المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي وان كانت واحدة لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا. فريضة من الله الله كان عليما حكيما. هذه الايات والاية التي هي اخر السورة. هن ايات المواريث المتضمنة لها انها مع حديث عبدالله بن عباس الثابت في صحيح البخاري الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر. مشتملات على جل احكام الفرائض بل على جميعها كما سترى ذلك الا ميراث الجدات فانه غير مذكور في ذلك. لكونه قد ثبت في السنن عن المغيرة ابن شعبة ومحمد بن مسلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم اعطى الجدة السدس. مع اجماع العلماء على ذلك. فقوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم اي اولادكم يا معشر الوالدين. عندكم ودائع قد وصاكم الله عليها. لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية. فتعلمونهم تؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد وتأمرونهم بطاعة الله. وملازمة التقوى على الدوام. كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا قوا واهليكم نارا. وقودها الناس والحجارة. فالاولاد عند والديهم موصى بهم. فاما ان يقوموا بتلك الوصية واما ان يضيعوها يستحق بذلك الوعيد والعقاب. وهذا مما يدل على ان الله تعالى ارحم بعباده من الوالدين. حيث اوصى الوالدين مع كمال شفقتهم عليهم. ثم وذكر كيفية ارثهم فقال للذكر مثل حظ الانثيين. اي الاولاد للصلب والاولاد للابن للذكر مثل حظ الانثيين. ان لم يكن معهم صاحب فرض او ما ابقت الفروض يقتسمونه كذلك. فقد اجمع العلماء على ذلك. وانه مع وجود اولاد الصلب. فالميراث لهم وليس لا للابن شيء حيث كان اولاد الصلب ذكورا واناثا. هذا مع اجتماع الذكور والاناث. وهنا حالتان انفراد الذكور. وسيأتي حكمها وانفراد الاناث وقد ذكره بقوله فان كن نساء فوق اثنتين اي بنات صلب او بنات ابن. ثلاثا فاكثر فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة اي بنتا او بنت ابن فلها النصف وهذا اجماع. بقي ان يقال من اين يستفاد ان للابنتين الثنتين الثلثين بعد الاجماع على ذلك فالجواب انه يستفاد من قوله وان كانت واحدة فلها النصف. فمفهوم ذلك انه ان زادت على الواحدة انتقل الفرض عن النصف ولا ثم بعده الا الثلثان. وايضا فقوله للذكر مثل حظ الانثيين. اذا خلف ابنا وبنتا فان الابن له الثلثان وقد اخبر الله انه مثل حظ الانثيين. فدل ذلك على ان للبنتين الثلثين. وايضا فان البنت اذا اخذت الثلث مع اخيها وهو ازيد ضررا عليها من اختها. فاخذها له مع اختها من باب اولى واحرى. وايضا فان قوله تعالى في الاختين فان كانت اثنتين فلهما الثلثان مما ترك نص في الاختين الثنتين. فاذا كانت الاختان الثنتان مع بعدهما يأخذان الثلثين. فالابنتان مع بهما من باب اولى واحرى. وقد اعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنتي سعد الثلثين كما في الصحيح. بقي ان يقال فما الفائدة في قوله فوق اثنتين قيل الفائدة في ذلك والله اعلم انه ليعلم ان الفرض الذي هو الثلثان لا يزيد بزيادتهن على الثنتين بل من الثنتين فصاعدا ودلت الاية الكريمة انه اذا وجد بنت صلب واحدة وبنت ابن او بنات ابن فان لبنت الصلب النصف ويبقى من الحسين اللذين فرضهم الله للبنات او بنات الابن السدس. فيعطى بنت الابن او بنات الابن. ولهذا يسمى هذا السدس تكملة الثلثين ومثل ذلك بنت الابن مع بنات الابن اللاتي انزل منها وتدل الاية انه متى استغرق البنات او بنات الابن الثلثين انه يسقط من دونهن من الابن لان الله لم يفرض لهن الا الثلثين. وقد تم. فلو لم يسقطن لزم من ذلك ان يفرض لهن ازيد من الثلثين. وهو خلاف النص وكل هذه الاحكام مجمع عليها بين العلماء ولله الحمد. ودل قوله مما ترك ان الوارثين يرثون كل ما خلف الميت من عقار واثاث وذهب وفضة وغير ذلك. حتى الدية التي لم تجب الا بعد موته. وحتى الديون التي في الذمم. ثم ذكر ميراث الابوين فقال ولابويه اي ابوه وامه لكل واحد منهما السدس. مما ترك ان كان له ولد. اي ولد صلب او ولد ابن. ذكرا كان او انثى واحدا او متعددا. فاما الام فلا تزيد على السدس مع احد من الاولاد. واما الاب فمع الذكور منهم لا يستحق ازيد من السدس فان كان الولد انثى او اناثا ولم يبق بعد الفرض شيء كابوين وابنتين لم يبقى له تعصيب. وان بقي بعد فرض البنت او البنات شيء اخذ الاب السدس فرضا والباقي تعصيبا. لاننا الحقنا الفروض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر. وهو اولى من الاخ والعم وغيره فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث. ايه والباقى للام لانه اضاف المال الى الاب والام اضافة واحدة قدر نصيب الام فدل ذلك على ان الباقي للاب وعلم من ذلك ان الاب مع عدم الاولاد لا فرض له. بل يرث تعصيبا المال كله او ما ابقت الفروض لكن لو وجد مع الابوين احد الزوجين ويعبر عنهما بالعمريتين فان الزوجة او الزوجة يأخذ فرضه ثم تأخذ الام ثلث الباقي والاب الباقي. وقد دل على ذلك قوله وورثه ابواه فلامه الثلث. اي ثلث ما ورثه الابوان وهو في هاتين الصورتين اما سدس في زوج واب وام واما ربع في زوجة وام واب. فلم تدل الاية على ارث الام ثلث المال كاملا. مع عدم الاولاد حتى يقال ان هاتين الصورتين قد استثنيتا من هذا. ويوضح ذلك ان الذي يأخذه الزوج او الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغراب اما فيكون من رأس المال والباقي بين الابوين. ولانا لو اعطينا الام ثلث المال لزم زيادتها على الاب في مسألة الزوج. او اخذ الاب في مسألة الزوجة زيادة عنها نصف السدس. وهذا لا نظير له. فان المعهود مساواتها للاب او اخذه ضعف ما تأخذه الام. فان كان له اخوة فلامه السدس اشقاء او لاب او لام ذكورا كانوا او اناثا. وارثين او محجوبين بالاب او الجد. لكن قد قال ليس ظاهر قوله فان كان له اخوة شاملا لغير الوارثين. بدليل عدم تناولها للمحجوب بالنصف. فعلى هذا لا يحجبها عن الثلث من الاخوة الا الاخوة الوارثون. ويؤيده ان الحكمة في حجبهم لها عن الثلث. لاجل ان يتوفر لهم شيء من المال. وهو معدوم. والله اعلم ولكن بشرط كونهم اثنين فاكثر. ويشكل على ذلك اتيان لفظ الاخوة بلفظ الجمع. واجيب عن ذلك بان المقصود مجرد التعدد الى الجمع ويصدق ذلك باثنين. وقد يطلق الجمع ويراد به الاثنان. كما في قوله تعالى عن داوود وسليمان وكنا لحكمهم شاهدين. وقالت اخوتي للام وان كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت. فلكل واحد منهما السدس. فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث فاطلق لفظ الجمع والمراد اثنان فاكثر بالاجماع. فعلى هذا لو خلف اما وابا واخوة كان للام السدس والباقيات الاب فحجبوها عن الثلث مع حجب الاب اياهم الا على الاحتمال الاخر فان للام الثلث والباقي للاب ثم قال تعالى من بعد وصية يوصي بها او دين. اي هذه الفروض والانصباء والمواريث. انما تريد وتستحق بعد نزع الديون التي على الميت لله او للادمي وبعد الوصايا التي قد اوصى الميت بها بعد موته. فالباقي عن ذلك هو التركة الذي يستحقه الورثة. وقدم الوصية مع انها مؤخرة عن الدين للاهتمام بشأنها لكون اخراجها شاقا على الورثة. والا فالديون مقدمة عليها وتكون من رأس المال. واما الوصية فانها تصح من الثلث فاقل للاجنبي الذي هو غير وارث. واما غير ذلك فلا ينفذ الا باجازة الورثة. قال تعالى وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا. فلو رد تقدير الارث الى عقولكم واختياركم لحصل من الضرر ما الله به عليم. لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الاحسن في كل زمان ومكان. فلا يدرون اي الاولاد او الوالدين انفع لهم واقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية فريضة من الله. ان الله كان عليما حكيما. اي فرضها الله الذي قد احاط بكل شيء علما. واحكم ما شرعه وقدر ما قدره على احسن تقدير. لا تستطيع العقول ان تقترح مثل احكامه. الصالحة الموافقة لكل زمان ومكان وحال. ثم قال تعالى ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد مما تركتم من بعد وصية من بعد وصية توصون بها او دين فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية من بعد وصية اه والله عليم حليم حليم. ولكم ايها الازواج نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد. فان كان لهن ولد لكم الربع مما تركن. من بعد وصية يوصين بها او دين. ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد. فان كان لكم ولد فلهن ثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين. ويدخل في مسمى الولد المشروط وجوده او عدمه. ولد الصلب او ولد الابن الذكر والانثى الواحد والمتعدد. الذي من الزوج او من غيره. ويخرج عنه ولد البنت اجماعا. ثم قال تعالى وان كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت. اي من ام كما هي في بعض القراءات. واجمع العلماء على ان المراد بالاخوة هنا اخوة للام فاذا كان يورث كلالة اي ليس للميت والد ولا ولد اي لا اب ولا جد ولا ابن ولا ابن ولا بنت ولا بنت ابن فان نزلوا وهذه هي الكلالة كما فسرها بذلك ابو بكر الصديق رضي الله عنه وقد حصل على ذلك الاتفاق ولله الحمد. فلكل واحد منهما اي من الاخ والاخت السدس. فان كانوا اكثر من ذلك اي من واحد فهم شركاء في الثلث. اي لا يزيدون على الثلث. ولو زادوا اثنين ودل قوله فهم شركاء في الثلث ان ذكرهم وانثاهم سواء لان لفظ التشريك يقتضي التسوية ودل لفظ الكلالة على لان الفروع وان نزلوا والاصول الذكور وان علوا يسقطون اولاد الام لان الله لم يورثهم الا في الكلالة فلو لم يكن يورث كلالة لم منه شيئا اتفاقا. ودل قوله فهم شركاء في الثلث ان الاخوة الاشقاء يسقطون في المسألة المسماة بالحمارية. وهي زوج وام واخوة لام واخوة اشقاء للزوج النصف وللام سدس وللاخوة للام الثلث ويسقط الاشقاء لان الله اضاف ثلث للاخوة من الام فلو شاركهم الاشقاء لكان جمعا لما فرق الله حكمه. وايضا فان الاخوة للام اصحاب فروض والاشقاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر. واهل الفروض هم الذين قدر الله انصبائهم ففي هذه المسألة لا يبقى بعدهم شيء فيسقط الاشقاء وهذا هو الصواب في ذلك. واما ميراث الاخوة والاخوات الاشقاء او لاب فمذكور في قوله يستفتونك. قل الله يفتيكم في الكلالة. فالاخت الواحدة شقيقة او لاب لها النصف. واثنتان لهما الثلثان ثقة واحدة مع الاخت لاب او الاخوات تأخذ النصف والباقي من الثلثين للاخت او الاخوات لاب وهو سدس تكملة الثلثين واذا استغرقت الشقيقات الثلثين سقط الاخوات لاب كما تقدم في البنات وبنات الابن. وان كان الاخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ فان قيل فهل يستفاد حكم ميراث القاتل والرقيق والمخالف في الدين والمبعض والخنث والجد مع الاخوة لغير ام والعون والرد وذوي الارحام وبقية العصبة والاخوات لغير ام. مع البنات او بنات الابن من القرآن ام لا؟ قيل نعم فيه تنبيهات واشارات دقيقة يعسر فهمها على غير المتأمل. تدل على جميع المذكورات. فاما القاتل والمخالف في الدين فيعرف انهما غير من بيان الحكمة الالهية في توزيع المال على الورثة. بحسب قربهم ونفعهم الديني والدنيوي. وقد اشار تعالى الى هذه الحكمة بقوله لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا؟ وقد علم ان القاتل قد سعى لمورثه باعظم الضرر. فلا ينتهض ما فيه من موجب الارث ان يقاوم ضرر القتل الذي هو ضد النفع الذي رتب عليه الارث. فعلم من ذلك ان القتل اكبر مانع يمنع الميراث. ويقطع الرحم الذي قال الله فيه واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله مع انه قد استقرت القاعدة الشرعية ان من استعجل شيئا قبل اوانه عوقب بحرمانه وبهذا ونحوه يعرف وان المخالف لدين الموروث لا ارث له. وذلك انه قد تعارض الموجب الذي هو اتصال النسب الموجب للارث. والمانع الذي هو المخالفة في الدين. المجيب للمباينة من كل وجه. فقوي المانع ومنع موجب الارث الذي هو النسب. فلم يعمل الموجب لقيام المانع. يوضح ذلك ان الله تعالى جعل حقوق المسلمين اولى من حقوق الاقارب الكفار الدنيوية. فاذا مات المسلم انتقل ماله الى من هو اولى واحق به. فيكون قوله تعالى واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله. اذا اتفقت اديانهم واما مع تباينهم. فالاخوة الدينية مقدمة على الاخوة قوة نسبية المجردة. قال ابن القيم في جلاء الافهام وتأمل هذا المعنى في اية المواريث وتعليقه سبحانه التوارث فيها بلفظ الزوجة كما في قوله تعالى ولكم نصف ما ترك ازواجكم ايذانا بان هذا التوارث انما وقع بالزوجية المقتضية للتشاكل والتناسب المؤمن هو الكافر لا تشكل بينهما ولا تناسب. فلا يقع بينهما التوارث واسرار مفردات القرآن ومركباته فوق عقول العالمين انتهى كلامه رحمه الله. واما الرقيق فانه لا يرث ولا يورث. اما كونه لا يورث فواضح. لانه ليس له مال يورث عنه بل كل ما معه فهو لسيده. واما كونه لا يرث فلانه لا يملك. فانه لو ملك لكان لسيده. وهو اجنبي من الميت. فيكون مثل تعالى للذكر مثل حظ الانثيين. ولكم نصف ما ترك ازواجكم. فلكل واحد منهما السدس. ونحوها لمن يتأتى منه التملك فاما الرقيق فلا يتأتى منه ذلك. فعلم انه لا ميراث له. واما من بعضه حر وبعضه رقيق. فانه تتبعض احكامه. فما فيه من ان الحرية يستحق بها ما رتبه الله في المواريث. لكون ما فيه من الحرية قابلا للتملك. وما فيه من الرق فليس بقابل لذلك. فاذا يكون يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية. واذا كان العبد يكون محمودا مذموما. مثابا ومعاقبا بقدر ما فيه من موجبات ذلك فهذا كذلك. واما الخنسى فلا يخلو اما ان يكون واضحا ذكوريته او انوثيته. او مشكلة. فاذا كان واضحا فالامر فيه واضح ان كان ذكرا فله حكم الذكور. ويشمله النص الوارد فيهم. وان كان انثى فله حكم الاناث. ويشملها النص الوارد فيهن. وان كان فان كان الذكر والانثى لا يختلف ارثهما كالاخوة للام فالامر فيه واضح وان كان يختلف ارثه بتقدير ذكوريته وبتقدير ولم يبق لنا طريق الى العلم بذلك. لم نعطه اكثر التقديرين. لاحتمال ظلم من معه من الورثة. ولم نعطه الاقل. لاحتمال ظلمنا فوجب التوسط بين الامرين وسلوك اعدل الطريقين. قال تعالى اعدلوا هو اقرب للتقوى. وليس لنا طريق الى العدل في مثل هذا اكثر من هذا الطريق المذكور ولا يكلف الله نفسا الا وسعها فاتقوا الله ما استطعتم. واما ميراث الجد مع الاخوة الاشقاء او وهل يرثون معه ام لا؟ فقد دل كتاب الله على قول ابي بكر الصديق رضي الله عنه. وان الجد يحجب الاخوة اشقاء او لاب او كما يحجبهم الاب وبيان ذلك ان الجد اب في غير موضع من القرآن. كقوله تعالى اذ حضر يعقوب الموت. اذ قال لبنيهما اتعبدون من بعدي؟ قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسحاق. وقال يوسف عليه السلام واتبعت ملة ابائي ابراهيم واسحاق ويعقوب فسمى الله الجد وجد الاب ابا. فدل ذلك على ان الجد بمنزلة الاب يرث ما يرثه الاب ويحجب من يحجبه. واذا كان العلماء قد اجمعوا على ان الجد حكمه حكم الاب عند عدمه في ميراثه مع الاولاد وغيرهم. من بني الاخوة والاعمام وبنيهم وسائر احكام المواريث فينبغي ايضا ان يكون حكمه حكمه في حجب الاخوة لغير ام. واذا كان ابن الابن بمنزلة ابن الصلب. فلما لا يكون الجد بمنزلة الاب واذا كان جد الاب مع ابن الاخ قد اتفق العلماء على انه يحجبه. فلما لا يحجب جد الميت اخاه؟ فليس مع من يورث الاخوة مع الجد نص ولا اشارة ولا تنبيه ولا قياس صحيح. واما مسائل العول فانه يستفاد حكمها من القرآن. وذلك ان الله تعالى قد فرض وقدر ترى لاهل المواريث انصبا وهم بين حالتين. اما ان يحجب بعضهم بعضا او لا. فان حجب بعضهم بعضا. فالمحجوب ساقط لا يزاحم ولا يستحق شيئا. وان لم يحجب بعضهم بعضا فلا يخلو اما ان لا تستغرق الفروض التركة. او تستغرقها من غير زيادة ولا نقص. او تزيد الفروض وعلى التركة ففي الحالتين الاوليين كل يأخذ فرضه كاملا. وفي الحالة الاخيرة وهي ما اذا زادت الفروض على التركة فلا يخلو من حالين اما ان ننقص بعض الورثة عن فرضه الذي فرضه الله له. ونكمل للباقين منهم فروضهم. وهذا ترجيح بغير مرجح. وليس نقصان احدهم اولى من الاخر فتعينت الحال الثانية وهي اننا نعطي كل واحد منهم نصيبه بقدر الامكان ونحاصص بينهم كديون الغرماء الزائدة للغريم ولا طريق موصل الى ذلك الا بالعول. فعلم من هذا ان العول في الفرائض قد بينه الله في كتابه. وبعكس هذه الطريقة بعينها يعلم الرد فان اهل الفروض اذا لم تستغرق فروضهم التركة وبقي شيء ليس له مستحق من عاصب قريب ولا بعيد. فان رده على احد ترجيح بغير مرجح واعطاؤه غيرهم ممن ليس بقريب للميت. جنف وميل ومعارضة لقوله واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله فتعين ان يرد على اهل الفروض بقدر فروضهم. ولما كان الزوجان ليسا من القرابة لم يستحقا زيادة على فرضهم المقدر هذا عند من لا يورث الزوجين بالرد. وهم جمهور القائلين بالرد. فعلى هذا تكون علة الرد كونه صاحب فرض قريبا. وعلى القول الاخر ان الزوجين كغيرهما من ذوي الفروض يرد عليهما فكما ينقصان بالعول فانهما يزادان بالرد كغيرهما فالعلة على هذا كونه موارثا صاحب فرض. فهذا هو الظاهر من دلالة الكتاب والسنة. والقياس الصحيح. والله اعلم. وبهذا يعلم ايضا ميراث ذوي الارحام فان الميت اذا لم يخلف صاحب فرض ولا عاصبا. وبقي الامر دائرا بين كون ما له يكون لبيت المال لمنافع الاجانب. وبين كون ما له يرضى الى اقاربه المدنين بالورثة المجمع عليهم. ويدل على ذلك قوله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله. فصرفه غيرهم ترك لمن هو اولى من غيره. فتعين توريث ذوي الارحام. واذا تعين توريثهم فقد علم انه ليس لهم نصيب مقدر باعيانهم في بالله وان بينهم وبين الميت وسائط صاروا بسببها من الاقارب. فينزلون منزلة من ادلوا به من تلك الوسائط. والله اعلم اما ميراث بقية العصبة كالبنوة والاخوة وبنيهم والاعمام وبنيهم. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر. وقال تعالى ولكل جعلنا مواليا مما ترك الوالدان والاقربون. فاذا الحقنا الفروض باهلها لم يبقى شيء لم يستحق العاصب شيئا. وان بقي شيء اخذه اولى العصبة. وبحسب جهاتهم ودرجاتهم. فان جهات العصبة خمس البنوك ثم الابوة ثم الاخوة وبنوهم ثم العمومة وبنوهم ثم الولاء. فيقدم منهم الاقرب جهة. فان كانوا في جهة واحدة فالاقرب منزلة. فان كانوا في منزلة واحدة فالاقوى وهو الشقيق. فان تساووا من كل وجه اشتركوا. والله اعلم. واما كون الاخوات لغير ام مع البنات او بنات الابن عصبات يأخذن ما فضل عن فروضهن فلانه ليس في القرآن ما يدل على ان الاخوات يسقطن بالبنات فاذا كان الامر كذلك وبقي شيء بعد اخذ البنات فرضهن فانه يعطى للاخوات ولا يعدل عنهن الى عصبة ابعد منهن كابن الاخ والعم ومن هو ابعد منهم؟ والله اعلم