لبيك يا ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة. وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء مؤسف ان يكون بعض اخوتنا الحجيج في ذلك الموقف منشغلا بامور كثيرة اقلها اتجاهه الى الله والتجاؤه اليه. نحن احوج ما نكون يوم عرفات. الى استشعار تجديد العهد والميثاق مع رب العزة والجلال ومباهاته سبحانه وتعالى بنا ملائكة السماء عليهم السلام. ما احوجنا ان يكون وقوفنا بعرفات اخباتا واقبالا على الله فانه احرى بنا ان ننصرف. وقد غفرت ذنوبنا واعتقت رقابنا. و انا كما ولدتنا امهاتنا اعظم اركان الحج الوقوف بعرفة. كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الحج عرفة وفي يوم عرفة تتعلق الامال ويعظم الرجاء لانه موقف عظيم وقد دلت نصوص الشريعة على مال هذا اليوم من الفضل والمكانة ان كان لاهل عرفة من الحجيج لهم فيه الفضل والوقوف والدعاء والكرم بالعطاء. فان لغير الحجيج ايضا في يوم عرفة فضلا ومزية يصومون يوم عرفة. فيكون لهم كفارة سنتين كما اخبر المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وانما كان ليوم عرفة. هذا المقام الكريم وهذا الشأن العظيم. لما ثبت في الحديث الصحيح الذي اخرج احمد والنسائي والحاكم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ان الله اخذ الميثاق على ادم عليه السلام بنعمان يوم عرفة ونعمان واد في طريق الطائف يخرج الى عرفات قال عليه الصلاة والسلام فاخرج من صلبه كل ذرية ذراءها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال الست بربكم؟ قالوا بلى. شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا هذا الوقوف بعرفات يذكرنا معشر الحجيج بذاك اليوم العظيم الذي اخذ فيه الميثاق علينا اجل علي وعليك. فان الله اخذ عين الميثاق بعبادته وتوحيده. اوما شعرتم انه يوم تجدد فيه وثيقوا بين العباد وخالقهم بين الحجيج وربهم يأتون في عرفات محرمين. قد كشفوا الرؤوس وجردوا الابدان من الملابس واكتفوا بقطعة ازار ورداء جاؤوا مضحين كاشفين رؤوسهم ملبين جاءوا مفتقرين قد ازالوا كل ما علا هاماتهم على هيئاتهم على مظاهرهم. من مظاهر الابهة والغنى والمال كل نعمة ليكون لهم في موقفهم ذاك موقف العبودية الاكمل والاصدق فاذا ما اقترن هذا بشعور صادق قلبي يقطر تعظيما لله واعترافا بحقه العظيم. والتجديد اذا للعهد ولسان حال احدنا اي رب جئتك معترفا لك بالربوبية والالوهية. متقربا اليك ربي بما امرت. قائما على شريعتك ما استطعت اخذا بنفسك في ان احفظ عهدي الذي اخذ على ابينا ادم عليه السلام ونحن ذرية في صلبه هذا المعنى يجعلنا ندرك عظمة اليوم الذي يأتي فيه الحجيج على صعيد عرفات. وهم يرفعون اكفهم الى رب الارض والسماوات في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء؟ والله لو استشعرت النفوس المؤمنة في رحلة حجها عظمة هذا الحديث. لذابت حبا ولتقاطرت خجلا ولتعاظمت رجاءا صادقا فيما عند الله ادركتم ما معنى ان رب العزة والجلال يعتق من عباده من النار في ذلك اليوم ما ليس في غيره من الايام ولا في ايام رمضان ولا في عشرها الاواخر ولا في ليلة القدر. ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة. تالله ما الذي سيبعثه هذا المعنى في قلبي وقلبك وقلب كل حاج من معنى الرجاء. ايكثر العباد المعتقون فلا اكون من بينهم بلى والله ان حسن ظني بربي ليحملنني على ان اكون في ذلك اليوم العبد الصادق في عبوديته الباكر في بين يدي ربه السائل ان يفوز بالعتق في ذلك اليوم العظيم. اما الجملة الاخرى فالتي تذوب لها القلوب حبا وحياء وتعظيما لله عز وجل وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء؟ سؤال فيه من معنى التعظيم الاكرام للحجيج الواقفين في صعيد في عرفات اجل لك ولاخوتك الحجيج الواقفين معك في ذلك الصعيد المبارك الطاهر. هذا الدنو الالهي والكرم رباني والعطاء بل هذه المباهاة الالهية التي فيها ليست فرحة المخلوق بخالقه بل مباهاة الخالق بخلقه مع غناه جل وعلا عن عبادة خلقه اجمعين. اوا ليس هو القائل رب العزة والجلال يا عبادي لو ان قوتكم واخركم وانسكم وجنكم. كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو ان ولكم واخركم وانسكم وجنكم. كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. فتبارك الله سبحانه وتعالى لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. لكن قلوب الحجيج في ذلك الموقف العظيم يوم عرفة تستشعر هذه المعاني فتنتهض يوم عرفات ان لا يراها الله الا مقبلة في ذلك الذي يحيط بها من هالة المحبة والخوف والرجاء. تتسابق انفاسها تسبقها العبارات والكلمات مرتفعة يوم عرفة تقطع افاق السماء. تصعد تجأر الى الله بالمطالب وقضاء الحاجات ما اجله من موقف يشعر فيه العبد انه على بعد مسافة ساعات ودقائق معدودات. ليسلخ عن نفسه امسه الماضي ذنوبه السالفة واوزاره الماضية ليشرع من جديد في صفحة اخرى بيضاء نقية. كذلك المولود الذي خرج للتو ان امه وما كتبت عليه خطيئة. رجع كيوم ولدته امه. يوم عرفات. يوم الرجاء والامل. يوم الدعاء والبكاء الخشوع وحسن وحسن الظن. يوم الخشوع وحسن الظن بالله جل وعلا. في صعيد عرفات لا يراك الله عبد الله الا مقبل الا داعيا الا صادقا. ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة قد وقف بصعيد عرفات بعد ان فرغ من صلاته الظهر والعصر جمعا وقصرا وخطبته البليغة الوجيزة التي خطبها الناس على صعيد عرفات في حجة الوداع. استقبل القبلة عليه الصلاة والسلام راكبا على ظهر ناقته القصواء. مستقبلا رافعا يديه يدعو حتى غاب قرص الشمس ما كل ولا مل صلوات الله وسلامه عليه. ساعات طوال متتابعات. ولولا ان بعث اليه بقدح فيه لبن فشرب لظنوا ان وهو صائم لانه ما التفت الى احد. حج وليس معه زوجة ولا اثنتان ولا ثلاث ولا اربع بل زوجاته كلهن. امهات المؤمنين رضي الله عنهن حجوا في رفقته ليس جار واثنين وصاحب وخمسة وعشرة. حج معه اكثر من مائة الف صحابي. كل هؤلاء رضي الله عنهم يفرحون بصحبته ويحتاجون الى رفقته. ويقينا كلهم محتاج الى سؤاله والكلام معه والتحدث اليه. فما الذي فعله عليه الصلاة والسلام لقد كان في موقف اقتطع فيه كل ذلك ليقبل على ربه وخالقه. كان في عزلة عن الخلق باتصاله بالخالق جل في علاه صلوات الله وسلامه عليه عظمة هذا اليوم والموقف العظيم. معلما امته كيف يعيش العبد عظمة الزمان كان والعطاء الالهي ليعيش عظمة العبودية في كنف الكرم الرباني العظيم. الذي ينتثر على اهل صعيد عرفات هذا كان شأنه عليه الصلاة والسلام. فماذا عني وعنك؟ مؤسف ان يكون بعض اخوتنا الحجيج في ذلك الموقف منشغلا بامور كثيرة اقلها اتجاهه الى الله هو التجاؤه اليه ما اكثر ولا اطال صلوات الله وسلامه عليه الدعاء والتضرع والانكسار لحاجة مما تتعلق بالذنوب والمعاصي معاصي وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. لكنه المعنى العظيم الذي تعيشه القلوب الممتلئة صدقا في عبوديتها وجلالا في مكانتها. نحن احوج ما نكون يوم عرفات. الى استشعار تجديد العهد والميثاق مع رب العزة والجلال ومباهاته سبحانه وتعالى بنا ملائكة السماء عليهم السلام ذاك الخلق الكريم. الذين لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. ما احوجنا ان يكون وقوفنا بعرفات ممتلئا اخباتا واقبالا على الله. فانه احرى بنا ان ننصرف وقد غفرت ذنوبنا واعتقت رقابنا ورجعنا كما ولدتنا امهاتنا لبيك يا لبيك