بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم كل شيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد. باب ما جاء في قول الله تعالى ولئن ادقناه منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا للآية ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا الباب قد عقده المؤلف رحمه الله لبيان ان من التوحيد الواجب على كل مسلم القيامة بشكر الله سبحانه وتعالى وشكر الله مقام من مقامات الايمان العظيمة بل هو زبدة الايمان قال جل وعلا انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا فقابل الله سبحانه بين الشكر والكفر المؤمن حقا وصدقا و القائم بشكر الله جل وعلا وشكر الله حقيقة مركبة من ثلاثة اركان الركن الاول الاعتراف الباطن بنعمة الله جل وعلا وانها منه بمحض التفضل وهذا مما لا يجوز لمسلم ان يشك فيه قال جل وعلا وما بكم من نعمة فمن الله كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك واتوهم من مال الله الذي اتاكم قال ربنا جل وعلا في الحديث القدسي المخرج عند مسلم في صحيحه قال جل وعلا يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني عكسكم اذا هذا هو الركن الاول الاعتراف والاقرار بالقلب ان النعم انما هي من الله سبحانه وتعالى والعبد ليس منه شيء ولا اليه شيء ولا يستحق على ربه شيئا ثانيا القول باللسان الاعتراف والاقرار باللسان وهذا يتضمن امرين الاول الاقرار باللسان بان النعمة من الله جل وعلا قال سبحانه واما بنعمة ربك فحدث وفي حديث سيد الاستغفار ابوء بنعمتك علي يعني اقر واعترف وثانيا الحمد والشكر والثناء وهذا ادلته لا تحصى فيحمد الله ويشكر ويثنى عليه بانعامه على عباده بالنعم التي لا حد لها ولا حصر ثالثا العمل بها فيما اذن الله وذلك لقول الله سبحانه اعملوا ال داوود شكرا فيعمل الانسان بالنعمة في حدود ما اذن سبحانه وتعالى به فان كان المقام مقام طاعة واجبة او مستحبة فان الشكر ها هنا يكون باداء هذا الذي امر الله سبحانه وتعالى وان كان المقام ليس كذلك فالواجب ان تصرف النعمة في حدود ما اباح الله سبحانه وتعالى اذا النعم لا يجوز التصرف فيها وفق هوى الانسان انما وفق اذن الله عز وجل الشرعي وهذا المقام يتفرع الى ما يكون واجبا والى ما يكون مستحبا والى ما يكون مباحا اما القدر الذي لابد منه فهو الا يصرفها في معصية الله سبحانه وتعالى ومن قام بهذه الاركان الثلاثة اورثه ذلك ثمرات عظيمة ومن اعظمها ثمرات ثلاث اولا انه يورثه ذلك محبة الله سبحانه وتعالى لانه اقر وايقن واعتقد ان النعمة انما منشأها ومصدرها انما مسديها هو الله تبارك وتعالى والنفوس مجبولة على حب من انعم اليها على حب من انعم اليها فكيف بمن كل النعم انما هي منه سبحانه وتعالى وثانيا السلامة من كفر النعمة وكفر النعمة لا شك انه قادح في كمال التوحيد الواجب وربما كان ذريعة الى الوقوع في نقض اصل التوحيد والامر الثالث ان يسلم من الكبر والغرور والاعجاب بالنفس وهذا ولا شك من آآ الواجبات التي القيام بها من كمال التوحيد الواجب اذا اراد المؤلف رحمه الله التنبيه على هذا الامر العظيم الذي لا بد لكل موحد ان ويرعاه وهذا الباب تكميل وتتميم لما مضى الكلام فيه قبل ثمانية او تسعة ابواب في باب قول الله سبحانه يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها هذا الباب اورد فيه المؤلف رحمه الله قوله تعالى ولئن اذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي مطلع السياق يقول فيه جل وعلا لا يسأم الانسان من دعاء الخير لا يسأم يعني لا يمل من دعاء الخير يعني من طلب الخير والخير ها هنا هو الامر النافع في الدنيا وكل انسان مجبول على طلب ما ينفعه ويلائمه والانسان ها هنا هل هو اسمه جنس فيعم جميع الناس باعتباره مفردا محلا بال فيفيد العموم او انه من العام الذي اريد به الخصوص فانه يخص طائفة من البشر وهم الكفار والذي يبدو والله تعالى اعلم ان الثاني اقرب فالانسان هنا هو الكافر لا يسأم الانسان من دعاء الخير يعني الكافر بدليل ما سيأتي في هذه الاية مما يدل على ان هذا الانسان ليس مؤمنا بالله جل وعلا. قال سبحانه لا يسأم الانسان من دعاء الخير وان مسه الشر فيؤوس القنوط ولئن اذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما اظن الساعة قائمة. هذا دليل على ان الانسان هنا ليس مسلما انما هو كافر ولا شك ان هذا حال عامة الكفار ومن تشبه بهم من المسلمين كان له حظ ونصيب من الذم والتقبيح هذه الاية اختلف المفسرون في تفسير قول الله جل وعلا فيها ليقولن هذا لي من اهل العلم من قال ان معنى قوله هذا لي يعني هذا لقدرة وقوة وحذقي ومعرفتي بطرق المكاسب وما الى ذلك وممن نحى الى ذلك ابن عباس رضي الله عنهما كما اورد المؤلف مما سنقرأه بعد قليل ان شاء الله. فيقول هذا من عندي يعني هذا راجع الي فات هذا المخذول ان ينسب النعمة الى المنعم بها والى مسديها وهو الله سبحانه وتعالى هذا قد كفر نعمة الله عز وجل حيث انه ما اعترف ولا اقر بان النعمة انما هي من الله سبحانه وتعالى هو الذي تفضل بها ابتداء والقول الثاني هو ان قوله تعالى ليقولن هذا لي. يعني انا محقوق به. يعني جدير به. وهذا ما اورده المؤلف الله ايضا يعني ان هذا بسبب ان لي حقا على الله جل وعلا فانا جدير بهذه النعمة كأنه يرى ان له حقا واجبا على ربه وفي هذا من الغرور والطغيان وسوء الادب مع الله سبحانه وتعالى ما لا يخفى والقول الثالث ان قوله لا يقولن هذا لي اللام ها هنا للملك كأنه يقول هذا المال مال لي. ثابت دائما ابدا لي ولذريتي من بعدي ونسي ان كل ما على وجه الارض انما هو ملك لله سبحانه وتعالى. ففي قول هذا الانسان ما فيه من الفخر والبغي ونسيان نعمة الله سبحانه وتعالى ويجمع هذه الاقوال على اي وجه منها تصرف التفسير يجمع ذلك ان قائل ذلك كافر بنعمة الله سبحانه وتعالى لم يقم بشكر الله جل وعلا فاته الاعتراف الباطن والاعتراف الظاهر وهذا ولا شك قادح من قوادح التوحيد. ولربما صار ذريعة الى ان يصل الانسان الى نقض عافاني الله واياكم من ذلك. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قال مجاهد هذا بعملي وانا محقوق به. يعني جدير به وقال ابن عباس تريد من عندي نعم هذا القول الاول الذي سبق نعم وقوله قال انما اوتيته على علم عندي. قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب فقال اخرون الا علم من الله اني له اهل وهذا معنى وهذا معنى قول مجاهد اوتيته على شرف هذه الآية الثانية التي اوردها المؤلف رحمه الله والباب قد اورد فيه المؤلف ايتين وحديثا طويلا هذه الاية بين الله سبحانه وتعالى فيها حال قارون ومعلوم من قارون ذاك الذي كان من قوم موسى قال جل وعلا ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم هذا الرجل اتاه الله من نعم من نعمه الدنيوية الشيء الكثير واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة اذ قال له قومه هذا الرجل قامت عليه الحجة نصح وحذر وانذر اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين وابتغي فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغي الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين كان الجواب منه بعد كل ما مضى قال انما اوتيته على علم عندي ما معنى قوله اوتيته على علم عندي اختلف المفسرون في هذا الى قولين والقولان مبنيان على تفسير العلم هل هو راجع الى علم العبد الذي هو قارون او هو راجع الى علم الله سبحانه وتعالى قال بعض اهل التفسير العلم ها هنا اراد به علمه هو يعني قارون يعني انا انما بلغت ما بلغت لان عندي علما بالتجارة وطرق الكسب فانا ذكي وعندي خبرة ومعرفة فما وصل الي انما كان بسبب هذا العلم الذي عندي فهو جاحد اذا لنعمة الله سبحانه وتعالى عليه. اعاد النعمة الى نفسه ونسي الاقرار والاعتراف بها ونسبتها الى الله القول الثاني ان العلم راجع الى علم الله سبحانه وتعالى وعليه فيكون معنى الاية قال انما اوتيته على علم من الله باني مستحق لذلك الله يعلم اني استحق هذا المال فهو يرى لنفسه على ربه حقا واجبا وهذا وذاك يدلان على ان هذا الرجل لم يكن شاكرا نعمة الله ولم يكن مقرا ومعترفا بباطنه ولا بظاهره ولا عاملا فيها بنعمة بطاعة الله سبحانه وتعالى. فهو كافر بنعمة الله تبارك وتعالى وهذه الاية نظير قول الله سبحانه فاذا مس الانسان ضر دعانا ثم اذا خولناه نعمة منا قال انما اوتيته على علم لكن هذا المسكين الجاحد نسي ان هذه فتنة من الله عز وجل قال سبحانه بل هي فتنة ولكن اكثرهم لا يعلمون اكثر الناس لا يعلمون ان التفضل بالانعام انما هو ابتلاء واختبار وامتحان فالله جل وعلا يبتلي عباده بالسراء كما انه يبتليهم بالضراء ونبلوكم بالشر والخير قال جل وعلا فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول ربي اكرما ولاحظ كيف ان هذا الانسان الذي خلا قلبه من تحقيق الشكر لله سبحانه وتعالى. وقع في امرين اولا فيقول ربي اكرما ظن ان الله سبحانه وتعالى تفضل عليه بشيء يستحقه وما ذل واعترف بان هذا محض تفضل من الله سبحانه وتعالى. ظن ان له كرامة على الله ومنزلة عنده فهذا كان سبب اكرامه من الله جل وعلا والامر الثاني انه ظن ان النعمة الدنيوية دليل على المكانة والمنزلة عند الله جل وعلا وكم يخطئ في هذا المقام من الناس كم من الناس من يظن ان الانعام الدنيوي دليل محبة الله للعبد فما اعطي من اعطي من النعم الا لانه محبوب عند الله مرضي عنه وهذا ولا شك ليس بصحيح فالدنيا يعطيها الله عز وجل من يحب ومن لا يحب. كما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري في الادب المفرد يروي مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم. قال ان المال يعطيه الله من يحب ومن لا يحب. وفي رواية ان الدنيا يعطيها الله من يحب ومن لا يحب. يبتلي الله سبحانه وتعالى المؤمن والكافر بان يعطيهم من هذه النعم ابتلاء وامتحانا. لكن البصيرة الموفق هو الذي يفوز في الامتحان فيقوم بهذه الاركان الثلاثة بالشكر فيكون من الفائزين والا فانه يكون من المحرومين وفي هذا العصر من الناس من سقط هذه السقطة تجد انه اذا نظر الى حال الكفار وما عندهم من تطور في العمران وتقدم تقني او ما اتاهم الله عز وجل منا الامطار والمناظر الحسنة وما الى ذلك تجد انه ربما وسوس له الشيطان فبدأ يتشكك هل يعقل انهم على باطل وهم في هذه النعم يرفلون ونسي هذا الامر المهم وهو ان النعمة ابتلاء وامتحان من الله جل وعلا. ولذلك هذا قارون هذا الذي طغى وبغى وافسد وهو من ابغض العباد الى الله جل وعلا. ومع ذلك فالله اتاه نعمة ما ما اتاها احدا من الناس فدل هذا على ان النعم الدنيوية ليست معيارا وليست مقياسا على الخيرية والفضيلة عند الله سبحانه وتعالى المقصود ان الله جل وعلا لما قص لنا قصة قارون كان ذلك لاجل ان نأخذ العبرة والعظة وان حال الكافر مجانب لحال المسلم الكافر كافر بنعمة الله سبحانه وتعالى. اما المسلم فانه معترف مقرا شاكرا لنعمة الله جل وعلا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان ثلاثة من بني اسرائيل ابرص واقرع واعمى. فاراد الله ان يبتليهم فبعث اليهم. نعم هذا الحديث حديث طويل عظيم خرجه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحهما والحديث فيه قصة كانت في بني اسرائيل قصها علينا النبي صلى الله عليه وسلم والواجب في القصص الذي جاء في الكتاب والسنة امران اولا التصديق بذلك بما ان الذي اخبرنا بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالواجب الاعتقاد الجازم والتصديق التام بان هذه القصة قد حصلت ولو اقسم المسلم على ذلك انه لا يحنث ان هذه القصة قد وقعت لان هذا من حقيقة شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما اخبر به الامر الثاني اخذ العظة والعبرة الانتفاع من هذه القصة وما فيها من الفائدة لم يكن اخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة على سبيل التفكه والتندر انما كان ذلك لان لكي نستفيد منها ونغترف من العبر والدروس التي اشتملت هذه القصة وغيرها عليها هذه القصة حصلت في بني اسرائيل واسرائيل لقب ليعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم الصلاة والسلام وهذه الكلمة مركبة من جزئين اسرى وئيل واسراء بمعنى صفي وقيل وكل ما جاء على هذا النسق قيل جبرائيل وميكائيل واسرائيل فانه في اللغة في اللغة آآ العبرية او العبرانية بمعنى الله فاسرائيل بمعنى صفي الله اصطفاه الله جل وعلا و هذه القصة حصلت في بني إسرائيل يعني في بعض ذريته والحديث فيه ان الله جل وعلا اراد ان يبتلي هؤلاء الثلاثة ثلاثة اشخاص ابتلاهم الله جل وعلا ثلاث اه مصائب وعاهات احدهم كان اقرع والاقرع الذي لا شعر في رأسه والثاني ابرص و الابرص هو الذي اصيب بالبرص وهو بياض في الجلد مستقبح مستقذر والثالث اعمى فقد بصره ومع ذلك مع ابتلائهم الاول ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بابتلاع اخر عن طريق ملك من الملائكة الذين ارسلهم الله عز وجل الى هؤلاء الثلاثة اراد الله ان يبتليهم. الارادة ها هنا هي الارادة الكونية بمعنى شاء و ها هنا وقفة وبحث في هذه الكلمة وذلك ان الرواية وقعت في موضع في صحيح البخاري بلفظ بدا لله ان يبتليهم ما هي بدا وهذا الموضع استشكل لانه قد يفهم منه اثبات البداءة او البداء على الله والبداء والبداءة بمعنى ان يظهر ما كان خافيا غير معلوم ولا شك ان هذا معتقد باطل بل هو كفر بالله سبحانه وتعالى هذه عقيدة كفرية كان يعتقدها اليهود وتلقاها من تلقاها من اهل البدع عنهم. المقصود ان هذا الموضع استشكل وتوجيهات اهل العلم لهذا الاشكال ترجع الى ما يأتي اولا قال بعض اهل العلم ان رسم هذه الكلمة بدا خطأ والصواب بدأ بالهمزة المفتوحة وهذا ما اختاره القاضي عياض وخطأ من جعل اللفظة بدا وكذلك الخطابي وذكر القاضي عياض رحمه الله انه قد ضبط هذه اللفظة عن متقني شيوخه بالهمزة المفتوحة بدأ يعني ابتدأ الله ابتلاءه والتوجيه الثاني ان معنى بدا يعني قضى فيكون بمعنى القضاء الكوني الذي هو قريب في المعنى من الارادة الكونية التوجيه الثالث ان معنى قوله بدا يعني اراد والتوجيه الرابع يعني انه سبق في علم الله فاراد ان يظهر ذلك العلم في الناس والذي يظهر والله تعالى اعلم انه لا حاجة الى كل هذا فهذا اللفظ على الصحيح خطأ حصل وهم وخطأ من الراوي وبيان ذلك على وجه الايجاز ان هذا الحديث مخرجه واحد ليس له الا طريق واحدة وذلك من طريق همام عن اسحاق بن عبدالله ابن ابي طلحة عن عبد الرحمن ابن ابن ابي عمرة عن ابي هريرة لا يوجد للحديث الا هذه الطريق عن همام روى هذا الحديث ثلاثة من الرواة الاول هو اه شيبان ابن فاروق وهذه رواية مسلم والمؤلف رحمه الله اعتمد سياق مسلم اعتمد رواية وثانيا رواية عمرو ابن آآ حفص والثالثة رواية عبد الله ابن رجاء اما شيبان وعمرو بن حفص فانهما رويا الحديث بلفظ اراد الله واما عبد الله بن رجاء فانه رواه بلفظ بدا لله. هذا اللفظ عند البخاري. والبخاري اخرجه من طريق عمرو ابن حفص ومن طريق عبد الله ابن رجاء اخرجه من رواية عمرو ابن حفص معلقا في باب لا يقول ما شاء الله وشئت لكنه ما ساق الحديث كاملا خرجه معلقا وقال في حديث الاقرع والابرص والاعمى اراد الله ان يبتليهم ذكر فقط الى هذا القدر ولكنه في كتاب احاديث الانبياء اخرجه من طريق احمد ابن اسحاق عن عمرو ابن حفص عن همام الى اخره ثم حول الاسناد الى رواية عبد الله ابن رجاء وساق بعد ذلك لفظ عبد الله ابن رجاء. الخلاصة الان عندنا لفظان لفظ اتفق عليه ثقتان. ما هو اراد الله ان يبتليهم ولفظ تفرد به عبدالله ابن رجاء. والحديث واحد والنبي صلى الله عليه وسلم تكلم قطعا بلفظ واحد من هذين واذا لجأنا الى الترجيح وهو المتحتم ها هنا فاننا نرجح ماذا رواية الثقتين على رواية الثقة لا سيما وان عبد الله ابن رجاء في حفظه شيء قال الحافظ في التقريب صدوق يهم قليلا وقال ابن معين رحمه الله انه كثير التصحيف فهذا مما اه يجعل النفس تطمئن الى ان المحفوظ انما هو اراد وليس بدا وان بدا لفظ وقع فيه خطأ واللائمة في ذلك تعود آآ الى عبد الله ابن رجاء رحمه الله. وهذا الموضع لم ارى تحقيقا فيه آآ كما رأيته عند الشيخ الالباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة من سبق كانوا يذكرون لفظ الرجاء لعله حصل تغيير من احد الرواة حتى جاء الشيخ الالباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة عند حديث ثلاثة الاف وخمس مئة واثنتين واثنين وعشرين من السلسلة الصحيحة فحقق تحقيقا نفيسا في هذا المقام ورجح الذي ذكرته لك فالمجزوم به هو ان هذا اللفظ خطأ وان الصواب اراد الله ان يبتليه نعم ان ثلاثة من بني اسرائيل ابرص واقرع واعمى فاراد الله ان يبتليهم فبعث اليهم ملكا فاتى الابرص اراد الله ان يبتليهم يعني يمتحنهم ويختبرهم اه هؤلاء الثلاثة لما اراد الله ان يبتليهم ارسل اليهم ملكا فخاطب كل واحد على حدة ووجه اليه ما يأتي من اسئلة. نعم فبعث اليهم ملكا فاتى الابرص فقال اي شيء احب اليك قال لون حسن وجلد حسن. ويذهب عني الذي قد قدرني الناس به. قذري قذرني الناس به. نعم قال فمسحه فذهب عنه قدره فاعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. هذا الاول وهو الابرص كان طلبه كانت امنيته ان يذهب الله عنه هذا اللون القبيح وان يعطيه الله لونا حسن وجلدا حسنا فمسح عليه هذا الملك فكان ان ابدله الله جل وعلا جلدا حسنا ولونا حسنا وكان مسح الملك سببا في حصول هذه النعمة والا فان الامر الى الله سبحانه وتعالى والله قادر على ان يعطيه هذه النعمة دون سبب. لكن حكمة الله جل وعلا اقتضت ذلك فهذا يدل على عظيم قدرة الله جل وعلا. والله على كل شيء قدير. نعم قال فاي المال احب اليك قال الابل او البقر شك اسحاق اسحاق الذي يظهر والله اعلم ان الاول وهو الابرص طلب الابل احب المال اليه الابل واسحاق ابن عبد الله ابن ابي طلحة رحمه الله من ورعه شك فذكر اللفظين اما قال البقر آآ واما قال الابل واما قال البقر لكن سياق الحديث يدل على ان طلبه كان الابل لان الملك كما سيأتي رجع اليهم بعد ذلك وسأل هذا الرجل ان يعطيه ناقة يتبلغ بها. فدل هذا على ان ماله اذ ذاك كان الابل نعم قال الابل او البقر شك اسحاق فاعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها. ناقة عشراء الناقة العشراء هي الحامل التي بلغت الشهر العاشر وهذه كانت معدودة عندهم من انفس الاموال. نعم قال فاتى الاقرع فقال اي شيء احب الي؟ قال شعر حسن ويذهب عني الذي قد قدرني الناس به يبدو والله اعلم انهم كانوا في ذاك الوقت لا يلبسون العمائم انما كانت رؤوسهم مكشوفة فكان يؤذيه الا يكون على رأسه شعر وربما كانوا يتعممون لكن يظهروا آآ شيء من الشعر هذا هو الامر المستحسن عندهم وهو فاقد له فاحب ان يزول عنه هذا النقص نعم فمسحه فذهب عنه واعطي شعرا حسنا. نعم. فقال اي المال احب اليك؟ قال البقر او الابل. اعطي بقرة حاملا قال بارك الله لك فيها قال فاتى الاعمى قوله بارك الله لك فيها احتمل ان يكون اخبارا من الملك ان الله عز وجل قد جعل هذه الناقة او تلك البقرة ناقة او وقرة مباركة ويحتمل الكلام ان يكون دعاء دعا ان يبارك الله سبحانه وتعالى لك فيها. واستجاب الله عز وجل هذا الدعاء ابتلاء وامتحانا. نعم فاتى الاعمى فقال اي شيء احب اليك؟ قال ان يرد الله ان يرد الله الي بصري ابصر به الناس فمسحه فرد الله اليه بصره قال فاي المال احب اليك؟ قال الغنم اعطي شاة والدا فانتج هذان وولد هذا فكان اعطي شاة والدا آآ الامر يحتمل ان تكون قريبة الولادة يعني هي حامل وقريبة الولادة واللغة آآ فيها ان الشيء اذا آآ قرب من الشيء فانه يعطى حكمه وربما كانت يعني شاة معها ولدها حديثة الولادة لكن اذا قارنا السياق آآ الناقة العشراء البقرة الحامل يبدو والله اعلم انها كانت شاة قريبة الولادة والله تعالى اعلم اعد قال فاي المال احب اليك؟ قال الغنم فاعطي شاة والدا وانتج هذان وولد هذا. انتج هذان وبعضهم انت جهادان وولد هذا الناتج للابل والبقر كالقابلة للبشر الناتج يعني الذي يقوم على توليد البهيمة فكان ان ولد او قام على توليد الناقة والبقرة وكذلك ولد الاخير هذه الشاة التي عنده كل قام على توليد ما عنده نعم ان الله سبحانه وتعالى رزق اه كل واحد من هؤلاء الثلاثة اه ذرية لهذه البهائم فاصبح عنده قطيع كبير. نعم فكان لهذا واد من الابل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم. سبحان الله ابدل الله عز وجل حالهم من الفقر والمسكنة الى هذا الغنى كل واحد عنده ما يملأ الوادي من الابل او من البقر او من الغنم نعم قال ثم انه اتى الابرص في صورته وهيئته. صورته وهيئته يعني في سورة الابرص جاء اليه في الصورة والهيئة التي كان عليها هذا الرجل سابقا وذلك لتذكيره وتنبيهه واغرائه ليجيب ويبذل ما اوجب الله سبحانه وتعالى عليه جاء اليه في صورته الجسمية وفي هيئته يعني في لباسه وشكله الخارجي. نعم قال ثم انه اتى الابرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في قد انقطعت بي الحبال في سفري. نعم رجل مسكين رجل خبر لمبتدع محذوف انا رجل مسكين وصف نفسه بانه ليس عنده ما يكفيه. وانقطعت به الحبال يعني الاسباب والحبل في اللغة هو السبب. ليس عنده سبب لكي يصل به الى مطلوبه لانه مسكين. وبعض الرواة روى هذا اللفظ انقطعت بي الحيال جمع حيلة والاكثر على الحبال نعم قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم بك. الا بالله ثم بك. انظر الى التوحيد هذا هو التوحيد التوحيد الا تجعل الخالق والمخلوق في السياق على مقام واحد الملك والملائكة قائمة بتوحيد الله عز وجل وهو من اعظم الناس ايمانا وهم من اعظم الخلق ايمانا وتوحيدا ما قال الملك بالله وبك انما قال انا بالله ثم بك فهذا مما يؤكد ويدل على ما سبق الحديث فيه انه في مقام نسبة النعمة يجب الا يقرن الخالق والمخلوق ويعطف بحرف الواو الذي يفيد التسوية انما يكون العطف بثم التي تفيد الترتيب والمهلة نعم اسألك بالذي اعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا اتبلغ به في سفري. ما قال اسألك بالله انما اتى بهذا اللفظ لكي يذكره بنعمة الله عز وجل وليغريه بالاجابة نعم فقال الحقوق كثيرة فقال له الحقوق كثيرة اعتذر بعذر كاذب كما يعترف كما يعتذر كثير من الناس اذا وجبت عليهم حقوق الله عز وجل به بان هذا المال الذي عندهم اه يعتوره كثير من الحقوق وبالتالي فانه لا يستطيع ان يعطيك يعني يقول لهذا الملك انا لا استطيع ان اعطيك لانك لست وحدك الذي تطلب عندي التزامات كثيرة ورفض ان يعطي الحق الواجب عليه ولا شك ان الذي يجب عليه ان يجيب هذا المسكين اذا انقطع هذا مسكين وابن السبيل وليس له احد آآ يقف معه فانه يتعين على هذا المسئول ان يجيبه وان يعطيه هذا من حق الله عز وجل في هذا المال. لكنه بخل و رفض ان يؤدي حق الله سبحانه وتعالى عليه. وقع في البخل فالكذب فكفر نعمة الله سبحانه وتعالى كما نعم فقال له كأني اعرفك الم تكن ابرص يقذرك الناس فقيرا فاعطاك الله عز وجل المال ذكره بامرين الاول انه كان ابرص وهذا لم ينكره وليس عنده وسيلة لانكاره اصلا اما الامر الثاني فانه كان فقيرا ثم اغناه الله سبحانه وتعالى فهذه هي التي كفر نعمة الله سبحانه وتعالى فيها. نعم فقال انما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ما قال هذه نعمة الله كنت فقيرا فاغناني الله وانعم علي انما اعاد النفس اي انما اعاد الامر الى نفسه كما قال جل وعلا ليقولن هذا لي قال ورثه كابرا عن كابر النصب ها هنا بنزع الخافض اصل الكلام ورثته عن كابر عن كابر فنصب بنزع الخافض يعني ورثته عن ابي وابي عن جدي وهكذا. ولا شك ان هذا من عدم شكر الله سبحانه وتعالى. كما قال سبحانه وتعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها. مر بنا قول مجاهد رحمه الله ان يقول هذا مالي ورثته ورثته عن ابائي فهذا جعله الله سبحانه وتعالى من انكار نعمة الله عز وجل. نعم فقال ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما كنت. ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما كنت هذا نستفيد منه مشروعية الدعاء المشروط ما دعا عليه دعاء مطلقا انما علق الامر ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما قلت ولعل الله جل وعلا استجاب ذلك لم يأتي في ختام الحديث ما الذي ال اليه امر الابرص والاقرع لكن لعل الامر والله تعالى اعلم انه قد استجيب للملك لانه في الحقيقة كان كاذبا. نعم قال واتى الاقرع في صورته فقال له مثلما قال لي هذا ورد عليه مثلما رد عليه هذا فقال ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما كنت سقط هذان في الامتحان ما نجحا ابتلاهم الله سبحانه وتعالى لكن النتيجة انهما فشل وما نجح واما الثالث فهو الذي ثبته الله سبحانه وتعالى فرضي الله عز وجل عنه كانت نتيجة امتحانه ان سدد و اه فاز برضا الله سبحانه وتعالى. نعم قال واتى الاعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم بك اسألك بالذي رد عليك بصرك شاة اتبلغ بها في سفري فقال قد كنت اعمى فرد الله الي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت. فوالله لا اجهدك اليوم بشيء اخذته لله سبحان الله هذا الرجل صاحب ايمان قام بشكر الله سبحانه وتعالى فكان منه ان اعترف كان منه الاعتراف اولا بقلبه ثم بلسانه واعترافه بقلبه كان لان لسانه اعترف والالسنة مغاريف القلوب فاعترف بلسانه وبقلبه انه انما انعم عليه بهذه النعمة هو الله سبحانه وتعالى. رد عليه بصره بعد ان كان اعمى. وكذلك اعطاه هذا المال وقد كان مسكينا ثم قام بالامر الثالث وهو انه ادى شكر الله عز وجل عملا اعملوا ال داوود شكرا ادى الحق الذي اوجبه الله سبحانه وتعالى عليه. فقال لهذا الرجل خذ ما شئت. فوالله لا اجهدك يعني لا اشق عليك ولا امنعك ان تأخذ شيئا لله وانظر ايضا الى التوحيد وانظر ايضا الى الاخلاص انه لا يجهده لاجل الله لوجه الله سبحانه وتعالى. ليس لاجل الثناء وليس لاجل المدح وليس لاجل الرياء انما كان لاجل الله سبحانه وتعالى وجاء في رواية عند البخاري فاني لا احمدك وليس لا اجهدك والمعنى انني لا احمدك ولا اشكرك ان تركت شيئا تحتاج اليه وهذا دليل على كرم هذا الرجل وفي هذا ما يدلك على فضيلة الكرم وقبح البخل ما الذي ادى الاقرع والابرص الى ان وقع فيما وقع فيه من الكذب وكفران نعمة الله عز وجل انما كان ذلك بسبب البخل اما هذا الرجل فكان كريما فادب اوجب الله سبحانه وتعالى عليه وقام بشكر الله عز وجل والحديث فيه فوائد كثيرة من ذلك ان ذكر الغير بما يقبح ليس من الغيبة اذا لم يسمى الشخص اذا لم يسمى الفاعل لا يعد ذلك غيبة لاجل هذا هؤلاء الثلاثة ما ذكرت اسماؤهم وفي هذا ايضا ثبوت الارث في الامم السابقة قال ورثته كابرا عن كابر كذلك فيه فضيلة الرفق بالضعفاء وان هذا من اسباب حلول رضا الله سبحانه وتعالى وفي هذا ايضا خطر وقبح البخل وانه يؤدي الى مفاسد. لانه بخل كذب ولانه بخل كفر نعمة الله سبحانه ولانه بخل ما ادى الحق الواجب عليه و في هذا ايضا اعني في هذا الحديث من الفوائد ان الدعاء المشروط جائز وهذا ينفع الانسان في المواضع التي يحصل عنده فيها شك استحقاق هذا المدعو له هذا الدعاء سواء كان دعاء له او دعاء عليه فان من المشروع حينئذ في حال الشك يدعو الانسان يشترط في دعائه حتى يكون دعاؤه دعاء صحيحا. نعم فقال امسك ما لك فانما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك اخرجاه. وسخط على صاحبيك يبدو والله اعلم ان قصة اه الاقرع اه الابرص اشتهرت لذلك قال صاحبيك وهذا فيه فائدة لغوية ان الصحبة تطلق في اللغة على ادنى ملابسة وادنى مقارنة لان هؤلاء الثلاثة فيما يبدو والله اعلم انما اشتركوا فقط في الامتحان ومع ذلك اثبت ماذا الصحبة فالصحبة في اللغة تطلق على ادنى ملابسة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ايضا آآ انتن صواحب يوسف فادنى ملابسة آآ يصح في اللغة ان يكون معها اطلاق لفظ الصحبة. والخلاصة التي نصل اليها وجوب ان يشكر الانسان نعمة الله سبحانه وتعالى ضرورة الحذر من كفران نعمة الله جل وعلا. اما بعدم الاعتراف القلبي او عدم الاعتراف باللسان او بعدم القيام بما اوجب الله سبحانه وتعالى او اذن في هذه نعمة فكل شيء بحسبه. فالمال له شكر والجاه له شكر والعلم له شكر وغير ذلك كل نعمة من الله سبحانه وهو تعالى فلها شكر بحسبها والموفق الذي يقوم بشكر الله سبحانه على كل نعمة الله عز وجل بها عليه. اسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم من الشاكرين. الموفقين ان ربنا لسيع الدعاء وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان