بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اجمعين الا عجوزا دمرنا فتمرون عليهم مصبحين وبالليل. افلا تعقلون وان يونس لمن المرسلين اذ ابق الى الفلك المشحون فكان من المدحضين. فالتقمه الحوت وهو المليم. فلولا للبث في بطنه الى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وانبتنا او يزيدون فامنوا فمتعناهم الى حين البنات ولهم البنون. ام خلقنا الملائكة اناثا الا انهم من افكهم ليقولون من افكهم ليقولون ولد الله فالبنات على البنين ما لكم كيف تحكمون افلا تذكرون. ام لكم وجعلوا بينهم وبين الجنة نسبا. ولقد علمت الجنة انهم لمحضرون سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين الا من هو صان الجحيم. وما منا الا له مقام المسبحون وان كانوا ليقولون لو ان عندنا ذكرا الاولين لكن يا عباد الله المخلصين. فكفروا به فسوف ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم الموت فتول حتى حين وابصرهم فسوف يبصرون. افبعذابنا يستعجلون فاذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ولى عنهم حتى حين. وابصر فسوف يبصرون. سبحان ربك رب بالعزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وصلى الله وسلم وبارك وانعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ففي هذا اليوم المبارك يوم الاحد الموافق للثاني عشر من شهر شوال لعام خمس واربعين بعد اربعمائة والف مهاجر النبي صلى الله عليه واله وسلم نستأنف درسنا في وكنا قد وصلنا الى قوله جل وعلا من سورة الصافات وان لوطا لمن المرسلين وقد تقدم ان ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة قصص اربعة من الانبياء فذكر قصة نوح ثم قصة ابراهيم ثم قصة موسى وهارون ثم قصة الياس ثم ذكر هذه السورة ذكر هذه القصة وهي قصة لوط. وقصة لوط قد سبقت معنا في مواضع. وقد ذكرها الله جل وعلا في تسع اضع من كتابه. اعني بذلك انه ذكرها بشيء من البسط. في تسع ايات من كتابه وذلك لشدة عتو من من فعلوا تلك الفاحشة ولقبح وخبث تلك الفاحشة وفيها عبرة وعظة لمن كان له قلب لان الله سبحانه وتعالى اخذهم اخذ عزيز مقتدر ودمرهم تدميرا. وانزل عليهم حجارة من السماء وفاجأهم بذلك في وقت الصباح وقت الاشراق وهذه هي العبرة وهي من اعظم الثمرات ان الانسان اذا قرأ القرآن ولو كان في خبر من قبل له من الامم او كان شرعا لمن كان من الامم السابقة فانه على الصحيح من اقوال اهل العلم ان شرع من قبلنا شرع قل لنا ما لم يرد في شرعنا خلافه. ولهذا القصص الذي ذكره الله عز وجل هو احسن القصص. واعظم القصص وانفع القصص. فينبغي للمسلم ان يتعظ بذلك ويعتبر. يقول الله جل وعلا وان لوطا لمن المرسلين وهو لوط ابن هاران ابن ازر ويقال بدل ازر تارح وهو ابو ابراهيم وقال بعض اهل العلم هما اسمان لابي ابراهيم يقال له ازر كما ذكره الله عز وجل في كتابه ويقال له ايضا تارح كما اطبق عليه المؤرخون او يكون احدهما وصفا والاخر اسما وهو ابن اخي ابراهيم عليه السلام وهم من امن بابراهيم وقال جل وعلا وان الوطن لمن المرسلين وهذه شهادة له بانه من رسل الله المرسلين ثم قال اذ ابى اذ نجيناه واهله اجمعين اذ نجيناه واهله اجمعين واذ كما سبق مرارا انها ظرف زمان. تأتي بمعنى بمعنى حين او وقت او ساعة فالمعنى اذ نجيناه اي حين نجيناه او وقت نجيناه او ساعة نجيناه اذ نجيناه واهله اجمعين نجاه الله جل وعلا واهله اجمعين الا عجوزا في الغابرين وهي امرأته كما جاء في قوله جل وعلا في سورة الاعراف فانجيناه واهله الا امرأته كانت من الغابرين وقوله عجوز هنا افادنا بانها قد طعنت في السن ومع ذلك آآ قد خانت لوط الخيانة الدين ليس الا لان النبي كما صح عن ابن عباس وبعضهم يرفعه للنبي صلى الله عليه واله وسلم يقول ما خانت امرأة نبي قط يعني خيانة الفاحشة لكن الخيانة هنا انها خانته بمعنى انها كانت على دين قومها وان كان ظاهر الامر انها تظهر انها مسلمة معه قال جل وعلا الا عجوزا في الغابرين. ومعنى الغابرين يعني الباقين في العذاب يقال غبر في المكان يعني اقام به. واطال البقاء به فمعنى قوله جل وعلا في الغابرين يعني لم تخرج مع لوط واهله بل بقيت فكانت من الغابرين الباقين في قرية سدوم الذين سيحل بهم العذاب وقد حل بهم العذاب بعد ذلك الا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الاخرين والمراد بالاخرين هنا هم قوم لوط الكفار لانه ذكر المؤمنين لوطا واهله الا امرأته ثم ذكر الفريق الاخر والاخرون وهم قومه الذين كذبوا الرسل ووقعوا في الفاحشة واتوا وتجبروا قال جل وعلا ثم دمرنا الاخرين وقد ذكر الله عز وجل كيفية تدميرهم في عدة ايات فمن ذلك في ومن ذلك قوله جل وعلا ومن ذلك قوله جل وعلا في سورة الاعراف ولوطا اذ قال لقومه اتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين انكم لتأتون الرجال شهوة من النساء بل انتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه الا ان قالوا اخرجوهم من قريتكم انهم اناس يتطهرون فانجيناه واهله الا امرأته كانت من الغابرين وامطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقلا هبة المجرمين قال ايضا في سورة الحجر فجعلنا قال فاخذتهم الصيحة مشرقين وهذا يدل انه كان وقت شروق الشمس. وان لوطا خرج اخر الليل وهم حل بهم العذاب عندما شرقت الشمس قال فاخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها دمرهم الله عز وجل فقيل عاليها جاء في بعض الاثار الاسرائيلية ان الله عز وجل امر جبريل فحملهم على جناحه حمل قرى لوط وكانت خمس قرى حملهم حتى سمعت سمعت الملائكة نباحا كلابهم. فاكبهم وجعل عاليها وسافيرها اعلاها وقال بعض المفسرين المراد انه حل بهم العذاب والحجارة الشديدة. فجعلت اعلى البيوت واعلى البساتين واعلى كل شيء مرتفع. دمرته نزلته في الارض قال جل وعلا فاخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل ان في ذلك لايات للمتوسلين سمين وانها لبسبيل مقيم سبيل مقيم يعني طريق. مقيم باقي كما سيأتي في هذه السورة ايضا قال جل وعلا وانكم لتمرون عليهم مصبحين وانكم يا كفار قريش او ايها الناس اهل الحجاز لتمرون عليهم اي على قرى لوط على قرى لوط وهي قرية سدوم وما حولها تعددت عبارات المفسرين فمنهم من يقول انها اهلكت وبقيت لها اثار بجوار البحر الميت. بحيرة لوط المعروفة الان في الاردن. او تفصل بين الاردن وفلسطين اه يقولون انها كلها كانت جنوبها جنوبها ومنهم من يقول لا هي هذه البحيرة وهي بحيرة لوط كانت هذه القرية فانزل الله عز وجل بها العذاب فتحولت الى ماء بعد ذلك واهلك الله اهلها كلهم ولهذا الله جل وعلا يقول للناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولقريش. وانكم لتمرون عليهم مصبحين يمرون عليهم حينما تخرجون من الحجاز او من مكة تريدون الشام تمرون عليهم في وقت الصباح مصبحين اي في وقت الصباح تمرون على بحيرة لوط او على البحر الميت وعلى المكان الذي عذب الله فيه قوم لوط تمرون عليه وترونه باعينكم فيكون هذا ابلغ في الاتعاظ والاعتبار. لان هذا شيء معروف. والناس في الغالب يتعارفون. وان هذا كان كذا وانه وقع كذا هذا يحمل العبرة اي اعتبروا اعتبروا يا من كفر بالله ورسوله ولم تؤمنوا اعتبروا لان لا يحل بكم ما حل بهم. لان الله شديد العقاب. قال وانكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل وبالليل الباء هنا بمعنى فيه وهي ظرفية وهي ترد تأتي الباب بمعنى في الظرفية وهذا قليل في اللغة لكنه وارد ولهذا المعنى هنا وفي الليل. اي وتمرون عليهم في الليل فهم حينما يخرجون من مكة الى الشام او يرجعون من الشام الى مكة طريقهم يمر على اه هذه القرى والمكان الذي عذب الله به قوم لوط يمرون عليهم احيانا في الصباح واحيانا يمرون عليهم في الليل قال وبالليل افلا تعقلون اما لا تعقلون عن الله عز وجل مواعظه وتستخدموا عقولكم فيما ينفعكم وتعرفوا كيف حل بهم العذاب واخذهم الله جل وعلا اخذ عزيز مقتدر لان اعظم ذنوبهم الكفر بالله. فقد كفروا بالله ولم يؤمنوا برسله ولم يؤمنوا برسوله مع ما فعلوا من الفواحش الاخرى هذا هو القصد ان الانسان يعتبر بهذه القصص ويأخذ منها عبرة ويعلم ان الله شديد العقاب وان الجزاء من جنس العمل فاصلح عملك تنجو من عذاب الله وان اسأت العمل فلا تلومن الا نفسك ثم قال جل وعلا وان يونس لمن المرسلين وهو يونس ابن متى كما جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال انا خير من يونس ابن متى فقد كذب وقد تكلم العلماء كيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع ان النبي صلى الله عليه وسلم افضل من يونس ابن متى لان النبي صلى الله عليه وسلم افضل الرسل فتعددت اقوال اهل العلم فمن قائل ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ذلك قبل ان يعلم انه افضل الرسل ومن قائل انه قال ذلك على سبيل التواضع وهظم النفس وهو انه قاله لما ذكر قصصه لئلا يقع احد فيه ويقول انه خرج مغاضبا لربه فالحاصل انه نبي من انبياء الله. وان يونس لمن المرسلين. جاءت تسميته بذي النون والنون هو الحوت وجاء تسميته بصاحب الحوت وهو يونس ابن متى قال جل وعلا وان يونس لمن المرسلين وهذه شهادة من الله جل وعلا له لانه من رسله ومن هنا نعلم ان قول من قال انه ما ارسل الا بعد ان حصل له ما حصل والتقمه الحوت كما سيأتي ان شاء الله قول ضعيف لان الله يقول وان يونس لمن المرسلين اذ ابق الى الفلك المشحون فاخبر انه من المرسلين قبل ان يذهب الى الفلك والى السفينة هو رسول قبل ذلك. وذكر او جمع ابن كثير رحمه الله بين الاقوال الواردة في ذلك ان يونس ابن متى عليه السلام سلام كان نبيا قبل ان يركب الفلك ويلتقمه الحوت وكذلك بعد ذلك رجع وكان نبيا اه بقية حياته عليه السلام قال وان يونس لمن المرسلين اذ ابق ومعنى يعني هرب وفر وسبب ذلك تكلم العلماء واكثروا او المفسرون اظهر الاقوال وهو الذي عليه جمع من اهل التحقيق انه خرج مغاضبا لربه يعني مغاضبا لاجل ربه. قد غاضب قومه لاجل الله وانه خرج دون ان يأذن الله له لانه وعد قومه بالعذاب وان العذاب يحل بهم لما انعقدت اسباب العذاب وراء ذلك فر وتركهم وذهب وتركهم لانه يعتقد ان الله سيهلك وقالوا ولم يأذن له الله عز وجل بذلك. لان حكمته جل وعلا قد اقتضت انهم سيتوبون ويرجعون الى الصواب وان الله يرفع عنهم العذاب وهي القرية الوحيدة التي امنت ورجعت الى الله فكشف عنها العذاب واما بقية الامم والقرى فكلهم لم يرجعوا فاخذهم الله. كما سيأتي اذ ابق الى الفلك المشحون. والفلك هي السفينة والفلك تطلق على المذكر يقال سفينة يقال فلك وعلى المؤنث وعلى المفرد وعلى الجمع كلها يقال لها فلك ولهذا هنا قال اذ ابق الى الفلك المشحون الفلكونة مذكر لانه قال المشحون ولم يقل المشحونة ومعنى المشحون يعني المملوء الموقر بالحمل وما عليه من المتاع وما عليه من الناس مليء قد شحن وامتلأ بالناس وبغيره وبغيرهم ومن اطلاق الفلك بمعنى على المؤنث قوله جل وعلا والفلكة التي تجري في البحر قال التي تجري ولم يقل الذي يجري وايضا من اطلاقها على الجمع قوله جل وعلا وترى الفلك مواخر فيه الفلكة مواخر لو كانت واحدة لقال ماخرة فهي ايضا تطلق الفلك على الجمع. وكذلك تأتي للمفرد فاوحينا كما قال جل وعلا فاوحينا اليه ان اسرع الفلك باعيننا وحينا. ونوح صنع سفينة واحدة فالحاصل ان الفلك تطلق على الواحد وعلى الجمع وتطلق على المذكر وعلى وعلى المؤنث وكلها يقال لها فلك. لا يختلف تسمية اذا اطلقت على المثنى المؤنث او على المذكر او على الجمع او على المفرد قال جل وعلا اذ ابق الى الفلك المشحون اي المملوء من من الحمولة الموقر قال فساهم فكان من المدحضين تساهم تساهم يعني فقارع يعني استخدم السهام وهي القرعة وذلك انه لما ركب على السفينة مع اهل السمينة وعرفه اصحاب السفينة بدأت السفينة ثقلت ويقال انها توقفت ولم تتحرك وقالوا لابد ان يرمى واحد لان السفينة بلغت تحملتها فلو لم ينزل واحد منها لغرق الجميع فاراد فقال ان عبدا ابق كما قال الله اذا ابق يعني فر وهرب ان عبد ابق عبق من ربه فانا انزل يقصد نفسه وقالوا لا ما تنزل واقترعوا جعلوا القرعة فوقعت علي فلم تطب نفوسهم بذلك. فقالوا لا نعيدها مرة ثانية بعدوها فوقعت عليه ثم عدوى ثالثة فوقعت عليه وهذا معنى فساهم يعني فقارع من قولهم يقول اصل ذلك من السهام التي تجال كان العرب في جاليتهم يضعون سهام يشيلونها اذا اشكل عليهم الامر فكأنهم من هذا الباب من باب المساهمة يعني اقترع فوقعت القرعة عليه انه هو الذي ينزل في البحر قال فساهم فكان من المدحضين ومعنا المدحظين اي المغلوبين في القرعة يعني وقعت عليه غلب وقعت علي وقال بعض المفسرين اي من المسئومين وقع السهم عليه وقال بعضهم من المقرعين يعني وقعت عليه القرعة والمعنى واحد ومتقارب الحاصل انه لما ساهم واقترع وقعت على القرعة وقعت كان من المدحضين من المغلوبين فصار هو الذي عليه ان ينزل من السفينة قال جل وعلا فالتقموا فالتقمه الحوت وهو مليم التقمه ايبتلعه الحوت لما نزل من السفينة ورمى نفسه في البحر التقمه الحوت وقد اورد ابن كثير اه خبرا لذلك ولا يخلو من ضعف لكن قال بعض اهل العلم ان له شواهد فهو حسن بشواهده وممن نحى الى حسنه بشواهده ابن كثير وما رواه ابن ابي حاتم اه عن انس ابن مالك يرفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم ان يونس النبي صلى الله عليه وسلم حين بدا له ان يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال اللهم لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاقبلت الدعوة تحف بالعرش وقالت الملائكة يا ربي او يا ربنا هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة غريبة وقال اما تعرفون ذلك؟ قالوا يا ربي ومن هو قال عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة فقالوا يا رب ثم قالوا يا رب الا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه من البلاء؟ قال بلى فامر الحوت فطرحه بالعرى ايضا جاء في بعض الاثار ان الله سبحانه وتعالى سخر حوتا له قال ابن كثير وذلك ان السفينة تلاعبت بها الامواج من كل جانب واشرفوا على الغرق فتساهموا على من تقع عليه القرعة يلقى في البحر لتخف بهم السفينة. فوقعت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام ثلاث مرات وهم يظنون به ان يلقوه يظنون يعني يبخلون يحرصون ما يريدونه يلقى قال وتجرد من ثيابه ليلقي نفسه وهم يأبون عليه ذلك وامر الله تعالى حوتا من البحر الاخضر ان يشق البحار وان يلتقم يونس عليه السلام فلا يهشم له لحما ولا يكسر له عظما. فجاء ذلك الحوت والقى يونس والقى ولم نعم والقى يونس عليه السلام نفسه فالتقمه الحوت وذهب به فطاف به البحار كلها ولما استقر يونس في بطن الحوت حسب انه قد مات ثم حرك رأسه ورجليه واطرافه فاذا هو حي فقام يصلي في بطن الحوت وكان من جملة دعائه يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يبلغه احد من الناس واختلفوا في مقدار ما لبث في بطن الحوت. فقيل ثلاثة ايام قاله قتادة وقيل جمعة يعني سبعة ايام وقال وقيل اربعين يوما قالها ابو مالك وقال مجالد عن الشعبي التقمه ضحى وقذفه عشية والله اعلم بمقدار ذلك فالحاصل ان هذه من اخبار بني اسرائيل لكن يجوز حكاية مثل هذه الاخبار لانها لا تتعارض مع القرآن يستأنس بذكرها من غير الجزم بصحتها وانما نجني بصحة ما جاء في كتاب الله. والايات التي معنا تدل على انه التقمه الحوت وانه بعد ذلك قذفه وهذا لا شك فيه قال جل وعلا فالتقمه الحوت وهو مليم ومعنى مليم يعني فعل ما يلام عليه قالوا وهو كونه خرج وذهب وترك قومه قبل ان يأمره الله بذلك او وقبل ان يأمره بالخروج وقال الخبري المليم هو المكتسب اللوم يعني بسبب انه فعل شيئا لم يأمره الله به فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون ذكر المفسرون في معنى المسبحين ثلاثة اقوال فقال بعضهم المسبحين من المسبحين يعني من المحسنين كان محسنا يعمل الاعمال الصالحة من صلاة وصدقة وصيام وغير ذلك وهذا معنى الحديث الصحيح تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة وكون الانسان يستقيم على امر الله عز وجل في رخائه في حال رخائه وسعته هذا سبب لنجاته حينما تحل به الضائقة او يحل به امر فيهونه الله عليه وينجيه منه قال وهذا ذكره ابن كثير عن جمع قاله الضحاك وابو العالية ووهب المنبه وغيرهم والقول الثاني واختاره من جرير الطبري والقول الثاني قال به ابن عباس وسعيد ابن جبير والظحاك انه كان من المسبحين يعني كان من المصلين ومنه يقال سبحة الظحى يعني صلاة الظحى وكان من اهل الصلاة والدليل ايضا ان الصلاة من اسباب النجاة للعبد اذا ضاقت به الامور ينجيه الله عز وجل بسبب ذلك ويهون عليه مصابه وقال بعض المفسرين ان المراد بقوله فلولا انه كان من المسبحين قالوا هو قوله فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم. وكذلك ننجي المؤمنين وهذا القول يدل عليه حديث رواه الترمذي واللفظ له والنسائي والحاكم وصححه وصححه الالباني عن سعد ابن ابي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دعوة ذي النون اذا دعا دعوة ذو النون اذ دعاه وهو في بطن الحوت لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له وهذا يعني يدل عليه حديث والذي يظهر والله اعلم قد مال اليه شيخ الاسلام ابن تيمية هذه الاقوال كلها حق فيونس عليه السلام كان من المحسنين المجتهدين في العبادة من قبل وكان من المكثرين من الصلاة وسبح بهذا التسبيح وهو في بطن الحوت وكل ذلك حق وكان سببا لنجاته بفظل الله ورحمته فينبغي للمسلم ايضا ان يكثر من هذا الدعاء واذا وقعت به ضائقة او هم يكثر من هذا الدعاء فان الله يفرج كربه ويزيل همه وغمه قال جل وعلا ولولا فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون لبث في بطن الحوت الى يوم القيامة وهذا دليل ان التقوى نجاة من اتقى الله وقاه التقوى نجاة نتعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة يا اخي ما دمت ولله الحمد ملهلا في صحة وامن وايمان وعافية استغل عمرك اجتهد في الطاعات ولا تقول انا ما زلت شبابا او صغيرا انتظر حتى اكون بسن ابي مثلا او اكن كبيرا الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله. شاب نشأ في طاعة الله نتعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة قال جل وعلا فنبذناه بالعراء وهو سقيم ومعنى نبذناه يعني القيناه وطرحناه بالعراء والعراء كما قال ابن عباس هي الارض التي لا نبات فيها ولا بناء ارض صحراء لا نبات لها ولا بناء قال فنبذناه بالعراء وهو سقيم قال ابن مسعود اي ضعيف البدن نبذناه وطرحناه والقيناه في العراء في الصحراء وهو سقيم ضعيف البدن جاء في بعض الروايات كهيئة الفرخ بلا ريش كهيئة الفرخ بلا ريش قال الامير الشنقيطي رحمه الله في الاضواء اضواء البيان قال وهو سقيم اي مريض لما اصابه من التقام الحوت اياه وقال تعالى في سورة القلم ولا تكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم لولا ان تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين اذا كان سقيما اي مريضا بسبب انه مكث في بطن الحوت مدة ولكن الله سبحانه وتعالى لطيف به وبعباده واذا اراد امرا جل وعلا فانه سيكون الحافظ الله فمن اراد الله حفظه ونجاته نجا ولو انه تعرض في اعين الناس لما لا يمكن ان ينجوا منه قال فنبذناه بالعراء وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من يقطين قال ابن كثير رحمه الله قال وانبتنا عليه شجرة من يقطين قال ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد ابن جبير وذكر جمعا من المفسرين قالوا كلهم اليقطين هو القرع اليقطين هو القرع وهذا معروف القرع معروف الان باسم القرع وباسم اليقطين قال وقاله شيم عن القاسم ابن ابي ايوب عن سعيد ابن جبير كل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين وفي رواية عنه كل شجر تهلك من عامها فهي من اليقطين وذكر بعضهم في القرع فوائد منها سرعة نباته وتظليل ورقه لكبره ونعومته وانه لا يقربها الذباب وجودة اغذية ثمره وانه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره ايضا وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الدب ويتتبعه من حواشي الصحفة والحديث الصحيحين نعم اذا شجر دم يقطين هي شجرة هي الدبان شجرة دبا او شجرة القرع كلها مسميات لمسمى واحد وهذي لها خاصية باذن الله عز وجل للبدن المصاب الذي تعب وهذا من لطف الله جل وعلا وانجاءه لوليه ورسوله يونس قال جل وعلا وارسلناه الى مئة الف او يزيدون جاء عن ابن عباس انه قال لم يرسل يونس الا بعد ان قذفه الحوت. يعني بعد ان التقمه الحوت ثم خرج من الحوت بعد ذلك ارسل. قال لان الله يقول وارسلناه وانبتنا عليه شجرة من الطين وارسلناه الى مئة الف او يزيدون وقال بعضهم بل ارسل قبل ذلك ويقال ان القرية التي ارسل اليها هي قرية نينوى من الموصل او من الموصل قرية ارسل اليها وهذا عليه اكثر المفسرين انها قرية واحدة ارسل لها اولا ثم ايضا بعد ان نجاه الله من بطن الحوت ارسل اليهم مرة اخرى ورجع اليهم داعيا فامنوا به وقال بعض المفسرين انه لم يرسل من قبل وانما ارسل بعد التقام الحوت وقال بعض المفسرين انه ارسل قبل انتقام الحوثي له الى قوم وبعد ان قذفه الحوت ارسل الى قوم اخرين وهذا لا دليل عليه لان الله لما ذكر قصة قوم يونس ذكرهم ذكر قصة واحدة قوم يونس واصحاب يونس وهي القرية الوحيدة التي تابت من العذاب اولا يعذبها الله عز وجل تابت لطف الله بهم ولم يعذبهم كما قال ابن كثير قال لا مانع ان يكون الرسول لهم قبل ان يلتقمه الحوت وبعد ذلك وقول هنا وارسلناه الى مائة الف او يزيدون او يجب ان يعلم انها ليست للشك لان الله جل وعلا يعلم السر واخفى ولا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ولكن او هنا اختلف العلماء في معناها وجاء عن ابن عباس انه هنا بمعنى بل قال فارسلناه الى مئة الف بل يزيدون على مئة الف واستدلوا لهذا بدلالة اللغة قالوا ومن شعر العرب قول ذو الرمة بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها او انت في العين املح او انت في العين املح معناته بل انت في العين املح من نظر الشمس يقولون في معشوقته فقالوا هذا وارد في لغة العرب وهذا قال به ابن عباس وله وجه من النظر قال بعضهم اه وهذا اختاره ابن القيم قال ان المعنى والمراد من قوله او يزيدون قال هو تحقيق هذا العدد تحقيق انهم مائة الف وانهم لا ينقصون عن مئة الف رجل واحدة قال ولهذا نظائف القرآن فكان قاب قوسين او ادنى ثم قست قلوبكم فهي كالحجارة او اشد اسوة قالوا فهذا يراد به تحقيق العدد وانهم لا ينقصون عن مئة الف وقال بعض المفسرين ان المعنى ارسلناه الى مئة الف او يزيدون حسب نظركم انتم حسب نظركم انتم لو نظرتم اليهم ورأيتم هيئاتهم وكثرة جمعهم لظننتم انهم يزيدون وهم انما هم مئة الف وعلى كل حال لا شك ان الله علام الغيوب وانه كانوا مئة الف وان الله يعلم عددهم ولكن لله عز وجل في ذلك حكمة يأتي بعض الايات فيها اشكال كما قال جل وعلا هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات لماذا حتى يهلك من في قلبه زيغ الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه. واما المؤمنون يقولون امنا بالقرآن كله. كله من عند ربنا فهو حق ولا تعارض بينه ولهذا بعض الظلال الذين يشككون بالقرآن يذكرون مثل هذه هذه الامور ويتبعون متشابه القرآن او ما يوهم التعارض يريدون من ذلك الطعن في القرآن هؤلاء في قلوبهم مرض ولا يظرنا الا انفسهم فان هذا القرآن حق من عند الله كله حق وهو محفوظ بحفظ الله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وانه يهدي للتي هي اقوم وانه حجة الله على خلقه هذه من الحكم العظيمة ولهذا هناك بعض المؤلفات في بيان مثل هذه الامور وما يسميه المفسرون او يسمى في علوم القرآن مشكل القرآن مشكل القرآن في مؤلفات عديدة لاهل العلم ومن احسن من الف في ذلك العلامة الامير الشنقيطي رحمه الله صاحب اضواء البيان برسالة لطيفة اسمها دفع ايهام الاضطراب عن آل الكتاب دفع ايهام الاضطراب عن ال الكتاب فالحاصل انهم كانوا مئة الف بلا شك وهو عدد كبير امنوا تمتعناهم الى حين فامنوا هذي خصيصة لقوم يونس انهم امنوا. كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم انه قال فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين وتنازع العلماء هل هم امنوا واستمروا على الايمان او انهم امنوا ثم رجعوا الصواب انهم امنوا وبقوا على الايمان لان الله جل وعلا شهد لهم بالايمان قال فامنوا فمتعناهم الى حين الى حين الاجل الذي قدره الله لهم لأن الموت كتبه الله على كل نفس كل نفس ذائقة الموت ومن نجاه الله الان من الهلكة يأتي عليه يوم يأتي عليه اجر وهو يموت قال جل وعلا فامنوا فمتعناهم الى حين وهذا ايضا فيه فائدة ان الانسان متى ما تاب الى الله توبة نصوحا ان الله سبحانه وتعالى يقبل توبته فايها المذنب ايها المسرف على نفسك لا تقنط من رحمة الله ولهذا لما اسلم بعض الصحابة وقالوا لكنا عملنا وعملنا وعملنا في الجاهلية قال الله عز وجل وانزل الله جل وعلا قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند احمد وغيره ان الله يقبل توبة احدكم ما لم يغرغر انظروا لطف انظروا لطف الله ورحمته بعباده ما لم يغرغر والغرغرة ان الروح تبلغ الحلقوم لان الروح يستلها الملائكة اعوان ملك الموت من جميع اجزاء البدن الى ان تبلغ الحلقوم ثم يقبضها ملك الموت ثم يشخص البصر يتبعها فلو انه تاب والنزع ما يزال في قدميه او في ساقيه او في بطنه او في صدره لم تبلغ حلقومه لو تاب لتاب الله الله عليه اي لطف اعظم من هذا؟ ورحمة سبحان الرحمن الرحيم اللطيف ومع ذلك يفرح بتوبة العبد اذا تاب لله افرح بتوبة احدكم من صاحب راحلة اظلها في ارض فلاة وعليها طعامه وشرابه ثم رجع الى موضع رحله او الى الشجرة التي كان فيها واضطجع واغفى اغفاءه ينتظر الموت خلاص يعني اغمض عينيه قليلا ثم استيقظ واذا الناقة واقفة فوق رأسه وعليها طعامه وشرابه وخطامه يتدلى فقام وامسك بها وقال من شدة الفرح اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح والله يعذره يا اخوان الله يفرح بتوبتنا ويحب توبتنا. مع انه ليس بحاجة الينا. ولا الى توبتنا ولا تنفعه توبتنا ولا اعمالنا الصالحة. ولا تضره معاصيه يا عبد الله انظر لنفسك انظر لنفسك استبد من هذه النصوص العظيمة مهما كان عندك من الذنوب تب الى الله توبة نصوحة وهي ان تتوب مخلصا لله مقلعا عن الذنب نادما على فعله عازما الا تعود اليه وان كان لادمي تتحلل منه فرده اليه او تتحلله على ضوء ما ذكره اهل العلم فهذه توبة تجب ما قبلها انظروا الى هؤلاء الذين اوشك ان يحل بهم العذاب. بل نبي ظن ان العذاب واقع وفراء من بين اظهورهم ولكنهم تابوا اتذكروا في طريقة توبتهم انهم فرقوا بين نسائهم واولادهم. فرقوا بين النساء والاولاد الرضع وفرقوا بين الدواب والابل والغنم بينها وبين اولادها وجأروا الى الله وتابوا وانابوا فرفع الله عنهم العذاب بعد ان عقدت اسبابه وتب الى الله في كل وقت واوان مستبد واكثر من التوبة والاستغفار انها نجاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا ثم قال جل وعلا فاستفتهم الربك البنات ولهم البنون فاستفتهم اي فاسألهم وهذا على سبيل الانكار المراد يا نبينا اسأل كفار قريش هؤلاء الذين جعلوا لله جل وعلا البنات وجعلوا لانفسهم البنون لانهم يقولون الملائكة بنات الله ومعنى فاستفتيهم يعني فاسألهم. كما قال جل وعلا ويستفتونك. اي يسألونك قال فاستفتهم. الربك البنات هذا استفهام انكاري توبيخي الربك البنات ولهم البنون يعني ينكر هذا عليهم ام خلقنا الملائكة اناثا وهم شاهدون وام هنا هي المنقطعة بمعنى بل والهمزة والمعنى وهي متضمنة للانكار اه التوبيخي التعجبي من جرأتهم على هذه المقولة الخبيثة والمعنى بل اخلقنا الملائكة اناثا وهم شاهدون يشهدون ذلك رأوا ويشهدون عليه لان الشهادة يجب ان تكون بالحق الا من شهد بالحق وهو على سبيل الانكار عليهم قال الا انهم من من افكهم ليقولون علاء ذا التنبيه انهم من افك من كذبهم لا يقولون ولد الله وانهم لكاذبون وهذا من اعظم الافك واعظم الكذب ان يجعل لله ولدا تكاد تتفطر منه السماوات وتنشق الارض وتخر الجبال هدا. لانه الشرك كانوا زعموا الولد لله جل وعلا الذي قال قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. لان من له ولد محتاج وفقير ولابد يحتاج الى زوجة محتاج الاولاد هو مولود من غيره تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ولهذا اذا جاء ذكر هذه الامور ونسبة الولد لله او الصاحبة الاعم الاغلب يعقبه الله بالتسبيح والتنزيه ينزه نفسه سبحانه وتعالى ان هذا الجرم عظيم ولا يصدر من من نفس مؤمنة مع ان معرفة ان الله هو الرب هو الاله المعبود جبلة فطرة. فطرة الله التي فطر الناس عليها لكن هؤلاء استسلموا للشياطين فاجتالتهم على الحق وعموا وصموا فبلغوا الى هذه المنزلة القبيحة من الكفر والضلال. قال جل وعلا ايوه منكرا عليهم اصطف البنات على البنين ايضا لما جعلتم لهم ولد جعلت لهم ولد ما جعلت له الذكر الذي هو افضل عندكم بل جعلتم لهم البنات التي تكرهون انتم وترون كما قال جل وعلا عنهم في ايات اخرى قال واذا في سورة النحل قال واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم هذا عار مصيبة نقص ما يريد البنت وقال عنه في سورة الزخرف واذا بشر احدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسد وهو كظيم سبحان الله ومع ذلك ينسبونه لله ينسبون له البنات ولهذا قال اصطف البنات عالبنين اختار البنات عالبنين وهذا ايضا على سبيل الانكار والتوبيخ لهم قال جل وعلا ما لكم كيف تحكمون؟ كيف تحكمون هذا الحكم الجائر؟ اين عقولكم اين فطاركم ولهذا هم يجعلون له البنات الناقصات ويجعل لانفسهم الاولاد انهم اكمل. كما قال جل وعلا افاصفاكم ربكم واتخذ من من الملائكة اناثا. انكم لتقولون قولا عظيما وقال تعالى وجعلوا له من عباده جزءا ان الانسان لكفور مبين ام اتخذ مما يخلق بنات واصفاكم بالبنين واذا بشر احدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم الى اخر الاية هم جمعوا بين ظلمات ادعاء الولد لله وجعلوا له البنات وعبدوهم من دون الله الى غير ذلك من ضلالاتهم قال جل وعلا ما لكم كيف تحكمون؟ افلا تذكرون تذكرون تتعظون من التذكر والاعتبار والعظة فتقلعون عن هذا المنكر. تذكروا ارجعوا الى ربكم داووا عنكم هذا الكفر والضلال افلا تذكرون ثم املك سلطان مبين بل الكم سلطان مبين دليل السلطان هو الدليل والحجة. كما قال ابن عباس كل سلطان في القرآن فهو حجة او السلطان في القرآن الحجة مبين بين واضح لا ما عندهم سلطان ما عندهم حجة بهذا بل هم كذبة مفترون ام لكم سلطان مبين فاتوا بكتابكم ان كنتم صادقين لان السلطان هو الحجة والدليل من كتاب عندكم كتاب من الله بهذا يقول ان الملائكة بنات الله فاتوا بكتابكم ان كنتم صادقين ثم قال وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة انهم لمحظرون يقول ابن كثير وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال مجاهد قال المشركون الملائكة بنات الله فسأل ابو بكر رضي الله عنه من امهاتهن قالوا سراة الجن سادات الجن امهات الملائكة وهذا كله افتراء وكذب وكذا قال قتادة ابن زيد ولهذا قال قال تعالى ولقد علمت الجنة ان اي ان الذين نسبوا اليهم ذلك انهم لمحظرون اي ان الذين قالوا ذلك لمحظرون في العذاب يوم الحساب وجاء بعضهم عن بعضهم انهم قالوا تعالى الله عما يقولون ان ابليس ان الله ابليس اخوان هذا هو النسب الذي جعله بينه وبينه نعوذ بالله نعوذ بالله نعوذ بالله من هذا الظلال انظروا حلم الله سبحانه وتعالى كيف يحلم على هؤلاء المجرمين الذين لا يزالون يتكررون ويوجدون في كل زمان واوان ولهذا اعظم الذنوب والشرك الكفر بالله. اعظم ذنب عصي الله به قال جل وعلا ولقد علمت الجنة علمت الجنة انهم لمحظرون يعني محضرون في العذاب الجنة يعلمون ان هؤلاء المشركون الكفار الذين زعموا لله الولد انهم سيحظرون في العذاب يوم القيامة. ويعذبون بسبب قبح مقالتهم وكذبهم وافترائهم على الله. وتكذيبهم القرآن قال سبحان الله عما يصفون نزه نفسه لان التسبيح والتنزيه والتبرئة لله عن كل نقص وعيب مع تعظيمه والحب لحم والتبرئة لله تسبيح والتبرئة لله عن كل نقص وعيب مع تعظيمه جل وعلا وحبه والخضوع له فنزه نفسه فسبح فسبحان الله عما يفتدي المفترون قال سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين هذا استثناء راجع على قوله ولقد علمت الجنة انهم لمحظرون الا عباد الله المخلصين لكن عباد الله المخلصين المؤمنين الموحدين الذين لا يشركون بالله شيئا لن يحظر العذاب ولن يعذبوا بل هم ناجون سالمون فهذا هؤلاء لهم السلام وهم المؤمنون الذين امنوا بالله جل وعلا. فان الله ينجيهم من عذابه وينجيهم من عذاب النار. ولا يحقرون العذاب ثم قال جل وعلا فانكم وما تعبدون ما انتم عليه بفاتنين فانكم ايها الكفار من كفار قريش وغيرهم وكفار العرب فانكم وما تعبدون من دون الله من الاوثان والاصنام ما انتم عليه بفاتنين قالوا ما انتم بمضلين احد ليعبد اوثانكم وما تعبدون من دون الله الا من كتب الله له الكفر والضلال ولهذا قال ما انتم عليه بفاتنين الا من هو صان الجحيم المشركون الذين كتب الله لهم ان يصلوا النار ويدخلوها والذين يستجيبون للكفار والمشركين ويصدقون بهذا الباطل ولا يؤمنون بالحق ولن تضلوا احدا ايها المشركون ولن تفتنوا احدا فيقع فيما وقعتم فيه من الشرك ويعبد الهتكم واصنامكم الا من كتب الله عليه ذلك فسلك هذا الطريق الوخيم فسيسريه الجحيم ويسريه النار ولم يظلمه جل وعلا وانما بسبب عمله واختار الكبرى على الايمان والظلالة على الحق وكذب الرسل وكذب القرآن قال جل وعلا وانكم وما تعبدون ما انتم عليه بفاتنين الا من هو صال الجحيم. يعني الذي يصل الجحيم ويدخل الجحيم وما منا الا له مقام معلوم هذا من بيان الملائكة اخبر الله عنهم انهم يقولون ذلك ما منا الا له مقام معلوم عند الله عز وجل مع ان الملائكة لا يحصون كثرة حديث الاسراء ان النبي صلى الله عليه وسلم ليلة اسري به جاء الى ابراهيم واذا هو مسند ظهره الى البيت المعمور اقول ان الملائكة عليهم السلام لا يحصون كثرة ولهذا في حديث الاسراء والمعراج ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اسري به ولقي ابراهيم وجده مسندا ظهره الى البيت المعمور قال واذا يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اليه الى يوم القيامة ولهذا ما من موضع اربعة اصابع في السماء الا وفيها ملك ساجد او قائم ولهذا قال الله عز وجل عنهم هنا وما منا الا له مقام معلوم. قال ابن كثير ثم قال تعالى منزها للملائكة مما نسبوا اليه من الكفر والكذب عليهم انهم بنات الله. قالوا وما منا الا له مقام معلوم. اي له موظع مخصوص في السماوات. ومقامات بدأ لا يتجاوزه ولا يتعداه ثم اورد حديثا اه اخرجه ابن عساكر وابن نصر في الصلاة وابن منده في الصلاة وصححه الالباني في الصحيحة عن حكيم بن حزام وعن غيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هل تسمعون ما اسمع قال يوما لاصحابي هل تسمعون ما اسمع قالوا ما نسمع من شيء قال اني اسمع اطيط السماء وما تلام ان تئط وما فيها موضع شبر بالله عليه ملك ساجد او قائم والقطيط هو صوت الرحل الرحيل اذا وضع الرحل على على البعير وكان الحمل ثقيلا يحدث صوتا فكذلك السماوات اطت لها اطيق لكثرة من عليها من الملائكة قال وما منا الا له مقام معلوم وانا لنحن الصافون نقف صفوفا بالطاعة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم اول السورة والصافات صفا قال وانا نحن الصافون وانا لنحن المسبحون الى المسبحون المصلون وقيل المسبحون الذين يسبحون الله ينزهونه وكل ذلك حق. كل ذلك من اعمال الملائكة لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون يسبحون الليل والنهار ولا يفترون قال جل وعلا وان كانوا ليقولون رجع الكلام الى كفار قريش وهذا من بلاغة القرآن كم موضوع طرقه الان مواضيع عدة مع غاية البلاغة والتناسب والانسياق قال وان كانوا ليقولون لو ان عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين كفار قريش يقولون هذا اصحابك الذي بعثت اليهم وابوا ان يؤمنوا. كانوا يقولون لو عندنا ذكر من الاولين لكنا عباد الله المخلصين كما قال جل وعلا عنهم في ايات اخرى قال سبحانه وتعالى واقسم بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الامم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا وقال تعالى في سورة الانعام ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وان كنا عن دراستهم لغافلين. او تقول لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم وقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن اظلم ممن كذب بايات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن اياتنا سوء العذاب بما كانوا ولهذا قال ها هنا فكفروا فسوف يعلمون هذا وعيد اكيد وتهديد شديد على كفرهم بربهم سبحانه وتعالى وتكذيبهم رسوله صلى الله عليه واله وسلم. اذا هذه الاية في كفار وانهم كذبة وقد جاءهم ذكر من الاولين وجاءهم القرآن الذي هو افضل الكتب وجاءهم نبي وافضل الانبياء والرسل ومع ذلك لم يؤمنوا. وانما كان هذا مجرد دعوة ثم قال جل وعلا ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلون المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون. انتقل الى موضوع اخر. وهو بيان نصرة الله عز وجل لرسله والمؤمنين. دائما وابدا وقال كما قال ابن كثير قال ولقد سبقت كلمتنا اي تقدم في الكتاب الاول ان العاقبة للرسل واتباعهم في الدنيا والاخرة. كما قال تعالى كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز. وقال تعالى انا لننصر الرسل والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ولهذا قال ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلون المرسلين انهم لهم المنصورون. اي في الدنيا والاخرة كما تقدم في قصصهم كيف نصرهم الله على اممهم المكذبة انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون حزبنا حزب الله جند الله يعني حزب الله المؤمنون الانبياء واتباعهم هم الغالبون يقول الغلبة لهم والدائرة لهم. فتولى عنهم حين حتى حين. تولى اي اعرض عن كفار قريش ولا تقابلهم بمثل ما يفعلون او تقاتلهم حتى حين. الى وقت قريب قيل هو يوم بدر يوم نبطش البطشة الكبرى. ومن بدر فما بعدها انزل الله بهم العقوبة واهلكهم حتى فتح الله مكة على نبيهم في السنة الثامنة وانما هذا الامهال الى حين الى وقت قال وابصرهم فسوف يبصرون. ابصرهم يعني انظرهم حتى يبصرون حتى يرون بانفسهم عذاب الله حينما يحل بهم وكيف تكون الدائرة عليهم فاخرج النبي صلى الله عليه وسلم في من مكة اختبأ في الغرب ثلاثة ايام وبعد ثمان سنوات يفتح الله مكة كلها تدخل في الاسلام النصرة من الله لاولياءه وانبيائه ورسله. قال وابصرهم فسوف يبصرون. اف بعذابنا يستعجلون؟ استفهام انكار ينكر عليهم. يستعينون بالعذاب متى يأتي العذاب الذي تعدنا به قال فاذا نزل بساحتهم فساء صباح المنددين اذا نزل العذاب بساحتهم بدارهم وبهم فساء صباح المنذرين اي بئس الصباح صباحهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في البخاري وغيره جاء اهل خيبر صباحا اذ خرجوا بالمساحي والمكاتل فلما رأوه قال محمد والخميس يعني والجيش قال النبي الله اكبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين. والله اعلم وصلى الله وسلم