المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي هذه ناقة الله لكم اية فيأخذكم عذاب اليم ايوة ارسلنا الى ثمود القبيلة المعروفة الذين كانوا يسكنون الحجر وما حوله من ارض الحجاز وجزيرة العرب. ارسل الله اليهم اخاهم صالح نبيا يدعوهم الى الايمان والتوحيد. وينهاهم عن الشرك والتنديد؟ فقال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. دعوته الصلاة والسلام من جنس دعوة اخوانه من المرسلين. الامر بعبادة الله وبيان انه ليس للعباد اله غير الله. قد جاءتكم بينة من بكم اي خالق من خوارق العادات التي لا تكون الا اية سماوية لا يقدر الناس عليها. ثم فسرها بقوله هذه ناقة الله لكم اية اي هذه ناقة شريفة فاضلة لاضافتها الى الله تعالى اضافة تشريف. لكم فيها اية عظيمة وقد ذكر وجه الاية في قوله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم. وكان عندهم بئر كبيرة وهي المعروفة ببئر الناقة. يتناوبونها هم الناقة. للناقة يوم يشربها ويشربون اللبن من ضرعها. ولهم يوم يردونها وتصدر الناقة عنهم. وقال لهم نبيهم صالح عليه السلام فذروها تأكل في ارض الله فلا عليكم من مؤنتها شيء. ولا تمسوها بسوء اي بعقل او غيره فيأخذكم عذاب اليم جعلكم خلفاء من بعد عاد واذكروا اذ جعلكم خلفاء في الارض تتمتعون بها وتدركون مطالبكم من بعد عاد الذين اهلكهم الله وجعلكم خلفاء من بعدهم وبوأكم في الارض اي مكن لكم فيها وسهل لكم الاسباب الموصلة الى ما تريدون وتبتغون. تتخذون من سهولها قصورا اي الاراضي السهلة التي ليست بجبال تتخذون فيها القصور العالية والابنية الحصينة وتنحتون الجبال بيوتا كما هو مشاهد الى الان من اعمالهم التي في الجبال من المساكن والحجر ونحوها. وهي باقية ما بقيت الجبال. فاذكروا الاء الله اي نعمه. وما خولكم من الفضل والرزق والقوة. ولا تعثوا في الارض مفسدين. اي لا تخربوا الارض بالفساد والمعاصي. فان المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع. وقد ديارهم منهم وابقت مساكنهم موحشة بعدهم. قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا قال الملأ الذين استكبروا من قومه اي الرؤساء والاشراف الذين تكبروا عن الحق. للذين استضعفوا. ولما كان عفوا اليسوا كلهم مؤمنين؟ قالوا لمن امن منهم اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه؟ اي اهو صادق ام كاذب؟ فقال عفوا انا بما ارسل به مؤمنون من توحيد الله والخبر عنه وامره ونهيه حملهم الكبر الا ينقادوا للحق الذي انقاد له الضعفاء الناقة التي توعدهم ان مسوها بسوء ان يصيبهم عذاب اليم. وعتوا عن امر ربهم اي قسوا عنه واستكبروا عن امره الذي منعت عنه اذاقه العذاب الشديد. لا جرى ما احل الله به من النكال ما لم يحل بغيرهم. وقالوا مع هذه الافعال متجرئين على الله معجزين له. غير مبالين بما فعلوا بل مفتخرين بها. يا صالح ائتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين من العذاب. فقال تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب. فاخذتهم رجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين على ركبهم. قد ابادهم الله وقطع دابرهم فتولى عنهم صالح عليه السلام حين احل الله بهم العذاب. وقال مخاطبا لهم توبيخا وعتابا. بعدما اهلكهم الله يا قومي لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم اي جميع ما ارسلني الله به اليكم. قد ابلغتكم به وحرصت على هدايتكم. واجتهدت في سلوككم الصراط المستقيم والدين القويم ولكن لتحبون الناصحين. بل رددتم قول النصحاء واطعتم كل شيطان مريد. واعلم ان كثيرا من المفسرين يذكرون ففي هذه القصة ان الناقة قد خرجت من صخرة صماء ملساء اقترحوها على صالح وانها تمخضت تمخض الحامل فخرجت الناقة وهم ينظرون وان لها فصيلا حين عقروها رغى ثلاث رغيات وانفلق له الجبل ودخل فيه وان صالحا عليه السلام قال لهم اية نزول ان تصبحوا في اليوم الاول من الايام الثلاثة ووجوهكم مصفرة. واليوم الثاني محمرة والثالث مسودة. فكان كما قال وكل هذا من الاسرائيليات التي لا ينبغي نقلها في تفسير كتاب الله. وليس في القرآن ما يدل على شيء منها بوجه من الوجوه. بل لو كانت صحيحة فذكرها الله تعالى لان فيها من العجائب والعبر والايات ما لا يهمله تعالى ويدع ذكره حتى يأتي من طريق من لا يوثق بنقله بل القرآن يكذب بعض هذه المذكورات فان صالحا قال لهم تمتعوا في داركم ثلاثة ايام. اي تنعموا تلذذوا بهذا الوقت القصير جدا. فانه ليس لكم من المتاع واللذة سوى هذا. واي لذة وتمتع لمن وعدهم نبيهم وقوع العذاب. وذكر لهم وقوع مقدماته. فوقعت يوما فيوما على وجه يعمهم ويشملهم احمرار وجوههم واصفرارهم واسودادها من العذاب. هل هذا الا مناقض للقرآن ومضاد له؟ فالقرآن فيه الكفاية والهداية عما سواه. نعم لو صح شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يناقض كتاب الله تعالى فعلى الرأس والعين وهو مما امر القرآن باتباعه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقد تقدم انه لا يجوز تفسير كتاب الله الاخبار الاسرائيلية ولو على تجويز الرواية عنهم بالامور التي لا يجزم بكذبها. فان معاني كتاب الله يقينية وتلك امور لا تصدق ولا تكذب فلا يمكن اتفاقهما