بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا او انفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت الاية ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره قل اعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب بعد ان بين في الباب السابق ان الشفاعة ملك لله سبحانه فلا تطلب الا منه بين ها هنا ان الهداية ملك لله جل وعلا فلا تطلب الا منه واذا كان من المشركين من اشرك لاجلي طلب الشفاعة فان منهم من اشرك طلب هداية القلوب وغفران الذنوب من غير الله سبحانه وتعالى فالهداية انما يختص الله سبحانه وتعالى بها وبالتالي فان من طلبها من غير الله وقد اشرك مع الله والمتأمل فيما جاء في شأن الهداية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد انها جاءت على اربعة انواع فالصلاة ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد الهداية الاولى الهداية العامة اي ان الله سبحانه هدى كل مخلوق لما ينفعه ولما هو مستعد له قال ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى فهو الذي هذا النحل ان تتخذ من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون وهو الذي هدى النمل لعملها وهو الذي هدى الطفل ليه ان يمسك الثدي ويمتص الحليب منه وهو الذي هدى الزوجين المعاشرة فالتناسل وهو الذي هدى اليد والرجل والعين والاذن لما وخلقها الله سبحانه وتعالى لاجله اذا هذه هي الهداية العامة هدى كل مخلوق لما ينفعه ولما هو مستعد له وهذه هداية يختص الله سبحانه وتعالى بها فلا يشركه فيها احد النوع الثاني هداية الدلالة والبيان والارشاد والتعريف وهذه الهداية بمعنى ان الله سبحانه وتعالى يدل ويبين ويرشد الى طريق الحق والى الصراط المستقيم والى توحيده والى دين الاسلام كما قال سبحانه واما ثمود فهديناهم وهذه هي هداية الدلالة والارشاد والبيان وهذه الهداية كما ان الله سبحانه وتعالى يفعلها كذلك اعطاها لما شاء من خلقه فالنبي صلى الله عليه وسلم واخوانه من الانبياء وكذا الدعاة والمصلحون كلهم يهدون هذه الهداية ولكل قوم هادوا ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وانك لتهدي الى صراط مستقيم النوع الثالث هداية التوفيق والالهام وهذه الهداية هي محور الحديث في هذا الباب وهي المرادة في هذه الاية التي بوب المؤلف رحمه الله هذا الباب عليها هذه الهداية بمعنى هداية القلوب الى الحق وتوفيق النفوس الى التزام توحيد الله وما بعث الله به رسله هذه هداية خاصة بالبارئ سبحانه وتعالى لا يشركه فيها احد والله جل وعلا وحده هو الذي يملك هذه الهداية وهو الذي يمنحها من يشاء والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. اذا هذه الهداية ليست للنبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن ان تكون لغيره انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهذا هو الموضوع الذي ظل ب سبب طلبه من غير الله هؤلاء المشركون حيث اعتقدوا ان غير الله يملك الهداية فطلبوها من هذه الالهة التي اتخذوها مع الله سبحانه وتعالى النوع الرابع الهداية الاخروية هداية اهل الجنة الى طريق الجنة وهداية اهل النار الى النار نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار يدل على هذه الهداية ما جاء في قوله سبحانه وتعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم ويدل عليها ايضا ما ثبت في البخاري من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم حتى اذا هذبوا ونقوا اذن لهم بدخول الجنة ثم قال صلى الله عليه وسلم وهو موضع الشاهد فوالذي نفسي بيده ان احدهم لاهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا هداه الله جل وعلا الى ان يسلك الطريق الذي يوصله الى محل نعيمه ومستقره في جنات النعيم كذلك الشأن في اهل النار عافاني الله واياكم منها ومن حال اهلها قال جل وعلا فاهدوهم الى صراط الجحيم اذا هذه الانواع الاربعة هي التي دل استقراء القرآن على آآ انها اقسام وانواع الهداية نعود الى محور الحديث وهو هداية التوفيق والالهام قلنا ان هذه الهداية هي حق لله سبحانه وتعالى لا يشركه في هذا الحق غيره معتقد اهل السنة والجماعة في هذه الهداية يتلخص في اربعة امور اولا يعتقد اهل السنة والجماعة ان الهداية حق لله فهو الذي يهبها من يشاء الله جل وعلا هو الذي يشاء الهداية عبادة من شاء منهم لا سواه والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم الهداية بيد الله سبحانه وتعالى ولولا ان الله هدى المهتدي ما كان ليهتدي مهما فعل ومهما تعلم ومهما استعمل من رياضة نفسية ومهما سهر ومهما جاع لا يمكن ان يهتدي لولا ان الله سبحانه وتعالى هداه وبالتالي فمن اعتقد ان غير الله جل وعلا يملك هذه الهداية فقد اشرك الشرك الاكبر قال النبي صلى الله عليه وسلم من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له في الصحيحين من حديث البراء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاحزاب كان ينقل التراب وهو يرتجز بابيات ابن رواحة رضي الله عنه والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا اذا الهداية اعني هداية التوفيق من فروع ربوبية الله سبحانه فكما ان الله ليس له شريك في الخلق والملك والرزق والتدبير. كذلك ليس له شريك في الهداية. الذي خلقني فهو يهدين الهداية من الله وحده لا شريك له تأمل في قول الله جل وعلا في سورة يونس قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فانى تؤفكون كما ان الخلق لله سبحانه وتعالى فلا احد يبدع الخلق او يبدع الخلق او يعيده الا الله كذلك الهداية ولذلك عقب هذه الاية بقوله قل هل من شركائكم من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهد يعني يهتدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون اذا كما ان الخلق انما هو شيء اختص الله سبحانه وتعالى به كذلك الهداية شيء اختص الله سبحانه وتعالى به الامر الثاني او الضابط الثاني في معتقد اهل السنة والجماعة في شأن الهداية ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الهداية محض فضل من الله ونعمة الله جل وعلا اذا هدى من هدى فان ذلك راجع الى انعام وفضل منه سبحانه لا شريك له فليس للعبد حق على الله وليس للعبد حجة على الله بل لله الحجة البالغة على خلقه اجمعين فليس الامر راجعا الى معاوضة او مقابلة قام العبد بشيء فكان حقا على الله ان يهدي هذا العبد مقابلة ومعاوضة. كلا والله الامر محض فضل من الكريم سبحانه وتعالى. يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم الامر الثالث ان هداية الله جل وعلا وتفضله بهذه النعمة راجع الى علم الله وحكمته فهو سبحانه يعلم المحل اللائق بنعمته فتقتضي حكمته وضع هذه النعمة في محلها اللائق بها نعمة الله جل وعلا لا تتعارض مع علم الله وحكمته انما يعطي الله عز وجل هذه النعمة من علم انه اهل لها وانه يزكو بها والا فليس الامر راجعا الى محض مشيئة الله سبحانه وتعالى يخطئ خطأ كبيرا من يظن هذا الامر انما الله جل وعلا يعلم من هو المناسب واللائق بهذه النعمة فيعطيه اياها وهذا هو حقيقة الحكمة تأمل معي قول الله جل وعلا وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا ماذا رد الله عليهم اليس الله باعلم بالشاكرين اذا الله سبحانه يعلم من يناسب ان يوضع فيه هذه النعمة فيضع النعمة حيث تقتضي حكمته سبحانه وتعالى هذه الامور الثلاثة جمعها موضع في كتاب الله تأمل قول الله جل وعلا ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم هو سبحانه لا غيره الامر منه وحده لا شريك له ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون هذا هو الضابط الاول الهداية من الله راجعة الى مشيئته ثانيا قال سبحانه فضلا من الله ونعمة الامر محض تفضل وانعام من الله جل وعلا. فضلا من الله ونعمة ثم قال والله عليم حكيم هذا هذه المشيئة كانت مقترنة بعلم الله وحكمته فالله جل وعلا انما هدى عن علم سبحانه وتعالى وهذا هو ما تقتضيه الحكمة والله عليم حكيم الضابط الرابع ان اهل السنة يعتقدون ان تفضل الله عز وجل بالهداية له وجهان الوجه الاول انه يبتدأ بالهداية من شاء وهذا ما يمكن ان نسميه الهداية الابتدائية يعني ان لله سبحانه لطيفة يبتدأ بها من يشاء ويوقعها في قلب من احب فتعود عليه بالهداية اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس اذا الله عز وجل يبتدأ بالهداية من يشاء يكون الانسان كافرا واذا بقلبه يهتدي الى الحق او يكون مبتدعا فيهتدي الى السنة او يكون فاسقا فيهدى الى الطاعة النوع الثاني او الوجه الثاني وهي او وهو الهداية اللاحقة يعني ان من فتح الله عز وجل على قلبه وقذف في قلبه النور والبصيرة عمل الخير واقبل على الهدى فان الله عز وجل يجازيه على ذلك بان يهديه الى حسنة اخرى اي لا عمل الثانية هداه الى حسنة ثالثة وهكذا اذا هو الذي انعم ابتداء ثم جازى بعد ذلك بنعم متتالية لان ربك شكور سبحانه وتعالى تأمل في قوله تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى كانت النتيجة فسنيسره لليسرى اذا هذه الامور الاربعة تنتظم معتقد اهل السنة والجماعة في موضوع الهداية وعودا على بدء هذه الهداية يا رعاك الله انما هي حق لله عز وجل لا يجوز ان يعتقد البتة ان ان غير الله عز وجل يملكها او يمنحها او يعطيها من يشاء الامر راجع الى مشيئة الله جل وعلا وحده لا شريك له فمن اعتقد ان غير الله يهدي فانه قد وقع في هوة سحيقة من الشرك وهذا الذي وقع فيه من وقع من عباد القبور من الغلاة في الاولياء والانبياء والصالحين فانهم اعتقدوا فيهم انهم يكشفون الكروب ويهدون القلوب ويغفرون الذنوب ولذلك كتبهم ما اسموه آآ المصنفات في الكرامات التي يزعمونها لاوليائهم طافحة بهذا المعتقد مع الاسف الشديد حتى انك تجد احدهم يذكر عن نفسه انه يمكث المدد الطويلة وهو خائف وجل حريص على قلبه يخشى ان تكون منه واردة او شاردة هنا وهناك فيطلع على قلبه سيده ووليه وشيخه فيسلبه الايمان حتى انهم يذكرون اشياء من المضحكات بل والمبكيات ايضا قرأت في بعض كتبهم ان احد هؤلاء سافر لم يكن في البلدة التي فيها شيخه وسيده سافر ثم انه بدأ يفكر في بعض الامور السيئة يقول فما راعني الا وفرضة نعلة شيخي تطير في الهواء حتى اصابتني نعلة شيخه جاءته عبر الاثير حتى وصلت اليه وضربته حتى يعود الى رشده يقول فتبت ورجعت عما كنت افكر فيه من هواجس قلبي نعم هكذا يعتقدون ان للاولياء قدرة على الاطلاع على ما في القلوب شيخه وسيده هو الرقيب وهو المحيط وهو العليم بكل شيء ولذلك يخاف ويصيبه الوجل الشديد بسبب ذلك ناهيك عما يعتقدون من ان الهداية بيد الشيخ يعطيها من يشاء ويسلبها ممن يشاء فرجائهم وخوفهم في شأن الهداية متعلق بهذا الشيخ وهذا الولي وهذا السيد حتى انهم قد يلبسونه الخرقة هذا الثوب المقطع البالي يلبسه اياه اتدري لم لاجل ان هذا الثوب اذا لبسه فانه تستقر فيه الهداية وتسكن اما اذا نزع فانه ينزع منه الايمان لذلك هو حريص على ان يلبس خرقة الشيخ تجد انه يعتقد ان شيخه هو الذي لو نظر اليه نظرة اكرام واسعاد فانه يسعد بل بعضهم يعتقد انه هو لو نظر الى الشيخ اهتدى وكانت له السعادة التامة ذكر آآ بعض من كتب في كراماتهم ان احد هؤلاء السادة والاقطاب كان اذا نظر الى شيء اهتدى مباشرة بدون تردد حتى انه مرة خرج من خلوته فصادف ان مر امام نظره كلب فنظر اليه وما كان الا ان اهتدى الكلب وصار اماما واصبحت الكلاب تتبعه والله هذا كلام مكتوب واصبحت الكلاب تتبعه بل اصبح الناس يأتون اليه لتقضى حوائجهم منه حتى انهم ذكروا انه لما مات بكت الكلاب وصاحت وناحت حتى يقول هكذا الهم الله بعظهم فدفنه في قبر فاصبحت الكلاب تأتي الى هذا القبر وتعكف عنده تعجب والله من لا اقول من عقول تكتب مثل هذا الكلام لكن من عقول تعتقد صحة هذا الكلام مع الاسف الشديد ومن يضلل الله فما له من هد هذا عياذا بالله يا اخواني من خذلان الله سبحانه وتعالى لهؤلاء ليس الله عز وجل بظلام للعبيد بل هو العدل الذي لا يظلم تبارك وتعالى لكنهم اتوا من انفسهم يستحب العمى على الهدى واما ثمود فهديناهم فبين لهم الحق وقامت عليهم الحجة اتاهم الله العقول والاسماع والابصار انزل الله عز وجل عليهم الكتاب ارسل اليهم الرسول لكن ما الذي حصل؟ استحبوا العمى على الهدى واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى هؤلاء كذلك اما الذي يوفقه الله عز وجل الى ان يسلك الصراط المستقيم بان يقطع العلائق بالخلائق ويعلق قلبه بالخالق الرازق انه حينئذ يهتدي الى الحق اذا استمسك بحبل الايمان والتوحيد والاتباع الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم يهتدي. يجعل الله له فرقانا القوم اتوا من جهة انه لم يكن عندهم فرقان والله جل وعلا يقول ان تتقوا الله ماذا يجعل لكم فرقانا هذا الفرقان هو الذي يكون به ان تفرق بين الحق والباطل ترى الصواب فتلتزمه وترى الباطل فتجتنبه ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. هؤلاء ما فرقوا ولا فرقوا بين حق الله وحق المخلوق وبينما اختص الله به وبين ما يكون له وللمخلوق جعلوا الامرين سواء الرب رب والرسول فعبده حقا وليس لنا اله ثاني لله حق لا يكون لغيره ولعبده حق هما حقان لا تجعلوا الحقين حقا واحدا من غير تمييز ولا افرقاني؟ هنا الاشكال وهنا مكمن الخطأ والخلل انهم ما كان عندهم فرقان يميزون به بين ما اختص الله عز وجل به وبينما اختص به المخلوق وان هناك شيئا يشترك فيه الخالق والمخلوق كهداية الارشاد وهداية البيان اذا يا ايها الموحد احمد الله وسله مزيدا من التوفيق وسله ان يهديك الى الحق وان يثبتك فوالله انه لا من اعظم النعم ان يهديك الله الى الحق وان يجعل لك فرقانا ولذلك كان من انفع الادعية بل من اوجب الادعية عليك ان تقول اهدنا الصراط المستقيم هذه الكلمات العظيمات وهذا الدعاء القيم الذي يقوله المسلم اقل شيء سبع عشرة مرة في اليوم والليلة عليه ان يحسن تأمله وتدبره وان يحضر قلبه عندما يتلفظ به. اهدنا الصراط المستقيم هذه الدعوة تتناول الهداية هداية الدلالة وهداية التوفيق ايضا تجأر وتلجأ وترفع حاجتك الى الله صادقا من قلبك ان يوفقك الى العلم بالحق والتزامه ايضا لابد من الامرين والا فعلمك بالحق فقط دون ان تعمل به لا ينفعك بل هو حجة عليك فانت بحاجة الى الهداية دائما وابدا وفي كل وقت حاجتك الى الهداية مثل حاجتك الى النفس كما انك بحاجة الى النفس والهواء في كل لحظة انت بحاجة الى هداية من الله عز وجل في كل لحظة. اهدنا الصراط المستقيم. انت بحاجة الى ان تهدى الى الصراط المستقيم وبحاجة الى ان تهدى في الصراط المستقيم بحاجة الى ان تهتدي الى الاسلام ثم بحاجة الى ان تهتدي الى تفاصيل الاسلام والعمل بهذه التفاصيل ولذا كل خطوة في حياتك انت بحاجة فيها الى هداية خاصة ان تصلي الفريضة انت بحاجة الى ان يهديك الله عز وجل الى ذلك؟ وكم من الناس ما شاء الله لهم هذه الهداية اختصك الله عز وجل بها ثم صلاة السنة الراتبة بعدها هذه لا يمكن ان تقوم بها الا اذا كان من الله عز وجل هداية خاصة بها ارأيت كيف انك في كل حركة وسكنة؟ بحاجة الى هداية خاصة من الله سبحانه وتعالى بعض الناس يقول لم ونحن ولله الحمد مسلمون ومصلون ومهتدون ندعوا بهذا الدعاء اهدنا الصراط المستقيم ونكرر دائما هذه الدعوة ولذلك بعضهم يفسر ذلك بقوله ثبتنا واعلم يا رعاك الله ان التثبيت هو بعض المعنى لا كله والا فانت بحاجة الى ان تهتدي الى معرفة تفاصيل الحق وتفاصيل ما يكون في الصراط المستقيم لان للاسلام وللحق تفاصيله كثيرة وكثير من الناس يجهلها فانت بحاجة الى ان يهديك الله عز وجل الى العلم بها ثم انت بحاجة الى ان يهديك الله الى ارادة هذه التفاصيل والا فلو كان في قلبك كسل او اعراض فانك لن تلتزم بها ثم انت بحاجة الى الى اعانة من الله سبحانه وتعالى على القيام بها ثم انت بحاجة بعد ذلك الى هداية من الله لاجل ان تثبت على هذا الخير ثم انت بحاجة الى هداية من الله ان لا يضيع هذا الخير الذي فعلته بان يحبط بسبب سيئات تأتي منك بعد فعلك هذا الخير ارأيت كم انت بحاجة الى هذا الدعاء العظيم. اهدنا الصراط المستقيم يقول الله جل وعلا مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو هو سيد ولد ادم وارفع الناس درجة عند الله واقربهم اليه جل وعلا اعلم الناس بالله واشدهم له خشية ومع ذلك لا يملك الهداية لاحد لا يملكها لاحد وهو حي فكيف يملكها وهو ميت واذا كان هو لا يملكها لاحد فلا شك ان غيره من باب اولى بل انتفى في حقه صلى الله عليه وسلم امران من اعتقد واستيقن بهما زال عنه كل تعلق بالمخلوقين الاول ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم مالكا للنفع والضر ومن ذلك الهداية انك لا تهدي من احببت وهذا ما بينه الله جل وعلا في ايات كثيرة قل اني لا املك لكم ضرا ولا رشد ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما اكثر الناس ولا وحرصت لو اجتهدت ودعوت وبلغت وهديت هداية الارشاد وما اكثر الناس ولا حرصت بمؤمنين اذا هو لا يملك صلى الله عليه وسلم هذه الهداية بل لا يملك لنفسه هو صلى الله عليه وسلم فضلا عن غيره قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء. ان انا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون. وظيفته صلى الله عليه وسلم وواجبه ان يكون داعية الى الله رسولا لله مبلغا عن الله لا ان يكون هاديا وملهما القلوب الامر الثاني انتفاء علمه صلى الله عليه وسلم بالغيب قال وهو اعلم بالمهتدين من يهتدي ومن لا يهتدي هذا من علم الغيب الذي اختص الله عز وجل به وليس للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك شيء ولذلك يخطئ خطأ كبيرا من يردد ويطرب فان من جودك الدنيا وبرتها ومن علومك علم اللوح والقلم اتق الله يا عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم جعل علم النبي صلى الله عليه وسلم بين الله عز وجل انه لا يملك شيئا حتى بعض افراد الغيب فضلا عن ان يكون محيطا بالعلم او بعلم الغيب كله. ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير. وما مسني السوء. اانت تؤمن بهذه الاية او لا تؤمن ان كنت تؤمن بها سقط قولك واعتقادك وان كنت لا تؤمن بها ولا تصدق بها فقد كفرت عياذا بالله اه اذا انتفى في حق النبي صلى الله عليه وسلم. القدرة على الهداية وانتفى في حقه علم الغيب ومن ذلك العلم بالمهتدين. ولذلك تأمل معي ما سيأتي ان شاء الله الكلام عنه النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يملك الهداية لكان اعطاها لعمه ابي طالب تدري من عمه ابو طالب عمه ابو طالب هو الذي احاطه ورباه منذ ان كان عمره ثمان سنوات والى بعض والى بعد مرور ثمان سنوات من البعثة او اكثر وهو يحوطه وينتصر له ويغضب له حتى انه كان يفديه بنفسه وماله وولده والله لن يصلوا اليك بجمعهم حتى اوسد في التراب دفينا عاد الناس كله لهم لاجل النبي صلى الله عليه وسلم ابتلي واصيب بما اصيب من المصائب والنكبات ودخل ومعه الشعب وجاع معه ايضا صلى الله عليه وسلم فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك الهداية لاعطاه اياها ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه في كل وقت في حياته باستمرار الى اخر لحظات حياته كما سيأتي معنا ان شاء الله وهو يدعوه ويكرر عليه ويتخذ الاساليب المتنوعة لذلك ومع ذلك ما استطاع ان يهديه فلما مات استغفر له فلم يغفر الله له بل نهاه الله عن ان يستغفر له اذا النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من شأن الهداية شيء والامر الثاني انه انتفى في حقه علم الغيب وهو اعلم بالمهتدين فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لتوقف عن هذا الاجتهاد بدعوة ابي طالب ان كان يعلم ما في اللوح المحفوظ ان كان يعلم انه سبق في تقدير الله ان ابا طالب لن يهتدي فما حاجته الى هذا البذل وهذا الاجتهاد العظيم انما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمل ويرجو ان يهديه الله اليس كذلك هذا دليل ايضا على انه ليس له من الامر شيء وبالتالي تنقطع العلائق من الخلائق وتتعلق بالواحد الخالق الرازق هذا شأن الموحدين هذا شأن الموفقين اسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم منهم وان يثبتنا على ذلك حتى نلقاه انه ولي ذلك والقادر عليه ونكمل الباب في درس غد ان شاء الله. والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين