المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي فضل الله المجاهدين باموالهم اين يستوي من جاهد من المؤمنين بنفسه وماله. ومن لم يخرج للجهاد ولم يقاتل اعداء الله. ففيه الحث على الخروج للجهاد والترغيب في والترهيب من التكاسل والقعود عنه من غير عذر. واما اهل الضرر كالمريض والاعمى والاعرج. والذي لا يجد ما يتجهز به فانهم ليسوا بمنزلة القاعدين من غير عذر. فمن كان من اولي الضرر راضيا بقعوده. لا ينوي الخروج في سبيل الله. لولا وجود المانع. ولا يحدث نفسه بذلك فانه بمنزلة القاعد لغير عذر. ومن كان عازما على الخروج في سبيل الله لولا وجود المانع. يتمنى ذلك ويحدث به نفسه فانه بمنزلة من خرج للجهاد لان النية الجازمة اذا اقترن بها مقدورها من القول او الفعل ينزل صاحبها منزلة الفاعل. ثم صرح تعالى بتفضيل المجاهدين على قاعدين بالدرجة اي الرفعة وهذا تفظيل على وجه الاجمال. ثم صرح بذلك على وجه التفصيل ووعدهم بالمغفرة الصادرة من ربهم. والرحمة التي تشتمل على حصول كل خير واندفاع كل شر. والدرجات التي فصلها النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث الثابت عنه في الصحيحين ان في الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض اعدها الله للمجاهدين في سبيله. وهذا الثواب الذي رتبه الله على الجهاد. نظير الذي في صورة الصف في قوله يا ايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم؟ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل باموالكم وانفسكم. ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار. ومساكن في جنات عدن ذلك الفوز العظيم. وتأمل حسن هذا الانتقال من حالة الى اعلى منها. فانه نفى التسوية اولا بين المجاهد وغيره ثم صرح بتفضيل المجاهد على القاعد بدرجة. ثم انتقل الى تفضيله بالمغفرة والرحمة والدرجات. وهذا الانتقال من حالة الى اعلى منها عند التفضيل مدح او النزول من حالة الى ما دونها عند القدح والذم احسن لفظا واوقع في النفس. وكذلك اذا فضل تعالى شيئا على شيء وكل منهما اله فضل احترز بذكر الفضل الجامع للامرين لان لا يتوهم احد ذم المفضل عليه. كما قال هنا وكلا وعد الله الحسنى. وكما قال تعالى في الايات المذكورة في الصف في قوله وبشر المؤمنين وكما في قوله تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اي من من لم يكن كذلك ثم قال وكلا وعد الله الحسنى. وكما قال تعالى ففهمناها سليمان. وكلا اتينا حكما وعلما. فينبغي من بحث في التفضيل بين الاشخاص والطوائف والاعمال ان يتفطن لهذه النكتة. وكذلك لو تكلم في ذم الاشخاص والمقالات ذكر ما تجتمع فيه عند تفضيل بعضها على بعض لئلا يتوهم ان المفضل قد حصل له الكمال. كما اذا قيل النصارى خير من المجوس فليقل مع ذلك. وكل منهما والقتل اشنع من الزنا. وكل منهما معصية كبيرة. حرمها الله ورسوله وزجر عنها. ولما وعد المجاهدين بالمغفرة والرحمة الصادرين باسميه الكريمين الغفور الرحيم. ختم هذه الاية بهما فقال وكان الله غفورا رحيما