الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب من الشرك ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره فقول الله تعالى ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فان فعلت فانك اذا من الظالمين وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو الاية ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فلا يزال حديثنا متصلا بباب من الشرك الاستغاثة بغير الله او ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره وقد تكلمنا في الدرس الماظي عن حكم دعاء غير الله عز وجل على جهة التفصيل وتبين لنا بما لا شك فيه ان دعاء غير الله جل وعلا شرك اكبر وان هذا من اوضح ما يكون دلالة في الكتاب والسنة وان الادلة على ذلك كثيرة جدا كما تبين لنا ان الشرك في الدعاء يكون كذلك ثلاثة سور وهي ان يدعو ميتا او يدعو حيا غائبا او يدعو حيا حاضرا فيما لا يقدر عليه الا الله ووجه كون هذه الصور شركا هو ان التوجه بالدعاء في هذه الحالات الثلاث فيه صرف لب العبادة لغير الله وهو الدعاء وقد تبين لنا بالدليل القطعي انه عبادة ناهيك عما يلتحق بذلك من انواع من العبوديات كالرغبة والرجاء والقصف والتوغل والتذلل والخضوع وما الى ذلك كل ذلك يصحب دعاء الداعي فيصرفه الى هذا المدعو وهذه ظلمات بعضها فوق بعض وهذا ينبهك الى ان الشرك بالله في الدعاء هو حقا شرك به في الالوهية وامر ثان وهو ان الدعاء في الحالات السالفة فيه اعتقاد الداعي ان المدعو عنده سلطان غيبي وعنده قدرة فوق قدرة المخلوقين وان وانه يستطيع ان يوصل النفع او يدفع الضر لمن يريد دون ان يكون ذلك بالاسباب المعهودة عند البشر وهذا ما لا يكون الا من الله سبحانه وتعالى فعاد الشرك في الدعاء الى الشرك في الربوبية ايضا اضف الى هذا امرا ثالثا يتعلق بالصورة الاولى والثانية وهي ان الداعي اعتقد ان عند المدعو سمعا عاما وعلما شاملا بحيث انه يعلم حال هذا الداعي ويسمع دعاءه والا لما دعاه من مكان بعيد ولما هتف باسمه مع البعد فهذا يدلك ايضا على ان الشرك في الدعاء يتضمن الشرك في باب الاسماء والصفات اذا يتبين لنا حقا ان اعظم انواع الشرك هو الشرك في الدعاء لانه يشتمل على انواع الشرك الثلاثة الشرك في الالوهية والشرك في الربوبية وكذلك الشرك في الاسماء والصفات ذكر المؤلف رحمه الله في هذه آآ في هذا الباب اربع ايات وحديثا اما الاية الاولى ومن اضلوا اما الاية الاولى فقوله تعالى ومن اضلوا نعم ولا تدعو من دون الله ما لا ينفع ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم هذه الاية تدل على ان دعاء غير الله سبحانه وتعالى شرك به جل وعلا ذلك لان فيها التصريح بان الله جل وعلا بيده كل شيء ويدل على هذا قوله وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو فدل هذا على ان الدعاء حق لله عز وجل لا يجوز صرفه لغيره وان دعاء غيره سفه فان الداعي لا يدعو الا لانه اعتقد ان المدعو ينفعه ويجلب له الخير ويدفع عنه الضر. والا لما دعاه والله جل وعلا هو الذي بيده كل شيء فالله سبحانه هو الذي ينعم بالخير وهو الذي يدفع الشر وهو الذي يقدر الخير وهو الذي يقدر الشر وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو اذا لاي شيء يدعو الداعي غير الله والله هو الذي قدر الشر وهو ايضا الذي يقدر على ان يدفعه فتعين اذا ان يكون الدعاء لله سبحانه وتعالى لا لغيره بهذا يتضح لك ان دعاء غير الله مهما كان المدعو صنما او شجرا او حجرا او نبيا او وليا او ملكا كل اولئك دعائهم ضلال وانحراف ولا ينفع الانسان في شيء لان الله جل وعلا هو المتصرف بكل شيء ولذلك دعوة غيره ضلال وسفه قال جل وعلا له دعوة الحق الدعاء الحق انما هو لله سبحانه وتعالى له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء الا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه فدل هذا على ان من يدعو غير الله عز وجل قد افسد دينه وما استفاد شيئا لانه يدعو دعاء لا يعود عليه بالنفع هل هذا الذي دعوته مع الله عز وجل ليس بيده شيء فما الفائدة اذا ان تدعوه الله جل وعلا الامر منه واليه وهو الذي بيده مقاليد كل شيء وهو الذي يدبر الامر جل وعلا وكل ما سواه فانه لا ينفع ولا يضر انما قد تكون المخلوقات اسبابا يسخرها الله في جلب الخير او دفع الضر او العكس لكن ذلك يدل على ان هؤلاء انما هم اسباب لا غير وان الامر من الله سبحانه وتعالى وحدة والله جل وعلا بين هذا المعنى في ايات كثيرة وكذا نبيه صلى الله عليه وسلم ومر معنا في الدرس الماظي قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة لو اجتمعت ليس نبيا ولا وليا ولا انبياء ولا اولياء انما الامة جميعا لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك اذا الامر من الله والى الله فالتوجه له سبحانه وتعالى بالدعاء هو المتعين على كل مخلوق. نعم قال رحمه الله وقوله فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه الاية الثانية قوله تعالى فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له اليه ترجعون فابتغوا فعل امر والابتغاء يعني ان يلجأ ويرجى ويطلب الرزق انما ينبغي ان يكون هذا من الله سبحانه وتعالى ومن الابتغاء الطلب بالدعاء فيكون طلب الرزق وسؤاله انما مرجعه الى الله جل وعلا فابتغوا عند الله الرزق ومعلوم ان اكثر دعاء ان اكثر دعاء الداعين انما هو في شأن الرزق بل جل دعاء المشركين الاولين انما يتعلق بهذا الامر فانهم كانوا يكفرون بالاخرة ولا يؤمنون بالبعث ولذلك دعاؤهم الذي يتوجهون به لله ولغيره انما يتعلق بالامور الدنيوية الشاهد ان الله سبحانه وتعالى يقول فابتغوا عند الله ولاحظ انه قد قدم ها هنا الظرف وتقديم الظرف وحقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص كانه قال فابتغوا الرزق عند الله لا عند غيره فالله جل وعلا هو الذي ينبغي ان يتوجه اليه وان يسأل وان يطلب وحده لا شريك له فابتغوا عند الله الرزق والها هنا لما دخلت على هذه الكلمة المفردة وهي لغير العهد افادت العموم فالمفرد المحلى بان يفيد العموم فالرزق ايا كان هو عند الله جل وعلا صغيرا كان ام كبيرا قليلا كان ام كثيرا لا يجوز ان يطلب الا من الله جل وعلا لان الله سبحانه هو الذي بيده الرزق ومن الذي يرزق غير الله ومن يرزقكم من السماء والارض هذا استفهام يفيد او هذا استفهام انكاري يفيد انكار اعتقادي ان يكون الرزق عند غير الله سبحانه وتعالى ومن يرزقكم من السماء والارض فدل هذا على ان الدعاء بالرزق يجب ان يكون لله سبحانه وتعالى لا لغيره واذا كان ذلك في شأن الرزق فهو في غيره ايضا يعني الا يطلب الدعاء الا من الله سبحانه وتعالى في امور الدنيا او في امور الاخرة قال واعبدوه ووجه العطف ها هنا عطف العبادة على الابتغاء الذي يتضمن الدعاء من باب عطف العام على الخاصة فان الابتغاء والدعاء فرد من افراد العبادة فيكون من باب عطف العام على الخاص بالتالي لا ينبغي ان يستشكل كون الله جل وعلا ذكر العبادة بعد ابتغاء الرزق فان هذا كما ذكرت لك من باب عطف العام على الخاص نعم قال رحمه الله فقوله ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. الايتين هذه الاية من اعظم الايات في الدلالة على ان دعاء غير الله سبحانه شرك وانه امر محرم منهي عنه وان الدعاء من حيث هو عبادة ويدل على هذا وجوه في الاية اما اولا فقوله تعالى ومن اضلوا ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة والاستفهام ها هنا استفهام انكار ذلك ادل على النفي من من النفي المجرد فان النفي المستفاد من الاستفهام الانكار مشوب بنوع من التحدي من ذا الذي يجرؤ على ان يقول ان هناك اضل ممن يدعو غير الله ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة اذا هذه الاية تفيد ان اضل الناس هم الذين يدعون غير الله هذا اعظم درجات الضلال ان يتوجه الانسان بالدعاء وما يصحبه من العبوديات لغير الله جل وعلا اذا هو اعظم انواع الشرك ومن اظلموا ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة فائدة ثانية في الاية ان دعاء غير الله شرك لانه جعل هذا الدعاء ظلما والظلم ها هنا قطعا هو الاكبر ان الشرك لظلم عظيم والكافرون هم الظالمون فقوله ومن اظلم هذا دليل على ان دعاء غير الله عز وجل شرك ومن اظلم ممن يدعو من دون الله بل لا يستجيب له الى يوم القيامة بقوله ومن اظلم ممن يدعو من دون الله عفوا ومن اضلوا استغفر الله ومن اضل ممن يدعو من دون الله الظلم الكلام فيه في اية اخرى لكن هذه ومن اضلوا هذا دليل على ان دعاء غير الله اضل ان دعاء غير الله ضلال عظيم بل لا اضل ممن يدعو غير الله ومن اضلوا ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له هذه دلالة وفائدة اخرى وهي قوله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهذا فيه رد على القبوريين الذين يزعمون ان شرك الدعاء انما هو ما توجه به صاحبه للاصنام والاحجار والاشجار فحسب اما الانبياء والصالحون فلا هكذا يزعمون هذا هو الشرك الذي كان من المشركين الاولين فلاجل هذا تتنزل الايات والادلة عليه وليس بصحيح ان عبادة المشركين الاولين انما تعلقت بالاصنام فقط بل الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم منهم من كان يعبد شجرا ومنهم من كان يعبد حجرا ومنهم من كان يعبد جنا ومنهم من كان يعبد نبيا ومنهم من كان يعبد صالحين هذا اولا وثانيا انه قالها هنا من من لا يستجيب له ومن كما يقرر النحات انما تستعمل في من يعقل او في العاقل والاسلم ان تقول فيمن يعلم وبالتالي الاصنام لا يقال في حقهم من انما يقال في حقهم ما لكنه قالها هنا من قال من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهذه قرينة اخرى جعل الامر مغيا الى يوم القيامة حيث يبعث الناس يبعث الناس يوم القيامة وهذا يشير الى ان هذه الاية انما تعلقت بمن كان حيا في الدنيا لكنه توفي ومات فهي في شأن دعاء الاموات من الانبياء والاولياء والصالحين من لا يستجيب له الى يوم القيامة ثم قال وهم عن دعائهم غافلون وهذه الكلمة غافلون انما تناسب ان تقال في حق من في حق الناس والبشر لا حق لا في حق الجمادات ان يقال في حقها هذه الشجرة غافلة او هذا الصنم او الحجر غافل هذا لا يتأتى ولا يعرف في اساليب العرب انما الغفلة تتعلق بالناس والاحياء وهؤلاء الاموات هم في قبورهم احياء حياة خاصة هي حياة برزخية ليست من جنس الحياة الدنيوية لها حقيقة الله اعلم بها وهم في هذه الحياة غافلون عن من يدعوهم لانهم بين اشتغال بنعيم القبر او اشتغال بعذاب القبر فهم عن دعائهم غافلون ثم يوم القيامة يكون شأن قال وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين اولا قوله بعبادتهم يدلك على ان دعاء على ان الدعاء عبادة والقاعدة ان ما ثبت انه عبادة كان صرفه لغير الله شركة اذا هذا دليل اخر على ان دعاء غير الله شرك وقوله وكانوا بعبادتهم كافرين هذا يدلك ايضا على ان الدعاء في هذه الاية انما تعلق بالاولياء والصالحين لانهم هم الذين يتأتى منهم ان يكفروا بماذا بعبادة من دعاهم. اليس كذلك وبالتالي تعلقت الاية بدعاء الاولياء والصالحين فاين في هؤلاء الذين يتوجهون الى القبور واهلها اين فيهم عقولهم واين فيهم قلوبهم حتى تعقل هذه البينة الواضحة وكانوا بعبادتهم كافرين يعني ان المدعوين يعني ان المدعوين هؤلاء الاولياء والصالحين يوم القيامة سوف يكفرون بهذه العبادة ويبرأون الى الله عز وجل منها ومن عابديها ان تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزة كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضد فدل هذا على ان المدعوين سوف يكفرون بهذه العبادة ويبرؤون الى الله سبحانه وتعالى منها يوم القيامة والاية تحتمل معنى اخر وهو قول ثان في الاية ان هؤلاء الداعين سوف يبرأون من عبادتهم يوم القيامة وكانوا بعبادتهم يعني الداعين كانوا بدعائهم هذا العبادة التي توجهوا بها لغير الله وهي ها هنا الدعاء سوف يكفرون بها ويبرؤون منها وهذا منهم كذب حيث انهم سيقولون يوم القيامة تالله نعم والله ربنا ما كنا مشركين سيقولون والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على انفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون فسيكذبون يوم القيامة ويتبرأون من هذه العبادة وان كان الوجه الاول هو الاول هو الاولى والاظهر في هذه الاية والله جل وعلا اعلم الشاهد ان هذه الاية دليل صريح على ان الدعاء يجب ان يصرف لله وان دعاء غير الله شرك به سبحانه وتعالى. نعم قال رحمه الله وقوله امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء هذه الاية العظيمة ضمن ايات عظيمات في سورة النمل من احسن الايات واعظمها في بيان التوحيد ونقضي ضده قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى االله خير ام ما يشركون يقول الله جل وعلا في هذه الاية امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض االه مع الله انظر الى هذا الاستفهام الانكاري االه مع الله ولاحظ ان الها ها هنا نكرة في سياق الاستفهام الانكاري فتعم كل اله لا اله مع الله البتة مهما كان هذا الاله والاله هو المعبود هذا الذي تعرفه العرب في لغتها فلا معبود مع الله البتة ولو كان نبيا ولو كان وليا صالحا ولو كان من كان لا اله مع الله االه مع الله انتم تقرون بان الله عز وجل هو الذي يجيب المضطر اذا دعاه اذا هذا يدل على ان هذا الدعاء لغير الله سفه وضلال فلاي شيء يدعى غير الله وهو اعني غير الله لا يملك كشف هذا الضر لماذا يدعى مع الله امن يجيب المضطر اذا دعاه لا احد يجيب المضطر اذا دعاه البتة الا الله فهذا من خصائص الربوبية هذا من خصائص الربوبية والربوبية شيء اختص الله سبحانه وتعالى به لا يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء الا هو سبحانه ولذلك تأمل معي في هذه الايات. قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الله خير ام ما يشركون امن خلق السماوات والارض وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها ثم قال االه مع الله؟ بل هم قوم يعدلون امن جعل الارض قراره وجعل خلالها انهارا وجعل لها رواسيا وجعل بين البحرين حاجزا االه مع الله اكثرهم لا يعلمون امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء لاحظ معي كيف ان الله جل وعلا جعل كونه يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء في السياق نفسه الذي بين فيه انه هو الذي خلق السماوات والارض وانه الذي ينزل من السماء ماء وانه هو الذي يجعل الارض قرارا ويجعل خلالها انهارا الى اخره. اذا ان هذا يدلك على ان كل ما ذكر في هذا السياق هو من ماذا من خصائص الربوبية فدل هذا على انه لا يجوز ان يجعل لغير الله سبحانه وتعالى ومن جعل او من اعتقد ان غير الله جل وعلا يكشف السوء يجيب المضطر اذا دعاه على اي حال لا شك ان من اعتقد ذلك فقد اشرك في الربوبية كما ان من دعا غير الله عز وجل فقد اشرك بالالوهية وهذا دليل بين كما اسلفت على ان الشرك في الدعاء اعظم انواع الشرك بالله جل وعلا ويا لله العجب من اولئك القبوريين الذين يزعمون ان معبوديهم يقدرون على كل ما يقدر عليه الله ويفعلون كل ما يفعله الله هكذا ينصون في كتبهم فلان من الانبياء او من الاولياء يعلم ما يعلمه الله ويقدر على ما يقدر عليه الله ويفعل كل ما يفعله الله لا فرق عند هؤلاء بين ان تتوجه بدعائك الى الله او ان تتوجع او ان تتوجه الى غيره بل ان حالهم يفصح عن انهم في الامور السهلة يدعون الله لكنه في الشدائد والصعاب يدعون غير الله فثقتهم بغير الله اعظم من ثقتهم بالله وهذا يؤكد ما تكرر في دروس سالفة ان الشرك المتأخرين اعظم واغلظ من شرك المتقدمين هؤلاء المتقدمون يخاطبهم الله عز وجل ويلزمهم بما يعتقدون هم كانوا يعتقدون ابو جهل وابو لهب و وعتبة وشيبة امية وابي كانوا يعتقدون ان الله عز وجل هو الذي يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ولذلك ذكر هذا الاستفهام التقريري امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ثم يعود عليهم بهذا الاستفهام االه مع الله فهذا يدلك على انهم كانوا يعتقدون ان الذي يكشف السوء هو الله ولذا كانوا يوحدون في الدعاء عند الشدائد مر معنا هذا او لا مر معنا كثيرا واذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون اما المتأخرون فانهم يمحضون الشرك بمعنى انهم لا يدعون الله البتة في الشدائد انما يدعونا هؤلاء الاولياء الذين اعتقدوا فيهم وتوجهوا اليهم يتوجهون لهم بالدعاء فقط وينسون الله سبحانه وتعالى فشركهم اغلظ من شرك المتقدمين كما ان المتقدمين كان شركهم متعلقا بموضوع الشفاعة وان يكون هذا المعبود مقربا لهذا العابد عند الله سبحانه وتعالى لا انه يرزق ولا انه يخلق ولا انه يدبر. كانوا يعتقدون ان هذه من خصائص الله سبحانه وتعالى لا يشركه فيها غيره فاين هذه الحال من حال هؤلاء المتأخرين الذين حالهم كما وصفت لك قالوه بلسان حالهم بل بلسان مقالهم ان هذا الولي وان هذا النبي يعلم ما يعلمه الله ويقدر على ما يقدر عليه الله فشركهم اغلط من وجوه عدة. نسأل الله السلامة والعافية. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وروى الطبراني باسناده انه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين. فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يستغاث بي وانما يستغاث بالله عز وجل هذا الحديث حديث عبادة رضي الله عنه اخرجه الطبراني واحمد وغيرهما و هو حديث ضعيف فانه يدور على ابني لهيعة وهو ضعيف على قول جمهور اهل العلم كما ان في بعض اسانيده جهالة الراوي عن عبادة رضي الله عنه كما عند احمد مجهول الحديث الظاهر والله اعلم انه ضعيف ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ايراد المؤلف رحمه الله لهذا الحديث في كتابه جار على جادة اهل العلم التي اتفقوا عليها وهي انهم يريدون على سبيل الاستشهاد والاعتضاد ما لا يصلح للاعتماد انتبه لهذه القاعدة نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله برده على البكري معروف بكتاب الاستغاثة نص على ان العلماء يريدون ما يصلح للاستشهاد والاعتضاد لا ما يصلح للاعتماد يريدونه على سبيل الاستشهاد والاعتظاد وان كانوا لا يعتمدون عليه وهذا الحديث اورده المؤلف رحمه الله بعد ان اورد ادلة صريحة والادلة سوى ما ذكر كثيرة جدا في الكتاب والسنة فكان ذلك على سبيل الاعتظاد والاستشهاد قال شيخ الاسلام رحمه الله فما يورد على سبيل الاعتماد لون او نوع وما يورد على سبيل الاستشهاد والاعتظاد نوع اخر فهذا فقط من باب تكثير الادلة وذكر ما يشهد ويعضد ما دلت عليه الادلة الصحيحة الراسخة لاسيما وان هذا الحديث ظعفه يسير ابن لهيعة ليس بشديد الضعف فضلا عن ان يكون كذابا بل كان من اهل العلم بل كان قاضيا لكن حصل له اختلاط مثل هذه الرواية التي يرويها لا شك انها تؤيد وتعضض ما قامت عليه الادلة الراسخة في الدلالة على ان دعاء غير الله عز وجل شرك ولعل حرص المؤلف على ايراد هذا الحديث لان فيه ذكرى كلمة عزيزة بالادلة وهي الاستغاثة فيها فوائد ايضا كما سيأتي او في هذا الحديث فوائد ايضا كما سيأتي الكلام على ذلك وعلى كل حال تتبع كتاب التوحيد يدل على ان المؤلف رحمه الله لم يبني بابا على حديث ضعيف قط انما كما ذكرت في الدرس الاول ان احاديث هذا الكتاب احاديث آآ جيات صحاح الا احاديث معدودة نزه المؤلف رحمه الله كتابه عن حديث موضوع او متفق على ضعفه وامر اخر وهو انه ما بنى كتابه على حديث ضعيف انما يريده على سبيل الاستشهاد والاعتظاد وهذه كما علمت جادة مسلوكة بل نقل شيخ الاسلام الاتفاق اتفاق العلماء عليها وهي انهم يريدون مثل هذه الاحاديث التي ضعفها يسير من باب الاستشهاد بل قد يريدون ما ليس حديث ضعيف بل ما هو اقل من ذلك شيخ الاسلام رحمه الله تكلم بكلام طويل على هذا الحديث في حدود اه او في اكثر من خمسين صفحة في كتابه الرد على البكري الشاهد ان هذا الحديث ان صح فيه ان بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجاء في بعض بعض الروايات ان القائل هو ابو بكر رضي الله عنه قال بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في شأن منافق كان يؤذي المؤمنين جاء في رواية ابن ابي حاتم في تفسيره انه عبد الله ابن ابي المنافق فلما ذهبوا الى النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم انه لا يستغاث بي انما يستغاث بالله فارشدهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ترك الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم يعني به وارشدهم الى الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى وهذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم فيه توجيهان عند اهل العلم المؤلف رحمه الله و كبار شراح كتاب التوحيد على ان قوله صلى الله عليه وسلم انه لا يستغاث بي وانما يستغاث بالله كان منه صلى الله عليه وسلم على سبيل الارشاد الى الاكمل والى تحقيق مقام الادب مع الله والى سد ذريعة الشرك بالله والا طلبهم انما كان بشيء يقدر عليه النبي صلى الله عليه وسلم فهو حي قادر على ان يدفع اذى هذا المنافق بقتل او تعزير او تأديب مع كونه قادرا على ذلك لكنه ارشدهم الى الاكمل والافضل القول المحقق لمقام الادب مع الله وهو انهم يستغيثون بالله جل وعلا يجعلون كل رغبتهم الى الله انا الى الله راغبون وبناء على هذا يتضح لنا وجه الجمع بين هذا الحديث ان صح مع قول الله جل وعلا فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه وكذلك ما ثبت في الصحيح من استغاثة الناس يوم القيامة بالانبياء ادم فنوح الى اخره فتلك النصوص تدل على انه يجوز الاستغاثة بالحي الحاضر القادر وان ترك ذلك اكمل كما يفيده هذا الحديث انصح الوجه الثاني في توجيه الحديث وهو ما نحى اليه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هو انهم استغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في شيء لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قادرا على ان يجيبهم اليه فبالتالي وجههم الى ان يستغيثوا بالله جل وعلا نبههم الى ان لا يستغيثوا به انما يجعل استغاثتهم بالنبي صلى الله انما يجعل استغاثتهم بالله سبحانه وتعالى وذلك اما لكونه كان مأمورا ان يأخذ المنافقين بالظاهر ولم يتبين له خلاف ذلك او خشية من وقوع مفسدة لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه او غير ذلك وبناء على هذا فنهيهم عن الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم فيه آآ يعني جار على القاعدة التي سلفت وهي ان الاستغاثة انما يجب ان تكون بالله سبحانه وتعالى لا بغيره فيما لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان