بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وحياكم الله جميعا ومرحبا بكم ومرحبا بكم مجددا مع المحاضرة الاخيرة من محاضرات تفسير سورة الانفال مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم. والله غفور رحيم وان يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فامكن منهم والله عليم حكيم لما اخذ النبي صلى الله عليه وسلم الفداء من الاسرى شق عليهم اخذ اموالهم منهم تألموا لذلك فانزل الله جل وعلا تطييبا لخاطرهم واستمالة لهم وترغيبا لهم في الاسلام ببيان ما فيه خيري الدنيا والاخرة ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم لقد روي ان هذه الاية نزعت في العباس وعقيل ابن ابي طالب ونوفل بن الحارث كان العباس اسيرا يوم بدر وكان معه عشرون اوقية من الذهب اخرجها ليطعم الناس ليطعم الجيش المحارب وكان احد العشرة الذين ضمنوا الطعام لاهل بدر فلم تبلغه النوبة حتى اسر فقال العباس كنت مسلما الا انهم اكرهوني. فقال عليه الصلاة والسلام ان يكن ما تذكره حقا فالله اما ظاهر امرك فقد كان علينا فقال العباس فكلمت رسول الله ان يرد ذلك الذهب علي فقال اما شيء خرجت لتستعين به علينا فلا ثم قال وكلفني فداء ابن اخي عقيل ابن ابي طالب عشرين اوقية وفداء نوفل ابن الحارث. فقال العباس تركتني يا محمد اتكفف قريشا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اين الذهب الذي دفعته الى ام الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها لا ادري ما تصيبني فان حدث بي حادث فهو لك ولعبد الله ولعبيد الله والفضل فقال العباس وما يدريك؟ فقال اخبرني ربي فقال فانا اشهد انك صادق. وان لا اله الا الله وانك عبده ورسوله. والله لم يطلع عليه احد الا الله ولقد دفعته اليها في سواد الليل. ولقد كنت مرتابا في امرك. فاما اذ اخبرتني بذلك فلا ريب ثم يقول العباس فابدلني الله خيرا من ذلك. ان لي الان عندي عشرون عبدا وان ادناهم ليضربوا في عشرين الفا. يعني يتاجر لي في عشرين الفا واعطاني زمزم وما احب ان لي بها جميع اموال مكة وفوق هذا. وانا انتظر المغفرة من ربي جل جلاله يبقى يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى قل للذين في ايديكم من الاسرى الذين اخذتم منهم الفداء ان كان الله يعلم ان في قلوبكم الان ايمانا او سيزهر ايمان في حينه الله يعدكم ويبشركم ان اسلمتم ان يعطيكم ما هو خير لكم مما اخذه المؤمنون منكم من الفداء لانكم هم في المغانم وغيرها من النعم التي وعد المؤمنون بها ويغفر لكم ما كان من الشرك وما استتبعه من السيئات والاوزار والله غفور لمن تاب من كفره وذنوبه رحيم بالمؤمنين يشملهم بعنايته وتوفيقه ويعدهم للسعادة في الدنيا والاخرة يبقى هذه الاية كما قلنا ونؤكد نزلت في اسارة بدر وكان من جملتهم العباس فلما طلب منه الفداء ادعى انه كان مسلما قبل ذلك. وانه خرج مع القوم مكرها. لكن لم يسقطوا عنه الفداء لقد كان ظاهرك علينا ثم جبر الله خاطره وخاطر من كان على مثل حاله فقال يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم. ولقد انجز الله وعده للعباس فحصل له بعد ذلك من المال شيء كثير حتى قالوا انه مرة يعني قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مال كثير فاتاه العباس. فامره ان يأخذ منه بثوبه. شيل احمل ان يأخذ منه ثوبه ما يطيق حمله. اللي تقدر تشيله شيله. فاخذ منه ما كاد ان يعجز عن حمله ما كاد ان يعجز عن حمله وان يريدوا خيانتك ادعوا انهم يريدون الاسلام ويميلون ثم انقلبوا ثم نكسوا على رؤوسهم وارتدوا على اعقابهم. فلا تخف مما عسى ان يكون منهم من خيانة وعودة الى القتال فانهم قد خانوا الله من قبل فامكن منهم. خانوا الله عندما نقضوا الميثاق الاول واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا وخانوا ميثاق الفطر على التوحيد. كل مولود يولد على الفطرة. فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كما البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون منها من جدعاء؟ والله عليم حكيم امكن منهم فقد خانوا الله من قبل فامكن منهم اي مكنك انت واصحابك منهم بنصرك عليهم يوم بدر مع التفاوت في العدد والعدة والله عليم حكيم. عليم مما ينتهونه. وما يستحقونه من عقاب حكيم. يفعل ما يفعل. حسب ما تقتضيه حكمته البالغة لا تنفض افعاله اعماله عن حكمته جل جلاله سبحان الله البخاري يروي عن انس يقول ان رجالا من الانصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك فداء عمه العباس وكان في اسرى المشركين يوم بدر قالوا ائذن لنا فنترك لابن اختنا العباس فداء. كانت جدته انصارية قال والله لا تذرون منه درهما مش قضية القراءة دي قضية الحق ظاهره كان علينا وكان متكفل باطعام جيش المشركين يوم بدر وقد كان فداء الاسير اربعين اوقية ذهبا فجعل على العباس مائة وعلى عقيق ثمانين قال العباس االقرابة صنعت هزا؟ هو ده القرابة اللي بيني وبينك. فانزل الله تعالى قوله يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما مما اخذ منكم حتى قال العباس وددت لو كان اخذ مني اضعافها. لان الله قال يؤتكم خيرا مما اخذ منكم. لو خد مني اضعافها كان ايضا سيرد الله لي اضعاف اضعاف ما اخذ مني يوم بدر لا اله الا الله ثم بعد ان ذكر الله تلك القواعد الخاصة بالحرب والسلم وما يجب ان يفعل بالاسرى ختم السورة بالحديث عن ولاية المؤمنين بعضهم لبعض بمقتضى الايمان والهجرة وولاية الكفار بعضهم لبعض ثم امر بالمحافظة على العهود والمواثيق مع الكفار ما دام العهد محفوظا غير منبوذ ولا منكوث فقال تعالى ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله. والذين اووا ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض والذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق. والله بما تعملون بصير والذين كفروا بعضهم اولياء بعض الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير والذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين اووا ونصروا اولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين امنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك منكم واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ان الله بكل شيء عليم خارطة تبين خارطة طريق لتبين يعني الولايات الايمانية وما ينبثق منها من حقوق وواجبات واحكام لقد قسم الله المؤمنين اربعة اقسام وبين كل حكم كل منها ومنزلته من بينها اول قسم المهاجرون الاول اصحاب الهجرة الاولى قبل غزوة بدر الى صلح الحديبية رقم اتنين الانصار الذين كانوا بالمدينة واووا النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين عند هجرتهم اليهم رقم ثلاثة المؤمنون الذين لم يهاجروا. رقم اربعة المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحديبية وهاجر والذين امنوا من بعده وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك منكم طيب ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله هؤلاء هم النخبة الاولى الصفوة الاولى الذين هاجروا باوطانهم فرارا بدينهم من فتنة المشركين ارضاء لربهم ونصرة لرسوله وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اي بذلوا الجهد بقدر الوسع واقتحموا المشاق بذل المال كان على قسمين او على ضربين ما ينفق في التعاون والهجرة والدفاع عن الدين ونصرة ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم او ما يكون بسخاوة نفوسهم عما تركوه في اوطانهم هؤلاء الناس عندما هاجروا كانوا اصحاب اموال منهم من كان صاحب مال وثروات وترك هذا كله وخرج لله عز عن كل شيء كما قيل لصهيب ربح البيع ربح البيع ربح قال انني اخرج من ديارهم واموالهم والا ان يقولوا ربنا الله ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد اخرجوا من ديارهم واموالهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله بذل الانفس. اما بالقتال او ما يكون قبله من اقتحام من احتمال المشاق. ومغالبة الشدائد الصبر على الاضطهاد والهجرة من البلاد ونحو ذلك هذه النخبة الاولى الصفوة الاولى المهاجرون ورقم اثنين والذين اووا ونصروا الانصار وينصرون الذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان من خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون لقد كان يثرب ملجأ للمهاجرين شاركهم اهلها في اموالهم واثروهم على انفسهم ونصروهم فقاتلوا من قاتلهم وعادوا من عاداهم. ولهذا قال تعالى اولئك بعضهم اولياء بعض يتولى بعضهم في التعاون والنصرة وما يتعلق بذلك يعني من الغنائم لان حقوقهم مشتركة مرافقهم مشتركة ويجب عليهم كفاية المحتاج واغاثة المضطر منهم رقم تلاتة الذين امنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا. الذين بقوا في ارض المشركين تحت سلطانهم وحكمهم. دارهم دار حرب وشرك لا يثبت لهم شيء من ولاية المؤمنين الذين في دار الاسلام ليس علينا حق النصرة لانهم لم ينتقلوا الى الاقامة مع جماعة المسلمين. الا اذا استنصرونا في الدين اذا قاتلهم الكفار واضطهدوهم لاجل دينهم. وطلبوا النصرة علينا ان نساعدهم. بشرط ان يكون الكفار حربيين لا عهد بيننا وبينهم. اذا حدث المشكلة بينهم وبين الدولة التي يقيمون فيها وكان بيننا وبين هذه الدولة عهد تمثيل دبلوماسي مواسيخ لا نستطيع ان نعلن الحرب على هذه الدولة حتى وان استنصرتنا مجموعة منها. الا بالمفاوضات لا بالسعي للاصلاح ونحو ذلك. لكن بالقتال لا فعليكم النصر الا على قوم بين بينكم وبينهم ميثاق فان كانت الدولة التي يقيم فيها فريق من من المسلمين لم يهاجروا الى جماعة المسلمين بيننا وبين هذه الدولة ميثاق وحاثت منها استطالة على بعض المسلمين الذين يقيمون على ارضها ليس لنا ان ننقض ميثاقنا معها وان نعلن الحرب عليها والله بما تعملون بصير. عليكم ان تقفوا عند حدوده وان تراقبوه. تتذكروا اطلاعه على اعمالكم تتوخوا فيها الحق العد تتقوا الهوى الذي يصد عن ذلك هذه المحافظة على العهول والمواسيق سرا وجهرا. مما امتازت به الشريعة على سائر الشرائع الوضعية شعار اهلها الوفاء بالعهود. واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا. يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود لكل غادر اللواء ينصب له عند استه يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان في واقعنا المعاصر ما ايسر نقض العهود من قبل الاقوياء المتجبرين. فما تتخذ العهود الا على الضعفاء فقط يوم من يعني ايام مسمار كان يقول بيسمك اه كان يقول المعاهدات حجة قوية على الضعيف هذه الاية عقد موالاة ومحبة عقده الله بين المهاجرين الذين امنوا وهاجروا في سبيل الله. وبين الانصار الذين اووا رسول الله فهؤلاء بعضهم اولياء بعض اما الذين امنوا ولم يهاجروا فقد قال تعالى ما لكم من ولاية من شيء حتى يهاجروا. فانهم قطعوا ولايتكم بانفصالهم عنكم في وقت شدة الحاجة الى الرجال فلما لم يهاجروا لم يكن لهم من نصرة المؤمنين المؤمنين شيء. لكنهم ان استنصرونا في الدين كما قلنا لاجل قتال من قاتلهم فعليكم النصر والقتال معهم. بشرط ان يكون استنصرونا في الدين القتال قتال ديني. اما اذا قاتلوا لغير ذلك من المقاصد فليس علينا نصرهم الا على قوم بيننا وبينهم ميثاق اي عهد بترك القتال فاذا اراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم فلا تعينوهم عليهم لاجل ما بينكم وبينهم من المواثيق ثم قال تعالى والذين كفروا بعضهم اولياء بعض اي في النصرة والتعاون على قتال المشركين فهم في جملتهم فريق واحد تجاه المسلمين وان كانوا في الظاهر شيعا يعادي بعضهم بعضا. الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ان لم تفعلوا ما شرع لكم من ولاية بعضكم لبعض ومن تناصركم وتعاونكم تجاه ولاية الكفار بعضهم لبعض ومن الوفاء بالعهود والمواثيق مع الكفار الى ان ينقضي عهدهم او ينبدوه على سواء يقع من الفتنة والفساد في الارض اعظم الضرر سوف يفضي هذا الى فشلكم الى ظفر الاعداء بكم الى اضطهادكم في دينكم بصدكم عنه كما وقع ذلك بضعفائكم بمكة قبل الهجرة الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير والفتنة اختلاط الحق بالباطل والمؤمن بالكافر وعدم كثير من العبادات الكبار كالجهاد والهجرة وغير ذلك من مقاصد الشرع والدين التي تفوت اذا لم يتخذ يؤمنون بعضهم اولياء بعض ثم ملحظ ان الله فضل المهاجرين والانصار على غيرهم فقال والذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين اووا ونصروا اولئك هم المؤمنون حقا الايات الاولى في الموالاة فيما بينهم. وهذه الايات في الثناء عليهم وفي بيان علي منزلتهم ورفيع درجاتهم والذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين اووا ونصروا اولئك هم المؤمنون حقا المؤمنون حق الايمان واكمله دون من لم يهاجر واقام واقام بدار الشرك ولم يغزو مع المسلمين عدوهم ثم وعدهم بحسن العاقبة. فقال جل من قائل لهم مغفرة ورزق كريم. مغفرة تامة تمحو ما فرط منهم من السيئات ورزق كريم في دار الجزاء لانهم قد تركوا الاهل والوطن وبذلوا النفس والمال وعضوا عن سائر اللذات وعملوا ما يقربهم من الله جل جلاله يبقى كانت الايات السابقات في ذكر الموالاة. وهذه الايات في في بيان مدحهم وثوابهم. فبينت انهم المؤمنون حقا لانهم صدقوا ايمانهم بما قاموا به من الهجرة والنصرة والموالاة بعضهم لبعض وجهادهم لاعدائهم من الكفار والمنافقين. لهم مغفرة من الله. تمحى بها سيئاتهم وآآ يتجاوز بها عن زلاتهم. ولهم رزق كريم من الرب الكريم في جنات النعيم جل جلاله وقد يحصل لهم ايضا من الثواب المعجل في الدنيا عاجل بشرى المؤمن واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب. وبشر المؤمنين قد يحصل لهم من الثواب العاجل في الدنيا ما تقر به عيونهم وتطمئن به قلوبهم نعم ثم قال تعالى والذين امنوا من بعد الذين لحقوا باهل الايمان في المدينة بعد صلح الحديبية. والذين تأخر ايمانهم وهجرتهم عن الهجرة الاولى. لكنهم والعبرة بالخونة هاجروا وجاهدوا معكم اعدائهم فاولئك منكم فيلتحقون بالمهاجرين الاولين والانصار وبما تقدم سواء في باب الولاية او في باب الجزاء لكن ايماءة لطيفة فاولئك منكم في جعلهم منهم دليل على فضل السابقين على اللاحقين. طبعا كما قال تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير. وقال تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم. ثم قال تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله اي اصحاب القرابات والارحام واحدها الرحم اصله رحم المرأة موضع تكوين الولد. وسمي به الاقارب لانهم من رحم واحدة فاولو الارحام بعضهم اولى ببعض واحق من المهاجرين والانصار الاجانب سواء في التعاون او في التوارس لان الموالاة والمؤاخاة التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في المدينة كان يتم بها التوارث كان يرث بعضهم بعضا. فلما استقرت الامور في المدينة اعاد الله الامر الى نصابه فارجع الميراث الى قاعدة الرحم والنسب ونحوه فقال واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله. اي ان القريب صاحب الرحم اولى من غيره من المؤمنين بولاء قريبه وبره ومقدم عليه في جميع الولايات المتعلقة به كولاية نكاح وصلاة الجنازة فازا وجد قريب وبعيد يستحق ان البر والصلة فالقريب اولى وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين ابدأ بنفسك وتصدق عليها فان فضل شيء فلاهله فان فضل شيء عن اهله فلذي قرابة وهكذا هكذا ان الله بكل شيء عليم فهو سبحانه. شرع لكم هذه الاحكام في الولاية العامة والخاصة والعهول والمواثيق وصلة الارحام واحكام القتال والغنائم وسند التشريع والاحكام عن علم واسع محيط بكل شيء من مصالحكم الدينية والدنيوية كما قال تعالى ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم يبقى الخلاصة واولو الارحام بعضهم اولى باولى ببعض بعد ان كانوا يتوارثون بالموالاة الايمانية العامة وبما عقد بين المهاجرين والانصار من مؤاخاة خاصة اعاد الله الامر الى نصابه. فقال واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فلا يرثه الا اقاربه من العصمات واصحاب الفروض فان لم يكونوا فاقرب قراباتي من ذوي الارحام على خلاف بين اهل العلم في ذلك. وقوله في كتاب الله اي في حكم الله وشرعه ان الله بكل شيء عليم وتحتمل الاية في كتاب الله الكوني ان الله جل وعلا قد كتب ذلك فهو في كتاب عنده قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة فيأتلف ويتعانق الحكم الكوني مع الحكم الشرعي التدبير الكوني مع التدبير الشرعي. ان الله بكل شيء عليم. يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون؟ الم ترى ان الله يعلم ما في السماء والارض ما يكون من نجواه ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم. ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا ثم ينبى بئهم بما عملوا يوم القيامة. ان الله بكل شيء عليم وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء. ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين بكل شيء عليم ومن ذلك ما يعلمه من احوالكم التي يجري فيها من شرائعه الدينية ما يناسبها فلا يكلف نفسا الا وسعها ولا يكلفها فوق طاقتها ولا يكلفها الا ما اتاها. ولا تنفك افعاله عن حكمته جل جلاله. لقد وسع كل شيء رحمة وعلما لقد وسعت رحمته ذنوب عباده جميعا. وسى علمه احوال عباده جميعا. وما اجمل هذا الاقتراب بين هاتين الصفتين من صفات الرب جل جلاله لان من كان رحيما جدا لكن لا يعلم عن حالك شيئا لا تنتفع برحمته ومن كان عليما باحوالك لكن في قلبه قسوة لا ينفعك علمه عن حالك بشيء فاذا اجتمعت الرحمة والعلم اكتملت النعمة ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم انا ما اجمل هذا الكتاب المبارك وما اجمل التدبر فيه اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وجلاء همومنا وذهاب احزاننا اللهم ذكرنا منه ما نسينا اللهم علمنا منه ما جهلنا. اللهم ارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار. على النحو الذي يرضيك عنا. اللهم اللهم امين. اخوتي واخواتي نكتفي بهذا القدر في التعليق على هذه الايات التي ختمنا بها الحديث عن تفسير سورة الانفال وحتى نلتقي مع مطلع سورة التوبة ان شاء الله في الاسبوع القادم. استودعكم الله تعالى. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته