بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وحياكم الله جميعا حيثما كنتم. ومرحبا بكم مجددا مع المحاضرة الثانية عشرة من محاضرات تفسير سورة يونس مع قول الله جل جلاله بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين يخبر الله جل جلاله عن عموم علمه وعن عموم مشاهدته وعن عموم اطلاعه على جميع احوال عباده لا تخفى عليه خافية لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وما تكون في شأن اي شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين اليه يرد علم الساعة وما تخلو من ثمرات من اكمامها وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه ويوم يناديهم اين شركائه قالوا اذناك ما منا من شهيد وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص ان الله جل وعلا صاحب العلم صاحب العلم المحيط بكل شيء يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون يعلم الموجود والمعدوم. يعلم الممكن والمستحيل عالم بعباده باجالهم بارزاقهم باحوالهم بحركاتهم بسكناتهم. بشقاوتهم بسعادتهم من منهم من اهل الجنة ومن منهم من اهل النار من قبل ان يخلقهم ومن قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف الملك الموكل بالارحام يؤمر بكدب اربعة المال برزقه وعمله واجره وشقي او سعيد عالم الغيب والشهادة وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لا تأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلى علموا بمن اتقى جل جلاله. بل يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون. كما قال تعالى ولو اننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اولاد المشركين فقال الله اعلم بما كانوا عاملين الله اعلم بما كانوا عاملين. سبحانه وتعالى وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل صغيرا كان هذا العمل او كبيرا الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وقت شهوعكم فيه او استمراركم على العمل به فراقبوا الله في اعمالكم ادوها على وجه النصيحة والاجتهاد فيها. واياكم ما يسخط الله عز وجل لانه مطلع عليكم عالم بظواهركم وببواطنكم. اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا ان ما تخفي عليه يغيب احصاه الله ونسوه احصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد يا من يرى مد البعوض جناحه في ظلمة الليل البهيم الاليم ويرى مناط عروقها في نحرها. والمخ في تلك العظام النحلي امن علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الاول وما يعزب عن ربك اي ما يغيب عن علمه وسمعه وبصره ومشاهدته من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك وده اكبر الا في كتاب مبين تحدثت الاية عن مرتبتين من مراتب الايمان بالقدر. العلم والكتابة وكثيرا ما يقرن الله جل وعلا بينهما الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير يقرب من العلم والكتابة جل جلاله. ففي حديث عبدالله ابن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وعرشه عن الماء. حديث عبادة بن الصامت ان اول ما خلق القلم فقال اكتب وقال ما اكتب؟ فقال اكتب القدر ما كان وما هو كائن الى الابد اكتب القدر ما كان وما هو كائن الى الابد واللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه مقادير الخلائق سماه القرآن بالكتاب المبين وبالامام المبين وبالكتاب المستور وباللوح المحفوظ. بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ وكل شيء احصيناه في امام مبين والطور وكتاب مستور في رق منشور وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم. يمحو الله ما يشاء ويثبت. وعنده ام كتاب اللهم اهدنا سواء السبيل. وقد قال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء. والكتاب هنا هو اللوح المحفوظ. ولقد كتبنا لا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون فاخبر ان هذا مكتوب مستور في الكتب الشرعية والقدرية كائن لا محالة كائن لا محالة وما من غائبة في السماء والارض الا في كتاب مبين. الا في كتاب مبين وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن وما تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربكم من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين آآ في حديثي عن ابي حفصة ان عبادة ابن الصامت قال لابنه يا بني انك لن تجد طعم حقيقة الايمان حتى تعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب. فقال يا ربي وماذا اكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات على غير هذا فليس مني من مات على غير هذا فليس مني نعم ثم يأتي بعد هذا قول الله سبحانه الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا يخب الله عن اوليائه واحبابه واصفيائه ويذكر اعمالهم واوصافهم وثوابهم جل جلاله الا ان اولياء الله لا خوف عليهم فيما يستقبلونه مما امامهم. من المخاوف والاهوال ولا هم يحزنون على ما اسلفوا لانهم لم يسلفوا الا صالحا اعمال واذا كان ذلك يعني كذلك فقد ثبت لهم الامن والخير الكثير الذي لا يعلم مداه الا الله وصفهم الايمان والتقوى الذين امنوا اركان الايمان الستة المعروفة الايمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الاخر والقدر ثم صدقوا ايمانهم بالتقوى بامتثال الاوامر واجتناب النواهي وكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة اولياء الله هم اهل الايمان والتقوى الذين يراقبون الله في شؤونهم كلها يلتزمون اوامره ويجتنبون نواهيه عز وجل لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. كان السلف يقولون اولياء الله الذين اذا رووا ذكر الله اذا رأيته اذا نظرت الى وجوههم ذكرت الله عز وجل بحديث ابي هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم ان من عباد الله عبادا يغبطهم الانبياء والشهداء فقيل من هم يا رسول الله؟ لعلنا نحبهم قال هم قوم تحابوا في الله من غير اموال ولا انساب. وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون اذا خاف الناس ولا يحزنون اذا حزن الناس. ثم قرأ الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والولاية متفاوتة بحسب ايمان العبد وتقواه. فكل مؤمن له من ولاية الله وقربه ومحبته نصيب. لكنه يتفاوت بتفاوت الاعمال الصالحة. القلبية والبدنية في حديث البخاري يقول الله جل جلاله من عادى لي وليا قد بارزني بالمحاربة ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به. وبصره الذي الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبيبصر وبيبطش وبيمشي. ولئن سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه. وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته الذين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة. لا تبديل لكلمات الله البشرى في الحياة الدنيا. ما هي البشارة الدنيوية الثناء الحسن المودة في قلوب المؤمنين الرؤيا الصالحة وما يراه العبد من لطف ربه وتيسيره لاحسن الاعمال والاخلاق وصرفه عن مساوئها ان الله تعالى اذا احب عبدا دعا جبريل. فقال اني احب فلانا فاحببه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء ان الله يحب فلانا فاحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول في الارض واذا ابغض عبدا دعا جبريل فقال اني ابغض فلانا فابغضه فابغضه جبريل ثم ينادى في اهل السماء ان الله يبغض فلانا فابغضوه ثم توضع له البغضاء في الارض طب ما هي البشارة الاخروية قال عند قبض ارواحهم اولها لان القبر الموت اول منازل الاخرة ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون ثم في القبر يبشر بما يبشر به من رضا الله عز وجل والنعيم المقيم حيث يفتح له باب الى الجنة يدخل عليه من طيبها ونعيمها وروحها ما شاء الله. ثم يفسح له في قبره مد البصر ثم يأتيه رجل طيب الثياب طيب الريح حسن الوجه. يقول من انت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول انا هملوك الصالح فيقول ربي اقم الساعة حتى ارجع الى اهلي واولادي. ثم تمام البشرى بدخول جنات النعيم الحسنى والنجاة من العذاب الاليم ثم الزيادة الذين احسنوا الحسنى وزيادة النظر الى وجه الله عز وجل لا تبديل لكلمات الله بل ما وعد به فهو وحق لا يمكن تغييره وتبديله لانه الصادق في قيله ومن اصدق من الله قيلا ومن اصدق من الله حديثا لا يقدر احد ان يخالفه فيما قضاه وقدره فهو الفعال لما يريد جل جلاله. ذلك هو فوز العظيم لانه اشتمل على النجاة من كل محذور والظفر بكل محبوب مطلوب فالبشرى شاملة لكل خير وثواب ورتبه الله في الدنيا والاخرة على الايمان والتقوى. ولهذا اطلق ذلك فلم يقيد. ثم نختم بقول الله تعالى ولا يحزنك قولهم ان العزة لله جميعا هو السميع العليم. لا يحزنك قول المكذبين فيك من الاقوال. التي يقدحون بها فيك وفي دينهم وفي دينك فان اقوالهم لا تعزهم ولا تضرك شيئا هذه تعزية من الله لنبيه ولكل من يمشون على مواقع اقدام نبيه على مدى الزمان وعلى مدى المكان ولا يحزن كقول فقد تسمع من التجريح والقدح والسلب والعيب ما يضيق به صدرك وما تضطر به نفسك هذه تعزية من الله جل وعلا لنفوس المحبين له جل جلاله. السالكين طريقه ولا يحزنك قوله ان العزة لله جميعا يؤتيها من يشاء ويمنعها ممن يشاء. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ليطلبها بطاعته بدليل قوله جل جلاله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ولما كنت على طاعة الله فان العزة لك ولاتباعك من الله جل جلاله. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ثم قال تعالى هو السميع العليم ان سمعه قد احاط بجميع الاصوات لا يخفى عليه شيء منها ان علمه قد احاط بجميع الظواهر والبواطن فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر وهو تعالى يسمع قولك ويسمع قول اعدائك فيك. ويعلم ذلك تفصيلا فاكتفي بعلم الله وكفايته يكفي ان الله يعلم انك على الحق وانه على الباطل انك صادق وانهم الكذبة انك على الصراط المستقيم وانهم في ضلال مبين. فمن يتق الله فهو حسبه هو السميع العليم جل جلاله اسأل الله جل وعلا ان يأخذ بنواصينا لما يحب ويرضى اجعلها جميعا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنها. ان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا. وجلاء همومنا وذهاب احزاننا ان يذكرنا منه ما نسينا وان يعلمنا منه ما جهلنا. ان يرزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار. على النحو الذي يرضيه عنا. انه ولي ذلك والقادر عليه. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم سبحانك اللهم وبحمدك حلو ان لا اله الا انت استغفرك واتوب