الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء آآ هذه الاية الكريمة اعظم ايات القرآن وافضلها واجلها. وذلك لما اشتملت عليه من الامور العظيمة والصفات الكريمة. فلهذا كثرت الاحاديث في الترغيب في قراءتها وجعلها وردا للانسان في اوقاته صباحا ومساء. وعند نوم وادبار الصلوات المكتوبات. فاخبر تعالى عن نفسه الكريمة بانه لا اله الا هو اي لا معبود بحق سواه. فهو الاله الحق الذي ان تكون جميع انواع العبادة والطاعة والتأله له تعالى. بكماله وكمال صفاته وعظيم نعمه. ولكون العبد مستحقا ان يكون عبدا لربه ممتثلا اوامره مجتنبا نواهيه. وكل ما سوى الله تعالى باطل. فعبادة ما سواه باطلة. لكون ما سوى الله مخلوقا ناقصا مدبرا فقيرا من جميع الوجوه فلم يستحق شيئا من انواع العبادة وقوله الحي القيوم هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الاسماء دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما. فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات. كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحو ذلك والقيوم هو الذي قام بنفسه وقام بغيره. وذلك مستلزم لجميع الافعال التي اتصف بها رب العالمين. من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والاماتة والاحياء. وسائر انواع التدبير. كل ذلك داخل في قيومية الباري. ولهذا قال المحققين انهما الاسم الاعظم الذي اذا دعي الله به اجاب. واذا سئل به اعطى. ومن تمام حياته وقيوميته انه لا سنة ولا نوم. والسنة النعاس له ما في السماوات وما في الارض. اي هو المالك وما سواه مملوء وهو الخالق الرازق المدبر وغيره مخلوق مرزوق مدبر. لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض. فلهذا قال من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه اي لا احد يشفع عنده بدون اذنه. فالشفاعة كلها لله تعالى ولكنه تعالى اذا اراد ان يرحم من يشاء من عباده ان لمن اراد ان يكرمه من عباده ان يشفع فيه. لا يبتدأ الشافع قبل الاذن. ثم قال يعلم ما بين ايديهم. اي ما مضى من جميع الامور وما خلفهم اي ما يستقبل منها. فعلمه تعالى محيط بتفاصيل الامور. متقدمها ومتأخرها بالظواهر والبواطن. بالغيب شهادة والعباد ليس لهم من الامر شيء. ولا من العلم مثقال ذرة الا ما علمهم تعالى. ولهذا قال ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض. وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه. اذا كان هذه حالة الكرسي انه يسع السماوات والارض على عظمتهما وعظمة من فيهما والكرسي ليس اكبر مخلوقات الله تعالى بل هنا ما هو اعظم منه وهو العرش وما لا يعلمه الا هو وفي عظمة هذه المخلوقات تحيير الافكار وتكل الابصار وتقلقل الجبال وتكع عنها فحول الرجال فكيف خالقها ومبدعها. والذي اودع فيها من الحكم والاسرار ما اودع. والذي قد امسك السماوات والارض ان تزولا. من غير تعب ولا نصب ولهذا قال ولا يؤوده اي يثقله حفظهما وهو العلي بذاته فوق عرشه العلي بقهره لجميع المخلوقات العلي بقدره لكمال صفاته العظيم الذي تتضاءل عند عظمته جبروت الجبابرة. وتصغر في جانب دلاله انوف الملوك القاهرة سبحان من له العظمة العظيمة والكبرياء الجسيمة. والقهر والغلبة لكل شيء. فقد اشتملت هذه الاية على توحيد الالهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات وعلى احاطة ملكه واحاطة علمه وسعة سلطانه وجلاله ومجده وعظمته وكبريائه وعلوه على جميع فهذه الاية بمفردها عقيدة في اسماء الله وصفاته. متضمنة لجميع الاسماء الحسنى والصفات العلى