المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى واذكر قصة ابراهيم عليه الصلاة والسلام مثنيا عليه ومعظما في حال دعوته الى التوحيد ونهيه عن الشرك. اذ قال لابيه ازر اتتخذ اصناما الهة؟ اي لا تنفع ولا تضر وليس لها من الامر شيء اني اراك وقومك في ضلال مبين. حيث عبدتم من لا يستحق من العبادة شيئا. وتركتم عبادة خالقكم. ورازقكم ومدبركم وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين. وكذلك حين وفقناه للتوحيد والدعوة اليه. نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض. اي ليرى ببصيرته ما اشتملت عليه من الادلة القاطعة. والبراهين ساطعة وليكون من الموقنين فانه بحسب قيام الادلة يحصل له الايقان والعلم التام بجميع المطالب ان عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما افل قال لا احب فلما جن عليه الليل اي اظلم رأى كوكبا لعله من الكواكب المضيئة. لان تخصيصه بالذكر يدل على زيادته عن ولهذا والله اعلم قال من قال انه الزهرة. قال هذا ربي اي على وجه التنزل مع الخصم. اي هذا ربي فهلم فننظر هل يستحق الربوبية؟ وهل يقوم لنا دليل على ذلك؟ فانه لا ينبغي لعاقل ان يتخذ الهه هواه بغير حجة ولا بر فلما افل اي غاب ذلك الكوكب قال لا احب الافلين اي الذي يغيب ويختفي عمن عبده فان المعبود لا بد ان يكون قائما بمصالح من عبده ومدبرا له في جميع شؤونه. فاما الذي يمضي وقت كثير وهو غائب. فمن اين يستحق العبادة؟ وهل اتخاذه الها الا من اسفه السفه وابطال الباطل فلما ما رأى القمر بازغا اي طالعا ورأى زيادته على نور الكواكب ومخالفته لها. قال هذا ربي تنزلا فلما افلا قال لان لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين. فافتقر غاية الافتقار الى هداية ربه. وعلم انه ان لم يهده الله فلا هادي له وان لم يعنه على طاعته فلا معين له قال يا قومي فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا من الكوكب ومن القمر. فلما افلت تقرر حينئذ الهدى واضمحل الردى. فقال يا قومي اني بريء مما تشركون حيث قام البرهان الصادق الواضح على بطلانه اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفة اي لله وحده مقبلا عليه معرضا عمن سواه وما انا من المشركين فتبرأ من الشرك واذعن بالتوحيد واقام على كذلك البرهان وهذا الذي ذكرنا في تفسير هذه الايات هو الصواب. وهو ان المقام مقام مناظرة من ابراهيم لقومه. وبيان بطلانية الهية هذه الاجرام العلوية وغيرها. واما من قال انه مقام نظر في حال طفوليته. فليس عليه دليل ولا اخاف ما تشركون به الا ان يشاء افلا تتذكرون وحاجه قومه قال اتحاجوني في الله وقد هداني؟ اي فائدة المحاجة لمن لم يتبين له الهدى فاما من هداه الله ووصل الى اعلى درجات اليقين فانه هو بنفسه يدعو الناس الى ما هو عليه. ولا اخاف ما تشركون به فانها لن تضرني ولن تمنع عني من النفع شيء الا ان يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما. افلا تتذكرون؟ فتعلمون انه وحده المعبود المستحق للعبودية عبودية وكيف اخاف ما اشركتم ولا تخافون انكم اشركتم بالله ما لم ينزل فاي الفريقين احق بالامن وكيف اخاف ما اشركتم وحالها حال العجز وعدم النفع. ولا تخافون انكم اشركتم بالله ما لم نزل به عليكم سلطانا. اي الا بمجرد اتباع الهوى. فاي الفريقين احق بالامن ان كنتم تعلمون. قال الله تعالى فاصلا بين فريقين الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الذين امنوا ولم يلبسوا اي يخلطوا ايمانهم بظلم اولئك اولئك لهم الامن وهم مهتدون. الامن من المخاوف والعذاب والشقاء. والهداية الى الصراط المستقيم. فان كانوا لم يلبسوا ايمانهم بظلم مطلق لا بشرك ولا بمعاصي. حصل لهم الامن التام والهداية التامة. وان كانوا لم يلبسوا ايمانهم بالشرك وحده. ولكنهم يعملون السيئات حصل لهم اصل الهداية واصل الامن. وان لم يحصل لهم كمالها. ومفهوم الاية الكريمة ان الذين لم يحصل لهم الامران لم يحصل لهم بداية ولا امن بل حظهم الضلال والشقاء. ولما حكم لابراهيم عليه السلام بما بين به من البراهين القاطعة قال حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه اي علا بها عليهم وفلجهم بها. نرفع درجات من نشاء كما رفعنا درجات ابراهيم عليه السلام في الدنيا والاخرة. فان العلم يرفع الله به صاحبه فوق العباد درجات. خصوصا العالم العامل معلم فانه يجعله الله اماما للناس بحسب حاله ترمق افعاله وتقتفى اثاره ويستضاء بنوره ويمشى بعلمه في ظلمة قال الله تعالى يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. ان ربك حكيم عليم فلا يضع العلم والحكمة الا في المحل اللائق بهما. وهو اعلم بذلك المحل وبما ينبغي له