اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. واذ اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خدوما. اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون. ثم فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكم كنتم من الخاسرين. ولقد علمتم انتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قربة فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين واذ قال موسى لقومه الله يأمركم ان تذبحوا بقرة قالوا اتتخذنا هزوا؟ قال اعوذ بالله ان اكون هنا من الجاهلين. قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي انها بقرة لا فارض ولا ذكر عوان بين ذلك. فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا ما لونها. قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين. وقالوا ادعوا لنا ربك يبين لنا شاء الله لمهتدون. قال انه يقول انها بقرة لا تلول تثير الارض ولا تسقي حرف مسلمة لا شي فيها قالوا الان جئت بالحق فذبحوها وما كانوا يفعلون ان تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك الله الموتى ويريكم اياته لعلكم تعقلون ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر من هنا وان منها لما يشقق فيخرج منه وان منها لما يهبط من خشية الله بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله سبحانه واذا اخذنا ميثاقكم ورفع ما فوقكم الطور الايات. عاد تبارك وتعالى يوبخ بني اسرائيل بما قال سلفهم فقال واذ اخذنا ميثاقكم الاية اي واذكروا اذ اخذنا ميثاقكم وهو العهد الثقيل المؤكد للتخويف برفع الطول فوقهم وقيل لهم خذوا ما اتيناكم من التوراة بقوة اي بجد واجتهاد وصبر على اوامر الله واذكروا ما فيه اي ما في كتابكم بان تتلوه وتتعلموه. لعلكم تتقون عذاب الله وسخطه. او لتكونوا من اهل التقوى فبعد هذا التأكيد البليغ توليتم واعرظتم. وكان ذلك موجبا لان يحل بكم اعظم العقوبات. ولكن لولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم ذي السبت اي ولقد تقر عندكم حالة حالة الذين اعتدوا منكم في السب وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الاعراف في قوله واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر اذ يعدون في السبت الايات اوجب لهم هذا الذنب هذا الذنب العظيم ان غضب الله عليهم وجعلهم قردة خاسئين حقيرين ذليلين. وجعل الله له وجعل الله هذه العقوبة نكالا لما بين يديها اي لمن حضرها من الامم وبلغه خبرها ممن هو في وقتهم وما خلفها اي من بعدها فتقول على العباد حجة الله وليرتدعوا عن معاصيه ولكنها لا تكن موعظة نافعة الا للمتقين واما من عاداهم فلا ينتفعون بالايات اي واذكروا ما جرى لكم مع موسى حين قتلتم قتيلا فادارأتم فيه اي تدافعتم واختلفتم في قاتله حتى تفاقم الامر بينكم وكاد لولا تبين الله لكم يحدث بينكم شر كبير. فقال لكم موسى في تبين القائل اذبحوا بقرة وكان من الواجب المبادرة الى امتثال امره وعدم الاعتراض عليه. ولكنهم ابوا الى الاعتراض فقالوا اتتخذنا هزوا؟ فقال نبي الله اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين فان الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فيه وهو الذي يستهزئ بالناس واما العاقل فيرى ان من اكبر العيوب المزرية المزرية بالدين والعقل استهزاءه ادمي مثله وان كان قد فضل عليه فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه والرحمة لعباده. فلما قال لهم موسى ذلك علموا ان ذلك صدق. فقالوا ادع ربك يبين لنا ما هي. اي ما سنها؟ قال انه يقول انها بقرة لا فارض اي لا كبيرة ولا بكر اي صغيرة عوان بين ذلك اي متوسطة بين بين السنين المذكورين سابقا وهما الصغر والكبر افعلوا ما تؤمرون واتركوا التشديد والتعنت. قالوا ادعونا ربك يبين لنا ما لونها. قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع كونها اي شديد تسر الناظرين من حسنها. قالوا ادعونا ربك يبين لنا ما هي ان البقرة شابهة علينا. فلم نهتدي الى ما اتريد انا ان شاء الله لمهتدون قال انه يقول انها بقرة لا دليل اي مذللة بالعمل تثير الارض بالحراء ولا تسق الحرث اي ليست بسانية مسلمة من العيوب او من العمل لا شية فيها اي لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم قالوا الان جئت بالحق اي بالبيان الواضح وهذا من جهلهم والا فقد جاءهم بالحق اول مرة فلو انهم اعترضوا اي بقرة لحصل المقصود ولكنهم شددوا بكثرة الاسئلة. فشدد الله عليهم ولو ولو لم يقولوا ان شاء الله لم يهتدوا ايضا اليها فذبحوها اي البقرة التي وصفت بتلك الصفات. وما كادوا يفعلون بسبب التعنت الذي جرى منهم فلما ذبحوها قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها اي بعضو منها اما بعضو معين او اي عضو منها ليس في فائدة فضربوه ببعضها فاحياه الله. اخرج ما كانوا يكتمون. فاخبر بقاتله. وكان في احياءه وهم يشاهدون ما يدل على احياء الله الموتى لعلكم تعقلون. فتنزجرون عما يضركم. ثم قست قلوبكم اي اشتدت وغلظت فلم تؤثر فيها الموعظة من بعد ذلك اي من بعد ما انعم الله عليكم بالنعم العظيمة واراكم الايات ولم يكن ينبغي ان تقسو قلوبكم لان ما شاهدتم مما يوجب رقة القلب والقيادة. ثم وصف قسوتها بانها كالحجارة التي هي اشد قسوة من الحديد لان الحديد والرصاص اذا اذيب في النار ذاب بخلاف الاحجار. فقوله اوشد قسوة اي انها لا تقصر عن قساوة الاحجار وليست او بمعنى بل ثم ذكر فضيلة الاحجار على قلوبهم فقال ان من حجارة لما يتفجر منه الانهار ان منها لما يخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله فبهذه امور فضلت على قلوبكم ثم توعدهم الله تعالى قال اشد الوعيد فقال وما الله بغافل عما تعملون بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها وسيجازيكم على ذلك اما الجزاء واوفى واعلم ايها المستمع الكريم ان كثيرا من المفسرين رحمهم الله قد اكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني اسرائيل ونزلوا عليها الايات القرآنية وجعلوها تفسيرا لكتاب الله محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج والذي انه ان جاز نقل احاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله فانه لا يحوز لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا. اذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك ان مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم فاذا كانت مرتبتها ان تكون مشكوكا فيها وكان من المعلوم بالضرورة من دين الاسلام ان القرآن يجب الايمان به والقطع بالفاظه ومعانيه فلا يجوز ان تجى تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على الظن كذبها او كذب اكثرها معاني لكتاب الله مقطوعا بها ولا يسري بهذا احد. ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته