اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ان الذين كفروا سواء ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم. ومن الناس من يقول امننا بالله وباليوم الاخر وما هم مؤمنين. يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون انفسهم وما يشعرون. في بهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لما ذكر صفات المؤمنين حقا ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم المعاندين للرسول فقال ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم هم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم تعالى ان الذين كفروا اتصفوا بالكفر وانخبأوا به وصار وصفهم وصفا لهم لازما لا يردعهم عنه رادع ولا ينجح فيهم وعظ. انهم مستمرون على كفرهم فسواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون. وحقيقة الكفر والجحود لما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم او جحد بعضه فهؤلاء الكفار لا تفيدهم الدعوة الا اقامة الحجة. وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول صلى الله عليه وسلم في ايمانهم وانك لا تأس عليهم ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الايمان فقال ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم اي طبع عليها بطابع لا يدخلها الايمان ولا ينفذ فيها فلا يعون ما ينفعهم ولا يسمعون ما يفيدهم. وعلى ابصارهم غشاوة اي غشاء وغطاء واكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم. وهذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم فلا مطمع فيهم ولا خير يرجى وانما منعوا ذلك وسدت عنهم ابواب الايمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. وهذا عقاب عاجل ثم وذكر العقاب الاجل فقال ولهم عذاب عظيم وهو عذاب النار وسخط الجبار المستمر الدائم. ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الاسلام وباطنهم الكفر. ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم ومن اخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون واعلم ان النفاق هو اظهار الخير وابطال الشر. فيدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي والنفاق العملي كالذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان. وفي رواية واذا خاصم فجر. واما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الاسلام فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة ولا بعد الهجرة حتى كانت بقعة بدر. واظهر الله المؤمنين واعزهم فذل من في المدينة ممن لم يسلم. فاظهر الاسلام بعضهم خوفا ومخادعة. ولتحقن دماؤهم وتسلم اموالهم فكانوا بين اظهر المسلمين في الظاهر انهم منهم. وفي الحقيقة ليسوا منهم. فمن لطف الله بالمؤمنين ان جل ولهم ووصفهم باوصاف يتميزون بها. لان لا يغتر بهم المؤمنون ولينقمعوا ايضا عن كثير من فجورهم. وقال قال احذروا المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبأهم بما في قلوبهم. فوصفهم الله باصل النفاق فقال ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين انهم يقولون بالسنتهم ما ليس في قلوبهم اكذبهم الله بقوله وما هم بمؤمنين. لان الايمان الحقيقي ما تواطأ عليه القلب واللسان. انما هذا لله ولعباده المؤمنين والمخادعة ان يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع فهؤلاء المنافقون سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك عاد خداعهم على انفسهم. وهذا من العجائب لان المخادع اما ان ينتج خداعه ويحصل له مقصوده. او لا له ولا عليه. وهؤلاء عاد خداعهم على انفسهم. وكانهم يعملون ما يعملون من المكر لاهلاك انفسهم واضرارها وكيدها. لان الله تعالى لا يتضرر بخداعهم شيئا. وعباده المؤمنون لا يضرهم كيدهم شيئا فلا يضر فلا يضر المؤمنين اي ان اظهر المنافقون الايمان فسلمت بذلك اموالهم وحقنت دماءهم وكيدهم في نحورهم. وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا. والحزن المستمر بسبب بسبب ما يحصل للمؤمنين القوة والنصر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة. ثم في الاخرة لهم العذاب الاليم الموجع المفجع. بسبب كذبهم كفرهم وفجورهم والحال انهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك وقوله في قلوبهم مرض المراد بالمرض هنا مرض الشك والشبهات والنفاق وذلك ان القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحة واعتداله مرض الشبهات الباطلة ومرض الشهوات المرضية. فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من مرض الشبهات والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات. كما قال تعالى فيطمع الذي في قلبه مرض هو شهوة الزنا والمعافى من عوفي من هذين المرضين. فحصل له اليقين والايمان والصبر عن كل معصية فرفل في اثواب العافية. وفي قوله عن المنافقين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. بيان لحكمة تعالى في تقدير المعاصي على العاصين. وانه بسبب ذنوبهم السابقة يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. وقال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله وقال تعالى واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم عقوبة المعصية المعصية بعدها. كما ان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها. قال تعالى ويزيد الله الذين اهتدوا هدى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته