وان اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم رسول مصدق لما معكم قال ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا قال فاشهدوا وانا معكم يخبر تعالى انه اخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد. بسبب ما اعطاهم من كتاب الله المنزل. والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال انه ان بعث الله رسولا مصدقا لما معهم ان يؤمنوا به ويصدقوه. ويأخذوا ذلك على اممهم. فالانبياء عليهم الصلاة والسلام قد اوجب الله عليهم ان يؤمن بعضهم ببعض ويصدق بعضهم بعضا. لان جميع ما عندهم هو من عند الله. وكل ما من عند الله يجب التصديق به ايمان فهم كالشيء الواحد. فعلى هذا قد علم ان محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتمهم. فكل الانبياء عليهم الصلاة والسلام لو ادركتم لوجب عليهم الايمان به واتباعه ونصرته. وكان هو امامهم ومقدمهم ومتبوعهم. فهذه الاية الكريمة من اعظم الدلائل على علو مرتبته وجلالة قدره. وانه افضل الانبياء وسيدهم صلى الله عليه وسلم. لما قررهم تعالى قالوا اقررنا اي قبلنا اما امرتنا به على الرأس والعين. قال الله لهم فاشهدوا على انفسكم وعلى اممكم بذلك. قال وانا معكم من الشاهدين هم الفاسقون. فمن تولى بعد ذلك العهد والميثاق المؤكد الشهادة من الله ومن رسله فاولئك هم الفاسقون. فعلى هذا كل من ادعى انه من اتباع الانبياء كاليهود والنصارى ومن تبعهم. فقد تولوا عنه هذا الميثاق الغليظ واستحقوا الفسق الموجب للخلود في النار. ان لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم افغير دين الله يبغون ولو اسلم من في السماوات والارض طوعا اي اي يطلب الطالبون ويرغب الراغبون في غير دين الله. لا يحسن هذا ولا يليق لانه فاحسنوا دينا من دين الله وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها. اي الخلق كلهم منقادون بتسخيره. مستسلمون له طوعا واختيار وهم المؤمنون المسلمون المنقادون لعبادة ربهم وكرها وهم سائر الخلق. حتى الكافرون مستسلمون لقضائه وقدره. لا خروج لهم عنه ولا امتناع لهم منه. واليه مرجع الخلائق كلها فيحكم بينهم ويجازيهم بحكمه الدائر بين الفضل والعدل