بسم الله الرحمن كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون الامر الفارق المؤثر في حياتك عندما توقن بان ربك خلق السماوات والارض بالحق وجعل ما على الارض زينة لها ليبلونا اينا احسن عملا وتوقن بان الساعة اتية وانك موقوف ومسؤول عن عملك ولن يبقى لك من هذه الحياة الدنيا بكل ما فيها الا عملك الصالح فلا تغرك الدنيا ولا تلهيك عما خلقت له وحينها يكون محياك لله وبالله والى الله وتكون على بينة من ربك ونور وهدى وبصيرة فتحسن العمل وتسابق في الخيرات باذن الله وذلك هو اعظم الفلاح معالم الفلاح وقواعده من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فهديه احسن الهدي في كل امر الايمان والعبادات والمعاملات والاخلاق وتزكية النفس وفي التعليم والاصلاح والدعوة وفي كل امر واعظم ما نطلبه من سنته هديه في الفلاح والنجاح نتعلم منه معالم النجاح والفلاح في الاسلام وتمييز الاعمال النافعة والحرص على ما ينفع واختيار المطالب والاهداف وحفظ الوقت وحسن الانتفاع منه وحسن التدبير وادارة العمل والعزم والمبادرة والجد والنشاط والثبات على الخير. والمعلم هو العلامة التي تدل على الطريق وبدونها يضل السالك الطريق ويضيع جهده ووقته ولا يحصل ما يطلب والفلاح هو النجاة مما تحذر والفوز والظفر بادراك ما ترجو وتطلب وهو كذلك البقاء في الخير وقد افتتحت سورة من القرآن بقول الله تبارك وتعالى قد افلح المؤمنون وختمت بقوله انه لا يفلح الكافرون المراد من تعلم هذه المعالم ان يصح تصورك عن المراد بالفلاح وان يحسن تصرفك وتكون على بصيرة. قال الله تبارك وتعالى افمن يمشي مكبا على وجهه اهدى ام من يمشي سويا على صراط مستقيم. انظروا الى قول النبي صلى الله عليه وسلم بعدما ذكر فضل المجاهد ومنزلته عند الله قال والذي نفس محمد بيده لوددت اني اغزو في سبيل الله فاقتل. ثم اغزو فاقتل ثم اغزو فاقتل فكانت هذه نية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعزمه ولما رأى احدا قال لابي ذر ما يسرني ان عندي مثل احد هذا ذهبا. تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار الا شيئا ارصده لدين الا ان اقول به في عباد الله هكذا. وهكذا وهكذا وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسره من متاع الدنيا الا ما يؤدي به حق الله ويبتغي به ما عند الله فمن اعظم ما نتعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم طلبه لمعالي الامور. والسبق في الخيرات. وانه لا يسره من متاع الدنيا الا ما يؤدي به حق الله ويرجو نفعه في الاخرة. قالوا يا رسول الله ذهب اهل الدثور بالاجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول اموالهم قال اوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ ثم ذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوم مقام التصدق بالمال مما يجدون ويقدرون عليه وفي هذا بيان لحكمة الله تبارك وتعالى ورحمته في تنوع شعب الايمان فلا يبقى مسلم ولا مسلمة الا ويمكنه ان يكون وليا لله تعالى بحسب امكاناته ومواهبه. فميدان السباق الى ولاية الله تبارك وتعالى مفتوح امامك لا يحجزك عنه احد قال الله تبارك وتعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون. وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله وليس لاولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الامور المباحات فلا يتميزون بلباس دون لباس. اذا كان كلاهما مباحا ولا بحلق شعر او تقصيره او ظفره اذا كان مباحا كما قيل كم من صديق في قباء؟ القباء هو لبس الاعاجم وكم من زنديق في عباء بل يوجد اولياء الله في جميع اصناف امة محمد صلى الله عليه وسلم اذا لم يكونوا من اهل البدع الظاهرة والفجور يوجدون في اهل القرآن واهل العلم ويوجدون في اهل الجهاد والسيف. ويوجدون في التجار والصناع والزراع قلت ولما كتب عبدالله العمري الى الامام ما لك رحمه الله يحضه على الانفراد والعمل. يعني كانه يقول له اترك هذا العلم الذي يشغلك عن العبادة. وانفرد واعتزل الناس واكثر من نوافل الصيام والصلاة ونحو ذلك قال له الامام ما لك قاعدة عظيمة في باب المسابقة الى الخيرات. قال رحمه الله ان الله قسم الاعمال كما قسم الارزاق. فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم واخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم. واخر فتح له في الجهاد فنشر العلم من افضل اعمال البر وقد رضيت بما فتح لي فيه وما اظن ما انا فيه من خير دون ما انت فيه من خير وارجو ان يكون كلانا على خير وبر. واول خطوة في الفلاح والمسارعة في الخيرات طلب فبالعلم تتعلم منازل الاعمال وفضلها واسبابها وليس الاجر على مجرد المشقة او كثرة العمل او الوقت المبذول فيه بل الاجر على قدر العلم بمنازل الاعمال عند الله والعلم بواجب الوقت وحسن الاتباع عن ابن عباس عن جويرية رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد ان اضحى وهي جالسة وقال ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت نعم قال لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله رضا نفسه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله مداد كلماته وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم انكر على الثلاثة الذين خالفوا هديه واختاروا المشقة وتحريم الطيبات ظنا منهم ان الاجر على قدر المشقة او على آآ قدر مخالفة الاهواء فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم هديه وبين لهم انه احسن الهدي. وان من رغب عن سنته فليس منه ومن هذا الباب كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن خير العمل وعن منازل الاعمال قال علي رضي الله عنه قال لي النبي صلى الله عليه وسلم قل اللهم اهدني وسددني. واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم الهدى هو ان تعرف ما الذي ينبغي ان تطلبه وان تتعلم الطرق الموصلة اليه. والسداد ان تبلغ ما تطلب وتصيبه وقبل ان تسأل ربك تبارك وتعالى العون والسداد سله الهداية ان تحديد الهدف ومعرفة الطريق هو اول ما يحتاجه الانسان وكثير من الناس لا يعرف ماذا يطلب ولا الا ولا الى اي شيء يسعى يعيش في دوامة الحياة وتقلبه الاحداث يعيش ويتسلى ويأكل ويشرب ويقتل وقته. يتفاعل مع كل من حوله وما حوله الا في ما يخصه وينفعه وقد بين الله تبارك وتعالى ان الحياة الدنيا عند اكثر الناس لعب ولهو وزينة وتفاخر. وتكاثر في الاموال والاولاد. وذكر الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا. غرتهم يعني خدعتهم. اشغلتهم عما كان ينبغي ان يشتغلوا به وكنت اقول لمن حولي ان بداية النجاح هي قول النبي صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك وفيها امران عظيم ان الاول ان تعرف اصلا ما الذي ينفعك ثم تخرج من حياتك كل ما لا يعنيك وما لا ينفعك وان تضع ما ينفعك قبلة لك تتحراها وتطلبها ثانيا الحرص على ما ينفعك. والحرص ان تبذل كل الاسباب لتبلغ ما تطلب؟ لذلك علمنا الله تبارك وتعالى في الدعاء ان نقول اياك نعبد واياك نستعين. فنحدد الغاية ثم نسأل الله العون عليها. قال الله تبارك وتعالى لموسى لنريك من اياتنا الكبرى. اذهب الى فرعون انه قال رب اشرح لي صدري ويسر لي امري الى اخر دعائه الجامع المبارك ربنا تبارك وتعالى لما ارى موسى عليه السلام الايتين ليكون على بينة ويقين امره بامر عظيم من شأنه ان يدخل الروعة في النفس امره ان يذهب لاعظم ملوك الارض وطغاتها يومئذ يصارحه بضلاله ويدعوه الى الله فدعا عليه السلام رب اشرح لي صدري. يعني وسع صدري لهذا الامر وازل منه كل ما يكدره ويوجب تردده وشرح الصدر للعمل ان ان تطمئن له وان ترضاه وان تقبل عليه برضا وبفرح واستبشار وجد ونشاط وان يسكن بالك له والا تتردد فيه والا تغتم منه ثم دعا ويسر لي امري. يعني اجعل امري يسيرا علي ويسر اسبابه. واعني عليه وازل موانعه. فهذا دعاء الجامع العظيم لا يغب عن قلبك ولسانك في كل ما تطلب. رب اشرح لي صدري ويسر لي امري. ومهما توفرت لك اسباب العمل فلن تشرع فيه بجد الا اذا شرح الله تبارك وتعالى صدرك له. لذلك بدأ به موسى عليه السلام ثم ذكر سائر الاسباب. جاء الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا فرض الله علي فلما اخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي اكرمك لا اتطوع شيئا ولا انقص مما فرض الله علي شيئا هذه نيته وعزمه لكن لم يعلق النبي صلى الله عليه وسلم فلاح الرجل على مجرد الرغبة في الخير بل على ان يصدق فعله قوله فقال افلح ان صدق قال له النبي صلى الله عليه وسلم فاعني على نفسك بكثرة السجود. وهنا امران اولا ان من يصف لك الطريق لن يسلكه بدلا منك. فانت بطل هذه القصة وثانيا انه ليس بينك وبين ما تطلب مما تقدر عليه الا هوى نفسك. فان غلبته افلحت فاصرفه عني واصرفني عنه. لماذا؟ لماذا يصرفك الله عنه لان الشيء قد يصرف عنك ولا تصرف انت عنه تبقى تفكر فيه وتتحسر على فواته وتضيع ما بين يديك. قال ابو ذر يا رسول الله الا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذ بحقها. وادى الذي عليه فيها. وفي رواية ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له اني اراك ضعيفا واني احب لك ما احب لنفسي من الخير. لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم. وفي هذا الحديث ان حبك لاخيك ما تحب لنفسك هو ان تصدقه النصيحة وان تختار له ما يناسبه من الاعمال لا ما يناسبك انت وفي الحديث ان من لم يقدر المسافة بينما يملك وما يريد فانه سيضيع ما يملك ولن يدرك ما يريد وفي الحديث ايضا ان من كان اهلا لهذه الامانة وكان قويا على حملها يعلم انه سيقوم بحقها فلا حرج عليه ان يطلبها. بل يستحب له ذلك ولذلك لما قال الملك ليوسف عليه السلام انك اليوم لدينا مكين امين. قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ ومن كان كذلك فهو من احسن الناس عملا. ومن اكثرهم اجرا وفي ذلك الحديث المعروف الامام العادل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يولي العمل من هو احق به الذي رأى رؤيا الاذان هو عبدالله بن زيد. والذي وافقه على رؤياه هو عمر بن الخطاب ومع ذلك وكل النبي صلى الله عليه وسلم امر الاذان الى بلال بن رباح رضي الله عنه. لماذا؟ لانه اندى صوتا هو احسن من يقوم واذا نظرت في حال ابي موسى الاشعري فقد اوتي مزمارا من مزامير ال داوود ومع ذلك لم يتفرغ للامامة او تعليم القرآن او الاذان. لماذا؟ لانه كان قادرا على ما هو انفع للمؤمنين منها كان عاملا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض اعمال اليمن ثم استعمله عمر على البصرة ثم استعمله عثمان. وفي هذا بيان ان المسلم وان كان قادرا على اعمال كثيرة بكفالة فانه يختار اعلاها نفعا للمؤمنين واكثرها اجرا. وعن ابي موسى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له الا ادلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة قال قلت بلى يا رسول الله فداك ابي وامي قال لا حول ولا قوة الا بالله لا حول ولا قوة الا بالله. يعني لا حيلة ولا حركة ولا استطاعة الا بمشيئة الله وارادته لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل خير الا بالله. لا حول عن معصية الله الا بعصمته. ولا قوة على طاعته الا بمعونته. فهذا ذكر عظيم جامع فيه استسلام العبد وتفويضه وفقره الى ربه تبارك وتعالى. واعتراف منه بان ربه تبارك وتعالى لا راضي لامره ولا معقب لحكمه. وان العبد لا يملك من امره شيئا فهذا كنز تستعين به على ما تطلب وتحذر. ذخيرة نفيسة فيها التبرأ من القوة والحيلة. والاقرار بان انه لا يوصل الى تدبير امر او تغيير حال الا بمشيئة الله وعونه. وتذكر عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله الله عليه وسلم اذا كان في فراشه فسمع المؤذن وثب وفي هذا بيان عظيم لهدي المؤمن اذا دعي الى عمل صالح ان يقوم اليه بجد وعزم ومبادرة ونشاط ولابد ان تعلم ان الشيطان عدو مضل مبين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من مكر الشيطان بابن ادم عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم اذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقد عقدة عليك ليل طويل. فارقد فان استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فان توضأ انحلت عقدة فان صلى انحلت عقدة فاصبح نشيطا طيب النفس. والا اصبح خبيث النفس كسلان استعن بالله تبارك وتعالى في دفع الكسل بذكر الله تبارك وتعالى وبالوضوء وبالصلاة وبالرياضة وبتنظيم الغذاء وكذلك بصحبة الخير. كان الصحابة في غزوة بدر كل ثلاثة من الرجال يتناوبون الركوب على جمل واحد لقلة عدد الابل. فكان ابو لبابة وهو رفاعة بن عبدالمنذر الانصاري الاوسي وعلي بن ابي طالب زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن مسعود فكانت اذا جاءت نوبة نزوله صلى الله عليه وسلم ليركب احد زميليه قال له نحن نمشي عنك يا رسول الله يعني نمشي بدلا منك وتظل راكبا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما انت ما باقوى مني على السير انا قادر عليه ومستطيع له وما انا اغنى عن الاجر منكما. اي ولست مستغنيا عن اجر المشي في سبيل الله تبارك وتعالى. وفضلا عما في هذا الحديث من حسن خلقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن الصحبة والمواساة في الرفقة والتواضع لله. الا انه بيان جلي على حرصه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الازدياد من العمل الصالح. لا يستغني عن فضل الله تبارك وتعالى. فلا تزهد في صالح اتيح لك وانت قادر عليه ولا تحقرن من المعروف شيئا عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال انما اخشى عليكم من بعد ما يفتح عليكم من بركات الارض ثم ذكر زهرة الدنيا فقام رجل فقال يا رسول الله او يأتي الخير بالشر فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم قلنا يوحى اليه وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير. ثم انه مسح عن وجهه رأى فقال اين السائل انفا؟ او خير هو؟ او خير هو؟ او خير هو ان الخير لا يأتي الا بالخير. وفي رواية ان الخير لا يأتي بالشر وانه مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم الا اكلة الخضر. اكلت حتى اذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فسلطت وبالت ثم رتعت. وان هذا المال خضرة حلوة ونعم صاحب المسلم لمن اخذه بحقه. فجعل في سبيل الله واليتامى والمساكين وابن السبيل. ومن لم يأخذه بحقه فهو كالاكل الذي لا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة في هذا الحديث خاف النبي صلى الله عليه وسلم على امته مما يفتح عليهم من بركات الارض ومن زهرتها يعني من خيرها ويقصد بذلك المال. لانه قد يفتن به صاحبه. وقد يشغله عما خلق له. وشبه آآ ما يفتح ومن الدنيا بالزهرة لانها سريعة الذبول. وكذلك الدنيا لا تبقى. كما قال الله تبارك وتعالى اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو كن وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد. كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون ابن حطامة وفي سؤال الرجل اويأتي الخير بالشر؟ يريد يا رسول الله ان كان هذا المال من الله تبارك وتعالى عطاء. والمرء قد ينال هذا العطاء من حله. فكيف يكون عليه شرا؟ فاوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب الجامع العظيم فقال له او خير هو او خير هو؟ او خير هو؟ يعني هل ما يعطاه الانسان من زهرة الدنيا يكون خيرا دائما؟ انما هو في وابتلاء وانما يكون خيرا او شرا على صاحبه بحسن تصرفه او بسوء تصرفه. فلذلك قال بعده آآ ان الخير لا يأتي الا بالخير ثم بين له بمثالين يعلمهما السائل كيف يكون العطاء خيرا او شرا بحسن التصرف او سوء التصرف قال وانه مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم. الربيع هو الجدول الذي يسقى به الزروع. نهر صغير يتفرع من النهر الكبير وتنبت بسببه الزروع والاعشاب. والحبط هو الالم يعني ان تأكل الدابة من العشب حتى ينفخ لذلك بطنها. فما تنبته الارض هو عطاء ومع ذلك منه ما تقتل به البهيمة او يضرها ضررا يقارب الموت. مثل البقول التي تستكثر منها الماشية فتضرها ولا تخرجها بيسر وتهلك بسببها يعني بسوء تصرفها. وهذا المثل يعني ان الاستكثار من المال والخروج عن حد الاقتصاد فيه يجعله شرا على صاحبه. وضرب هذا مثلا للحريص على جمع المال المانع له من حقه المشغول به عن طاعة الله وكم من انسان كلا كان على هدى وصلاح ومسارعة في الخيرات فلما وسع عليه شغل عن الطاعات وعاش على الملهيات وفتحت له ابواب ابواب من الشر كانت مغلقة عليه لانه لم يكن قادرا عليها. او طغى بماله وتكبر او صار عبدا لماله يجمعه لا يعبأ ايجمعه من حلال ام من حرام؟ وهذا ما ذكره الله تبارك وتعالى في قوله ومنهم من عاهد الله لان اتانا من فضله صدقن ولنكونن من الصالحين فلما اتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فاعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه فيما اخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون. والمثل الثاني هو حسن التصرف والاقتصاد في الاخذ والانفاق. قال فان اكلة الخضر فانها اكلت حتى اذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فسلطت وبالت ثم رتعت اكلة الخضر الخضر هو نوع من الكلأ يعجب الماشية. وقال امتلأت خاصرتاها وهما جانبا البطن. استقبلت اين الشمس وهذا آآ من احسن حالاتها سكونا وسكينة لماذا؟ لانها اذا اكلت تريد ان تهضم فهي اذا استقبلت عين الشمس اعانها ذلك على الهضم. بخلاف المثال الاول فهي تأكل من غير اقتصاد حتى تصاب بالانتفاخ فتموت. وقوله ففلقت يعني القت ما في بطنها رقيقا. يعني عفوا من غير مشقة وقوله ثم ركعت اي رجعت لتأكل مرة اخرى. وهي خفيفة الحركة تذهب وتجيء. لماذا؟ لانها تأخذ بحكمة واقتصاد. ولا يحملها توفر العشب على ان تأخذ ما لا تحتاجه. فتهلك في الاخذ الاخراج. اذا يبقى لها نفع ما اكلت ويخرج فضوله. ولا تتأذى به فتأخذ خيره وتسلم من شره. فكذلك المقتصد من المال ومن زهرة الدنيا. فانه يأخذ بحقه وهو في قناعة ورضا. وان اخذ كثيرا فانه يفرقه في وجوهه وحقوقه وفي الله فهذا لا يضره ما اخذ من الدنيا. كما ان ما تأخذه اكلة الخضر لا يضرها. وتلقي ما في بطنها من غير مشقة المال هذا نال خيره وسلم من شره. فكان بركة عليه ونعم الصاحب في الدنيا والاخرة. واما من اخذه بغير حقه فلن يبارك الله تبارك وتعالى له فيه. ولن يقنع ولو اعطي كنوز الدنيا وهو كالملهوف الذي لا يشبع من الطعام مهما اكل منه. فالحرام خبيث لا يرضي ولا يسعد ولا يكفي. ويأتي شاهدا عليه يوم القيامة بحرصه واسرافه وانفاقه فيما لا يرضي الله. فيكون عذابا عليه في الدنيا والاخرة. كما قال الله تبارك وتعالى فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم. انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا. وفي الاية الاخرى قال والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. فبشرهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فوقوا ما كنتم تكنزون. اذا ما يتوفر للانسان من المال والعطايا والمواهب والقدرات انما هو ابتلاء. لينظر الله تبارك وتعالى عمل الانسان فيه. فان اخذه بحقه واتقى الله تبارك وتعالى فيه. واعين به على معاشه ودينه فهو نعمة في حقه. واما من لم يأخذه بحق او اخذه بحقه لكنه طغى به وتكبر او لم يتق الله تبارك وتعالى فيه او منع حقه او استعمله وفي غير طاعة الله كان شرا عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه وحبيبه ابي طالب يا عم قل لا اله الا الله كلمة اشهد لك بها عند الله. وفي رواية كلمة احاج لك بها عند الله سبحان الله ظل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عمه حبيبه الى الاسلام من اول البعثة والى ان حضرته الوفاة يريد له الهدى يريد ان ينقذه من النار. فاعظم علامة على الحب الصادق ان تنفع حبيبك في دينه. وان تسعى في وقايته من النار فكل شخص تحبه ولا تسعى فيما ينفعه في دينه فحبك له ناقص وخير ما تقدمه لاحبابك امك ابيك اخيك اهلك ولدك صديقك ان تعينه على دينه ان تعلمه ان تشجعه ان تسهل له سبل استقامة ان تتابعه ان تعاونه في ذلك. ثم يأتي بعد ذلك كل رعاية واكرام. ولو ان شخصا قدم لحبيبه كل ما في المتعة والراحة والاكرام ولم يكن صادقا معه في امر دينه فهو مقصر في حقه اعظم تقصير بل هو غاش له وكم ممن يبحث عن تفاصيل اسعاد والديه وراحتهما في الدنيا وربما انفق عليهم للسفر للنزهة في اوروبا مثلا وسكنهم في افخم فنادق واطعمهم في افخم المطاعم. وهو نفسه لا يشغله الاهتمام بصلاتهما او عبادتهما. ولم يسع في ان يحج بهما بيت الله في الحرام ولو مرة يعني لم يحج بهم حجة الاسلام واذا نظرت في هدي الصالحين لوجدت ان الاهتمام بدين من يحبون هو اعظم ما يقدمون لهم ويأخذون باسبابهم. نوح عليه السلام قال يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين وابراهيم عليه السلام قال لابيه يا ابتي لا تعبد الشيطان ان الشيطان كان للرحمن عصيا. يا ابتي اني اخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا. ودعا ربه وجنبني وبني ان نعبد الاصنام ويعقوب عليه السلام لما حضرته الوفاة جمع ابناءه فقال لهم ما تعبدون من بعدي؟ قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا. ونحن له مسلمون فالوالد الذي يبحث عن افضل الاسباب والفرص ليعلم ولده ما يظن انه يؤمن به مستقبله في دنياه الفانية ولا سيعلمه ما يجعله صالحا يتولاه الله تبارك وتعالى به ولا يعلمه ما ينقذه به من النار فهو الخاسر حقا. قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة لان كل مصيبة من مصائب الدنيا هينة واعظم المصائب هي مصائب الدين ولذلك في دعاء المؤمنين ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين يعني تقر اعيننا اعيننا بهم اذا كانوا صالحين يعملون بطاعة الله فالمؤمن لو جمع له كل ما في الدنيا فلن تقر عينه الا بصلاح اهله وولده. سئل الحسن البصري رحمه الله يا ابا سعيد ما هذه القرة الاعين؟ افي الدنيا ام في الاخرة؟ قال لا بل والله في الدنيا ان يري الله العبد من زوجته من اخيه من حميمه طاعة الله. لا والله ما شيء احب الى المرء المسلم من ان يرى ولدا او او حميما او اخا مطيعا لله عز وجل. قلت وسيبقى الى يوم الدين خير الناس للناس من دعاهم الى سبيل واعانهم عليه وبصرهم عند الفتن وثبتهم عند الشدائد. واوصاهم بالحق واوصاهم بالصبر. وهم الذين قال الله فيهم من خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم واني والله ان شاء الله لا احلف على يمين فارى غيرها خيرا منها الا كفرت عن يميني واتيت الذي هو خير وفي هذا ان المؤمن لا ينبغي له ان يثبت على امر رأى غيره خيرا منه. فاقبل سلمان الفارسي على اخيه في ابي الدرداء فقال له ان لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولاهلك عليك حقا فاعط كل ذي حق حقه العلم بالحقوق والموازنة بينها والا يكون قيامك بحق منها على حساب تضييع غيرها هو اساس الفلاح الاصلاح العام. قال ابو مسعود البدري رضي الله عنه لما نزلت اية الصدقة كنا نحامل كأنه يشير الى قول الله تبارك وتعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم. وقوله كنا نحامل اي نحمل لغيرنا على ظهورنا بالاجرة بقصد التكسب حتى نخرج الصدقة وهذا وصف لحالهم من الفقر والشدة في ذلك الوقت. في رواية قال فما يجد احدنا شيئا يتصدق به حتى ينطلق الى السوق على ظهره فيجيء بالمد فيعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فابو مسعود ومن هم آآ مثل حاله في ذلك الوقت لم يكونوا واجدين ما يتصدقون به وما آآ يعملون به آآ بهذه الاية الكريمة التي تأمر بالصدقة. فيذهبون يحملون الصدقات للناس حتى يكون لهم من المال ما يتصدقون به ابوا الا ان يكونوا للزكاة فاعلين. فليس آآ معنى كونك فاقدا لمؤهلات عمل انك عاجز عن التأهل قولي له ومن يتصبر يصبره الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس وهنا امران رئيسان الاول كما ان الغني حقا هو الله تبارك وتعالى فالمراد بغنى النفس هنا غناها بالله الغني الحميد وهو فقرها الى الله تبارك وتعالى في كل شيء. كل شيء ومن استغنى عن الناس بغير الله فهو فقير ايضا سواء استغنى بماله او منصبه او عشيرته او غير ذلك. ولن يكون غنيا حقا حقا الا اذا كان غناه بفقره الى الله ثانيا انما يصير الانسان غنيا اذا سدت فاقته ودفعت حاجته. ولن يستغني الانسان عن الملهيات ومزاولة ومد عينيه الى متاع الدنيا الا اذا ملئ قلبه بطلب معالي الامور والسبق الى الله. وبقدر ذلك تنزاح عنه تلقائيا تلك الامور ويكون غنيا بالخير الذي يشغله وفي غنى عن كل ما لا ينفعه مما يحتاجه غيره او يفتقر اليه او لا يتصور الحياة بدونه. فاللهم ربنا اغننا بك وبفضلك عمن سواك وصرف قلوبنا الى طاعتك. قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم فمحل نظر الله تبارك وتعالى منك قلبك وعملك فاخسر الناس عملا من قضى عمره آآ يصلح بدنه وجلده وشعره ومظهره وبيته وسيارته وهاتفه ولم يسع لاصلاح قلبه وعمله الذي هو محل نظر ربه وهو الذي يجازى به قال الرجل قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ فقال له العالم نعم. ومن يحول بينك وبين التوبة؟ انطلق الى ارض كذا وكذا فان بها اناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع الى ارضك فانها ارض سوء وفي هذا بيان اثر المكان والصحبة ان طلب العبد لنفسه ولاهله وولده ان يقيموا بمكان يكونون فيه اقرب الى طاعة الله وابعد عن معاصيه امر عظيم واحسان يحتاج مجاهدة وعزما وصبرا لانه في سبيل ذلك حتما سيبذل كثيرا من دنياه ويفقد كثيرا منها لذلك وعد الله تبارك وتعالى كل من يجاهد نفسه على ذلك ويصبر في سبيله حسنة في الدنيا وجزاء واجرا بغير حساب في الاخرة. قال الله عز وجل قل يا عبادي الذين امنوا اتقوا ربكم للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة. وارضوا الله واسعة انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب فاعظم ما يطلب في مكان الاقامة التقوى والاحسان في العبادة. وليس ذلك مخصوصا ببقعة من الارض دون غيرها وانما يختلف ذلك من شخص لاخر. فخير ارض لكل انسان حيث يكون واهله وولده ابر واتقى فهذا ميزانك فان الارض لا تقدس احدا انما يقدس الانسان عمله وانت بصير بنفسك يمكنك ان تزن به شأنك لا تحتاج في ذلك الى آآ من آآ يعرفك هل هذه الارض خير لك او هي عليك والله تبارك وتعالى لن يضيع عبدا جعل معياره وبوصلته في قراراته رضى الله تبارك وتعالى. وكم من والد لا يشغله آآ تلك الامور وانما يطلب في مكان الاقامة المرتب الحدائق المواصلات النظافة الاصحاب المحلات المدارس يشغله كل شيء الا امر دينه ودين اهله وولده فتذكر خير مكان لكل انسان حيث يكون واهله وولده ابر واتقى. وعن سهل بن سعد الساعدي مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تقولون في هذا؟ قالوا حري ان خطب ان ينكح وان شفع ان يشفع وان قال ان يستمع ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين وقال ما تقولون في هذا؟ قالوا حري ان خطب الا ينكح وان شفع الا يشفع. وان قال الا يستمع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الارض من هذا في هذا الحديث آآ بيان ان ما قام المرء ومنزلته ليست بجاهه ولا ماله ولا سلطانه ولا بصورته عند ناس وانما هي بتقواه وصلاحه ومقامه عند ربه تبارك وتعالى. وكذلك ليس التفاضل بينهما بغنى او فقر ان اكرم الناس عند الله اتقاهم. وفي بيان هذا قال عتبة ابن غزوان رضي الله عنه في ختام خطبته البليغة عن النهي عن الاغترار بالدنيا وفتنتها قال واني اعوذ بالله ان اكون في نفسي عظيما. وعند الله صغيرا. اعوذ بالله به واتحصن بالله ان اكون في نفسي عظيما بان يوهمني الشيطان ان نفسي رفيعة المنزلة وان اكون في واقع الامر عند الله خسيسا حقير المنزلة فمنزلة العبد عند الله تبارك وتعالى بالتقوى والايمان والعمل الصالح. فنعوذ بالله ان نكون في انفسنا عظماء وعند الله صغارا وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا اخبركم عن النفر الثلاثة اما احدهم فاوى الى الله فاواه الله واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه واما الاخر فاعرض فاعرض الله عنه لذلك القي بنفسك في طريق الله ولا تستحي ولا تعرض. فربك يؤوي من اوى اليه. ان قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فان استطاع الا تقوم حتى يغرسها فليغرسها. السؤال لماذا يغرس الفسيلة اذا قامت الساعة من المنتفع؟ استشكل بعض الشراح هذا الحديث من هذا الباب فلذلك حمله كثير منهم على قرب قيام الساعة لكن الصواب ان شاء الله انه يغرس الفسيلة وان قامت الساعة لان هذا هو مقتضى الحق والعدل الحق في شأن الفسيلة ان تغرس. وان لم ينتفع منها احد. فهذا الحديث يعلمك ان تفعل ما ينبغي ان يفعل. ان تفعل مقتضى الحق والقسط دون ان تنظر الى الاثار وهو عند الله عظيم فذاك الانصاري الذي بات هو وزوجه طاوين من الجوع واكرما ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما اصبح غدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يدري منزلة عمله عند الله. بل لعله نسيه. فاذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره ان الله ضحك وفي رواية عجبة من فعله هو وزوجه وانزل فيهما قوله ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة. ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون وفي كل ما تطلب ليكن بين عينيك هذه الاية المحكمة ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم. ومما ذكرناه عن الصحابة رضي الله عنهم يظهر انهم كانوا على اصول اربعة. اولا الدين عندهم هو عصمة امرهم واعظم ما يعيشون به وله. والدار الاخرة ورضوان الله اعظم ما يعملون له ثانيا القرآن وبيانه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هما اصل الهدى الذي يهتدون به ويحكمونه عليهم ظاهرا وباطنا ويسلمون له تسليما بانشراح صدر دون جدال او اعتراض ثالثا المبادرة للاستجابة والعمل بما علموه دون تردد او مماطلة. رابعا المداومة والثبات على الحق لا يبدلون ولا تغيرهم الحوادث ولا تفتنهم الدنيا. وهذه الاربعة هي اخص ما ينبغي ان يحيا في شباب الاسلام فاكثرهم غرته الحياة الدنيا والهته وشغلته عن طلب العلم بدينه والاستقامة عليه وارادة الله والدار الاخرة. وكثير منهم لا يطلب الهدى ففي دينه وعمله من القرآن والسنة اصلا. واذا بلغه حكم عنهما اعترض وجادل فيه والقى الشبهات والاشكالات عليه فلا يسلم له ولا يحكمه على نفسه. وكثير منهم وان رضي حكم الله ورسوله فانه ضعيف العزم يماطل في العمل به. ويتردد ويختلف الاعذار للتهرب من العمل ويغلبه هواه كثيرا. وكثير منهم وان اراده وشرع فيه بالفعل فليس لديه عزم على الطريق لا يكون ثابتا بل تغيره الحوادث ويفتن. لذلك فهذه الاربعة الدين عصمة الامر ساسو والاهتداء بالوحي والتسليم له. والمبادرة للاستجابة والعمل والثبات في الامر من اعظم ما ينبغي ان يبث في في شباب الامة بل في كل مسلم وان يبين اسبابه وان يشجع عليه. وختمتها لكم بهذه القاعدة العظيمة لا ملجأ من الله الا اليه لن تخرج من سخط الله الا باستغفاره وبالتوبة اليه وبالعمل الصالح فالسابق بالخيرات قد يضعف وقد يقصر وقد يذنب بل قد يقع في كبيرة لكنه لا يرضى عن حاله. بل ينهض مرة اخرى ليستأنف السبق فهو يعلم ان ربه كما انه اهل التقوى فهو اهل المغفرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بالتوبة يا كعب ابشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك امك سبحان الله وبين المشهد الاول حينما قال كعب فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم تبسم تبسم المغضب وبين مشهد التوبة. قال فلما سلمت عليه كان وجهه يبرق بالسرور. وكان اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة بين المشهدين قصة صدق وصبر واحتساب ويقين وما يلقاها الا الذين صبروا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلني فقال ربيعة بن كعب اسألك مرافقتك في الجنة يعني اريد ان اتعلم الاسباب التي بها اكون رفيقا لك في الجنة. كأن ربيعة يقول عشت في صحبتك جنة في الحياة الدنيا فلا يكتمل فرحي في جنات النعيم الا ان اكون بجوارك ونحن نرجو الله تبارك وتعالى بتعلمنا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ان يحيينا الله على سنته. وان يجعلنا معه في الجنة قولوا امين وما يمسك ادعو الى ابي وفي جوارك في الجنات يدنيني في جنات يدني اني ذكرتك فافرت بساتين وانت انت حياة في شرايينك