بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد قال الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب غفر الله لنا وله لشيخنا وللمسلمين اجمعين في كتابه كتاب التوحيد باب ما جاء ان بعض هذه الامة يعبد الاوثان ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ما لنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه. وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاسأل الله العظيم رب العرش الكريم لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح. والاخلاص في القول والعمل. هذا الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله باب يدل على فقه من الشيخ رحمه الله عظيم. وذلك انه بعد ان اورد تلك الابواب التي دلت على انواع من نواقض التوحيد وقوادحه اراد ان يرد على شبهة يثيرها عباد القبور داعية التوحيد ينبغي ان يعتني بازالة الشبه التي تحول دون وصول نور التوحيد فان الانسان قد يتعجب حينما يرى كيف كانت ادلة التوحيد ما يبين الشرك ويحذر منه كيف انها وكثيرة وواضحة في القرآن والسنة ومع ذلك لا ينتفع كثير من الناس هؤلاء تجدهم من قراء القرآن بل ربما من حفاظه ومن الذين ربما يقرأون في كتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما بالهم لا ينتفعون ولا يتعظون. والسبب في ذلك هو انه قد حالت الشبه بينهم وبين الانتفاع بما يقرؤون. هذه الشبه حاجز وحائل بينهم وبين الحق. ولذلك يقفون على مشارف الحق ولكنه لا يصل اليهم. لان هذه الشبه تحول بينهم وبين هذا الحق ولذا اذا كسرت هذه الحواجز وهذه الحوائل وصلهم الحق. وانتفعوا بانوار الوحي. التي بينت التوحيد وجلت ضده. اذا لابد من بيان شو به التي يتشبث بها الضالون ويلبس بها الملبسون لابد من كشفها حتى ينتفع الناس بالحق. تجدهم يقرأون ايات واحاديث كثيرة تحذر من الشرك لكنهم لبس عليهم فظنوا ان هذه النصوص لا تتناول الواقع الذي هم يقعون فيه. فاذا ازيلت عنهم غياهب هذه الشبه تبصروا وانتفعوا زالت عنهم الغشاوة هذه شبهة بين ايدينا اراد المؤلف رحمه الله ان يكشف زيفها وهي ان من عباد القبور ومن مزيني الشرك للامة من يقول ان الشرك لا يقع في هذه الامة وبالتالي فان كل ما يقع من الضالين من عبادة الاموات بالدعاء والذبح والنذر والطواف وما الى ذلك هذا كله ليس شركا وليس كفرا لان هذه الامة لا يمكن ان يقع من افرادها الكفر والشرك. فانظر كيف كانت هذه شبهة تحول بين فئام من الناس وبين الوصول الى الحق اراد الشيخ رحمه الله ان ينبه على هذا وان يكسر هذا الحاجز الذي يحول بين الناس وبين الانتفاع بما يذكر من الايات والاحاديث. باب ما جاء ان بعض هذه امة يعبد الاوثان. الاوثان مر بنا تعريفها. وقلنا ان هو كل ما يعبد من دون الله انما تعبدون من دون الله اوثانا وهذه الاوثان تتنوع. قد تكون اصناما وقد تكون احجارا. وقد تكون اشجارا وقد تكون قبورا وقد تكون صلبانا. فالنبي صلى الله عليه وسلم امر عديا رضي الله عنه ان يلقي عنه الصليب الذي كان يعلقه وسماه وثنا. اذا بعض هذه الامة سيعبد الاوثان و الناس في هذا الموضوع طرفان ووسط. طرف يقول ان الامة كلها عبدت الاوثان. وارتدت وكفرت بالله الا نزرا يسيرا هم من يتبنى هذا القول فقط. وهؤلاء الخوارج الذين كفروا هذه الامة قاطبة او كفروا هذه الامة اكثرها. وربما سلوا السيف على امة محمد صلى الله عليه وسلم. ولم تزل الامة من قديم والى اليوم تتجرع الغصص وتذوق الحنظل بسبب هذه الفئة الضالة التي جلبت الشرور العظيمة على هذه الامة. هؤلاء طرف. وطرف اخر يقول ان الشرك والكفر والردة لا تقع في هذه الامة البتة. فمهما وقع فانه ليس شركا. وهؤلاء القبوريون. وهم الذين اعتنى المؤلف رحمه الله بالرد عليه والوسط هم اهل الحق هم اهل التوحيد والسنة. الذين يقولون ان الشرك ممكن الوقوع من الناس وان بعض هذه الامة قد وقع في ذلك وهذا ما دل عليه الدليل الشرعي والدليل الحسي الواقعي كما سيأتي الكلام عن ذلك ان شاء الله عباد القبور يقولون ان الشرك لا يقع في هذه الامة وتشبثوا في هذا من ابرز تلك الشبه حديث خرجه الامام مسلم رحمه الله في صحيحه وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الشيطان ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب. ولكن بالتحريش بينهم ان الشيطان ايسر. ايس يعني يأس. ان يعبده المصلون في جزيرة العرب. وجاء عند الترمذي بحذف كلمة جزيرة العرب. ان الشيطان ايس ان يعبده المصلون هكذا قال هؤلاء هذا حديث صحيح وصريح في ان الشرك لا يقع من هذه الامة. وبالتالي هذه الامور التي تنكرونها هذه ليست شركا لان هؤلاء الذين تقع منهم هذه الامور يشهدون ان لا اله الا الله ويتبعون النبي صلى الله عليه وسلم. وبالتالي فلا يمكن ان يقع منهم الشرك مهما فعلوا. متى ما دخل الانسان في الاسلام فانه لا تخرج منه البتة. هكذا يقولون. والجواب عن هذه الشبهة من وجوه كثيرة منها اولا ان الحديث ليس فيه الا ان الشيطان قد ايس. وهل الشيطان مع اصوم ليس بمعصوم. وبالتالي فانه ايس ولم يكن هذا الذي يأس منه امرا صحيحا. انما وقع في نفسه لما رأى الخير ينتشر والفتوحات الاسلامية ودخول الناس في دين الله افواجا وقع في نفسه اليأس. من ان يعبده المصلون ولا يلزم من هذا ان يكون الذي يأس منه امرا صحيحا في الواقع. بل لو يأس الصالحون وليس الشيطان فلا يلزم ان يكون الشيء الذي يأس منه صحيحا ولذلك اخبر الله عز وجل عن الرسل انهم ماذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا ماذا قال الله؟ جاءهم نصرنا فلا يلزم من وقوع اليأس من الشيطان ان يكون هذا الذي يأس منه امرا ممتنعا فهو لا يعلم الغيب وليس بمعصوم الجواب الثاني ان يقال ان في قوله المصلون للاستغراق فتفيد العموم وهذا يقتضي ان المسلمين المصلين جميعا لا يمكن ان في الشرك وهذا صحيح فالله جل وعلا قد حفظ هذه الامة من ان ترتد عن بكرة ابيها هذا لا يقع ولن ان شاء الله الجواب الثالث ان يقال ان الها هنا عهدية فالمقصود ان الشيطان ايس ان يعبده المصلون حقا الذين قاموا بعبادة الله عز وجل ومنها الصلاة على وجهها الصحيح والصلاة كما اخبر الله اذا اقيمت على وجهها الصحيح تنهى عن الفحشاء والمنكر. واي منكر اعظم من الشرك ورأس اولئك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء الذين استمسكوا بالعلم والعمل على الوجه الصحيح فان الله جل وعلا يوفقهم بان يثبتهم على التوحيد والسنة؟ الجواب الرابع ان هذا الذي ذكره من ان الشرك لا يقع في هذه الامة امر باطل بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا ان تتناقض وسيمر معنا ان شاء الله في هذا الباب ما اخبر به او بعض ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من ان بعض هذه الامة ستشرك بالله. وانها ستعبد الاوثان. وانها ستلحق بالمشركين احاديث صحيحة ثابتة في الصحيحين. وبالتالي لابد من الجمع بين النصوص. القول بان الامة فجميعا لا يمكن ان يقع من كل فرد منها الشرك بالله هذا امر لا يمكن ان يكون مدلول هذا الحديث والا قضت احاديث النبي صلى الله عليه وسلم. ثم يقال خامسا كيف يقال ان الشرك لا يقع من هذه الامة او على الاقل لا يقع في جزيرة العرب وقد خرج المتنبئون الكذابون كمسيلمة والاسود وغيرهما في وسط العرب فهل يقولون ان هؤلاء ومن اتبعوهم ممن كانوا مسلمين انهم ما كفروا ولا ولا ارتدوا ثم يقال سادسا ماذا يقولون عن الذين كانوا مسلمين؟ ثم ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. وقاتلهم ابو بكر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة ماذا يقولون في هذه القبائل العربية التي كانت في جزيرة العرب وارتدت والاخبار فيهم تطفح بها كتب الحديث من الصحاح والسنن والمسانيد وكتب التاريخ وغيرها ا فينكرون هذا كله؟ فيقولون ان من دخل في الاسلام لا يمكن ان يخرج منه البتة مهما فعل ثم يقال سابعا ماذا هم قائلون؟ في اولئك الزنادقة الذين خرجوا في عهد اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما بعد ذلك العهد كالذين خرجوا في وقت علي رضي الله عنه فالهوه. فحرقهم رضي الله عنه بالنار وخبرهم في البخاري وغيره اولئك يقولون فيهم انهم لم يرتدوا عن الاسلام بذلك. واولئك القرامطة الذين كانوا في وسط الجزيرة او كانوا عفوا في الجزيرة في شرقها في البحرين كانت مملكتهم هناك وبلغ من فجورهم وكفرهم والحادهم ان غزوا بيت الله الحرام و اسالوا الدماء عند الكعبة بل وقلعوا الحجر الاسود واخذوه معهم. افيقال في هؤلاء الملاحدة انهم لم يرتدوا لانهم كانوا في جزيرة العرب ثم يقال ثامنا عجيب شأن هؤلاء في كونهم يزعمون انهم يتبعون المذاهب الفقهية بل ويتعصبون لها فماذا هم قائلون فيما حشيت به كتب الفقه من باب حكم المرتد كل كتب الفقه في جميع المذاهب الفقهية المعروفة قد دون فيها هذا الباب باب حد المرتد باب حكم المرتد باب الردة عافاني الله واياكم والمرتد هو الذي كان مسلما فنقع فوقع في ناقظ من نواقظ الاسلام. اكانوا يبوظون هذه الابواب عبثا ثم يقال تاسعا عجيب امر هؤلاء قالوا ان الشرك لا يمكن ان يقع ولا يمكن ان يرتد احد من هذه الامة ولا سيما ما كان في او من كان في جزيرة العرب ثم نجدهم او نجد منهم من كفر اهل التوحيد. وكفر علماء التوحيد لما قاموا بالدعوة الى التوحيد وبينوا الشرك وحذروا منه واذا بفئام من هؤلاء كفروا علماء التوحيد وكفروا اهل التوحيد والفوا المؤلفات في ذلك فاين هو قولكم حينما قلتم ان الشرك لا يقع في من ينتسب في هذه الامة اذا هذه الاجوبة وغيرها كثير كافية في بيان خطأ هذا الاستدلال وضلال هذا القول بل الشرك والكفر منقن الوقوع ولذلك خافه الصالحون على انفسهم. ابراهيم عليه السلام وهو امام الموحدين. وافضل البشر بعد نبينا صلى الله عليه وسلم ومع ذلك خاف على نفسه من الوقوع في الشرك فقال واجنبني وبني ان نعبد الاصنام فمن يأمن البلاء بعد ابراهيم؟ لكن حاشى وكلا ان يقال ان هذا واقع من جميع الامة انما يقع هذا من اناس ما رفعوا رأسا باتباع الكتاب والسنة واتبعوا اهواءهم فضلوا عن الحق ووقعوا في ما دل الكتاب والسنة على انه كفر بالله عز وجل. فهؤلاء قوم ارادوا الظلال فمكنهم الله عز وجل منه وقد بين لهم واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى اذا الامر الحق الذي لا شك فيه ان الكفر والشرك امر ممكن الوقوع وان من وقع فيه فانه قد اوقع نفسه في الظلال ورمى نفسه في حفرة من السعير والعياذ بالله الا ان يتداركه الله برحمته فيتوب ويتوب وليس ان التكفير والحكم بالشرك ان هذا حمى مباحا لكل احد انما ما دل الدليل على انه كفر بالله هو الذي يقال فيه ذلك الكفر حق الله ثم رسوله بالنص يثبت لا بقول فلان. من كان رب العالمين وعبده قد كفراه فذاك ذو كفران اذا باب ما جاء ان بعض هذه الامة يعبد الاوثان هذه الامة هي امة الاجابة وليس المقصود امة الدعوة فان امة الدعوة هذه التي تشمل كل من تناوله او من تناولتهم بعثة او دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ليس هؤلاء هم المقصودين لان ذلك معلوم بالضرورة ان من لم يكن مستجيبا للنبي صلى الله عليه وسلم من امته الدعوة فانه من عبدة الاوثان. فذكر هؤلاء او ارادة هؤلاء من تحصيل الحاصل. انما مراد ان من امتي الاجابة الذين شهدوا بان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من سيقع في الشرك وسيعبد الاوثان كما اخبر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الباب يورث المتأمل فيه الخوف والوجل. والحذر والحرص حتى لا يكون من هؤلاء فان المقام خطير والخسارة في هذا الشأن خسارة عظيمة خسارة لا يمكن ان تستدرك والمعافى من عافاه الله والموفق من وفقه الله نعم قال رحمه الله تعالى وقوله تعالى الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت هذه الاية الاولى التي اوردها المؤلف رحمه الله في هذا الباب ووجه ايرادها فيه ان الله جل وعلا اخبرنا ان اليهود الذين كفروا بالله عز وجل عبدوا الجبت والطاغوت واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الامة ستتبع سنن من كان قبلها وهم اليهود والنصارى كما سيأتي معنا ان شاء الله اذا اذا كان من اليهود من عبد الاوثان ومن هذه الامة من سيتبع سنن اليهود والنصارى. اذا سيكون في هذه الامة من يعبد الاوثان وهذا استدلال صحيح وايراد المؤلف رحمه الله هذه الاية يدل على فقه كان عليه رحمه الله. قال سبحانه الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب ما وصف هؤلاء الذين اوتوا نصيبا من الكتاب اخبر الله عز وجل عنهم انهم يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا هذه الاية ثبت في مسند احمد باسناد صحيح انها نزلت في كعب ابن الاشرف اليهودي الذي قال له كفار قريش من على الهدى نحن ام محمد؟ صلى الله عليه وسلم؟ فقال انتم خير من محمد صلى الله الله عليه وسلم. فانزل الله عز وجل ان شانئك هو الابتر. وانزل الله عز وجل الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب وجاء عند ابن ابي حاتم انها نزلت في كعب انها نزلت في كعب وايضا في حيي ابن اخطب وان كليهما اجابا بان النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ان هؤلاء الكفار من مشركي العرب انهم خير من النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فبين الله عز وجل بطلان هذا القول الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب؟ انظر الى الاسلوب الذي يدل على ان حال هؤلاء حال عجيبة مع كونهم اوتوا نصيبا من الكتاب. عندهم علم لكنهم ما انتفعوا به. وهذا يفيدك على ان العلم وحده ليس كافيا في حصول الهداية ما لم يكن توفيق من الله جل وعلا ولذا من اتاه الله حظا من العلم من طلبة العلم عليهم الا يغتروا عليهم ان يلجأوا الى الله عز وجل بصدق ان يثبتهم وان يوفقهم وان يبصرهم بالحق ويعينهم على التزامه والا فمجرد العلم او الذكاء ليس بكاف هتف الذكاء وقال لست بنافع الا بتوفيق من الوهاب الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب عجيب امرهم حينما جاءهم العلم وهم اليهود عندهم علم لكن ما عملوا به ولا انتفعوا به يؤمنون بالجبت والطاغوت اكثر كلام المفسرين يدور على ان الجبت هو الساحر او الصنم او الكاهن الناظر في كلام السلف رحمهم الله في تفسير هذه الكلمة وغيرها يلحظ المسلك الذي يسلكه كثير من السلف وهو انهم يفسرون الكلمة بمثال لها لا انهم يظعون حدا جامعا مانعا كل ما يعبد من هذه المعبودات آآ يصرف له حق الله جل وعلا وينسب له ما يختص به ربنا سبحانه فانه داخل في كلمة الجبت وان كان الاصل في هذه الكلمة انها تطلق على ما لا خير فيه الاصل في هذه الكلمة ان تطلق على ما لا خير فيه قال يؤمنون بالجبت والطاغوت الطاغوت اه اكثر السلف فسروا هذه الكلمة بانها الشيطان وجاء هذا عن عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري اه تعليقا ووصله غيره وقال الحافظ رحمه الله باسناد قوي قال رحمه الله قال رضي الله عنه الجبت السحر. والطاغوت الشيطان قال الامام مالك رحمه الله الطاغوت كل ما عبد من دون الله ومراده رحمه الله دون شك انه كل ما عبد من دون الله وهو راض وذلك ان كل من عبد غير الله فانه يقال في حقه انه اتخذ طاغوتا انه اتخذ طاغوتا. واما من جهة المعبود فلا يقال فيه انه طاغوت الا اذا كان آآ راضيا بذلك اما اذا لم يكن راضيا فانه لا يقال في المعبود انه طاغوت. والا فعيسى عليه السلام والصالحون قد عبدوا من دون الله جل وعلا ولا يقال في حقهم انهم طواغيت باتفاق اهل العلم. اذا هؤلاء يؤمنون بالجبت والطاغوت. ولعل ادق تعريف للطاغوت تعريف الامام ابن القيم رحمه الله انه كل ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع. وذلك لان اصل المادة في الطاغوت يرجع الى الطغيان وهو مجاوزة الحد. انا لما طغى الماء فالذي يتجاوز به العبد حده هذا هو الطاغوت. سواء كان معبودا وهذا يشمل كل من عبد من دون الله جل وعلا وهو راض او ترشح للعبادة. لو دعا الناس الى عبادة نفسه ولم يستجب له احد فانه طاغوت ايضا وكذلك قلنا هو الذي تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع. كالعلماء ونحوهم او مطاع كالامراء ونحوهم. فهؤلاء ان احلوا ما حرم الله او حرموا ما احل الله فاطيعوا على ذلك فانهم يكونون طواغيت الشاهد ان هؤلاء يؤمنون بالجبت والطاغوت وايضا يقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا هؤلاء لانهم اشتركوا مع المشركين في الكفر بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم صار المشركون احب اليهم واقرب اليهم واهدى في نظرهم من النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. مع ان هؤلاء يعلمون انه على الحق يعرفونه صلى الله عليه وسلم كما يعرفون ابناءهم. لكن الغشاوة غشاوة الهوى حالت بينهم وبين الاعتراف بذلك نسأل الله السلامة والعافية فيقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا. قال الله سبحانه اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. وهذا شأن اليهود. باءوا بغضب الله وباءوا بلعنة الله والله المستعان. نعم قال رحمه الله تعالى وقوله تعالى قل هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله ان لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت هذه الاية الثانية التي استدل بها المؤلف رحمه الله وهي ايضا في شأن اهل الكتاب الذين ذموا النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وقالوا هم شر الناس وقالوا ان دينهم هو شر الاديان قال سبحانه قل يا اهل الكتاب هل تنقمون منا؟ الا ان امنا بما انزل الينا وما انزل من قبل وان اكثركم فاسقون. قل هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله. من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت اذا انتم يا ايها الذين تزعمون اننا نحن شر الناس وان ديننا شر الاديان انتم اعظم شرا وضلالا هؤلاء هم المقصودون في هذه الاية. هؤلاء اليهود الذين ذموا النبي صلى الله عليه وسلم ونقموا منه ومن ان امنوا بالله وحده وامنوا بالرسل وامنوا بالكتب ان هؤلاء حينما وصفوهم بذلك الواقع يشهد انهم شر مكانا بكتهم الله عز وجل ووبخهم على قولهم عار عليكم كيف تقولون هذا وانتم منصفون هذه الصفات قل هل انبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله مثوبة يعني جزاء كلمة مثوبة اصل المادة فيها ثاب يثوب اذا رجع اذا رجع الى الشيء فانه يكون قد ثاب اليه. وهكذا الجزاء جزاء العمل يعود على عامله والغالب ان كلمة المثوبة ترد في شأن جزاء الحسنات. لكن قد ترد في جزاء السيئات ومن ذلك هذه الاية جزاهم الله عز وجل على افكهم وبغيهم وضلالهم بالاتي اولا انه لعنهم من لع مثوبة عند الله قل هل ننبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله نعم؟ لعنه الله العفو ما اسوأكم؟ لعنه الله. من لعنه الله اولا باءوا بلعنة الله سبحانه وتعالى والادلة في كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كثيرة في بوصفهم باللعنة وان الله جل وعلا قد لعنهم من لعنه الله وغضب عليه باءوا ايضا بغضب من الله سبحانه وتعالى وجعل منهم القردة والخنازير مسخ منهم من مسخ قردة وخنازير وهذا مسخ حقيقي قلبهم الله جل وعلا حقيقة الى قردة وخنازير. هؤلاء القوم المخصوصون الذين عاناهم الله عز وجل ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين جزاهم الله عز وجل على الاثم العظيم الذي وقعوا فيه وهو تحايلهم على محارم الله عز وجل جازاهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بان جعلهم قردة وخنازير وهؤلاء الذين قلبهم الله عز وجل الى ذلك ليسوا جميع اليهود انما طائفة منهم هم الذين وقع منهم مقتضى ذلك. هذا اولا وثانيا يخطئ بعض الناس حينما يظن ان القردة والخنازير انما يعني القردة والخنازير الذين هم موجودون في هذه الدنيا ان اولئك هم اليهود الذين قلبوا او سلالتهم وهذا غير صحيح. بين خطأه النبي صلى الله عليه وسلم يعني هذا الفهم. بين النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل ما مسخ قوما فجعل لهم ذرية والقرود والخنازير كانوا موجودين من قبل قبل هذا المسخ لكن هؤلاء اناس قلبهم الله عز وجل عقوبة على فعلهم وافكهم الى ذلك. روي عن ابن عباس رضي الله عنه هما انه قلب الشباب قردة وقلب الشيوخ خنازير فالشاهد ان هؤلاء قوم مسخهم الله عز وجل ثم انهم هلكوا وانقطعوا اما الوصف الرابع فهو الشاهد في ايراد المؤلف رحمه الله هذه الاية. قال وعبد الطاغوت هذه الاية قرأت بقراءات كثيرة انهاها ابو حيان في تفسيره البحري المحيط الى نحو من عشرين قراءة لكنها كلها شاذة الا قراءتان هما القراءات القراءة القراءة المتواترة قرائتان فقط قرأ الجمهور وعبد الطاغوت فعل وفاعل. فعل ومفعول والفاعل محذوف يعني هم. هم الذين عبدوا الطاغوت وقرأ حمزة الكوفي احد القراء السبعة قرأ وعبد الطاغوت وعبد الطاغوت مضاف ومضاف اليه وعبد ضم الباء قيل ان هذه الكلمة جمع عابد وهو جمع سماعي قليل الذي يأتي على هذا الوزن وقيل ان عبد بمعنى عابد وبالتالي فيكون معنى عبد الطاغوت اما عباد الطاغوت او عابدوا الطاغوت او عابد الطاغوت اما ان تكون جمعا واما ان تكون كلمة مفردة وعلى هذا فتكون هذه الكلمة اه معطوفة على القردة والخنازير. واما على قراءة الجمهور وهي ان هذه الكلمة فعل فانها تكون معطوفة على الافعال التي قبلها من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد لكن الفرق ان الضمائر مختلفة فالضمير في الكلمات الثلاث او في الافعال الثلاث اه الافعال الثلاثة السابقة ترجع الى الله عز وجل. واما في هذا الفعل فانه راجع لهؤلاء اليهود الذين عبدوا الطاغوت وانما قال عبدا ولم يقل عبدوا لمراعاة لفظ من الذي ذكر قبل ذلك؟ الشاهد ان هذه الاية فيها ان من اهل الكتاب وهم اليهود من عبد الطاغوت واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان من هذه الامة من سيتبع اهل الكتاب اذا وقوع الشرك في هذه الامة ممكن. والله عز وجل اعلم. نعم قال رحمه الله تعالى وقوله تعالى قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا هذه الاية في سورة الكهف قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا فيها ان مما كان في الامم السابقة الذين اخبر النبي صلى الله عليه وسلم باتباعهم انهم اتخذوا قبور الصالحين مساجد والغالب على هؤلاء او الغالب ان هؤلاء من النصارى كما يذكره كثير من المفسرين واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه الامة سيكون فيها من يتبع سنن من كان قبلنا فهذا وجه ايراد المؤلف رحمه الله وهذه الاية و هذه الاية يحسن الوقوف عندها من جهة ان من الناس من يزعم انها دليل على جواز اتخاذ القبور مساجد فيقولون كيف تنكرون؟ كيف تنكرون على الذين يتخذون القبور مساجد اما بان يبنوا مسجدا على قبر او يدفن ميتا في مسجد كيف تنكرون على ذلك؟ وقد دل القرآن على جواز ذلك الم تسمعوا الى قول الله عز وجل؟ قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا ولا شك ان هذا الاستدلال من اضعف الاستدلالات واوهنها يا لله العجب كيف تقابل الاحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ القبور مساجد بمثل هذا الاستدلال الفاسد الكاسد والجواب عن هذا الايراد او عن هذه الشبهة اولا ان هذه الاية ليس فيها الا ذكر عزم طائفة من الناس جاء وصفهم بانهم الذين غلبوا على الامر يعني ان كانوا اهل النفوذ والسلطة انهم سيتخذون على آآ قبور هؤلاء الفتية الصالحين مسجدا ولا شيء اكثر من ذلك ليس في الاية ما يدل على مدح هؤلاء وعلى ولا على الحث على ان نفعل مثل ما فعلوا انما فيها ان هؤلاء ارادوا وعزموا على ان يتخذوا على قبورهم مسجدا وذلك انهم رأوهم اناسا صالحين وفتنوا بهم وبصلاحهم فارادوا ان يتخذوا على قبورهم مسجدا ومن اهل التفسير من قال ان هؤلاء كانوا قوما مشركين ومن اهل التفسير من قال انهم لم يكونوا من المشركين. بل كانوا قوما مؤمنين وعلى كلا القولين فانه لا وجه للاستدلال. اما كونهم كانوا كافرين فالاستدلال ساقط من اصله واما اذا كانوا قوما منتسبين الى دين سماوي كالنصارى مثلا فانه لا عصمة لاحد بعد الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام عزموا على هذا واخطأوا فيما قالوا فماذا كان؟ اكان فيه النبي يحتج بفعله ويحتج بعزمه لم يكن في ذلك فشيء من هذا البتة فدل هذا على ان هذا الاستدلال غير صحيح. على ان في الاية ما يشعر ان هذا الفعل ليس صوابا لان الله جل وعلا وصف هؤلاء بانهم الذين غلبوا على امرهم لم يقل قال اهل العلم لم يقل قال الصالحون انما قال الذين غلبوا على امرهم والحال والواقع ان الغالب على اهل النفوذ والسلطة ان يكونوا جهالا بل وان تغلبهم الاهواء وتقع منهم الاخطاء وبالتالي كيف يكون فعلهم او عزمهم حجة لا سيما وان في الاية ما يشعر انهم قالوا هذا القول على سبيل المراغمة للذين قالوا اه بسد لما ماتوا انهم يسدون عليهم الكهف وينتهي امرهم. فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم هنا قال هؤلاء قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا. كانه كان على سبيل عناد والمراغمة لاولئك الذين طلبوا انهم يدفنونهم في كهفهم ثم يبنون على كهفهم وينتهي امرهم وتنتهي الفتنة بهم. هذا كله جواب وجواب اخر. اتفق اهل العلم على ان خير ما فسر به كتاب الله عز وجل هو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الكتاب هذا محل اتفاق بين العلماء. فاذا كان في هذه الاية اجمال لا ندري ما التحقيق في شأن هؤلاء الذين غلبوا على امرهم؟ اكانوا صالحين؟ ام هم طالحون؟ اكان فعلهم صوابا ام غير صواب؟ دعونا نرجع في هذا البيان الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. بحثنا ووجدنا ان الشيخين في صحيحيهما اخرجا من حديث عائشة رضي الله عنها ومر بنا الحديث في اول حديث قبل ثلاثة ابواب باب ما جاء من التغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح. فكيف اذا عبده؟ مر بنا في هذا الحديث ان عائشة رضي الله عنها حدثت عن ام سلمة رضي الله عنها انها حدثت النبي صلى الله عليه وسلم عن كنيسة قراءتها بالحبشة. وفي رواية في ان الذي حدث النبي صلى الله عليه وسلم من؟ ام سلمة ام حبيبة رضي الله عنهما. حدثا عن كنيسة رأتها او رأتاها في الحبشة يقال لها ماريا وما فيها من التصاوير وما كانت عليها من الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم واسمع يا رعاك الله اولئك او اولئك كانوا اذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا. وصوروا فيه تلك التصاوير السؤال الان وازنوا بينما جاء في الاية وما جاء في الحديث اليس هذا هو هذا مات رجل صالح فبني على قبره مسجد. فالذي جاء في الحديث هو هو الذي جاء في الاية. طيب ماذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قال صلى الله عليه وسلم اولئك او اولئك شرار الخلق عند الله اذا هذا الفعل الذي جاء في الاية ما الحكم الذي دل عليه الحديث ها جاء انه صواب او خطأ جاء انه خطأ وجاء انه باطل. وبالتالي فكيف يستدل بعد ذلك بهذه الاية؟ والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين الامر وفصله. وان هؤلاء الذين يفعلون هذا الفعل وكانوا يفعلون هذا الفعل شرار الخلق عند الله فكيف اذا ضممنا الى هذا الاحاديث التي هي بالعشرات في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور او عن اتخاذها مسجدا افيقال بعد هذا؟ ان هذه اية دليل على جواز اتخاذ القبور مساجد حاشا وكلا والله تعالى اعلم ونكمل ان شاء الله ما بقي في هذا الباب في درس الليلة القابلة ان شاء الله والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان