الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم هذه كلمتي الى طلبة وطالبات برنامج البناء المنهجي الدفعة الخامسة احب ان استفتحها بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات في فلسطين والسودان وسوريا وفي كل بقعة يبتلون فيها اللهم اربط على قلوبهم وفرج كربهم واطعمهم من جوع وامنهم من خوف اللهم اهدهم وسددهم واخز عدوك وعدوهم وثانيا بالدعاء للقائمين على توعية المسلمين ابناء وشبابا الذين يسعون لتنشئة المؤمنين والمؤمنات على هدى من الله تبارك وتعالى وفي طاعته واخص في هذا المقام القائمين على برنامج البناء المنهجي ادعو لكل من شارك في هذا البرنامج او آآ علم فيه او آآ كان يعمل في الادارة او شارك فيه باي نوع من مشاركة ادعو لهم بالبركة وبالهدى وبالسداد وبالقبول ثم ادعو لطلبة الدفعة الجديدة خصوصا ان يهديهم الله تبارك وتعالى وان يسددهم وان يهيئ لهم من امرهم رشدا وان يفرغ عليهم صبرا فيما هم مقدمون عليه من طلب الفقه في الدين ونية ان يكونوا من المصلحين هداة المهتدين. قولوا امين وبعد اه فمن الدعاء الجامع المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول اللهم اني اسألك العزيمة في الرشد او العزيمة على الرشد والثبات في الامر والعزيمة في الرشد يعني انك اذا سمعت بامر من الخير واتيحت لك فيه فرصة ان تعزم عليه وان تدخل فيه دون تردد والثبات في الامر ان تستمر والا تنقطع ولا تعجز الى ان تتمه وتنجزه وكثير من الناس عنده نية خير. عنده رغبة في الخير واذا سمع بفرصة بادر للالتحاق بها فيبدأ لكنه بعد مدة يجد نفسه في طريق يتطلب تغيير بعض بعض عاداته اليومية آآ وفيها كذلك بعض المعوقات ويحتاج جهدا فيبدأ شيئا فشيئا بالتقصير والتأجيل والمماطلة وهو تحدثه نفسه انه اذا اراد ان يعوض او ان يستدرك ما فاته فانه سيقدر بعد مدة تتراكم عليه الامور ويصعب عليه تعويضها لماذا؟ لان هذا التعويض يتطلب جهدا اكبر ووقتا اطول فحينها يقرر الاستسلام وقليل من الناس يستمر لمدة واقل منهم من يستمر بنفس الشغف والقوة والجد واقل القليل من يشرع في امر من معالي الامور ويتم هذا الامر الى اخره لذلك لابد ان تعي هذه القاعدة قياس صبر الانسان على العمل يكون في اخر العمل وليس في اوله في اول العمل يكثر طلابه اه لان كثيرا من الناس فيهم نية الخير والرغبة وكثير منهم لا يتصور آآ متطلبات هذا الهدف ولا يتصور عوائقه. وشيئا فشيئا يقلون لوجود العوائق او اتباعا لاهوائهم اه اه ودواعي الكسل والمسليات والملهيات ودوامة الاخبار والاحداث فتنقضي ايامهم دون تحصيل اي هدف اذا نية الخير والرغبة فيه لا تكفيان لذلك قال النبي قال الله تبارك وتعالى وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فلن يتم الحق الا بالصبر ولا يبقى آآ في طريق الحق او في تحقيق اي هدف الا من ثبتهم الله تبارك وتعالى من الموقنين بقيمة آآ اعمالهم والمتصبرين آآ فيه لذلك الله تبارك وتعالى كما اثنى على السابقين الاولين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بسبقهم ومبادرتهم وصبرهم فقد تمم الثناء عليهم بقوله من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا يعني ان دخولهم في الاسلام وسبقهم لم يكن لحظة عابرة او مدة من الزمن ثم انقلبوا بل كان قرارا وعهدا تحملوا تبعاته وابتلوا باصناف البلاء ابتلوا بقلة عددهم وبمخالفة دين الاباء والكبراء. وبالتعذيب لهم وبالسخرية منهم. والسخرية من نبيهم والاستهزاء ثم آآ ابتلوا بالهجرة. ثم باحكام شرعية كثير منها آآ يخالف الاهواء ثم بالجهاد ثم بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبقتال المرتدين ومانعي الزكاة قتال اعظم آآ مملكتين آآ فارس والروم ثم بزهرة الدنيا التي فتحت عليهم وما فتح عليهم من بركات الارض ثم فتنة مقتل عثمان ابن عفان رضي الله عنه وما تبعها آآ موقعة الجمل والصفين وفتنة الخوارج ثم ابتلوا بامراء يهدون بغير هدي النبي صلى الله عليه وسلم وبالاثرة وغير ذلك من اصناف البلاء التي لقوها بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك كله كانوا على الهدى صابرين محتسبين وما بدلوا تبديلا وفي وسط الطريق سقط المذبذبون والمترددون. ومن كانوا يعبدون الله على حرف ومن في قلوبهم مرض لم يتحملوا تبعاتهم الاستقامة. اذا لابد ان تعي من اول لحظة تطلب فيها آآ اي هدف ان المنزلة العليا عند الله لا تنال بمجرد حب الخير والرغبة فيه والشروع في بداياته. بل آآ انما تنال بالعزيمة على الرشد والثبات في الامر رغم كل ما تلاقيه في سبيل ذلك. لذلك لما سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم آآ عن فرائض الله تبارك وتعالى واخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل والذي اكرمك لا اتطوع شيئا ولا انقص مما فرض الله علي شيئا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم افلحت وانما قال افلح ان صدق لم يعلق النبي صلى الله عليه وسلم فلاح الرجل على مجرد الرغبة في الخير بل في ان يصدق فعله قوله اذا عقلت هذا الامر فاقول لك في بداية رحلتك في هذا البرنامج اريد ان تبقى بعض الامور في قلبك وامام عينيك امران فارقان في حياتك يؤثران على كل تفصيلة في حياتك في تفكيرك وطموحك واهدافك وسعيك وهمك وفرحك وحزنك واختيارك لاصدقائك وكل شيء الامر الاول ان ان تعقل هذه الاية وامثالها في القرآن قال الله عز وجل وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما الا بالحق وان الساعة لاتية في هذه الاية يبين الله تبارك وتعالى انه يجب على كل انسان ان يعلم او ان يكون على يقين من ان ربه تبارك وتعالى ما خلق السماوات والارض وما بينهما الا بالحق فانت لم تخلق لعبا ولا لهوا ولا عبثا ولا باطلا ولم يتركك الله تبارك وتعالى سدى لا تؤمر ولا تنهى ولا تبعث ولا تحاسب ولا تجازى بعملك فمن كان موقنا بان ربه تبارك وتعالى خلقه بالحق وموقنا بانه ميت ومبعوث وموقوف ومسئول عن عمله ومجازى به فلا يحق له ابدا ان يمضي عمره في غفلة ولعب وباطن ولهو بل لا بد ان يمضيه في الحق. ما هو هذا الحق الحق الذي خلقت له ان تحيا على هدى من الله على بينة من الله على نور من الله على بصيرة من الله هذا اولا ثانيا ان تعي انك خلقت لمعالي الامور لتسابق في الخيرات وتسارع فيها وتحسن العمل. قال الله تبارك وتعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. وقال ولكن ليبلوكم فيما اتاكم فاستبقوا الخيرات اذا هذه المعاني لابد ان تعقلها سارعوا استبقوا سابقوا ليبلوكم ايكم احسن عملا. انا لا نضيع اجر من احسن عملا. وفي سياق اخر يقول الله تبارك تعالى قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا. اكثر الناس بس وان كان آآ وان كان كثير من الناس يعبدون الله تبارك وتعالى لكن لا يعون هذا الامر بمعنى انهم لا يستخرجون اه قدراتهم ومواهبهم وما توفر لهم من الفرص ولكنهم يؤدون اداء ضعيفا جدا لا يناسب ما وهبهم الله تبارك وتعالى لهم من القدرات والمواهب والنعم وعامة آآ ما اوتوه يضيعونه في النوم والكسل والتسالي والاغراق في المباحات والجدال والتكثر من اعمال لا يحسنون منها شيئا لذلك الله تبارك وتعالى قال ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن ذلك هو الفضل الكبير فمنازل المؤمنين من امة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة منهم ظالم لنفسه بتفريط وتضييع وتقصير وغفلة وبفعل آآ بعض المعاصي ومنهم مقتصد مؤدي للواجبات ومجتنب للمحرمات ومنهم من جمع مع اداء الواجبات والفرائض السبق المسارعة في الخيرات. يجتهد في الاعمال الصالحة يحسن العمل ويتقي الله تبارك وتعالى. يعلم ماذا عليه من الحقوق ويسارع في ادائها. ويستبق الخيرات في اعمال البر والخير ونوافل آآ الطاعات وذلك هو الفضل الكبير وكل ينال من فضل الله بحسب عمله لابد ان تعلم ان اعظم السبق آآ هو بالفرائض. قال الله تبارك وتعالى وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ومن هذه الفرائض هي فروض الكفايات يجب ان يكون في المؤمنين من يقوم بها. ومن اعظم فروض الكفاية منزلة في الدين. وفضلا واجرا واثرا على امة اسلام الصبر على طلب العلم والتعليم والدعوة والاصلاح والتربية وهذا الباب من ابواب الخير من اعظم الابواب التي ينبغي ان يكون في امة الاسلام من يحرصون على اعداد شباب المسلمين ليسدوا هذا الباب العظيم الذي تحتاجه الامة في كل زمان ومكان ومن الاثار الحسنة التي تبين هذا المعنى ان حبان ابن موسى آآ رحمه الله وكان تلميذا لعبدالله بن المبارك قال عوتب عبدالله بن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان عبد الله بن مبارك كان رجل اعمال كان غنيا طبعا يعني كان يضرب في كل ابواب الخير باسهم وليس بسهم واحد. في العلم والجهاد والفقه آآ وآآ والانفاق في سبيل الله. وكذلك الحديث وآآ كل باب من ابواب الخير طبعا العبادة كان يحرص على ان ان يضرب باسهم فيها فعاتب انه يعني يجمع المال ثم يفرقه في البلدان فبماذا اجاب؟ قال رحمه الله اني لاعرف مكان قوم لهم فضل وصدق طلبوا الحديث فاحسنوا طلبه. والناس محتاجون اليهم وهم بحاجة الى انفسهم وذراريهم. فان تركناهم ضاعوا فعلمهم وان اعناهم بثوا العلم في امة محمد لا اعلم بعد النبوة افضل من بث العلم فهذا الرجل المصلح يعقل قيمة اعداد الدعاة والمصلحين الذين جمعوا بين العلم والاخلاص والتقوى والصبر فهم آآ ورثة الانبياء وهم الذين يبثون العلم في امة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا المعنى هو الذي اراد ابن القيم رحمه الله ان يلفت اليه نظر طالب العلم من اول لحظة لحظة اه يطلب فيها العلم ليوسع نيته في طلب العلم. لماذا؟ لان الاعمال بالنيات ومن معاني ان الاعمال بالنيات ان العمل يتسع بقدر اتساع النية وقال ابن القيم من طلب العلم ليحيي به الاسلام فهو من الصديقين ودرجته بعد درجة النبوة هذا المعنى العظيم آآ يبين قدر الصبر على طلب العلم الذي يكون من نية آآ الطالب فيه ان يحيي الاسلام يعني ان يكون من الدعاة الى الله لا لا يكون حظه من طلب العلم مجرد ان يرفع الجهل عن نفسه. او ان يحصل معارف ومعلومات بل ان به هو وان يحييه في الناس ليقوم الناس بالقسط. السؤال هنا لماذا هذا الفضل العظيم لمن تعلم العلم بهذا هذه النية ان يكون من الهداة المهتدين ومن الدعاة والمصلحين. حتى تفهم هذا الفضل وتتشجع عليه ساوجز لك الامر اه في بيان مختصر قال الله تبارك وتعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز الله تبارك وتعالى جعل النبيين ائمة يهدون بامره. وبعثهم مبشرين ومنذرين ومعهم الكتاب المنزل من الله. ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه وليعلموا الناس لماذا خلقوا؟ وكيف يهتدون؟ وماذا يتقون؟ ليقوم الناس بالقسط. واعظم القسط ان يكون الدين كله لله وان يعبد الله على هدى من الله وكذلك ليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب والله تبارك وتعالى لما ارسل رسله كان الناس تجاه دعوة الرسل صنفين منهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة الفريق الذي حقت عليه الضلالة هو كافر مكذب يسعى في الصد عن سبيل الله ويمكر بانبياء الله واتباعهم يستهزئ بهم ويستخف ويسخر ويتغامز ويضحك ويحذر اتباع الرسل من عاقبة اتباعهم وكثير منهم قاتل رسل الله وانبيائه بل قتلوا كثيرا منهم وكل ذلك مذكور في كتاب الله تبارك وتعالى مفصلا. ولذلك قال الله عز وجل اتواصوا به بل هم قوم طاغون. يعني لم يوصي بعضهم بعضا هذه سنة اكابر المجرمين لذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا. يعني يقولون فيه آآ انه سحر وكهانة ويصدون عن آآ سبيل الله. وعن القرآن يقولون لا تسمعوا لهذا القرآن ويفتنون اتباعه. بين الله تبارك وتعالى سنته وفي ذلك فقال وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين. وكفى بربك هاديا ونصيرا فبين الله تبارك وتعالى انه ما من نبي الا وله عدو من المجرمين فسبب عداوة المجرمين لانبياء الله تبارك وتعالى ان الانبياء بعثوا بالحق والعدل واخلاص الدين لله وصالح الاخلاق والنهي عن الكفر والفسوق والعصيان والفحشاء والمنكر وخلف هذا الفساد يعيش المجرمون فهم صناعه وهم اكثر المنتفعين به واكثر المنتفعين من وجوده وكثرته فلا يستغرب ابدا من عداوتهم لمن يطلب الاصلاح والحق والخير. فلذلك آآ قال ورقة ابن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم بعدما اخبره بخبر بدء الوحي قال هذا الناموس الذي نزل الله على موسى يا ليتني فيها جذعا ليتني اكون حيا اذ يخرجك قومك فقال النبي صلى الله عليه وسلم اومخرجيهم؟ قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به الا عود وان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا النبي صلى الله عليه وسلم يجيب بفطرته السليمة فيقول كيف يخرجوني كيف يخرجونني؟ لماذا يعادونني؟ وقد جئتهم من عند الله بالبينات وبالهدى وبدين الحق وبصالح الاخلاق فمن كان كذلك ينبغي ان يرحب به وان يحب وان يوقر وان يطاع وان ينصر. فاخبره ورقة بسنة المفسدين المجرمين قال لم يأت احد قط بمثل ما جئت به الا عودا. يعني لابد ان يكون له اعداء من آآ المجرمين يقعدون له ولاتباعه كل مرصد يعيدون ويصدون عن سبيل الله من امن به ويبغونها عوجا. فمن اعتاد على الفساد وانتفع منه فانه يعادي الصلاح وكل من يدعو اليه اذا فهمت هذه المقدمة فلابد ان تعلم ان هؤلاء اذا كانوا شر الناس عند الله وشر الناس اثرا على الناس ففي مقابل هؤلاء اولوا بقية من الناس آآ هم الذين يعني يشرون انفسهم ابتغاء مرضات الله وهم الذين اصطفاهم الله تبارك وتعالى ليقوموا بالقسط وليكونوا ورثة الانبياء. وهم الدعاة الى الله وهم المصلحون. قال الله تبارك وتعالى وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون. فهؤلاء هم الهداة المهتدون يهتدون في انفسهم بهذا الوحي ويستقيمون عليه وكذلك يعدلون آآ في قضائهم وحكمهم على انفسهم على غيرهم ويدعون الناس الى سبل الله اه او الى سبيل الله تبارك وتعالى. وهؤلاء هم اولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير اصاب ارضا وكان منها نقية قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها اجاذب امسكت الماء. فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا واصابت منها طائفة اخرى انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ كذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به فاذا خير الناس عند الله تبارك وتعالى اولئك الذين صبروا على تعلم ما ارسلت به الرسل واهتدوا به في انفسهم ودعوا الناس اليه. فهؤلاء هم اولى الناس برسل الله تبارك وتعالى وهم الذين ينصرون الله تبارك وتعالى ورسله بالغيب اذا علمت هذا فان مقدمة كل هذا الخير هي في الصبر على التأهل لهذا الفرض العظيم. وهو الصبر على طلب العلم فمن لم ينوي ان يصبر على طلب العلم فلا يحق له قط ان يتكلم عن الاصلاح والتربية والتعليم والدعوة الى الله. لماذا لان كل من اراد ان يكون على هدى وبينة وبصيرة ونور. وان يكون تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام العظيم لابد ان يتصبر على طلب العلم فهو مفتاح ذلك كله. والذي يحول بين كثير من الراغبين وبين ذلك الخير العظيم انهم يريدون ان يكونوا مكان البطل عند عند التتويج وقت استلام الجائزة دون ان يسلكوا طريق البطولة لذلك آآ النبي صلى الله عليه وسلم لما آآ سأله ربيعة بن كعب مرافقته في الجنة قال فاعني على نفسك بكثرة سجود فمن يصف لك الطريق لن يسلكه بدلا منك فانت بطل هذه القصة وليس بينك وبين ما تطلب مما تقدر عليه الا هوى نفسك. فان غلبته افلحت لذلك سأوجز لك آآ عشر نقاط آآ في هذا الباب ارجو آآ ان تكون يعني اضاءات لك في هذا الطريق باذن الله تبارك وتعالى ما الذي يعينك على العزم والثبات والاستمرار والهدى في هذا الطريق. اولا انت فقير الى الله. في كل شيء واعظم ما تفتقر الى الله تبارك وتعالى فيه الهداية والسداد قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي العظيم يا عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم وعلم النبي صلى الله عليه وسلم علي ابن ابي طالب ان يقول اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم والهدى هو ان تعرف ما الذي ينبغي ان تطلبه وان تتعلم طرق الموصلة اليه. والسداد ان تبلغ ما تطلب وان تصيبه. فقبل ان تسأل رب لك العون والسداد سله الهداية ان ان يعينك على تحديد الهدف وعلى معرفة الطريق. فهذا اول ما تحتاجه. وكثير من الناس يعيش لا يعرف ماذا يطلب ولا الى اي شيء يسعى يعيش في دوامة الحياة تقلبه الاحداث. عايش يتسلى ويأكل ويشرب ويشرب ويقتل وقته. عايش على المولات وعلى اللعب وعلى اللابتوب وعلى يوتيوب وعلى فيسبوك ولا يعرف كيف يمضي عمره. يتفاعل مع كل من حوله وما حوله الا فيما يخصه وينفعه ويعنيه لذلك ربنا تبارك وتعالى بين ان الحياة الدنيا عند اكثر الناس لعب ولهو وزينة وتفاخر بينهم وتكاثر في الاموال والاولاد وذكر سبحانه وتعالى الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبوا وغرتهم الحياة الدنيا. يعني خدعتهم واشغلتهم عما كان ينبغي ان ينشغلوا به وفي هذا المقام تذكر هذا الدعاء العظيم وهذا الذكر العظيم. لا حول ولا قوة الا بالله. فانها كنز من كنوز الجنة تتحول من حال الى حال الا بالله. لن تتحول من حال الكسل الى النشاط الا بالله. لن تتحول من حال الاهمال الى حال الجد الا بالله لن تتحول من حال المعصية الى حال الطاعة الا بالله. وكذلك لا قوة الا بالله فلن تقوى على اي امر مهما كان يسيرا الا بالله ولذلك في سياق طلب العلم كان بعض كبار ائمة العلم من اهل التفسير يقول ربما طالعت على الاية الواحدة نحو مائة تفسير. ثم اقول يا معلم ادم علمني. لماذا؟ لانه لا علم لاحد الا آآ بما شاء الله تبارك وتعالى هذا اولا. ثانيا احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز احرص على ما ينفعك فيها معنيان. الاول ان تميز ما الذي ينفعك وما الذي لا ينفعك. وان تخرج من حياتك كل ما لا ينفعك وان تأخذ بكل سبب لتحقق ما ينفعك ثالثا اجمع قلبك على هدفك ولا تشتت نفسك لان العمر قليل والوقت قليل ابن تيمية له قاعدة جميلة يقول ومعلوم ان من اجتمع همه على شيء واحد كان ابلغ فيه ممن تفرق همه في اعمال متنوعة رابعا تذكر دائما قيمة ما تطلب وفضله وثوابه فمنزلة العبد عند الله ليست فقط فيما يحسن وانما فيما يطلبه ويأخذ باسبابه ويسعى اليه. فمن طلب الشهادة بصدق فهو عند الله شهيد وان مات على فراشه. فده تذكر ان الله تبارك وتعالى يسر لك ان تكون اختارك للاسلام اصطفاك للاسلام وهداك للقرآن ولحب سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ووفر لك برامج معدة لك ومعلمين. وآآ من يتابعك ومن يهتم بك ومن يختبرك ومن يشجعك على هذا الطريق فالله تبارك وتعالى سيسألك عن ذلك كله. فتذكروا فضل ما شغلك الله به مما يعينك على الثبات والعزم فيه. خامسا حفظ الوقت وحسن استثماره قال النبي صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس. الصحة والفراغ كثير من الناس يبذل هذا الكنز الثمين فيفرط فيه بلا ثمن. لا اقول بثمن بخس بل بلا ثمن. لا بد ان تحفظ وقتك انما ما انت ايام وكل يوم هو ثانية. فلابد ان تعلم ان هذا الوقت الله تبارك وتعالى عمرك هذا العمر لتملأه بالعلم النافع والعمل الصالح. فيعني كن بخيلا بوقتك ان يهدر فيما لا يرضي الله. سادسا تفعيل العلم فعل ما توعظ به كلما تعلمت اية او حديثا او حكما او دعاء او ذكرا او عملا صالحا او نافلة بادر به. عود نفسك انك كما تتعلم الا ليظهر اثر العلم عليك سابعا قم الى العمل بجد ونشاط لا تقم بتثاقل وتردد ومماطلة. سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان ينام اوله ويقوم اخره فيصلي ثم يرجع الى فراشه. فاذا اذن المؤذن وثب شف شف ام المؤمنين رضي الله عنها كيف تصف لنا حال قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سمع الاذان وثب اقدام مبادرة قوة جد. كذلك آآ النبي صلى الله عليه وسلم يعلمك كيف تدفع الكسل. لان الشيطان لا يريد فقط ان يوقعك في في المعاصي وان يقعدك عن الفرائض وانما يريد كذلك ان تقعد عن معالي الامور وعن طلب الخير. فلذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من مكر ببني ادم. قال النبي صلى الله عليه وسلم يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم اذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة ليل طويل ترقد يعني نام هو دايما عايزك تكسل وتنام وتقضي حياتك على اللعب الالعاب الالكترونية او الاخبار التافهة او الافلام والمسلسلات هو يريد منك اما ان يصدك عن الهدى او يزين لك الباطل او ان تمضي حياتك في ما لا ينفعك فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما ذكر هذه الحالة قال فان استيقظ استيقظ فذكر الله انحلت عقدة. فان توضأ انحلت عقدة فان صلى انحلت عقدة فاصبح نشيطا طيب النفس الا اصبح خبيث النفس كسلان فاذا عليك بذكر الله بالوضوء بصلاة ركعتين ممارسة الرياضة تنظيم الغذاء تحسين عادات اليوم النظافة النظام المجاهدة لا تستسلم لداعي الكسل والنوم والملهيات والاصدقاء التافهين الفارغين ودوامة الاحداث والاخبار كل من حولك ممن تعجب بهم في اي مجال ليسوا اناسا محظوظين او خارقين او موهوبين بالفطرة او ظروفهم مساعداهم او ليس عندهم عوائق لا ليس بينك وبينهم فارق الا المجاهدة والتصبر ومن يتصبر يصبره الله. وما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر. لذلك بادر اذا كان عندك برنامج بادر المذاكرة وانجاز ما وراءك وتذكر ان العمل يجب عليك منذ تكلف به وليس قبيل موعد التسليم. فلذلك انجز ما وراءك يعني يوما بيوم وكما قلت لك يعني قبل ذلك الناس لا ينقسمون الى ناجح وفاشي. بل ينقسمون الى صابر مواظب والى شخص سريع الملل. ثامنا من خير ما تعان به على الهدى عموما وعلى التوفيق في العلم والعمل به تقوى الله اتق الله واحرص على طاعته واجتنب معاصي الله تبارك وتعالى واعلم ان الله تبارك وتعالى قال لا تتبعوا خطوات الشيطان. فلذلك تذكر دائما انك قوي في البعد عن المعصية ما دمت لم وفيها خطوة فين خطاوتة فيها خطوة؟ صرت اضعف والشيطان اقوى. فاستعن بالله تبارك وتعالى ولا تقرب هذه الامور واجتنبها لله تبارك وتعالى وتذكر في امور الملهيات والمسليات هذا القانون. والنفس راغبة اذا رغبتها فاذا ترد الى قليل تقنع. النفس لن تشبع من الملهيات ومن المسليات ومن التوافه لن تتوقف عند حد معين الا بان تعودها انت وان تفطمها. تاسعا صحبة الخير من اعظم ما تتصبر به على هذا الطريق ان يكون لك اصحاب آآ يشاركونك في هذا الهدف. فاذا لم يوجد هؤلاء اصنعهم انت تعرف على الاصدقاء الخير. آآ الصديق الخير هو الذي آآ يعينك على طاعة الله. هو الذي تتذكر الله تبارك وتعالى بجلوسك معه. يرفع همتك يعينك يتابعك يشجعك ولابد هنا ان تحب الخير لاخوانك وان تتعوذ بالله من شح النفس. وان تتواضع لله وان آآ تخفض جناحك للمؤمنين. والا تبغي ولا آآ لا يعني الا تبغي ولا تستعلي بما تحصل فانما تتعلمه انما هو ابتلاء من الله تبارك وتعالى ليرى شكرك وحسن عملك. عاشرا تنتظر من يتابعك او يراقبك او يشدد عليك او آآ يعاتبك او يشجعك او يكافئك او يلاحظ انجازك كثير من الناس يتحرك بمتابعة غيره. لا. كن ذلك كله لنفسك. وكفى بالله عليما. وكفى بالله شهيدا. وكفى بالله وكيلا. وكفى بالله لله هاديا ونصيرا. قدر هذه الفرصة التي اتيحت لك. وقدر ان هذه الفرصة قد لا تعوض ربنا قال استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم. واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه. يمكن ان يحالك بينك بينك وبينه. اذا ماطلت وتأخرت واختلقت الاعذار يمكن ان تحرم منه. فظنك انك قادر عليه في اي وقت هذا ليس صحيحا. والله تبارك وتعالى ذكر اقواما هددهم بالاستبدال وهددهم بانهم سيحرمون من هذا العمل. اخر ما اوصيك به هو هذا الدعاء العظيم. رب اشرح لي صدري ويسر لي امري دعاء جامع مبارك الله تبارك وتعالى لما ارى موسى الايتين ليكون على بينة ويقين امره بامر عظيم. من شأنه ان يدخل الروعة في النفس. لانه سيذهب الى اعظم ملوك الارض وطغاتها يومئذ. يصارحه بضلاله ويدعوه الى الله. فلذلك قال رب اشرح لي صدري وسع صدري لهذا الامر. وازل منه وكل ما يكدره ويوجب تردده. فشرح الصدر للعمل معناه ان تطمئن له وان ترضاه وان تقبل عليه بفرح واستبشار وجد ونشاط وسكون البال بحيث لا تتردد فيه ولا تغتم بسببه ويسر لي امري يعني اجعله علي يسيرا يسر اسبابه وازل موانعه. فهذا الدعاء الجامع لا يغب عن قلبك ولسانك. في كل ما تطلب؟ ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري. لانك مهما توفرت لك اسباب العمل يمكن ان يكون عندك الكتب بافضل النسخ. النسخ وعندك المعلمون وعندك البرامج وعندك اللابتوب وعندك المكتب والجو جميل. وانت تسكن في مدينة جميلة ومع ذلك صدرك ضيق عن هذا العمل فلن يتسع صدرك الا باذن الله تبارك وتعالى. فلذلك اكثر من هذا الدعاء. مهما توفرت لك اسباب العمل فلن تشرع فيه بجد الا اذا شرح صدرك له. ولذلك بدأ موسى عليه السلام بهذا الدعاء. رب اشرح لي صدري ثم سأل عن سائر الاسباب بعده ويسر لي وتذكر ان هذا العلم دين ان هذا العلم دين فهو من الله. وبالله ولا ينبغي ابدا ان يبذل الا لله تبارك وتعالى وابتغاء مرضاته. اما عن تفصيل آآ دراسة الكتب وآآ المذاكرة وحسن اختيار الكتاب والتأهب للكتاب والانتفاع منه والتلخيص وتقييد الفوائد وتوظيفها وغير ذلك مما يحتاجه طالب طالب العلم فقد ذكرت ذلك مفصلا في يعني اكثر من ست دورات. يعني آآ بايجاز يمكن ان تراجع سلسلة آآ دراسة الكتب التأسيسية في العلوم الشرعية. واسأل الله تبارك وتعالى لكم الهدى والسداد والثبات. وان آآ يجعلنا الله تبارك وتعالى واياكم هداة مهتدين وان يبارك الله تبارك وتعالى في كل القائمين على آآ تنشئة الشباب على هدى من الله. واخص بالذكر القائمين على برنامج البناء المنهجي. اسأل الله تبارك وتعالى ان يهديهم وان يسددهم وان يثبتهم. وان يقبل اعمالهم. والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته