بسم الله الرحمن الرحيم. بسم الله اي ابتدأ بكل اسم لله تعالى. لان لفظ اسم مفرد فيعم جميع الاسماء الحسنى. الله هو المألوه المعبود المستحق لافراده بالعبادة. لما اتصف به من صفات وهي صفات الكمال. الرحمن الرحيم. اسمان دالان على انه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة. التي وسعت كل شيء وعمت كل حي وكتبها للمتقين المتبعين لانبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة. ومن لهم فله نصيب منها. واعلم ان من القواعد المتفق عليها بين سلف الامة وائمتها. الايمان باسماء الله وصفاته الصفات فيؤمنون مثلا بانه رحمن رحيم. ذو الرحمة التي اتصف بها المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها من اثار رحمته. وهكذا في سائر الاسماء. يقال في العليم انه عليم ذو علم يعلم به كل شيء. قدير ذو قدرة ان يقدر على كل شيء الحمد لله هو الثناء على الله بصفات كمال وبافعاله الدائرة بين الفضل والعدل. فله الحمد الكامل بجميع الوجوه. رب العالمين الرب هو المربي في جميع العالمين وهم من سوى الله بخلقه لهم واعداده لهم الالات وانعامه عليهم بالنعم العظيمة التي لو فقد لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة فمنه تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان. عامة وخاصة. فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم. التي فيها بقائهم في الدنيا. والخاصة تربيته لاولياءه فيربيهم بالايمان ويوفقهم له. ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه. وحقيقتها تربية التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر. ولعل هذا المعنى هو السر في كون اكثر ادعية الانبياء بلفظ الرب. فان مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة. فدل قوله رب العالمين على انفراده بالخلق والتدبير والنعم. وكمال غناه وتمام فقر العالمين اليه بكل وجه واعتبار ما لك يوم الدين المالك هو من اتصف بصفة الملك التي من اثارها انه يأمر وينهى ويثيب يعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع انواع التصرفات. واضاف الملك ليوم الدين وهو يوم القيامة. يوم يدان الناس فيه اعمالهم خيرها وشرها. لان في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته. وانقطاع املاك الخلائق حتى انه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والاحرار. كلهم مذعنون لعظمته خاضعون لعزته منتظرون لمجازاته راجون ثوابه خائفون من عقابه. فلذلك خصه بالذكر. والا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الايام اي نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة لان تقديم المعمول يفيد الحصر وهو اثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. فكأنه يقول نعبدك ولا لا نعبد غيرك ونستعين بك ولا نستعين بغيرك. وتقديم العبادة على الاستعانة. من باب تقديم العام على الخاص. واهتماما تقديم حقه تعالى على حق عبده والعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الاعمال والاقوال الظاهرة والباطنة الاستعانة هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار. مع الثقة به في تحصيل ذلك. والقيام بعبادة الله الاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الابدية والنجاة من جميع الشرور. فلا سبيل الى النجاة الا بالقيام بهما. وانما تكون العبادة عبادة اذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. مقصودا بها وجه الله فبهذين الامرين تكون عبادة. وذكر استعانة بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته الى الاستعانة بالله تعالى. فانه ان لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الاوامر واجتناب النواهي. ثم قال تعالى اهدنا الصراط المستقيم اي دلنا وارشدنا ووفقنا الى الصراط المستقيم. وهو الطريق الواضح الموصل الى الله والى جنته. وهو معرفة الحق العمل به فاهدنا الى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية الى الصراط لزوم دين الاسلام. وترك ما سواه من الاديان. والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من اجمع الادعية وانفعها للعبد. ولهذا وجب على ان يدعو الله به في كل ركعة من صلاته. بضرورته الى ذلك. وهذا الصراط المستقيم هو صراط الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم وغير الصراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال كالنصارى فهذه السورة على ايجازها قد احتوت على ما لم تحتوي عليه سورة من سور القرآن. فتضمنت انواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية يؤخذ من قوله رب العالمين. وتوحيد الالوهية وهو افراد الله بالعبادة. يؤخذ من لفظ. الله ومن قوله اياك نعبد واياك نستعين وتوحيد الاسماء والصفات وهو اثبات صفات الكمال لله تعالى التي لنفسه واثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه. وقد دل على ذلك لفظ الحمد كما تقدم وتضمنت اثبات النبوة في قوله اهدنا الصراط المستقيم. لان ذلك ممتنع بدون الرسالة. واثبات الجزاء على الاعمال في قوله مالك يوم الدين وان الجزاء يكون بالعدل. لان الدين معناه الجزاء بالعدل. وتضمنت اثبات قدر وان العبد فاعل حقيقة خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع اهل البدع والضلال. في قوله اهدنا الصراط المستقيم لانه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك. وتضمنت اخلاص الدين لله على عبادة واستعانة. في قوله اياك نعبد واياك نستعين. فالحمد لله رب العالمين