بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الشيخ وصفي الدين عبد المؤمن الحنبلي رحمه الله تعالى في كتاب قواعد الاصول وفيه محكم ومتشابه. قال القاضي المحكم المفسر والمتشابه المجمل. وقال ابن عقيل المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين كالايات المتعارضة. وقيل الحروف المقطعة وقيل المحكم الوعد والوعيد والحرام والحلال تشابه القصص والامثال والصحيح ان المتشابه ما يجب الايمان به ويحرم تأويله كايات الصفات ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد نستعين بالله جل وعلا على اكمال مدارسة كتاب قواعد الاصول صفي الدين الحنبلي رحمه الله ولا يزالون الكلام متعلقا مبحث الادلة الموضوع الاول في هذا المبحث وهو كتاب الله عز وجل مضت بعض المسائل بالدروس الماضية وختم المؤلف الكلام عن القرآن بمسألة المحكم والمتشابه قال رحمه الله وفيه محكم ومتشابه يعني ان القرآن فيه محكم ومتشابه المحكم من الاحكام وهو الاتقان ومتشابه الكلمة في اصلها يمكن ان تكون من التشابه كما قال جل وعلا واتوا به متشابهة يشبه بعضه بعضا منه قوله تعالى الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها او يمكن ان تكون الكلمة من الاشتباه منه هذا المبحث الذي نحن نبحث فيه منه قوله ابى منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات وهذا هو الذي يتعلق به هذا المبحث وينبغي ان يقال ابتداء ان القرآن كله محكم وان القرآن كله متشابه وان القرآن بعضه محكم وبعضه متشابه اما ان يكون كله محكم فذلك ما دل عليه قوله تعالى كتاب احكمت اياته ومعنى ذلك انه قد احكمت اياته من جهة اتقانه بلاغة وصدقا وعدلا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وهذا وصف يعم كل ايات القرآن وكذلك القرآن كله متشابه وهذا ما دل عليه قول الله سبحانه وتعالى الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها يعني يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا ولا يخالف بعضه بعضا ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الامر الثالث ان بعضه محكم وبعضه متشابه وهذا الذي دلت عليه اية ال عمران هو الذي نزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب يعني اكثر القرآن واخر متشابهات اختلف العلماء رحمهم الله في تفسير المحكم والمتشابه في القرآن الى اكثر من عشرة اقوال حكى منها المؤلف رحمه الله خمسة اقوال وصحح اخرها قال رحمه الله قال القاضي يعني ابو يعلى المحكم المفسر المفسر يعني الواضح والمتشابه المجمل المجمل في مباحث دلالات الالفاظ في اصول الفقه سيأتي الكلام عنه في هذا الكتاب قريبا ان شاء الله هو باختصار ملى يتبين الحكم به وحده يعني لابد في استبانة الحكم منه من ان يرد الى غيره وان يجمع الى غيره فقوله تعالى مثلا واتوا حقه يوم حصاده هذا لا يمكن ان تستفيد منه مقدار الواجب في الزكاة. اليس كذلك هل يجب ان نخرج النصف او الربع او العشر او اقل من ذلك او اكثر هذا مجمل لابد حتى نستفيد الحكم ان نرجع الى ماذا الى دليل اخر يفسر هذا الاجمال كذلك قوله تعالى حافظوا على الصلوات كيف يحافظ الانسان على الصلوات او مثلا واقيموا الصلاة كيف يقيم الانسان الصلاة؟ هذا دليل فيه اجمال تفسيره وتفصيله وتبينه جاء في نصوص اخرى وقد يكون الاجمال راجعا الى آآ شيء من الاشتراك كمثل قوله تعالى آآ في آآ ثلاثة قروء في شأن اه المطلقة القرء لفظ يحتمل حمله على الحيض ويحتمل حمله على الطهارة فلا بد ان يرجع فيه الى ما يبين المراد اذا يرى المؤلف رحمه الله فيما حكى من هذا القول الاول ان المحكم هو الدليل الواضح البين الذي يستفاد الحكم منه وحده واما المتشابه فهو الدليل المجمل فهو الدليل المجمل وسيأتي مزيد بيان في مسألة الاجمالي والبيان في موضعها ان شاء الله تعالى وقال ابن عقيل المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين وبالتالي يكون المحكم ما هو الذي يفهمه غيرهم يعني يمكن ان نقول ان هذا القول الثاني وهو قول ابن عقيل ان المحكم هو ما يفهمه العامة واما المتشابه فهو ما يفهمه الخاصة ومرادنا بالخاصة العلماء المحققون مرادنا العلماء المحققون وهذا راجع الى اسباب اورد المؤلف رحمه الله منها واحدا قال كالايات المتعارضة اولا هذا آآ الاسلوب او هذه الجملة حبذا لو استعمل غيرها انما يقال الايات المتعارضة قد يفهم من هذا ان التعارض حاصل حقيقة بايات القرآن او في سنة النبي صلى الله عليه وسلم او بين الايات والاحاديث. وهذا لا شك انه غير صحيح التشابه اعني التعارض لا يمكن ان يقع في كتاب الله جل وعلا ولا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلاف كثيرة بل القرآن متشابه يشبه بعضه بعضا فلا يمكن ان يقع تعارض حقيقي انما يمكن ان يكون هناك تعارض في الظاهر ومعنى قولنا انه تعارض في الظاهر يعني فيما يظهر للمكلف فيما يظهر للناظر فيما يظهر للعالم قد يظهر للانسان شيء من الاشكال او ظن التعارض بين اية واية وهذا ممكن ان يقع لكن مع الجزم لان هناك اشكالا في فهم الاية من جهة هذا المكلف لا من جهة الحقيقة. يعني لا يمكن ان تكون اية تعارض اية على وجه الحقيقة فمثل هذا يكون متشابها على غير من حقق البحث او حقق العلم في هذه المسألة يعني مثلا من لم يدقق ويحقق قد يقول انه يظهر لي شيء من التعارض بين قوله تعالى ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون وبين قوله تعالى فوربك لنسألنهم اجمعين فمرة اه اثبت السؤال للجميع ومرة نفي السؤال عن المجرمين وهذا لاهل العلم فيه مسالك في توجيه آآ الجمع بين هذه الايات فهم لا يسألون سؤال استفهام ولكنهم يسألون سؤال تقريع وتوبيخ اعني الكفار وبالتالي فان اهل العلم الراسخين عندهم الجواب الشافي فيما يستشكل مما يظن انه فيه تعارض بين الايات والاحاديث الشاهد ان هذا ما ذكره ابن عقيل رحمه الله وانت تلاحظ انه كلما قل علم الانسان كثرت عنده المشكلات من جهة التعارض وكلما ارتقى في العلم قل عنده ظن التعارض وبالتالي فان هذا النوع آآ وهو ان المتشابه هو الذي يظن فيه الاشكال من جهة التعارض ونحوه يمكن ان يقال انه يشترك مع الاول فالاول فيه ان المحكم هو المفسر والمتشابه والمجمل والاجمال قد يكون من اسبابه ظن التعارض فالقول ان الاول والثاني وهما واحد او على الاقل بينهما قرب شديد قال وقيل الحروف المقطعة الحروف المقطعة اراد بها الحروف الهجائية التي انزلها الله عز وجل في ابتداء بعض السور تسعة وعشرون سورة افتتحت بهذه الحروف الف لام ميم حاء ميم قاف نون ونحوها وهذه الحروف اذا حذفنا المكررة منها ترجع الى اربعة عشر حرفا كل سورة تجد فيها هذه الحروف المقطعة فاعلم انها سورة مكية باستثناء البقرة وال عمران والخلاف حاصل في سورة الرعد وهذه الحروف الاربعة عشر مجموعة في قولك نص حكيم قاطع له سر نص حكيم قاطع له سر فهذه هي الحروف الاربعة عشر التي ترجع اليها كل الايات التي جاءت في هذه الحروف الهجائية المقطعة في اوائل السور والقول بان المتشابه هو الحروف المقطعة هو قول لطائفة من اهل العلم انت اذا تأملت وجدت ان هذا القول ايضا يمكن ارجاعه الى ماذا الى القول الثاني وهو ما يغمض علمه يعني لماذا هؤلاء اوردوا الايات المقطعة ضمن المتشابه لانه غمض علمه اصبح شيئا خفيا فيه شيء من الخفاء وفيه شيء من الدقة من جهة فهم المراد ما المراد؟ من هذه الحروف المقطعة فلا تزال هذه الاقوال تعود الى شيء متقارب على كل حال يمكن ان يقال ان اعد الحروف المقطعة من المتشابه له وجه صحيح من جهة انه يستشكل عند غير المحققين يستشكل المراد من هذه الحروف عند غير المحققين من اهل العلم. وعلى كل حال الاقوال في هذه الحروف المقطعة والمراد بها كثيرة عند اهل العلم ذكر ابنه حجر رحمه الله انها ترجع الى اكثر من ثلاثين قولا هذه الحروف المقطعة والمراد بها يرجع الخلاف فيها عند اهل العلم الى اكثر من ثلاثين قولا لا شك ان النظر في هذه الحروف المقطعة له وجهان الاول من جهة المعنى ما معنى هذه الحروف والثاني من جهة الحكمة في تنزيلها وهاتان مسألتان منفصلتان وينبغي ان تنظر في كل واحدة منهما على انفراد واما من جهة المعنى لا شك ان هذا البحث غير وارد ان يقال ما معنى نون؟ وما معنى قاف وما معنى حا ميم هذا السؤال غير وارد اصلا لان الحروف لا يطلب لها معنى لا في اللغة العربية ولا في غيرها المعنى يطلب للكلام وسيأتي الكلام عن هذا ان شاء الله واما من جهة الحكمة من ايرادها فلاهل العلم في هذا اقوال كثيرة ترجع الى ذاك العدد الذي ذكرته لك واقرب ما يمكن ان يقال ها هنا ان ذلك فيه تحد للكفار من جهة ان فيه ارجاع لهم الى عقولهم انظروا الى هذا القرآن فانه مؤلف من هذه الحروف التي تتكلمون بها ومع ذلك انتم عاجزون ام ان تأتوا بمثله او ببعضه فهذا دليل على انه من عند الله عز وجل حقه هذا اقرب ما يمكن ان يقال في هذه المسألة ولا قاطع فيها اذا عندنا حتى الان ثلاثة اقوال في تفسير متشابه الاول ان المتشابه هو المجمل والثاني ان المتشابه ما غمض علمه يعني خفي ودق علمه ولا يدرك معناه الا العلماء والثالث انه ماذا الحروف المقطعة وهذا يمكن ان يقال انه فرد من افراد ما قبله قال رحمه الله وقيل المحكم الوعد والوعيد والحرام والحلال. هذا القول الرابع الحق ان الوعد والوعيد ذكر عند العلماء من قسم المحكم كما ذكر المؤلف وذكر عندهم ايضا من قسم المتشابه وكل له وجه من قال ان من المحكم الوعد والوعيد ذلك راجع الى ان نصوص الوعد والوعيد العامة واظحة وان من عمل صالحا فالله يثيبه برحمته ورضوانه وجنته ومن عمل سيئة فانه متعرض للعقوبة ودخول النار هذا امر واضح في الجملة واما من قال ان المحكم ان المتشابه منه الوعد والوعيد فذلك راجع الى ان بعض النصوص المتعلقة بالوعيد فيها شيء من الغموض او يمكن ان يقال انه قد يستشكل معناها من جهة ظن التعارض بينها وبين غيرها. كذلك بعظ نصوص الوعد اه من عد الوعد والوعيد والنصوص الواردة فيهما من قبيل المحكم فله وجه. ومن عد ذلك من قبيل المتشابه فله وجه ايضا قال والحلال والحرام والحلال. ايضا نصوص الحرام والحلال واضحة بينة مفسرة فما احله الله واضح في كتابه وكذا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم اما بالنص عليه او من جهة ذكر القاعدة العامة في بابه. وكذلك الشأن في الحرام قال واما والمتشابه القصص والامثال ذكر المؤلف ان من المتشابه القصص والامثال يمكن ان يوجه وصفه القصص والامثال بالمتشابه بتوجيهين الاول ان القصص والامثال من المتشابه بالمعنى اللغوي الاول وهو ان المتشابه ما يشبه بعضه بعضا فالقصص التي اوردها الله عز وجل تعول تؤول وتعود الى معان عامة متقاربة كذلك الامثال وهذا الوجه وان كان يمكن ان يقال به الا ان فيه ظعفا وذلك ان التشابه حينما نقول المتشابه على وجه الخصوص في مباحث الادلة في مسائل القرآن يراد به ما قابل المحكم وهذا انما يعود الى المتشابه بمعنى الاشتباه لا لا بمعنى التشابه ويمكن ان يقال ان التشابه هو هذا الوجه الثاني يرجع الى ان الغاية والحكمة المستفادة من القصص والامثال انما يعقلها العالمون. وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون يقرأ كثير من الناس قصصا يذكرها الله عز وجل في القرآن ولكنه لا يهتدي الى الحكم والدروس المستفادة منها كذلك يقرأ كثيرا من الامثال ولكنه لا يتبين له وجه الصواب فيها فعاد هذا القول الى ماذا الى ان المحكم ما يعلمه العامة وان المتشابه ما يعلمه الخاصة فهذا الذي يمكن ان يوجه كلام المؤلف رحمه الله به قال والصحيح الان هذا هو القول الخامس وهو ما صححه المؤلف رحمه الله قال الصحيح ان المتشابه ما يجب الايمان به ويحرم تأويله ان اخذنا كلام المؤلف رحمه الله على ظاهره فهذا مشكل لان كل القرآن يجب الايمان به ويحرم تأويله اليس كذلك فما اصبح هناك فارق بين المحكم والمتشابه اذا كان هذا الذي يجب اه اذا كان الذي يجب الايمان به ويحرم تأويله هو المتشابه اذا ما هو المحكم لكن مراد المؤلف رحمه الله هو ما افصح عنه كثير من الاصوليين مراده ان المتشابه ما يجب الايمان به وان كان لا يعلم معناه ويحرم تأويله هذا هو مراده رحمه الله بهذا القول وهذا الكلام لا شك انه غير صحيح مبحث المتشابه من المباحث التي ينبغي ان يتناولها طالب العلم في كتب الاصول بشيء من التنبه لانها من المزالق التي وقع فيها كثير من الاصوليين من جهة التأثر بمذاهب المتكلمين فدعوة ان هناك شيء من القرآن لا يعلم معناه ولا يعرف تفسيره انما يجب ان تؤمن ان تؤمن بالفاظه مع اغلاق عقلك وقلبك عن التفكر فيه هذا لا شك انه تأصيل باطل غير صحيح والقاعدة التي لا شك فيها ان القرآن كله يمكن فهمه ومعرفة معناه وانه ليس هناك شيء في القرآن غامض على جميع الامة بحيث انه لا يمكن ان يهتدى الى معرفة معناه. هذا لا يمكن ان يقع وما احسن ما ذكر الخطيب رحمه الله في كتابه الفقيه والمتفقه من ان الله سبحانه وتعالى ما انزل هذا القرآن الا لكي يتدبر ولكي يعمل به وعليه فلا يمكن ان يكون فيه شيء لا يعلم معناه احسن منه ما ذكره ابن قتيبة رحمه الله في تأويل مشكل القرآن ذكر كلاما حسنا جدا في رد قول من قال ان في القرآن شيئا لا يمكن ادراك معناه وبين ان هذا كلام منقوظ باللغة والمعنى وان القول به يفتح مجال الطعن في كتاب الله سبحانه وتعالى ولا يمكن لمسلم ان يقول ان شيئا من القرآن لا يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم فلما لا يعلمه اصحابه وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه التفسير ودعا لابن عباس ان يعلمه الله التأويل فلا شك ان هذا التأصيل تأصيل باطل والصواب الذي لا شك فيه ان كل القرآن مما يمكن ان يعلم معناه ولك ان تقول القرآن معلوم لمجموع الامة القرآن معلوم المعنى لمجموع الامة وقلنا لمجموع الامة وليس لجميعها لا شك ان هذا لا يقول به عاقل لا يقول احد ان كل القرآن معلوم لكل احد والا فما ميزة العالم عن غيره ميزة العالم عن غيره ان قدر ما يعلمه من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم. اكثر مما يعلمه العامي لكن مجموع الامة القرآن فيهم معلوم والقرآن فيهم معروف وبالتالي فلم ينزل الله سبحانه وتعالى شيئا من القرآن ولا سبيل الى معرفة معناه وهذا بين واضح في ايات محكمات كثيرة قال الله جل وعلا كتاب انزلناه اليك مبارك لم ليدبروا اياته ولم يقل الله عز وجل الا ايات كذا وكذا مثل ما لا يذكر المؤلف رحمه الله في قوله كايات الصفات كذلك قال تعالى انا انزلناه قرآنا عربيا والحكمة لعلكم تعقلون انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون فالله جل وعلا وصف القرآن بانه عربي ايذانا بانه مفهوم لمن يعرف هذه اللغة وهذا هو الحكمة من كونه عربيا لكي يعقل وهذا وصف لا يمكن ان يستثنى منه لانه لم يستثنى منه شيء من كتاب الله جل وعلا الله جل وعلا ذم الذين لا يفقهون القرآن انا جعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وجعلنا على قلوبهم اكنة اذا جهل الانسان بشيء من القرآن آآ راجع الى تقصيره او الى سبب من الاسباب التي تعود الى عدم معناه والا فانه يمكن معرفة معناه. وهذا ما اطبق عليه السلف الصالح. لم يأتي السلف رحمهم الله الى ايات من القرآن وقالوا هذه الايات ندعها ولا نفسرها لانه لا يمكن فهم معناها هي طلاسم هي الفاظ عام بحروفها واغمض عينك وقلبك وعقلك عن التفكر فيها. ما فعل هذا السلف الصالح رحمهم الله؟ وباسناد صحيح عن مجاهد رحمه الله قال عرضت القرآن على ابن عباس رضي الله عنه مرات عدة مرات وهو يعرض القرآن على ابن عباس اقفه عند كل اية منها اسأله عنها وكان ابن عباس رضي الله عنهما على ذلك ولم يقل مجاهد الا ايات معينة كايات الصفات فدل هذا على ان القرآن كله مما يمكن فهمه وادراك معناه. وليس بصحيح ان هناك شيئا من القرآن لا يمكن فهم معناه قد يقول قائل اذا كان هذا التأصيل والتقرير صحيحا فما معنى اية ال عمران هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب. واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به. اذا قال هؤلاء ان هذه الاية تدل على ان من القرآن ما لا يعلم معناه الا الله وما يعلم تأويله الا الله وبالتالي فان الوقف عند اسم الجلالة وهذا دليل على ان ثمة ايات في القرآن لا يعلم معناها الا الله وميزة الراسخين في العلم انهم يقفون ويقولون امنا به والجواب عن هذا ان يقال ان الوقفة في هذه الاية الصحيح انه يجوز فيه آآ ان يكون عند اسم الجلالة وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به ويجوز ايضا الوصل بان يقول الانسان وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم والوجه الثاني وجه صحيح مروي باسناد باسناد ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما وكذلك عن مجاهد رحمه الله وكذلك عن غيرهما وكل له توجيه صحيح فاما في حال الوقف فان التشابه ها هنا هو التشابه العام الكلي التشابه العام الكلي والتأويل يكون بمعنى الحقيقة التي يؤول اليها الشيء التأويل ها هنا يكون بمعنى الحقيقة التي يؤول اليها الشيء بمعنى انه في حال الوقف فان التشابه نعم تشابه عام كلي هناك شيء لا يدرك ولا يعلمه الا الله ولكن ذلك ليس المعاني انما هو حقائق وكيفيات ما استأثر الله عز وجل بعلمه وهذا ليس له علاقة بالمعنى هذا له علاقة بالكنه والكيفية والحقيقة بمعنى الله جل وعلا وصف نفسه بالاستواء على العرش بل ذكر العرش في ايات كثيرة واحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم العرش من جهة المعنى معلوم او مجهول بلغة العرب التي انزل الله القرآن بها اكانوا يعرفون قبل نزول القرآن. ما معنى كلمة العرش ام لا اجيبوا كان معلوما ولذا يقول الله جل وعلا ورفع ابويه على العرش اذا وصلنا الى هذا الموضع نجد اهل العلم يتكلمون عن العرش ام لا؟ يفسرونه ويوضحونه ام لا؟ نعم ويقولون العرش معلوم بلغة العرب وهو سرير الملك يعني السرير الذي يجلس عليه الملك هذا المعلوم من جهة اللغة اذا العرش من جهة اللغة معلوم انما التشابه راجع الى معرفة ماذا الكيفية كيف هذا العرش ما طوله؟ ما عرضه؟ ما وزنه؟ ما لونه؟ ما مادته؟ نقول هذا شيء لا يعلمه الا الله جل وعلا وقل مثل هذا في اشياء كثيرة جاءت في القرآن استأثر الله جل وعلا بمعرفة حقيقتها وكونها وكيفيتها لا يعلمها الناس في الدنيا فالصراط والحوض والميزان وامثال ذلك مما جاء في حقائق اليوم الاخر كل ذلك معلوم من جهة لغة العرب فالعرب يعلمون في لغتهم معنى صراط يعلمون في لغتهم معنى حوض يعلمون في لغتهم معنى ميزان يعلمون في لغتهم معنى قنطرة وامثال ذلك. لكن كيف ذلك ما كنهه؟ ما حقيقته؟ ما مادته هذا شيء مما استأثر الله سبحانه وتعالى به اذا على قراءة الوقف فالتشابه ماذا عام كلي بمعنى كل الناس لا يعلمون المراد ولكن التشابه راجع ها هنا الى ماذا الى الكيفيات والحقائق التي استأثر الله بها لا الى المعنى وبالتالي يكون التأويل ها هنا هو الحقيقة التي يؤول اليها الشيء وما يعلم تأويله الا الله يعني حقائق ذلك وكيفياته لا يعلمها الا الله. وهذا حق وصدق فالتأويل يأتي بهذا المعنى. قال جل وعلا هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله. هذا هو الحقيقة التي يؤول اليها الشيء. فالله اخبرنا باشياء هو سبحانه وتعالى يعلم حقيقتها وكونها وكيفيتها. اما على قراءة الوصل فان التأويل هنا بمعنى التفسير وبالتالي فان الله جل وعلا يعلم تفسير ذلك وكذلك اعطى علمه لاهل العلم وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم. والتشابه ها هنا هو التشابه الجزئي الخاص يعني يكون ثمة اشياء في القرآن يجهلها بعض الناس ولا يعلمونه وآآ لا يمكن آآ لهم ان يتكلموا فيها لجهلهم يعني كثير من الناس يقرأ وفاكهة وابى يقرأ الرقيم اه حميم يقرأ ايات من القرآن امثال ذلك ولا يدري ما معناها. ربما يقرأ ذلك كل يوم ولكن لا يفهم المراد لتقصير راجع اليه او لجهل متعلق به هو قل اعوذ برب الفلق كثير من الناس ما يعلم معنى الفلق ولا امثال ذلك من هذه الايات. اذا التشابه ها هنا تشابه جزئي راجع الى بعض الناس دون بعض وراجع الى بعض الاوقات دون بعض. يعني بعض الناس يعلم ذلك وبعض الناس لا يعلمه. والذي لا يعلمه يمكن ان يتعلمه وفي هذه الحال فان هذا التشابه ليس راجعا الى كل ما في القرآن انما هو تشابه راجع الى اشياء معينة والا فعامة الناس يعلمون السماوات ويعلمون الارض ويعلمون الايمان ويعلمون الاسلام وما شاكل ذلك لكن اشياء يقرأونها ولكنهم لا يفهمون معناها فالتشابه راجع اليهم هم. واما اهل العلم فانهم يعلمون معنى ذلك. ولذلك ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال في هذه الاية ممن يعلم تأويله انا ممن يعلم تأويله وكذلك مجاهد رحمه الله قال في قوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به قال والراسخون في العلم يعلمونه ويقولون امنا به يعلمون يعلمون المعنى والمراد ويقولون امنا به. وانما يكون الذم ها هنا في حق الذين يتبعون ما تشابه منه يتتبعون هذه المواضع التي تستشكل على بعض الناس ويبثونها ويثيرونها على من يجهلها فهذا هو موضع الذنب مع كونهم يعرضون عن المحكمات الواظحات البينات فهم يلبسون على الناس ويشكلون عليهم في فهم كلام ربهم سبحانه وتعالى. وهؤلاء هم الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال اذا ارأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم. وهذا كحال كثير من اهل البدع والضلال الذين يلبسون على الناس العقيدة والتوحيد ويريدون عليهم امورا مستشكلة ويغمض معناها وتوجيهها على العامة مع كونهم يعرضون يعرضون عن الايات الواضحة التي هي كالشمس فهم يضربون النصوص بعضها ببعض او يأتون الى اشياء فيها دقة وتحتاج الى تبيين وتفسير وجمع بين النصوص ويثيرونها على الناس فهؤلاء هم الذين ذمهم الله عز وجل وهم الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتضح هذا اه تبين لنا ان دعوة ان شيئا من القرآن لا يعلم معناها دعوة غير صحيحة واظهروا واكثروا ما يستدل به من يدعي هذه الدعوة هو الحروف المقطعة يقول ان من القرآن ما لا يعلم معناه ومن ذلك هذه الحروف المقطعة ومضى ذكر الجواب عن ذلك وان هذا سؤال غير وارد اصلا فمن العاقل الذي يقول انه يطلب معنى لالف ولام وميم نحن نقرأها حروفا مقطعة ولا نقرأها كلمة والمعنى انما يطلب للكلام وهو اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها. كلامنا لفظ مفيد كاستقم اذا الذي يقول ما معنى الف ولام وميم؟ يقال له وما معنى با تا ثاء وهذا شيء لا يطلبه احد الكلام هو المؤلف من هذه الحروف وهو الذي يطلب معناه اما الحروف فلا يطلب لها معنى وهنا ملحظ لطيف ذكره ابن العرب فيما نقل الحافظ ابن حجر في في فتح الباري في الجزء الحادي عشر من ان هذه الحروف المقطعة سمعها المشركون تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذا القرآن والمشركون يسمعونه هم سمعوا نون وسمعوا حا ميم ومع ذلك ما استشكلوا شيئا من ذلك مع كونهم يتشوفون الى الزلة ويحرصون على الطعنة في هذا القرآن اليس كذلك ولذا قال جل وعلا ولو جعلناه قرآنا اعجميا لقالوا ماذا لولا فصلت اياته اذا هم يحرصون على ان يجدوا ثغرة يطعنون من خلالها في القرآن ومع ذلك ما استشكلوا شيئا من هذه الحروف المقطعة فهذا دليل على ان المراد من ذكر هذه الحروف كان معلوما عنده ولذا اقروا بلسان حالهم او بلسان مقالهم ان هذا القرآن بلغ الغاية في الفصاحة وانه لا يمكنهم معارضته اليس كذلك اذا هذا من الملاحظ التي ينبغي ان تلاحظها في هذا الباب. قال المؤلف رحمه الله ما يجب الايمان به ويحرم تأويله كايات الصفات هذا ايضا من آآ الاخطاء التي يقع فيها من يقع وذلك لا شك انه اه اجتهاد جانب الصواب عفا الله عن المؤلف فانه لا يمكن ان يقال ان ايات الصفات من المتشابه واذا كان ايات صفات الله جل وعلا التي هي اعظم ايات القرآن اذا كانت هي المتشابه فما هو المحكم اذا لا شك ان هذا القول غير صحيح هكذا باطلاق والذين يزعمون ان ايات الصفات من المتشابه يعللون ذلك بايهام التشبيه لما هو متشابه يقول لان هذه الايات توهم التشبيه توهم تشبيه الله عز وجل بخلقه وهذا التأصيل لا شك انه غير صحيح هذه مقدمة باطلة ايات القرآن من حيث هي اذا تعلقت بصفات الله سبحانه وتعالى فانها لا توهم التشبيه انما ايهام التشبيه راجع الى فساد بعض القلوب والى مرض بعض القلوب اما ايات الله عز وجل من حيث هي فلا يمكن ان تكون سبيلا الى الظلال وان تكون سببا للانحراف بل الكفر لان تشبيه الله عز وجل بخلقه كفر وبالتالي فان هذه الدعوة غير صحيحة بل ايات القرآن في باب الصفات تفيد معنى الاجلال وتفيد معنى التعظيم وتفيد معنى التنزيه لله سبحانه وتعالى وهكذا كانت القلوب المؤمنة السليمة في تلقيها لهذه النصوص. ما وقع في قلب احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. حينما قرأ وجاء ربك او الرحمن على العرش استوى او وغضب الله عليهم ما وقع في نفسي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الايات موهمة للتشبيه فكان في قلوبهم شيء من الحرج منها حاشا وكلا اذا القول بان ايات الصفات من المتشابه لايهامها التشبيه قول غير صحيح والرد على ذلك من وجوه كثيرة والبحث في ذلك على وجه التفصيل في درس الاعتقاد. لكن على وجه الاجمال يقال اولا هذه دعوة ولا دليل عليها وثانيا ان يقال هل تزعمون ان كل ايات الصفات موهمة للتشبيه وبالتالي فهي من المتشابه ام بعضها فان قال كل ايات الصفات مهمة للتشبيه وبالتالي هي من المتشابه كان هذا مكابرة من القائل وكان في هذا من الشناعة ما يكفي في رد ذلك ولا يقول هذا الا من آآ كان من اهل الضلال البين والانحراف البين بل كان من اهل الالحاد الذين ما عرفوا الله سبحانه وتعالى القائل بهذا مضطر الى ان يقول بعض ايات الصفات من المتشابه وبعضها من المحكم بعضها واضح المعنى فكون الله عز وجل حيا وكون الله عز وجل قادرا هذا شيء واضح لكنه يستشكل بعض نصوص الصفات التي توهم التشبيه وبالتالي ونقول اذا ما الضابط للتفريق بين هذا وهذا ولا ضابط عنده انما هو التناقض ولا شك فكل ما زعموه في طائفة من نصوص الصفات يلزمهم مثله في غيره وهذه قاعدة مطردة كل ما ادعوا ان فيه اشكالا من نصوص الصفات من جهة انه يوهم التشبيه يقال انه يلزمكم مثله فيما لا تقولون انه من متشابه فاذا قال الاستواء من المتشابه والسمع والبصر والحياة من المحكم نقول يلزمكم في هذه مثل ما لزمكم في ذاك ولا فرق ثم انه يقال لهم ايضا لا يمكن ان يكون القرآن في اشرف المطالب واعظمها موهما للتشبيه وبالتالي هو متشابه تقرأه لفظا ونحر آآ نحرم انفسنا من التفكر والتدبر فيه لا يمكن ان يكون افضل ما في القرآن سببا للضلال والانحراف لا يمكن ان يكون ذلك كذلك ولا يقول هذا الا من لم يعرف قدر هذا القرآن العظيم ولا من انزله سبحانه وتعالى يكفي ان تعلم ان الله جل وعلا انما مدح نفسه بهذه النصوص هل الله جل وعلا يقول في وصف نفسه ما ظاهره الذنب تأمل معي هم يقولون ظاهر نصوص الصفات موهم للتشبيه وهذا اعظم ذم لله تشبيه الله العظيم بخلقه الفقراء الاذلاء الضعفاء لا شك انه ماذا لا شك انه ذنب اذا على قولهم الله جل وعلا لما اراد ان يمدح نفسه ذمه وهذا ابلد الناس لا يقع فيه فكيف بالحكيم العظيم العليم سبحانه وتعالى؟ وهذا الوجه كاف لو تدبرته في ربي هذا القول على كل حال آآ الله جل وعلا وصف القرآن بانه هدى وبيان وتبيان وانه نور مبين وبالتالي فكله كذلك واشرف ما في ما فيه ايات القرآن وبالتالي كلها هدى وبيان وتبيان وليس فيها شيئا موهما للتشبيه والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان