الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا انفع وانفع يا رب العالمين قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب الشفاعة وقول الله عز وجل وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد مضى الكلام في الدرس الماضي عن الاصول والقواعد الممهدات ل فهم موضوع الشفاعة بضوء الكتاب والسنة المؤلف رحمه الله اورد في هذا الباب الادلة التي تدل على هذا المعتقد الصحيح الذي يتعلق بالشفاعة من كتاب الله سبحانه وتعالى ثم ختم ذلك بكلام حسن لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الاية الاولى قول الله جل وعلا وانذر به الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع وانذر به الانذار هو الاعلام باسباب المخافة او الاعلام بموضع المخافة فهو اعلام مخصوص و الخطاب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والله جل وعلا يقول يا نبينا انذر به يعني بالقرآن كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره انذر بالقرآن اهل الايمان الذين علامتهم وسمتهم يخافون ان يحشروا الى ربهم وايضا ليس لهم من دون الله جل وعلا ولي ولا شفيع وقوله ليس له ليس ها هنا قي موضع النصب على انها حال والحال انه ليس لهؤلاء المؤمنين الذين اتصفوا بالايمان والخشية من الله سبحانه وتعالى الحال انهم موصوفون بهذا وهو انهم لا يتخذون من دون الله وليا ولا يتخذون من دون الله شفيعا والقرآن امر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ان ينذر الناس كلهم به وتنذر به قوما لدا فاهل الايمان واهل الكفر ينذرون بالقرآن لكن تخصيص اهل الايمان ها هنا لانهم الذين ينتفعون بهذا الانذار فالانذار الذي ينفع هو انذار اهل الايمان الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم يخافون من الله عز وجل ويخافون المقام بين يدي الله جل وعلا فذكر بالقرآن من يخاف وعيد هؤلاء اولى الناس بالانذار لانهم اعظم الناس انتفاعا بهذا الانذار فلا ينتفع القرآن من جهة ما فيه من الانذار وما فيه من التبشير وما فيه من انواع العلوم الا المؤمنون حقا الذين يتصفون للخوف من الله سبحانه وتعالى ومن الخوف من الله الخوف من البعث وما يكون بعده من الوقوف بين يدي الله جل وعلا للحساب ثم للجزاء وهؤلاء وصفهم انهم لا يتخذون من دون الله وليا يتوجهون اليه ويعبدونه ويخافونه ويرجونه كما انهم لا يتخذون من دون الله شفيعا. لا يتخذون من دون الله شفيعا يعني من دون اذنه وامره سبحانه وتعالى لانهم يعلمون ان الشفاعة ملك لله جل وعلا كما سيأتي معنا قل لله الشفاعة جميعا لا تطمح نفوسهم الى التعلق بهؤلاء الشفعاء من حيث انهم يعتقدون انهم يملكون الشفاعة فيشفعون بلا اذن من الله جل وعلا ويترتب على هذا انهم يقصدون ويرجون ويتوكل عليهم ليس هذا شأن اهل الايمان هذا شأن اهل الشرك اذا الشفيع اثنان شفيع من دون الله وشفيع من بعد اذن الله والفرق بينهما فرق كبير مر معنا في الدرس الماظي الفرق بين الشفيع من دون الله والشفيع من بعد اذنه هو الفرق بين الند والشريك وبين العبد المأمور مع الله سبحانه او العبد المأمور من الله سبحانه وتعالى الشفيع من دونه انما يتخذه المشركون فمن اعتقد ان احدا يكون شفيعا من دون الله فذلك لا شك انه من المشركين اما اهل الايمان فانهم يعتقدون انه يكون شفيع من بعد اذنه اذا الشفيع من دونه باطل والشفيع من بعد اذنه ثابت هذا لا الفرقان بين حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك نعم قال رحمه الله قل لله الشفاعة جميعا هذه اية عظيمة من تأملها و عقل معناها قطعت كل اسباب الشرك عن نفسه قل لله الشفاعة جميعا اول السياق قوله تعالى ام اتخذوا من دون الله شفعاء هذه حقيقة المشركين انهم اتخذوا من دون الله شفعاء قل او لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون ام اتخذوا من دون الله شفعاء ام ها هنا للاضراب يعني هي بمعنى بل واستقراء مواضع ام في القرآن؟ يعني هذا الاستفهام في القرآن يدل على انه هذا الاستفهام انما يساق في مقام الانكار يعني هؤلاء اتخذوا من دون الله شفعاء وهذا الذي لاجله اشركوا ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله هذا الذي لاجله اتخذوا الانداد مع الله جل وعلا ااتخذ من دونه الهة ان يردني الرحمن بضر لا تغني عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون اذا هم اتخذوا من دون الله شفعا اشركوهم مع الله جل وعلا اعتقدوا انهم يشفعون من دون اذن الله جل وعلا واعتقدوا انهم يملكون هذه الشفاعة وان حقهم على الله عظيم ولاجل هذا فان هذه الشفاعة لا ترد وهم المؤثرون على الله هم الذين يحركون ارادة الله لاجل تحقيق المطلوب او دفع المرهوب. ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل او لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يأكلون افتتخذونهم؟ وهذه حالهم الواقع انهم لا يملكون شيئا لان الشفاعة لله سبحانه وتعالى الم تر الى قوله بعد ذلك قل لله الشفاعة جميعا ولاحظ امرين في هذه الاية اولا تقديم الخبر يفيد الحصر عند اهل البلاغة فقال قل لله الشفاعة ولم يقل قل الشفاعة لله وهذا يدلك على ان الشفاعة كلها لله سبحانه وتعالى ثم تأمل ثانيا في قوله جميعا كيف ان قوله جميعا افادت استغراق ملك الله سبحانه وتعالى للشفاعة كلها بحيث انه لم يشد عنها عن هذا لم يشد عن هذا الملك لله شيء منها من اولها الى اخرها بجميع انواعها واصنافها هي ملك لله سبحانه وتعالى ثم تأمل بعد ذلك ما قال سبحانه عقبها له ملك السماوات والارض كما ان له سبحانه ملك السماوات والارض فكذلك هو الذي يملك الشفاعة تندرج في ملكه سبحانه وتعالى الذي لا يشركه فيه غيره هذه الشفاعة لان حقيقة الامر ان الله تعالى شفع من نفسه الى نفسه ليرحم عبده والشفاعة اكرام للشافعي والا فالله جل وعلا هو الذي اراد من نفسه ان يرحم هذا العبد المشفوع فيه وليس ان الشافع هو الذي حرك ارادة الله وهو الذي اثر في الله هذا لا يكون الله هو الواحد والله هو الوتر الذي لا يشفعه غيره فالفضل منه واليه وحده لا شريك له اذا هذه اية عظيمة تأملها يا ايها المسلم وانا لك ضامن باذن الله سبحانه وتوفيقه. انه يخرج كل تعلق من قلبك باحد من المخلوقين لاجل رجاء الشفاعة تأمل كثيرا هذا الموضع العظيم قل لله الشفاعة جميعا اذا لا تطلب الشفاعة الا ممن يملكها وهو الله سبحانه وحده لا شريك له قد يقول قائل نحن نطلب الشفاعة من غير الله لاجل ان الله تعالى ملكهم اياها النبي صلى الله عليه وسلم واخوانه من الانبياء وكذلك المؤمنون. وكذلك الملائكة اليسوا يشفعون عند الله عز وجل يوم القيامة والجواب نعم قالوا اذا نحن نطلب هذه الشفاعة ممن ملكهم الله سبحانه وتعالى اياه والجواب ان هذه شبهة داحضة وذلك ان الله جل وعلا لم يملك الشفاعة احدا بل بين لنا بيانا واضحا لا لبس فيه ان الشفاعة له وحده لا شريك له وانما يأذن الله لمن يشاء في موضع معين ان يشفع وليس هذا من التمليك في شيء ارأيت الى النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم القيامة وطلبت منه الشفاعة افيقوم شافعا عند الله جل وعلا مباشرة ام يقدم هذا بمقدمات ثم بعد ذلك يأذن الله له بالشفاعة بل يأمره الله جل وعلا بالشفاعة كيف يكون مالكا وهو مأمور بان يشفع اشفع تشفع ثم تأمل يا رعاك الله كيف ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له اشفع تشفع ولما حد الله له حدا من اهل النار فاخرجهم منها ثم يعيد الكرة لاجل ان يشفع الى الله عز وجل مرة ثانية ارأيت انه اخذ الاذن الاول مطلقا فقام بين يدي الله عز وجل مرة ثانية فشفع او فشفع عند الله جل وعلا؟ الجواب لا مرة ثانية يثني على الله جل وعلا ويسجد سجودا طويلا ثم يرفع رأسه ثم يقول الله له اشفع تشفع كرروا هذا الامر اربع مرات كما ثبت في الصحيحين اذا هل يقال بعد ذلك ان هذه الشفاعة مملكة للشفعاء الجواب لا والله انما يأذن الله عز وجل بها في موضع معين وفي محل مخصوص والله جل وعلا يأذن حينئذ بل يأمر حينئذ بالشفاعة اذا لم يكن مالكا لها ثم ارأيت في حال النبي صلى الله عليه وسلم الان وهو ميت ايطلب الشفاعة الان مع ان الله سبحانه انما يأذن له بها يوم القيامة فما معنى ان تطلبه الشفاعة وهو في البرزخ والله جل وعلا لم يأذن له بالشفاعة في البرزخ انما يأذن له سبحانه وتعالى بذلك يوم القيامة اذا هذا الطلب باطل غير صحيح انما يأذن الله سبحانه بالشفاعة يوم القيامة و ها هنا مسألة مهمة ويكثر السؤال عنها وهي ما حكم طلب الشفاعة من غير الله هذه المسألة فيها تفصيل وذلك ان الاحوال لا تخرج ام ثلاث اولا طلب الشفاعة من حي يعني يأتي الانسان الى عبد صالح او الى النبي صلى الله عليه وسلم لما كان حيا فيطلب منه الشفاعة وهذه الحال فيها تفصيل ايضا وذلك ان الامر يتردد بين امرين فان كان السائل يعتقد ان المسؤول مالك للشفاعة بحيث انه يشفع متى شاء بلا اذن من الله عز وجل وبلا امر من الله جل وعلا وان شفاعته هي المؤثرة والمحركة لارادة الله جل وعلا وان الله تعالى لا يملك الا ان يستجيب لهذه الشفاعة لما لهذا الشافعي من حق عليه فهو له اذلال على الله سبحانه وتعالى من اعتقد هذا في احد وسأل الشفاعة على هذا الوجه فلا شك ان هذا شرك اكبر الصورة الثانية ان يسأله الشفاعة بمعنى ان يطلب من المسؤول ان يدعو الله عز وجل بان يكون او بان يأذن له في الشفاعة يعني يسأل المشفوع له الشافعة ان يدعو الله بان يأذن له في ان يشفع فيه فهذا لا بأس به وهذا من جملة سؤال الحي ما يقدر عليه هو ما اعتقد ان الشفاعة ملك له وانه يشفع متى شاء باي حال شاء دون اذن من الله كلا انما يسأله ان يأذن انما يسأله ان يسأل الله ان يأذن له في الشفاعة فيه وهذا الوجه لا حرج فيه وقد جاء في مسند الامام احمد من حديث ابي موسى الاشعري وجاء ايضا من حديث عوف ابن مالك وجاء ايضا من حديث ابي موسى ومعاذ رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال ان الله خيرني بين ان يدخل نصف امتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة حينئذ قال له ابو موسى رضي الله عنه ومن معه قالوا يا رسول الله ادع الله ان يجعلنا ممن تشفع فيه تلاحظ انهم توجهوا الى النبي صلى الله عليه وسلم بطلب ماذا ان يدعو الله ان يشفع فيه يعني ان يجعله من الزمرة ان يجعلهم من الزمرة الذين يشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الرواية فسروا الرواية الاخرى التي فيها انهم قالوا ننشدك بالله والصحبة الا جعلتنا ممن تشفع فيه واصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اجل قدرا من ان يعتقدوا ان الشفاعة ملك للنبي صلى الله عليه وسلم. انما تفسير هذه الرواية ما جاء في الرواية الاخرى. وكل ما جاء في الاحاديث في سؤال الشفاعة انما يرجع الى هذا المعنى وهو ان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعو الله تعالى بان ان يجعله شافعا للسائل اذا هذه الحالة الاولى الحالة الثانية سؤال الميت الشفاعة وهذا شرك اكبر بان يسأل الميت كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته او يدعو الاموات والصالحين فيقول اشفعوا لنا عند الله يا سيدي فلان اسألك الشفاعة يا نبي الله الشفاعة هذا لا شك انه شرك اكبر وذلك راجع الى ما يأتي اولا انه قد مر بنا سابقا ان جنس الدعاء للاموات شرك اكبر اي سؤال واي طلب واي دعاء يتوجه به الانسان للميت؟ هذا شرك اكبر ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا فشل لهم اعداء وكانوا بعبادتهم وتدعي لهم لا يسمعوا دعاءكم ولا يسمعون استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ثانيا ان الميت لا يملك الشفاعة لا يملك ان يشفع لان الميت قد انقطع عمله بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات الانسان او اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث وسؤال الشفاعة ها هنا ليس منها وبالتالي يكون هذا سؤالا لما لا يقدر عليه الميت اضف الى هذا امرا ثالثا وهو ان الغالب على هؤلاء القبوريين المتعلقين بالاموات انهم يعتقدون ان الميت المسؤول مالك للشفاعة وان الشفاعة التي يطلبها هي من جنس الشفاعة الدنيوية وقد اخذنا تفصيل القول في الفرق بين الشفاعة الدنيوية التي يعهدها الناس في الدنيا والشفاعة الاخروية. اليس كذلك امر رابع وهو ان الغالبة على هؤلاء ايضا انه يكون ويقوم في قلوبهم من التوكل والاعتماد والرجاء والرغبة في الميت ما يدخلهم في بحور من الشرك اذا هذه اوجه اربعة تدلك على ان سؤال الشفاعة للاموات شرك اكبر الحال الراء الحال الثالثة طلب الشفاعة يوم القيامة من الانبياء وقد ثبت في الصحيحين ان الناس اذا قال عليهم الكرب يقول بعضهم لبعض هلم نستشفع الى ربنا فيذهبون الى ادم فنوح فابراهيم وموسى فعيسى والكل يعتذر والكل يذكر ذنبا له يستحي بسببه الا عيسى عليه السلام والكل يقول ان الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله حتى يصلون الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول انا لها وهذا السؤال والطلب ليس كما يظن او كما يلبس بعض المشركين ان هذا لانهم يعتقدون ان هؤلاء الانبياء يملكون الشفاعة حاشا وكلا بل يوم القيامة يوم عظيم يتجلى فيه عظمة الله وملكوته وجبروته فانى للناس في ذلك المقام ان تتعلق قلوبهم بمخلوق او ان يعتقدوا ان الشفاعة ملك لهم انما قولهم الا تشفع لنا عند ربك المراد بذلك ان تتقدم بين يدي الله جل وعلا بالاسباب التي يأذن الله عز وجل بعدها بالشفاعة يسألون النبي ان يتقدم بالاسباب التي يأذن الله عز وجل له بعدها بالشفاعة وذلك انك اذا تأملت ما جاء في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الشفاعة تجد الاتي تجد ان النبي صلى الله عليه وسلم اولا اذا قال له اذا قال انا لها ينطلق فيستأذن على ربه وهذا من كمال العبودية والادب لا يباشر الدخول على ربه والله اعلم كيف يكون ذلك انما يستأذن حتى يؤذن له هذا اولا وثانيا اذا وقف بين يدي الله جل وعلا فانه يحمد الله جل وعلا بمحامده لا تحضره في الدنيا انما يفتح الله عليه بها في ذلك المقام هذا اثنان ثم يخر ساجدا لله جل وعلا ويدعه الله عز وجل شاء ويدعه الله عز وجل ساجدا ما شاء الله ثم في سجوده يثني على الله جل وعلا ثناء ما فتحه الله عز وجل على احد من قبله ثم يرفع رأسه بعد ان يقول الله له ذلك يا محمد ارفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع. هنا ايضا قبل ان يشفع يثني على الله ويحمده بمحامد لم يكن يحصيها في الدنيا قال ثم اشفع اذا هناك خمسة اسباب مقدمة بين يدي شفاعته لربه سبحانه وتعالى افبعد هذا يقال ان النبي صلى الله عليه وسلم مالك للشفاعة افبعد هذا يقال ان الناس تتعلق قلوبهم بالنبي صلى الله عليه وسلم من جهة انه مالك للشفاعة او انه يأذن اذا شاء لا بعد اذن الله سبحانه وتعالى كلا والله هذا مجموع ما جاء في احاديث الشفاعة في الصحيحين لخصت لك ما جاء في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث انس رضي الله عنه ومن حديث ابي هريرة رضي الله عنه بعد كل هذا وبعد ان يقول الله له اشفع يحمد الله عز وجل ايضا بمحامد يفتحها عليه. قال ثم اشبع ثم التي تدل على الترتيب مع المهلة اذا هذا كله اذا تأملته يا رعاك الله وجدت حقيقة الفرقان بين التوحيد والشرك وبين معتقد اهل التوحيد ومعتقد اهل الشرك والله المستعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه قوله تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه هذا بعض اية الكرسي التي هي اعظم اية في كتاب الله و من ها هنا اسم استفهام يراد به النفي وقد مر بنا ان النفي اذا جاء بصيغة الاستفهام فانه يكون مشوبا بالتحدي فهو ابلغ من النفي المجرد وبهذا يتضح لنا ان الامر عظيم وان الله عز وجل اجل واعظم من ان يتقدم احد بين يديه بالشفاعة قبل ان يأذن سبحانه وتعالى بل لا يملك احد ان يتكلم اصلا فضلا عن ان يشفع عند الله يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه فالشأن عظيم وعظمة الله سبحانه وتعالى شيء لا يحيط به عقل او خيال اذا الله جل وعلا يتحدى الخلق عن ان يجرؤ احد ان يتقدم بين يديه شافعا حتى يأذن سبحانه وتعالى. وهذا يؤكد لك ان الشفاعة ملك لله سبحانه اذا كان احد لا يشفع حتى يأذن الله ويأمر اذا الشفاعة من الله جل وعلا والى الله وانما اراد سبحانه ان يكرم الشافع بالشفاعة نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعته شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى هذه الاية جمعت شرطي الشفاعة المثبتة التي تكون يوم القيامة والشرطان هما اذن الله عز وجل للشافعي ان يشفع ورضاه عن المشفوع له قال سبحانه وكم من ملك كم هذه خبرية تفيد التكثير يعني ان ملائكة الله سبحانه وتعالى كثر ومع ذلك ومع ما هم عليه من جليل القدر والوصف ومع ذلك فانهم لا يملكون ان يشفعوا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء منهم ويرضى عن المشفوع له واذا كان هذا في حق الملائكة وانهم على جلالة قدرهم ورفيع منزلتهم ليس له من الامر شيء انما هم مأذون لهم مأمورون بالشفاعة اذا شاء الله فكيف بغيرهم و المقام ها هنا يرجع الى ضرورة استحضار ثلاثة اصول نبه عليها ابن القيم رحمه الله لمن اراد ان يضبط هذا الموضوع في اه بضوء الكتاب والسنة قال رحمه الله ها هنا ثلاثة اصول اولا انه لا شفاعة الا من بعد اذن الله وثانيا انه لا شفاعة الا فيمن يرضى الله عنه وثالثا انه لا يرضى الا توحيده واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم من فهم هذه الامور الثلاثة خرج من قلبه كل ادران الشرك بالله جل وعلا في جانب الشفاعة تعلق قلبه بالله جل وعلا وحده السبب الذي يوصلك يا عبد الله الى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشفعاء هو التوحيد الخامس لاحظ ان ابا هريرة رضي الله عنه وهو الصحابي الجليل الفقيه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ان اسعد الناس بشفاعته يا رسول الله من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة اسمع الجواب واعرف السبب قال صلى الله عليه وسلم اسعد الناس بشفاعة يوم القيامة من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم اسعدهم من طلب للشفاعة اسعدهم من تعلق قلبه لنيل الشفاعة خلى السبب الموصل بعد توفيق الله جل وعلا الى نيل الشفاعة هو التوحيد الخالص ان يتعلق قلبك وان تتعلق عبادتك بالله سبحانه وحده لا شريك له نعم قال رحمه الله ولد والذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض. الايتين هذه الاية وما بعدها مر الحديث عنهما قريب قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له وقلنا ان هذه الاية قال العلماء انها تقطع جذور الشرك من القلب وذلك ان كل تعلق بغير الله انما يرجع الى واحد من هذه الاسباب الاربعة اولا ان يعتقد في هذا المتعلق به انه مالك للسماوات والارض وهذا منفي قطعا فالله هو الذي يملك السماوات والارض او ان يكون له شراكة مع الله عز وجل في الملك وهذا منفي ايضا او ان يكون معينا وظهيرا لله سبحانه وهذا منفي ايضا فما بقي الا ان يكون شافعا ف يتعلق به المتعلق ويتقرب له المتقرب لاجل ان يشفع له عند الله جل وعلا فبين سبحانه ان هذا منفي ايضا. ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له اذا عاد الامر كله الى الله جل وعلا فحقيقة الحال واعيد ان الله شفع من نفسه الى نفسه ليرحم عبده واراد ان يكرم الشافعي. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قال ابو العباس نفى الله عما ابو العباس وهو احمد ابن عبد الحليم ابن عبد السلام ابن تيمية الحراني الامام العلم الجليل المتوفى سنة سبع اه ثمان وعشرين وسبعمائة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام الذي ليسوقه المؤلف كلام مهم اورده شيخ الاسلام رحمه الله او ذكره شيخ الاسلام رحمه الله في كتابه الايمان لا قال ابو العباس رحمه الله نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون فنفع ان يكون لغيره ملك او قسط منه. ويكون عونا لله عز وجل. ولم يبق الا الشفاعة. فبين انها لا تنفع الا لمن اذن له الرب كما قال تعالى ولا يشفعون الا لم يرتضى فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتافية يوم القيامة كما نفاها القرآن. التي يعتقدها المشركون قلنا ان الله جل وعلا قد اكثر في كتابه من نفي الشفاعة والمراد الشفاعة التي يعهدها الناس في الدنيا هذه منفية هذه لا يمكن ان تكون عند الله جل وعلا من اعتقد هذه الشفاعة فانه يكون قد هضم حق الربوبية وانتقص عظمة الالهية واساء الظن برب العالمين سبحانه وتعالى. نعم فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه يأتي فيسجد به ويحمده لا يبدأ بالشفاعة اولا ثم يقال له يحمد قبل ان يسجد ويحمد اثناء السجود. ويحمد بعد ان يرفع رأسه من السجود كل هذا ثابت في الصحيحين؟ نعم ثم يقال له ارفع رأسك وقل له اسمع وسل تعط واشفع تشفع فقال له ابو هريرة رضي الله عنه من اسعد الناس بشفاعتك؟ قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه بتلك الشفاعة لاهل الاخلاص باذن الله ولا تكونوا لمن اشرك بالله. لا تكونوا لمن اشرك بالله ويا لله العجب سبحان الله العظيم ومن يضلل الله فما له من هاد كيف ان هؤلاء تعلقت قلوبهم بالشفاعة تعلقا عظيما فاتخذوا السبب الذي حرمهم منها يطلبون الشفاعة بالسبب الذي يمنعهم منها شيء عجيب نعم وحقيقته ان الله سبحانه هو الذي يتفضل على اهل الاخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من اذن له ان يشفع ليكرمه وينال المقام المحمود الشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك. ولهذا اثبت الشفاعة بإذنه في مواضع. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم انها لا الا لاهل التوحيد والاخلاص انتهى كلامه. هذا كلام مهم ونفيس و فلخص لك الموضوع جملة حري ان تطالعه وان تتأمله اوصيك ان كنت طالبا للفائدة ان ترجع الى موضع مهم لابن القيم رحمه الله لاغاثة اللهفان انه من احسن المواضع ببيان الفرق بين الشفاعة الثابتة التي دل القرآن عليها والشفاعة المنفية التي اعتقدها المشركون في الهتهم. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان