واذا كان حديثنا عن الوحي عن القرآن الكريم فينبغي ان نبين فضل تعلم القرآن. ينبغي ان نبين ما جاء في كتاب الله في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحث على طلب علم القرآن والحث على طلب الزيادة من علم القرآن. ومع معنى قول الله تبارك وتعالى وقل رب زدني علما. وقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما. المراد به القرآن فمن الامور المحكمة التي جاءت في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على تعلم القرآن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال خيركم وفي لفظ ان افضلكم من تعلم القرآن وعلمه وعن عقبة ابن عامر قال خرج الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال ايكم يحب ان يغدوا كل يوم الى بطحنة او العقيق فيأتي منه بناقتين. فيأتي منه بناقتين كوماوين من في غير اثم ولا قطيعة رحم. قلنا بلى يا رسول الله كلنا نحب ذلك. قال افلا يغدوا احدكم الى المسجد فيعلم او يقرأ ايتين من كتاب الله خير له من ناقتين. وثلاث كن خير له من ثلاث واربع خير له من اربع ومن اعدادهن من الابل كذلك عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله القرآن فهو يقوم به اناء الليل واناء النهار ورجل اتاه الله مالا فهو ينفقه اناء الليل واناء النهار. فصاحب القرآن الذي يعمل به وهو قائل به آآ ليله بالصلاة بتدبره والتفكر فيه وفي معانيه. ويقوم به بالنهار بامتثال احكامه وشرائعه هذا خير الناس. وآآ النبي صلى الله عليه وسلم حث متعلم القرآن على ان يتعاهده. كما في حديث ابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعاهدوا القرآن. فوالذي نفسي بيده لهو اشد تفصيا من الابل في عقولها يعني ان القرآن يتفلت من الصدور مما يحتاج الى آآ مواظبة ومراجعة وغير ذلك. الله سبحانه وتعالى امر بالتمسك بالقرآن وجزء عظيم من التمسك في بالقرآن ان تكون عالما بالقرآن. ان تكون ساعيا في ان يكون القرآن في صدرك ان تكون ماهرا بالقرآن. تلاوة وقراءة وعلما وعملا كما بين الله سبحانه وتعالى عاقبة من اعرض عن الكتاب لم يطلب علمه او لم يطلب العمل به. قال الله سبحانه وتعالى كتاب فصل تلت اياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون. بشيرا ونذيرا فاعرض اكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في اكنة مما تدعون اليه وفي اذاننا وفي اذاننا ومن بيننا وبينك حجاب. والله سبحانه وتعالى قص علينا قصة الذي اعطي الايات لكنه انسلخ منها فلم آآ يتبعها واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض واتبع هواه. فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث. ذلك مثل القوم الذين كذبوا باياتنا فقصص القصص علهم يتفكرون وجاء حديث عظيم جدا ينبغي ان يقف معه المسلم وقفة كبيرة. وهو حديث آآ سمرة بن جندب في القس في قصة الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم. حديث طويل آآ فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت الليلة اتى رجلين اتيان فاخذا بيدي. ساق الحديث وفيه حتى اتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر او اه صخرة فيشدخ به رأسه يعني الرجل الرجل معه صخرة يشدخ بها رأس رجل اخر فاذا ضربه تدهده الحجر. فانطلق اليه ليأخذه فلا يرجع الى هذا حتى يلتئم رأسه. وعاد رأسه كما هو فعاد اليه فضربه قلت من هذا؟ يعني في اخر رؤيا فسروا ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا والذي رأيته آآ يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار يفعل به الى يوم القيامة. لذلك يا شباب وجب ان نعرف كيف كان تأخذ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها لها حديث عظيم يبين كيف نزل القرآن وما الذي انزل في القرآن اولا وكيف تلقى الصحابة القرآن ولماذا استجابوا له؟ قالت عائشة رضي الله عنها انما نزل اول ما نزل من آآ منه يعني من القرآن سورة من المفصل. فيها ذكر الجنة والنار حتى اذا ثاب الناس الى الاسلام نزل الحلال والحرام حرام. ولو نزل اول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر ابدا. ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا ابدا لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم واني لجارية العب. بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وامر وما نزلت سورة البقرة والنساء الا وانا عنده. الملاحظ في هذا الحديث في فقه عائشة رضي الله عنها في بيان ما نزل من القرآن اولا وكيف آآ توطنت نفوس الصحابة لقبول القرآن باخباره واحكامه وشرائعه هو الرب بين ما نزل من القرآن وبين ايمان الصحابة انهم استعدوا لتلقي الوحي وللتسليم له. وفيه ان توطئة النفس بذكر ما ذكر في الصور المفصل من المعاني والاخبار والكلام عن الله تبارك وتعالى وعن اسمائه وافعاله ومحامده وقدره واليوم الاخر والكلام عن والنار ان كل هذا من المقدمات التي يحتاجها المسلم. وهذا قريب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الامانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن. وفي هذا الحديث بيان ان اهمال هذه الاساسيات او تجاوزها سبب لعدم قبول الشريعة او الشك فيها او في اخبارها. او بقاء حرج في النفس لاحكامها كذلك في هذا الحديث بيان ان النفس لا تتغير بسهولة عما اعتادت عليه وانما تحتاج ترتيبا وتدرجا وحكمة. كذلك فيه ان النفس مهما اعتادت على شيء فانها يمكن ان تتغير. وفيه كذلك ان الاسلوب الصحيح في اختيار المقدمات سبب في تغييرها وان تجاوز هذه المقدمات سبب في صعوبة تغيير النفس للافضل. فيه كذلك ان العلم باسماء الله وحكمة الله وايات الله في خلقه وفي النفس وجزاء الله تبارك وتعالى كل هذه الامور من اعظم ما يعين النفس على طلب التزكية ويصبرها عليه لذلك كان جمع المعاني والابواب التي جاءت في سور المفصل يعني من اول سورة قاف الى آآ نهاية المصحف هذا امر مهم جدا وتأسيسي. لقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم احرص الناس على الاعتصام بكتاب الله. وكانوا اعلم الناس به واعرف فهم بما يجب من حقه. ويجب على كل مسلم اذا اذا اراد ان يتعلم القرآن ان يسلك سبيله. ومن اعظم الجناية في تعلم القرآن ان يحصر تعلم القرآن في مجرد حفظ حروف القرآن. وهذا هو الذي شاع تجد الناس بدلا من ان يستعملوا كلمة تعلم القرآن يستعملون كلمة حفظ القرآن فيحصرون هذا المشروع العظيم في مجرد ان يكون القرآن في صدرك يتلوه يجري على لسانك او ان تتعلم احكام التلاوة. فلابد ان نعرف كيف تلقى الصحابة رضي الله عنهم القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن ابي عبدالرحمن قال حدثنا من كان يقرؤنا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الذين كانوا يعلمونه القرآن انهم كانوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ايات فلا يأخذون في العشر الاخرى حتى يعلموا ما فيها ما في هذا من العمل قال فعلمنا العلم والعمل. كذلك هذا يبين انهم لم يكن يشغلهم مجرد الحفظ او المراجعة. وانما يشغلهم العلم. العلم بمعاني القرآن والعمل والاستقامة عليه كذلك عن جندب رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاوره فتعلمنا الايمان قبل ان نتعلم القرآن ثم تعلمنا ان القرآن فازددنا به علما. كذلك عبدالله بن عمر وهذا حديث شريف يبين فيه عبدالله بن عمر لانه طال عمره بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فيحكي كيف تلقى هو واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ثم آآ كيف صار القرآن يتلقى من كثير من آآ التابعين قال رحمه الله لقد عشنا برهة من دهرنا. وآآ احدنا يرى الايمان قبل القرآن. وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وامرها وزاجرها وما ينبغي ان آآ نوقف عنده منها. كما تعلمون او كما علمونا انتم اليوم القرآن. ثم لقد رأيت اليوم رجالا يؤتى احدهم القرآن قبل الايمان. فيقرأ ما بين فاتحته الى خاتمة ولا يدري ما امره ولا زاجره ولا ما ينبغي ان يوقف عنده منه ينثره نثر الدقل والدقل اه يعني اه كأن هو التمر الرديء. فابن عمر رضي الله عنه هنا يبين كيف كانوا يتلقون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف صار القرآن متلقى من كثير من الناس. الحسن البصري رحمه الله وهو من ائمة التابعين يشرح ايضا هذا الوضع قال ان هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله ولم يتدبروا الامر من اوله قال الله تبارك وتعالى كتاب انزلناه اليك مبارك ليتدبروا اياته. قال وما تدبر اياته الا باتباعه. وما هو بحفظ بحروفه واضاعة حدوده. حتى ان احدهم ليقول لقد قرأت القرآن فما اسقطت منه حرفا. وقد والله اسقطه كله ما يرى القرآن له في خلق ولا عمل. حتى ان احدهم ليقول اني لاقرأ السورة في نفس واحد. والله ما هؤلاء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة. متى كانت القراء مثل هذا لا كفر الله في الناس امثالهم. كذلك ابن عمر ابين هذا المعنى. يقول كان الفاضل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الامة لا يحفظ من القرآن الا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن وان اخر هذه الامة يقرأون القرآن منهم الصبي والاعمى ولا يرزقون العمل به ابن مسعود اثر عنه انه قال ان صعب علينا حفظ حفظ الفاظ القرآن وسهل علينا العمل بها. وان من بعدنا يسهل عليه حفظ يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به. يعني آآ اثار كثيرة جاءت تصف آآ كيف تلقى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم العلم والايمان والقرآن والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويجب علينا ايها الشباب اذا اردنا ان نهتم ان نسلك نفس السبيل. فان المؤمن يحتاج ان تتهيأ نفسه الى ما في القرآن من الاخبار والاحكام والشرائع. ولا يكون ذلك الا بالقرآن نفسه. وما جاء فيه من بيان المحكمات في الكلام عن الله تبارك وتعالى والايمان به واسمائه وافعاله ومحامده والكلام عن عن رسل الله وعن ايات الانبياء والكلام عن الجنة والنار والكلام عن آآ ما بني عليه الاسلام