اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولن تضأ عنك اليهود ولنصارى حتى تتبع ملتهم ولئن اتبعت بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفسه شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمه قال اني جاعلك للناس اماما قال لا ينال عهدي الظالمين واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعهدنا ابراهيم واسماعيل ان طه والعاكفين للطائفين والعاكفين والركع السجود بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم الايات يقول تعالى رسوله انه لا يرضى منه اليهود ولا النصارى الا باتباعه دينهم. لانهم دعاة الى الدين الذي هم عليه. ويزعمون انه الهدى فقل لهم ان هدى الله الذي ارسلتم به هو الهدى. واما ما انتم عليه فهو الهوى. بدليل قوله ولئن تبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير فهذا فيه النهي العظيم عن اتباع اهواء اليهود والنصارى والتشبه بهم فيما يختص به دينهم والخطاب وان كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان امته داخلة في ذلك لان الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب كما ان العبرة بعمو اللفظ لا بخصوص السبب. ثم قال الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون. يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين اتقوا يوما لا تزني نفسا عن نفسه شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون تعالى ان الذين اتاهم الكتاب ومن عليهم به منة مطلقة انهم يتلونه حق تلاوته ان يتبعونه حق والتلاوة الاتباع فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه وهم هؤلاء هم السعداء من اهل الكتاب الذين عرفوا نعمة الله وشكروها وامنوا بكل الرسل ولم يفرقوا بين احد منهم فهؤلاء هم المؤمنون حقا لا من قال منهم نؤمن بما انزل علينا فيكفرون بما وراءه ولهذا توعدهم بقوله ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون. وقد تقدم تفسير الاية التي بعدها تعالى عن عبده وخليله ابراهيم عليه السلام. المتفق على امامته وجلالته. الذي كل من طوائف اهل الكتاب تدعيه. بل وكذلك المشركون ان الله ابتلاه وامتحنه بكلمات اي باوامر ونواهي. كما هي عادة الله بابتلائه لعباده. ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء والامتحان من الصادق الذي ترتفع درجته ويزيد قدره ويزكو عمله ويخلص ذهبه. وكان من اجلهم في هذا المقام الخليل عليه السلام فاتم ما ابتلاه الله به واكمله ووفاه فشكر الله له ذلك ولم يزل الله شكورا فقال اني جاعلك للناس ان يقتدون بك في الهدى ويمشون خلفك الى سعادتهم الابدية ويحصل لك الثناء الدائم والاجر الجزيل والتعظيم من كل احد وهذه لعمل الله افضل درجة تنافس فيها المتنافسون واعلى مقام شمر اليه العاملون واكملوا حالة حصلها اولو العزم من المرسلين. واتباعهم من كل صديق متبع لهم. داعيا الى الله والى سبيله. فلما اغتبط ابراهيم بهذا المقام وادرك هذا طالب ذلك ذريته لتعلو درجته تعلو درجته ودرجة ذريته وهذي ايضا من امامته ونصحه لعباد الله. ومحبته ان يكثر فيهم المرشدون. فلله عظمة هذا لهذه الهمم العالية والمقامات فاجابه الرحيم اللطيف فاخبر بالمانع من نيل هذا المقام فقال لا ينال عهدي الظالمين اي لا ينال الامامة في الدين من ظلم نفسه وضرها وحط قدرها لمنافاة الظلم لهذا المقام فانه مقام الة الصبر واليقين ونتيجته ان يكون صاحبه على جانب عظيم من الايمان والاعمال الصالحة والاخلاق الجميلة والشمائل السديدة والمحبة التامة والخشية والانابة. فاين الظلم وهذا المقام ودل مفهوم الاية ان غير الظالمين سينال الامامة ولكن مع اتيانه باسبابها ثم ذكر تعالى انموذجا باقيا دالا على امة ابراهيم وهو هذا البيت الحرام الذي جعل قصده ركنا من اركان الاسلام. حاطا للذنوب والاثام وفي مآثار الخليل وذريته ما عرف به امامته وتذكرت به حالته فقال اذ جعلنا البيت مثابة للناس اي مرجعا يتوبون اليه لحصول منافعهم الدنيوية والدينية يترددون اليه ولا يقضون منه وطرا. وجعله امنا يأمن به كل احد حتى الوحش وحتى الجمادات كالاشجار. ولهذا كانوا في الجاهلية على شركهم يحترمونه اشد احترام. ويجد احدهم قاتل ابيه في الحرم لا يهيجه فلما جاء الاسلام زاده حرمة وتعظيما وتشريفا وتكريما. اتخذ من مقام ابراهيم مصلى يحتمل ان يكون المراد بذلك المقام المعروف الذي قد جعل الان مقابل باب الكعبة وان المراد بهذا ركعتا الطواف يستحب ان تكون خلف مقام ابراهيم وعليه جمهور المفسرين يحتمل ان يكون المقام مفردا مضافا. فيعم جميع مقامات ابراهيم في الحج. وهي المشاعر كلها من الطواف والسعي. والوقوف عرفة ومزدلفة ورمي الجمار والنحر وغير ذلك من افعال الحج. فيكون معنى قوله المصلى اي معبدا. اي خدوا بي بشعر الحج هذا المعنى اولى بدخول المعنى الاول فيه واحتمال اللفظ له وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان نطهرا بيتي اي اوحينا اليهما وامرناهما بتطهير بيت الله من الشرك والكفر والمعاصي من الرجس والنجاسات والاقذار ليكون للطائف قيل فيه والعاكفين والركع السجود اي المصلين قدم الطواف الاختصاصي بالمسجد الحرام. ثم الاعتكاف لان من شرطه المسجد مطلقا ثم الصلاة مع ان افضل لهذا المعنى. واضاف الباري البيت اليه لفوائد منها ان ذلك يقتضي شدة اهتمام ابراهيم واسماعيل بتطهيره لكونه بيت الله. فيبذلان جهدهما ويستغرقان وسعهما في ذلك ومنها ان الاضافة تقتضي التشريف والاكرام في ضمنهما امر عباده بتعظيمه وتكريمه. ومنها ان هذه اضافة هي السبب الجالب للقلوب اليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. من الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته