المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقولون ولا جنبا الا عابر سبيل حتى تغتسلوا فتيمموا صعيدا طيبا ينهى تعالى عباده المؤمنين ان يقربوا الصلاة وهم سكارى حتى يعلموا ما يقولون. وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة في المسجد. فانه لا يمكن السكران من دخوله. وشامل لنفس الصلاة. فان انه لا يجوز للسكران صلاة ولا عبادة. لاختلاط عقله وعدم علمه بما يقول. ولهذا حدد تعالى ذلك وغياه الى وجود العلم. بما يقول السكران وهذه الاية الكريمة منسوخة بتحريم الخمر مطلقا. فان الخمر في اول الامر كان غير محرم. ثم ان الله تعالى عرظ لعباده بتحريمه بقوله يسألونك عن الخمر والميسر. قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس. واثمهما اكبر من نفعهما. ثم انه تعالى نهاهم عن الخمر عند حضور الصلاة كما في هذه الاية ثم انه تعالى حرمه على الاطلاق في جميع الاوقات في قوله يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر انصابوا الازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه. ومع هذا فانه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة. لتضمنه هذه المفسدة العظيمة. بعد حصول مقصود الصلاة الذي هو روحها ولبها وهو الخشوع وحضور القلب. فان الخمر يسكن القلب ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة. ويؤخذ من المعنى منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط. الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل. بل لعل فيه اشارة الى انه ينبغي لمن اراد الصلاة ان يقطع عنه كل شاغل اله فكرة كمدافعة الاخمثين والتواقي لطعام ونحوه. كما ورد في ذلك الحديث الصحيح. ثم قال ولا جنبا الا عابري سبيل. اي لا الصلاة حالة كون احدكم جنبا الا في هذه الحال وهو عابر السبيل. اي تمرون في المسجد ولا تمكثون فيه. حتى تغتسلوا اي فاذا اغتسلتم فهو غاية المنع من قربان الصلاة للجنب. فيحل للجنب المرور في المسجد فقط. وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط اولى مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا. فاباح تيمم للمريض مطلقا مع وجود الماء وعدمه. والعلة المرض الذي يشق معه استعماله الماء وكذلك السفر فانه مظنة فقد الماء. فاذا فقده المسافر او وجد ما يتعلق بحاجته من شرب ونحوه. جاز له التيمم. وكذلك اذا احدث الانسان ببول او غائط او ملامسة النساء فانه يباح له التيمم اذا لم يجد الماء حضرا وسفرا. كما يدل على ذلك عموم الاية والحاصل ان الله تعالى اباح التيمم في حالتين. حال عدم الماء وهذا مطلقا في الحضر والسفر. وحال المشقة باستعماله بمرض ونحوه واختلف المفسرون في معنى قوله او لامستم النساء هل المراد بذلك الجماع؟ فتكون الاية نصا في جواز التيمم للجنب كما تكاثرت بذلك الاحاديث الصحيحة او المراد بذلك مجرد اللمس باليد. ويقيد ذلك بما اذا كان مظنة خروج المذي. وهو المس الذي يكون لشهوة فتكون الاية دالة على نقض الوضوء بذلك. واستدل الفقهاء بقوله فلم تجدوا ماء بوجوب طلب الماء عند دخول الوقت. قالوا لانه لا يقال لم يجد لمن لم يطلب بل لا يكون ذلك الا بعد الطلب. واستدل بذلك ايضا على ان الماء المتغير بشيء من الطاهرات. يجوز بل يتعين التطهر به قوله في قوله فلم تجدوا ماء وهذا ماء ونزع في ذلك بانه ماء غير مطلق وفي ذلك نظر وفي هذه الاية الكريمة هذا الحكم العظيم الذي امتن به الله على هذه الامة وهو مشروعية التيمم. وقد اجمع على ذلك العلماء ولله الحمد. وان التيمم يكون بالصعيد الطيب وهو كل ما تصاعد على وجه الارض. سواء كان له غبار ام لا ويحتمل ان يختص ذلك بذي الغبار. لان الله قال فامسحوا وجوهكم وايديكم منه. وما لا غبار له لا يمسح به. وقوله فامسحوا بوجوهكم وايديكم. هذا محل المسح في التيمم. الوجه جميع واليدان الى الكوعين كما دلت على ذلك الاحاديث الصحيحة. ويستحب ان يكون ذلك بضربة واحدة. كما دل على ذلك حديث عمار. وفيه ان تيمم الجنب كتيمم غيره بالوجه واليدين. فائدة اعلم ان قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد. حفظ الصحة عن المؤذيات الاستفراغ منها والحمية عنها. وقد نبه تعالى عليها في كتابه العزيز. اما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي فقد امر بالاكل والشرب وعدم الاسراف لذلك واباح للمسافر والمريض الفطر حفظا لصحتهما باستعمال ما يصلح البدن على وجه العدل. وحماية للمريض عما يضره. واما استفراغ المؤذي فقد اباح تعالى للمحرم المتأذي برأسه ان يحلقه لازالة الابخرة المحتقنة فيه ففيه تنبيه على استفراغ ما هو اولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم وغير ذلك نبه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى. وفي الاية وجوب تعميم مسح الوجه واليدين انه يجوز التيمم ولو لم يضيق الوقت. والا يخاطب بطلب الماء الا بعد وجود سبب الوجوب. والله اعلم. ثم ختم الاية بقوله الله كان عفوا غفورا. اي كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين. بتيسير ما امرهم به وتسهيله غاية التسهيل. بحيث لا يشق على العبد امتثال فيحرج بذلك ومن عفوه ومغفرته ان رحم هذه الامة بشرع طهارة التراب بدل الماء عند تعذر استعماله ومن عفوه ومغفرته انفتح للمذنبين باب التوبة والانابة ودعاهم اليه. ووعدهم بمغفرة ذنوبهم. ومن عفوه ومغفرته. ان المؤمن لو اتاه بقراب الارض خطأ ثم لقيه لا يشرك به شيئا لاتاه بقرابها مغفرة والله اعلم هذا ذم من اوتوا نصيبا من الكتاب وفي ضمنه تحذير عباده عن الاغترار بهم والوقوع في اشراكهم. فاخبر انهم في انفسهم يشترون الضلالة اي يحبونها محبة عظيمة ويؤثرونها ايثار من يبذل المال الكثير في طلب ما يحبه. فيؤثرون الضلال على الهدى والكفر على الايمان والشقاء على السعادة ومع هذا يريدون ان تضلوا السبيل. فهم حريصون على اضلالكم غاية الحرص. باذلون جهدهم في ذلك. ولكن لما كان الله لعباده المؤمنين وناصرهم بين لهم ما اشتملوا عليه من الضلال والاضلال. ولهذا قال وكفى بالله وليا ان يتولى احوال عباده ويلطف بهم في جميع امورهم. وييسر لهم ما به سعادتهم وفلاحهم. وكفى بالله نصيرا. ينصرهم على اعدائهم. ويبين لهم ما يحذرون من منهم ويعينهم عليهم. فولايته تعالى فيها حصول الخير. ونصره فيه زوال الشر. ثم بين كيفية ضلالهم وعنادهم وايثارهم الباطل على الحق فقال ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لن ين بالسنتهم طعنا ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم ثم اقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. من الذين هادوا اي اليهود وهم علماء الضلال منهم يحرفون الكلم عن مواضعه. اما بتغيير اللفظ او المعنى او هما جميعا. فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم التي لا تنطبق ولا تصدق الا على محمد صلى الله عليه وسلم. على انه غير مراد بها ولا مقصود بها. بل اريد بها غيره وكتمانهم ذلك. فهذا حالهم في العلم اشر حال. قلبوا فيه الحقائق ونزلوا الحق على الباطل. وجحدوا لذلك الحق. واما حالهم في العمل والانقياد. فانهم يقولون سمعنا وعصينا. اي سمعنا قولك وعصينا امرك. وهذا غاية الكفر والعناد والشرود عن الانقياد وكذلك يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم باقبح خطاب وابعده عن الادب. فيقولون اسمع غير مسمع قصدهم اسمع منا غير مسمع ما تحب بل مسمع ما تكره وراعنا قصدهم بذلك الرعونة بالعيب القبيح ويظنون ان اللفظ لما كان محتملا لغيره ما ارادوا من الامور انه يروج على الله وعلى رسوله فتوصلوا بذلك اللفظ الذي يلون به السنتهم الى الطعن في الدين والعيب للرسول ويصرحون ذلك فيما بينهم. فلهذا قال لين بالسنتهم وطعنا في الدين. ثم ارشدهم الى ما هو خير لهم من ذلك. فقال ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم واقوم. وذلك لما تضمنه هذا الكلام من حسن الخطاب والادب اللائق في مخاطبة الرسول. والدخول ولتحت طاعة الله والانقياد لامره. وحسن التلطف في طلبهم العلم. بسماع سؤالهم والاعتناء بامرهم. فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه. ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية اعرضوا عن ذلك وطردهم الله بكفرهم وعنادهم. ولهذا قال ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا او نلعنهم كما لعنا اصحاب السبت وكان امر الله مفعولا. يأمر تعالى اهل الكتاب من اليهود اليهود والنصارى ان يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وما انزل الله عليه من القرآن العظيم المهيمن على غيره من الكتب السابقة التي قد صدقها فانها اخبرت به. فلما وقع المخبر به كان تصديقا لذلك الخبر. وايضا فانهم ان لم يؤمنوا بهذا القرآن. فانهم لم يؤمنوا بما في ايديهم من الكتب لان كتب الله يصدق بعضها بعضا. ويوافق بعضها بعضا. فدعوى الايمان ببعضها دون بعض. دعوا باطلة. لا يمكن صدقها وفي قوله امنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم. حث لهم وانهم ينبغي ان يكونوا قبل غيرهم مبادرين اليه. بسبب ما انعم الله عليهم به من من العلم والكتاب الذي يوجب ان يكون ما عليهم اعظم من غيرهم. ولهذا توعدهم على عدم الايمان فقال من قبل ان نطمس وجوها فنردها اعلى ادبارها وهذا جزاء من جنس ما عملوا كما تركوا الحق واثروا الباطل وقلبوا الحقائق فجعلوا الباطل حقا والحق باطلا جوزوا من ذلك بطمس وجوههم كما طمسوا الحق. وردها على ادبارها بان تجعل في اقفائهم. وهذا اشنع ما يكون. او نلعنهم كما لعنا اصحاب السبت بان يطردهم من رحمته ويعاقبهم بجعلهم قردة كما فعل باخوانهم الذين اعتدوا في السبت. فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. وكان امر الله مفعولا كقوله انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ومن يشرك بالله كيف قد افترى اثما عظيما. يخبر تعالى انه لا يغفر لمن اشرك به احدا من المخلوقين. ويغفر ما دون الشرك من الذنوب. صغائر بها وكبائرها وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك. اذا اقتضت حكمته مغفرته. فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها اسبابا كثيرة كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة. وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض. وشفاعة الشافعين. ومن فوق ذلك كله رحمته التي احق بها اهل الايمان والتوحيد. وهذا بخلاف الشرك. فان المشرك قد سد على نفسه ابواب المغفرة. واغلق دونه ابواب الرحمة فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد. ولا تفيده المصائب شيئا. وما لهم يوم القيامة من شافعين ولا صديق حميم. ولهذا قال تعالى ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما. اي افترى جرما كبيرا. واي ظلم اعظم ممن سوى المخلوق من تراب. الناقص من جميع الوجوه. الفقير بذاته من كل وجه الذي لا يملك لنفسه فضلا عن من عبده نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. بالخالق لكل شيء الكامل من الوجوه الغني بذاته عن جميع مخلوقاته. الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع. الذي ما من نعمة بالمخلوقين. الا فمنه تعالى فهل اعظم من هذا الظلم شيء؟ ولهذا حتم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب. انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وهذه الاية الكريمة في حق غير التائب. واما التائب فانه يغفر له الشرك فما دونه. كما قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. اي لمن تاب اليه واناب يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء بل الله هذا تعجيب من الله لعباده وتوبيخ للذين يزكون انفسهم من اليهود والنصارى. ومن نحى نحوهم من كل من زكى نفسه بامر ليس فيه. وذلك ان اليهود والنصارى يقولون نحن ابناء الله ويقولون لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى. وهذا مجرد دعوة لا برهان عليها. وانما البرهان ما اخبر به في القرآن في قوله بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن. فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فهؤلاء هم الذين زكاهم الله ماذا قال هنا؟ بل الله يزكي من يشاء. اي بالايمان والعمل الصالح. بالتخلي عن الاخلاق الرذيلة والتحلي بالصفات الجميلة. واما هؤلاء ثم وان زكوا انفسهم بزعمهم انهم على شيء. وان الثواب لهم وحدهم فانهم كذبة في ذلك. ليس لهم من خصال الزكين نصيب بسبب وكفرهم لا بظلم من الله لهم. ولهذا قال ولا يظلمون فتيلا. وهذا لتحقيق العموم. اي لا يظلمون شيئا ولا مقدار للذي في شق النواة او الذي يفتن من وسخ اليد وغيرها. قال تعالى انظر كيف يفترون على الله الكذب اي بتزكيتهم انفسهم لان هذا من اعظم الافتراء على الله لان مضمون تزكيتهم لانفسهم الاخبار بان الله جعل ما هم عليه حقا. وما عليه المؤمنون المسلمون باطلا. وهذا اعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا والباطل حقا. ولهذا قال وكفى به اثما مبينا. اي ظاهرا بينا. موجب بل العقوبة البليغة والعذاب الاليم ويقولون للذين كفروا ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا. وهذا من قبائح اليهود وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. ان اخلاقهم الرذيلة وطمعهم الخبيث حملهم على ترك الايمان بالله ورسوله والتعوض عنه بالايمان بالجبت والطاغوت وهو الايمان بكل عبادة لغير الله او حكم بغير شرع فدخل في ذلك السحر والكهانة وعبادة غير الله وطاعة الشيطان. كل هذا من الجبت والطاغوت. وكذلك حملهم الكفر والحسد على ان طريقة الكافرين بالله عبدة الاصنام على طريق المؤمنين. فقال ويقولون للذين كفروا اي لاجلهم تملقا لهم ومداهنة للايمان هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا. اي طريقا فما اسمجهم واشد عنادهم واقل عقولهم. كيف سلكوا هذا المسلك وخيم والوادي الذميم. هل ظنوا ان هذا يروج على احد من العقلاء؟ او يدخل عقل احد من الجهلاء. فهل يفضل دين قام على عبادة الاصنام والاوثان واستقام على تحريم الطيبات واباحة الخبائث. واحلال كثير من المحرمات واقامة الظلم بين الخلق. وتسوية الخالق بالمخلوقين والكفر الله ورسوله وكتبه على دين قام على عبادة الرحمن والاخلاص لله في السر والاعلان والكفر بما يعبد من دونه من الاوثان والانداد والكاذبين وعلى صلة الارحام والاحسان الى جميع الخلق. حتى البهائم واقامة العدل والقسط بين الناس. وتحريم كل خبيث وظلم. والصدق في جميع الاقوال والاعمال فهل هذا الا من الهذيان؟ وصاحب هذا القول ان من اجهل الناس واضعفهم عقلا واما من اعظمهم عنادا وتمردا ومراغمة للحق وهذا هو الواقع ولهذا قال تعالى عنهم اولئك الذين لعنهم الله اي طردهم عن رحمته واحل عليهم نقمته ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. ان يتولاه ويقوم بمصالحه ويحفظه عن المكاره. وهذا غاية الخذلان لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون الناس نقيرا. ام لهم نصيب من الملك؟ اي فيفضلون من شاء على من شاءوا بمجرد اهوائهم فيكونون شركاء لله في تدبير المملكة. فلو كانوا كذلك لشحوا وبخلوا اشد البخل. ولهذا قال اذا اي لو كان لهم نصيب من الملك لا يؤتون الناس نقيرا اي شيئا ولا قليلا. وهذا وصف لهم بشدة البخل على تقدير وجود ملكهم المشارك لملك الله واخرج هذا مخرج الاستفهام المتقرر انكاره. عند كل احد ام يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله؟ اي هل الحامل لهم على قولهم كونهم شركاء لله؟ فيفضلون من شاءوا ام الحامل لهم على ذلك الحسد للرسول وللمؤمنين على ما اتاهم الله من فضله وذلك ليس ببدع ولا غريب على فضل الله. فقد اتينا ال إبراهيم الكتاب والحكمة. واتيناه ملكا عظيما. وذلك ما انعم الله به على ابراهيم وذريته من النبوة والكتاب والملك الذي اعطاه من اعطاه من انبيائه كداود وسليمان. فان عامه لم يزل مستمرا على عباده المؤمنين فكيف ينكرون انعامه بالنبوة والنصر والملك لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ افضل الخلق واجلهم واعظمهم معرفة بالله واخشاهم له فمنهم من امن به اي بمحمد صلى الله عليه وسلم. فنال بذلك السعادة الدنيوية والفلاح الاخرى قوي ومنهم من صد عنه عنادا وبغيا وحسدا. فحصل له من شقاء الدنيا ومصائبها. ما هو بعض اثار معاصيهم؟ وكفى بجهنم تسعر على من كفر بالله وجحد نبوة انبيائه من اليهود والنصارى وغيرهم من اصناف الكفرة. ولهذا قال الذين كفروا باياتنا سوف نصلي النار كلما نضجت جلودهم بداناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب. كلما نضجت جلودهم بدلناهم خلودا غيرها ليذوقوا العذاب. كلما نضجت جلودهم بدلناهم جنود ان الله كان عزيزا حكيما آآ ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا اي عظيمة الوقود شديدة الحرارة. كلما نضجت جلودهم اي احترقت بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب. اي ليبلغ العذاب منهم كل مبلغ. وكما تكرر منهم الكفر والعناد. وصار وصفا لهم وسجية قضى عليهم العذاب جزاء وفاقا. ولهذا قال ان الله كان عزيزا حكيما. اي له العزة العظيمة والحكمة في خلقه وامره ثوابه وعقابه. والذين امنوا وعملوا سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيه يا ابدا لهم فيها ازواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليل والذين امنوا اي بالله وما اوجب الايمان به وعملوا الصالحات من الواجبات والمستحبات سندخلهم جنات تدري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. لهم فيها ازواج مطهرة. اي من الاخلاق الرذيلة والخلق الذميم. ومما يكون من نساء الدنيا من كل دنس وعيب. وندخلهم ظلا ظليلا