ثم قال تعالى هنا الا انفسهم وما يشعرون. يحذر تعالى عباده المؤمنين عن مكر هذه الطائفة الخبيثة من اهل الكتاب وانهم يودون ان يضلوكم. كما قال تعالى ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا. ومن المعلوم ان من شيئا سعى بجهده على تحصين مراده. فهذه الطائفة تسعى وتبذل جهدها في رد المؤمنين. وادخال الشبه عليهم بكل طريق يقدرون عليه ولكن من لطف الله الا يحيق المكر السيء الا باهله. فلهذا قال تعالى وما يضلون الا انفسهم. فسعيهم في اضلال المؤمنين زيادة في ضلال انفسهم وزيادة عذاب لهم. قال الله تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ما كانوا يفسدون وما يشعرون بذلك انهم يسعون في ضرر انفسهم وانهم لا يضرونكم شيئا اي ما الذي دعاكم الى الكفر بايات الله؟ مع علمكم بان ما انتم عليه باطل وان ما جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق الذي لا تشكون فيه. بل تشهدون به ويسر به بعضكم الى بعض في بعض الاوقات فهذا نهيهم عن ضلالهم. ثم وبخهم على اضلالهم الخلق. فقال فوبخهم على لبس الحق بالباطل وعلى كتمان الحق. لانهم بهذه ان الامرين يضلون من انتسب اليهم. فان العلماء اذا لبسوا الحق بالباطل فلم يميزوا بينهما. بل ابقوا الامر مبهما وكتموا الحق الذي يجب عليهم اظهاره ترتب على ذلك من خفاء الحق وظهور الباطل ما ترتب. ولم يهتدي العوام الذين يريدون الحق لمعرفته حتى يؤثروه. والمقصود المقصود من اهل العلم ان يظهروا للناس الحق ويعلنوا به. ويميز الحق من الباطل. ويظهر الخبيث من الطيب. والحلال والحرام والعقائد الصحيحة من العقائد الفاسدة ليهتدي المهتدون ويرجع الضالون وتقوم الحجة على المعاندين. قال الله تعالى واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. فنبذوه وراء ظهورهم. ثم اخبر تعالى عما همت به هذه الطائفة الخبيثة. وارادة بالمؤمنين فقال طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل على وقال الطائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا اخره. ايدخلوا في دينهم على وجه المكر والكيد اول النهار فاذا كان اخر النهار فاخرجوا منه لعلهم يرجعون عن دينهم. فيقولون لو كان صحيحا لما خرج منه اهل العلم والكتاب. هذا الذي ارادوه عجبا بانفسهم وظنا ان الناس سيحسنون ظنهم بهم ويتابعونهم على ما يقولونه ويفعلونه. ولكن يأبى الله الا ان يتم نوره لو كره الكافرون. وقال بعضهم لبعض والله واسع عليم تؤمن الا لمن تبع دينكم. اي لا تثقوا ولا تطمئنوا ولا تصدقوا الا من تبع دينكم. واكتموا امركم فانكم اذا اخبرتم غيركم ومن هو على دينكم حصل لهم من العلم ما حصل لكم فصاروا مثلكم او حاجوكم عند ربكم وشهدوا عليكم انها قامت عليكم الحجة تبين لكم الهدى فلم تتبعوه. فالحاصل انهم جعلوا عدم اخبار المؤمنين بما معهم من العلم قاطعا عنهم العلم. لان العلم بزعمهم لا يكون الا عند لهم وموجبا للحجة عليهم. فرد الله عليهم بان الهدى هدى الله. فمادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى. فان الهدى اما علم الحق او ايثاره ولا علم الا ما جاءت به رسل الله. ولا موفق الا من وفقه الله. واهل الكتاب لم يؤتوا من العلم الا قليلا. واما التوفيق قد انقطع حظهم منه لخبث نياتهم وسوء مقاصدهم. واما هذه الامة فقد حصل لهم ولله الحمد من هداية الله من العلوم والمعارف مع العمل بذلك ما فاقوا به وبرزوا على كل احد. فكانوا هم الهداة الذين يهدون بامر الله. وهذا من فضل الله عليها واحسانه العظيم. فلهذا قال تعالى قل ان الفضل بيد الله. اي الله هو الذي يحسن على عباده بانواع الاحسان. يؤتيه من يشاء ممن اتى باسبابه. والله واسع الفضل كثير الاحسان. عليم بمن يصلح للاحسان فيعطيه. ومن لا يستحقه فيحرمه اياه. يختص برحمته والله ذو الفضل العظيم. يختص برحمته من يقول اي برحمته المطلقة التي تكون في الدنيا متصلة بالاخرة. وهي نعمة الدين ومتمماته. والله ذو الفضل العظيم. الذي لا يصفه الواصفون ولا يخطر بقلب بشر بل وصل فضله واحسانه الى ما وصل اليه علمه. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما