الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وحياكم الله جميعا حيثما كنتم ومرحبا بكم مجددا مع المحاضرة السابعة من تفسير سورة فصلت مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون نعم ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. اي وما كنتم تستخفون عند ارتكابكم المعاصي مخافة ان تشهد عليكم جوارحكم مخافة ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جنودكم. كنتم مطمئنين ايه؟ الى هذا. لكن ظننتم بارتكابكم المعاصي ان الله يخفى عليه امركم وانه لا يعلم كثيرا من اعمالكم التي تعصونه بها فهذا ما تقوله اعضاؤهم وجلودهم حين يلومونها على الشهادة عليهم لتقول له ما كنتم تكتمون منا الذي كنتم تفعلون بل كنتم تجاهدون الله بالكفر والمعاصي ولا تبالون منه في زعمكم لانكم كنتم لا تعتقدون انه يعلم جميع افعالكم ولهذا قال تعالى يعني ان وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم هذا الزن الفاسد اعتقادكم ان الله تعالى لا يعلم كثيرا مما تعملون هو الذي اتلفكم وارداكم واهلككم واوردكم موارد الهلكة والبوار فاصبحتم من الخاسرين في مواقف يوم القيامة قل ان الخاسرين من الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة في حديث عبدالله رضي الله عنه قال كنت مستترا باستار الكعبة. فجاء ثلاثة نفر قرشي وثقافيان كثير شحم بطونهم قليل قلوبهم فتكلموا بكلام لم اسمع. فقال احدهما اترون ان الله يسمع كلامنا هذا بل الاخر اذا رفعنا اصواتنا سمع واذا لم نرفعه لم يسمع. فقال الاخر ان سمع منه شيئا سمعه كله فزكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى قوله وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلود ولا جنودكم. ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين فان يصبروا فالنار مثوى لهم. وان يستعتبوا فما هم من المعتبين و النبي صلى الله عليه وسلم يخبر انكم تدعون يوم القيامة مفدما على افواهكم بالفداء فاول شيء يبين عن احدكم فخذه وكفه. في حديث معاوية بن حيدة القشيري يقول اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما اتيتك حتى حلفت اكثر من عدد الانامل الا اتيك ولا اتي دينك فقد اتيتك امرؤا لا اعقل شيئا الا ما علمني الله واني اسألك بوجه الله العظيم بما بعثك ربك الينا؟ فقال بدين الاسلام وقلت وما دين الاسلام؟ قال ان تقول اسلمت وجهي لله وتخليت وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وكل مسلم على مسلم محرم اخوان نصيران لا يقبل الله ممن اشرك بعدما اسلم عملا حتى يفارق المشركين ما لي امسك بحجزكم عن النار الاوان ربي داعيا وانه سائلي. هل بلغت عبادي؟ فاقول ربي قد بلغت الا فليبلغ شاهدكم غائبكم الا ثم انكم تدعون مفدمة افواهكم بالفدام ثمان اول شيء ينبئ عن احدكم لفخذه وكفه فقلت يا رسول الله هذا ديننا؟ قال هذا دينك. واينما تحسن يكفيك لكن ما هو الفدام ما يشد على فم الابريق او الكوزم من خرقة لتصفية الشراب ما يشد على فم الابريق او الكوز من خرقة لتصفية الشراب اي انهم يمنعون الكلام بافواههم حتى تتكلم جوارحهم فشبه ذلك بالفدام ثمان اول شيء ينبئ عن احدكم لفخذه وكفه اي اعضاؤه تتكلم وتشهد عليه بما فعل يوم ثم تشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون. معاوية ابن حيدة يقول قلت يا رسول الله هذا ديننا؟ قال هذا دينك. اي هذا ملخص دين الاسلام فامن به واينما تحسن يكفيك اي في اي وقت او مكان او عمل تحسن فيه يكون كافيا لك نعم وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم النبي صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى انا مع عبدي عند ظنه بي وانا معه اذا دعاني ثم افطر الحسن ينظر في هذا فقال الا انما عمل الناس على قدر فظونهم بربهم. فاما المؤمن فاحسن الظن بربه فاحسن العمل واما الكافر والمنافق فأساء الظن بالله فأساء العمل ثم قال قال الله تعالى وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم الى قوله تعالى وذلكم ظنكم الذي ضمنتم بربكم ارداكم في حديث جابر لا يموتن احد منكم الا وهو يحسن يحسن بالله الظن فان قوما قد ارداهم سوء ظنهم بالله. فقال تعالى وذلكم ظنكم الذي ضمنتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين حسن الظن بالله تعالى قوة اليقين بما وعد الله به عبادا من سعة كرمه ورحمته ورجاء حصول عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى انا عند ظن عبدي بي. القاضي عياض رحمه الله يقول قيل مع بالغفران له اذا استغفرني والقبول اذا اناب الي والاجابة اذا دعاني والكفاية الى استكفاني. لان هذه الصفات لا تظهر من اللعب الا اذا احسن ظنه بالله وقوى يقينه ايضا حسن الظن باجابة الدعاء يكون بقوة اليقين بان الله يجيب الداعي حيث قال واذا سأل لك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون اذا تأخر جوابه لا يقنط من رحمة الله وسعة كرمه. فان في القنوط سوء ظن بالله تعالى وهو امر محرم كما قال تعالى ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. وقال تعالى ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وسوء الظن هذا مانع من الاجابة. يستجاب لاحدكم ما لم يعجل. يقول دعوت فلم يستجب لي اذا تأخر جواب دعوته احسان ظنه بالله تعالى ان يرجو ان الله تعالى قد خار له في ذلك. وقبل له ما هو خير لا ففي حديث ابي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيع اترحم الا اعطاه الله بها احدى ثلاث اما ان تعجل له دعوته او ان يدخرها له في الاخرة او ان يصرف عنه من السوء مثلها قالوا اذا نكثر؟ قال الله اكثر. الله اكثر ابن القيم رحمه الله يقول الراجي الذي يرجو رحمة الله ليس معارضا ولا معترضا بل راغبا راهبا مؤمنا لفضل ربه محسن الظن به متعلق الامل ببره وجوده عابدا له باسمائه. المحسن البر المعطي الحليم الغفور الجواد الوهاب الرزاق والله يحب من عبده ان يرجوه ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به ايضا من حسن الظن بالله تعالى الا يعترض على ربه في عدم تحقق عند عدم تحقق المطلوب لعل الخير له في عدم تحقق مطلوبه ولعله قد اعطي بدعوته ما هو افضل له من مطلوبه وهو لا يشعر مع الكلمة الجميلة لابن القيم الذي ينافي الرضا انه يلح على ربه متحكما عليه متخيلا عليه ما لم يعلم هل يرضيه ام لا كمن يلح على ربه في ولاية الشخص او اغنائه او قضاء حاجته. هذا ينافي الرضا لانه ليس على يقين ان مرضات الرب في ذلك وفي المقابل على الداعي اذا تأخرت استجابة دعوتي ان يسيء الظن بنفسه فيفتش في نفسه لعله دعا باثم او بقلة يقين واخلاص او تلبس بامر محرم يمنع اجابة الدعاء كاكل الحرام ايضا حسن الظن بالله سبحانه وتعالى ان يعفو عنه ان يدخله جنته ان ينجيه من عذابه هذا له حلال في حال الحياة وتمام العافية. او عندما تنزل به مصيبة الموت اذا كان في حال لم ينقطع امل العبد من الحياة. وليس هو على فراش الموت فحسن الظن هذا ينفع صاحبه اذا صاحبه الخوف من عذابي فاجتنب معاصيه واحسن العمل بطاعته على رجاء من الله ان يتقبل الله منه وان يعطيه ابن القيم يقول ولا ريب ان حسن الظن انما يكون مع الاح فان المحسن حسن الظن بربه ان يجازيه على احسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته اما المسيء المصر على الكبائر والظلم فان وحشة المعاصي والظلم والاجرام تمنعه من حسن ظن بربه وهذا موجود في الشاهد فان العبد الابق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به واحسن الناس ظنا بربه اطوعهم له كما قال الحسن البصري ان المؤمن احسن الظن بربه فاحسن العمل. وان الفاجر اساء الظن بربه فأساء العمل يقول فتأمل هذا الموضع وتأمل شدة الحاجة اليه وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بانه ملاقي الله وان الله يسمع كلامه ويرى مكانه ويعلم سره وعلانيته. ولا يخفى عليه خافية من امره. وانه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل وهو مقيم على مساخطه مضيع لاوامره معطل لحقوقه وهو مع هذا يحسن للظن به. هل هذا الا من خداع نفوس وغرور الاماني هل هذا الا من خداع النفوس وغرور الاماني ومن تأمل هذا الموضع علم ان حسن الظن بالله انما هو حسن العمل نفسه فان العبد انما يحمله على حسن العمل ظنه بربه ان يجازيه على اعماله وان يثيبه عليها وان يتقبلها منه فحسن الظن انما يكون مع انعقاد اسباب النجاة واما مع انعقاد اسباب الهلاك فكيف يتأتى حسن الظن؟ اسأل الله لي ولكم العافية ان الله جل جلاله يقول ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله. اولئك يرجون رحمة والله غفور رحيم. فجعل هؤلاء اهل الرجاء للبطالين والفاسقين. وقال تعالى ثم ان ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا. ان ربك من بعدها لغفور رحيم فاخبر انه بعد هذه الاشياء غفور رحيم لمن فعلها. فالعالم يدع الرجاء في موضعه. والجاهل المغتر يضعه في غير موضعه الحالة الثانية ازا نزلت مصيبة الموت اذا كان العبد على فراش الموت ينبغي ان يغلب جانب حسن الظن بالله تعالى لان وقت العمل قد ولى ولم يبقى له الا هذا الرجاء. يقول النووي رحمه الله معناه حسن الظن بالله تعالى ان يظن انه يرحمه ويعفو عنه قالوا وفي حالة الصحة يكون خائفا راجيا ويكونان سواء وقيل يكون الخوف ارجع فاذا دنت امارات الموت غلب الرجاء او محضة لان مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح والحرص على الاستكثار من الطاعات والاعمال. وقد تعذر ذلك وولى زمانه او معظمه في هذا الحال استحب احسان فاستحب احسان الظن المتطمن للافتقار الى الله تعالى والاذعان له يبعث كل عبد على ما مات عليه حديس جابر ابن عبدالله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة ايام يقول لا يموتن احد الا وهو يحسن الظن بالله عز وجل ان يظن كما قال النووي ان الله يرحمه ويرجو ذلك واه دبر الايات والاحاديث الواردة في كرم الله تعالى وعفوه ورحمته وما وعد به اهل التوحيد وما ينشره من الرحمة لهم يوم القيامة طيب فان يصبروا فالنار مثوى لهم وان يستعتبوا فما هم من المعتدين. اي سواء عليهم صبروا ام لم يصبروهم في النار لا محيد لهم منها ولا لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها. وان طلبوا ان يستعتبوا ويبدوا اعذارا فما لهم اعذار ولا تقال لهم عثرات اي ان سألوا الرجعة الى الدنيا فلا جواب لهم اذاك قوله تعالى اخبارا عنهم قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون. قال اخسئوا فيها ولا تكلموا نعم ان يصبروا فالنار مثوى له النار التي لا يمكن الصبر عليها وكيف الصبر على نار قد اشتد حرها وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفا وعظم غليان حميمها وزاد نثر صديدها وتضاعف برد زمهريرها وعظمت سلاسلها واغلالها وكبرت مقامعها وغرز خزانها وزال ما في قلوبهم من رحمتهم. وختام ذلك سخط الجبار وقوله لهم حين يدعونه ويستغيثون فيها ولا تكلمون وان يستعتبوا ان يطلبوا ان يزال عنهم العتب ويرجعوا الى الدنيا ليستأنفوا العمل. فما هم من المعتدين ذهب وقت هذا لقد عمروا ما يتذكر فيه من تذكر وجاءهم النذير فانقطعت حجته مع ان هذا الاستعتاب كذب منهم كما قال تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون فان يطلب الرضا عنهم فما هم من المرضي عنهم. وانما هم من المغضوب عليهم وان يطلب منا الرجوع الى ما يرضينا بان نعيدهم الى الدنيا فما هم من المجابين الى ذلك. وكلمة العتم رجوع المعتوب عليه الى ما يرى العاتب ويرضيه شعره يقول فان اكو مظلوما فعبدا ظلمته. وان تكذا عتب فمثلك يعتب فالمعنى على جميع الوجوه ان حاصل امرهم انهم قد زج بهم في النار فان صبروا واستسلموا فهم باقون في النار. وان اعتذروا لم ينفعهم العذر ولم يقبل منهم تنصل اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك اللهم اختم لنا بالباقيات الصالحات اعمالنا اللهم وفقنا الى توبة قبل الموت ترضى بها عنا يا رب العالمين الهي لست للفردوس اهلا ولا اقوى على نار الجحيم الهي توبة واغفر ذنوبي فانك غافر الذنب العظيم اخوتي واخواتي نكتفي بهذا القدر في التعليق على هذه الايات على امل اللقاء بكم في حلقة قادمة لا نلتقي استودعكم الله تعالى وسلام الله عليكم ورحمته