السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حديث من القلب ما الذي يشغل بالك؟ ماذا تطلب والى اي شيء تسعى؟ ما الذي تحرص عليه؟ ما الذي تفرح به؟ وما الذي تحزن عليه؟ ما الذي تحرص على تعويض انت وحدك من يستطيع ان يجيب على هذه الاسئلة بل الانسان على نفسه بصيرة. الجواب عن هذه الاسئلة يمثل اهم جانب في شخصيتك. خلقت مكرما في احسن تقويم. امرك الله تبارك وتعالى بطلب المعالي وحمل النفس عليها. قال تعالى ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها. وقد خاب من دساها. زكاها بطلب معالي الامور زكاها نماها رفعها ودساها الدس وادخال شيء في شيء بضرب من الاكراه قال تعالى ايمسكه على هون ام يدسه في التراب؟ الذي يطلب من الامور توافهها فقد دسنا نفسه وضع وجهه في التراب الله سبحانه وتعالى اعطاك قدرة وارادة ومواهب فاذا استعملتها في طلب المعالي كنت من خير البرية والا كنت من شر البرية. امرك الله تبارك وتعالى وسارعوا وسابقوا فاستبقوا امر الله تبارك وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم بطلب معالي الامور. قال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه. ورزق ربك خير وابقى. وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك. والعاقبة للتقوى. امره الله تبارك وتعالى ان يصبر فاصبر وما صبرك الا بالله. فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. فصبر النبي صلى الله عليه وسلم في طلب المعالي حتى كان خير اولي العزم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان رجالا من المسلمين لا تطيب انفسهم ان يتخلفوا عني ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله. والذي نفسي بيده لوددت ان اقتل في سبيل الله ثم احيي ثم اقتل ثم احيى. ربى النبي صلى الله عليه وسلم امته على الحرص على ما ينفع. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رباهم على طلب معالي الامور اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس رباهم على حفظ الصحة والفراغ فيما ينفع. قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس صحة والفراغ. وعلى ذلك كان صحابته الكرام ابو بكر رضي الله عنه كانت مطالبه اعلى المطالب. كان يريد ان يدخل من كل ابواب الجنة. امهات المؤمنين جميعا اخترنا الله ورسوله والدار الاخرة دون تردد مقداد ابن الاسود اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب طب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون. ولكن يا رسول الله نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك فسر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة رضي الله عنه لما علم بمجيء المشركين الى النبي صلى الله عليه وسلم وعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم يريد نصرة الانصار. قال يا رسول الله ايانا تريد. فوالذي نفسي بيده لو امرتنا ان نخيضها البحر لاخذناها. ولو امرتنا ان نضرب اكبادها الى برك الغماد لفعلنا. خبيب بن عدي رضي الله عنه في اخر وقت من عمره لم يشغله الا ان يلقى الله مسلما قال ولست ابالي حين اقتل مسلما على اي جنب كان في الله مصرعي. وذلك في ذات الاله وان يشأ يبارك على اوصال شلو ممزع. ربيعة بن كعب الاسلمي سأله النبي صلى الله عليه وسلم ما حاجتك؟ قال قال اسألك مرافقتك في الجنة. امرأة فرعون التي كانت تعيش رغد العيش. لكنها تركت ذلك كله لله. قالت ربي ابني لي عندك بيتا في الجنة. ونجيني من فرعون وعمله. هذه كانت مطالبهم. وهذا سعيهم. وهذه همتهم. ابن عمر رضي الله عنه على ماذا تحسر؟ تحسر على قراريط كثيرة اضاعها لانه لم يكن يعلم ثواب من صلى عليه على الجنازة وتبعها حتى تدفن. هذا هو الذي كان يشغلهم. هذه مطالبهم هذه همتهم. هذا ما كان يفرحهم وهذا ما كان يحزنهم. وهذا ما كانوا يسعون في هذا الحديث بتأمل فهو يشرح اصناف الناس من حيث المطالب والسعي حي وترتيب الاولويات. وما الذي يحرصون عليه ويرضون بوجوده ويسخطون لفواته. نموذج من يعيش لشهوة او مال او طعام امن او لباس او متعة فارغة يحرص عليها ويرجوها ويطلبها. ويرضى بوجودها ويسخط لعدمها. تحولت عنده من مجرد وسيلة يتبلغ بها الى غاية بل الى معبود. وفي المقابل نموذج الشرفاء. اصحاب المطالب العالية ذاك الشخص الذي يعرف هدفه بدقة. ويجمع همه وقلبه عليه. ايا كان موقعه في الخير. وان لم يكن معروفا ان الناس فهو عند الله في اعلى المنازل. قال النبي صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ان اعطي رضي وان لم يعطى سخط تعس وانتكس واذا شيك فلنتقش. طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله اشعث رأسه مغبرة قدماه. ان كان في الحراسة كان في الحراسة. وان كان في الساقة كان في الساقة. ان استأذن لم يؤذن له وان شفع لم يشفع اخي الكريم يعظم الانسان ويكبر حتى يصير كانه جبل كانه امة حتى يكون خيرا من ملء الارض من غيره. بشرف ما يطلب وبقيمة سعيه وجهده. وفي المقابل يصغر ويتضائل حتى يكون كذبابة او ككلب يلهث بتفاهة ما يطلب وبتضييعه لعمره وجهده. قال الله تبارك تبارك وتعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية وفي المقابل اولئك هم شر البرية. وقال تعالى عنهم خشب مسندة. وقال تعالى عنهم واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاويين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض واتبع هواه. فمثله كمثل الكلب. ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث قال عنهم لتجدنهم احرص الناس على حياة. يريد ان يعيش اي حياة. لا يشعر بقيمة العمر ولا القوة ولا الصحة فتمضي ايامه فيما لا ينفع. قال الله تعالى سيصيب الذين اجرموا صغار عندي عند الله سيصيب الذين اجرموا صغار عند الله. وهل الحياة الا مجموعة مطالب؟ يبقى الانسان حيا ما طلبها. فاذا تركها مات وكانت الانعام اهدى سبيلا منه. قال تعالى ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون انهم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا واريد منك ان تقرأ هذه الايات بتدبر لتعرف ما الذي ينبغي ان يحرص عليه ويتسابق اليه قال الله تعالى اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال الاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما. وفي اخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان. وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. سابقوا الى لا مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم اخي الكريم قيمتك عند الله فيما تطلب وفيما تسعى. منزلتك عند الله فيما تطلبه بصدق وان لم تبلغه. قال النبي صلى الله عليه وسلم من سأل الله الشهادة بصدق انزله الله منازل الشهداء. وان مات على فراشه. اذا ليست قيمة الانسان محصورة فقط. فيما يحسن بل فيما يطلب ويسعى. لا يستوي عند الله من طلب المعالي وسعى فيها واجتهد. ومن كانت مطالبه تافهة وضاع عليه عمره. قال تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمن من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم. وقال تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبر الفتح وقاتل. وقال تعالى امن هو قانت اناء الليل تجدا وقائما. يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ان انما يتذكر اولوا الالباب الارادة. ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم. ولكن ينظر الى قلوبكم فما في القلوب واعظم ما في القلوب الارادة. من كان يريد الاخرة نزد له من كان يريد حرف الاخرة نزد له في حرثه الارادة. ماذا تريد؟ ماذا تطلب؟ والى اي شيء تسعى الانسان حتى لو كان كافرا فانه لا يرضى ان تمضي حياته في غير مطالب الامور العالية في الدنيا عنترة بن شداد لم يكن يملك شيئا من الحرية. ولد عبدا لكنه كان صاحب قلب وعزم وارادة لم يرضى لنفسه بالدون. نهته امه كثيرا عن تصدره الصفوف والقتال. لكنه كان يأبى وكان يعلمها ان من طلب المعالي هان عليه كل شيء في سبيلها قال عنترة تعنفني زبيبة في المنام على الاقدام في يوم الزحام. تخاف علي ان القى حمامي عن الرمح او ضرب الحسام. مقال ليس يقبله كرام ولا يرضى به غير اللئام. يخوض الشيخ في بحر المنايا ويرجع سالما والبحر طامي. ويأتي الموت طفلا في مهود. ويلقى حتفه قبل الفطام. فلا ترضى بما من قصة وذل وتقنع بالقليل من الحطام فعيشك تحت ظل العز يوما ولا تحت المذلة الف عام وكان كثيرا ما يعيب من يقنع بذميم العيش. اولئك الذين يجبنون عن التقدم عن العمل اولئك الذين لا يصبرون على المصائب. فكان يقول اذا قنع الفتى بذميم عيش وكان وراء سجف كالبناء ولم يهجم على اسد المنايا. ولم يطعن صدور الصافنات. ولم يقر الضيوف اذا اتوه يروي السيوف من الكمات ولم يبلغ بضرب الهام مجدا ولم يك صابرا في النائبات فقل للناعيات اذا نعته الا فاقصرن ندبا نادبات ولا تندبن الا ليث غاب شجاعا في الحروب الثائرات دعوني في القتال امت عزيزا. فموت العز خير من حياتي اقول اذا كانت هذه همة من يطلب دنيا. اذا كان هذا عزمه وعمله فكيف من يطلب العلم؟ كيف بمن يريد الفقه في الدين؟ كيف بمن يطلب ميراث الانبياء؟ كيف لمن يريد ان يدعو الى الله على بصيرة. والله انها لخير المطالب. قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير اصاب ارضا فكانت منها نقية. قبلت الماء فانبتت الكلأ والعشب الكثير. ذلك مثل من فقه في الله ونفعه الله ما بعثت به من الهدى والعلم فعلم وعلم. ومن احسن قولا من من دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين من طلب العلم والدعوة الى الله والاستقامة على منهج الله فقد طلب اعلى الامور وبهذه المعاني كان الائمة يذكرون طلابهم. يذكرون الناس بفضل العلم وبشرف هذا المطلب قال الفرابري رحمه الله وهو تلميذ البخاري هو كاتب صحيح البخاري. قال املى البخاري علي يوما حديثا كثيرة وخشي ملالي. يعني خايف ان انا اكون زهقت من كتر الكتابة فقال لي طب نفسا. فان اهل الملاهي في ملاهيهم. والتجار في تجارتهم صناع في صناعتهم. وانت مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه. هذا هو الذي ينبغي ان دوما ان الله تبارك وتعالى هداك للخير بطلب العلم. فقد طلبت اعلى الامور. لكن تلك تلك الارادة تلك الرغبة تلك المحبة لا تكفي. ينبغي ان تترجم الى عمل وسعي وتخطيط تفكير وصبر وجلد ومجاهدة. وهذا هو موضوع الحلقات القادمة ان شاء الله. نتكلم فيها عن قوة العزم عن الصبر عن الجلد في طلب العلم. ونتكلم عن ازالة المعوقات في هذا الطريق نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحبب الينا الايمان. وان يزينه في قلوبنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته