بسم الله الرحمن الرحيم. تحييكم مؤسسة الامام البخاري الاسلامية بمكة المكرمة. ويسرها ان تقدم لكم هذا الاصدار وصنعتك بنفسي لفضيلة الشيخ الدكتور حسن ابن عبد الحميد بخاري. بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها. وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ايها الاخوة الكرام هذا لقاؤنا يأتي ضمن سلسلة وقفات تربوية من الكتاب والسنة. التي يقدمها مشكورا المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بالرصيفة. فشكر الله لهم وكتب اجرهم جعل ذلك مشتركا في موازين الحسنات لمن سعى ورتب وقدم وحضر. هذا اللقاء الذي يحمل هذا عنوان جزء من الاية الكريمة في سورة طه. خطابا من الله سبحانه وتعالى لنبيه وكليمه موسى عليه السلام سلام والله عز وجل يقول له ثم جئت على قدري يا موسى واصطنعتك لنفسي. وهي في سلسلتي هذه الوقفات التربوية يراد منها ان نربي فيها ذواتنا. وان نهذب فيها انفسنا. وان نرقى بها في مدارج الكمالات بشرية مع قوله عز اسمه في هذه الاية واصطنعتك لنفسي. هذه الاية التي سنتفيأ ظلالها اتحدث في اطراف من معانيها الغامرة وشيء من دلالاتها الباهرة وسحر معناها العميق المذكور في كتاب الله نجعله حديثا في عناصر خمسة. اولها في ظلال الاية توطئة وتمهيدا ومدخلا. وثانيها الحديث عن الاية في سياقها وثالثها الانطلاق عبر بوابات ينال منها عناية الله بعبده. ورابعها تبات الاصطفاء ثم نختم في خامس العناصر بهمسات. ايها الكرام قول الله سبحانه وتعالى واصطنعتك لنفسي هو كما علمتم خطاب الله عز وجل لنبيه موسى عليه السلام. جاء في سياق الامتنان لما دعا عليه السلام فقال واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي. اشدد به ازري واشركه في امري. كي يسبحني كثيرا ونذكرك كثيرا. انك كنت بنا بصيرا. قال الله تعالى له قال قد اوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة اخرى. ثم ذكر سبحانه وتعالى في مساق هذا الامتنان ما ذكره جل اسمه في الايات التالية ذلك الى ان قال سبحانه وتعالى وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في اهل مدين ثم جئت على قدري يا موسى واصطنعتك لنفسي. هي اية في قوله سبحانه واصطنعتك لنفسي نتفيأ فيها جملة من الاصطفاء الالهي والعناية الربانية. ونطيف في هذه الليلة ايضا بروعة من روائع القرآن ونبحر في احدى عجائب المشاعر ولطيف الاحاسيس. ايها الاحبة القلب ساحة المشاعر. وميدان العوام ولا شيء حل بساحة القلب ابهى واعجب من الحب. ولا حب اعظم من حب الله فاعظم الحب ها واصفاه والقاه واهناه حب الاله. واصطنعتك لنفسي يتقلب في اعطافها المحب لربه وينتشي في اكنافها ليقطف بجليل حبه لله حب الله له. وعنايته به وتوليه اياه واصطناعه لنفسه جل في علاه. واصطنعتك لنفسي ما اهنأ الحياة. حين تحاط بلطيف اقدار الله وما اسعدها والله حين تكون في عناية الله فكيف اذا كانت اصطناعا لنفس الله؟ واصطنعتك نفسي شدة القرب من الله وعظيم الاختصاص بالله سبحانه. وقمة الشرف والفخر بهذه الولاية من الله بل والله تمام الانس والاغتباط والفرح بمثل هذه الكرامة. واصطنعتك لنفسي لطف لطيف. ورحمة وود الودود وكرم الكريم ورأفة الرؤوف التي تدرك العبد العاجز الضعيف فترقى به ذرا المجد والعشة والسيادة ومنتهى الانس والسعادة. واصطنعتك لنفسي اسنى المقامات وارفع الدرجات. غاية المنى الهنا واصطنعتك لنفسي عناية الهية خالصة. وود رباني يجل عن الوصف. احاط الله تعالى انا به الصفوة من عباده. الانبياء والرسل عليهم السلام. وهي مرتبة فوق مرتبة للمدح والثناء وما اعظمه من رب الارض والسماء ان يثني الله على عبد من عباده ويمدحه في كتابه فتلك والله التي لا مرتبة بعدها. لكن ان الاصطفاء والاصطناع تأتي فوق ذلك رتبة ودرجة. لقد اثنى الله عز وجل على عباده الانبياء عليهم السلام. في متفرقة من كتابه. فقال عن داوود وسليمان عليهما السلام عن كل منهما وان له عندنا لزلفى وحسنى وقال عن سليمان عليه السلام نعم العبد انه اواب. وقال عن ايوب عليه السلام انا وجدناه حذر نعم العبد انه اواب. وقال عن جملة من الانبياء عليهم السلام كل من الصابرين. وكل من الاخيار انهم من الصالحين. وكلا فضلنا على العالمين. هي كما ترى اذا جمل في الان تحكي عظيم المدح والثناء من رب الارض والسماء. بهذه الفئة المصطفاة من عباده وهم الرسل والانبياء. اعلى اللهم مكانتهم ورفع درجتهم واعلى مقاديرهم بين عباده فكانوا بذلك في سماء المجد قمرا منيرا وفي هذه الامم البشرية نجوما متلألئة بمدح الله لهم. وثناءه عليهم ورفعة مقامهم والاشادة بهم تتوالى الامم وتتعاقب الاجيال ثم يستمر المدح والثناء لهؤلاء الاخيار من عباد الله من الرسل والانبياء عليهم السلام. انه يراد ان تفهم البشرية ان هذه الصفوة من خلق الله قد تربعت على عرش المجد والثناء. وانها احتلت من المدح اعظمه ومن الوصف اجله ومن الثناء اكرمه. لانه من ربهم الخالق العليم سبحانه وتعالى. هذا المدح والثناء مع عظيم قدره كما ترى. ومع جليل مكانته كما تسمع. وانت تجده في ايات متفرقة من كتاب الله هنا وهناك الا انه يفوقه ما في هذه الاية. في مثل قوله تعالى واصطنعتك لنفسي. لانها تجاوزت حد المدح والثناء الى ذروة الاصطفاء والعناية والاصطناع. وللاية نظائر في كتاب الله. جاءت في سياق اختيار نخبة وصفوة من خلق الله جعل لهم سبحانه وتعالى هذه المنزلة الرفيعة. وذكر انهم اصطفاهم واختارهم من بين الخلائق ليس مدحا وثناء فحسب. بل بعناية الهية خالصة وقرب واختصاص الهي تأسرك فيه العبارة واصطنعتك لنفسي. تجد نظائرها في كتاب الله في مثل قوله لموسى عليه السلام في ايتين قبلها ولتصنع على عيني. لما يقول الله عز وجل لعبد من عباده ولتصنع على عيني ويقول عن إبراهيم عليه السلام على لسانه كما في سورة مريم قال سوف استغفر لكم ربي انه كان بي حفيا ويقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما ودعك ربك وما قلى وللاخرة خير لك من الاولى ولسوف يعطيك ربك فترضى. اي ود هذا؟ اي لطف؟ اي كرم؟ اي اصطفاء؟ اي ذو عناية الهية تشعر انها تحيط بالقلب البشري فيجل والله عنها وصف اللسان وعبارة البيان. لما يقول الله عز لنبيه عليه الصلاة والسلام ايضا في كتابه الكريم. قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا. ويقول له صلى الله عليه وسلم انا كفيناك مستهزئين في تمام اشعاره بالعناية الالهية والحفظ والصوم والرعاية. يقول له والله يعصمك من النار ويقول له اصبر لحكم ربك فانك باعيننا. بالله عليك عش هذا المعنى في ذاتك وكيف يغشاك الانس والفرح بحصول المدح والثناء مطلقا؟ خصوصا اذا ذاع وشاع المدح وانتشر وطبق الافاق وملأ الكون وانت ترى مدح البشر لك يقابلك هنا وهناك. وانت تفتح الشاشات وتقلم الصفحات واسمك يشاد به ويحتفى وترى ذكرك يشاع وينتشر. وترى اسمك بين الخلائق على كل لسان. ثم ازهو بك هذا المديح والثناء. وتشعر ان الدنيا لا تسعك فرحة واغتباطا وسرورا. هذا وهو مدح على السنة البشر. وفي دنيا البشر وبمقياس البشر وفي حياة البشر عرفت الان ما معنى ان يكون هذا المدح الذي يبلغ به عبد من عباد الله ثناء ان في كلام الله وان يكون مدحا يقرأ ويتلى في هذا القرآن العظيم على مر الازمان وتعاقب القرون والاجيال الى ان يرث الله الارض ومن عليها عرفت اي معنى نتحدث عنه عندما يقول الله لبعض انبيائه في هذه العبارات فكيف بك اذا كان هذا المدح من رب الارض والسماء. من خالق الكون جل في علاه. الغني عن عباده. الكريم العفو الجليل في علاه لما يمدح عبدا من عباده ويثني عليه بل ويخبر سبحانه انه اختصه من بين خلقه بمزيد من العناية والرعاية والحفظ والصون. بل بالله عليك كم تذوب فرحا وغبطة اذا ما شعرت انك في كنف عظيم من العظماء. وان تمشي بين الناس في دنياك بجاه امير او وزير او ملك او عظيم من عظماء البشر. كيف هي بعد ذلك عندما تريد ان تصف مشاعر الخليل ابراهيم عليه السلام متحدثا عن ربه وهو يقول انه كان بي حفيا الحفاوة من الله بعبده اي شيء هي ثم يشعر بها الخليل ابراهيم عليه السلام ويقول متحدثا بنعمة الله وفرحا وفخرا انه كان اي قلب هو قلب موسى عليه السلام؟ وربه يقول له واصطنعتك لنفسي. اي فؤاد هو فؤاد المصطفى صلى الله عليه وسلم وربه يقول له والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى. وللاخرة خير لك من الاولى ولسوف يعطيك ربك فترضى. لما تنزل اية بشأن تحويل القبلة في اعظم عبادة لنا في الاسلام وهي الصلاة ويؤمر البشر والامة كلها بالتوجه الى الكعبة يخبر الله في كتابه ان ما ذاك ان كان ارضاء لنبيه صلى الله الله عليه وسلم قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها يعني يا محمد يرضيه ربه هذا اللطف الالهي هذا الكرم هذه العناية وهذا الاصطفاء هو المذكور في تلك الايات. والله كم يلفنا دفء العبارة وروعة هذا المعنى الساحر وهو غير متعلق باحدنا. فكيف اذا كان الخطاب هذا لنا؟ كيف بك ان شعرت ان ربك من فوق سبع في سماوات يختارك من بين خلقه ويصطفيك. ليس لنبوة او رسالة فانها قد اغلقت ابوابها. لكنه يهيئك ويرفع قدرك ويعلي مكانتك. ويجعلك من بين القلائل من خلقه موفقا مختارا مهديا. مفتاحا للخير مغلاقا للشر تحوط به البركة في كل انحاء حياته. من اجل ذلك يا كرام كان الحديث عن هذا المعنى الكبير في هذه الاية العظيمة على وجازتها وقلة الفاظها واصطنعتك لنفسي. حديث من اجل ان نتأمل في هذا المعنى الذي اودعت هذه الاية الكريمة العظيمة في وقعها وايقاعها. واثرها في النفوس وايحائها. قوله تعالى واصطنعتك لنفسي في ثاني عناصر اللقاء هو محاولة الغوص في معاني الاية. في سياق السورة كما جاءت في سورة طه. الحديث عن نبي الله موسى عليه السلام. هذا النبي الكريم الكليم وكلم الله موسى تكريما. من اولي العزم من الرسل جعله الله تعالى في الصفوة من الانبياء وفي المقدم من الرسل عليهم السلام. وانت تجد ذكره كثيرا كثيرا في القرآن. ولا نبي اعظم وذكرا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن. واكثر تكرارا لشأنه واخباره وحاله مع قومه من موسى عليه السلام في مواضع كثيرة وفي صفحات متتابعة وايات متتالية من القرآن تجد ذكرا لموسى عليه السلام. تارة في شأنه مع فرعون وقومه وتارة في نشأته وطفولته وتربيته في قصر فرعون وتارة في احواله مع السحرة وتارة في وتارة في المحنة والابتلاء وغرق فرعون مواضع شتى. في القرآن جاء ذكر نبي الله موسى عليه السلام. اريد وان اقول حتى تفقه جيدا هذه الجملة الالهية واصطنعتك لنفسي فانك بحاجة ان تلقي نظرة ملية في شأن موسى عليه السلام في حياته في نبوته ورسالته لتقف حقيقة على معنى هذا الاصطناع الالهي لموسى عليه سلام وكيف ان الله عز وجل احاطته به عنايته وجعلت من موسى عليه السلام نبيا عظيما كريما كريما. واصطنعت في نفسي تجدها في سياق الايات في سورة طه. بعد الحديث عن هذا المقام العظيم. الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام. انك بالوادي المقدس طوى. وانا اخترتك فاستمع لما يوحى. ويستمر السياق في السورة. ثم يذكر الله تعالى له ما كلف به من النبوة والرسالة. وايده باخيه هارون بعد ان طلب عليه السلام. فقال واجعل لي وزيرا من اهلي. هارون اخي وسوغ ذلك بما ذكر اشدد به ازري واشركه في امري. كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا انك كنت بنا بصيرا فجاء الجواب الالهي في مطلع سياق الامتنان قال قد اوتيت سؤلك يا موسى فاجاب الله دعاه وحقق مناه واتاه وسئل هذه المنة الالهية في السياق. ولقد مننا عليك مرة اخرى اذ اوحينا الى امك ما يوحى ان فيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له. تجد في ثنايا هذه العبارات على الايجاز الشديد والاختصار الذي ورد في هذا السياق فيما جاء مفصلا في مواضع اخر كما في سورة القصص وغيرها تجد فيها تمام العناية. لما يخبر الله ان موسى عليه السلام كان وليدا رضيعا. مذ كان فرعون يبطش بكل وليد ذكر فلا يبقيه على الحياة مذكانا يستحيي نساءهم ويقتل اولادهم في بني اسرائيل. فان عناية الله بهذا الوليد موسى عليه السلام كانت من وقت مبكر جدا فيوحي الله الى امه ليكون في مأمن فتقذفه في اليم فيلقيه اليم بالساحل ثم تشاء هذه العناية الالهية بقدر الله الكريم ان يتربى موسى فتكون نجاته ويكون صونه وحفظه على يد عدوه. قال يأخذه عدو لي وعدو له. والقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني وتستمر المنن في عرض السياق. اذ تمشي اختك فتقول هل ادلكم على من يكفله؟ لان الله عز وجل حرم عليه المراض فلم يقبل صدر انثى سوى امه. اذ تمشي اختك فتقول هل ادلكم على من يكفله؟ فرجعناك الى امك سر المنن. فرجعناك الى امك كي تقر عينها ولا تحزن. وتستمر المنن وقتلت نفسا. فنجيناك من الغم وتستمر سر المنن وفتناك فتونا. وتستمر المنن فلبثت سنين في اهل مدين. ثم جئت على قدر يا موسى وتختم هذه المنن الثمانية كما يقول الامام الرازي رحمه الله بقوله سبحانه وتعالى واصطنعتك لنفسي. اذا فهمت ان هذا الامتنان الالهي العظيم بنبي الله موسى عليه السلام. وان هذا الاصطفاء تمثل في حياة موسى عليه السلام في مواضع متعددة وفي مراحل من حياته متفرقة. لما كان وليدا لما كان رضيعا لما كان خائفا لما كان طريدا هاربا ما اصطفي للنبوة لما كلف بالرسالة لما وقع في الاشكال كل ذلك كان فيه محوطا بعناية الله التي جاءت الاية الاخيرة تكشف ذلك كله لان الله قد قال واصطنعتك لنفسي. في اقوال اهل العلم في تفسير الاية. عبارات تكشف عن جزء من دلالة في هذا اللفظ العجيب اي اخترتك واصطفيتك لوحيي ورسالتي. يعني لتتصرف على ارادتي ومحبتي ان قيامه باداء الرسالة تصرف على ارادة الله ومحبته. قال الزجاج واصطنعتك لنفسي اي اخترتك لامري وجعلتك القائم بحجة بيني وبين خلقي. كاني الذي اقمت بك عليهم الحجة وخاطبتهم. وقال شيخ الامام الطبري رحمه الله واصطنعتك لنفسي اي انعمت عليك يا موسى هذه النعم. ومننت عليك هذه المنن اجتبائا اني لك واختيارا لرسالتي والبلاغ عني والقيام بامري ونهيي. يقول ابن عطية معناه جعلتك الصنيعة ومقر الاجمال والاحسان وقوله لنفسي اظافة تشريف. يقول الرازي رحمه الله هذه المنة الثامنة والاصطناع اتخاذ الصنعة وهي افتعال من الصنع يقال اصطنع فلان فلانا اي اتخذه صنيعة فان قيل انه تعالى غني عن الكل. فما معنى قوله واصطنعتك لنفسي؟ فالجواب ان هذا تمثيل اي تشبيه انه تعالى لما اعطاه من منزلة التقريب والتكريم والتكليم مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك خصال فيه يراه اهلا لان يكون اقرب الناس منزلة اليه واشدهم قربا منه. يقول الطاهر ابن عاشور قال ومن هنا ختم الامتنان بما هو الفذلكة. وذلك جملة واصطنعتك لنفسي الذي هو بمنزلة رد العجز على الصدر على قوله ولتصنع على عيني اذ تمشي اختك الى اخر الاية. قال وهو الخطاب باعمال الرسالة المبتدأ بقوله وانا اخترتك فاستمع لما ايوحى يقول ابن عباس رضي الله عنهما كما نقل القرطبي اصطنعتك لنفسي اي اصطفيتك لوحي ورسالتي وقيل قويتك لتبلغ عبادي امري ونهيي. انها كما ترى عبارة فيها من ظلال المحبة والقدرة التي جعلت من المحبة هينة اللينة درعا تنكسر عليه الضربات وتتحطم عليه الامواج. هي مقابلة عجيبة في تصوير المشهد. الذي يقابل قساوة فرعون وطغيانه وجبروته وشدة بأسه. فما حماه الله بقوة تناكف قوة. ولا ببأس يقابل بأسا ابشدة تقف دون شدة لكن الجبروت فرعون وطغيانه. ما قبل الا برحمة الله وعطف الله. وعظيم حب الله واصطناعه لموسى عليه السلام. كيف يصف لسان بشري خلقا يصنع على عين الله؟ ان قصارى اي بشري يعني انها منزلة واي منزلة وكرامة ان ينال انسان لحظة من عناية فكيف بمن يعيش صنعا من الله عز وجل يقول الشيخ السعدي رحمه الله واصطنعتك لنفسي اي اجريت عليك صنائعي ونعمي. وحسن عوائدي وتربيتي لتكون لنفسي حبيبا مختصا. وتبلغ في ذلك مبلغا لا يناله احد من الخلق الا النادر منهم واذا كان الحبيب اراد اصطناع حبيب من المخلوقين واراد ان يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ ببذل غاية جهده ويسعى نهاية ما يمكنه في ايصال ذلك اليه. فما ظنك بصنائع الرب القادر الكريم؟ وما تحسبه يفعل بمن اراده سبحانه لنفسه واصطفاه من خلقه؟ يا احبة الحديث عن الاية ومعناها وسياق ما جاءت فيه في كتاب الله الكريم حديث يطول به المقام. وتستغرق فيه العبارات. وكان المراد ان نقف مع سياق الاية لندرك ابعاده وان نعلم ان معنى قوله سبحانه وتعالى واصطنعتك لنفسي اجل من معنى الاصطفاء للنبوة وهو طرف من اطرافها واصطنعتك لنفسي اعظم من ان يكون مجرد الاقتصار على الوحي بالرسالة وتبليغ بني اسرائيل. واصطنعتك لنفسي فيها من اللطف والود والعناية الالهية فيما جاء في سياق المنن لموسى عليه السلام. وهي تحيط به من تلك الجوانب. واصطنعتك لنفسي هو باب نضربه في القرآن لنقف على عتباته كثيرا. ونتأمل في هذا المعنى الكبير الذي ما اختص الله تعالى به موسى عليه عليه السلام من بين اخوته الانبياء عليهم جميعا السلام. لكنه كما سمعت ورأيت في خطابه لابراهيم عليه السلام. ولنبينا محمد ايضا صلى الله عليه وسلم جاء مثله واضعافه. انما كانت هذه العبارة في الاية واصطنعتك لنفسي تحمل من دلالات في اللفظ ووجازة العبارة ما تستحق ان يكون بابا نقف عنده لنتأمل في نظائره. ولنعلم منه هذا المعنى الكبير ان لله عناية تصل الى بعض خلقه. وان لله تعالى اصطفاء يبلغ بعض عباده. وان لله اصطناعا يريد ببعض البشر. هذا الباب ليس حصرا على الانبياء والرسل. هذا الباب من الكرامة وعلو المنزلة ما جعله الله حصرا على المصطفين الاخيار من الرسل والانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. انما هو درجات ومراتب بعضها على بعض فاعلاها النبوة واشرفها الرسالة واسماها تلك المنزلة التي ختمها الله بمحمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم. لكن هذا يقودنا بحرص شديد. وقد علمنا هذا المعنى من اللطف الخفي. وهذا الود الالهي ان نلتمس فيه الطريق وان نطرق فيه الابواب وان نقف مواقف الملتمسين لهذا المعنى الطالبين حصوله المتتبعين لاثره انه باب مشروع وقد قال الله عن الانبياء والرسل اولئك الذين هدى الله. فبهداه مقتضى لن اطلب نبوة او رسالة بسلوك طريق الانبياء والرسل عليهم السلام. لكني اطلب الكرامة واطلب العناية واطلب المعونة واطلب هذا الاصطفاء الذي يجعلك في اقل احوالك بشرا تسمو فوق البشر بهذا الشرف. وتتبوأ هذه المنزلة وترتقي هذه المقامات الحديث عنه واصطنعتك لنفسي. حديث يفيض على القلب انسا وراحة وسرورا. حديث يجعلك تقابل مصاعب الحياة ان اختلفت ابوابها وانت تعيش في كنف هذا المعنى الالهي الذي يحيط بك فوالله تذلل امامك الصعاب. وتفتح وفي وجهك الابواب وييسر لك العسير وتفرج لك الكربات وتقضى لك الحوائج لم لا وانت تشعر انك في رعاية الله وفي عون الله وفي كنف الله. احدنا اذا اوى الى ركن شديد. واذا اعتمد في شأنه وعول في حاجته على من العظماء كم تطمئن نفسه؟ وكم يسلو فؤاده؟ وكم تخف اعباء الحياة عن كاهليه؟ وهو بشر مثلك. فكيف اذا اذا كنت تتكلم عن اعتماد على رب البشر وتعويل على عظيم لطفه واتكاء على وده واحسانه بخلقه. هذا الذي يلتمسه الصالحون ويتنافس فيه الاخيار. هذا الباب الذي سبق فيه الاولياء والمقربون. هذا الباب الذي يجد فيه المؤمن من سعادة الدنيا ورفعة الدرجة في الاخرة. يراد بمثل هذا الحديث يا كرام ان يكون لنا نصيب من كتاب الله تدبرا وتأملا وفهما ثم التماسا لتحقيق هذا المعنى في الحياة. وان يعيش احدنا وهو يلتمس هذه الامور من ابوابها. وكتاب الله بابي مفتوح وايات الله تتلى وتقرأ وتسمع وهذا الكتاب المفتوح والايات المقروءة والمسموعة. انما تحل محلها في القلب اذا فتح القلب لها الابواب. وانما تشرق في النفس اذا فتحت لها النوافذ. وانما تجد اثرها فتنوا بذورها وثمارها وتتفتح ازهارها اذا ما راعيناها وسقيناها بهذا المعنى من الوعي والتدبر والفهم والادراك واصطنعتك لنفسي معنى عظيم من اجل ذلك كان العنصر الثالث. الحديث عن البوابات التي تلتمس فيها العناية الالهية. متى علمنا انها ليست حصرا انما هي تهيئة الهية وارهاصات لمقامات من الكرامة التي يريدها الله بعبد من عباده هي جزء من العلم المحيط الجليل. مصاحبا لصلاح العبد وتقواه وحسن استقامته. وربك شكور. فانه يجزي العبد بما هو اهل له ومن جنس هذا في كتاب الله ما تقرؤه. والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم. وفي المقام تجد ايضا من جنسه في كتاب الله. فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم. والله لا يهدي القوم الفاسقين. واصل ذلك القاعدة الكبرى وما ربك بظلام للعبيد. ولا يظلم ربك احدا. من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ هذه المعاني هي اصول كبار في كتاب الله. يأتي في طرفها وفي احد مساراتها هذا المعنى من الاصطفاء فاذا طرقت الباب فتح لك عبد الله. واذا وقفت طويلا نلت الشفقة والرحمة والعناية. واذا ادمنت السؤال وجدت الجواب انما نحن نلتمس الابواب وندل الطريق التماسا واكتشافا مما جاء في كتاب الله. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لنقول يا احبة ان ذلك الاصطناع الالهي. وتلك الحفاوة الربانية الكريمة بالعباد ليست حصرا على الانبياء والرسل عليهم السلام. لكنها تختص بهم في امرين اثنين. ويتميزون بها عن سائر العباد. اول الامرين بلوغ هم بهذه العناية والاصطفاء والاصطناع درجة النبوة. ونزول الوحي والامر بالرسالة. فهذا باب اختص الله تعالى به لكن ليس هذا هو كل ما في الاصطفاء وما في الاصطناع وما في الاختيار والعناية. انما درجة النبوة قد اغلق بابها اختص الله تعالى بها من شاء. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. فاصطفى الله لها من شاء من عباده فختمت بامام الانبياء وسيد الرسل نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم. هذا الامر الاول الذي يختص به الانبياء والرسل عليهم السلام في باب الاصطفاء والعناية والحفاوة الالهية. اما الاخر الذي خصوا به فهو اطلاعهم واخبارهم بحفاوة الله بهم وذلك لنزول الوحي عليهم. فاخبر الله تعالى موسى عليه السلام فقال واصطنعتك لنفسي. وربما وجد هذا فيما انزل عليه من الوحي واخبره الله محمدا صلى الله عليه وسلم فقال ما ودعك ربك وما قلى. ويقول فلنولينك قبلة ترضاها. ويقول والله يعصمك من الناس ويقول اليس الله بكاف عبده؟ ويقول انا كفيناك المستهزئين. فهذا امر اختص به الانبياء. انهم يطلعون على كرامة الله بهم. وعلى اصطناعه اياهم سبحانه وتعالى. وعلى حفاوته جل في علاه باحدهم ابراهيم عليه السلام لما قال سوف استغفر لكم ربي انه كان بي حفيا. ابراهيم عليه السلام هو المتحدث. اذا كان يعلم بحفاوة ربه به. ولذلك تحدث بها فعلم عليه السلام اما احدنا فمتى رزق السير في هذا الطريق واشرف هذا المعنى الكبير وتشرف بهذا الكرم في التدرج في طريق الكرامة وهذه المقامات العليا. فغايته احسان الظن بربه والاستمرار في هذا الطريق ليجد من اثار هذا الاصطناع. ومن ثمرات تلك الحفاوة ولن ينتظر وحيا يبلغه ان الله كان به حفيا. وانه ليس بدعاء ربه شقيا وانه من المصطفين الاخيار. او يقال له في رؤيا او من ام نعم العبد انه اواب. لكنه سيجد من اثارها ويجد ايضا من ثمراتها ما هو دليل بحسن الظن بالله ان الله عز وجل سلك به هذا السبيل واختاره لهذا المعنى الكبير الجليل هذا المعنى الذي نفتح ابوابه انما نساق اليه سوقا ونبحث اليه شوقا ونحن نطرق الابواب عل احد ان يجد هذا المعنى في درجة من درجاته ورتبة من مراتبه. ومن هنا فغير الانبياء عليهم السلام. ليس محروما ابدا من لله وولاية الله والقرب من الله فيما دون النبوة. واما النبوة فقد كفينا اياها واغلقت ابوابها. ومن هنا كانت هذه البوابات والوقفات الاتيات من التي تنال بها الكرامات وترتقى بها اشرف المقامات. الحديث عن مداخل تقود العبد الى ان يطلب فيحصل ما يرجوه ويتعلق قلبه به من ان ينال رضا الله العبد الله الست مشتاقا وقد علمت ان لله اصطفاء واصطناعا وحفاوة ببعض عباده. بالله عليك الا يتعلق قلبك ويشتاق فؤادك ان تنال لحظة من هذه الرعاية والعناية وانت في مقابل ذلك يشرق فؤادك حياتك اذا ما وجدت حفاوة من عظيم من عظماء البشر فكيف برب البشر؟ والله ما من مؤمن ظعوف ايمانه او قويا زاد او نقص الا وله حظ وطمع في مثل هذا الباب. فلتلتمس الابواب التي يشرع منها السلوك لنيل هذا الشرف هذه الكرامة الالهية هي بايجاز في بوابات عظمى. اشير اليها في الحديث اشارة واومئ اليها ايماء. لان كل كل واحد منها اصل كبير في الشريعة بنفسه. وباب كبير بذاته. والحديث عنه يستغرق المجالس تلو المجالس. انما هي اشارة وانما هي لمحات عابرات لان المقصود ها هنا فقط فتح الابواب وان تشتاق النفوس فتنشط الهمم وتقوى العزائم لسلوك السبيل اول هذه البوابات يا كرام في سبيل تحصيل اصطفاء الله وعناية الله وكرامة الله وولاية الله القلب لله. وتمام الصدق في التعلق به والتوجه اليه. الحديث ها هنا عن حب يملأ القلب باعظم حب علقته الحياء حب الله والله لا اجل لا اجل من حب الله تعالى في قلب عبد من العباد. حب الله اذا وجد العبد حظه منه في قلبه اثمر ذلك معاني عظيمة. والحديث ها هنا كبير طويل جدا. لكنا نتكلم عن حب يملأ القلب حتى يفرغ ما عداه منه. فيستوي في القلب حب الله تعالى اعظم من كل شيء. فلا شيء اشهى اليه من حب الله ولا مطلب عنده اغلى من ان ينال حب الله ثم هو ينطلق يحث الخطى. لا يلوي على شيء. اي طريق واي مسلك يعلم انه يجد فيه ذرة من حب الله سعى اليه حثيثا. شمر وجد واجتهد. علم ان الله عز وجل يحب لونا من الطاعات فتراه مسابقا اليها. علم ان ربه عز وجل يحب من عباده لونا من الاخلاق والصفات فتراه من اسرع الناس تخلقا بها وتمثلا بحالها. يعلم ان ربه عز وجل يثني على فئة من عباده لانهم تمثلوا بابا من ابواب العبادات او الاخلاق والمكارم. فما تراه الا منافسا. همه الاكبر ان يشرف في حب الله سبحانه وتعالى. ورأس ذلك امتلاء القلب تعظيما لله واجلالا له. ولن ينال عبد حب الله الا اذا عرف الله لن تحب ربك وانت لا تعرفه تمام المعرفة. وان احببته فثق تماما ان مقدار حبك لله بقدر تعظيمك الله ولن تعظم الله الا اذا وقفت على جليل اسمائه وعظيم صفاته واثاره في خلقه. هذا باب كبير ملئت به نصوص القرآن والسنة. كم تجد في كتاب الله الحديث عن الله؟ كم في كتاب الله من اسماء الله وصفات الله؟ كم في كتاب الله من الاوصاف المتتابعة بل والصور والايات العظمى. اعظم اية في كتاب الله اية الكرسي. وليس فيها امر ولا نهي ولا حلال ولا حرام ولا ركن من اركان الاسلام ولا الايمان. اقرأها. فلن تجد فيها الا حديثا عن الله وعظمة الله. من مبدأها الله لا اله الا هو هو الحي القيوم حتى منتهاها ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. اقرأ سورة الاخلاص وهي التي تعدل ثلث القرآن. وليس فيها امر ولا فنهي ولا حلال ولا حرام ولا عبادة ولا ركن ولا فريضة. انما هو حديث عن الله. قل هو الله احد الله الصمد. لم ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. اقرأ اواخر سورة الحشر في ايات ثلاث متتابعات. فيدهشك هذا السر في اسماء الله الرحمن الرحيم. الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. اين المبتدأ واين الخبر ليس الا هو الله. هو كذا وهو كذا وهو كذا. هذه الاسماء التي تسرد تباعا في اواخر هذه السورة العظيمة. ويجمع فيها حشد من اسماء الله وصفاته. اما فقهت ان الله يعرفنا بنفسه؟ وان الله يريد منا ان نعرف من كلامه من هو سبحانه فلا اعلم بالله من الله ولا احد بعد الله اعلم منه اعلم به من رسوله صلى الله عليه وسلم. فهذا الحديث العظيم الواسع المنتشر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله واسماء الله وصفات الله وعظمة الله والله ما هو الا لتأسيس القاعدة الكبيرة في القلب من تعظيم الله واجلاله. فاذا عظمت الله عرفته وجدت نفسك وجدت نفسك مأسورا بحبه سبحانه وتعالى. كيف لا كيف لا وهو القادر على كل شيء. كيف الا وهو العالم بحالك. كيف لا وهو الرؤوف بالعباد؟ كيف لا وهو اللطيف الخبير؟ كيف لا وهو الرحيم الودود؟ كيف لا وهو وقاضي الحوائج وكاشف الكربات. ومن توكل عليه كفاه ومن سأله اعطاه. ومن تعلق باذى للرجاء هداه. كيف لا؟ ستجد نفسك والله حتما مأسورا بحب الله. فقط اذا عرفت الله وعظمت الله فهذا باب كبير يا احبة. افراغ القلب حب وملؤه بهذا المعنى الكبير تعظيما لله تلك خطوة اولى. ومدخل لا غنى عنه لمن اراد ان يلتمس فضل الله وولايته بعبده. وكرامته والتشرف بهذا الاصطفاء وهذا الاصطناع. لن يصطفي الله من عبده عبدا جاهلا بربه ولا قليل التعظيم لربه. ولا جاهلا بقدر ربه. ولا منزويا عن حب ربه. متى امتلأ القلب حبا لله. وجدت اعمالا وان قلت لكنها ثقيلة في الميزان. ذاك الصحابي الذي كان يقرأ لاصحابه فيختم في صلاته دوما بسورة قل هو الله احد فاخبر النبي عليه الصلاة والسلام. فقال سلوه لاي شيء يصنع ذلك فقال لانها صفة الرحمن وانا احب ان اقرأ بها قال اخبروه ان الله يحبه في لفظ اخر في الصحيح قال حبك اياها ادخلك الجنة. سؤال هل كل من قرأ قل هو الله احد نال هذا ابن معد؟ نال هذا لو جئت انا وانت منذ اليوم الى ان نموت واصبح احدنا يطبق هذا فيقرأ في صلاته دوما ويختم بقل هو الله احد الشأن في قراءتك. الشأن في المعنى الذي من اجله كان يقرأها الصحابي. ولذلك اشار عليه الصلاة والسلام فقال سلوه فقال لانها صفة الرحمن. وانا احب ان اقرأ بها. احب الله فاحبه الله. قال اخبروه ان الله يحب هذا باب كبير يا احبة. الحديث عنه لا يسعه مجلسنا هذا. ولا غيره من المجالس. كيف ينال القلب حب الله كيف يتشرب هذا المعنى الكبير؟ كيف يأنس بهذا الكرم الالهي وبهذا العطاء الرباني؟ كيف يستمتع القلب ويأنس الفؤاد ويعيش هذا العبد في حياته امتع اللحظات والله واسعد الايام. وهو يتفيأ معنى الحب لله عز وجل. مهما تنوع الابواب وتقلبت المعاني. الا انه يجد ان الله عز وجل اخبر عن امور انه يحبها. فينطلق اليها مسارعا عن راغبا طامعا في ان ينال محبة الله. اخبر الله عز وجل انه لا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه اتراه بعد ذلك يزهد في نافلة وفي سنة من صلاة او صيام او صدقة او قرآن وهو علم ان الله عز وجل تزداد محبته لعبده بقدر تقربه اليه بالنوافل. وهو يعلم ان الله عز وجل يحب من عبده ان يكون نقيا تقيا خفيا. وهو يعلم ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وهو يعلم من عباده وهو يعلم انه يحب من عباده سبحانه وتعالى ان يكونوا ان يكونوا سباقين الى الخيرات ان يكونوا محسنين. واجري على ذلك بابا كبيرا من الامور التي اخبر الله انه احبها. والسؤال الان اما سألنا انفسنا ذات يوم ونحن نقرأ كثيرا في الكتاب والسنة ان الله يحب كذا وكذا. اما سألنا اذا كانت هذه الامور المذكورة محبوبات لله. فهلا جاء الامر افعلوا كذا ولكم كذا وكذا من الاجر ما معنى ان يخبرك الوحي ان الله يحب كذا وكذا؟ والله هو سوق لك سوق لك بعصا المحبة. ان تنطلق ان تنهض وحب الله قائدك. ان تنشط لفعل الطاعة ترجو حب الله وعندئذ والله سيكون اتيانك للواجبات في الشريعة ليس فقط لتحصيل الثواب ورفعة الدرجات وزيادة الحسنات. وذلك مطلب شرعي. لكن الاحب اليك هو ان تكون متشرفا بان تفعل شيئا تعلم ان الله يحبه. وحبك لله اقامك من الفراش فقمت تصلي. حبك الله اصبرك على الظمأ والجوع والعطش وانت صائم. حبك لله اخرج الريال والدرهم والدينار من جيبك فتصدقت واثرت الفقراء حبك لله جعلك تنتصب بين يديه قائما تصلي تناجي. حبك لله جعلك تترنم بكلامه وتحفظ القرآن وتثني في بيت من بيوته حبك لله يقودك الى الوان والوان من الخيرات والطاعات. ومهما فعلت فثق تماما انك لن تطرق باب الحب لله بشيء اعظم من اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانت تقرأ في كتاب الله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. فجعل اتباع رسوله عليه الصلاة والسلام واسطة بين ان تنال محبة الله وبين ان يحبك الله فلن تحقق حب الله في قلبك الا بهذا الفعل فاتبعوني. ومتى حققت الاتباع نلت ذلك الموعود الكبير ومنى كل مسلم ان يحبه الله عز وجل. فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. ثاني البوابات ايها الاحبة الكرام لزوم مرضاة الله والاستباق في طاعته والاستشعار فيها بالاختصاص بالله سبحانه وتعالى ولقد يقول قائل كان هذا مندرجا فيما سبق لاني اثرت الحديث في الاول عن عن معنى هذه العبادة القلبية عظيمة العجيبة حب الله وملء الصدور بها. وهي تثمر ولا شك كل ما سيأتي. لكنه من باب ذكر الاميز والاشهر والاخص حديثا حتى تلتفت الانظار اليه بعناية. اما ثاني البوابات فهو الاستباق. هو حث الخطى هو المنافسة في كل باب من ابواب الطاعات وزيادة رصيد العبد من مرظات الله وطاعته والتقرب اليه. مظى قبل قليل حديث القدسي ما تقرب اليه في عبدي بشيء احب الي مما افترظته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه يا كرام الحديث عن الاستباق الى الطاعات والخيرات هو كما اشرت اليه قبل قليل. ان ينهر اليه العبد ان ينهض اليها العبد شمر فيها ويشمر فيها من باب الحرص على ان ينال حب الله وولايته. يا احبة هذه ثلاثي العبادة الحب والخوف والرجاء. فاذا فعل احدنا الواجب من الواجبات فهو طمعا في الاجر والثواب. وهذا مطلب. واذا انكف عن الحرام فهو خوفا من العقاب وهذا مطلب. لكن الجامع للامرين وما هو اشرف منهما واعظم ويناله المرء تبعا وتحصيلا هو ان يكون المنطلق في ذلك حب الله. فانه رأس العبادة كما قال السلف. وتحته يندرج ما يمكن ان يحصل عليه من خوف او رجاء. فحب الله اشرف واعظم فمن انطلق في عبادة وحب الله قائده كان ذلك اسرع لان يمتلئ القلب ويرتوي من هذا المعنى الكبير في حب الله. لاننا سنقول باختصار اذا كانت ولاية الله واصطفاء الله والحفاوة من الله بعبده هو من اثار محبته سبحانه بعبده. اذا هو باختصار انت في هذا الطريق تريد ان يحبك الله. لكنها بدرجة رفيعة من المحبة المحبة الالهية وبمستوى عظيم جدا من هذه الحفاوة والاصطفاء والاصطناع. تريد ان يحبك الله وانت انت ضعيف في حبك لله حاشا هذا عجيب. فاذا اردنا ان نشرف بحب الله لنا. فوالله انما تؤتى البيوت من ابوابها. فليأتي العبد ما احب الله وليسعى في نيل مرظات الله جرب يا عزيزي والله ان تسجد فتقول في دعائك او ترفع يديك وانت تناجي في جوف الليل او في كربة من الكربات او في حاجة من الحوائج اذا ما رفعت يديك وفتحت قلبك ووجهت وجهك وسألت ربك ان تقول وعزتك يا رب اني لاحبك. ان يمتلئ قلبك بحب الله. فيكون هذا حاملا لك على ان تفوه بمثل هذه العبارة في مناجاة لله هي درجة رفيعة عظيمة. في هذا الانطلاق وانت تحث الخطى في البحث عما يرضي الله. ويجعلك محبوبا الله لا تلتمس طاعة الا وحب الله قائدك. لا تبحث عن بر وخير واحسان الا وانت تنظر في ثناياها الى حب لك ونظره اليك. وهذا معنى مقصود شرعا. جاءت به النصوص الشرعية في الوان من العبادات. انطلق في ميدان العبودية الفسيح لتجد والله مساحات واسعة من الانس بصلتك بالله. جرب ان تعبد الله وانطلق فيما تأتي من مرظات الله ابواب الخير والطاعات وان تجعل هذا المعنى يجعلك حفيا باختصاص الله بك. وانك في عبادة ما تؤديها انك وحدك من بين معني بهذا المعنى الكبير. بهذا الاصطفاء بهذا الاختصاص والقرب من الله. المتعة بلذيذ التقرب من الله والتودد الى الله والشكر شعور باختصاصه بك دون غيرك. هذا معنى اقول مقصود شرعا وجاء في طيات كثير من العبادات. في الذكر مثلا الذكر الذي امرنا به كثيرا من غير ما عدد. وانت تسمع في الحديث القدسي يقول الله جل في علاه وانا معه ان ذكرني. فان ترني في نفسه ذكرته في نفسي. وان ذكرني في ملإ ذكرته في ملأ خير منه. اشعرت ان الله عز وجل عندما تجلس مجلسا تذكره سبحانه وتعالى فيه مسبحا مستغفرا مكبرا مهللا اشعرت انك في لحظات تحريك لسانك وفؤادك وقلبك بهذا المعنى انك تتقلب في شيء حباك الله به واختصك به من بين الخلائق. صدقا هل شعرت وانت تذكر الله ان الله يذكرك والله لو شعرت لما فترت عن ذكر وانت تسمع ايضا في الحديث احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. وكلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان. حبيبتان الى الرحمن. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. الان اخبرني لماذا يحثنا عليه الصلاة والسلام في مثل هذه العبارات من الذكر ثم يأتي في معرض الحث والتشويق للنفوس ان يقول لنا ان الله يحبها. ماذا اراد عليه الصلاة والسلام؟ ماذا يريد؟ لو كانت المسألة مجرد ثواب لكان كافيا قوله ثقيلتان في الميزان لكن ماذا يريد عليه الصلاة والسلام وهو يقول لنا ان الله يحبها؟ والله المقصود ان تمتلئ القلوب في الاتيان بهذه العبادات تعظيما وحبا لله. وانت تأتي بهذا الذكر ملء شعورك انك تفعل شيئا تعلم يقينا بصدق ما قال به النبي عليه الصلاة والسلام ان الله يحبه. ولذلك فوالله حبذا لك في الدعاء. وهذا ايضا من سنن الدعاء ومن مظنات الاجابة في الدعاء اليس من مظان الاجابة ان يقدم الدعاء بحمد الله والثناء عليه وتمجيده وتسبيحه؟ هذا هو من هذا الباب في الدعاء قبل ان تطلب ما تحب اسمع ربك ما يحب. وربك يحب المدح والثناء. ويحب من عبده الالحاح والتضرع. الظوا بهذا الجلال والاكرام. ما هذا هو هو ادمان لهذا المعنى واستشعار لهذا الباب الكبير. ان كان هذا في الذكر ففي النوافل مر بك ولا يزال عبدي يتقرب بالنوافل حتى احبه. جرب ان تصلي السنن الرواتب ثم تتبعها بضحى وقيام ليل ووتر. ثم ما تلوي على شيء ولا تزيد فوق ذلك ركعات تركعها في اناء الليل واطراف النهار غير اوقات النهي. وما يقودك ذلك الا شعور شعور انك تلمس شيئا يحبه الله وانك تزداد من هذا الرصيد. وانت تتأمل تماما ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه ما يكتفي وكل يوم يزداد فيه من النوافل صلاة وذكرا وقرآنا وصدقة واحسانا وبرا واصلاحا كل هذه الابواب يتحرك فيها وملء شعور انه لا يزال طامعا في حب الله في مزيد من هذا الباب الكبير. قل مثل ذلك في سورة الفاتحة ومن يتأمل الحديث القدسي والله لن يصلي لله ركعة. ولن يقرأ الفاتحة الا وهو يستشعر هذا التخاطب الالهي. يقول الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين. قال الله حمدني عبدي. بالله استشعرنا هذا المعنى في كل مرة يقرأ فيها الفاتحة فاذا قال الرحمن الرحيم قال مجدني عبدي فاذا قال مالك يوم الدين قال اثنى علي عبدي فاذا قال اهدنا الصراط قال اياك نعبد واياك نستعين. قال هذا بيني وبين عبدي. فاذا قال اهدنا الصراط المستقيم. قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. والله لان استشعرناها لن نقرأ سورة الفاتحة هذرمة ولا غفلة ولا شيئا من العجلة التي تطيش معها العبارات فتنسينا هذه المعاني كبار اخبرني لما جاء مثل هذا المعنى في النصوص الشرعية؟ ولماذا يخبرنا؟ من اجل ان نتأتى الى هذه العبادات وملء شعورنا هذا المعنى. اشعرت انك في كل ركعة قبل ان تنصرف عنها. وتجلس للتشهد في اول ما تقول التحيات لله. بالله عليك استشعرت انك على فقرك وضعفك وذلك ومهانتك وحقارتك. عبد لا تساوي ذرة في هباء الكون ترفع تحياتك لله. من انت عبد الله ان يأذن الله لك ان ترفع تحياتك اليه. من انت؟ هذا قبل ان تسلم على النبي عليه الصلاة والسلام قبل ان تسلم على كل عبد صالح في السماء والارض السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشرف التحيات وازكاها واطيبها نبذلها لله في صلاتنا. شعرت بعظمة العبادة لما تؤديها. والله ان فعلنا لكم القلب من هذا المعنى في حب الله. والاتيان الى الطاعات بهذا المعنى. في التوبة كلما اذنب العبد. وكلما وقع في ملمة او اوقعه الشيطان فانه سرعان ما يلملم نفسه فيلومها فيتوب ويؤوب. ايضا ليس رغبة في التخلص من اثم المعصية فحسب وليس خوفا من العقاب الاخروي فحسب يا يا قوم شتان بين اثنين عبد يخطئ ويذنب ويقع في الذنوب عاصي صغائرها او كبائرها. فاذا ما وقعت التوبة في قلبه انحرق فؤاده. وجاءت اللوعة والحسرة تحثه نحو التوبة هذا يريد الخلاص من الذنب. يريد تبييض الصحيفة. يريد محو هذه السيئة خوفا من عقاب الله. فرق بين هذا واخر عندما يقع في الذنب والمعصية يقوده حب الله. لا يرضى لنفسه ان يقع موقعا لا يحب ان يراه الله فيه. فاذا ضعف تذله الشيطان واغواه فان الحسرة في قلبه ان فقد من نظر الله اليه ما هو يتأمله ويتمناه من العناية دعاية اعظم عنده من اثر الذنب في العقوبة والعصيان. هذا اعظم وهذا لا يؤتاه الا اصحاب المراتب العليا من العباد الموفق اين الاخيار؟ كم ندم السلف؟ كم اسف احدهم كم بكى؟ عندما فاته قيام الليل. ليس لانه فاته باب من الاجر تلك الليلة. بل لانه يشعر انها شيء من من الحرمان. شيء من الانصراف. ولذلك جاء في عبارات بعضهم من اعظم الحرمان. من اعظم الحرمان ان تفوته بعض العبادات والطاعات ان تحرم من طاعة الله وعبادته. ويظن بعضهم ان الحرمان منحصر على مصيبته وبلية وكربة وضيقة وهم وغم. ذاك حرمان وهذا حرمان. ويؤتى من العبد ويؤتى للعبد من الحرمان بقدر ما فيه هو من العطاء فمن كان عطاؤه اعظم كان حرمانه ايضا اعلى واجل. من هنا اقول فقهوا ان هذا الباب يتعاملون فيه مع شعور القلوب قبل تصرفات الابدان والجوارح. من هذا المعنى ايضا في الصوم. يقول الله عز وجل في الحديث القدسي الا الصوم فانه لي وانا اجزي به ترك شهوته وطعامه من اجل ايضا شتان بين من يصوم يرغب في الاجر والثواب وبين من يصوم مستشعرا انه يأتي بابا من ابواب عبادات يحبها الله ويباهي به ملائكته الكرام. مثل الذي يحصل للحجيج عشية عرفة. يتشرفون لعلمهم انه موقف يفرح الله به ويباهي به فينالون بكل شرف هذا المعنى الكبير. قل مثل ذلك في التصرف في ايات القرآن فهما تدبرا وانت تقرأ في عبارات المتدبرين والمتأملين ما يحرك القلوب والله. يقول احدهم كلما قرأت وسمعت الامام يقرأ هم درجات عند الله يقول كم يثور في نفسي هذا السؤال؟ ليت شعري اي درجة هي عندك يا رب؟ هذه القلوب الحية التي تستشعر هذه واخر يقول كان الامام يقرأ وعجلت اليك ربي لترضى. يقول فاذا بشيخ بجانبي يتمتم يقول يا رب اغفر واقبل من عبد بالمجيء هذه المعاني تحياها القلوب اذا استشعرت انها انما تنطلق تقربا وتحث الخطى رغبة فيما عند الله وطمعا وهي تستكثر من هذا الباب من حب الله سبحانه وتعالى. اما البوابة الثالثة فهي المقابلة للثانية تطهير النفس عن النقائص والمعايب فاذا اردت ان يحبك الله فلينظر الله الى صدرك فلا يرى الا قلبا. قد تطهر بالكمالات وقد تنزه ايضا عن النقائص التي يمكن ان تقذف به في الهاوية. ليس احد منا معصوما وليس المراد ان نعيش عيشة الملائكة الذين لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون يفعلون ما يؤمرون وللرسل الكرام المعصومين عليهم السلام. لكن المقصود ان ينأى احدنا بنفسه عن تلك الملمات التي يمكن ان تخسف به التساهل في المعاصي ادمان الذنوب والف هذه الابواب من نزغات الشيطان تذهب عن القلب رونقه وصفاءه واشراقة وليس اشأم وليس اشأم على العبد في ذنوب المعاصي ليس اشأم من انطفاء نوره وذهاب بصيرته. فهذا المعنى في تطهير نفسه عن النقائص يتناول امورا منها واعظمها تطهير القلب من نقائص التوحيد. فان التوحيد اجل ما عمر به القلب من طاعة الله وهو اعظم حقوق كما دلت عليه النصوص فكل منخرم في باب التوحيد ونقص منه كان ذلك ايضا نقصا في القلب الذي يمكن ان يتشرف هذا الاصطفاء الالهي. وعلى من اراد ان يشرف بحب الله وعناية الله ان يطهر قلبه عن نقائص التوحيد. فاذا ضعف التعلق بالله او اذا قوي الاعتقاد بغير الله او اذا عودت النفس في نفع او ظر على غير الله او التمست من الاسباب ما حالت بينها وبين الله فجعلت وسائط واسبابا جعلت في تعويلها على شيء اعظم ولو مثقال ذرة كان ذلك مظنة ان ينحرم القلب. قل مثل ذلك في ان القلب او يشك او يضعف يقينه. هي درجات. فاذا كان الشك في الله جرما او شيئا من معاصي القلب فان التردد وضعف اليقين هو الاخر كذلك. اذا كانت تلكم بوابات ثلاثة جاء ذكرها في طريق السعي لتحصيل كرم الله الله عز وجل وعطائه وفضله واصطفائه. افراغ القلب لله وتمام الصدق في التعلق به والتوجه اليه. وكمال الحب في القلب له سبحانه وتعالى. وثانيها الحديث عن لزوم مرضاته والاستباق في طاعاته. والقائد في ذلك هو قائد الحب لله عز وجل الثالث تطهير النفس عن النقائص والمعايب لان تكون لائقة لان تكون لائقة باصطفاء الله واصطناعه فان الله يصطفي صنعوا من خلقه من يراه اهلا لذلك. وانما كانت الاهلية بما اوجب الله عز وجل من السير على طريقه ولزوم هديه سبحانه وتعالى الرابع كالجامع لما سبق الا وهو السعي في تحصيل الكمالات. وعدم الرضا بالدون. فان احدنا في ابواب الدنيا اذا سلك فسبيلا يمكن ان يشاركه فيه الاخرون. وابى الا التميز والانفراد ما رضي لنفسه الا ان يكون سابقا ولو بدرجة ومتقدمة ولو برتبة وعاليا عليهم بوجه من الوجوه. النفوس الابية والهمم الشريفة العلية. لا ترضى بان تكون مثل الاخرين فرضا بان فظلا عن ان تكون دونها. وفي سبيل الشرف بنيل محبوبات الله. والاصطفاء من الله عز وجل وتمام العناية منه جل في علاه فيأتي هذا المعنى من باب اولى. ان نحرص على كمالات ننافس فيها. وان ننزه انفسنا عن نقائص ولا نرظى بالدون. فاذا احدنا انه في باب من الابواب كالعبادة مثلا او في الاخلاق او في فضائل الاعمال او في الصالحات من المستحبات فانه لا يرضى الا ان يكون ان يكون من اقرب المقربين. ومن اوجه المتوجهين الى الله ومن اقربهم زلفى لديه. هذا الشعور هو القائد الذي يجعل النفوس سباقة تواقة مشتاقة يجعلها حريصة يجعلها عالية الهمة في نيل هذا الكبير وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم. فاذا كان الحديث عن حب الهي يدركه العبد ويحوطه وعناية الهية ايضا تتولى شأنه فانما ينال ذلك بعظيم همة وتشمير عظيم واستباق في معالي الامور والترفع عن سفاسفها والنهي عن الدون ومحاولة ان يكون دوما في اعلى المقامات. اخيرا في هذه البوابات هي التماس هي التماس هذه الطرق من كرم الله وعنايته من خلال الاستنان بسنن المصطفين الاخيار. الحديث عن الانبياء والرسل عليهم السلام فيما سردت بعض الايات بشأنهم في اول اللقاء ان الله اصطفاهم. واجتباهم وان الله اختارهم واثنى عليهم ومدحهم. السؤال هلا نظرنا الى مواضع من كتاب الله اخبر الله عن شأن هؤلاء؟ لنعلم انهم ما رزقوا هذا من فراغ ولا كان اصطفاؤهم عبثا حاشا. لكنه كان لامور اوجبت لهم ذلك كرما من الله وفضلا. فالقي نظرة على شأن هؤلاء والمرور ايضا بخاطرك وقلبك المنفتح على احوالهم بمختلف الاحوال التي عاشوا عليها ستجد ولابد وطرقا تدلك على كيف ينال رضا الله وكيف تنال محبة الله وكيف يبلغ العبد اصطفاء الله. انا لما اقرأ ان ابراهيم عليه السلام يقول انه كان بي حفيا. وزكريا عليه السلام يدعو ويقول ولم اكن بدعائك ربي شقيا. وموسى عليه السلام يقول وعجلت اليك ربي ترضى وعيسى عليه السلام يقول سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس بي لحق. ما ليس لي بحق. هذه العبارات التي جاءت في كتاب الله على السنة الانبياء والرسل عليهم السلام. تدل على ان من وراء ذلك شأنا عظيما قصه القرآن علينا. وقصه علينا يكون لنا فيه عبرة. فاذا كان الاهتداء بهديهم مطلبا شرعيا. واذا كان قص قصصهم في القرآن مقصودا لحكمة عظيمة يتشرف العباد بسلوكها فهذا باب عظيم اذا نسلكه. ما جعل الله لبشر درجة اعلى من النبوة والرسالة. وهم رسل كرام عليهم السلام وقصصهم في القرآن مبثوثة. واخبارهم ايضا محكية في القرآن. بل ان سورة سميت باسماء بعضهم. فما المانع اذا ان نجعل حظا من تدبر القلوب ووعي الافكار وادراك الافهام لحال هؤلاء. وها انا ذا القي على مسامعكم طرفا ونبذة سريعة من شأنهم فيما كانت من وراء ذلك الاصطفاء فيما اخبر الله. وستجد انها موزعة على ابواب شتى. نتعلم من جمل هديهم تفاصيلهم في مختلف الاحوال التي عاشوها عليه السلام. في مقام التعبد كانوا كثير التعبد طويل العبادة كثير الخشوع لله وكانوا كذلك كما قال الله انهم كانوا يسارعون في الخيرات. ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين. تريد ان ينالك من حب الله وعناية الله. مثلما اصاب هؤلاء افعل فعلهم رعاك الله. لكن اين يجدها عبد قليل العبادة؟ قليل الخشوع قليل حظ من الوقوف بين يدي الله قليل الدعاء لله ثم ينتظر ان يحبه الله لا وان يصطفيه ويختاره من بين الخلائق. هذا باب يطرد موقف يقف عنده العباد طويلا. والرسل عليهم السلام مع ما اجتباهم الله به. واصطفاهم به. وحفهم به. من الكرامة والنبوة والرسالة الا انهم ما عولوا على ذلك. ولا جعلوا اصطفاء الله لهم كافيا ليقولوا يا رب انا انبياؤك رسلك. نبينا عليه عليه الصلاة والسلام يوم بدر كم اظهر من التضرع والفاقة وهذا باب اخر اظهار شدة الافتقار الى الله مهما اوتي العبد من كرامة الله الا لسان حاله ان يقول دوما يا رب عاجز عن حمدك طامع في مزيد فضلك. مهما اوتي من الكرامة والحفاوة يشعر انه لا يزال الى مزيد. فان رأى ان له من فضل الله وكرمه على اقرانه. واهل زمانه ومن حوله من البشر. ان له لهم درجة ورتبة فان ذلك ابدا لا يزيده الا طمعا. في مزيد من كرامة الله له واحتفائه به وعطائه سبحانه فعل الذي لا منتهى له ولا احد فلا يزال ملازما في هذا الباب سائلا ربه. نتعلم من هدي الانبياء صبرهم على البلاء. مدح الله ايوب فقال انا وجدناه صابرا نعم العبد. ومدح زكريا على صبره فابتلي احدهم بالولد وفقده والاخر بالمرض وفقد العافية الانبياء عليهم السلام في صبرهم باب يلتمس به نيل ما عند الله وان الله اذا احب عبدا ابتلاه واشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل. لا يرى الله في قلب عبده المبتلى شيئا احب اليه من ان يبصر في قلبه رضاه عن ربه سبحانه وتعالى ان يرضى بما قسم الله وكتب الله وقدر الله وذلك لا ينشأ الا من عظيم حب لله سبحانه وتعالى. نتعلم في هدي الانبياء التبرأ من حولهم وقوتهم والركون الى فضل الله. قال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير نتعلم من هدي الانبياء الغيرة على دين الله. والنصيحة له ولدينه واحتمال الاذى في ذات الله. هذه هي رسالة الانبياء والرسل القيام على دين الله وشريعته وتبليغها للعباد. عش ما عاشوا واحمل الهم الذي حملوا. علك ان تنال ما نالوا. وعلك ان تظفر بما تشرفوا بحب الله لانهم قاموا باعظم مطلوب لله. وهو الغاية من الخلق لله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون عبدوا الله وقادوا العباد الى عبوديته. وسارعوا في حمل هذا الهم. بل وصبروا على الاذى. صبروا على اذى. قالوا حرقوه وانصروا الهتكم في إبراهيم عليه السلام قالوا اخرجوا ال لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون. وجدوا في سبيل ذلك شيئا عظيما. وقالوا اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون. فوجدوا شيئا عظيما ونبينا عليه الصلاة والسلام فيما يعرفه منا الصغير والكبير. وجد الاذى باللسان فقالوا ساحر وقالوا شاعر وقالوا كذاب وقالوا مجنون. ووظعوا سلا الجزور على ظهره عليه الصلاة والسلام. واوذي اذى شديدا وهدد بالقتل واريد به كذلك. ويخرج مهاجرا ولم يجد الا مزيد عناية من الله لشدة ما صبر على الاذى في ذلك الله عندما نبحث عن مرظات الله فاحد اوسع ابوابها في طريق الانبياء وحمل هم هذا الدين. والسعي في تبليغه ونشره في العالمين والصبر على ما يصيب العبد في هذا الطريق العظيم. والله ما يجد العبد بالصبر على الاذى في سبيل الله وتبليغ دين الله ودعوة الناس الى صراط الله المستقيم الا مزيد عون من الله وتثبيتا من الله وتسلية لفؤاده وتصبيرا ومحبة بردائها انظر معي ماذا فعل الانبياء عليهم السلام في احلك الساعات والظروف؟ لما يقف كفار قريش على فم الغار المختبئ فيه في رسول الله عليه الصلاة والسلام هو وصاحبه الصديق ابو بكر رضي الله عنه فيرتجف فؤاد الصديق ويقول والله يا رسول الله ان لو نظر تحت رجليه لابصرنا فينطق الفؤاد الواثق بالله؟ وبمعية الله؟ يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. هكذا هو القلب عندما يشعر بمعية الله وان الله يحفظه ويكلؤه ولو انعدمت نظره الاسباب. موسى عليه السلام يفر بقومه. والعدو من ورائه فرعون وجنوده والبحر امامه. فيقف فيقول قلب البشر والنظر البشري المحدود انا لمدركون. وما من حل يرى في البصر. ويقول موسى عليه السلام بقلب الواثق بربه استمتع بمعيته الذي قال الله له واصطنعتك لنفسي. يقول كلا يقولون اننا مدركون فيقول كلا. قال كلا ولم يوحى اليه بشيء ان معي ربي سيهدين. والدليل قال الله فاوحينا. ما نزل الوحي الا بعد ذلك. لكن القلب كان ممتلئا ثقة ويقينا. كم نحتاج ان نملأ القلوب بما امتلأت به قلوب اولئك سادات البشر. الانبياء والرسل عليهم السلام. اعلم اخيرا ان من اعظم الابواب التي الانبياء في تحصيل هذه المقامات الرفيعة هو سؤال الله. فان ما عند الله لا ينال الا بطلبه سبحانه. وكرم الله واسع وفضله عظيم لكن الفرق بين عبد يسأل ويطلب واخر لا اقول مستغن حاش فلا يستغني عبد عن ربه لكنه ما سأل ولا دعا وفي ادعية الانبياء. يقول سليمان عليه السلام الذي اثنى الله عليه فقال نعم العبد الذي قال وان له عندنا لزلفى وحسنى مآة هو القائل عليه السلام. وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين. عجزت انا وانت ان ندعو بهذه دعوات وان نسأل الله ان يلحقنا بركب هؤلاء الكرام. اسأل ربك وادمن طرق الباب. ويقول ايضا سبحانه وتعالى عن الرسل ويدعوننا رغبا ورهب كثرة الدعاء مطلب وهذا الدعاء ينال بهما عند الله فمن رغب وطمع. وسأل الله كثيرا وجد لكن العقل الغافل لو المنصرف ثم يتحدث حديث الاماني الفارغة من العطاء لانه ما سأل بصدق. هذه بوابات وعتبات في الاصطفاء احفظنا فيها ما كان شأن الانبياء والرسل عليهم السلام. ولك فيها متسع وانما كانت على سبيل المثال وليس الحصر. همسات اخيرة اختم بها اللقاء يا قوم. هذا الباب الكبير هو جزء من التأمل والعيش مع كتاب الله. وفيه والله من المعاني والاسرار. ومن هذا الباب الكبير الذي يعيش فيه العبد متعة القلب. وانس الروح ما يفوق ذلك باضعاف اضعاف. هو باب يفتحه الله لمن يشاء من عباده لكنها حقيقة دعوة لان نعيش مليا مع كتاب الله. وان نفرغ من عقولنا وافكارنا واوقاتنا وقلوبنا ومساحات حياتنا حظا اعظم للعيش مع كتاب الله. فانه والله مجمع السعادة ومنتهى الامال ومجمع المطالب في الدنيا وفي الاخرة. همسة اخرى يا احبة تقول ان الانبياء والرسل عليهم السلام كانوا اشرف البشر قدرا. واعلاهم منزلا وقد حباهم الله الله واصطفاهم واجتباهم. وليس لهم فيما خصوا به بين باقي البشر الا العصمة والنبوة. وباقي باقي الابواب نحن مأمورون بالسعي فيها في طريقهم وسلوك سبيلهم فلا تجزع ولا يحبطنك الشيطان ولا يقولن لك انك في اخر الزمان وما عساك ان تبلغ فان لله يختصهم ويصطفيهم ويجتبيهم ويرفع قدرهم ويحوطهم بعنايته وفضله وكرمه فكن احد هؤلاء فانه ليس على الله بعزيز فقط ابذل جهدك. واصدق عزمك واخلص نيتك لعل الكريم لنفسه يصطنعك فان سبحانه وتعالى يصطفي من يشاء ويختار من يشاء ونحن انما نقول ذلك طمعا فيما عند الله. وحسن ظن في كرمه وعطائه. نسأل الله جلت قدرته باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يصبغ علينا وعليكم من وافر نعمه وعظيم عطاءه وان يجعلنا واياكم في خيرة عباده الصالحين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم يا من له الملك والملكوت والعزة والكبر والجبروت نسألك وانت الغني ونحن الفقراء. انت القوي ونحن الضعفاء. نسألك يا منان. يا بديع السماوات والارض يا ذا الجلال والاكرام. اللهم تولنا فيمن توليت. وعافنا فيمن عافيت. وبارك لنا فيما اعطيت. وقنا شر ما قضيت انك تقضي ولا يقضى عليك. نسألك اللهم باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تجعلنا من اقرب من تقرب اليك ومن اوجه من توجه اليك ومن اخصهم زلفى لديك يا رحمن يا رحيم. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية. اله الحق يا سميع الدعاء. اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم يا حي يا قيوم يا واسع المن يا كريم العطاء احفظنا والمسلمين جميعا بحفظك من شر الاشرار. وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار يا سميع الدعاء اللهم انا نسألك وانت القوي القادر العظيم القاهر نسألك يا ربي ان تدرأ عنا وعن عبادك المؤمنين كل مفسد شر وبلاء ناصيته بيدك يا رحمن يا رحيم. اللهم من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره اللهم احفظ اخوتنا المجاهدين المرابطين على الثغور. الحارسين للحدود. ثبت يا ربي اقدامهم. وقوي عزائمهم افرغ عليهم صبرا وانصرهم على عدوك وعدوهم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم سدد رميهم وارفع درجتهم وتقبل شهيدهم داو جريحهم واجبر كسيرهم يا رحمن يا رحيم. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا. ووفقنا لما تحب وترضى اللهم وفق عبدك خادم الحرمين لما فيه مرضاتك وصلاح البلاد والعباد. اصلح يا ربي له النية والبطانة والقول والعمل. واجعله مسدد مهديا مباركا يا اكرم الاكرمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على نبينا محمد المختار واله وصحبه المهاجرين والانصار. ومن تبعهم باحسان ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليما كثيرا. واخر دعوانا وانا الحمد لله رب العالمين. جزى الله الشيخ خير الجزاء وجعلها في موازين حسناته. يوم يلقى ربه. وختاما تقبل تحيات اخوانكم في مؤسسة الامام البخاري الاسلامية. بمكة المكرمة. هاتف خمسة اربعة ثلاثة اربعة اثنان ستة سبعة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته