بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اصبحنا واصبح الملك لله والحمد لله لا اله الا هو واليه النشور اللهم انا اصبحنا منك في نعمة وعافية وستر فاتم علينا نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والاخرة اللهم ما اصبح بنا من نعمة او باحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم انا اصبحنا نشهدك ونشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك انك انت الله. لا اله الا انت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك. اما بعد فهذه متابعة في سلسلة يسألونك عن الشريعة في حلقتها التاسعة موضوع هذه الحلقة صلاحية الشريعة في كل زمان ومكان بل ان شدت تعبير الادق لا يصلح الزمان ولا يصلح المكان الا بشريعة الله عز وجل الا يعلم من خلق ان الله يعلم وانتم لا تعلمون في اطار مسلسل الهجوم الذي يتولى كبره خصوم الشريعة كان الحديث عن هذه القضية لقد تواصل قومه فيما بينهم بضرب مرتكزات الشريعة وثوابتها بما سموه الحل الهجومي الايجابي يقصدون بهذا عندما يواجهون الشريعة وعندما يواجهون دعاتها لا ينبغي ان يركزوا على فرعيات او جزئيات بل ينبغي ان يعملوا مباشرة الى الثوابت والمرتكزات. من بين هذه المرتكزات الذي توجهت سهامهم اليها واجلبوا عليها بخيلهم ورجلهم مسألة صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ماذا يقولون انهم يزعمون يقولون اذا سلمنا ان الشريعة قد ادت دورها ابان البعثة وفيما تلى ذلك من القرون في صيانة المجتمع يومئذ في الوفاء بحاجته البسيطة هل تصلح اليوم للوفاء بحاجات زماننا ومجتمعاتنا المعاصرة؟ على تشابكها وعنا تنوعها وعلى بلوغها الغاية في التعقيد والتطور ثم يردفون فيقولون ان جوهر الانسان كالتغير وان جوهر الشريعة ثبات فكيف للقوالب التشريعية الثابتة التي لبت حاجات القرون الاولى ان تلبي حاجات هذا القرن الذي فجروا الذرة وغزى الفضاء ان النصوص التشريعية محدودة متناهية حاجات الانسان غير محدودة وغير متناهية. فانى للمحدود او للمتناهي ان يحكم اللامحدود واللا متناهي وان يفي بحاجاته ثم يردفون فيقولون اليس من الاحفز والاصون للشريعة ان نصونها تراثا مقدسا نذكره بكل الاكبار كظاهرة تاريخية فزة ثم ننطلق بعد ذلك نقيم بناءنا التشريعي المعاصر من وحي حاجاتنا المعاصرة بعيدا عن التقيد بهذه الظاهرة التاريخية وبهذا نصون تراثنا من العبث ونحرر مسيرتنا من الجمول والاسر كذلك يزعمون فما هو تعليقنا على تلك المزاعم ابتداء ما كان لاحد يتصور ولا في كابوس في ليلة شاتية شديدة الزلمة ان تكون هذه الحقيقة البديهية الجلية الواضحة موضع ريبة او جدل في خاطري او في عقلي او في قلبي احد يؤمن بالله واليوم الاخر ان الله جل جلاله يقول وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله اني اعدكم بواحدة ان تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكرون ثم تتدبر في هذه الاسئلة هل ختمت الرسالات حقا بمحمد صلى الله عليه وسلم ان الله جل جلاله تولى الاجابة عن ذلك بنفسه ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فاحسنه واجمله الا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فانا اللبنة وانا خاتم النبيين صلوات ربي وسلامه عليه السؤال الثاني هل اوجب الله الحكم بشريعته وحذر من العدول عنها او التحاكم الى غيرها الجواب عن هذا تولاه الله بنفسه في قوله في مثل قوله تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك فان تولوا فاعلم ان ما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم. وان كثيرا من الناس لفاسقون الله جل جلاله يقول يقسم بذاته المقدسة فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما السؤال الذي بعد هذا هل نسخت هذه النصوص التي تلزم بهذه الشريعة وتوجب الحكم بها وتنفي الايمان عمن خالفها الجواب عن هذا هو النفي القاطع لان النسخ لا يكون الا في زمن البعثة لان هذا هو الحق الذي ليس لاحد من دون الله ولا سبيل اليه الا بالوحي المعصوم وقد اكمل الله لنا الدين واتم الله علينا النعمة واحكم اياته. وتعبدنا بها الى قيام الساعة. تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي السؤال التالي هل يعنت الله عباده بتتليفهم ما لا يطيقون او يلزمهم بما تضطرب به امورهم فيفتنون او يتعبدهم بما يحول بينهم وبين التمكين في الارض فيغلبون على امرهم ويقهرون ايليق بالحكم العدل اللطيف الخبير ان يلزم اولياءه وعباده الصالحين بما يشقون به في دنياهم ويقعد بهم عن الوفاء بمصالحهم ويهوي بهم الى اغوار قصية من التخلف والتبعية وهو الذي اخبر عن نفسه بانه ارحم بعباده من الوالدة بولدها الجواب عن هذا هو النفي القاطع الذي يعرفه ويجزم به كل من عرف ربه وهدي الى تدبر اياته وفقه عن الله قوله فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى اذا استقرت هذه المعالم وتلك الحقائق استقر في ضمائرنا في عقولنا في قلوبنا في وجداننا. نعم خلود هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان يقول صاحبي محاوري لكن لا تزال الاشكالية قائمة لم تجب على الاشكالية ان الشريعة جوهرها الثبات وان الانسان جوهره التغير فضلا عن محدودية النصوص وعدم محدودية الحوادث التي يفترض ان تحكمها هذه النصوص الجواب عن هذا ان الزعم بان الشريعة جوهرها الثبات وان الانسان جوهره التغير يعد تغافلا عن حقيقة الشريعة وعن حقيقة الانسان الشريعة ثابتة في كل احوالها ولا الانسان متغير في كل شؤونه الشريعة منها ما هو ثابت محكم وهو القطعيات ومواضع الاجماع ومنها ما هو متغير نسبي وهو الظنيات وموارد الاجتهاد بل ان منها منطقة العفو التشريعي التي احالت فيها الى التجارب والى المصالح في اطار من قواعد الشرع الكلية ومقاصده العامة الشريعة لها في هذا المنهج اجمال ما يتغير وتفصيل ما لا يتغير فالصلاة في القول في باب العقائد في باب العبادات يبقى باحكام الاسرة اجملت القول في كثير من المعاملات التي تتجدد فيها الحاجات وتكثر فيها المتغيرات فاكتفت في هذه الناحية بايراد المبادئ العامة والاطر الكلية تاركة للخبرة البشرية ان تتصرف في حدود هذه الاطر مما يحقق المصلحة ويدفع الحاجة مثلا جعلت في باب المعاملات الاصل في العقود والشروط الحل الاصل في العقود كلها وفي الشوط كلها الحل الا ان ياتي نص يدل على التحريم في الوقت الذي قرت فيه ان العبادات توقيفية الاصل فيها المنع حتى يأتي ما يدل على الحل لقد امت الشريعة مثلا بالشورى واكدت عليها لكنها احالت في اساليبها وفي وسائلها الى الخبرة والتجربة لان هذه الاساليب وتلك الوسائل مما يتجدد بتجدد الزمان وبتطور الحاجات الشريعة جعلت السلطة للامة تمارس بها حقها في تولية حكامها وفي الرقابة عليهم بل وفي عزلهم عند الاقتضاء. لكنها احالت في وسائل ذلك واساليبه الى التجارب البشرية. لم تلزم بشكل معين قد تتجاوزه ظروف الزمان فلا يفي بالحاجة ولا يحقق الغضب لكنها لما امرت بالصلاة والصيام والحج فصلت القول في ذلك تفصيلا دقيقا فصلى رسول الله امامنا صلى الله عليه وسلم وقال صلوا كما رأيتموني اصلي. وحج امامنا وقال يا ايها خذوا عني مناسككم وجعل كل محدثة في ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار اما ما يزعم من تغير الانسان فان هذا ليس على اطلاقه من شئون الانسان ما هو ثابت ومنها ما هو متغير متجدد ان الغرائز الفطرية وان الحاجات الاساسية للانسان ثابت محكمة سوف يظل الانسان ما بقي الليل والنهار مهما تغير الزمان والمكان في حاجة الى عقيدة يعرف بها سر وجوده ويعرف بها اتصاله بخالقه الى عبادات تزكي روحه وتطهر قلبه الى اخلاق تقوم سروره وتهذب نفسه الى شرائع تقيم موازين القسط بينه وبين غيره فالذي يتغير في الانسان العرض وليس الجوهر الصورة وليس الحقيقة لقد تعامدت نصوص الشريعة مع الانسان على هذا الاساس. ففصلت له القول في الثابت الذي لا يتغير من حياته وسكتت او اجملت فيما شأنه التغير والتجدد صنع الله الذي اتقن كل شيء الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ثم لماذا نجهد انفسنا في افلتي هذه البديهية وبين ايدينا شهادة الواقع العملي ناطقة بما نقول. الم تطبق الشريعة؟ الم تطبق الشريعة زهاء ثلاثة عشر قرنا من الزمان وحققت لهذه الامة في ظلها اقصى ما تصبو اليه امة من الامم في هذه الدنيا من العزة والتمكين لقد مثلت العالم الاول على مسرح الكون باكثر من عشرة قرون كاملة ثم تراجعت الشريعة عن المرجعية والحاكمية فتراجعت الامة عن الريادة وعن تبوئها في قيادة الموكب البشري لكي تصبح كما مهملا في ذيل قافلة العبيد ثم العجيب ان تتهم الشريعة بالجمود وعدم الصلاحية من قبل فريق من جلدتنا ممن يتكلمون بالسنتنا في الوقت الذي نرى فيه من فلاسفة الغرب ومن اساتذة القانون فيه واصحاب الرأي فيه من يشيد بهذه الشريعة ويشهد لها بالخلود وبالمرونة وبالحيوية وبالتفوق في في اسبوع الفقه الاسلامي الذي عقد فيه في باريس منذ فترة طويلة قدمت فيه بحوث فقهية لم يلبث احد الحضور وكان نقيبا للمحامين ان اعلن دهشته وعجبه قائدا. انا لا اعرف كيف اوفق بين ما كان يحكى لنا عن جمود الفقه الاسلامي وعدم صلاحيته اساسا تشريعيا يفي بحاجات المجتمع العصري متطور وبينما نسمعه الان في المحاضرات ومناقشاتها مما يثبت خلاف ذلك تماما ببراهين نصوص والمبادئ والحق ما هي شهدت به الاعداء لقد تفردت الشريعة بعلم اصول الفقه الذي دون اصوله الشافعي رحمه الله وانضجه الائمة من بعده وهو علم يضبط عملية استنباط الاحكام الشرعية من الادلة التفصيلية. يحول بينها ويحول بين الامة وبين الجمود من ناحية وبين التحلل وخلع الرقة من ناحية اخرى ان ادلة الشريعة الكثير فيما لا نص فيه فالاستحسان والاستصحاب والعرف والمصالح المرسلة راعية الضرورات والاعذار والظروف الاستثنائية تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والاحوال الى غير ذلك. من قواعد الرشد والحيوية في هذه الشريعة خالدة على ان يتم هذا. في اطار منضبط من الاجتهاد الشرعي وليس باطلاق العنان للاهواء والاسترسال مع دعوات التغريب تحت شعار التقدم والتجديد والاستنارة حتى لا يستباح حرم الشريعة امام كل دعي جهول على سبيل المثال اذا نظرنا الى القياس كمصدر كاصل اه اه كمعلم من معالم التشريع تستطيع ان تجيب كيف تحكم النصوص المحدودة غير المحدود وغير المتناهي من الحوادث القياس معناه الحاق ما لا نص فيه على ما فيه نص باتحادهما في العلة الله جل وعلا قال فاعتبروا يا اولي الابصار حدثنا في اول سورة الحشر هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحج. ما ظننتم ان يخرجوا؟ وظنوا انهم مانعات تشوفهم حصونهم من الله. فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. وقذف في قلوبهم الرعب. يخربون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين فاعتبروا يا اولي الابصار لقد اخذ اهل العلم من هذه الاية حجية القياس من بين ما اعتمدوا عليه في حجية القياس لا تفعلوا مثل فعلهم لكي لا يصيبكم مثل ما اصابهم. فاعتبروا يا اولي الابصار النبي صلى الله عليه وسلم جاءه من يقول له يا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم شهر فاقضه عنها فقال لو كان على امة دين اكنت قاضيه عنها؟ قال نعم. قال فدين الله يحق ان يقضى قياس مرة تانية يا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم شهر. افأقضيه عنها؟ فقال لو كان على امك دين اكنت قاضيه عنها؟ قال نعم. قال فدين الله احق ان يقضى ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عندما سأله عن القبلة للصائم فقال ارأيت لو مضمضت من الماء وانت صائم فقلت لا بأس بي. قال فما؟ تمام هذه من جنس تلك فقاس القبلة على المضمضة بجامع ان الكل مقدمة للفطر وعندما تغوص في اعماق الشريعة وتبحر بحثا عن جواهرها وعن وعن لآلئها ستقف على العجب العجاب لكن بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتيهم تأويله فاعتبروا يا اولي الابصار اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق باذنك. انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وصحبه وسلم سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك