بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى انا وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وكل ضلالة في النار. اللهم اجرنا من النار بمنك وكرمك وفضلك يا ارحم الراحمين. لقد كتب الله سبحانه وتعالى على عباده انهم لا يكونون على حال واحدة. وانما يتقلبون في احوال مختلفة. وتلك الايام نداولها بين الناس فبين يكون الانسان في حال دعة وسرور اذا به يصاب بهم او بغم. وبين هو في صحة وعافية. اذا هو يبتلى بمرض وضعف وعجز. هذه سنة كونية قدرها الله سبحانه وتعالى على الناس اجمعين. كما قال الله سبحانه وتعالى لتبلون في وانفسكم. ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا اذى كثيرا فاكد الله عز وجل هذا الفعل فعل الابتلاء. تبلون اكده باللام المفيدة لمعنى التوكيد وفي اخره بالنون المفيدة لمعنى التوكيد. اشارة الى ان هذا الابتلاء واقع لا محالة. وان ذلك لا يمكن ان يتخلف. وان الذي لا يبتلى عليه ان يراجع دينه. وفهمه لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واخبر سبحانه ان هذا الابتلاء يمكن ان يكون في الاموال ويمكن ان يكون في انفس ويمكن ان يكون من الاذى الذي يتعرض اليه اهل الاسلام من الذين ينعتونهم بشتى اتهامات او يسبونهم او يشتمونهم او يؤذونهم في اعراضهم. كل ذلك لا بد منه وعلى المسلم ان نفسه على حصول ذلك. فاذا حصل هذا الابتلاء فكيف التعامل معه؟ اول ما تفعله ان تعلم ان هذا الابتلاء من عند الله سبحانه وتعالى قد يكون افضل لك في دينك وقد يكون دليلا الا ان الله عز وجل قد فضلك من بين الناس. كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل. يبتلى الانسان على قدر دينه. وعلينا ان نعلم ايضا ان مما يقويك ويصبرك على الابتلاء الايمان بالقدر. اي ان كل شيء كان او يكون او هو كائن هو بتقدير من الله سبحانه وتعالى. ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في حساب من قبل ان نبرأها. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كتب الله مقادير الخلائق الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. فحين تؤمن ان هذا البلاء مقدم عليك فان هذا يجعلك تصبر عليه صبرا يعينك في دينك وفي دنياك. والامر الثاني الذي تحتاج اليه في التعامل مع هذا الابتلاء ان تتذكر الاجر. الذي اعده الله عز وجل للمبتلى في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال يؤتى بانعم اهل الدنيا يوم القيامة ولكنه من اهل النار فيغمس غمسة في النار. ثم يقال له هل رأيت من نعيم قط هل ذقت من نعيم قط؟ فيقول لا يا ربي وعزتك وجلالك. ما رأيت نعيما قط ولا ذقت نعيما قط. ويؤتى بابئس اهل الدنيا ولكنه من اهل الجنة. فيغمس غمسة واحدة في الجنة. ثم يقال له هل رأيت من بؤس قط هل رأيت من شدة قط فيقول لا يا ربي ما رأيت بؤسا ولا شدة قط. ولذلك فان فضيل ابن عياض رحمه الله تبارك وتعالى يقول لو ان اهل العافية حين يرون ما يعده الله عز وجل لاهل البلاء يوم القيامة. حين يرى اهل العافية ما يؤتيه الله لاهل البلاء يوم القيامة يودون لو انهم ارجعوا الى الدنيا وقرضت. جلودهم بالمقاريض. من شدة هذا النعيم الذي يرونه حاصلا لاهل البلاء. وايضا مما يعين على الصبر على البلاء ان تتذكر ان البلاء قد يكون رفعا للدرجات. فقد جاء في الحديث ان الله يريد للعبد الدرجة في الجنة. فلا يصيبها بعمله. فلا يصيبها بعمله. فلا يزال الله عز وجل يصيبه او يصيب منه اي من جهة الابتلاء حتى يبلغ تلك الدرجة. وهذا يصدقه ايضا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت الصحيح عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير. اذا اصابته سراء شكر فكان خيرا له واذا اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك الا للمؤمن. وتأملوا ما وقع لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم افاضل الخلق فانهم بعد فتح مكة كما يقول اهل العلم كأنهم شعروا في انفسهم بشيء من الكبر. فاراد الله عز وجل ان يضع من ذلك الكبر في نفوسهم. فكانت واقعة حنين ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا. وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين في العادة في الغزوات السابقة. كان المسلمون دائما قلة. سواء في بدر او في احد او في غيرها. لكن من يوم حنين كانوا اثني عشر الفا. حتى قال احد المسلمين لن نغلب اليوم من قلة. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لانه عليه الصلاة والسلام ما كان مثل هؤلاء الصحابة على عظيم قدرهم وفضلهم فانهم فانه يوم فتح دخل متواضعا لله حانيا رأسه حتى ان لحيته لتمس مقدم سرجه من شدة تواضعه لله سبحانه وتعالى. فلذلك الابتلاء يعين على دفع الكبر عن النفوس. الابتلاء يعصم النفوس من الكبر والعتو والطغيان. الابتلاء مثل الدواء. كما ان النعمة قد تكون نقمة ابتلاء دواء يعطيه ربنا سبحانه وتعالى للمسلمين. لكي ينقذه ويبلغه الى اعلى مراتب الدنيا. واعلى مراتب بالاخرة. فاما اعلى مراتب الدنيا فمرتبة العبودية. واما اعلى مراتب الاخرة فاللقاء وبرب العزة جل جلاله في جنات الفردوس والتنعم برضوان الله سبحانه وتعالى. اللهم بلغنا الفردوس بما انك وفضلك وكرمك اللهم لا تكلنا الى عدلك ولكننا نطمع في فضلك والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وتابعيه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. يقول ربنا سبحانه وتعالى ولما رأى المؤمنون الاحزاب قال قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله. وصدق الله ورسوله. وما زادهم الا ايمانا. وتسليما هؤلاء المؤمنون حين جاءتهم الاحزاب من كل حدب وصوب يريدون استئصال شأفتهم. ما قالوا لما سلطوا علينا ما قالوا ان هذا من الابتلاء الذي لا نطيقه. ما قالوا لقد وعدنا خلاف هذا. وان انما قالوا هذا وعد الله. قال المفسرون اشاروا بقولهم هذا ما وعدنا الله ورسوله. الى ما جاء في الاية الاخرى وهي قول الله سبحانه وتعالى ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله؟ الا ان نصر الله القريب هذا هو الوعد. الله سبحانه وتعالى ما وعدنا بنصر مجرد عن الابتلاء. وانما وعدنا بابتلاء يعقبه نصر قريب بعد ان يمحص المؤمنون فان الناس قبل الابتلاء موكولون الى ظواهر احوالهم لكن حين يأتي الابتلاء يمحص الناس فيظهر اهل الايمان بايمانهم ويظهر اهل النفاق بنفاقهم وهم قبل ذلك مستورون. فلا يظهر حقيقة قلوبهم وخبيئة نفوسهم الا هذا الابتلاء فنسأل الله عز وجل ان نكون من الذين يصبرون على الابتلاء بعد ان يكون التمحيص وان ارزقنا النصر القريب. ومن عظيم فقه الامام الشافعي رحمه الله تبارك وتعالى انه قيل له ايهما ما اولى للمسلم ان يمكن او ان يبتلى فاجاب بعظيم فقهه رحمه الله لن يمكن حتى سلام هذا مصداق احاديث النبي صلى الله عليه وسلم. ومصداق ايات رب العزة جل جلاله. لا يكون تمكين الا بعد ابتلاء لا يكون نصر الا بعد ابتلاء. وهؤلاء سادات الخلق وهم الانبياء والمرسلون. كيف كانت احوالهم امكن لهم دون ابتلاء؟ ام انهم ابتلوا شديد البلاء؟ هذا ابراهيم عليه السلام القي في النار هذا اسماعيل عليه السلام اضجع للذبح هذا زكريا نشر بالمنشار هذا يحيى قتل هذا عيسى رفع ليصلب او اخذ ليصلب واريد له ان يصلب. هذا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابتلي البلاء الشديد وهو سيد الخلق مطلقا. ومع ذلك عليه هؤلاء الاعداء وهؤلاء المشركون ومنعوه من العبادة ووضعوا سلا جزور وعلى ظهره الشريف وهو ساجد قريبا من الكعبة وتسلطوا عليه يوم احد حتى كسرت رباعيته الشريفة ودخلت حلقة المغفر في وجنتيه الشريفتين وهو سيد البشر. واكرم البشر على ربه سبحانه وتعالى. فكيف يريد كائن من الناس اليوم وليس له عشر معشار ما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم من الكرامة على ربه كيف يريد ان يسلم من شيء من هذا الابتلاء وان يكون من الذين يتحقق لهم النصر دون ابتلاء ولا تمحيص على امتحان ولا اختبار هذا مناف لسنن الله في الكون. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يغفر لنا تقصيرنا قنا وتفريطنا وان يرحم ضعفنا وعجزنا. اللهم ان استغفارنا مع عظيم ذنوبنا لؤم ولكن تركنا الاستغفار. مع علمنا بسعة عفوك يا رحمن عجز فلكا تتحبب الينا بالنعم. وانت غني عنا. ولكم نتبغض اليك بالمعاصي. ونحن الفقراء اليك. يا من اذا وعد وفى ويا من اذا توعد تجاوز وعفى. ادخل عظيم ذنوبنا في عظيم عفوك ومنك وكرمك يا ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا تقصيرنا في نصرة اخواننا اللهم اغفر لنا تفريطنا وعجزنا في نصرة اخواننا. اللهم انصر المجاهدين في ارض فلسطين وفي غيرها من بلاد المسلمين اللهم انصرهم نصرا مؤزرا. اللهم اهلك عدوهم. اللهم انصر المجاهدين. اللهم كن لاهل فلسطين فلسطين ولا تكن عليهم. اللهم آوي. اللهم آوي شريدهم. اللهم ارجع مفقودهم. اللهم ارحم شهيدهم اللهم اشف جريحهم. اللهم يا رب العالمين كن لهم ولا تكن عليهم. اللهم ارنا عجائب قدرتك في عدوهم واعداء الدين وارحمنا واغفر لنا يا رب العالمين. واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين