الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فان ليلة القدر عظم الله شأنها وانزل فيها سورة كاملة من كتابه الكريم وقال انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر. سلام هي حتى مطلع الفجر وقال انا انزلناه في ليلة مباركة عظم الله تعالى شأن هذه الليلة فخصها بسورة كاملة تتلى الى يوم القيامة وقال انا انزلناه واي انزلنا القرآن في ليلة القدر ونزول القرآن في ليلة القدر من علماء معنيان بتفسيره الاول ان المقصود نزل من اه اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا كما روي ذلك عن ابن عباس ثم بعد ذلك نزل مفرقا على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى الثاني ان المقصود بنزول القرآن ابتداء نزوله وهذا المعنى ارجح لان الاثر المروي عن ابن عباس في سنده مقال وعلى هذا فالقول الراجح في معنى نزول القرآن في ليلة القدر اي ان ابتداء نزول القرآن في ليلة القدر ثم فخم الله شأنها فقال وما ادراك ما ليلة القدر وهذا لا يقال الا في الاشياء العظيمة. ولذلك عندما يذكر ربنا الساعة يأتي بهذا السؤال القارعة من قالها وما ادراك ما القارعة؟ الحاقة ما الحاقة وما ادراك ما الحاقة واتى جل وعلا بهذا التفخيم في ليلة القدر. اشارة الى عظيم شأنها ثم قال عز وجل ليلة القدر خير من الف شهر. اي ان العمل الصالح في ليلة القدر خير من العمل في الف شهر والف شهر تعادل ثلاثا وثمانين سنة واربعة اشهر ولذلك من وفق لليلة القدر فكأنما وفق لعمر مديد العمل في ليلة القدر ليس مساويا بل خير خير من العمل في الف شهر هي فرصة عظيمة للمسلم يعمل عملا قليلا ويؤجر اجرا عظيما سبحان الله سويعات يجتهد فيها المسلم وينال بها الاجور العظيمة سويعات العمل فيها خير من العمل في الف شهر وقد ورد في بعض الاثار ان النبي صلى الله عليه وسلم اعمار الامم قبله. كانت اعمارهم طويلة نوح عليه الصلاة والسلام مكث في قومه الف سنة الا خمسين عاما وكأن النبي صلى الله عليه وسلم تقاصر اعمار امته واعمار امتي ما بين الستين الى السبعين هذا هو متوسط اعمارها وكانه تقاصر اعمار امته فعوضت هذه الامة بهذه الليلة. تعمل عملا قليلا وتؤجر اجرا عظيما تنزل الملائكة والروح فيها. فالملائكة بمن فيهم الروح الذي هو جبريل عليه السلام تنزل الى الارض ليلة القدر. لترى عبادة المؤمنين وجاء في بعض الاثار انها تسلم على كل عبد قائم يصلي من مؤمن او مؤمنة وتبقى الملائكة الى طلوع الفجر الى انتهاء ليلة القدر ولهذا قال عز وجل سلام هي حتى مطلع الفجر سلام فهي ليلة سلام سلام ليلة امنة يسلم فيها المسلم من من العذاب ومن المعاصي فهي ليلة عظيمة مهيبة شريفة وقال عز وجل عنها انا انزلناه في ليلة مباركة وصفها بانها ليلة مباركة لكثرة بركاتها وخيرها انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم. اي في ليلة القدر يفرق اي يفصل كل امر حكيم اي ما يقدره الله عز وجل في السنة المقبلة. من اقدار الله المحكمة المتقنة التي لا خلل فيها وذلك انه يفصل من اللوح المحفوظ الى الصحف التي بايدي الملائكة ما يقدره الله تعالى في السنة المقبلة الى ليلة القدر من العام المقبل فيفصل اذا من اللوح المحفوظ الى الصحف التي بايدي الملائكة ما سيكون في عام كامل وفمن الناس من اه يكتب بانه سيموت هذا العام. ومنهم من يكتب بانه سيتزوج ومنهم من اه يكتب بانه سيولد له ومنهم من يكتب بانه سيرزق بكذا ونحو ذلك تفصل من اللوح المحفوظ الى الصحف التي بايدي الملائكة ما يقدره الله تعالى في ذلك العام. وهذا معنى قوله فيها يفرق ان يفصل فيها يفرح كل امن حكيم اي يفصل من اللوح المحفوظ الى الصحف التي بايدي الملائكة ما يقدره الله عز وجل في ذلك العام والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعظم ليلة القدر فكان اذا دخلت العشر الاواخر اعتكف في مسجده وانقطع عن الدنيا وتفرغ للعبادة طلبا لهذه الليلة الشريفة المباركة واخبر عليه الصلاة والسلام بان من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه والدعاء فيها حري بالاجابة. وقد رويت اثار عن كثير من السلف انهم دعوا الله تعالى بدعوات في هذه الليالي المباركة. فتبينوا اجابتها فينبغي لك اخي المسلم ان تجتهد في هذه الليالي المباركة فان فيها هذه الليلة العظيمة لعلك ان تدرك ليلة القدر فتنال بذلك خيرا عظيما وتنال بذلك اجورا كبيرة وتتعرض لنفحات الله عز وجل. وانه لمن الحرمان العظيم ان يفرط المسلم في هذه الليالي الفاضلة المباركة وان يمضي وقته في امور لا تنفع او في امور يمكن تأجيلها الى وقت اخر. فهذا هو وقت الجد ووقت ووقت الاجتهاد في الطاعة. فنحن في موسم عظيم افضل مواسم السنة وافضل ليالي السنة على الاطلاق ينبغي ان نجتهد في هذه الليالي المباركة وان نري الله تعالى من انفسنا خيرا