لبيك يا مهما تعددت مناسك الحج زمانا ومكانا الا انها قائمة على معنى الاجتماع الذي تؤدى فيه عبادة الحج تحقق فيها الامة معنى الاجتماع والتلاقي. فلباس واحد ازار ورداء يستوي فيه الكبراء العظماء والرؤساء مع الضعفاء والمساكين والفقراء والبسطاء. حسبك ان الزمان والمكان الذي اجتمعتم فيه كفيل بان يفهمك عمق الاخوة التي بينك وبينهم. فما اجمله حينئذ ان تمتد قلوبنا قبل الايادي تصافح كل من حولنا في رحلة حجنا ان اجتماعكم هذا وتآخيكم وتلاقيكم هنا مؤذن بتجديد احدنا لاطراف امته مهما امتدت رقعتها على مساحة الخارطة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة حفظت لنا احداث السيرة النبوية انه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام اول ما قدم المدينة وبنى مسجده النبوي الشريف كان من اوائل القضايا التي استقر ترتيبها وبناء نظام دولة الاسلام فيها اخاؤه عليه الصلاة والسلام السلام بين المهاجرين والانصار وكل من قرأ السيرة عرف هذا الحدث العظيم. لتكون رسالة مدوية في سمع الامة الى قيام الساعة ان اخوة الاسلام وان التآخي بين امة الاسلام اصل راسخ وقاعدة صلبة تقوم عليه فيها امة الاسلام في كل زمان ومكان انظروا معي الى عبادة الحج وكيف تحقق فيها هذا المعنى الكريم من خلال ثلاثة معالم تبدو مترابطة لتعزز معنى الاخاء الاسلامي الذي تجتمع له جموع الحجيج في امة الاسلام من قريب ومن بعيد. لتحقق هذا المعنى الكريم. اول هذه المعالم ان الحج في طبيعته عبادة اجتماعية جماعية. لا تؤدى فرديا الا على مستوى الافراد في اداء عبادات الحج ومناسكه. لكن منظومة الحج وخطوات المناسك والانتقال فيها بين المشاعر تكون على فئة اجتماعية يقف الجميع بعرفة في يوم واحد ووقت واحد. وكذلك الشأن في المبيت بالمزدلفة او منى. رمي الجمرات ايامه واحدة وكذلك الشأن في طواف الافاضة والسعي مهما تعددت مناسك الحج زمانا ومكانا الا انها قائمة على معنى الاجتماع الذي تؤدى فيه عبادة الحج تحقق فيها الامة معنى الاجتماع فلا جرم ان يجد احدكم في رحلة حجه هذا المعنى وهو يتلفت يمنة ويسرة في كل مكان. يطوف بالكعبة. فاذا باخوته المسلمين عن يمينه وعن يساره. يسعى بين الصفا والمروة والشأن ذاته. فاذا صلى مع اخوته متراصين صفوف كالبنيان المرصوص حول كعبة طالما اتجهوا اليها في صلواتهم من قريب ومن بعيد. فاذا سلم امامهم يمنة ويسرة السلام عليكم ورحمة الله. ابصر ما انتهى اليه بصره من اخوته المختلفين. لونا وشكلا وثقافة ولغة لكنه في هذا المقام اخوة اجتمعوا لعبادة واحدة المعلم الثاني الذي نتلمحه في حجنا لبيت الله الحرام. الغاء الفوارق واذابة الحواجز وازالة كل ما من شأنه ان يوحي بتميز وتفاوت واختلاف. فلباس واحد ازار ورداء يستوي فيه الكبراء والعظماء والرؤساء مع الضعفاء والمساكين والفقراء والبسطاء. في الحج انت لن تميز نظرة ولا بهيئة او شكل لن تميز بين غني وفقير. ولا بين عربي واعجمي ولا بين مواطن ومغترب. كلهم في هذا المقام في هذه الرحلة حجاج لبيت الله الحرام قد تجردوا من اللباس. وارتدوا الازار والرداء وارتدت النساء ما شرع لهن ارتداؤه لا تبدو فيها مظاهر فخر ولا غنى ولا ترف. وان كان يعيشها اصحابها في كل ايام العام الا انهم في رحلة حجهم يراد للجميع ان يعيشوا معنى التآخي الذي يتساوى فيه الجميع. نعم وقد اتحد اعمال مناسكهم اتحدت هيئاتهم. ومظاهرهم ليعيشوا عن قرب وتطبيق عملي. معنى هذا التقارب الذي جاء الحج ليجدد فيه معنى التآخي في قلوب الاخوة المسلمين. اما المعلم الثالث فهو ما قامت عليه الحج في هيئتها الاجتماعية وفي مظاهر وهيئات الحجاج الذين قدموا ما تضمنته ايضا من تشريع نبوي ارسى فيه النبي صلى الله عليه واله وسلم. معنى الاخاء قولا وفعلا. اما قولا فانه في خطبته العظيمة يوم عرفة. وفي خطبته الوجيزة التي القاها ايام منى يوم العيد وما بعده. كان يؤكد على مسمع لن اقول اصحابه الذين حجوا معه. بل على مسمع الامة الى قيام الساعة حقوق الاخوة في جمل محدودة قرر فيها المصطفى عليه الصلاة والسلام جمل ركائز احكام الاسلام وقواعده الراسخة ليقول ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا. ان تكثيف هذا المعنى الذي كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يحرص على ايصاله الحجيج الذين يقدمون الى حج بيت الله الحرام كل عام جدير بان يتجدد في سمع الامة في كل موسم. ان يقال لهم ان اجتماعكم هذا وتآخيكم وتلاقيكم هنا مؤذن بتجديد تذكر احدنا لاطراف امته مهما امتدت رقعتها على مساحة الخارطة. ويعلم ان كل من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا. اخوة تنبثق منها المحبة. والاخوة الصادقة اخوة نعيش معها هم امتنا هكذا اراد عليه الصلاة والسلام ان نعيش معنى الاحترام الجليل للدماء والاعراض اموال التي تربط فيها بيننا وبين اخوتنا المسلمين. علائق الاخوة واواصر هذا الدين الحنيف. اما فعلا فقد عاش عليه الصلاة والسلام موقفا حفظته السيرة في احداث حجته الفريدة حجة الوداع اعطانا هذا المعنى العظيم جديد في معنى الوحدة والتآخي وان الحج هيئة اجتماعية لا فردية لما طاف عليه الصلاة والسلام ورجع الى منزله بالابطح بعد ما اتم المناسك وقد امر اهل بيته ومن كان في رفقته ان يتم الكل طواف الوداع للارتحال والمغادرة. فلما رجع قيل له ان صفية حاضت رضي الله عنها فقال احابستنا هي فلما قيل له انها قد افاضت يعني طافت طواف الافاضة. قال فلتنفر اذا هذه الجملة النبوية التي استقى منها الفقهاء مسألة مهمة من احكام المناسك وهي سقوط طواف الوداع عن الحائض اذا طافت طواف الافاضة لكنها جملة تحمل في طياتها معنى بعيد عميق لمعنى الاجتماع في الحج لما قال احابستنا هي لقد كان عليه الصلاة والسلام عازما على الاحتباس من اجلها وقد كان بوسعه ان يرتحل ويتركها لتتم طوافها ويبقى معها من يصحبها لكن الحج رسالة جليلة اننا في هيئتنا الاجتماعية نعيش في رحلة حجنا معنى التآخي. تالله ما اجل له من معنى كريم يلوح لنا في خطوات الحج ومناسكه ونحن بمنى. وفي مزدلفة وفي عرفات ارأيت هذا الزحام الكثيف الجمرات او عند الكعبة في الطواف او بين الصفا والمروة في السعي يا حبيبي هؤلاء اخوتك واخواتك وامهاتك ابائك اختلفت الالوان واللغات. قد لا يسعفك اللسان ان تتحدث اليهم. لكن والله تسعك الابتسامة الصادقة والقاء السلام الذي يفهمه كل مسلم مهما اختلفت لغاتهم وثقافاتهم حسبك ان الزمان والمكان الذي اجتمعتم فيه كفيل بان يفهمك عمق الاخوة التي بينك وبينهم. فما اجمله حينئذ ان تمتد قلوبنا قبل الايادي لتصافح كل من حولنا في رحلة حجنا. تجدد في قلوبنا معنى الاخاء الذي نحتاجه الى تعاهده بين الحين والحين. من اجل ان تصد على حوائطه كل محاولات تفتيت الامة. وتقزيمها وشرذمتها لنعيش همومها كأنه هم احدينا. وكلما حل ببلد وقطر فيه مسلمون. شيء من الاذى ضاقت له الصدور وانتهى له النفوس وتكاثفت له الدعوات. نعيش في رحلة حجنا تجربة ومنعطفا نجدد فيه معنى الاخاء. بل في رحلة حجنا ذاته حريص احدنا على ان يكون من مقاصد حجه التعارف الى اخوانه الذين يلقاهم. فيسمع من اخوته في الشرق والغرب والشمال والجنوب عن هموم اخوانه عن احوال بلاد المسلمين بشأن الامة في ذاك البلد وذاك القطر يرجع احدنا وقد كان من معاني حجه التي تقلب في نعيمها انه التقى باخوته ليس لاحدنا عدد من الاخوة التي ولدته امه اكثر من هذا الجمع الكبير لك في امة الاسلام عبدالله قرابة اثنين مليار مسلم هم اخوة لك. يعيشون معك على مركب واحد يبحر في بحر الحياة حتى نلتقي غدا في كما وصف الله اخوانا على سرر متقابلين