بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب من هزل بشيء فيه ذكر الله او القرآن او الرسول ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان دين الله سبحانه مبناه على تعظيم الله جل وعلا واجلاله واكرامه فانه سبحانه ذو الجلال والاكرام المستحق لان يجله عباده لان يجله عباده ويكرموه ب عبادته وتوحيده والتأله له تبارك وتعالى وهذا من الامر المعلوم من الدين بالضرورة انه يجب تعظيم الله سبحانه وانه يجب اجلاله قال سبحانه ما لكم لا ترجون لله وقارا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وغيرهما من السلف اي عظمة يعني ما لكم لا تعظمون الله وقال سبحانه في سياق الانكار على المشركين ما قدروا الله حق قدره وما قدروا الله حق قدره فالله جل وعلا اهل ان يعظم وان يجل تبارك وتعالى باقصى ما يكون من الاجلال والتعظيم هذا من الامر المستقر حتى عند المشركين الذين عبدوا مع الله غيره وما وحدوا الله هم ما قدروه حق قدره لانهم جعلوا معه شركاء لكن هؤلاء المشركين كان عندهم من تعظيم الله واجلاله ما يمنعهم عن ان يقعوا في انتقاصه والاستخفاف به صراحة وهذا كثير منثور في كلامهم كما قال شاعرهم استأثر الله بالوفاء وبالحمد وولى الملامة الرجل وهكذا درج المسلمون على انهم يعظمون الله سبحانه وتعالى بل انهم يراعون الادب مع الله عز وجل في امور دقيقة قال عون ابن عبد الله رحمه الله ليعظم احدكم ربه ان يذكره في كل كلامه حتى يقول اخزى الله الكلب وفعل الله به كذا وكذا يرى رحمه الله ان من الادب الا يذكر هذا الاسم العظيم في هذا المقام المقام الذي يذكر فيه الكلب كذلك الامر في حق النبي صلى الله عليه وسلم واجب تعظيمه التعظيم الشرعي وواجب تعذيره عليه الصلاة والسلام قال سبحانه لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وقد اجمع المسلمون قاطبة على ان من خالف موجب التعظيم فنال مقام الالهية او الربوبية او مقام الرسالة بشيء من الانتقاص سواء اكان هذا سبا او استهزاء فانه كافر بالله العظيم سبحانه وتعالى هذا اجماع ضروري كل من سب الله او شتمه او سخر بالله او بشيء من اسمائه وصفاته او بشيء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم او بذاته او بشيء من احاديثه او بشيء من احكامه او بشيء من امور الاخرة او بملك من الملائكة او باحد من الرسل عليهم الصلاة والسلام بل حتى من سخر بالمؤمنين لاجل ايمانهم ان هذا كافر بالله جل وعلا فان كان مسلما فقد ارتد وكفره اضحى اعظم من الكفر الاصلي ومن كان كافرا اصليا فانه بهذا يزيد غلوا في الكفر وعتوا وتجبرا وينتقض عهده ان كان معاهدا للمسلمين هذا امر مجمع عليه بين المسلمين هذا الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله اراد به التنبيه والتذكير والتحذير في شأن مهم وعظيم يتعلق بناقض من نواقض الدين الا وهو ما يكون من العبد من قول او فعل يتضمن انتقاصا لحق الله جل وعلا وهذا الانتقاص يتفرع الى السخرية والاستهزاء او الى السب والشتم وهذا اخبث واشد نكارة ولاحظ يرعاك الله ان اهل العلم في هذا المقام يقرنون الكلام بين السب والشتم والسخرية والاستهزاء والعلة الجامعة بين هذا وهذا هو وجود الاستخفاف والانتقاص لجناب الربوبية او لجناب الرسالة او الشريعة اذا اجمع المسلمون على ان من سب الله او استهزأ به او برسوله عليه الصلاة والسلام او بشيء مما جاء به فان هذا كافر بالله سبحانه والمؤلف رحمه الله في رسالته المشهورة التي جمع فيها اشهر نواقض الدين. نص في الناقض السادس على ان من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم او ثوابه او عقابه كفر والدليل قوله تعالى ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون ثم ذكر في ختام هذه النواقض ان جميع هذه النواقض لا فرق فيها بين الهازل والجاد والخائف الا المكره اذا هذا مقام عظيم يجب على المسلم ان يتنبه له فسب الله جل وعلا او الاستهزاء به او برسوله صلى الله عليه وسلم او بدينه هذا ناقض من نواقض التوحيد وكفر غليظ نسأل الله السلامة والعافية والادلة على ذلك كثيرة فالمقام اوضح من ان يستدل عليه لكن تكثير الادلة وتكثير ايرادها مما يبين الامر ويزيد الانسان يقينا بشأن هذا الامر العظيم الادلة على ما ذكرت لك كثيرة منها اولا ادلة القرآن الكريم وادلة القرآن يمكن ان نجعلها في قسمين اولا ادلة صريحة على ان السخرية والاستهزاء والسب او اي شيء يشعر بالغض والاحتقار والانتقاص من جناب الربوبية والالهية او الرسالة او الشريعة ان هذا كفر بالله جل وعلا مستوجب الخلود في النار. ومن ذلك وهو اصلح ما في الباب ما اورد المؤلف رحمه الله بعد هذه الترجمة وهو قول الله سبحانه ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم فهذا نص صريح على ان الاستهزاء بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم كفر بالله جل وعلا وان من وقع في ذلك بعد ايمانه فقد صار مرتدا ومن ذلك ايضا وهو الدليل الثاني ما سبق هذه الاية في سورة التوبة باربع ايات وهو قول الله جل وعلا ومنهم الذين يؤذون الرسول ويقولون هو اذن واذن كلمة سخرية ينتقصون النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون انه يرخي سمعه لكل احد. ويستمع لكل احد هو اذن الاذن خير لكم. يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين. ورحمة للذين امنوا منكم. والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب اليم ثم قال بعد اية الم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله؟ فان له نار جهنم خالدا فيها ذلك والعظيم حكم الله جل وعلا على ان من اذى رسول الله صلى الله عليه وسلم او احتقره او انتقصه بان له النار خالدا فيها والعذاب الاليم والخزي العظيم واذا ثبت هذا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ان يثبت في حق ربنا جل وعلا من باب اولى ومن ذلك ايضا وهو الدليل الثالث قوله تعالى ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم ذهابا مهينا واي اذية اعظم من السخرية والاستهزاء او السب والشتم وقد نص شيخ الاسلام رحمه الله على ان القرآن ما جاء فيه ان العذاب المهين قد اعد الا للكافرين فدل هذا على ان من استهزأ بالله جل وعلا او برسوله صلى الله عليه وسلم فانه كافر بالله والدليل الرابع قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجعلوا له القول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون في هذه الاية امر الله سبحانه المؤمنين الا يرفعوا اصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم. اذا كانوا بحضرته واجب عليهم ان يغضوا اصواتهم. والا يخاطبوه المخاطبة المعتادة التي كونوا فيما بينهم بل واجب عليهم ان يراعوا في حقه مقام الادب والتوقير والا فان هذا مؤذن بان اعمالهم تحبط وتزول ومعلوم ان الحبوط العام الكلي لا يكون الا كفر بالله سبحانه وتعالى. فاذا كان مجرد رفع الصوت على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم. او مخاطبته الخطاب الاعتيادي ان هذا قد يوصل صاحبه الى الكفر بالله جل وعلا. فكيف بالسب الصريح والاستهزاء والانتقاص اليس اولى واجدر بهذا الحكم اما القسم الثاني من ادلة القرآن فهي الادلة التي دلت على ان الاستهزاء والسخرية بالرسل والمؤمنين لاجل ايمانهم انما هو شأن الكافرين. لا شأن المسلمين. فمن وافقهم في شيء من ذلك كان حكمه حكمهم من ذلك قول الله جل وعلا ان الذين اجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون واذا مروا بهم يتغامزون ومن ذلك قوله تعالى ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه. هؤلاء قوم نوح سخروا من نوح عليه السلام. ومن المؤمنين ومن ذلك قوله تعالى انه كان فريق من عبادي يقولون ربنا اننا امنا فاغفر لنا وارحمنا. وانت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى انسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ومن ذلك قوله تعالى ولقد استهزأ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون هذا الشأن انما هو شأن الكفار. وانما هو فعل الكفار. لا فعل المسلمين الدليل الثاني سنة النبي صلى الله عليه وسلم. والادلة في هذا عدة من ذلك ما خرج ابو داوود في سننه والنسائي في سننه باسناد قال فيه الحافظ في البلوغ رجاله ثقات من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان رجلا اعمى كان له ام ولد تخدمه وكانت به رفيقة كان له منها ولد لكنها كانت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم. وتشتمه وينهاها ولا تنتهي حتى ما اذا كانت ليلة شتمت النبي صلى الله عليه وسلم فما كان منه الا ان اخذ مغولا يعني كالسيف الصغير فوضعه في بطنها وضغط عليه حتى قتلها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فاخبره هذا الرجل بما كان منها فاهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمها هذه المرأة اما ان تكون مسلمة واما ان تكون كافرة اصلية يعني يهودية او نصرانية كانت مسلمة في السابق فانها بهذا تكون قد ارتدت فكان دمها مباحا واما ان تكون كافرة اصلية فيكون كفرها قد زاد وبلغ الغاية وانتقض عهدها بذلك وقل مثل هذا في الدليل الثاني وهو ما جاء عند ابي داوود ايضا باسناد جود جوده شيخ الاسلام في الصارم من حديث علي رضي الله عنه ان يهودية كانت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم فقام اليها رجل فخنقها حتى ماتت فاهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمها ومن تلك الادلة ايضا وهو الدليل الثالث ما ثبت في الصحيحين واظن انه قد مر بنا قريبا من ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لكعب بن الاشرف فانه قد اذى الله ورسوله هذا الرجل يهودي كان منه انواع من الكفر كان يهوديا قلب على المسلمين ذهب الى مكة فحسن دين المشركين وذم دين النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل هذا ما حث على قتله لكنه لما هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع فيه حث النبي صلى الله عليه وسلم على فانتدب لقتله محمد بن مسلمة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم فقتلوه فدل هذا على ان السخرية والنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم ما يكون من الكفر وبالتالي ينتقض عهد الكتابي به وقل مثل هذا في الحديث الرابع وهما اخرج الشيخان ايضا من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر فلما وضعه جاءه رجل فقال ان ابن خطل متعلق باستار الكعبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقتله. وفي رواية مسلم اقتلوه. فقتلوه وهو متعلق باستار الكعبة ابن خطل رجل كان مسلما فارتد وقتل خادما مسلما كان يخدمه وهجا النبي صلى الله عليه وسلم بل كان له قينتان تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ هنا ان علة قتله لم تكن الردة لان المرتد كما هو معلوم في الشريعة يستتاب. اليس كذلك هذا اولا. ثانيا كونه قتل الرجل المسلم هذا حكمه في الشريعة ان يسلم لاولياء القتيل وهم معروفون بنو خزاعة فان شاءوا ان يقتلوه وان شاءوا ان يأخذ منه الدية وان شاء ان يعفو. لكن النبي صلى الله عليه وسلم امر بقتله. مع انه كان عائدا بالحرم متعلقا باستار الكعبة ما رفع سلاحا على النبي صلى الله عليه وسلم. فدل هذا على ان قتله مع وجود هذا الحال التي كان عليها لانه قد وقع في كفر عظيم وهو انه كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم اما الدليل الثالث فاجماع المسلمين قاطبة وخذ ما شئت من كتب الفقه واقرأ فيها فانك تجد التنصيص على هذا في جميع كتب الفقه. اذا فتحت باب الردة وجدت التنصيص. على ان من الله او رسوله او استهزأ بالله او رسوله او بشيء من دينه او ثوابه او عقابه فانه يكون كافرا حلال الدم وان الواجب على ولي امر المسلمين ان يستتيبه فان تاب والا قتله اللهم الا في حق النبي صلى الله عليه وسلم فالذي ذهب اليه جماعة من المحققين كشيخ الاسلام ابن تيمية وغيره انه بلا استتابة وهذا قول له حظ من النظر كما بسط هذا رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم. لو تأملت في كتب الفقه لوجدت انهم ينصون على اشياء ربما يستسهلها بعض الناس في هذا الزمان هم يذكرون اشياء وفي بعض ما ذكروا ما فيه نظر وبحث لكن المقصود انهم كانوا يدققون كثيرا في هذا الامر العظيم. حتى انك تجدهم يقولون من قال فلان اقصر من انا اعطيناك الكوثر؟ قالوا كفر بالله لان كلامه فيه انتقاص لهذه السورة حتى وجدناهم يقولون من قال قصعة فريد خير من العلم يقولون كفر حتى وجدناهم يقولون من قال مسيد او مصيحف يقولون كفر لان هذا فيه شيء من التحقير لبيت الله او لكلام الله انظر الى هذه الدقة والى هذه الدرجة كانوا رحمهم الله يدققون في مثل هذه المسائل. وكما ذكرت لك هذا المقام لا يسلم بكل ما حكم فيه لكنه يدلك على ان المقام عظيم فكيف بهم لو رأوا ما يقال او يكتب او ينشر في هذا الزمان فان من الناس ممن اجرموا وهان عليهم دينهم خف عندهم تعظيم الله عز وجل او انعدم يقعون في امور فظيعة نسأل الله السلامة والعافية ربما تسمع او تقرأ عن من يسخر باللحية التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجد انه يقول عن صاحبها انه ذقن التيس او تجده يسخر بالحجاب الذي يأمر به شرع الله عز وجل فتجده يقول خيمة متحركة او تجد من يسخر لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحث على الصلاة فتجدهم يقولون شركة صلوا هذه امور عظيمة يا ايها الاخوة وحرك ترى انظر الى انواع من السخرية والاستهزاء بحدود الله جل وعلا او بما حرم الله جل وعلا او بما بين الله سبحانه في كتابه او في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم اذا المقام يا ايها الاخوة مقام عظيم. والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان الرجل ربما بالكلمة كلمة واحدة لا نلقي لها بالا يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان اكثر ما يورد الناس النار الفم والفرج اذا على المسلم الذي يريد نجاة نفسه ان يتصون وان يتنبه وان يمسك عليه لسانه فانه والله قد يورده الموارد اما الدليل الرابع فانه من النظر فان النظر الصحيح لكل من شدى طرفا من العلم بالشريعة يدرك انه لا يمكن البتة ان يجتمع تعظيم الله سبحانه والاستسلام له مع الاستهانة به او برسوله او بدينه صلى الله على نبينا وسلم. مستحيل لا يجتمعان ايمان بالله وتعظيم له تبارك وتعالى مع هذه السخرية والاستهزاء او الانتقاص واعظم من ذلك سب الله او رسوله صلى الله عليه وسلم اذا هذا مما لا يمكن للانسان ان يخالف فيه اذا انعم النظر في قواعد الشريعة واصولها لا سيما في باب الايمان وذلك ان الايمان مركب من اربعة اشياء من قول القلب وقول اللسان ومن عمل القلب ومن عمل الجوارح ولا شك ولا ريب ان هذا الانتقاص والاستخفاف من جناب الربوبية والالوهية او الرسالة او الشريعة مناف لعمل القلب قطعا لا يمكن ان يجتمع عمل القلب الذي يتضمن محبة الله وتعظيمه والخوف منه مع هذا الامر وربما ايضا وهو كثير او الغالب. الا يجتمع حتى مع قول القلب وهو تصديقه وايقانه ان كان يصدق بالله وبصفاته ونعوت جلاله. وبالنبي صلى الله عليه وسلم فان الغالب ان هذا التصديق يمنعه من الوقوع فيما يناقض ذلك نأتي الان الى تنبيهات مهمات تتعلق بهذا الموضوع اولا ان الضابط في السب او الاستهزاء هو العرف فما عد في العرف سبا او استهزاء فانه سب واستهزاء في هذا المقام وبالتالي يحب يكون الحكم في ذلك بمقتضى ما يحكم به العرف وهذا المقام لا شك ان الامر فيه متفاوت باختلاف الازمنة وباختلاف الامكنة فما عد في مكان استهزاء قد لا يعد في مكان اخر كذلك ما عد في زمان سبا قد لا يكون في وقت اخر تبا اذا لابد من مراعاة هذا الامر. وهذا المقام فيه تفاوت عظيم. ليست الكلمات او ما يرجع الى الاستهزاء والسخرية وما الى ذلك ليست درجة واحدة. فمنها ما هو استهزاء صريح او سب صريح وبالتالي فانه يحكم بمقتضى هذا ولا يقبل اي دعوة بخلاف ذلك. ما كان من سب او استهزاء صريح بمقتضى العرف العام المضطرب فان هذا مما لا يقبل فيه الدعوة بخلافه لو ادعى اني ما اردت ما قصدت لا يلتفت الى هذا وثمة عبارات وجمل وكلمات يتردد فيها النظر تحتمل ان تكون استهزاء تحتمل الا تكون كذلك ومثل هذا المرجح فيه النية والقصد فمتى ما كانت النية والقصد متجهة الى السخرية او الاستهزاء كان الحكم بمقتضى ذلك ومتى ما ادعى القائل بانه لا يقصد ذلك فانه لا يكون كذلك. اذا هذا المقام يحتاج الناظر فيه ان يتريث والا يعجل الامر الثاني ومن وهو من المهمات ايضا ان من الناس من يرجع الحكم في هذا الباب الى الاستحلال فيقول من سب الله مستحلا او استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم مستحلا فانه يكون بذلك كافرا اذا مناط الحكم عند هؤلاء وهؤلاء طائفة كبيرة من المتكلمين مناط الحكم عندهم ليس راجعا الى الاستهزاء والسخرية او السب وانما الى الاستحلال ولا شك ان هذا تأصيل باطل وقول مخالف لاجماع السلف الذي عليه اهل السنة والجماعة بل الذي عليه دلالات الكتاب والسنة ان السب او السخرية من حيث هي مكفر ناقض سبب للكفر بحد ذاتها بغض النظر عن حال القائل لا فرق عند اهل السنة بين ان يكون الساب او الساخر معتقدا للتحريم او مستحلا او ذاهلا عن اعتقاده وفي غفلة هل هو معتقد التحريم او الاستحلال هو لا في تلك اللحظة كان ذاهلا عن ذلك لا فرق عند اهل السنة والجماعة بمجرد خروج هذه الكلمة الاثمة من فمه يكون قد كفر الله سبحانه وتعالى. لان هذا هو الذي دل عليه القرآن صريحا. قال جل وعلا ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون. اذا الحكم تعلق بماذا استهزاء قال جل وعلا بعدها لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم لم يقل الله جل وعلا كفرتم لانكم استحللتم السخرية والاستهزاء بالله ورسوله وبالايمان. فظل هذا على ان الحكم معلق بماذا؟ بمجرد الاستهزاء كفرتم لانكم استهزأتم وليس لانكم وليس لانكم استحللتم وهذا القول عند النظر باطن قطعا لاننا لو طردنا قولهم هذا فاننا يصح حينئذ ان نقول ان من كذب او تاب فقد كفر والمراد انه ان استحل ذلك وهذا لا يقول به عالم. اجماع المسلمين على ان من استهزأ ماذا كفر يقولون من استهزأ كفر من سب كفر هؤلاء يؤولون هذه الجملة بماذا؟ بالاستحلال يلزمهم اذا ان قل من كذب او اغتاب او زنا كفر والمراد من استحل وهذا لا يقول به عالم؟ اذا المسلمون متفقون على التفريق بين الاستهزاء والسب وبين المعاصي اذا استثنينا الوعيدية المعاصي كالكذب والغيبة والسخرية هذا لها حكم اخر هذه لها حكم فلا نقول في آآ مثل هذا ان الحكم معلق بالسخرية والاستهزاء ان الحكم معلق باستحلال السخرية والاستهزاء. الاستحلال ناقض مستقل. بمعنى من اعتقد حل وجواز سب الله عز وجل فانه يكفر ولو لم ولو لم ينطق بحرف واحد في سب الله جل وعلا فالحكم اذا معلق بماذا معلق بالكلام من حيث هو بالسب من حيث هو بالاستهزاء من حيث هو. واما خلاف ذلك فلا شك ان هذا من اقوال اهل بدع هذه المسألة مخرجة عند هؤلاء على قولهم بالارجاء في باب الايمان. وذلك ان هؤلاء يحصرون الكفر في الجهل والتكذيب وسبب ذلك ان الايمان عندهم هو التصديق فحسب اذا اذا كان الايمان هو التصديق والكفر ضده كان الكفر ها الجهل والتكذيب وبالتالي فانك تجدهم يحيلون ويرجعون جميع نواقض الدين الى هذا الامر وهو ما يتعلق بالتكذيب ما تألقوا بالجهل ولا يجعلون الكفر كما دلت عليه ادلة الكتاب والسنة. راجعا الى الانواع الاربعة كما دل على هذا السلف وهو ان الكفر يكون بالقول ويكون بالفعل ويكون بالاعتقاد ويكون بالشك هكذا اجمع اهل السنة والجماعة ان الكفر يكون بالقول فمن سب او استهزأ بالله عز وجل فانه يكفر بمجرد قوله من دعا غير الله فانه يكفر بمجرد دعائه. ويكون بالفعل من قتل نبيا او لطمه او بال على مصحف او رماه مستخفا به وهو يعلم انه المصحف او سجد لقبر او صنم فانه يكفر بمجرد هذا الفعل كذلك بالاعتقاد من اعتقد مشاركة غير الله عز وجل له في ما يختص به كالاحياء والاماتة او استحقاق العبودية فلا شك انه يكفر بمجرد هذا الاعتقاد. او يكون شاكا شكا مخرجا من الملة كأن يشك هل النبي صلى الله عليه وسلم نبي صادق ام لا؟ الامر عنده محتمل فان هذا لا شك انه كفر به. اذا اهل السنة والجماعة يعتقدون ان مناط التكفير في مسألة السب والاستهزاء والسخرية انما هي بالقول من حيث هو او بالفعل ان دل على ذلك اذا كان اخراج اللسان او الغمز بالعين او حركة باليد. والمساق والسياق يتعلق بشيء اه يرجع الى جناب الالوهية او الربوبية او الرسالة يعني فعل هذا سخرية واستهزاء فان هذا هو مناط التكفير وبه يكون كافرا اما احالة ذلك الى القلب في جميع هذه الاحوال فهذا قول اهل الارجاء. الله جل وعلا قال ولقد قالوا كلمة الكفر. وكفروا بعد اسلامهم. اذا بمجرد الكلمة ماذا؟ كفروا. قال جل وعلا لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم ما قال الله جل وعلا لقد كفر الذين اعتقدوا ان الله ثالث ثلاثة. اذا الكفر كان متعلقا بماذا؟ كان متعلقا بالقول. ويكفي ان تتأمل في اية من القرآن. يتضح لك المقام جليا وهو قوله تعالى من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان. لاحظ معي هذه الاية تتناول الكفر بالظاهر يعني بقول او بفعل كفري لم تتعرض للكفر الباطن. حكمت بالكفر بمجرد القول الظاهر او الفعل الظاهر يعني من فعل الكفر او قال الكفر فقد كفر يحكم في الشريعة عليه بالكفر. ما الدليل هذا الدليل انه انما استثني ها المكره ولا اكراه على ما في القلب. الاكراه انما يتصور في ماذا في الامر الظاهر في قول مكره على ان يتكلم بكلمة الكفر يكره على ان يفعل الكفر. اما ان يكره على ان ان يعتقد الكفر هذا ماذا لا يتصور ولا يمكن لا يمكن لاحد ان يكره احدا على ان يعتقد آآ بوجود شريك مع الله سبحانه وتعالى مثلا هذا لا يمكن ان يتصور يمكن ان يكذب عليه بلسانه لكن ان يعتقد هذا بقلبه لانه مكره هذا هذا لا تصور لا اكراه على ما ما في القلب وبالتالي فان هذه الاية قد حكمت على القول وعلى الفعل اذا كان مناقضا للدين بانه ماذا؟ كفر لان الله تعالى قال من كفر بالله من بعد ايمانه واستثناء المكره دليل على ان من قال او فعل الكفر فانه ماذا؟ فانه كافر. اذا حذاري يا ايها الاخوة من هذا الامر وهو الوقوع في مزلق الارجاء فان ابواب آآ هذا المذهب مع الاسف الشديد قد كثرت وفتحت على الناس في هذا الزمان في بعض ما يكتب او بعض ما يقال وينشر آآ من اقوال تخالف مذهب السلف لم تؤصل على مذهب اهل السنة والجماعة في باب الايمان انما كان فيها تأثر بمذاهب اهل الارجاء فعلى الانسان ان يضبط هذه المسائل في ضوء معتقد اهل السنة والجماعة. الامر الاخير الذي احب التنبيه عليه وهو التنبيه الثالث وهو ما يتعلق امر يسأل عنه آآ كثيرا وهو ان بعض الناس يقول من سب الله او الدين عياذا بالله حال الغضب. يقول يغضب فيسب الله عز وجل او يسب الدين او يسب لله او يسب القرآن والعياذ بالله. فهل هذا بهذا معذور والجواب ان يقال ان هذا المأفون هذا المجرم الذي لم يجد شيئا يخفف به حرة قلبه الا جناب ربنا سبحانه وتعالى فيسبه حتى يستريح ويخفف ما به؟ اي تعظيم واي ايمان عند هذا الانسان لا شك ولا ريب ان من نطق بكلمة الكفر من سب وسخرية واستهزاء سب شيئا من دين الله جل وعلا وهو يعلم انه من دين الله او سخر بشيء من دين الله وهو يعلم انه من دين الله انه بمجرد هذا يكون كافرا بالله جل وعلا متى ما كان قلم التكليف جاريا عليه. اذا كان مكلفا فانه لا شك مؤاخذ بذلك. وليس مجرد الغضب عذرا له او دارئا عنه هذا الحكم. اللهم الا في حالة واحدة وهي ان يبلغ به الغضب الى درجة يرتفع معها التكليف. اذا وصل الى درجة يكون فيها سكران او كالهادي او كالنائم الذي يتكلم في نومه الذي اذا سئل اين انت في ارض او في سماء لم يجد ما يجيب؟ اغلق عليه البتة فمثل هذا قد يقال ان له عذرا. اما ما عدا ذلك من انواع الغضب المعهودة التي تقع في الناس. ان هذا ليس عذرا لهذا الانسان انا كل مسلم ان يتقي الله جل وعلا وكذلك على طلبة العلم بل على كل مسلم ان يكون عنده غيرة على محارم الله جل وعلا وبالتالي فانه ينهض بواجب الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتنبيه والتحذير. بعض الناس يقول مع الاسف في بعض الاماكن في قريتي في بلدي مثل هذا الامر قد عمت به البلوى فماذا اصنع؟ يترك الانكار ويترك النصيحة ويترك النهي عن هذا الفعل الشنيع لانه قد كثر. يا لله العجب! متى كان انتشار المنكر عذرا في عدم انكاره بل هذا مما ينبغي ان يكون سببا لمضاعفة الجهد في النهي والانكار حتى يزول هذا الفاشي المنكر اذا انتشر اذن بنزول العذاب العام احذر يا عبد الله من ذلك وقم بهذا الواجب ونبه وحذر واغلظ اذا كان المقام يستحق الاغلاق والحكمة وضع في موضعه وموضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى. ربما تقتضي المصلحة الاغلاق وربما تقتضي المصلحة لين القول. وعليك ان تضع كلا في موضعه المناسب له. لعلنا نكتفي بهذا القدر ونكمل في هذا الباب بعون الله وتوفيقه غدا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله اصحابه واتباعه باحسان