اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم هل اتاك حديث الغاشية؟ وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ليس لهم طعام الا من ضريع. لا يسمن ولا يغني من جوع وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية فيها عين جارية فيها شرر مرفوعة واكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت؟ والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت؟ والى الارض كيف شطحت؟ فذكر انما انت مذكر. لست عليهم بمسيطر الا ما تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الاكبر ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه هل اتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية. تسقى من عين انية. تذكر تعالى احوال قال يوم القيامة وما فيها من الاهوال الطامة وانها تغشى الخلائق بشدائدها فيجازون باعمالهم ويتميزون الى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير. اخبر عن وصف كلا الفريقين فقال في وصف اهل النار وجوه يوم واذ اي يوم القيامة خاشعة من الذل والفضيحة والخزي عاملة ناصبة اي تاعبة في العذاب تجر على وجوهها وتغشى وجوههم النار. ويحتمل ان المراد بقوله وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا لكونهم في الدنيا اهل عبادات وعمل ولكنه لما عدم شرطه وهو الايمان صار يوم القيامة هباء منثورا. وهذا الاحتمال وان كان صحيحا من حيث المعنى فلا يدل عليه سياق الكلام. بل الصواب مقطوع به هو احتمال هو الاحتمال الاول. لانه قيده بالظرف وهو يوم القيامة. ولان المقصود هنا بيان ذكر اهل للنار عموما وذلك الاحتمال جزء قليل بالنسبة الى اهل النار. ولان الكلام في بيان حال الناس عند غشيان الغاشية فليس فيه تعرض لاحوالهم في الدنيا. وقوله تصلى نارا حامية اي شديدا حرها. تحيط بهم من كل مكان تسقى من عين انية. اي شديدة الحرارة وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه فهذا شرابهم. واما طعامهم فانهم ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع. وذلك لان المقصود من الطعام احد امرين اما ان يسد جوع صاحبه ويزيل عنه المه ويزيل عنه المه واما ان باسمنا بدنه من الهزال. وهذا الطعام ليس فيه شيء من هذين الامرين بل هو طعام في غاية المرارة والنتن والخسة نسأل الله العافية. واما اهل الخير فوجوههم يوم القيامة ناعمة. اي قد جرت عليهم نظرة النعيم. فنظرت واستنارت وجوههم وسروا غاية السرور لسعيها الذي قدمته في الدنيا من الاعمال الصالحة والاحسان الى عباد الله. راضية اذ وجدت ثوابه مدخرا مضاعفا. فحمدت عقباه وحصل لها كل ما تتمناه. وذلك انها في جنة جامعة لانواع النعيم كلها عالية في محلها ومنازلها فمحلها في اعلى عليين ومنازلها ساكن عالية لها غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية. يشرفون منها على ما اعد الله لهم من الكرامة. قطوفها اي كثيرة الفواكه اللذيذة المثمرة بالثمار الحسنة السهلة التناول في حيث ينالونها على اي في حال على اي حال كانوا لا يحتاجون ان يصعدوا شجرة او يستعصي عليهم منها ثمرة. لا تسمعوا فيها اي في الجنة لاغية اي كلمة لغو وباطل. فضلا عن كلام محرم. بل كلامهم كلام حسن نافع اشتملوا على ذكر الله وذكر نعمه المتواترة عليهم. وعلى الاداب الحسنة بين المتعاشرين. الذي يسر القلوب ويشرح الصدور فيها عين جارية وهذا اسمه جنس اي فيها العيون الجارية التي يفجرونها ويصرفونها كيف شاءوا انا ارادوا فيها سرر مرفوعة والسرر جمع سرير وهي المجالس المرتفعة في ذاتها وبما عليها من الفرش اللينة واكواب موضوعة اي اوان ممتلئة بانواع الاشربة اللذيذة قد وضعت بين ايديهم واعدت لهم ما صارت تحت كطلبهم واختيارهم يطوف بها عليهم يطوف بها عليهم الولدان المخلدون. ونمارق مصفوفة اي وسائد من وغيرهما مما لا يعلمه الا الله. قد صفت للجلوس والاتكاء عليها فقد اريحوا عن ان يصنعوها او يصفوها بانفسهم وزرابي مبثوثة وزرابي هي البسط الحسان مبثوثة اي مملوءة بها مجالسهم من كل ثم يقول تعالى حثا للذين لا يصدقون الرسول صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الناس ان يتفكروا في الله. الدالة على توحيده. افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت؟ اي الا ينظرون الى خلقها البديع اذا سخرها الله للعباد وذللها لمنافعهم الكثيرة التي يضطرون اليها والى الجبال كيف نصبت بهيئة حصل بها استقرار الارض وثباتها من اضطراب واودع فيها من المنافع الجليلة ما اودع. والى الارض كيف سطحت اي مدا واسعا وسهلت غاية التسهيل ليستقر العباد على ظهرها ويتمكن من حرثها وغراسها والبنيان فيها وسلوك طرقها واعلم ان تسطيحها لا ينافي انها كرة مستديرة قد احاطت الافلاك فيها من جميع جوانبها كما دل على ذلك النقل والعقل والحس والمشاهدة كما هو مذكور معروف عند كثير من الناس خصوصا في هذه الازمنة التي وقف فيها الناس على اكثر رجائها بما اعطاهم الله من اسباب مقربة للبعيد. فان التسليح انما ينافي كروية الجسم الصغير جدا. الذي لو فتح لم يبقى له استدارة تذكر. واما جسم الارض الذي هو كبير جدا وواسع فيكون كرويا مسطحا ولا يتنافى الامران كما يعرف ذلك ارباب الخبرة. فذكر انما انت مذكر اي ذكر الناس وعظهم وانذرهم. وبشرهم فانك مبعوث لدعوة الخلق الى الله وتذكيرهم ولم تبعث مسيطرا عليهم مسيطرا عليهم مسلطا ولا موكلا باعمالهم اذا قمت بما عليك فلا عليك بعد ذلك لوم. كقوله تعالى وما انت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد فقوله الا من تولى وكفر اي لكن من تولى عن الطاعة وكفر بالله فيعذبه الله العذاب الاكبر اي الدائم ان الينا ايابهم اي رجوع الخلائق وجمعهم في يوم القيامة ثم ان علينا حسابهم على ما عملوا من خير وشر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته