بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في باب ما جاء في منكر القدر وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه انه قال لابنه يا بني انك لن تجد طعم الايمان حتى تعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأ كلام يكن ليصيبك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال ربي وماذا اكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد كنا توقفنا في درس البارحة عند الكلام عن حديث عبادة رضي الله عنه وهذا الحديث فيه مسألتان الاولى ما سبقت الاشارة اليه من ان للايمان طعما وذاق ولن يذوق طعم الايمان الا من حقق الايمان بالقدر الذي يعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه فيؤمن بقول الله تعالى قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا فهو يعلم ويوقن بان كل شيء يقع في هذا الكون فانه مقدر من الله سبحانه قد سبق القضاء به في علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه ومن كان كذلك فانه سيطمئن وترتاح نفسه ويدع التلوم والتحسر لانه يعلم ان قدر الله عز وجل لا مفر منه وان قدر الله كله خير لعبده فعند ذلك يجد لهذا التسليم ولهذا الايمان حلاوة يذوقها بقلبه اما المسألة الثانية وهي ما اخبر به رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب هذا الحديث فيه اثبات المرتبة الثانية من مراتب القدر وهي الكتابة فالكتابة كانت بالقلم الاول الذي خلقه الله جل وعلا واجرى به المقادير وكان ذلك قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة كما ثبت هذا في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب الله مقادير كل شيء قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قال وعرشه على الماء و هذا الحديث فيه مسألة جديرة بالتنبيه عليها وهي قوله صلى الله عليه وسلم ان اول ما خلق الله القلم او اول ما خلق الله القلم هل هذه او هل هذا الحديث او هل هذه القطعة من الحديث جملة ام جملتان قرأ الحديث بكليهما قرئ على انه جملة اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب بفتح اول وبفتح القلم وعليه فيكون اعراب اول ظرف اعراب هذه الكلمة انها ظرف زمان يعني انه عند ابتداء خلق القلم. قال الله عز وجل له اكتب هذا هو التوجيه الاول والتوجيه الثاني ان هذه القطعة من ان هذه القطعة من الحديث جملتان وينطق الحديث بناء على ذلك بضم كلمة اول وبضم كلمة القلم اول ما خلق الله القلم ثم ما بعده جملة جديدة مستأنفة فيكون اول او فتكون هذه الكلمة مبتدأ وخبرها ها القلم اول والخبر القلم والاقرب والله تعالى اعلم هو الاول وهذا ما اختاره جماعة من المحققين. يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه عند ابتدائي خلق القلم قال الله عز وجل له اكتب فكتب كل شيء الى قيام الساعة وعلى التقدير الثاني وهو انهما جملتان وان الجملة الاولى مبتدأ وخبر فليس المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم اول ما خلق الله القلم ان القلم هو اول المخلوقات على الاطلاق انما الاولية ها هنا اولية نسبية بمعنى ان اول مخلوق من هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة ايام وهو العالم الذي نعلمه اول ما خلق الله عز وجل منه كان القلم وذلك لانه سبب ايجاد هذا العالم فتقدير المخلوقات متقدم على خلق المخلوقات. فالتقدير سابق لخلق السماوات والارض فلاجل هذا اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه اول المخلوقات وليس قطعا يراد من هذا الحديث انه اول المخلوقات على الاطلاق فان المقطوع به ان الله عز وجل لم يزل خالقا لم يكن معطلا عن الفعل والخلق ثم ابتدأ هذا الكمال بل لم يزل الله عز وجل فعالا ولم يزل الله عز وجل خالقا ولم يزل الله عز وجل ربا ولم يزل الله عز وجل الها وها هنا يبحث اهل العلم مسألة اولية الخلق بين القلم والعرش يعني اي هذين المخلوقين خلق قبل الاخر اختلف السلف والعلماء في هذه المسألة الى قولين من اهل العلم من قال ان القلم خلقا من العرش واختار هذا جماعة من اهل العلم ومنهم ابن جرير الطبري رحمه الله والقول الثاني وهو الذي عليه جمهور السلف كما نقل هذا شيخ الاسلام ابن تيمية في المجلد الثامن عشر من مجموع الفتاوى ان العرش والماء مخلوقان قبل القلم ويدل على هذا ان الحديث الذي بين ايدينا وهو حديث عبادة رضي الله عنه فيه بيان ان الكتابة اعني كتابة المقادير كانت عقيدة خلق القلم فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب. فلاحظ التعقيب ها هنا بالفاء فيدل على انه عقيب خلق القلم كانت الكتابة وحديث عبد الله ابن عمرو ابن العاص في صحيح مسلم اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بان الله كتب مقادير كل شيء قبل خلق السماوات والارض بخمس الف سنة وعرشه على الماء. اذا كان العرش والماء موجودان قبل حصول هذه الكتابة وبالتالي فيكون العرش والماء موجودان قبل خلق القلم. ويشهد لهذا ايضا ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والارض وكتب مقادير كل شيء لاحظ معي ان العطف ها هنا كان بثم التي تدل على الترتيب والمهلة فكان خلق السماوات والارض وكتابة المقادير بعد ماذا بعد وجود العرش والماء. فدل هذا على ان العرش والماء متقدمان وجودا على القلم. وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله والناس مختلفون في القلم الذي كتب القضاء به من الديان. هل كان قبل العرش او هو بعده قولان عند ابي العلا الهمداني والحق ان العرش قبل لانه قبل الكتابة كان ذا اركانه. لكن لاحظ يرعاك الله ان المسألة ها هنا البحث فيها يتعلق باولية الخلق بين هذين المخلوقين وليس في الاولية المطلقة. فان الذي عليه اهل السنة والجماعة وهو الذي لا يشك فيه من نظر في النصوص وعرف عظمة الله عز وجل ان الله تعالى لم يزل خالقا فكل مخلوق فالله عز وجل قد خلق قبله مخلوقا والعوالم التي خلقها الله عز وجل لا حصر لها. قال سبحانه ويخلق ما لا تعلمون. فكل مخلوق خلق الله تعالى قبله مخلوقا. والذي قبله خلق الله قبله مخلوقا. وهكذا فلم يزل الله عز وجل في الازل كما انه لم يزل خالقا في الابد فان كل مخلوق خلقه الله عز وجل فانه سيخلق بعده مخلوق وهكذا سيستمر الامر الى ما لا نهاية من جهة الابد. كذلك الامر ثابت في الازل كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية بل كل فرد فهو مسبوق بفرد قبله ابدا بلا حسبان ونظير وهذا كل فرد فهو ملحوق بفرد بعده حكمان. كلا الحكمين ثابتان التسلسل في الخلق من جهة الازل. يعني من جهة الماضي والتسلسل في الخلق من جهة الابد يعني من جهة مستقبل والذي يلزم احد الامرين لازم للاخر ولابد وعلى كل حال المسألة فيها بحث ليس هذا تفصيله اذا الخلاصة التي نريد ان نصل اليها ثبوت مرتبة من مراتب القدر هذا ما نستفيده من حديث عبادة رضي الله عنه الذي بين ايدينا وهو ان الله عز وجل كتب كل شيء مما هو كائن قبل خلق السماوات والارض والى قيام الساعة. وظاهر الحديث كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان ان الكتابة كانت الى هذا الحد الى قيام الساعة ولم تكن الكتابة لما بعد ذلك والله تعالى اعلم. نعم احسن الله اليكم ثم قال رضي الله عنه يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات على غير هذا فليس مني. نعم من مات على غير هذا فكان مكذبا للقدر مكذبا لعلم الله السابق او كتابته او مشيئته او خلقه او مكذبا لهذه جميعا فلا شك انه ليس من النبي صلى الله عليه وسلم ليس من دينه وليس من ملته فان من انكر القدر انكارا صريحا لا شك في ان انه ليس من الاسلام في شيء. نعم وفي رواية لاحمد ان اول ما خلق الله تعالى القلم ثم قال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن الى يوم القيامة نعم وفي رواية لابن وهب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره احرقه الله بالنار قال في رواية لابن وهب وابن وهب هو الامام العالم الجليل عبد الله ابن وهب المصري المتوفى سنة سبع وتسعين ومئة وهذه الرواية موجودة في كتابه القدر فانه افرد باب القدر بكتاب مطبوع وفيه ان من لم يؤمن بالقدر خيره وشره احرقه الله بالنار ولا شك ان من كذب بالقدر فهو كافر بالله عز وجل وقد توعد الله الكفار بالنار وهذه الرواية فيها مسألة وهي اثبات الخير والشر في المقدرات يعني فيما يقدره الله عز وجل مسألة الشر مسألة تحتاج الى تفصيل اعلم يا رعاك الله ان هذا الموضوع منضبط عند اهل السنة والجماعة بضابطين انتبه لهما الضابط الاول ان الشر يضاف الى مقدور الله ومفعوله ومخلوقه لا الى خلق الله وفعله الله عز وجل لا يضاف الشر اليه لا الى ذاته ولا الى اسمائه ولا الى صفاته اليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قد قال كما في صحيح مسلم والشر ليس اليك؟ ليس الشر الى الله عز وجل البتة بل فعله كله خير وما يضاف الى الله عز وجل كله خير. صفاته كلها خير واسماؤه كلها خير الشر لا يضاف الى الله عز وجل البتة انما يضاف الشر الى المقدور المخلوق لا الى الخالق سبحانه وتعالى. وذلك ان المعلومة عند جميع العقلاء ان الله عز وجل اذا خلق شيئا عاد حكم اذا خلق شيئا في شيء عاد حكم هذا الشيء الى المخلوق لا اليه سبحانه وتعالى. لان الصفة تتبع الذات التي وصفت بهذه الصفة. فاذا كان الله وعز وجل خالقا للاشياء ومنها ما يكون شرا او يكون قبيحا لم يعد حكم هذا الوصف الى الله عز وجل. اذا خلق الله رائحته قبيحة او اذا خلق الله ما شكله قبيح؟ عاد حكم القبح على ما قام به هذا القبح وليس الى الله سبحانه وتعالى. فالمخلوق هو الذي يوصف بالشر. ويوصف بالقبح ويتنزه الله تعالى عن ذلك. وذلك ان خلق الله عز وجل لهذا القبيح خير وجه ذلك انه يترتب على وجوده حكمة ومصلحة وجودها خير من عدمها ولأجل لهذا خلق الله عز وجل هذا الشر مع ملاحظة ان يراعي الانسان الادب مع الله عز وجل فلا يضيف اليه سبحانه وتعالى ايضا الخلق للشر على جهة الافراد. لا يقول قائل مثلا الله خالق الكلاب والقردة وخالق الكفر والمعاصي هكذا دون وجود حكمة في هذا الكلام. انما يدخل هذا الشر في عموم قوله تعالى مثلا الله خالق كل شيء المقصود ان الله عز وجل اذا خلق شيئا فيه شر فان ايجاد هذا الشيء حكمة ومصلحة وخير محض. لانه ترتب عليه خير عظيم. اقرب لك المسألة كل العقلاء يدركون ان الاشياء منها ما يراد لذاته ومنها ما يراد لغيره ما معنى يراد لغيره؟ لو ان ابنا لرجل اصيب بمرض اصيب مثلا في رجله عافاني الله واياكم بمرض يسري في جسده ولو لم يستأصل هذا العضو فان المرض سيسري يعني كأن يصاب والعياذ بالله بغرغرينا كما يقولون في الرجل. لو لم تقطع الرجل فان هذا المرض ماذا سيحصل له سيستمر حتى يموت هذا الانسان. هذا هو المعروف عند الطب. ولاجل هذا ربما تجد الاب المحب المشفق يأخذ ابنه بنفسه ويذهب به الى الطبيب ويعاونه على مسك ابنه لاجل ان يقطع هذا الطبيب رجله اليس كذلك؟ والسؤال هل هذا الاب غير محب لابنه لا يريد له الخير اجيبوا يا جماعة بل يحبه كل الحب والدليل انه حريص على مصلحته. طيب قد يقول قائل اذا كيف يذهب به ويعين على قطع رجله الجواب ان قطع الرجل ها هنا ليس مقصودا لذاته انما هو مقصود لغيره لو لم تقطع الرجل فان المرض ماذا؟ سيسري ويكون التلف بتقدير الله سبحانه وتعالى اذا ارتكاب هذه المفسدة كان في حقيقة الحال مصلحة وكان هو الحكمة وكان هو الخير. اذا قد يقصد الشيء لغيره يعني لا لذاته انما لما يترتب على وجوده. هذه صورة تقرب لك المسألة التي بين ايدينا ولله المثل الاعلى. فالله عز وجل اذا قدر حصول ما يكره فانما قدره لانه يترتب عليه ما يحب اذا قدر الله عز وجل خلق ابليس اذا قدر الله وجود المعاصي ووجود الكفر فانه يترتب على وجود هذا الذي يكره ما يحبه الله سبحانه وتعالى. فلاجل هذا اوجد الله عز وجل هذه المخلوقات التي فيها شر اذا اردت ان تتوسع في فهم هذه المسألة فارجع الى ما دونه ابن القيم رحمه الله في اه كتابه العظيم مفتاح دار السعادة فانه تكلم عن هذه المسألة بكلام نفيس بل اشار في احد المواظع الى الفوائد العظيمة التي يمكن ان تلتمس لخلق الله عز وجل للمعاصي. لما خلق الله المعاصي وجدت التوبة التي يحبها الله عز وجل لما خلق الله المعاصي كان ما يحبه الله عز وجل من مغفرة الذنوب لما وجدت المعاصي وجد وجدت عبودية المجاهدة التي يحبها الله عز وجل ذكر ابن القيم ما يزيد على ثلاثين فائدة لتقدير الله عز وجل للمعاصي. اذا اذا نظرنا الى فعل الله القائم به سبحانه وتعالى فانما يقدره سبحانه وتعالى خير محض وحكمة محضة ومصلحة محضة اما الضابط الثاني فهو ان الشر يضاف الى المخلوق المقدر. ومع ذلك لا يوجد فيما يخلقه الله ما هو شر محض لا يوجد فيما يخلقه الله عز وجل ماذا؟ شر محض بل لابد ان يكون هذا الذي خلقه الله عز وجل وفيه شر الشر فيه نسبي جزئي وليس شرا محضا. لابد ان يكون افي وجوده ماذا خير ويترتب على وجوده خير. اما ان يكون شرا من جميع الوجوه ولا فائدة تترتب على وجوده فانه ليس في المخلوقات شيء من ذلك لم يخلق الله عز وجل شرا محضا. انتبه لهذا الضابط المقرر عند اهل السنة والجماعة وله شواهد من الادلة كثيرة لا يوجد ما هو ماذا شر محض بل ما فيه شر فان الذي فيه شر الشر فيه ماذا نسبي جزئي يعني ليس شرا محضا ليس شرا كما يقولون مئة بالمئة بل لابد ان يكون فيه شر وخير ولاجل هذا خلقه الله سبحانه وتعالى. اما شر كامل شر محض فهذا عدم وهو غير موجود وليس في خلق الله عز وجل شيء منه اذا فهمنا لهذا الامر يتضح به معنى ما جاء في هذه الرواية وهو الايمان بالقدر خيره وشره قد يقدر الله عز وجل ما فيه شر ولكن هذا الشر شر في المخلوق المقدر وليس راجعا الى فعل الله الذي يقوم به وهذا الشر ايضا ليس شرا محضن بل انما هو شر من وجه وفيه خير من وجه من حيث انه يترتب على وجوده ما هو خير والله تعالى اعلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي انه قال اتيت ابي ابن كعب فقلت في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال لو انفقت مثل احد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر. وتعلم ان ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك. ولو مت على غير هذا لكنت من اهل النار قال فاتيت عبد الله ابن قال فاتيت عبد الله ابن فقال فاتيت عبد الله ابن مسعود وحذيفة ابن اليمان وزيد ابن ثابت رضي الله عنه فكلهم حدثني بمثل حديث ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه نعم هذا الحديث كما ذكر المؤلف رحمه الله خرجه الامام احمد في مسنده وكذلك هو في السنن في سنن ابي داوود وابن ماجه وهو كذلك عند الحاكم وغيرهم ممن اخرجوا هذا الحديث. وهو حديث صحيح وفيه ان ابن الديلمي وابن الديلمي هو عبدالله بن فيروز الديلمي احد كبار التابعين رحمه الله انه وقع في نفسه شيء يتعلق بالقدر فرجع في ذلك الى ابي ابن كعب رضي الله عنه وطلب منه ان يحدثه بشيء لعل الله عز وجل ان يذهب هذه الشبهة من قلبه بسببه فاخبره بما دلت عليه الادلة والاثار السابقة من وجوب الايمان بالقدر وان هذا الايمان بالقدر به تكون حقيقة الايمان. وان من لم يكن كذلك فانه ليس بمسلم ولا جديد في هذا آآ الحديث الا ما اشار الا ما اشار المؤلف رحمه الله في المسائل اليه وهو ان عادة السلف ازالة الشبهة بسؤال العلماء وهذا تنبيه مهم ودرس ما احوجنا اليه في هذا الوقت وفي هذا الزمان الشبهة من علاجها الرجوع الى اهل العلم وهكذا فعل ابن الديلمي لما وقع في نفسه شيء من الشبهة في شأن القدر وما اكثر الشبه ولا سيما في باب القدر فرجع رضي الله عنه ورحمه الى ابي ابن كعب والى عبد الله ابن مسعود والى حذيفة ابن اليمان والى زيد ابن ثابت وكلهم يحدثوا بما حدث به الاخر اه وكلهم يرفع ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء هذا في رواية ابن ماجة. اما الرواية التي بين ايدينا فان الذي تحدث به ابي وابن مسعود وحذيفة انما هو من قولهم والمرفوع انما كان آآ فيما رواه زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن ماجة ان ابي رضي الله عنه لما اجابه قال ولا عليك ان تأتي اخي عبدالله ابن مسعود ثم اتى الى عبد الله ابن مسعود فاجابه بمثل جواب ابي. فقال ولا عليك ان تأتي اخي حذيفة ابن اليمان. ثم لما جاءه او بمثل حديث صاحبيه قال ولا عليك ان تأتي اخي زيد ابن ثابت. المقصود ان ها هنا تنبيها مهما يتعلق بموضوع الشبه ومنهج التعامل معها هذا الزمان الذي نعيشه من سماته البارزة انه زمن الشبهات شبهات تتقاذف على المسلمين صغارا وكبارا ذكورا واناثا واناثا تتناول كل شيء شبه تتعلق بصحة الاسلام شبه تتعلق بسنة النبي صلى الله عليه وسلم شبه تتعلق بالقرآن شبه بتوحيد الله عز وجل شبه تتعلق بباب الصفات شبه تتعلق بباب القدر شبه تتعلق باحكام الاسلام شبه تتعلق بوجود الباري سبحانه وتعالى. اذا شبهات تقذف على الناس وتهبط عليهم من فضاء او تصطادهم من خلال الشبكة حتى انها لا تدع او لا تكاد ان تدع بيتا الا دخلته ولاجل هذا يجد طالب العلم والداعية الى الله عز وجل اشكالا عند كثير من الناس يسألون عن شبه وردت عليهم ما رأيك في من يقول كذا؟ وكيف نجيب عن كذا وكذا؟ وربما كانت مسائل كبار. اذا كيف ينبغي ان يتعامل المسلم مع الشبه اذا وردت عليه تنبه يا رعاك الله الى وصايا ثلاث تتعلق بموضوع الشبهات والتعامل معها فان الاخذ بها فيه عصمة من الوقوع في حمأة الشبهات بتوفيق الله عز وجل اولا الشبهة قبل ان اذكر الوصايا الشبهة امر فيه التباس يعني هي باطل يلبس لباس الحق ولاجل هذا فانه فانها تروج على قليل العلم الشبهة باطل يلبس لباس الحق تتبهرج وتتزخرف وتتحسن في اعين من كان جاهلا اما العالم الذي اتاه الله عز وجل البصيرة في الدين فانه ينظر اليها بنظر ثاقب بما يفتح الله عز وجل عليه من العلم فيعرفها على حقيقتها تتعرض وامامه ولا ينخدع بها. انما الاشكال في ورودها على جاهل ليس بثابت القدم في العلم اذا كيف ينبغي على الانسان ان يتعامل معها اولا المطلوب من كل مسلم ان ينأى بنفسه عن الشبهات عليك يا عبد الله ان تهرب منها واياك ان تتساهل معها او ان ترخي سمعك لها. فان هذا هو الموت الاحمر ها هنا الخطورة كل الخطورة. اعلم يا عبد الله ان الشبه خطافة وان القلوب ضعيفة وكم من الناس من سقط في وحل الضلال بسبب انه تساهل مع الشبهات. الشبهة مشكلة كبرى الشبهة تشبه الورم تعرفون الورم؟ اسأل الله ان يعافيني واياكم والمسلمين. الورم لا تجد انه يبدأ شيئا كبيرا انما هو يبدأ بماذا شيئا صغيرا ثم انه لا يزال يكبر ويفشو حتى ربما اذا وصل الى مرحلة متأخرة ربما تجد الطبيب يقول لا استطيع ان اصنع ان اصنع لك شيئا اصبح هذا الورم منتشرا في الجسد. كذلك الشبهة تبدأ نقطة في قلب ثم انها لا تزال تكبر وتتوسع حتى ربما اظلم القلب بسببها وانا اعرف وربما انتم تعرفون من ضل وانحرف بل ربما ارتد عن دين الله عز وجل بسبب بسبب شبهة واحدة اذا المسألة ينبغي ان يكون فيها الحزم ينبغي ان يكون فيها الجدية لا ينبغي للانسان ان يتساهل يقول انا الحمد لله مسلم وولدت مسلما واسرتي مسلمة لا يمكن ان اتأثر. حذاري يا عبد الله اياك من هذه المصيدة اياك من هذه الاحبولة التي يصطاد بها ابليس. مشكلة كبرى ولا سيما عند الشباب ما يسمى بحب الاستطلاع لماذا؟ ما الذي يمنعني ان اطالع هذه القناة؟ ربما تكون قناة تقذف بشبه التنصير او تقذف بالشبه التي تطعن في دين الاسلام او تطعن في بعض مسائل الدين. فيقول انا استمع هذه حرية هذه ثقافة هذه آآ رغبة في ان اطالع الشيء الجديد لماذا يعني نتحجر؟ واذا به لا يخرج من هذه المطالعة الا وقد اظلم قلبه وربما كان ذلك سببا لانحرافه كذلك تجده يدخل الى مواقع الى معرفات الى حسابات الى مدونات في الشبكة ويبحر ويطالع واذا بقلبه يتحمل من السموم تلو السموم التي تضعف ايمانه وتوحيده وهو لا يشعر. والنتيجة بعد ذلك انك تجده يقع في قلق عظيم وشك كبير بل ربما وصل الى ان يكون على حافة بين الايمان والكفر ان تداركه الله عز وجل فانه يلطف به ويعيده الى حظيرة الاسلام والا فانه قد يتردى في من حفر الكفر وانا اتحدث يا اخواني عن امر واقع وليس عن امر خيالي ينبغي على الانسان ان خذا هذا الامر على محمل الجد. وان يأتمر باوامر الله عز وجل. واذا رأيت الذين يخوضون في اياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره. قال جل وعلا في سورة ال عمران عن هذا الكتاب العظيم. منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. ها هنا حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث عظيم ينبغي ان نضعه نصب اعيننا. قال عليه الصلاة والسلام فاذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم حذاري من هؤلاء ان السلامة من سلمى وجارتها الا تحل على حال بواديها. ابتعد واهرب وانجو بنفسك عند شعورك بان ها هنا خطرا. وها هنا شبه تقذف تطعن في مسلمات والمحكمات واصول الدين التي تعتقدها. اذا عليك اولا ان تبتعد الوصية الثانية اذا قدر الله عز وجل ورود الشبهة عليك وصلتك الشبهة دون دون بحث وتطلب منك قدر الله ورودها عليك قرأتها في رسالة واتس او قرأتها في تغريدة او شاهدتها في قناة من القنوات فان عليك ان تتعامل معها تعاملك مع المرض المعدي الخطير بمعنى اياك من التساهل واياك من التمادي واياك من التكاسل عليك ان تسعى مباشرة بعلاجها هي اشبه الاشياء بالمرض الذي يحتاج الى ان تبادره بالعلاج قبل ان يستفحل والعلاج انما هو عند العلماء الربانيين العلاج عند اطباء القلوب العلماء الراسخين فعليك ان تطلب ذلك عند اهل العلم. واقول الراسخين فان من الناس من اذا وقعت الشبهة في قلبه يبادر يبادر الى حلها وعلاجها في غير مظنة ذلك. تجد انه اذا جاءته الشبهة تتعلق بامر عظيم يتعلق بوجود الله او صحة القرآن او صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ليس امامه الا ان يكتب في قوقل هذا واقع او لا؟ يظن ان هذا هو العلاج ان اكتب في ماذا؟ في محرك البحث قوقل وابحث والله اعلم الى اي موقع سوف يصل في بحثه ربما يقع في اه او يصل الى موقع مفيد ونافع وناصح وربما يكون الامر بخلاف ذلك بل ربما يصل الى موقف ان يزيده شكا واشتباها. اذا الشبهة علاجها ليس في الشبكة عند الجاهل بمواقعها ليس عند ضعاف اه المثقفين والكتاب و وامثال ذلك العلاج ينبغي ان يكون عند العلماء راسخين هذه الامثلة التي بين ايدينا شواهد كافية ولله الحمد. هذا عبد الله بن الديلمي لما وقع في نفسه شيء الى اين ذهبت؟ اولا سكت كتم ترك الامر آآ على ما هو عليه ولعله يفشو في قلبه ويستمر او انه بادر الى كشف ذلك بادر الى كشف ذلك ذهب الى العلماء ذهب الى ابي وابن مسعود وحذيفة وزيد ابن ثابت رضي الله عنهم في اه القصة التي مرت معنا اول هذا الباب حميد بن عبد الرحمن الحميري ويحيى بن يحيى بن ماذا فعلوا لما ورد عليهم شبهة تتعلق بمقالة القدرية ذهبوا ورحلوا الى مكة من العراق الى مكة حاجينا او حاجين او معتمرين ولاجل ايضا ان يصلوا الى احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كشف لهم حقيقة الحال وجدوا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فسألوه فسألوه فسألاه عن ذلك. ايضا في حديث عبادة في رواية الترمذي ان عبد الواحد بن سليم وقع عنده شيء من الاشكال في مسألة القدر وصله قول القدرية فذهب الى عطاء ابن ابي رباح امام اهل مكة رحمه الله وسأله عن هذا فقال اقرأ من سورة الزخرف فقرأ حتى بلغ قوله تعالى وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم فبين له ان هذا هو الذكر يعني اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه كل شيء وفيه ان فرعون من اهل النار وفيه كذا وفيه كذا ثم حدثه بما حدثه به الوليد ابن عبادة ابن الصامت في الحديث الذي بين ايدينا والرواية التي معنا رواية ابي داوود المقصود ان العلماء لم يزالوا لم يزالوا حريصين على كشف الشبه عند العلماء الراسخين اذا ورد عليك شيء من ذلك فعليك ان تبادر الى علاجه عند الاطباء الناصحين اطباء القلوب وهم العلماء الراسخون الامر الثالث عليك يا رعاك الله ان تعتصم بالمحكمات والشبهة تبقى شبهة. ابقي الشبهة في محلها وضعها في مكانها اللائق واعتصم بالمحكمات عليك ان تتنبه الى هذه القاعدة المهمة محكمات الدين واصوله ومسائله الواضحة الراسخة التي عليها ادلة الكتاب والسنة ينبغي ان تكون راسخة في قلبك رسوخ الجبال لا ينبغي ابدا ان تجعلها ضعيفة مهزوزة بحيث ان ادنى هبة ريح تؤدي الى ان تكون شاكا مرتابا. كلا يا عبد الله تمسك دائما بالمحكمات الاصول المحكمة وهي الحق الذي انزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبالحق انزلناه وبالحق نزل وبذلك تصغر الشبهة في عينك وتضمحل وتضع هذه الشبهة حينئذ في محلها اللائق بها الشبهة تبقى شبهة لكن لا ينبغي ان تهزك وان تجعلك مرتابا ولذلك تنبه الى هذا التنبيه اللطيف في قوله تعالى ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ثم قال الحق من ربك فلا تكن من الممترين الممترين يعني الشاكين. تنبه هنا الى ان الله عز وجل بين زيف شبهة النصارى الذين شبهوا ولبسوا بخلق عيسى عليه السلام فان عيسى كلمة الله يعني بالكلمة كان قال له كن فيكون. هم لبسوا بهذه الشبهة وان اللاهوت آآ نزل في الناسوت وان فيه شيئا من الالهية بسبب طريقة خلقه فبين الله عز وجل المحكم في هذا الباب وان خلق عيسى هو كخلق ادم ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم ثم بين الله عز وجل ان هذا الحق ينبغي ان يكون راسخا لا يقبل التشكيك. الحق من ربك فلا تكن من الممترين. هذه مسألة مهمة وارجعك واوصيك بالرجوع الى الجواب المجمل الذي اورده امام الدعوة رحمه الله في كتابه كشف الشبهات فانه في غاية الاهمية لكل طالب علم بل لكل مسلم وهو انه اذا ابتلي بمن يورد عليه الشبه من اهل الشرك والبدع فعليه ان يبين له ان العبادة لله عز وجل وان الله عز وجل هو المعبود وان كل عبادة تصرف لغيره فهو شرك. اما هذا الذي تحدثني به فانا لا اعرفه ولا يضرني الا اعرف كشفه انما الحق هو هذا الذي اعلمه. اذا اذا وردت عليك شبهة لا تستطيع وردها وربما لن تستطيع ان ترد كل شبهة انما عليك ان تعتصم بالمحكم عندك والشبهة ضعها في محلك لا تؤثر فيك ان لم تستطع جوابها اليوم غدا او بعد غد وربما بعد سنة وربما بعد عشر سنوات المهم ان لا تكون مؤثرة على ايمانك على المحكمات ضعها في قلبك راسخة رسوخ الجبال التي لا تقبل ان تهتز عندها باذن الله عز وجل تكون حريا بالتوفيق للهداية. اما الذي يكون قلبه مثل الاسفنجة يتشرب كل شيء ويتقبل كل شيء. هذا الذي تجده دائما مرتابا حائرا شكاكا لا يستقر له قرار. الذي ينبغي ان تتناول هذه الشبه وان تنظر اليها ان تجعل قلبك مثل الزجاج الذي يرى الشبهة بصفائه لكنه يطردها بصلابته لا يقبل دخولها على قلبه. اذا عندنا قلبان قلب من زجاج يرى الشبهة ويعرف الباطل. ولكنه لا يتسرب اليه وقلب مثل الاسفنجة يتشرب كل ما يرد اليه. عنده استعداد لان يأخذ بكل قول وان يتشكك وان يذهب كل مذهب اليوم في قول وغدا على قول وبعد غد على مذهب وهكذا كلما جاءه شخص الحن بحجته من شخص فانك تجده يذهب معه يأخذ بيده ويقود معه قود النعاج مثل وهذا تجده شاكا مرتابا حائرا مضطربا وربما والعياذ بالله يعود القهقرة وهكذا ينبغي على المسلم ان يتنبه الى هذا الامر العظيم. اذا هذه وصايا ثلاث ينبغي ان نتنبه اليها في شأن الشبهات. اسأل الله عز وجل ان واياكم من كل ما يؤثر على ايماننا ويؤثر على توحيدنا واتباعنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللهم انا نعوذ بك من الحور بعد الكور والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله واصحابه واتباعه باحسان