وقوله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة وليتق الله ربه ولا تكتم الشهادة. ومن ان يكتمها فانه اثم قلبه والله بما تعملون عليم. اي ان كنتم مسافرين ولم تجدوا كاتبا يكتب بينكم ويحصل به التوثق. فرهان مقبوضة اي يقبضها صاحب الحق. وتكون وثيقة عنده حتى يأتيه حقه ودل هذا على ان الرهن غير المقبوض لا يحصل منها التوثق. ودل ايضا على ان الراهن والمرتهن لو اختلفا في قدر ما رهنت به كان القول المرتهن ووجه ذلك ان الله جعل الرهن عوضا عن الكتابة في توثق صاحب الحق. فلولا ان قول المرتهن مقبول في قدر الذي رهنت به لم يحصل المعنى المقصود؟ ولما كان المقصود بالرهن التوثق جاز حضرا وسفرا. وانما نص الله على السفر. لانه في مظنة الحاجة اليه لعدم الكاتب فيه هذا كله اذا كان صاحب الحق يحب ان يتوثق لحقه. فما كان صاحب الحق امنا من غريمه واحب ان يعامله من دون رهن. فعلى من عليه الحق ان يؤدي اليه كاملا غير ظالم له ولا باخس حقه. وليتق الله ربه في اداء الحق. ويجازي من احسن به الظن بالاحسان. ولا الشهادة لان الحق مبني عليها لا يثبت بدونها. فكتمها من اعظم الذنوب لانه يترك ما وجب عليه من الخبر الصدق. ويخبر بضده وهو الكذب ويترتب على ذلك فوات حق من له الحق. ولهذا قال تعالى ومن يكتمها فانه اثم قلبه. والله بما تعملون عليم وقد اشتملت هذه الاحكام الحسنة التي ارشد الله عباده اليها على حكم عظيمة ومصالح عميمة. دلت على ان الخلق لو اهتدوا بارشاد الله لصلح هل دنياه مع صلاح دينهم؟ لاشتمالها على العدل والمصلحة. وحفظ الحقوق وقطع المشاجرات والمنازعات. وانتظام امر المعاش. فلله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. لا نحصي ثناء عليه