ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخص لما امر تعالى بالاكثار من ذكره وخصوصا في الاوقات الفاضلة الذي هو خير ومصلحة وبر. اخبر تعالى بحال من يتكلم ويخالف فعله قوله فالكلام اما ان يرفع الانسان او يخفضه فقال ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا اي اذا تكلم راق كلامه السامع واذا نطق ظننته يتكلم بكلام نافع ويؤكد ما يقول بانه يشهد الله على ما في قلبه بان يخبر وان الله يعلم ان ما في قلبه موافق لما نطق به. وهو كاذب في ذلك لانه يخالف قوله فعله. فلو كان صادقا لتوافق القول والفعل كحال المؤمن غير المنافق. فلهذا قال وهو الد الخصام اي اذا خاصمته وجدت فيه من اللدد والصعوبة والتعصب. وما على ذلك ما هو من مقابح الصفات. ليس كاخلاق المؤمنين الذين جعلوا السهولة مركبهم. والانقياد للحق وظيفتهم. والسماحة سجيتهم واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا تولى هذا الذي يعجبك قوله اذا حضر عندك سعى في الارض ليفسد فيها ان يجتهد على اعمال المعاصي التي هي افساد في الارض ويهلك بسبب ذلك الحرث والنسل. فالزروع والثمار والمواشي تتلف وتنقص وتقل بركتها بسبب العمى اختلف المعاصي والله لا يحب الفساد. واذا كان لا يحب الفساد فهو يبغض العبد المفسد في الارض غاية البغض. وان قال بلسانه قولا الحسن ففي هذه الاية دليل على ان الاقوال التي تصدر من الاشخاص ليست دليلا على صدق ولا كذب ولا بر ولا فجور حتى يوجد المصدق لها المزكي لها. وانه ينبغي اختبار احوال الشهود والمحق والمبطل من الناس بسبر اعمالهم. والنظر لقرائن احد احوالهم والا يغتر بتمويههم وتزكيتهم انفسهم. ثم ذكر ان هذا المفسد في الارض بمعاصي الله اذا امر بتقوى الله تكبر وان واخذته العزة بالاثم فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر على الناصحين. فحسبه جهنم التي هي دار العاصين والمتكبرين ولبئس المهاد. اي المستقر والمسكن عذاب دائم وهم لا ينقطع. ويأس مستمر لا يخفف عنهم العذاب ولا يرجون الثواب جزاء لجناياتهم ومقابلة لاعمالهم. فعياذا بالله من احوالهم ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله. والله رؤوف ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله هؤلاء هم الذين باعوا انفسهم وارخصوها وبذلوها طلبا لمرضاة الله ورجاء لثوابه. فهم بذلوا الثمن للمليء الوفي الرؤوف بالعباد من رأفته ورحمته ان وفقهم لذلك وقد وعد الوفاء بذلك. فقال ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة وفي هذه الاية اخبر انهم اشتروا انفسهم وبذلوها. واخبر برأفته الموجبة لتحصين ما طلبوا. وبذل ما به رغبوا. فلا هل بعد هذا عن ما يحصل لهم من الكريم؟ وما ينالهم من الفوز والتكريم