بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فيا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين هذا الباب من سلسلة الابواب التي عقدها المؤلف رحمه الله لينصح اهل التوحيد والايمان لترك في تحقيق التوحيد ولذلك الالفاظ التي تركها من كمال التوحيد القول بها من ضعف تعظيم الله عز وجل وتوحيده ولذلك اخفار ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم الذمة هي العهد والميثاق ولاجل هذا قيل عن اهل الكتاب انهم اهل الجنة اذا كانوا في بلاد المسلمين وآآ لذلك قول الشاعر النجاشي الحارثي يهجو قبيلة قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل لا شك ان اعظام الله عز وجل يقتضي ان تعظم ذمته فالميثاق والعهد الذي اخذ بالله عز وجل وعلى ذمة الله وعلى ذمة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد ان يوفى به تحقيقا للتوحيد الواجب ويختار ذلك يعني نقده لا شك انه من ضعف تعظيم الله عز وجل. ومن وهن في توحيد العبد لا ينبغي ان يقع فيه المسلم رحمه الله الدليل الذي يدل على هذا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم لا تنقبل الايمان بعد توكيدها الاية. هذا امر من الله سبحانه قال واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم اذا اعطيتم عهد الله بان قال انسان لاخر عليك او لك عهد الله ان اؤننك على نفسك فلا اؤذيك او ان يكون معك صادقا او ان احفظ سرك وما شاكل ذلك؟ فانه يزني جيلا ان يفي الانسان بهذا العهد والميثاق الغليظ لانه عهد الله عز وجل واخاره منكر عظيم حتى انه لا كفارة له الا التوبة وذلك لعظمته. ليس الشأن فيه شأنا هينا بحيث انه يمكن ان يكفر بكفارة كما هي كفارة اليمين مثلا كلا هذا الذنب لا كفارة له عند اهل العلم وذلك لانه امر عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب لا تكفر الا بالتوبة الى الله سبحانه وتعالى. قال اه سبحانه وتعالى في هذه الاية ولا تنقض الايمان بعد توكيدها. مر بنا ما يتعلق بالايمان في الدرس الماظي وهذه الايمان التي امر الله عز وجل بحفظها وعدم نقظها هي الايمان الداخلة في العهود والمواثيق. وليست الايمان التي تتعلق بالحث او المنع فان هذه يجوز عدم الابرار بها بل يستحب اذا ظهرت في ذلك اعيد قوله تعالى ولا تنقدوا الايمان بعد توكيدها يعني اذا اقسم الانسان بالله عز وجل في عهد او عقد عقده فواجب عليه ان يفي بذلك ولا ينقض يمينه اما الايمان والاقسام التي تتعلق بحث النفس او منعها من امر من الامور فان هذه يجوز للانسان ان لا يفي بها. يجوز ان ينقض هذه اليمين. ولا بها مع نزول الكفارة في حقه في تفاصيل عند الفقهاء. بل كما ذكرنا في الدرس الماضي ان هذا مما يستحبوا متى ما ظهرت المصلحة في ذلك وقد مر معنا ما ثبت في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم والله اني ان شاء الله لا احلف على يمين فارى غيرها خيرا منها الا كفرت عن يميني واتيت الذي هو خير. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن بريدة رضي الله عنه انه قال كان رسول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا امر اميرا على جيش الاسرية اوصاه بتقوى الله ومن ناموا من المسلمين ومن معه من المسلمين خيرا فقال اعزي بسم الله في الله قاتل من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تقدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا واذا لقيت عدوك من المشركين تدعوهم الى ثلاث خصال او خلال ايتهن ما اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ثم ادعهم الى الاسلام فان اجابوك فاقبل منهم ثم دعهم الى التحول من دارهم الى دار المهاجرين. واخبرهم انهم ان فعلوا ذلك فلهم لا للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فان ابوا ان يتحولوا منها فاخبرهم انهم يكونون كاعراب المسلمين. يجري عليهم حكم الله تعالى ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء الا ان يجاهدوا مع المسلمين فان هم ابوا فاسألهم الجزية فانهم اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فانهم اذوا فاستعن بالله وقاتلهم واذا حاصرت اهل حسد فارادوك ان تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ولكن اجعل لهم وذمة اصحابك فانكم ان تغفروا فانكم ان تغفروا ذللكم وذمة اصحابكم اهون من ان تغفروا ذمة الله وذلة نبيه واذا حاصرت اهل حصن فارادوك ان تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن انزلهم على حكمك فانك لا تدري اتصيب حكم او فيهم ام لا؟ رواه مسلم. احسنت. هذا الحديث حديث بريدة ابن الحصيب فاسلم رضي الله عنه وقد خرجه الامام مسلم رحمه الله في صحيحه وهو حديث طويل وفيه مباحث شتى الشاهد منها قول النبي صلى الله عليه وسلم واذا حاصرت اهل حصن الخطاب كان من جملة وصية كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بها امير الجيش او السرية السرية قطعة من الجيش. قيل تبلغ من المئة الى الاربع مئة قيل من المئة الى الخمس مئة قيل من الخمسة الى الثلاث مئة المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي امير هذه سرية او ذاك الجيش بهذه الوصية العظيمة ومن ذلك قال اذا حاصرت اهل حصن فارادوك ان اجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم. بمعنى انهم وافقوا على ان يستسلموا بشرط ان يأمنوا على انفسهم بجعل ذمة الله ونبيه صلى الله عليه انهم في ذلك تجعل لهم او تجعلون لهم يا معشر المسلمين ذمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مثلا الا يعتدى عليهم ان يحفظوا في اموالهم الى غير ذلك. ها هنا امر النبي صلى الله عليه وسلم الا يجعل امير لهم ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم. انما ينزلونهم على ذمتهم ذمة اصحابهم والسبب ذكره النبي صلى الله عليه وسلم قال فانكم ان فانكم ان خيروا ذمتكم وذمم اصحابكم اهون من ان تغفروا ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم الشأن ان ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم امرها عظيم وواجب الوفاء بها والمقام فيه جيش وربما كان من سوادهم او من جهالهم من وقع في اخفاء ذلك سيكون قد وقع امر عظيم وهو اخفار ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم معنى في ذلك من اساءة سلعة الاسلام والمسلمين. فالاهون اذا ان التزم لهم بذمة المسلمين بذمة امير الجيش او اهل هذا الجيش. اما ان يلتزم لهم بذمة الله ونبيه صلى الله عليه وسلم فهذا امر محفوف بالخطر ويترتب عليه او قد يترتب عليه مفسدة عظمى. الا وهي اخفار ذمة الله ونقض ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم. هذا من تحقيق التوحيد. تعليم من نبينا صلى الله عليه وسلم لنا معشر المسلمين على تعظيم الله عز وجل وعلى تحقيق التوحيد له تبارك وتعالى ومن ذلك ليعظم كل ما يرجع الى ربنا سبحانه وتعالى ومن ذلك الذمة والميثاق والله تعالى اعلم من فوائد هذا الحديث ان العلماء استنبطوا منه قاعدة مهمة من قواعد الشرع وهي احتمال ادنى المفسدتين في سبيل دفع اعلاهما. يرشد الى هذا قوله صلى الله عليه وسلم فانكم اغفروا ذمتكم وذمم اصحابكم اهون من ان تغفروا ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم. وهذه قاعدة صحيحة يدل عليها ادلة كثيرة في الشريعة فان تزاحم عدد المصالح يقدم الاعلى من المصالح تزاحم المفاسد يرتكب الادنى من المفاسد. والله تعالى اعلم. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى او اذا جاء في الاقسام على الله قال رحمه الله باب ما جاء في الاقسام على الله الاقسام على الله له احوال ترجع الى ثلاث. الايلاء ان يقسم على الله الله عز وجل في شأن خبر من خبر الله او خبر رسوله صلى الله عليه وسلم كأن يقول مثلا والله ليدخلن الله المؤمنين الجنة. والله لا يعذبن الله الكفار في النار والله لتكونن العاقبة للمتقين الى غير ذلك مما جاء الدليل عليه في والسنة فهذا الاقسام لا حرج فيه القسم الثاني الاقسام على الله الذي ينشأ عن عظيم الايمان به وكمال حسن الظن به تبارك وتعالى. ويدل على هذا ادلة عدة في الصحيحين من ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث انس رضي الله عنه ان الربيع بنت النضر كسرت ثنية يعني سن جارية من الانصار. فاشتكوا الى النبي صلى الله عليه وسلم. فارادوهم على الصلح ايضا العرش فابوا الا القصاص قال انس بن النظر اخو الربيع يا رسول الله اتكسر ثنية الربيع؟ والله لا تكسر ثنية وفي رواية في الصحيحين وفي رواية في البخاري قال والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنية الربيع قال يا انس كتاب الله القصاص ثمان اهل تلك الجارية رضوا بالعرش قبلوه عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ان من عباد الله من لو اقسم على الله لابره هذا لفظ البخاري وعند مسلم ان من اقسم على الله انما كانت ام الربيع وليس انس ابن الربيع وليس انسا من النظر. ويدل على هذا ايضا ما ثبت في الصحيحين من حديث حارثة ابن وهب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الا ادلكم على اهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو اقسم على الله لابره ويدل على ذلك ايضا ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال رب اشعث مدفوع بالابواب. لو اقسم على الله لابره. ويدل على هذا ايضا ما ثبت في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر كما في قصة عمر رضي الله عنه وهي مشهورة قال يقدم عليكم مع امداد اليمن اويس ابن عامر يعني القرني واخبر عليه الصلاة والسلام انه كان به برص فذهب عنه الا موضع درهم. وانه كان له والدة هو بها بر. قال لو اقسم على الله وايضا جاء عند الترمذي باسناد حسن ان شاء الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كم من اشعث اغبر ذي طمرين مدفوع بالابواب؟ لو اقسم على الله لابره منهم البراء بن مالك الذي هو اخو الذي هو اخو انس ابن مالك رضي الله عنهما. اذا هذه ادلة تدل على ان هؤلاء الصالحين المؤمنين لو اقسموا على الله عز وجل لابر قسمهم والمعنى ان الله عز وجل يجيبهم الى ما اقسمه ولا ويحنثهم في يمينهم لكرامتهم على الله تبارك وتعالى. كأن يقول مثلا والله لا يكون كذا مما يقدره الله عز مما قد يقدره الله عز وجل في المستقبل او لا يقدره. او يقول اقسمت اي ربي ان يكون كذا وكذا. فان هذا من الامر الذي يرتقي اليه الكمن من منين؟ كما جاء في هذه النصوص وغيرها ولكن هذا الباب ينبغي ان تنبه المؤمن الى انه مرتبة ننيفة لا يرتقي اليها الا الكمل. واما من انا بينهم فلا ينبغي ان يقتحم هذا الباب ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه هذا المقام مقام ناشئ كما ذكرت لك عن حسن ظن بالغ بالله تبارك وتعالى يظن ان الله تبارك وتعالى سوف يقع منه ما سوف يكون منه تبارك وتعالى وسوف يقدر سبحانه وتعالى الشيء الذي احبه ورغب اليه لانه يحسن الظن بالله تبارك وتعالى ويعلم ان الله على كل شيء قدير. فهو يرجو الله ان يجيبه الى هذا الشأن الذي اه اقسم على الله عز وجل في شأنه وبالتالي فهذا القسم من اهله لا حرج فيه. يبقى القسم الثالث هو الموضوع الذي عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب لاجله. وهو الاقسام على الله. الذي ينشأ من سوء ظن بالله. اب او عدوان على خلق او عدوان على الخلق. او اعجاب ان بالنفس واحتقار للغير. فلا شك ان هذا من ضعف التوحيد. وتركه من تحقيق كمال التوحيد الواجب على الانسان ان يحذر من هذا الامر كما دل على ذلك الادلة التي عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما ستسمعه فيما اورد المؤلف رحمه الله. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله الجندي ابن عبدالله رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل والله لا يغفر الله فقال الله عز وجل من ذا الذي يتألى علي الا اغفر لفلان اني قد غفرت له واحبطت عملك. رواه مسلم. حديث جندي ابني عبد الله البجلي رضي الله عنه مخرجا في صحيح مسلم وفيه ان رجلا قال لاخر او قال في شأن رجل اخر والله لا يغفر الله لفلان. وقع في هذا الامر المذموم الخطر وهو ان اقسم على الله عز وجل انه لا يكون كذا او انه لا يفعل تبارك وتعالى كذا فكانت هذه الكلمة سببا لمقت الله عز وجل له وسببا لحبوط عمله نسأل الله السلامة والعافية. اذ قال الله عز وجل من ذا الذي يتألى عليه يتألم يعني يقسم ويحلف الانية هي اليمين او القسم او الحلف قال كثير عزة قليل الا يا حافظ ليمينه وان سبقت منه الالية ضرتي. من والذي يتعلى علي الا يغفر الا اغفر لفلان اني قد غفرت له واحبطت عملك. فهذا دليل على ان الاقسام على الله عز وجل كهذه الحال التي كانت من هذا الانسان لا شك انها ذنب عظيم. وجاء عند ابي داوود في سننه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قصة قريبة من هذه ايضا وهي في شأن رجلين من بني اسرائيل كانا متآخيين. احدهما كان يذنب رجل عاصم والاخر قال النبي صلى الله عليه وسلم مجتهد بالعبادة فكان العابد اذا رأى ذاك المقصر يقع في الذنب ينصحه ويقول له اقصر كف لا تفعل وذاك الرجل يقول خلي عني خلني وربي فرآه مرة على ذنب استعظمه فقال اقصر قال خلني وربي ابعثت علي رقيبا؟ فقال عندها وبئس ما قال والله لا يغفر الله لك او لا يدخلك الجنة ابدا. فبعث الله عز وجل الملك فقبض وروحهما ثم جمعهما عنده تبارك وتعالى اجتمعا عند رب العالمين جل وعلا. فقال سبحانه لهذا المذنب قال لهذا المذنب ادخل الجنة برحمته. وقال لهذا العابد الذي تألى على الله عز وجل قال اكنت بيعا لما ام كنت على ما في يدي قادرا ثم قال سبحانه وتعالى خذوه الى النار. عند ذلك قال ابو هريرة رضي الله عنه قال كلمة اوبقت دنياه واخرته نسأل الله السلامة والعافية. وفي مصنف عبد الرزاق باسناد رجال وثقات. من حديث ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا ان رجلا كان يصلي فلما سجد جاء رجل فوظع قدم وهو على عنقه فلما انصرف قال وظعت قدمك على عنقي وانا ساجد والله لا يغفر الله لك ابدا. قال ابن مسعود رضي الله عنه فادخله الله النار. اذا يا ايها الاخوة هذا المقام مقام عظيم. ينبغي على الانسان ان يحفظ فيه لسانه وان يحذر ان يقع في هذه الهوية العظيمة وهي ان يقسم على الله عز وجل اقساما ناشئا عن سوء ظن بالله عز وجل او تحكم في فعله تبارك وتعالى او اعتقاد ان الله تعالى لا يقدر على ان يغفر هذا الذنب. فان رحمته تقصر وتضعف عن ذلك. من كان منه ذلك فلا شك انه واقع في ذنب عظيم. تبقى عندنا مسألة وهي في قول النبي صلى الله عليه وسلم قد غفرت له واحبطت عملك. ما هذا الحدود؟ اهوى الحبوط الكلي ام هبوط الجزئي. المتقرر عند اهل السنة والجماعة ان الحبوط قسمان. حبوب يعني ان تبطل حسنات الانسان ان تزول او ان يزول جميع ثوابه على اعماله بالكلية. وهذا لا يكون الا بالكفر بالله عز وجل ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. والهبوط الجزئي هي بطلان بعض الثواب الى جميعه. وهذا يكون بفعل المعاصي التي هي دون الكفر. ويدل على ذلك قوله تعالى لا تبطلوا صدقاتكم بالم والاذى. ويدل على ذلك ايضا قوله تبارك وتعالى ولا تبطلوا اعمالكم قال اهل التفسير يعني بالمعاصي ويدل على ذلك جملة من النصوص اخرى. المقصود ان الواردة في هذا الحديث هل هو من الاول او من الثاني؟ اختلف اهل العلم في توجيه هذا الحديث منهم من قال ان هذا القائل كان منه عمل اخر هو ناقض من نواقض الاسلام كان السبب في حبوط عمله. وقال اخرون ان هذا الانسان كان قائلا هذه الكلمة يعني مقسما على الله عز وجل متحكما في فعله مستحلا لذلك وهذا اه كفر فحبط عمله لاستحلاله. وقيل ان هذا كان حكم هاوي الكلمة في شرع من قبلنا. وهذه التوجيهات بادية الضعف والتكلف والتحقيق في هذا المقام ان شاء الله ان يقال ان هذا الرجل كان بين امرين اما ان يكون قوله هذا والله لا يغفر الله لفلان ناشئا عن اعتقاد ان له مكانة عند ربه ومزية وفضيلة بحيث ان يحكم على الله عز وجل. فالله عز وجل يفعل ما يأمر به ولا شك ان الامر ان كان كذلك فيكون هذا الانسان قد كفر بالله عز وجل وبالتالي يكون حبوطه ثبوت اعماله حبوبا كليا. والاحتمال الثاني ان يكون هذا الانسان قد قال هذا القول عن طرف من سوء الظن بالله عز وجل او اعجاب بنفسه واحتقار لهذا الذي قال فيه ما قال. وبالتالي فيكون قد وقع في ذنب عظيم ولا يصل ذلك الى حد الكفر. وعليه فيكون حبوطه حبوطا جزئيا. ويبقى بعد ذلك النظر في قوله في الحديث واحبطت عملك. الذي يظهر والله تعالى اعلم ان المراد ان المراد هنا مطلق العمل ما العمل المطلق؟ وقد عرفنا في دروس سابقة الفرق بين الجملتين فهذا قد احبط الله عز وجل عنه جملة من اعماله قد يكون الذي احبط اعمال الجوارح. قد يكون الذي احبط اعمال الجوارح. فان الذي قرره طائفة من اهل العلم منهم ابن رجب رحمه الله في كتابه فتح الباري قرر ان العمل اذا اطلق في النصوص فانه ينصرف الى اعمال الجوارح. وربما الامر يحتمل ان يكون الذي احبط العمل الذي اعجب به هذا الانسان والله تعالى اعلم من فوائد هذا الحديث ان نعلم خطر اللسان فاللسان شأنه عظيم. ان اللسان صغير جرمه وله جرم كبير. كما قد قيل في المثل هل يكب الناس على وجوههم؟ او قال عليه الصلاة والسلام على مناخرهم الا حصائد السنتهم؟ هذه كلمة قالها هذا الانسان فاوبقت دنياه واخراه عافاني الله واياكم من ذلك. الامر خطر رب كلمة يقولها العبد لا يلقي لها بال يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق الى المغرب على الانسان ان يحترس في كلامه وان يتنبه الى الفاظه فلعله يقول الكلمة التي تكون سببا في تعاسته عافاني الله واياكم من ذلك. ايضا من فوائد هذا الحديث ان نعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم صادق حين قال الجنة اقرب الى احدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك. يعني ان اسباب دخول الجنة او النار قريبة. ربما يدخل الانسان الجنة بسبب لا يظن انه يبلغه ما بلغ والشأن في الطرف الاخر كذلك وهذا مثل تضربه العرب الى قرب الشيء يقال هذا اقرب اليك من شراك نعلك يعني الامر قريب جدا فأسباب الجنة والنار اسباب قريبة ومن ذلك هذه الكلمة التي قالها هذا الانسان فاوجبت سخط الله تبارك وتعالى عليه. ولذلك ايضا ان نعلم خطر الغضب الغضب نجمع الشر على الانسان ان يتنبه ويتحفظ. هذا الانسان قال كلمة في لحظة غضب فاورثه فاوردته هذا المورد العظيم. ومن تلك الفوائد ايضا ان نعلم صحة معتقد اهل السنة والجماعة في شأن اهل الكبائر في شأن العصاة وانهم تحت مشيئة الله تبارك وتعالى ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم. هذا انسان يذنب يرتكب المعاصي ناصحوا ولا يستجيب ومع ذلك فان الله تبارك وتعالى قد غفر له وادخله الجنة. الله عز وجل ذي الواسعة لا ينبغي على الانسان ان يحجر رحمة الله تبارك وتعالى ولا ان يسيء الظن بالله جل وعلا. الله تبارك وتعالى وسعت رحمته كل شيء. وان ربك لدو مغفرة للناس على ظلمهم. وان ربك لشديد العقاب على الانسان ان لتنبه الى هذا الامر العظيم فلا يقع فلا يقع فيما وقع فيه اهل الوعيد من القنوط او من رحمة الله تبارك وتعالى. ومن تلك الفوائد ايضا درس مهم. ينبغي ان يتنبه له الدعاة الى الله واهل الحسبة والامرين بالمعروف والناهون عن المنكر. حذاري ان يظنوا لما كانوا في موقع التوجيه والنصح انهم ارفع من غيرهم وان من سياهم محتقر وكذلك ان يحذروا من الالفاظ التي تقنطوا الناس من رحمة الله تبارك وتعالى او تجعلهم يسيئون الظن او تجعلهم ييأسون وبالتالي فانهم يعدون من المعاصي ابا. لا ينبغي ان يكون الامر كذلك بل ينبغي ان يجمع من الترغيب والترهيب وان يبين للناس سعة رحمة الله عز وجل الا انها قريبة من المحسنين فينبغي على الانسان ان حتى يكون قريبا من رحمة الله تبارك وتعالى. هذه جملة من الفوائد التي جاءت في هذا الحديث والله تعالى اعلم قال رحمه الله وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان القائل رجل عابد قال ابو هريرة تكلم بكلمة اوبقت دنياه واخرته. نسأل الله السلامة والعافية كأن المؤلف رحمه الله يميل الى ان القصتين واحدة ما جاء في حديث اه جندب وما جاء في حديث ابي هريرة قصة واحدة والامر على كل حال محتمل لكن اه ليس الامر به وذلك ان خاتمة ما جاء في هذا الحديث الذي في الباب ان الله تبارك وتعالى قال قد احبطت قد غفرت له واحبطت عمله واما الذي جاء في ختام تلك القصة التي جاءت في حديث ابي هريرة عند ابي داود واحمد فيه ان الله عز وجل ادخل هذا الجنة وادخل ذاك النار والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان