لبيك يا لبيك يا لبيك يا ايها الحجيج ليشهدوا منافع لهم كانت ولا زالت في رحلة حج امة الاسلام واحدة من المقاصد العظام التي تشهدها الامة. ما المنافع المقصودة في الاية الكريمة فهي الدنيوية ام الاخروية؟ بل انه من معاني الحج المطلوبة التي من اجلها بني البيت الحرام واذن في الناس بالحج اليه وجاءت تلك الجموع من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم في رحلة حجنا تساق لنا الخيرات دنياها واخراها ونحوز المنافع دنيوية واخروية فاكرم به من دين واعظم بها من شعيرة عاشتها الجموع في رحلة حجها الى بيت الله الحرام واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم هذا التصريح الجلي الواضح في كتاب الله الكريم في قضية المقصد الاكبر من مقاصد حج بيت الله الحرام في انه شهود المنافع يعطي دلالة واضحة ان حجنا امة الاسلام في كل عام الى بيت الله الحرام تجتمع فيه الوفود البشرية من امة الاسلام القادمة من شتى اقطار الارض ينبغي ان يحضر فيها هذا المعنى الكبير شهود المنافع لنسأل اولا ما المنافع المقصودة في الاية الكريمة اهي الدنيوية ام الاخروية بل هما كلاهما كما صرح بذلك عدد من اهل العلم في تفسير الاية الكريمة. اما المنافع الاخروية فالمقصود بها كل موعود كريم دلت عليه النصوص ثوابا وجزاء لمن حج بيت الله الحرام في مثل قوله عليه الصلاة والسلام الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة في مثل قوله عليه الصلاة والسلام من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه. في مثل قوله عليه الصلاة والسلام تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ما دلت عليه النصوص في ثواب الحج جملة وفي ثواب عباداته ومناسكه خطوة خطوة. كثواب الطواف مثلا والسعي بين الصفا والمروة وثواب ذبح الهد والقرابين والاضاحي وثواب التكبير ورمي الجمرات والوقوف بعرفات وسائر خطوات مناسك بيت الله الحرام. هذه منافع اخروية وهي المقصود الاكبر والاعظم لان الحج عبادة. وكل عبادة انما بها العبد ما وعد الله تعالى به عباده الذين يتقربون اليه بتلك العبادات. ولاننا خلقنا لعبادته نمتثل امر ربنا وسيدنا وخالقنا ومولانا. فاذا قال لنا صلوا صلينا واذا امرنا بالصيام صمنا. ولما قال ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. اتت هذه الجموع عبر تاريخ الاسلام الطويل تؤم وتقصد بيت الله الحرام. هذه المنافع الاخروية لا يمنع ان تكون معها منافع دنيوية حاضرة ولن يؤثر هذا في قصد الحجيج ولا اخلاصهم. وربما توهم البعض ان قصد شيء من منافع الدنيا بني في رحلة الحج يؤثر على قصد الاخلاص لوجه الله الكريم. والايات جاءت صريحة في ان ذلك لا يتنافى بل انه من معاني الحج المطلوبة التي من اجلها بني البيت الحرام واذن في الناس بالحج اليه وجاءت تلك الجموع من كل فج عميق ليشهد تدوم منافع لهم من المنافع التي صرحت الايات الكريمة بجوازها قول الله سبحانه ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم يعني في موسم الحج قال ابن عباس رضي الله عنهما هي التجارات والاسواق وقد كانت العرب تفعل ذلك. فلما جاء الاسلام قال ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم في رحلة الحج. هذا من المنافع الدنيوية من المنافع الدنيوية ما يحصل في هذا التلاقي لذلك الحشد الكبير الكريم من امة الاسلام. يلتقي اقصاهم والعرب بالعجم والقريب بالبعيد من مختلف القارات ومن وراء البحار والمحيطات. فاذا اتوا واجتمعوا وصفوا كالبنيان المرصوص حول الكعبة في ابهى منظر واجمله. وترافقوا في وقوفهم في صعيد عرفات. وتجاوروا في رميهم للجمرات وفي سائر خطوات مناسك تعيش القلوب المعنى الاخوي الكبير. وعندئذ يمكن ان تظهر من صور المنافع الدنيوية ما هو مباح وسائغ شرعا هل يمكن ان تعقد الصفقات التجارية؟ فيتعرف الحاج على اخوة له من هنا وهناك. فتكون رحلة الحج منطلقا وخطوة اولى لشيء من الاتفاقات وعقد الصفقات اجل فان الله قد قال ليشهدوا منافع لهم وقال ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم وربما كانت المصاهرات والنكاح والزواج والتصاهر الذي ينشأ من التعارف الذي حصل في رحلة الحج ايضا من الدنيا التي يصيبها الحجيج من رحلتهم لحج بيت الله الحرام. اما البضاعات والسلع وبيعها واستجلابها افضلها واحسنها والتبادل التجاري الكبير الذي يحصل موسم الحج لهذه الجموع الغفيرة المباركة من وفد الله الى حج بيت الله الحرام فهي ايضا صورة من صور المنافع الدنيوية. واما اذا ارتقينا الى المنافع الدنيوية الممتزجة بابعاد لها اثرها في قوة الدين وتماسك ابنائه والحث على ما دعت اليه الشريعة من تعزيز الاواصر فانا نجد من المنافع ما يصحب رحلة الحج في كثير من التنظيمات الرسمية التي قامت عليها اعمال الحج وخطوات تنظيم رحلة الحجيج اقامة الملتقيات. الندوات العلمية التي يلتقي فيها فقهاء الامة وعلماؤها ورواد الفكر فيها على هامش رحلة حجهم لبيت الله الحرام. فيحصل من تلاقح الافكار واثراء التجارب ما هو منفعة دنيوية مشوبة بكثير من المعاني التي تعود على الامة بخير. وصلاح. اما مشروع الافادة من لحوم الهدي والاضاحي فهو صورة مشرقة من صور المنافع الدنيوية التي انبثقت من رحلة الحج واجتماع تلك الجموع من ابناء من قريب ومن بعيد تذبح القرابين هديا واضاحي وهي باعدادها الضخمة الكبيرة تفيض عن حاجة حجيج واهل مكة واهل الحرم ومن في حكمهم. وعندئذ كان المشروع الكبير الذي اشرفت عليه الجهات المعنية للافادة من تلك اللحوم في بعثها الى الاقطار الاسلامية ومواضع النكبات والحاجات البشرية التي يعم نفعها فتنتفع امة الاسلام من تلك الايام الخمسة او الستة على مدى العام منفعة دنيوية كانت منبثقة من رحلة حج بيت الله الحرام لك ان ترى ايضا في صورة من صور المنافع التي تشهدها الحجيج وتنبثق عن رحلة الحج الى بيت الله الحرام ما قد شاهدوا ويلتمسوا بل وينادى اليه من اقامة ملتقى ويكون فرصة اجتماع الحجيج قادة ومسؤولون وعامة وسائر المسلمين ان تكون دعوة الى التآزر والتواصي بالتناصر واقامة روابط الاخوة قوة وتجديد عهدها وازالة ما قد يعلق فيها من رواسب ربما تراكمت مع الايام لاسباب متعددة تكون رحلة الحج مجددة لعهد الاخاء مزيلة للرواسب مبعدة لكل ما قد يعلق بالنفوس ايها الحجيج ليشهدوا منافع لهم كانت ولا زالت في رحلة حج امة الاسلام واحدة من المقاصد العظام التي تشهدها الامة. وقد كان الصحابة يسوقون هديهم والنبي عليه الصلاة والسلام يأمرهم بان يركب احدهم دابته وان ينتفع من لبنها وهو قد قلدها وساقها هديا يريد ان يقربه الى الله سبحانه وتعالى اذا قدم البيت الحرام. قال الله تعالى لكم فيها منافع الى اجل مسمى ثم محلها الى البيت العتيق. فلنشهد المنافع دنيوية واخروية في رحلتنا. لحج بيت الله الحرام ولا تتحرج النفوس ان تكون المنافع الدنيوية حاضرة في رحلة حجها فان هذا مما قد رفع الله فيه عنا الحرج فقال ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم اما اذا ادركنا هذه الحقيقة ادركنا عظمة ديننا الحنيف وان لنا ربا كريما سبحانه وتعالى. في رحلة حجنا تساق لنا الخيرات دنياها واخراها ونحوز المنافع دنيوية واخروية فاكرم به من دين واعظم بها من شعيرة عاشتها الجموع في رحلة حجها الى بيت الله الحرام