الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب عن حسين بن عبد الرحمن رحمه الله تعالى انه قال كنت عند سعيد بن جبير رحمه الله فقال ايكم رأى الكوكب الذي انقضى البارحة؟ قلت انا ثم قلت اما اني لم اكن في صلاة ولكني لبئت قال فما صنعت؟ قلت افتقيت قال فما حملك على ذلك؟ قلت حديث حدثناه الشعبي قال وما حدثكم قلت حدثنا عن بريدة بن حصين رضي الله عنه انه قال لا رقية الا من عين او حمى فقال قد احسن منك الى ما سمع ولكن حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عرضت علي الامم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجل والنبي ليس معه احد اذ رفع لسواد عظيم فظننت انهم امتي فقيل لي هذا موسى وقومه. فنظرت فاذا سواد عظيم فقيل ولهذه امتك ومعهم سبعون الف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في اولئك فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم والذين ولدوا في الاسلام ولم يشركوا بالله شيئا وذكروا اشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم كانوا اقام عكاشة ابن حسين رضي الله عنه فقال ادعوا الله يجعلني منهم. فقال انت منهم. ثم قام رجل اخر. فقال ادعو الله ان يجعلني منهم. فقال سبقك بها عكاشة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ومر بنا الكلام عن الايتين اللتين اوردهما المؤلف رحمه الله في هذا الباب اخذنا شيئا من الكلام ان حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو حديث السبعين الفا وقفنا عند قوله صلى الله عليه وسلم لصفة هؤلاء انهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. الصفة الاولى هي ترك الاسترقاء قال لا يسترقون ومر بنا انه جاء في رواية مسلم لا يرقون وقلنا الصواب انها غلط وان الحق في هذه الرواية هي لا يسترقون يسترقون يعني يطلبون الرقية مادة استفعل موضوعة غالبا على معنى الطلب والاستدعاء هذا هو الغالب باستعمال هذا البناء استفعل او كما يقولون الالف والسين والتاء للطلب اذا استرقى يسترقي يعني طلب من يرقيه بالتالي لا يتحدث هذا الحديث عن الرقية وان يرقي الانسان وانما ان يسترقي الانسان وبين المسلك وبين الكلمتين فرق عندنا في هذا الباب احوال اربع اولا ان يرقي الانسان نفسه ثانيا ان يرقي الانسان غيره ثالثا ان يسترقي الانسان لغيره رابعا ان يسترقي الانسان بنفسه اما ان يرقي الانسان نفسه او ان يرقي غيره فهذا الكلام فيه سيأتي ان شاء الله باب ما جاء في الرقى والتمائم وهو الباب الثامن اذا اعتبرنا المقدمة بابا وفي الجملة رقية الانسان نفسه او غيره تنقسم الى قسمين من حيث الحكم القسم الاول الرقية المشروعة القسم الثاني الرقية الممنوعة والرقية الممنوعة قد تكون شركا اكبر وقد تكون شركا اصغر على تفصيل سيأتي في محله ان شاء الله اما الرقية المشروعة فهي ان يقرأ الانسان على نفسه بايات القرآن او ادعية النبي صلى الله عليه وسلم او اي دعاء بالله او اي دعاء لله جل وعلا يذكر فيه اسماء الله وصفاته فان هذا امر حسن مشروع وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اشتكى رقى نفسه ونفث صلى الله عليه وسلم كذلك ان يرقي الانسان غيره هذا ايضا مشروع ففي هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم لما مرض كانت عائشة رضي الله عنها تقرأ عليه ثم تمسح عليه بيده صلى الله عليه وسلم رجاء بركتها كذلك ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم مرض فجاءه جبريل عليه السلام فقال يا محمد اشتكيت قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فقال جبريل عليه السلام بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك من عين من كل ذي عين او نفسي حاسد بسم الله ارقيك الله يشفيك فهذا فيه ان رقية الانسان لغيره امر حسن جائز بل لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في مسلم قال من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل رقية الانسان لنفسه توكل على الله واعتماد عليه وحسن ظن بالله وتحقيق للتوحيد توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات ورقية الانسان لغيره فيها من من تحقيق التوحيد ما فيها وفيها ايضا احسان الى المسلم وبذل معروف له فهذا لا شك انه امر مشروع اذا رقية الانسان لنفسه ورقية الانسان لغيره لا اشكال فيها اما الامر الثالث فهو ان يسترقي الانسان لغيره يعني يطلب من يرقي غيره لا يطلب من يرقيه هو انما يطلب من يرقي غيره وهذا ايضا امر جائز بل حسن وفعل هذا النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في الصحيحين من حديث ام سلمة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة يعني يظهر في وجهها تغير في اللون. يدل على علة بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم استرقوا لها فان بها النظرة قال ماذا استرقوا لها يعني اطلبوا لها من يرقيها فان بها النظرة يعني بها عين فها هنا امرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يسترقوا لها كما انه ثبت في الترمذي واحمد وغيرهما والحديث اصله في مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى ضعفا في ابناء جعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه فقال لامهم اسماء بنت عميس رضي الله عنها قال ما بال بني اخي ضارعين يعني فيه النحف وفيهم ضعف قالت رضي الله عنها ان العين تسرع اليهم فامرها النبي صلى الله عليه وسلم ان تسترقي لهم يعني ان تطلب من يرقيهم فالشاهد ان استرقاء الانسان لغيره امر جائز لا بأس به نأتي الى موضع البحث وهو المقصود في هذا الحديث وهو ان يسترقي الانسان لنفسه وهذا هو الذي مدح هؤلاء السبعون الفا بتركه قال صلى الله عليه وسلم هم الذين لا يسترقون يعني لا يطلبون من يرقيهم انما اذا نزلت بهم النازلة فانهم يرقون انفسهم وان جاءهم احد وعرض عليهم ان يرقيهم فقبولهم لذلك لا يعد استرقاء يعني ان جاء انسان اليك وقال اراك مريضا واريد ان اقرأ عليك فاذا سمح له بذلك فليس هذا من الاسترقاء وهذا قد حصل من النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يرقيه جبريل عليه السلام وقبل ان ترقيه عائشة رضي الله عنها ولكن هذا لم يكن عن عن طلب فبحثنا هو في ماذا في الطلب قال بعض اهل العلم ان هؤلاء مدحوا بترك الرقية التي فيها استغاثة بغير الله او ذكر لاسماء الشياطين او باعتقاد ان الرقية تنفع بذاتها يعني كأنهم يقولون ان الرقية التي مدح هؤلاء بتركها هي الرقية الممنوعة هكذا هكذا قال كثير من اهل العلم والذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذا التوجيه فيه نظر ان ترك الرقية الممنوعة امر هو من شأن المسلمين جميعا الا من ضعف ايمانه وتوحيده والحديث يدل على ان هؤلاء السبعين الفا لهم ميزة على غيرهم وان لهم خاصية دلت على عظيم ايمانهم وعظيم توحيدهم. وانهم من المحققين للتوحيد فكيف يقول فكيف يقال بعد ذلك انهم انما مدحوا على ترك الاشراك بالله سبحانه وتعالى بل الظاهر انهم تركوا على شيء ارفع واعظم من ذلك يعني انهم تركوا شيئا يتنافى مع كمال التوكل. وليس مع اصل التوكل ويدل على هذا ايضا اسلوب سعيد بن جبير رحمه الله مع حسين بن عبدالرحمن فاولا لا يظن ان حصينا قدرت ارتقى رقية شركية حتى يقال ان سعيدا رضي الله عنه رحمه قد استدرك عليه وصين تابعي جليل. ولا يظن به انه استرقى رقية ماذا شركية هذا بعيد ثم انه لو فعل لم يكن سعيد رحمه الله ليتلطف معه في الكلام بهذا الاسلوب. فيقول له قد احسن من انتهى الى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما بل كان ينكر عليه ذلك بوضوح لكن اسلوب سعيد رضي الله عنه ورحمه يدل على انه اراد ان يرشده الى ما هو اكمل وافضل فدل هذا على ان حصينا لم يكن قد وقع في رقية شركية فاذا هذا الجواب فيه نظر والظاهر والله تعالى اعلم ان الرقية التي طلب التي ترك طلبها هؤلاء السبعون الفا هي الرقية المشروعة للرقية الممنوعة وعليه فان هذا الحديث يدل على ان هؤلاء السبعين الفا وصفوا بقلب بترك طلب الرقية من غيرهم انما كانوا يرقون انفسهم او اذا رقوا من غيرهم يكون هذا عن غير طلب. اما ان يطلبوا ذلك فهذا لم يكونوا يفعلونه وذلك ان في الاسترقاء يعني في طلب الرقية من الغير امور ان في ذلك امورا اولا ان في الاسترقاء ذلا للمخلوق وهؤلاء اهل توحيد عظيم لا يذلون لغير الله سبحانه وتعالى وثانيا ان طلب الرقية من الغير لا يخلو غالبا من نوع التفات للقلب لغير الله جل وعلا يعني للراقي وهؤلاء اهل اعتماد تام وقصد كامل لله رب العالمين لا يلتفتون لسواه وامر ثالث وهو ان الاسترقاء فيه في الغالب سؤال لمخلوق بلا حاجة فيه سؤال لمخلوق بلا حاجة والنبي صلى الله عليه وسلم حث على ترك سؤال الناس وكون الاستلقاء بلا حاجة غالبا سببه ان رقية الانسان نفسه تتيسر ولا تتعسر كلمة يطلب الانسان من غيره ان يرقيه فهذا في الاحوال الغالبة متيسر فما حاجته الى ان يعمد الى غيره حتى يرقيه بل لو رقى نفسه كان هذا اقرب للاستجابة لان الغالب ان المصاب يكون صادقا في الرقية ويكون فيه من الاضطرار ما ليس في الراقي غير المصاب والله جل وعلا يقول امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء اذا هؤلاء فيما يظهر والله تعالى اعلم مدحوا بترك الاسترقاء يعني بطلب مدحوا بترك الاسترقاء يعني بطلب الرقية من الغير لكن يشكل على هذا التقرير ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها انها قالت امر رسول الله صلى الله عليه وسلم او هكذا جاءت الرواية بالشك امرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان استرقي من العين وفي رواية مسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني ان استرقي من العين اذا هذا امر من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ان تسترقي فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم امرا لها بشيء يؤدي الى تفويت هذه الفرصة العظيمة وهي ان تكون من السبعين الفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب الامر في الحقيقة يحتاج الى نظر الذي يظهر والله تعالى اعلم انه لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليأمر عائشة رضي الله عنها وهي من احب الناس اليه لم يكن ليأمرها بشيء يكون سببا في فوات هذا الفضل العظيم اذا كيف نوفق بين هذا الحديث وبين حديث لا يسترقون يمكن ان يقال في هذا اجوبة عدة اولا قال بعض شراح الحديث ان قوله ان قولها رضي الله عنها امرني ان استرقي من العين المراد بهذا الاستلقاء ليس الرقية التي هي القراءة انما المراد طلبوا الاغتسال ثم مداواة من اصيب بالعين بغسالة العائن كما ثبت هذا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم هذا وجه وجه ثان ان هذا الحديث مختص بالعيد فيكون ترك الاستلقاء عامة في كل الامراض ويكون الاسترقاء من العين خاصا لدلالة حديث عائشة رضي الله عنها ثالثا قيل او يمكن ان يقال ان قوله صلى الله عليه وسلم او امره لعائشة رضي الله عنها ان تسترقي يعني لغيرها لا لنفسها وهذا امر جائز كما قد علمنا ولكن هذا التوجيه بعيد عن ظاهر الحديث رابعا ان يقال ان النبي صلى الله عليه وسلم انما كان ذلك منه قبل ان يأتيه الوحي من الله جل وعلا بفضل هؤلاء السبعين الفا وهذا ايضا ليس بوجيه لان معرفة المتقدمين متأخر ليس متيسرا خامسا يمكن ان يقال ان الاسترقاء ها هنا هو طلب الرقية لا طلب الراقي يعني كأن النبي صلى الله عليه وسلم امرها في حال الاصابة بالعين ان تطلب علاج ذلك بالرقية وليس ان تطلب غيرها ان يرقيها انما كانه يقول عليك بماذا بالرقية الرقية هي الدواء الناجع لمرض العين والجواب السادس ان يقال ان الرقية من الغير اذا تعينت بمعنى انه لم يمكن او تأثر او تعسر ان يرقي الانسان نفسه و هذا قد يحصل فان من الناس من تصبح القراءة عليه امرا صعبا وهذا امر مشاهد فيطلب الانسان من غيره ان يرقيه و يشترط في هذا الا يكون قد التفت في قلبه الى المخلوق انما هو معتمد اعتمادا كليا على الله سبحانه وتعالى فاذا تعينت ولم يكن منه التفات الى المخلوق ان هذا الحديث يدل على ان الاستلقاء حينئذ لا بأس به ولا يفوت هذه الفضيلة ويؤيد ذلك ما ثبت عند الترمذي واحمد وغيرهما باسناد صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من من اكتوى او استرقى فقد برئ من التوكل قال من اكتوى او استرقى فقد برئ من التوكل وسيأتي معنا بعد قليل ان شاء الله ان هذا الحديث معناه متعلق بترك الكي اذا او عفوا هذا الحديث متعلق بالكي اذا لم يتعين على توجيه سيأتي فيكون ما ذكر في الحديث وهو الاسترقاء مثله والله تعالى اعلم على كل حال المقام مقام احتياط وعلى المسلم اذا كان حريصا على ان يفوز بهذا الفضل العظيم فينبغي عليه ان يتحفظ من طلب الرقية من الغير ما استطاع الى ذلك سبيلا حتى لا يفوته هذا الفضل العظيم. الامر ليس بالامر الهين الذي يقبل المجازفة الامر فيه دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب. اسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم من هؤلاء الصفة الثانية قال صلى الله عليه وسلم ولا يكتوون الكي هو ان تحمى حديدة بالنار ثم توضع على ثم توضع على العضو العليل فيكون الشفاء باذن الله واهل الطب في الغالب يستعملون الكي في حالتين اولا في حسم نزيف يعني ان يكون هناك عرق جرح والدم ينزف فان الكي ينفع في حسم هذا النزيف وايقاف اه هذا الدم او وهذه الحالة الثانية ان يكون في الجسم اخلاط باردة مواد ضارة باردة فاذا آآ استعمل الانسان الكي فان هذه الاخلاط تذهب ويشفى الانسان باذن الله سبحانه وتعالى هنا النبي صلى الله عليه وسلم وصف هؤلاء الزمرة الطيبة بانهم يتركون الكي؟ قال لا يكتوون فهل المراد انهم لا يطلبون الكي من غيرهم او انهم في انفسهم لا يستعملون الكي ذهب بعض العلماء ومنهم حفيد المؤلف الشيخ سليمان في التيسير ذهب الى ان لا يكتوون يعني لا يطلبون غيرهم ان يكويهم فيكون على نسق ماذا لا يسترقون ولكن الذي يظهر والله اعلم ان هذا فيه نظر وان الاكتواء شيء والاستكواء شيء اخر في لسان العرب اكتوى استعمل الكي واستكوى طلب من غيره ان يكويه وهذا الذي يظهر والله تعالى اعلم ان الذي جاء نفيه في هذا الحديث هو عدم الكي مطلقا وليس خصوصا ان يطلب الانسان من غيره ان يكويه و موضوع الكي موضوع طويل الذيل وفيه بحث كثير والاحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه جاءت على انحاء مختلفة. اولا فعله صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم حصل منه ان كوى غيره من ذلك انه كوا عبدالله ابن حرام الانصاري رضي الله عنه لما اصيب يوم الاحزاب والحديث في مسلم كذلك كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد ابن معاذ في اكحله لما اصيب رضي الله عنه وهذا في الصحيح ايضا كذلك النبي صلى الله عليه وسلم ارسل طبيبا الى ابي ابن كعب فكواه رضي الله عنه والحديث في مسلم كذلك النبي صلى الله عليه وسلم كوا اسعد ابن زرارة من مرض اصابه يسمى الشوكة وهذا عند الترمذي باسناد صحيح كذلك ثبت في صحيح البخاري عن انس رضي الله عنه انه قال اكتويت من ذات الجنب والنبي صلى الله عليه وسلم حي الظاهر ان هذا مما يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وكان هذا بمحظر من عدد من الصحابة فهذا فعله واقراره بل ارساله الطبيب صلى الله عليه وسلم ليكون هذا واحد ثانيا نجد في الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحب الاكتواء كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال وانا احب وانا لا احب ان اكتوي ثالثا كراهته صلى الله عليه وسلم للكي ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم وانا اكره ان اكتوي رابعا نهيه صلى الله عليه وسلم عن الكي قال صلى الله عليه وسلم وانا انهى امتي عن الكي خامسا وصفه صلى الله عليه وسلم من اكتوى بالبراءة من التوكل قال صلى الله عليه وسلم من اكتوى او استرقى فقد برئ من التوكل سادسا مدح النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الاكتواء وهذا كما في هذا الحديث الذي بين ايدينا والذي لا شك فيه اما احاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يكون بينها تعارض والجمع ها هنا ممكن ولله الحمد اولا كون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك او اقره دليل على ان الاصل في الكي الجواز وكونه صلى الله عليه وسلم لا يحبه او انه يكرهه فهذا يدل على ان تركه افضل وعلى انه مكروه وليس بمحرم وكونه صلى الله عليه وسلم ينهى عنه هذا له حال مخصوصة وكذلك كونه صلى الله عليه وسلم يصف من اكتوى بالبراءة من التوكل هذا له توجيه خاص سيأتي واما مدحه صلى الله عليه وسلم بترك الاكتواء فهذا في حال آآ عدم الاضطرار كما سيأتي ان شاء الله والتحقيق والله اعلم ان الاكتواء له ثلاثة آآ له ثلاث احوال عليها تتنزل تلك الاحاديث السابقة الكي له ثلاث احوال عليها تتنزل تلك الاحاديث السابقة اولا ان يكون محرما و يدل على هذا الحكم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الكي وكذلك وصفه من اكتوى لانه قد برئ من التوكل وهذا محمول على حالتين كلاهما كان من شأن اهل الجاهلية اهل الجاهلية كان لهم حفاوة كبيرة بالكي وكانت له فيه عقائد من ذلك انهم كانوا يعتقدون ان الكي يحسم الداء بطبعه لا باذن الله جل وعلا ولذا كانوا يبادرون اليه ولو لم يضطروا اليه بل كانوا يعتقدون ان من اكتوى قبل ان يصاب بالمرض فانه لا يصيبه مرض البتة ولا شك ان هذا كله عقائد باطلة نفاها الاسلام اذا تحريم النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه آآ البراءة من التوكل لمن اكتوى يتنزلوا على حالتين الاولى من اكتوى قبل ان يمرض قبل ان يكون هناك سبب يقتضي الكي كما كان هو كما كان شأن اهل الجاهلية او ان يكون على وهذا الاحتمال او التنزيل الثاني ان يكون على ما كان عليه اعتقاد اهل الجاهلية في الكي وان الكي يحسن الداء بطبعه لا باذن الله جل وعلا اذا هذه هي الحالة الاولى وهي ان يكون الكي ماذا محرما ثانيا ان يكون مكروها وذلك يكون بعد نزول البلاء ويكون الشفاء به مظنونا لا متعينا ان يكون بعد نزول الداء يعني يكون هناك مرض السبب وجد ولكن خون هذا الفعل الذي هو الاكتواء اه سببا للشفاء امر مظمون وليس امرا قطعيا يمكن ان يكون سببا للشفاء فبمثل هذه الحال آآ اللجوء الى غيره من الادوية او لا وبالتالي يكون استعماله امرا مكروها ووجه ذلك ان الكي اولا فيه ايلام للنفس وثانيا فيه طرف من التعذيب بالنار ايضا فيه شيء ربما يقع في النفس شيء من تلك العقائد الاباطيل التي كانت في نفوس اهل الجاهلية بسببه وامر الرابع وهو ان الاكتواء قد يترتب عليه شيء بعد حصوله وهذا يحصل احيانا وهو انه بعد باستعمال الكي يكون هناك شيء من الالام التي تطول او شيء من القروح او شيء من الانتفاخ في الجلد الذي يخرج صديدا وما شاكل ذلك. يعني قد يكون هناك اثار سيئة لهذا كي والامر ليس متعينا ويمكن ان يكون هناك اسباب للشفاء سواه اذا هو في هذه الحالة مكروه الحال الثالثة ان يكون ذلك جائزا يكون الاكتواء جائزا وهذا في حال ما اذا اصيب الانسان بمرض وتعين الكي سببا للشفاء في حال الاصابة بالمرض وتعين الكي سببا للشفاء وهذا لو تأملته وجدته ظاهرا في الاحاديث التي فيها كي النبي صلى الله عليه وسلم فهو مثلا كوى سعد ابن معاذ رضي الله عنه من جرح ينزف منه كان في اكحله ومعلوم ان الدم لو استمر بالنزول ما الذي سيحصل سيموت الانسان وهذا سبب متعين باذن الله مقطوع به انه يكون باذن الله سببا في ماذا في كف الدم وقطع هذا النزيف فاصبح الامر ها هنا ماذا متعينا وبالتالي فانه لو استعمل الانسان الكي في هذه الحال فانه يكون قد فعل امرا جائزا. وبناء عليه فاننا نعود الان الى حديثنا الذي بين ايدينا على اي شيء يتنزل قوله صلى الله عليه وسلم لا يكتوون الجواب يتعين على انهم لا يكتوون في حال كون الكي مكروها وهي الحال التي يصاب فيها الانسان ولا يكون الكي ماذا متعينا بل يمكن ان يكون هناك اسباب اخرى للشفاء يمكن ان نستعمل اسبابا اخرى للشفاء. عقاقير ادوية عسل حجامة الى اخره اه وليس يتعين ان يكون ها هنا العلاج بماذا بالكي. اما اذا تعين العلاج بالكي فالذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذا الامر جائز وانه ايضا لا يضيع تاء لحقوق الانسان لهذا الفضل العظيم وهو ان يكون ممن يدخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب. هذا الذي يظهر والله تعالى اعلم الصفة الثالثة قال صلى الله عليه وسلم ولا يتطيرون التطير يعني التشاؤم وهذا الموضوع عقد المؤلف رحمه الله له بابا خاصا فنؤجل الكلام فيه الى الموضع الذي خصه به المؤلف رحمه الله الامر الرابع قال صلى الله عليه وسلم وعلى ربهم يتوكلون لا شك ان التوكل هو الصفة الجامعة لكل ما سبق كما اشار الى هذا المؤلف رحمه الله في المسائل تجد ان الصفة الجامعة بين هذه الاوصاف الثلاثة لهؤلاء المؤمنين الذين بلغوا هذه الدرجة العالية هي انه قد قام بهم توكل عظيم على الله سبحانه وتعالى فاستحقوا ان يكونوا ممن يدخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب والتوكل هو ترك الاعتماد على الاسباب بعد بذل الاسباب يجمع اذا امرين بل السبب مع الاعتماد على الله سبحانه وتعالى ترك الاعتماد على الاسباب بعد بذل الاسباب او هو كما قالوا حركة بلا سكون وسكون بلا حركة يعني ان يكون الانسان منه حركة واضطراب وعمل لا يدع سببا لتحصيل المقصود الا بذله ثم يكون منه سكون بلا اضطراب ولا حركة وهو سكون القلب واعتماده على الله سبحانه وتعالى وعلى كل حال المؤلف رحمه الله خص التوكل ايضا بباب خاص فنؤجل الحديث عن التوكل الى ذلك المقام الشاهد والخلاصة ان النبي صلى الله عليه وسلم مدح هؤلاء بانهم جمعوا ما به تحقق فيهم كمال التوحيد الواجب وذلك في قوله لا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ومدحهم ايضا بتحقيق ما به حققوا كمال التوحيد المستحب. وذلك في قوله لا يسترقون ولا يكتوون. الاستلقاء جائز من فعله ماذا ما وقع في المحرم لكن تركه افضل وهو دليل على كمال التوحيد المستحب والكي اذا ظن فيه الشفاء امر ماذا جائز لكن تركه افضل وهذا الترك من تحقيق كمال التوحيد المستحب. فجمع هؤلاء بين الامرين حققوا كمال التوحيد الواجب وارتقوا حتى حققوا كمال التوحيد المستحب بقيت مسألة قد يبحثها بعض الناس في هذا المقام وهي انهم يقولون ان هذا الحديث دليل على ترك اتخاذ الاسباب اعتمادا وتوكلا على الله سبحانه وتعالى هكذا قال بعضهم ولا شك ان هذا غير صحيح ليس في هذا الحديث وجه البتة لهذا الاستنباط بل ان اتخاذ الاسباب امر كان يفعله سيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم والاحاديث في هذا متواترة وكثيرة في وقائع شتى بل كان هذا منه امرا صلى الله عليه وسلم اذا لا ينبغي ان يلتفت انسان الى مثل هذا الاستنباط الباطل وهو ان يقال ان على الانسان ان يترك ايمان الاسباب ويفوض الامور الى الله جل وعلا. بل ان الشريعة قد جاءت باتخاذ الاسباب وترك الاسباب قدح في الشريعة بعضهم ذكر ان من فوائد هذا الحديث ان ترك التداوي افضل كانه اخذ من ترك الكي والاسترقاء التعميم لجميع انواع الادوية والصواب ان الحديث خاص خاص بهذين الامرين الذين جاء في جاء عليهما التنصيص وهو آآ وهما الكي والاسترقاء واما التداوي فهذا شأن اخر والبحث فيه طويل عند اهل العلم وعلى كل حال ليس هو من متعلقات هذا الحديث على كل حال التداوي خلاصة الراجح في موضوع التداوي ان التداول له احوال قد يكون التداوي واجبا وذلك اذا كان تركه يؤدي الى الهلاك اذا علم ان استعمال دواء معين سبب لتوقف الداء الذي يؤدي الى الموت مثال ذلك وجود مرض اه ليكن ورما اه ضارا نسأل الله السلامة والعافية و لو استعمل الانسان دواء معينا وهو الجراحة والاستئصال فان هذا يكون دواء قطعيا باذن الله جل وعلا في ازالة ماذا هذا المرض والسلامة من الهلاك ففي هذه الحالة نقول يتعين الدواء اصبح التداوي الان سببا متعينا في ماذا في الحفاظ على النفس والحفاظ على النفس امر ضروري في الشريعة الحال الثانية ان يكون التداوي مظنونا في حصول الشفاء وفي هذه الحالة نقول التداوي مستحب وليس واجبا من كان يظن ان استعماله لهذا آآ الدواء او هذا العقار او هذا الشراب سبب للشفاء فانه في هذه الحالة يكون ماذا يكون امرا مستحبا ويدل على هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند احمد وغيره باسانيد عدة من رواية عدد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انه امر بالتداوي فقال تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام واقل درجات الامر ان يكون ماذا ان يكون للاستحباب اذا التداوي ليس له علاقة التداوي مطلقا ليس له علاقة بهذا الحديث والله تعالى اعلم لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث سمت همة عكاشة ابن محصن رضي الله عنه الاكثر على ان عكاشة بالتشديد وقيل بالتسهيل لكن الاكثر على التشديد عكاشة ابن محصن رضي الله عنه وهو صحابي جليل من افاضل الصحابة لانه كان بدريا كان من اهل بدر رضي الله عنه وارضاه واهل بدر من افاضل الصحابة قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ادع الله ان اكون منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم انت منه بلغه بوحي من الله جل وعلا انه منهم نلاحظ في هذا الحديث ان الحديث يدل على جواز طلب الدعاء سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعو الله جل وعلا وهذا جائز لا شك فيه في حياته عليه الصلاة والسلام اما بعد مواته فان هذا لا شك انه من الشرك بالله جل وعلا. اذ جنس دعاء الاموات لا شك انه شرك بالله جل وعلا. ودعوة الاموات ستحبط العمل وتسلخ الايمان خاب من فعل هنا قام صحابي اخر وقال طالبا المسألة نفسها الدعاء نفسه ان يدعو الله له ايضا ان يكون منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة هما حسم النبي صلى الله عليه وسلم الباب والظاهر والله تعالى اعلم ان جوابه صلى الله عليه وسلم ها هنا ليس لان هذا السائل لا يستحق ذلك وانما خشي النبي عليه الصلاة والسلام ان يتسلسل الامر فيسأل السؤال من ليس اهلا له فحسم الامر بهذا الجواب اللطيف فكان فيه تحقيق للمصلحة ومحافظة على شعور هذا الصحابي وهذا من عظيم ادب النبي صلى الله عليه وسلم ولطفه و كيف لا يكون كذلك والله جل وعلا قد وصفه بقوله انك وانك لعلى خلق عظيم وفي هذا كما قال المؤلف رحمه الله في المسائل فيه فيه استعمال المعاريض هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان