الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد اهنئكم وفريق العمل واهنئ الاخوة المستمعين بنعمة بلوغ هذا الشهر المبارك واسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعا فيه لصالح الاعمال هذا الشهر موسم من مواسم التجارة مع الله عز وجل بالاعمال الصالحة موسم ترفع فيه الدرجات وتضاعف فيه الحسنات وتكفر فيه الخطايا والسيئات وتعتق فيه الرقاب من النار من صامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه واذا كان من عادة ارباب الدنيا ان يجتهدوا في مواسم لهم بغية التحقيق اكبر قدر من الربح فكيف بالتجارة مع الله عز وجل لها مواسم ومن هذه المواسم هذا الموسم الذي نعيشه هذه الايام والذي نحن في غرته في غرة شهر رمضان في هذا الموسم العظيم العبادة كما تتضاعف يعظم اجرها بشرف المكان فهي كذلك ايضا يعظم اجرها ثوابها بشرف الزمان فالعبادة في رمظان ليست كالعبادة في غير رمظان بل عبادة في رمظان اعظم اجرا وثوابا. ولهذا ينبغي للمسلم اه اذا دخل شهر رمظان ان تتغير حاله للاحسن وان يجتهد في العبادات والطاعات وان يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة هذا الشهر العظيم آآ هو شهر القرآن كما قال الله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وهذا الشهر آآ تفتح فيه ابواب الجنة وتغلق فيه ابواب النار كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكما قال في حديث ابي هريرة اذا دخل رمظان فتحت ابواب الجنة وغلقت ابواب النار وسلسلت الشياطين وجاء في رواية اه عند الترمذي نادى مناد يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر اقصر تفتح ابواب الجنة من دخول شهر رمظان ترغيبا للعاملين في الطاعات اه تغلق ابواب النار رحمة بالمؤمنين قلة اقترافهم المعاصي في هذا الشهر وتصفد الشياطين ومردة الجن فلا يخلصون فيه الى ما كانوا يخلصون فيه الى غيره ومن فضائل هذا الشهر ان الله اختصه بفريضة الصيام التي هي من افضل الاعمال المقربة الى الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف قال الله الا الصوم. فانه لي وانا اجزي به يدع شهوته وطعامه من اجلي اختص الله تعالى بان يجزي على عبادة الصوم آآ جزاء خاصا من عنده جل وعلا وكما يقال العطية بقدر معطيها والله عز وجل هو اكرم الاكرمين هذا يدل على عظيم اجر الصيام وعظيمة ثوابه عند الله سبحانه ولذلك لو ان معلما قال للطلاب لك يا فلان عندي جائزة ولك جائزة ولك جائزة اما انت يا فلان فلك عندي جائزة خاصة الذي يفهم ان هذه الجائزة الخاصة افضل من جوائز بقية زملائه. هكذا ايضا الثواب على الصيام ثواب خاص من عند الله عز وجل بقية الاعمال الثواب عليها الحسنة بعشر امثالها الى اضعاف كثيرة لكن عبادة الصوم قال الله الا فانه لي وانا انسي به. اي ان الله يجزي عليه جزاء خاصا من عنده وهو جل وعلا اكرم الاكرمين قال اهل العلم وانما اختص الصوم من بين سائر الاعمال بذلك لشرف هذه العبادة ومحبة الله لها ولظهور الاخلاص فيها لان الصوم سر بين العبد وربه. لا يطلع عليه الا الله تعالى. فان الصائم يكون في الموضع الخالي من الناس متمكنا من تناول ما حرم الله تعالى عليه فلا يتناوله خوفا من الله سبحانه. يعني على الاقل ربما دخل دورة المياه لا يراه احد من الناس بامكانه ان يشرب او بامكانه ان يأكل لكنه يترك ذلك خوفا من الله سبحانه وتعالى لانه يعلم ان له ربا يطلع عليه في خلوته وقد حرم عليه ذلك ويتركه لله تعالى خوفا من عقابه ورغبة في ثوابه فيكون الصيام اقرب الى الاخلاص من سائر الاعمال ثم ان الصيام فيه صبر على الم الجوع والعطش وفيه صبر على طاعة الله تعالى وصبر على المعصية فتجتمع فيه انواع الصبر الثلاثة ووالله تعالى يقول انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ومن فضائل هذا الشهر المبارك اه ان من صامه وقامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وايضا من فضائله ان العمرة فيه لها مزية ولها خصوصية فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان العمرة في رمضان ثوابها ثواب حج. كما قال آآ عمرة في رمضان تعدل حجة او قال حجة معي. وهذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم وايضا من فطر فيه صائما كان له مثل اجره وايضا هذا الصوم فيه ليلة هي خير من الف شهر. وهي ليلة القدر. وتضاعف فيه الاجور والحسنات ولذلك ينبغي للمسلم ان يجتهد في ايام هذا الشهر ولياليه. وان يري الله تعالى من نفسه خيرا. فان العمر قصير الانسان لا يدري متى يفجأه الموت ربما يكون اخر رمضان يصومه مع المسلمين فعلى المسلم ان يغتنم هذا الموسم وان يجتهد غاية الاجتهاد فيه بالطاعات. يحافظ اولا على الفرائض وعلى الواجبات ثم استكثر من النوافل فهذا الشهر فرصة عظيمة للتزود بزاد التقوى وفرصة عظيمة للتوبة الى الله والانابة اليه جل وعلا وهو ايام معدودات سرعان ما ينقضي. ولذلك وصفه ربنا عز وجل بقوله اياما معدودات واذا كان اياما معدودات فسرعان ما تنقضي ايامه ولياليه فعلى المسلم ان يغتنم هذه الايام والليالي فيما ينفعه بعد لما مات وفيما يقربه الى الله عز وجل