على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وحياكم الله جميعا حيثما كنتم ومرحبا بكم مجددا مع المحاضرة الخامسة عشرة من تفسير سورة التوبة مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا ان يجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم اشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا واللي يبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون بعد ان ذكر الله جل جلاله ما ذكر لنا من سوءات المنافقين ومخازيهم وجرائمهم مثل اعتذارهم للمؤمنين عن الخروج معهم للقتال ولمز المؤمنين في الصدقات في القسمة وفي البذل عاد الى الكلام عن ذكر حال الذين تخلفوا عن القتال في غزوة تبوك وظلوا في المدينة فقال جل من قائل فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله اي فرح هؤلاء المنافقين ان قعدوا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم وتركوه يخرج الى الجهاد ولم يخرجوا معه وفرحوا بقعودهم في بيوتهم مخالفين بذلك الله ورسوله وما كان فرحهم الا لانهم لنفاقهم لا يؤمنون بما في الخروج للجهاد من اجر عظيم لا تقارن معه راحة القعود في البيوت ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله. ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار. ولا ينالون من عدو ميلا الا كتب لهم به عمل صالح. ان الله لا يضيع اجر المحسنين. ولا ينفقون صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون المؤمنون الذين فقهوا هذا المعنى الذين امنوا بهذا الوعد الكريم والثواب الجزيل كانوا انشط الناس واسرع الناس الى الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء الذين لم يجدوا ما يحملون عليه كانت اعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون. لكن هؤلاء المنافقين قيل الذين طبع على قلوبهم لنفاقهم. والذين ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فرحوا تخلفهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم تواصوا فيما بينهم لا تنفروا في الحر قل نار جهنم اشد حرا لو كانوا يفقهون قالوا لاخوانهم في النفاق اغراء لهم بالثبات على المنكر وتثبيتا لعزائم المؤمنين لا تنفروا في الحر. فامر الله نبيه ان يقول لهم مفندا لارائهم ومسفها لاحلامهم. نار جهنم التي اعدها الله لمن عصى وهو عصى رسوله اشد حرا من تلك الايام. لان هذا الحر مما تحتمله الجسوم على كل حال. مهما ما كان فيه من مشقة لا يلبث ان يزول لا يلبث ان يخف ان اشقى عيشة قضيتها ذهبت الامها والاجر حل نار جهنم حر ها شديد دائم ينضج الجلود يلفح الوجوه تطلع على الافئدة لو كانوا يعقلون ذلك ويعتبرون به لما خالفوا وقعدوا ولما فرحوا بقعودهم بل لحزنوا وبكوا كما فعل المؤمنون الصادقون الذين ارادوا الخروج والنفقة فعجزوا كما قال تعالى ولا على الذين اذا ما اتوك لتحملهم قلت لا اجد ما احملكم عليه. تولوا واعينكم هم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون فهكذا يقول الله جل جلاله ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول الله في غزوة في غزوة تبوك والذين فرحوا بقعودهم بعد خروجه. والذين كرهوا ان يجاهدوا معه باموالهم وانفسهم. والذين قال بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر صحيح كانت غزوة تبوك في شدة الحر عند طيب الظلال والثمار. لكن هل هذا الحر يقابل بحر جهنم النار جهنم اشد حرا لو كانوا يفقهون. في حديث ابي هريرة نار بني ادم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم. فقالوا يا رسول الله ان كانت لكافية لو كانت مثل ما الدنيا لكانت كافية. فقال فضلت عليها بتسعة وستين جزءا. والحديث في الصحيحين وحديث الامام احمد عن ابي هريرة ايضا ان ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ضربت في البحر مرتين. ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لاحد يعني بل رؤي ان الله او قد على النار الف سنة حتى احمرت ثم او قد عليها الف سنة حتى ابيضت. ثم اوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهي سوداء كالليل المظلم هذا موقف المنافقين الذين فرحوا بقعودهم خلاف رسول الله. انظر في المقابل موقف المؤمنين الصادقين. الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثابة النبض في قلوبهم والنور في عيونهم والعافية في اجسادهم. وكانوا بالنفس والنفيس وكان احب اليهم من انفسهم ومن ابائهم ومن اولادهم ومن الناس اجمعين عروة ابن مسعود احد الموفدين من قبل قريش يوم الحديبية. نعم يقول لما رجع الى قومه والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على كسرى على قيصر وكسرى والنجاشي. والله ان رأيت ملكا قط يعظمه اصحابه كما يعظم اصحاب محمد محمدا عمرو بن العاص يقول ما كان احد احب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا اجل في عيني منه وما كنت ان املى عيني منه اجلالا له ولو سئلت ان اصفه ما اطقت لاني لم اكن املأ عيني منه. في القضاء بعد في السنة التالية بعد عمرة بعد سنة الحديبية دخل النبي صلى الله عليه وسلم الحرم محرم بل والصحابة يحيطون به احاطة السوار بالمعصم يسترونه من اهل مكة مخافة ان يرميه احد منهم بسهم مؤثرين ان يصيب ايا منهم من ان يصيب النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن الدفنة لما قدم ليقتل قال له ابو سفيان انشدك بالله يا زيد اتحب ان محمدا عندنا الان ففي مكانك تضرب عنقه وانك في اهلك فقال والله ما احب ان محمدا الان في مكانه الذي فيه تصيبه شوكة تؤذيه مجرد شوكة وانا جالس في اهلي. فقال ابو سفيان ما رأيت من الناس احدا يحب احدا كما يحب اصحاب محمد محمدا طلحة يوم احد يكرس على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول نحري دون نحرك يا تقول الله ولما عرضت لنبينا صخرة من الجبل فنهض اليها ليعلوها فلم يستطع فجلس تحته طلحة ابن عبيد فنهض عليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اوجب طلحة القصص كثيرة جدا التي تؤكد الموقف المقابل لموقف المخذولين المنافقين الذين استحقوا ان يكونوا يوم القيامة في الدرك الاسفل من النار. فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون الاجدر بهم حسب ما تستوجبه جرائمهم ان يضحكوا قليلا وان يبكوا كثيرا لو كانوا يفقهون ما فاتهم بالتخلف عن رسول الله والقعود عنه من الاجر وما سيحملونه يوم القيامة من الوزر وما سيلاقونه في الدنيا من الخزي والضر جزاء لهم على اقترحوا من العصيان وارتكبوا من الاثم والبهتان وكما تدين تدان وفي الحديث لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم ولبكيتم كثيرا الى اخر الحديث ثم بين الله جل جلاله ما يجب ان يعاملوا به في الدنيا قبل الاخرة فقال تعالى فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي ابدا. ولن تقاتلوا معي عدوا. لن يكون لكم ابدا شرف الصحبة بالخروج معي للجهاد في سبيل الله. ما دمت ودمتم. لن تقاتلوا معي عدوا بعد اليوم لا بالخروج والسفر اليهم ولا بغير ذلك كما لو هاجمنا يعني كما لو هاجمنا العدو في المدينة كما حدث يوم وقعت الاحزاب ثم بين سبب ذلك وعلته انكم رضيتم بالقعود اول مرة فاقعدوا مع اي رضيتم لانفسكم بخزي القعود وذل القعود وهواني. عندما دعيتم اول مرة الى الخروج عندما طلب اليكم ان تنفروا فلم تنفروا. عندما عصيتم الله ورسوله فاقعدوا ابدا. مع نتخلف عن النفر من الصبيان والعجزة والنساء الذين لا يكلفون القيام بشرف الجهاد دفاعا عن الحق واعلاء لكلمة الله ثم امر الله جل وعلا نبيه فقال ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. ولا تعجبك اموالهم واولادهم. انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا وتزهق انفسهم وهم كافرون بعد ان امر الله رسوله باهانة المنافقين واذلالهم بمنعهم من الخروج معه الى الى الى الغزوات وحرمانهم من شرف الصحبة والجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم. قف على ذلك بذكر باهانة اخرى لهم وهي منع الرسول صلى الله عليه وسلم ان يصلي على من مات منهم بعد اعلامه بحقيقة امرهم. ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره لا تتولى دفنه ولا تقم على قبره داعيا له بالاستغفار مترحما عليه نبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابي داود والحاكم والبزار عن عثمان رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لاخيكم وسنوا له التثبيت فانه والان يسأل لكن الله حرم المنافقين بنفاقهم وباثامهم من هذه الوقفة النبوية المباركة على قبورهم فقال ولا تقم على قبره ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون لانهم كفروا وماتوا وهم خارجون من دائرة الاسلام مفارقون امر الله ونهيه وهكذا امر الله نبيه ان يبرأ من المنافقين والا يصلي على احد منهم اذا مات والا يقوم على قبره ليستغفر له او يدعو له لانهم كفروا بالله ورسوله وماتوا على ذلك. هذا حكم عام في كل من عرف نفاقه وان كان سبب نزول هذه الاية في عبدالله بن ابي بن سلول رأس المنافقين. لقد روى البخاري في صحيحه عن نافع عن ابن عمر قال لما توفي عبدالله ابن ابي جاء ابنه عبدالله ابن عبدالله الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ان يعطيه قميصه يكفن فيه اباه فاعطاه ثم سأله ان يصلي علي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي علي فقام عمر فاخذ بثوب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربك انت تصلي عليه؟ فقال انما خيرني الله. فقال استغفر لهم او لا تستغفر لهم. ان تستغفر لهم حين مرة فلن يغفر الله لهم وسازيده على السبعين. فقال انه منافق. فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله طوله وماتوا وهم فاسقون. في رواية اخرى يرويها عمر بن الخطاب نفسه يقول لما توفي عبدالله ابن ابي دعي النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة علي فقام اليه. فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى في صدره قلت يا رسول الله اعلى عدو الله عبدالله بن ابي؟ القائل يوم كذا وكذا كذا وكذا يعجل ايامه النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى اذا اكثرت عليه قال اخر عني يا عمر اني خيرت فاخترت قد قيل لي تغفر لهم. لو اعلم اني لو زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى علي ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه. قال عمر فعجبت من جرأته على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فوالله ما كان الا يسيرا. حتى نزلت هاتان الايتان ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره. فما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الاية كما قلنا لا يصلي على احد من المنافقين ولا يقوم على قبره فعن عبدالله بن ابي قتادة عن ابيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دعي الى جنازة سأله عنها فان اثني عليها خيرا قام فصلى عليها. وان كان غير ذلك قال لاهلها شأنكم بها ولم يصلها عليها وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها حذيفة ابن اليمان. لانه كان ليعلم اعيان المنافقين فقد اخبره بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان يقال له صاحب الذي لا يعلمه غيره من الصحابة وطبعا لما كان النهي عن الصلاة عن المنافقين والقيام على قبورهم. كان هذا الصنيع من اكبر القربات واعظمها في حق المؤمنين فشرع ذلك لهم وكان الوعد لمن فعله بالاجر الجزيل والثواب العظيم. كما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث ابي هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل وما القيراطان؟ قال اصغرهما مثل احد واما القيام على قبر المؤمن فقد سبق حديث عثمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لاخيكم واسألوا الله له له التثبيت فانه الان يسالي لعلي استطراد في هذا هل تجوز زيارة قبور الكفار اذا كان ذلك للعبرة فلا بأس لان النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر امه استأذن ربه في ان يستغفر لها فلم يؤذن له وانما اذن له بالزيارة فلا مانع من زوات قبر من مات على النصرانية او غيرها من ملل الكفر وقد نص فقهاء المذهبين الشافعي والحنبلي على جواز زيارة المسلم قبر الكافر. ومن اهل العلم من خص ذلك اي خص الجواز بالقريب والصديق ونحوه. ففي الامر سعة ان شاء الله والقيام المنهي عنه على القبر. القيام على سبيل الدعاء والاستغفار. اما القيام للاعتبار فلا بأس به. لان زائر القبر لا بد ان يقوم عليه بطبيعة الحال للاعتبار والاتعاظ زوروا قبوركم فانها تذكركم بالموت اللهم اهدنا سواء السبيل وقنا عذابك يوم تبعث عبادك يا رب العالمين. ثم قال تعالى ولا تعجبك اموالهم واولادهم انما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا وتزهق انفسهم وهم كافرون تأملوا احبتي لقد ورد مثل ذلك في اية سابقة. فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم. انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا طيب في الاية السابقة فيها زيادة لا اموالهم ولا اولادهم للنهي عن الاعجاب بكل من الاموال او الاولاد على حدة وهذه الاية ولا تعجبك اموالهم واولادهم لمن اجتمع له المال والولد لكي يكون النهي شاملا للامرين جميعا لمن اجتمع معه المال والولد او لمن انفرد باحدهما. والنهي في هذا هذه الاية عن الاعجاب بهما مجتمعين وهذا ادعى الى الاعجاب طيب ثم قال تعالى واذا انزلت سورة ان امنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك اولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين بان يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون. لكن الرسول والذين امنوا معه جاهدوا باموالهم وانفسهم واولئك لهم الخيرات واولئك هم المفلحون. اعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها. ذلك الفوز العظيم اذا انزلت سورة كلما انزلت سورة تدعو المنافقين في بعض اياتها الى الايمان بالله والجهاد مع رسوله استأذن اولو الطول اولو الثروة والغنى والقدرة استأذن اولو القدرة على الجهاد المفروض عليهم في التخلف عن الجهاد وقالوا دعنا نكن مع القاعدين. مع القاعدين في بيوتهم من الضعفاء والزمنة والصبيان والنساء وغير ذلك. كما قال تعالى ويقول الذين امنوا لولا نزلت سورة فازا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون نظر المغشي عليه من الموت فاولى لهم تصريح بجبنهم وانهم رضوا لانفسهم بالمذلة والهوان. رضوا بان يكونوا مع الخوالف من النساء اللواتي لم يفرض عليهن الجهاد وهذا منتهى الجبن الذي تعافه النفس الكريمة التي لا ترضى بالمهانة والمذلة. ثم بين العلة في قبولهما هذا الذل وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون. ان الله جل وعلا قد ختم على قلوبهم. ران على قلوبهم ما اكانوا يكسبون فهذه القلوب لا تنتفع بموعزة ولا يصل اليها شعاع من نور استحوذ عليها النفاق صار وصفا ملازما لها اثر فيها حسب سنة الله جل جلاله في الارتباط بين العقائد والاعمال فهم لا يفهمون ما امروا به فهم تدبر واعتبار فيعملوا به. هذا شأن المنافقين. لكن الرسول والذين امنوا معه جاهدوا باموالهم وانفسهم وكانوا معه في كل المواقف والمشاهد لا يفارقونه. جاهدوا باموالهم وانفسهم قاموا بالواجب على وجهه خير قيام. واولئك لهم الخيرات. واولئك هم المفلحون. الخيرات ثمرات الايمان والجهاد من شرف النصر ومحو الكفر واعلاء كلمة الله واقامة الحق والعدل والتمتع بالمغانم والسيادة في الارض دون المنافقين الجبناء الذين الفوا الذلة والهوان ولم يكونوا اهلا للقيام بهذه الاعباء اعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم. هذا اه ما اعده الله جل وعلا لاهل الصدق جنات تجري من تحتها الانهار اعد لهم فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون يؤتى باشقى اهل الارض من اهل الجنة يوم القيامة. فيصبغ في الجنة صبغا ثم يقال له هل رأيت شقاء قط هل من رب بك شدة قط؟ فيقول له وعزتك ويؤتى بانعم اهل الارض من اهلي النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له هل رأيت نعيما قط هل مر بك رخاء قط؟ فيقول لا وعزتك لا وعزتك وجاء المعذرون من الاعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله. اي جاء الذين يطلبون من نبيه ان يأذى لهم في التخلف عن الخروج الى تبوك. امتثالا للنفير العام واختلفت الروايات ما بين قائل بصدقهم في الاعتذار وقائل بكذبهم فيه. والظاهر ان هؤلاء كانوا ابقين في اعتذارهم نعم بدلالة الاية بعت بعدها وقعد الذين كذبوا الله ورسوله اي قعد عن القتال والمجيء زور الذين اظهروا الايمان بهما كذبا وايهاما على غير اعتقاد صادق سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم فبين الله تعالى حال ذوي الاعذار في ترك الجهاد الذين جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون اليه ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج وهم من احياء العرب ممن حول المدينة. كان ابن عباس يقول وجاء المعذرون يقول هم اهل العذر وابن اسحاق نعم يقول وبلغني انهم نفر من بني غفار خفاف ابن ايماء ابن رحضة ويظهر ان ان هؤلاء كانوا صادقين في اعتذارهم فعلا. لان الله قال بعدها وقعد الذين كذبوا الله ورسوله لم يأتوا فيعتذروا ابن مجاهد يقول وجاء المعذرون من الاعراب قال نفر من بني غفار جاؤوا قال نفر من بني غفار جاؤوا فاعتذروا فلم يعذرهم الله وكذا قال الحسن والقول الاول اظهر ان هؤلاء اصحاب اعذار حقيقية فعذروا لكن الذين لم يعذروا الذين لم يأتوا ولم يعتذروا بل قعدوا قعد اخرون من الاعراب عن المجيء للاعتذار فتوعدهم الله جل وعلا بالعذاب الاليم. فقال سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم. ففرقت الاية بين اصحاب عذر حقيقي والله جل وعلا لا يكلف نفسا الا وسعها لا يحمل احدا ما لا طاقة له به اما الذين قعدوا لاعتذروا ولا كانت لديهم اعذار حقيقية بل فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله. وكرهوا ان يجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله. هؤلاء الذين قال الله فيهم سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت. احبتي في الله نكتفي بهذا القدر في التعليق على هذه الايات على امل اللقاء بكم باذن الله في الحلقة القادمة وحتى نلتقي استودعكم الله تعالى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته