الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب من الشرك الاستعاذة بغير الله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره اعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فعقد المؤلف رحمه الله بابا جديدا ببيان باحد ما يضاد التوحيد احد الاعمال والعقائد التي تضاد التوحيد وبها يعرف التوحيد لن تعرف التوحيد حتى تعرف ما يضاده لن تعرف التوحيد حتى تعرف ما يضاده هذا الذي جرى عليه المؤلف رحمه الله من النصيحة للمسلمين ومن محبة الخير لهم انه يبين ويبلغ ويفصح عن حقيقة التوحيد وعما يضاده وهذا شأن المسلم ولا سيما العالم انه يحب الخير لنفسه ويحب الخير لاخوانه ويسعى في ان ينجو ويسعى ايضا في ان ينجو اخوانه جزى الله المؤلف واخوانه من العلماء عنا خير الجزاء قال المؤلف رحمه الله باب من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى الاستعاذة طلبوا العوذ والعياذ هما مصدران للفعل عاد يعود كما تقوم صام يصوم صوما وصياما كذلك عاد يعود عودا وعياذا الالف والسين والتاء هي على الاصل الغالب للطلب بالاستعاذة طلب العوذ او طلب العياذ العوذ والعياذ هو الالتجاء والتحصن والتحرز والاعتصام وعليه فالاستعاذة طلبوا التحرز والتحصن و الالتجاء الاصل في هذا الباب ان استعاذة المسلم انما تكون بالله سبحانه وتعالى وذلك ان الله سبحانه هو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو الذي يدبر كل شيء وهو الذي على كل شيء قدير وعليه فهو القادر سبحانه على ان ينجي الانسان مما يخاف منه الله جل وعلا هو الربط الذي يربي العباد والذي يدبر شؤونهم فلمن يكون اللجوء ان لم يكن اليه والله عز وجل هو الملك والمالك لعباده جل وعلا والعباد كلهم عبيد مملوكون له الى اين يهربون ويلجأون ان لم يكن لمالكهم سبحانه وتعالى كما ان الله عز وجل هو الاله الحق الذي يألهه العباد والذي يفتقرون اليه سبحانه وتعالى من حيث كونه مولاهم ومحبوبهم ومعبودهم جل وعلا هو الذي يرجونه وهو الذي يطلبونه وهو الذي يقصدونه فبمن يلجأون والى من يعوذون الى اذا لم يكن ذلك بالههم سبحانه وتعالى اذا لما كان الله جل وعلا هو الرب الاله الملك جل في علاه استحق ان يكون معاذ المسلمين فالاستعاذة اذا عبادة يتقرب بها المسلم الى الله سبحانه وتعالى ووجه كونها عبادة من جهتين اولا من جهة الامر بها في كتاب الله جل وعلا وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الم يقل الله سبحانه قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس فاستعذ بالله الى غير ذلك من النصوص التي فيها الامر بالاستعاذة بالله جل وعلا وقد مر معنا في دروس سابقة ان الامر الشرعي يدل على ان المأمور عبادة لان الله عز وجل لا يأمر شرعا الا بما يحب وما احبه سبحانه ورضيه لعباده هو العبادة اليست العبادة اسما جامعا لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال اذا الاستعاذة بالله عبادة وامر ثان وهو ان الاستعاذة كما علمت طلب طلب العوذ والطلب هو الدعاء والاستغاثة وبالتالي فالاستعاذة نوع من انواع الدعاء هكذا قرر علماء التوحيد ان الاستعاذة نوع من انواع الدعاء. وذلك لان الاستعاذة فيها طرفان الاول الطلب وهو الجهة الظاهرة يكون في الاستعاذة سؤال وطلب ودعاء ففيها جانب ظاهر هو هذا الجانب وفيها جانب اخر باطن وهو لجوء القلب وركونه وطمأنينته بمن استعاذ وهذا جانب باطن الشاهد ان الاستعاذة فيها طلب وفيها سؤال وفيها دعاء وعليه فادلة الدعاء تشمل بعمومها الاستعاذة وبالتالي فتكون الاستعاذة عبادة لله جل وعلا وعليه فمتى ما كانت الاستعاذة عبادة فان صرفها لغير الله شرك وهذا الذي اراد المؤلف رحمه الله ان ينبه في هذا الباب عليه قال من الشرك الاستعاذة بغير الله تعالى من تبعيضية من انواع الشرك ان يستعيذ الانسان بغير الله جل وعلا على والمؤلف رحمه الله اورد في هذا الباب اية وحديثا يدلان على ان الاستعاذة عبادة وان التوجه بهذه العبادة لغير الله منكر عظيم بل هو شرك بالله سبحانه لكن تنبه هنا يا رعاك الله الى ان وعلماء التوحيد يطلقون ان الاستعاذة بغير الله شرك هذا بمقام آآ الاطلاق والاجمال والتحذير واما في مقام التفصيل والتحرير فان هذا المقام فيه تفصيل وذلك ان الاستعاذة بغير الله جل وعلا الاصل فيها انها شرك اكبر وقد تكون شركا اصغر وقد تكون جائزة انتبه لهذا التفصيل اما كون الاستعاذة بغير الله شركا اكبر فذلك يكون في الاحوال الاتية اولا ان تكون الاستعاذة الباطنة بغير الله اقترن بها الاستعاذة الظاهرة او لم يقترن متى ما كان المعول في اللجوء والاعتصام وركون القلب متى كان المعول في الاعتصام والتحرز وركون القلب على غير الله جل وعلا كان هذا ولا شك شركا اكبر ثانيا ان تكون الاستعاذة بالظاهر بميت سواء اقترن بها التعلق القلبي او لم يقترن لو اقترن بها التعلق القلبي فان هذا ضلال فوق ضلال وشرك فوق شرك فمتى ما استعاذ الانسان بميت جاء الى قبر ميت وقال يا سيدي فلان اعوذ بك من العدو الفلاني او اعوذ بك من النار او غير ذلك مما الميت قادر عليه لو كان حيا او مما لا يقدر عليه وذلك لاننا قد علمنا ان الاستعاذة من جنس الدعاء وان كان بينهما فارق دقيق لعله يأتي التنبيه على ذلك ان شاء الله الاستعاذة تجوز بصفة الله واما الدعاء فلا يجوز ان يتوجه الى الصفة انما يتوجه الى الموصوف الشاهد ان الاستعاذة ثانيا اذا كانت بميت ظاهرة او باطنة او ظاهرة فقط فانها شرك اكبر ثالثا ان تكون الاستعاذة الظاهرة بغائب اقترن بها التعلق القلبي او لم يقترن كأن يقول انسان مخاطبا وليا بعيدا عنه في بلدة اخرى يقول يا سيدي فلان انت معاذي بك اعود فان هذا لا شك انه شرك اكبر رابعا ان تكون الاستعاذة بغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله لو اتى انسان ولو الى شخص حاضر فقال له اعذني من النار اعوذ بك من النار فان هذا لا شك انه شرك اكبر لان الذي يعود من الذي يعوذ الانسان ويعيذه من النار انما هو الله سبحانه وتعالى اذا هذه احوال اربع تكون فيها الاستعاذة شركا اكبر ان تكون الاستعاذة القلبية معلقة بغير الله او ان تكون معلقة بميت او ان تكون معلقة بغائب. او ان تكون فيما لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى القسم الثاني ان تكون الاستعاذة شركا اصغر وهذا يكون في حالتين الاولى ان يقع التفات قلبي عند الانسان بغير الله نعم يعتمد على الله ويركن بقلبه اليه يجعل محترزه الذي يحترز به هو جنابه جل وعلا ولكن هناك شعبة من التعلق القلبي بغير الله وهذا شرك اصغر الحال الثانية ان يكون بالاستعاذة تسوية غير الله بالله في اللفظ ان يكون في الاستعاذة تسوية غير الله بالله في اللفظ كأن يقول اعوذ بالله وبك او انت معاذي والله او الله معاذ وانت ونحو ذلك مما فيه تسوية بين الله عز وجل والمخلوق في اللفظ فهذا ايضا شرك اصغر من جنس قول القائل ما شاء الله وشئت القسم الثالث ان تكون الاستعاذة بغير الله جائزة وضابط ذلك ان تكون الاستعاذة بالظاهر بحي حاضر قادر انتبه لهذا الضابط فانه يجمع امورا ان تكون الاستعاذة بالظاهر لا بالباطل القلب معتمد على الله لا غير انما هناك طلب تلفظ سؤال في الظاهر فقط تعوذ بالظاهر بحي لا ميت حاضر لا غائب قادر يعني ما تطلبه ما ترجو ان يعوذ بك ان ان يعيذك ان يعيذك هذا المخلوق فيه ان يكون شيئا مما هو في مقدور البشر في الجملة لا ان يكون فيما لا يقدر عليه الا الله فمتى اجتمعت هذه الامور كانت الاستعاذة جائزة من يعيدها ها اعطيني الكلام كاملا الاستعاذة ها في الظاهر حي حاضر قادر قد يقول قائل ما الدليل على ما ذكرت الجواب دلت ادلة من السنة على جواز ما ذكرت خذ منها اولا ما ثبت عند الامام احمد في المسند بسند حسن ان صفية رضي الله عنها بعثت طعاما الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة رضي الله عنها تقول عائشة رضي الله عنها فاخذتني رعدة حتى استقلني اثكل. يعني اصابتها رعدة واضطراب من عظيم منابها من الغيرة يقول فضربت الطعام فانكسرت القصعة فنظر الي النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه الغضب فقالت رضي الله عنها اعوذ برسول الله ان يلعنني اليوم اعوذ بماذا برسول الله ان يلعنني اليوم لو تأملت رعاك الله وجدت عائشة رضي الله عنها استعاذت بسؤال ظاهر بحي وهو النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاضر عندها وكان ذلك في امر يقدر عليه وهو الا يلعنها وهذا امر مقدور له صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثانيا ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي مسعود البدري رضي الله عنه انه كان يضرب غلاما له فقال الغلام اعوذ بالله فلم يزل يضربه ثم قال وقد ابصر النبي صلى الله وقد ابصر النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء مصرحا به عند عبد الرزاق في المصنف قال اعوذ برسول الله فتوقف ابومسعود فقال النبي صلى الله عليه وسلم لله اقدر عليك منك عليه الشاهد ان هذا الغلام ماذا قال قال اعوذ برسول الله فتدلى ذلك على ان الاستعاذة بالمخلوق ماذا على ان الاستعاذة بالمخلوق الحي القادر انها امر ماذا انها امر جائز وهذا الحديث انما كان بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم. كما ذكرت لك هذا الغلام رأى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء عند مسلم ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينادي ابا مسعود من خلفه ويقول اعلم ابا مسعود وابو مسعود رضي الله عنه من شدة غضبه ما كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم فكرر عليه النبي صلى الله عليه وسلم اعلم ابا مسعود فبالتالي هذا الرجل حينما قال اعوذ برسول الله استعاذ بمن برجل حاضر يراه ثالثا ما ثبت في صحيح مسلم ايضا ان المخزومية التي سرقت وجيء بها الى النبي صلى الله عليه وسلم جاء عند مسلم فعادت بام سلمة رضي الله عنها ام سلمة مخزومية مثلها فعادت بها يعني لجأت اليها طلبت منها ان تشفع لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الا يقام عليها الحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله لو كانت فاطمة لقطعت يدها الشاهد ان هذه المرأة ماذا فعلت عادت بام سلمة رضي الله عنها فعاذت بانسان حي حاضر قادر رابعا ما ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الفتن فقال ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم. الى ان قال فمن وجد معاذا او ملجأ فليعذ به من وجد معاذا او ملجأ فليعد به. يعني ليتحصن وليحترس به هذه ادلة تدلك يا رعاك الله على ان الاستعاذة متى ما كانت بحي حاضر قادر ولم يكن فيها تعلق قلبي انها حينئذ تكون امرا جائزا هذا تفصيل ما يتعلق بهذا الموضوع والله تعالى اعلم. نعم قال رحمه الله وقوله تعالى وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا هذه الاية من سورة الجن فيها بيان شيء مما كان الجن قبل اسلامهم يفعلونه مما هو مضاد للتوحيد وذلك ان هؤلاء النفر من الجن لما اسلموا عددوا اشياء كانوا يقعون فيها قبل الاسلام من ذلك انهم قالوا وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ومن ذلك انهم قالوا وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا ومن ذلك انهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله احدا ومن ذلك ما بين ايدينا وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا هذه الاية فيها قولان لاهل التفسير فزادوهم يعني زاد الجن الانس رهقا والقول الثاني فزادوهم فزادوهم رهقا اي زاد الانس الجن رهقا والاية تحتمل المعنيين اما على الاول وهو ان الجن زادت الانس رهقا فالرهق ها هنا فيه قولان الاول زادوهم خوفا ورعبا وذعرا والثاني زادوهم اثما ووجه ذلك ان تفسير الاية كما روي عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من السلف رضوان الله عليهم انك انه كان اهل الجاهلية من المشركين يستعيذون من الجن فكان احدهم اذا نزل في سفر بمكان قفر قال اعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه اعوذ بسيدي هذا الوادي من سفهاء قومه فلما رأى الجن ان الانس يخافونهم اه يتوجسون منهم زادوهم خوفا ورعبا وهذا عقوبة يعاقبهم الله عز وجل بها على شركهم سلط هؤلاء الجن على هؤلاء المشركين فزادوهم خوفا او انهم ازدادوا زين لهم فعلهم فازدادوا واوغلوا في الشرك فازدادوا اثما والتفسير الثاني ان الانس هم الذين زادوا الجن رهقا ومعنى رهقا هنا يعني طغيانا وتعاليا وذلك انهم رأوا ان الانس يخافونهم ويرتعدون منهم فزادهم هذا عتوا وتجبرا وطغيانا والاية كما ذكرت تحتمل المعنيين الشاهد ان هذه الاية دلتنا على ان من فعل المشركين الاستعاذة بغير الله وذلك انهم كانوا يستعيذون بغائب وذلكم هو الجن فان الجن في حق الانسان غائبون لا يراهم ولا يدركهم الانسان وبالتالي فان الاستعاذة بهم شرك بالله جل وعلا وهذا كان شأن اهل الجاهلية فدل هذا على ان ما قرره المؤلف رحمه الله صحيح فالاستعاذة بغير الله شركة ومن هذا ما يفعله بعض الذين قل حظهم من الايمان والتوحيد او عدموا هذا الحظ في هذا الزمان فانهم يستعيذون بالجن كثيرا يخافونهم اذا ساروا في الليل او نزلوا مكانا قصرا او حلوا بمنزل جديد فانك تجدهم يستعيذون بالجن وربما لبسوا والبس شيئا من التمائم التي تحتوي على استعاذات شركية بهؤلاء الجن فهؤلاء فعلوا ما كان يفعله سلفهم من المشركين الاولين انهم كانوا يستعيذون بغير الله جل وعلا فهذا مما ينبغي ان يحذره المسلم كون الجن قد يستجر المسلم بشيء ربما لو دعاه او استعاذه في شيء فحصل له مطلوبه ربما اوقعه ذلك في فتنة فظن ان ذلك يحقق المطلوب وانه لو استعاذ الانسان بغير الله او لجأ الى غير الله او استغاث بغير الله ان هذا جائز بدليل انه حصلت الفائدة وحصل المطلوب ولا شك ان هذا امر باطل وعلى المسلم ان يتنبه فالقاعدة عند اهل العلم هي ان حصول المقصود لا يدل على الجواز ولا المشروعية حصول المقصود لا يدل على الجواز ولا على المشروعية فقد يحصل الامر من من الشيء الذي يطلبه الانسان بقدر الله جل وعلا ب قضائه سبحانه وتعالى وان كان السبب محظورا فحصول الشيء المطلوب لا يدل على ان السبب مشروع لا يدل على ان السبب مشروع فالانسان قد يستعمل السحر فيحصل على مطلوبه قد يسرق فيحصل على مطلوبه قد يقتل فيحصل على مثنوبه افهذا دليل على ان القتل والسرقة والسحر حلال لا اذا حصول المطلوب لا يدل على الجواز والمشروعية بل هذا من الفتنة التي يعاقب الله عز وجل بها من تعلقت قلوبهم بغير الله عز وجل استمتاع الجن بالانس والعكس صحيح ثابت لا شك فيه قال جل وعلا ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال اولياؤه من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض استمتاع الجني بالانس هو انه يحصل له تعظيم ويحصل له طلب وسؤال وتفخيم من شأنه من قبل الانس وهذا يستمتع به الجني والعكس صحيح يستمتع الانسي بالجني فالجني قد يلبي للانس شيئا من حاجته وقد يحقق له شيئا من مطلوبه ولكن هذا وذاك لا يدل على ان هذا الامر مشروع فعلى الانسان ان يتنبه لهذا الامر وكم ترد هذه الشبهة على بعض الجهال والمطلوب ان يكون عند الانسان فقه في الشريعة الواقعات ليست دليلا على المشروعية والله عز وجل اعلم. نعم قال رحمه الله وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها انها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى لا يرحل من منزله ذلك. رواه مسلم هذا حديث خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها كانت فاضلة صالحة وكانت تحت عثمان ابن مظعون رضي الله عنه حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم بذكر اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان من نزل منزلا يعني حل بمكان اي منزل كان فان هذا الحديث يدل بعمومه على انه ان نزل في مكان في الحضر او نزل في مكان في السفر حصل له حصل له هذا الامر وهو انه اذا قال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فانه لا يضره شيء باذن الله الكوني حتى يقوم من هذا المكان لكن تنبه انه لابد ان يجتمع ويتواطأ القلب مع اللسان عند هذا الذكر اما ان يقول الانسان ذلك بلسانه وقلبه غافل او غير مستيق او قلبه غير مستيقن فلا شك انه لا يحصل له المقصود فاذا نزلت بمكان فعليك ان تحرص على هذا الذكر وهو ان تقول اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وهذا الذكر جاء ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في اذكار المساء جاء في صحيح مسلم كما ان هذا في مسلم ايضا جاء في مسلم ايضا ان رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اخبره انه ما نام ليلته وذلك ان عقربا لدغته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اما انك لو قلت حين امسيت اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك لم يضرك شيء يعني لم يضره شيء من اذى هذه العقارب والحيات وامثالها وجاء عند احمد وغيره باسناد صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يمسي اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يصبه حمى الى ان يصبح حمى يعني لم يصبه شيء من ذوات السموم اذا قال الانسان ذلك جاء في بعض الاحاديث هذا الذكر مرة وجاء في بعض الاحاديث هذا الذكر ثلاث مرات. فيقولها الانسان حين يمسي ثلاث مرات اما ذكر النزول في مكان ما كما هو في هذا الحديث فانما جاء ذكره مرة واحدة الشاهد ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا ان الاستعاذة ها هنا انما كانت بالله جل وعلا وهذا هو التوحيد وخلافه شرك المسلم يقول اعوذ بكلمات الله التامات الذي يعيذك يا عبد الله من شر المخلوقات انما هو الله جل وعلا اذا الايمان يقتضي ان تستعيذ بهذا الرب العظيم القدير سبحانه وتعالى فاذا كان ذلك كذلك كان الاستعاذة بغير الله من شر ما خلق شركا بالله سبحانه وتعالى هذا الحديث فيه فوائد اولا ان الاستعاذة بصفات الله استعاذة بالله في الحقيقة كما قال هذا شيخ الاسلام وغيره الاستعاذة بصفة الله او بصفات الله استعاذة بالله في الحقيقة وذلك ان هذه الصفات انما تقوم بالله جل وعلا فاذا ذكرت في مقام الاستعاذة كان المقصود الاستعاذة بالله جل وعلا وقد يعبر بالصفة الحكم عائد للذات يعني حينما يقول الانسان انني ارجو وجه الله لهذا العمل او عليك ان ترجو وجه الله عز وجل. ما المقصود انك ترجو الله جل وعلا لان الله هو الموصوف بالوجه. كذلك اذا استعذت بكلمات الله فان الاستعاذة عادت في الحقيقة الى الله عز وجل لان الكلمات لله سبحانه وتعالى. فالله عز وجل هو الذي يتكلم والكلام من صفاته سبحانه وتعالى من فوائد ذلك ايضا ان كلمات الله تنقسم الى قسمين كلمات شرعية وكلمات كونية اما الشرعية فمنها وحي الله عز وجل الذي ينزله على انبيائه ورسله ومنه هذا القرآن ومنه التوراة والانجيل والزبور الى غير ذلك واما كلمات الله الكونية فهي الكلمات التي بها سبحانه يخلق وبها يدبر وبها يأمر كونا وبها ينهى كونا انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون وما كلمات الله بهذا الحديث اهي يعني ما الكلمات التي التي استعاذ بها النبي صلى الله عليه وسلم اهي كلماته الشرعية والكونية؟ كما قال الطائفة او هي الكلمات الشرعية كما قال الطائفة او هي الكلمات الكونية كما قال الطائفة الاقرب والله اعلم ان ما استعاذ به النبي صلى الله عليه وسلم هو كلمات الله الكونية وهذا الذي حققه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع من كتبه وكذلك تلميذه ابن القيم في شفاء العليل لان التأثير في الكونيات راجع الى كلمات الله الكونية انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون فكل ما في هذا الكون فانه خاضع ل تدبير الله عز وجل الذي يكون بكلماته الكونية فكلمات الله الكونية هي التي لا يجاوزها بر ولا فاجر فهذا هو الاقرب والله تعالى اعلم قال من كان من قال اعوذ بكلمات الله التامات التامات يعني الكاملات اللاتي لا نقص فيهن ولا عيب بوجه من الوجوه فكلام الله عز وجل كلام كامل لا يعتريه نقص كما يعتري كلام الادميين انما كلمات الله عز وجل هي الكلمات الكاملات من كل وجه كما انها هي الشافيات الكافيات اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق من شر ما خلق يعني من شر كل ما خلق مما فيه شر من شر ما خلق يعني من شر كل ما فيه شر مما خلق وذلك ان المخلوقات فيها خير وشر الا ما كان خيرا محضا كالانبياء والملائكة فانهم لا شر فيهم اما بقية الناس وبقية البشر فان فيهم خيرا وشرا وقد يزيد الخير وقد يزيد الشر وليس المقصود اعوذ بكلمات الله التامات من شر كل مخلوق لوجود ماذا استثناء وهو ان من مخلوقات الله ما لا شر فيه ايضا تنبه رعاك الله الى ان الشر ها هنا هو الراجع الى مخلوق الله ومفعوله لا الى خلقه وفعله وذلك ان الشر ليس الى الله جل وعلا ليس الى ذاته وليس الى صفاته وليس الى فعله سبحانه وتعالى انما يكون الشر في مفعوله وفي مخلوقه اذا تنبه رعاك الله الى هذا الامر الدقيق ابليس مثلا شر ومن الذي خلقه الله جل وعلا الشر رجع الى مخلوق له ومفعوله المنفصل عنه اما فعل الله الذي قام به الذي هو الصفة صفة الخلق فانها خير محض لا شر فيها بوجه من الوجوه خلق الله لابليس خير والمخلوق الذي هو ابليس شرط بمعنى ابليس من حيث هو شر وفيه شر اما خلق الله عز وجل له فان هذا خير محض ومصلحة كاملة لانه ترتب على وجود ابليس خير اكان فعل الله عز وجل خيرا ومحمودا فلما وجد ابليس وجد اشياء كثيرة مما يحبها الله جل وعلا وجدت التوبة وجد الجهاد وجدت المجاهدة وجد آآ شيء كثير مما يحبه الله سبحانه وتعالى فكان ايجاد الله وخلق الله لابليس ماذا خيرا وان كان ابليس الذي هو المخلوق شرا اذا تنبه الى هذه الالماحة ومحلها آآ مباحث القدر اه لكن هذا فقط ايجاز يتعلق بهذه المسألة لمناسبة هذا الحديث لهذا الموضوع. اذا الذي فيه الشر ليس هو ها صفة الله وليس هو خلق الله الذي هو فعله انما الشر في مفعوله ومخلوقه سبحانه وتعالى. لعل هذا القدر فيه كفاية والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان