اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين من الغيظ والعافين عن والله يحب المحسنين والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكر الله ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين من قبلكم سنن فسيروا في الارض فانظروا كيف انا عاقبة المكذبين هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين امرهم تعالى بمسارعة الى مغفرته وادراك جنته التي عرضها السماوات والارض. فكيف بطولها التي اعدها الله للمتقين؟ فهم اهلها واعمال التقوى هي الموصلة اليها. ثم وصف المتقين واعمالهم فقال الذين ينفقون في السراء والضراء اي في عسرهم ويسرهم من ايسر وقت يوم النفقة. والايسر لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل. والكاظمين الغيظ. اي اذا حصل لهم من غيرهم اذية توجب غيرهم وهو امتلاء قلوبهم من الحنق الموجب للانتقام بالقول والفعل. هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية. بل يكفيون وفي القلوب من الغيظ ويصبرون عن مقامات الناس اليهم والعفن عن الناس. ادخلوا في العفو عن الناس العفو عن كل من اساء اليك بقول او فعل والعفو ابلغ من الكذب. لان العفو ترك المؤاخذة مع السماح عن المسيء. وهذا انما يكون ممن تحلى بالاخلاق الجميلة وتخلى عن اخلاق الرذيلة. وممن تاجر مع الله وعفا عن عباد الله رحمة بهم. واحسانا اليهم وكراهة لحصول عليهم وليعفوا الله عنه ويكون اجره على ربه الكريم لا على العبد الفقير كما قال تعالى فمن عفا واصلح فاجره وعلى الله. ثم ذكر حالة اعم من غيرها واحسن واعلى واجل وهي الاحسان. فقال تعالى والله يحب المحسنين. والاحسان نوعان الاحسان في عبادة الخالق والاحسان الى المخلوقين الاحسان في عبادة الخالق فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. واما واما الاحسان والمخلوق فهو ايصال النفع الديني والدنيوي اليهم ونفع الشر الديني والدنيوي عنهم. فيدخل في ذلك امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليم جاهلهم ووعظ غافلهم. والنصيحة لعامتهم وخاصتهم. والسعي في جمع كلمتهم وايصال الصدقة والنفقات الواجبة والمستحبة اليهم على اختلاف احوالهم وتباين اوصافهم. سيدخل في ذلك بذل الندى وكف الاذى الاذى كما وصف الله به المتقين في هذه الايات من قام بهذه الامور فقد قام بحق الله وحق عبيده. ثم ذكر اعتذاره لربهم من جنايات النبي بهم فقال والذين اذا فعلوا فاحشة او الاعمال سيئة كبيرة او ما دون ذلك باب رؤية التوبة والاستغفار. وذكروا ربهم ما ما توعد به العاصين. ووعد به فسألوه المغفرة لذنوبهم والستر لعيوبهم مع اقناعهم عنها وندمهم عليها ولهذا قال ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون اولئك الموصوفون بتلك الصفات جزاؤهم جزاؤهم مغفرة من ربهم تزيل عنهم كل محذور وجنات تجري من تحت الانهار فيها من النعيم المقيم والبهجة والحبور والبهاء والخير والسرور والمنازل الانيقة العاليات والاشجار المثمرة البهية والانهار الجاريات في تلك المساكن الطيبات. خالدين فيها لا ويحولون عنها ولا يبغون بها بدلا ولا يغير ما هم فيه من النعيم ونعم اجر العاملين عن الله قليلا فاجروا كثيرا عند الصباح يحمد القوم الثرى. وعند الجزاء يجد العامل اجره كاملا ميسرا. وهذه الايات الكريمات من ادلة ابي السنة على ان الاعماق تدخل في الايمان خلافا للمرجئة. وجه الدلالة انما يكون بذكر الاية التي في سورة الحديد نظير هذه الايات وهي قوله سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله. اي نذكر فيها ان له الايمان به وبرسله وهناك قال اعدت للمتقين. ثم وصف المتقين بهذه الاعمال المالية والبدنية تدل على ان هؤلاء المتقين الموقوفين بهذه الصفات هم اولئك المؤمنون مما قال تعالى قد خاتم من قبلكم سنن الايات وهذه الايات الكريمات وما بعدها في قصة احد يعزي تعالى عباده المؤمنين ويسليهم ويخبرهم انه مضى قبلهم اجيال وامم امتحنوا وابتلي وابتلي منهم بقتال الكافرين. فلم يزالوا في مداولة ومداولة حتى جعل الله العاقبة للمتقين والنصر لعباده المؤمنين. واخر الامر حصلت الدولة على على المكذبين وخذلهم الله بنصر رسله واتباعهم فسيروا في ارض بابدانكم وقلوبكم. فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين فانكم لا تجدونهم الا معذبين. بانواع العقوبات الدنيوية قد خوت ديارهم وتبين لكل احد خسارهم. وذهب عزهم منكم وزال بذخهم وفخرهم. افليس في هذا اعظم دليل واكبر شاهد على صدق ما جاءت به الرسل. وحكمة الله التي يمتحن بها عباده ليبليهم ويتبين صادقهم من كاذبهم. ولهذا قال تعالى هذا بيان للناس. اي دلالة ظاهرة تبين للناس الحق الباطل وعلى السعادة من اهل الشقاوة وهو لشرفنا ما اوقع الله بالمكذبين وهدى وموعظة للمتقين. لانهم هم المنتفعون بالايات فتهديهم يا سبيل الرشاد وتعظهم وتهجرهم عن طريق الغي. واما باقي الناس فهي بيان لهم تقوم به عليهم عليهم اليهم الحجة من الله كمن هلك عن بينة يحتمل شرفي في قوله هذا بيان للناس بالقرآن العظيم والذكر الحكيم انه بيان للناس عموما وهدى دعوة للمتقين خصوصا وكلا المعنيين حق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين في حلقة قادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته