بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد وقال في الدين الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه قواعد الاصول فان تعارض عمومان وامكن الجمع بتقديم الاخص او تأويل المحتمل فهو اولى من الغائهما والا فاحدهما ناسخ ان علم تأخره والا تساقطا. ان الحمد لله. نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الموضع من رسالته مسألة تعارض عمومين وموضوع التعارض والترجيح. من المباحث المهمة. في علم اصول الفقه قبل شرح ما ذكر المؤلف رحمه الله يحسن التنبيه على انه لا يمكن ان يقع فشيء من التعارض بين دليلين شرعيين البتة. هذا مما ينبغي ان يعتقده كل مسلم وليت ان المؤلف رحمه الله قال فان تعارض عمومان ظاهرا يعني فيما يظهر للناظر في الدليل قد يظهر له شيء من تعارض بينه وبين غيره. اما في حقيقة الحال فلا يمكن البتة ان يكون ثمة ارض بين دليلين. بين اية واية او حديث وحديث. او حديث واية هذا امر مستحيل. قال جل وعلا افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. لكنه لما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تنافر ولا تناقض قال جل وعلا الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها يعني يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا. اذا التعارض الذي يكون والذي يبحثه العلماء انما هو التعارض في نظر العالم او طالب العلم الذي يبحث وينظر في الادلة وبالتالي فاننا نعبر فنقول فان تعارض دليلان او ظاهرا اذا التعارض ليس راجعا الى الادلة من حيث هي. انما راجع الى نظر الناظر وهذا يكون اما لنقص في العلم او قصور في الفهم التعاضد الذي يظهر الباحث انما هو لنقص في العلم او قصور في الفهم ولذلك كلما قوي علم الانسان وارتفع كعبه في العلم كلما قلت الامور التي يظهر له فيها التعارض. البحث هنا ليس في التعارض ومباحثه فان هذا مما خص له المؤلف رحمه الله موضعا في اخر رسالته انما الكلام هنا عن تعارض خاص وهو التعارض الذي يظهر بين عمومين كيف يصنع طالب العلم او العالم ان بدا له ان تعارضا واقع بين دليل بين عامين قال رحمه الله فان تعارض عمومان وامكن الجمع بتقديم الاخص او تأويل المحتمل فهو اولى من الغائهما والا فاحدهما ناسخ ان علم تأخره والا تساقطا ذكر لنا رحمه الله ان التعامل مع ما يظهر من التعارض هو المرور على ثلاث مراحل. الجمع والا انتقال الى النسخ والا فالتساقط. واسقط المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالترجيح وجمهور العلماء لهم منحى بصورة عامة في التعامل مع التعارض هو ما ذكر المؤلف اضافة الى الترجيح. بمعنى انهم يتعاملون مع ما يظهر من التعارض بهذا الترتيب. الجمع ثم الترجيح ثم النسخ. ثم التساقط هكذا يقرر العلماء بصورة عامة على اختلافات في تفاصيل دقيقة لكن في الجملة هذا هو المنهج. الجمع ثم الترجيح ثم النسخ النسخ ثم التساقط. اما الحنفية فجمهورهم على منهج اخر فهم اولا يعمدون الى النظر في النسخ ثم الترجيح ثم الجمع ثم بعد ذلك ترك الدليلين والرجوع الى الاصل العام. فتلحظ ان الخلاف بينه وبين الجمهور في ان الجمهور يقدمون الجمع ويجعلون النسخ متأخرا. اما هم نسخ عندهم مقدم والجمع متأخر. اذا المرحلة الاولى عند الجمهور ومنهجهم هو صحيح في هذا المقام انهم يجمعون بين الدليلين العامين. وهذا ما ذكره المؤلف رحمه الله بقوله وامكن الجمع بتقديم الاخص او تأويل المحتمل فهو اولى من الغائهما. لا شك ان مع اولى من غيره. وذلك لانه بالجمع يكون اعمال الدليلين. واعمال الدليلين اولى من اهمالهما او اهمال احدهما. هذه قاعدة مسلمة عند اهل العلم ادلة الكتاب والسنة يجب ان تصان عن الاهمال ما امكن. وبالجمع بين الدليلين يمكن العمل بهما معا. وبالتالي فتتحقق المصلحة العظمى اذا متى ما امكن الجمع بين الدليلين العامين؟ فان هذا هو المتعين. وليس ثمة فمندوحة عنه وذلك احد آآ اسباب او وسائل الجمع ومنها ما ذكر المؤلف رحمه الله الا وهو تقديم الاخص مثال ذلك انه اذا ظهر لي الانسان شيء من التعارض بين حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس مع قوله صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها. لا كفارة لها الا ذلك تلحظ في هذين الحديثين ان حديث لا صلاة بعد العصر فيه عموم النهي عن الصلاة. سواء اكانت حاضرة او فائتة. سواء كانت مكتوبة او نافلة وفيه خصوص من وجه يعني فيه عموم من وجه وفيه نصوص من وجه بالنسبة للدليل الاخر. الخصوص فيه من جهة الوقت. فهو مخصوص بما بعد العصر واما الحديث الاخر فان فيه عموم الامر بالصلاة فليصلها اذا ذكرها. من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها الجهة الاخرى انه خاص من وجه وهو انه خاص بماذا الصلاة الفائتة او المنسية. ها هنا يبحث اهل العلم في تقديم احد او في حمل احد العمومين على خصوص الاخر انه لا سبيل الان الا ان نخص احد العمومين بالاخر. ما عندنا حل الا هذا والذي يترجح والله اعلم اننا نخص عموم النهي في قوله لا صلاة بعد العصر الحديث الاخر فليصلها اذا ذكرها. ومن اوجه الجمع اه او من اوجه هذا الجمع جعلنا نرجح حمل العموم في الاول على خصوص الثاني ان حديث لا صلاة بعد العصر حديث قد خص في غير ما سورة خص بغير ما سورة. والقاعدة عند الاصوليين ان العامة اذا خص ضعف عمومه فلم يكن في قوة العموم المحفوظ الذي لم يخص فمن ها هنا حملنا عموم حديث لا صلاة بعد العصر على حديث فليصلها اذا ذكرها. يمكن ان نمثل بمثال اخر فيه الجمع ايضا. وهو الجمع بين النهي عن الجمع بين الاختين في قول الله جل وعلا وان تجمعوا بين الاختين مع عموم اباحة حل او اباحة ملك اليمين في قوله جل وعلا والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم تلاحظ معي ان الاية الاولى فيها عموم النهي عن الجمع بين الاختين اي اختين دلت الاية على انه لا يجوز الجمع بينهما في الاستمتاع وبالتالي فسواء كانتا شقيقتين او كانتا اختين لاب او لام او من الرضاعة سواء كانتا حرتين او كانتا امتين في المقابل نجد ان قوله تعالى او ما ملكت ايمانهم آآ فيه عموم من جهة الاستمتاع بالسرار والاماء سواء كن اخوات او لم يكن كذلك وليس عندنا من سبيل الان الا ان نخص احد العمومين بالاخر والذي يترجح ها هنا والله تعالى اعلم اننا نخص عموم قوله او ما ملكت ايمانهم بخصوص قوله تعالى لان هذا خاص في الاختين وليس عاما بخصوص قوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين ومن اسباب هذا الجمع ان اية وان تجمعوا بين الاختين جاءت في سياق بيان المنهيات من النساء. يعني اللاتي نهي عن نكاحهن واما الاية الاخرى فانها جاءت في سياق بيان آآ فظيلة ومدحي وثنائي او الثناء على المؤمنين الذين هم لفروجهم حافظون والاصوليون يرجحون النص الذي يتعلق بالموضوع نفسه وهو به الصق على غيره يقدمون هذا على هذا اضف الى هذا ان اية وان تجمعوا بين الاختين العموم فيها محفوظ لا يعرف تخصيص لهذا العموم فهو اقوى من العموم الاخر او ما ملكت ايمانهم فان هذا قد دخله التخصيص في صور عدة منها انه بالاجماع لا يجوز للانسان ان يستمتع بموطوءة ابيه وبالتالي فان هذا مما يخص كذلك بالاجماع لا يجوز له ان يستمتع باخته من الرضاعة هذا ايضا بالاجماع فتلاحظ ان هذا العموم قد دخله التخصيص في عدد من الصور فهو اظعف من العموم المحفوظ اضف الى هذا وجها ثالثا وهو ان هذا الجمع احوط والناظر في الشريعة يجد انها تميل الى جهة الاحتياط في باب الفروج اذا هذه من الامثلة على طريقة اهل العلم في الجمع بين الادلة اذا بدأ او ظهر شيء من التعارض بين دليلين عامين او قال او تأويل بتقديم الاخص او تأويل المحتمل. يعني تأويل المحتمل للتأويل وذلك بالا يكون اللفظ صريحا بل يمكن ان يحمل على وجه يحمل على وجه من اوجه اللغة يتوافق مع الدليل الاخر فان هذا مما ينبغي المصير اليه. خذ مثلا على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لا رقية الا من عين او حمى. تلاحظ هذا الحديث فيه النهي او فيه عموم النهي عن الرقى جميعا والمستثنى ها هنا حالتان. الرقية في شأن العين والرقية في شأن الحمى. يعني في شأن السم او ذوات السموم كالحية والعقرب مع اننا نجد النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم جاءه ال عمر ابن حزم فقالوا يا رسول الله انك نهيت عن الرقى وانه كانت عندنا رقية من العقرب الان هذه صورة ليست راجعة الى ماذا الى الصورتين المستثنيتين. اليس كذلك الصورتان المستثنتان من الحديث السابق العين والحمى والحمى والان يقول ماذا؟ نعم هذا في شأن العقرب اه اذا تكون داخلة في حديث العقرب يدل على الاستثناء حديث اخر لم اقصد هذا الحديث انما قصدت الحديث الاخر وهو ان في صحيح مسلم ايضا ان صحابيا صرع عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن احد الصحابة في ان يرقيه بان يرقيه قال ارقيه. قال النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل. وهذا في صحيح مسلم وتلحظ ان النبي صلى الله عليه وسلم اذن ها هنا في سورة جديدة ليست في الصورتين الماضيتين حينئذ جمع العلماء بين ما جاء من آآ النهي عن الرقية النهي ها هنا جاء صيغة النفي لا رقية وبينما جاء من اذنه صلى الله عليه وسلم بذلك. والمستثنيات على كل حال في هذا الباب كثيرة النبي صلى الله عليه وسلم مرض ولم يكن مرضه عن احد هذين فنزل جبريل عليه السلام وقال يا محمد اشتكيت قال نعم قال بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل ذي شر او عين حاسد بسم الله ارقيك الله يشفيك ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مصابا العين او الحمى فعلى كل حال جاءت مستثنيات عدة هذا النفي الذي اه يفيد النهي في بادئ الرأي لكن الجمع بين الامرين عند اهل العلم هو ان نحمل قوله صلى الله عليه وسلم لا رقية من عين او حمى على انه لا رقية انفع لا رقية انفع من الرقية في العين والحمى وبالتالي فانه تجتمع الادلة الواردة في هذا الموضوع ويزول ما يظهر من اشكال او تعارض وهذا اسلوب عربي سائر قال فهو اولى من الغائهما والا فاحدهما ناسخ قبل ذلك الترجيح والترجيح قد يكون لنظر في الاسناد او نظر في المتن فاذا لم يمكن الجمع بين الدليلين فان العلماء يلجأون الى الترجيح. فاذا كان احدهما اصح من الاخر من جهة الاسناد قدم او اذا تساويا في الصحة نظروا في المتن. فيقدمون النص على الظاهر او يقدمون حكاية صاحب القصة كأن تكون يكون حديث فيه قصة يرويها صاحبها فيقدم هذا عن على رواية من لم يكن صاحب القصة او غير ذلك من اسباب الترجيح وسيأتي لها بحث مفصل ان شاء الله حينئذ يقدم احد الدليلين على الاخر وهذا مسلك الترجيح ولا يلجأ اليه الا مع عدم امكان الجمع الحالة الثالثة المصير الى القول بالنسخ وهذا شرطه كما ذكر المؤلف رحمه الله ان علم تأخره يعني ان علم تأخر الناسخ وهذا شرط لابد من مراعاته لا يمكن القول بالنسخ بين دليلين يعني ان احدهما ناسخ للاخر الا بعد التحقق من ان الناسخ متأخر من حيث التاريخ عن النص الاخر الذي هو منسوخ ومن امثلة ما وقع في هذا قول الله جل وعلا فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ثم جاء بعد هذه الاية قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه فها هنا عموما فمن تطوع خيرا فمن شهد منكم الشهر فليصمه واحدهما يدل على ان صيام رمضان اه الشأن فيه انه تطوع ليس بلازم والاخر انه واجب ولازم والجمع بين هذين ظاهر في ان النسخ هو المتعين ولاحظ ان تأخر النسخ في الرتبة انما هو فيما يطلب القول فيه بالنسخ عن طريق الاجتهاد اما متى ما ثبت بالدليل ان هذا منسوخ فانه ينبغي ان يقرر هذا ابتداء يعني حينما ينظر المسلم مثلا في قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج مع قوله تعالى والذين يتوفون منكم ما يذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا ها هنا علم بالدليل القطعي ان احدهما ناسخ والاخر منسوخ. فيلجأ الى هذا مباشرة انما تأخر مسلك النسخ في هذا الترتيب الذي ذكرته لك هو فيما يطلب يعني ما امكننا الجمع بين النصين ولا تقديم احدهما على الاخر بسبب من اسباب الترجيح فاننا نرجع بعد الى هذا المسلك الذي يقرر فيه القول بالنسخ عن طريق الاجتهاد والنظر في التاريخ آآ يقدم اه اه الناسخ بالتأكيد على المنسوخ. اما الحالة الرابعة فهي المصير الى التساقط. قال والا تساقطا. والمقصود بالتساقط ها هنا هو ان ينظر اليهما بانهما غير موجودين كانهما غير موجودين ماذا يكون بعد ذلك يكون بعد ذلك ان يطلب الحكم من غيرهما. الان نظرنا فما وجدنا سبيلا الى الجمع ولا الى الترجيح ولا الى القول بالنسخ لاننا لم نعرف متقدما. على متأخر وبالتالي فاننا اعتبروا هذين الدليلين كانهما غير موجودين. يتساقطان. ونلجأ بعد ذلك الى دليل اخر سواء كان نصا او كان قياسا او غير ذلك هذه السورة مفروضة ذهنية ولا يسلم ب آآ حصولها بصورة عامة يمكن ان يقع هذا في نظري شخص معين لكن ان تكون هناك آآ صورة عامة يعني ان يكون هناك دليلان لا يمكن الجمع بينهما ولا الترجيح ولا النظر في شأن النسخ لجميع المجتهدين هذا لا يسلم حصوله. لكن يمكن ان يكون لشخص معين في حالة معينة يضعف او يقصر نظره فيميل الى القول بالتساقط ان لم يمكن طلبوا الحكم من دليل اخر تباينت مواقف العلماء حينئذ فقال بعضهم بالوقف نتوقف ولا نحكم بشيء وقالت طائفة نتخير يعني للناظر ان يتخير من الاقوال ما يشتهي والقول الثالث ولعله الاقرب وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ان الناظر ها هنا ينزل نفسه منزلة العامي فيقلد الارجح في نظره الناظر في المسألة حينما اغلق عليه ولم يجد سبيلا ل اه حل هذا الاشكال فانه ينزل نفسه منزلة العامي الذي يقلد الارجح في نظره من آآ العلماء وبالتالي يكون هذا اقصى ما يستطيع ان يفعل والله جل وعلا يقول فاتقوا الله ما استطعتم والله جل وعلا اعلى نعم قالوا رحمه الله والخاص يقابل العام وهو ما دل على شيء بعينه لهما طرفان وواسطة فعام مطلق وهو ما لا اعم منه كالمعلوم. وخاص مطلق وهو ما لا اخص منه كزيد وما بينهما فعام بالنسبة الى ما تحته. خاص بالنسبة الى ما فوقه كالموجود. احسنت لما انتهى المؤلف رحمه الله من الكلام عن مباحث العام انتقل الى الكلام عن المباحث المقابلة وهي مباحث خاصة والخاص يقابل العام واذا كان العام هو الشامل يعني الذي يدل على افراده الذين يشملهم اللفظ فان الخاص هو كما ذكر المؤلف ما دل على شيء بعينه يعني هو اللفظ الذي دل على شيء بعينه فلاحظ الفرق بين قولك الرجال وبين قولك زيد فالرجال لفظ عام يشمل افرادا متعددين يشملهم كلمة الرجال اما زيد فانه لفظ يدل على شيء معين وهو زيد ولا يتناول غيرة الباب اه كما علمت هو باب العام والخاص والعموم والخصوص يتبع ذلك ان نعلم احكام التخصيص كما سيأتي في كلام المؤلف رحمه الله ذكر بعد ذلك مراتب العموم والخصوص وذكر ان عندنا ها هنا وطرفين وواسطة بينهما عندنا عموم مطلق وعندنا خصوص مطلق وعندنا واسطة وهي العام الاضافي والخاص الاضافي اما العام المطلق قال وهو ما لا اعم منه كالمعلوم كلمة المعلوم كلمة مغرقة في العموم لانها تشمل الموجودات وتشمل ماذا؟ المعدومات ايضا. فكلها يشملها قول المعلوم يمكن ايضا ان تقول المذكور فالمذكور يشمل الموجود ويشمل المعلوم ويمكن ان تقول ايضا المتصور فالمتصور وهذا قالوا انه من اكثر الالفاظ عموما يشمل الموجود ويشمل المعدوم كذلك يشمل الواجب ويشمل الممكن وربما ايضا غير ذلك وتلاحظ ان هذه الفاظ مغرقة في العموم يقابلها الخاص المطلق الذي لا اخص منه قال كزيد زيد مغرق في الخصوصية يعني لا يتناول غيره البتة كذلك حينما تقول هذا الرجل او تلك المرأة فهذا ايضا خاص مطلق وما بينهما هو الخاص الاظافي والعام الاضافي قال وما بينهما فعام بالنسبة الى ما تحته خاص بالنسبة الى ما فوقه كالموجود الموجود اذا قارنته بالمعلوم كان ماذا اخصه واذا قارنته بالانسان كان اعم وهكذا في امثلة كثيرة الحيوان اعم من الانسان. لانه يشمل كل ما فيه حياة واخص من النام لانه اعني النامي يشمل الحيوان ويشمل النبات ايضا فتلاحظ ان الشيء الواحد ان نظرت اليه باعتبار ما هو اعم منه؟ كان ماذا خاصة واذا نظرت اليه باعتبار ما هو اخص منه كان عاما وهكذا تلاحظ مثلا انك اذا جئت الى النامي الذي جعلناه قبل قليل عامة فتقول النامي اعم من الحيوان واخص من المخلوق لان المخلوق قد يكون ناميا وقد لا يكون ناميا على كل حال هذا بحث منطقي ليس يعني فيه كبير آآ شيء يتعلق بالاصول. نعم. قال رحمه الله والتخصيص اخراج بعض ما اتناوله اللفظ. فيفارق النسخ بانه رفع لجميعه. وبجواز مقارنة المخصص وعدم وجوب مقاومته ودخوله على الخبر بخلاف النسخ. ولا خلاف في جواز التخصيص. احسنت. اذا علمنا العام وعلمنا الخاص اتينا للمبحث الاهم في هذا الباب وهو مبحث التخصيص وآآ التخصيص عرفه المؤلف رحمه الله بانه اخراج بعظ ما تناوله اللفظ فيفارق اخراج بعض ما تناوله اللفظ. حقيقة ان هذا التعريف فيه نظر. من جهة ان الاخراج يشمل ما كان مرادا وما لم يكن مرادا. والواقع ان التخصيص مبين ان هذا النص لم يكن يراد به هذه الصورة الخاصة. يعني ما دخلت اصلا في اللفظ العام فهو مبين آآ وذلك اقرب من كونه مخرجا لذلك تعريف التخصيص بانه بيان ان بعض مدلول اللفظ لم يكن داخلا في الحكم هذا اولى من تعريفه بما ذكر المؤلف من انه اخراج ما تناوله اللفظ وان شئت فقل هو قصر بعض افراد العام قصر آآ العام على بعض افراده بدليل قصر العام على بعض افراده بدليل و مثال ذلك قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم قلنا كلمة اولادكم لفظ عام اليس كذلك فيشمل كل الاولاد للذكر مثل حظ الانثيين لكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخصص هذا العموم وهو قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فلو ارتد الولد عياذا بالله لم نورثه من ابيه لم نورثه من ابيه لان اختلاف الدين مانع من التوريث تلاحظ ان التخصيص ها هنا بين لنا الدليل المخصص ان هذه الصورة التي هي الولد غير المسلم ليست داخلة اصلا في قوله يوصيكم الله في اولادكم فصار الدليل المخصص هذا مبينا ان الصورة الخاصة ماذا غير داخله اصلا في الدليل العام والامثلة على كل حال في مسائل التخصيص كثيرة وسيمر معنا يعني مثلا قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات جاء في الشرع ما يخصص هذا العموم المشركات هذا لفظ يعم كل من لم يكن مسلما لكن نجد ان الله جل وعلا قال والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب الله جل وعلا اباحهن للمسلم اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب فتجد ان هذه الاية الثانية بينت لنا ان اهل الكتاب او ان نساء اهل الكتاب لسن داخلات في قوله المشركات فصار هذا التخصيص قاصرا للعام على بعض افراده لا على جميع الافراد انتقل المؤلف رحمه الله الى بيان الفرق بين التخصيص والنسخ اقدم على هذا القول بانه ينبغي التنبه الى مصطلح النسخ عند الاصوليين والمتأخرين ومصطلح النسخ في عرف السلف السلف كان لهم اصطلاح في النسخ آآ اوسع من اصطلاح الاصوليين المتأخرين وذلك انهم كانوا يطلقون النسخ على رفع الحكم الذي هو النسخ الاصطلاحي وايضا على رفع الظاهر او على رفع ما فيه اشكال في الاية هذه ثلاث صور يشملها مصطلح النسخ عندهم اولا رفع الحكم وهذا هو النسخ الاصطلاحي والثاني رفع الظاهر وذلك يشغل التخصيص والتقييد. تخصيص العام وتقييد المطلق وكذلك رفع الاشكال ما كان فيه رفع للاشكال فانهم يسمونه نسخا ويسمون الدليل الذي رفع الاشكال ناسخا مثال ذلك انه جاء عن السلف انهم قالوا في قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم انه ناسخ لقوله تعالى اتقوا الله حق تقاته قالوا حق تقاته هذه نسخها قوله ماذا فاتقوا الله ما استطعتم. مرادهم ان قوله فاتقوا الله ما استطعتم اوضح وبين المراد في قوله اتقوا الله حق تقاته. تلاحظ انهم ذكروا ان هذا من النسخ وهو رفع للاشكال فكل ما يرجع الى الرفع سواء تعلق بالحكم نفسه او بمعناه من جهة تخصيص او تقييد او من جهة رفع وازالة الاشكال وبيان المجمل كل هذا يعتبر عندهم ماذا من النسخ وها هنا يخطئ من لم يفهم هذا الاصطلاح فيحمل كلمة النسخ كلما وردت عليه في كلام المتقدمين على اصطلاح المتأخرين بالطرات وهذا لا شك انه يوقع في الخلل والخطأ فتنبه رعاك الله الى هذا الامر ذكر المؤلف رحمه الله اربعة فروق بين التخصيص والنسخ التخصيص والنسخ يجتمعان في قدر مشترك هو الرفع في هذا رفع وفي هذا رفع ولكن بينهما قدر مميز وفارق ذكر مؤلفه رحمه الله انه اه يفارق النسخ بانه رفع لجميعه. يعني النسخ رفع لجميع مدلول اللفظ واما التخصيص فانه ورفع لبعض المدلول وانا اقول رفع من باب التجوس والا هو في الحقيقة كما قلنا بيان التخصيص بيان والنسخ رفع لكنني آآ استعمل ما ذكر المؤلف رحمه الله من انه اخراج وانه رفع على سبيل التجوز اذا النسخ يرفع الحكم بالكلية واما التخصيص فلابد من بقاء شيء من مدلول اللفظ لا يمكن ان يكون التخصيص راجعا على جميع الافراد الذين تناولهم العام. بل لابد من بقاء البعض ولو واحد ولو فرض واحد لابد ان يبقى مدلوله صحيحا فهذا احد الفروق بين النسخ والتخصيص قال وبجواز مقارنة المخصص اما النسخ فلابد ان يتأخر الناسخ لا يمكن ان يكون الناس متقدما في التاريخ على المنسوخة بل لابد ان يكون الدليل الناسخ ماذا متأخرة اما في التخصيص قال جواز مقارنة المخصص يمكن ان يكون متأخرا ويمكن ان يكون مقارنا يعني ان يكون في النص نفسه كالتخصيص بالاستثناء وسيأتي الكلام فيه ان شاء الله وهو قول اكثر العلماء ان الاستثناء في النص تخصيص بل يمكن ان يكون المخصص متقدما على العام متقدما على المخصص ولا مانع يمنع من ذلك الشاهد ان هذا آآ احد الفروق ايضا بين النسخ والتخصيص قال وعدم وجوب مقاومتي وعدم وجوب مقاومته يعني لا يلزم التساوي في قوة الدليل بالتخصيص ويلزم ذلك على قول كثير من اهل العلم في النسخ وبالتالي فانه يجوز تخصيص المتواتر بماذا بالاحات يجوز تخصيص المتواتر بالاحاد ومن هذا المثال الذي بين ايدينا يوصيكم الله في اولادكم مع حديث لا يرث المسلم الكافر او تخصيص قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين. مع حديث احاد وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ان معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة فالنبي صلى الله عليه وسلم وكل الانبياء آآ حكمهم هو الاستثناء من هذا الدليل الذي هو يوصيكم الله باولادكم. الانبياء لا يورثون وبالتالي جاز التخصيص بالدليل الاضعف اكثر الاصوليين على انه لا يجوز ذلك في ماذا في النسخ فلا ينسخ الدليل المتواتر الا بدليل متواتر وسيأتي الكلام ان شاء الله عن ذلك قال ودخوله على الخبر بخلاف النسخ الاخبار لا تنسخ لان هذا يستلزم الكذب والكتاب والسنة اه يصانان عن الكذب كما هو معلوم بالضرورة اما التخصيص فانه يشمل الاخبار ويشمل ايضا الانشاء فالاوامر والنواهي ومسائل الاحكام يدخلها التخصيص. وكذلك الاخبار وكذلك الاخبار مثال ذلك اخبر الله جل وعلا انه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. لاحظ معي في قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء هذا يشمل كل الذنوب حتى التي تيب منها يعني حتى التي تاب صاحبها منها فالذي يتوب من الذنب بناء على هذا العموم يمكن ان يعفو الله عز وجل عنه ويمكن ماذا؟ ان يعذب لكن جاء الدليل المخصص لهذا العموم في شأن التائب في ادلة كثيرة ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم التائب من الذنب كمن لا ذنب له وبالتالي فيمكن ان نأخذ قاعدة ان كل الاخبار المتعلقة بوعيد العصاة فانها مخصصة في شأن التائبين. فمن تاب من ذنب وكانت توبته صحيحة وصادقة فان الله سبحانه وتعالى لا يعذبه على ذلك وهذا وعد من الله عز وجل والله لا يخلف الميعاد ونحمد الله على هذه النعمة العظيمة منه جل وعلا. فالشاهد ان التخصيص يدخل ماذا الاخبار واما النسخ فانه لا يدخل الاخبار يمكن ايضا ان نذكر فرقا او فرقين اخرين التخصيص يدل على ان المخصص لم يدخل في الدليل العام واما النسخ فانه يدل على دخوله ثم خروجه ورفع الحكم وهذا ما سبق ان اشرت اليه من ان التخصيص بيان وان النسخ رفع يمكن ان نقول ايضا ان التخصيص لا يتناول ما كان فيه الامر بواحد واما النسخ ويمكن ان يؤمر بشيء واحد وينسخ فمثلا استقبال بيت المقدس امر واحد ونسخ لكن ان يكون تخصيص آآ لامر واحد هذا لا يمكن. بل لابد ان يكون التخصيص لماذا متناولا او داخلا على افراد متعددين فاكرم زيدا مثلا هل يمكن ان يدخله التخصيص لا يمكن ان يدخله التخصيص لانه تعلق بواحد لابد ان يدخل التخصيص على افراد متعددة واضاف المؤلف رحمه الله بعد ذلك الى انه لا خلاف في جواز التخصيص. ان شئت ان تجعله فارقا فاجعله فان النسخ قال بعض الشذاذ الضالين ب آآ منعه ونفيه واما التخصيص فلا يعلم احد نفى لا يعلم ان احدا نفاه او خالف في ثبوته لانه بيان ولا يمكن ان يخالف احد لان بعض الادلة تبين بعضا فهذا مما وقع الاجماع عليه وهو ان التخصيص ثابت وحاصل في الادلة هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان