدنه وماله رآها مصلحة لقلبه وروحه فان صلاح القلوب بالشكر لله على نعمائه والصبر على بلائه وانتظار الفرج من الله اذا المت الملمات واللجوء الى الله عند جميع المزعجات المقلقات. فاقل الاحوال عند هذا مؤمن ان تتقابل عنده المصائب والمحاب والافراح والاتراه. وقد تصل الحال بخواص المؤمنين الى ان افراحهم ومسراتهم عند المصيبات تزيد على ما يحصل فيها من الحزن والكدر الذي جبلت عليه النفوس فاين هذه الحال من حال من تلقى المصيبات التي لابد للخلق منها بقلب منزعج مرعوب وخشعت نفسه المهينة لما فيها من الشدائد والكروب. فبقيت الحسرات تنتاب قلبه وروحه. وزادت مصائب قلبه على مصائب بدنه ليس عنده من الصبر وارتقاب الثواب ما يخفف عنه الاحزان. ولا من الايمان ما يهون انهو الاشجان تعتريه المصائب فلا تجد عنده ما يخففها. فتعمل عملها في قلبه وروحه وبدنه واحواله كلها. القلب مليء من الهم والغم والالم. والخوف السابق واللاحق قد ملأ نفسه ان لذلك لبه وانحطم وقد ضعف توكله على الله غاية الضعف. حتى صار قلبه يتعلق بمن يرجو من المخلوقين. فيا لها من مصائب دنيوية اتصلت بالمصائب الدينية والخلقية. وتراكم بعض بعضها فوق بعض حتى صارت عنده اعظم من الجبال الرواسي. فوالله لو علم اهل البلاء والمصائب بما في الايمان من الروح والتسلية والحياة الطيبة لسارعوا اليه ولو في هذه الحال التي هم فيها مضطرون الى ما يخفف عنهم الامهم. ولا يجدونه الا في الايمان الصحيح الحقيقي. وما يدعو اليه