بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد باب ما جاء في حماية للنبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا الباب الذي عنون له المؤلف رحمه الله بقوله باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد سده طرق الشرك يذكرنا بالباب الذي عقده المؤلف رحمه الله في وسط الكتاب تقريبا بالباب الحادي والعشرين فانه اورد بابا شبيها بهذا الباب فقال باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل الى الشرك واورد كما تذكرون في ذاك الباب اية وحديثين اورد قوله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم فما اورد حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا والحديث الثاني حديث علي ابن الحسين عن ابيه عن جده رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا قبري عيد الحديث فهل هذا من المؤلف رحمه الله تأكيد على هذا المعنى الذي يروم التنبيه عليه وهو ضرورة العناية بسد الذريعة الى كل ما يؤدي الى القدح في كمال التوحيد الواجب لا سيما والمقام مقام عظيم والخطب فيه جلل او انه اراد رحمه الله التنبيه في الباب السابق على الحذر من ذرائع الشرك الفعلية ورأسها التعلق بالقبور واراد في هذا الباب التنبيه على الحذر من ذرائع الشرك القولية رأسها الغلو في الصالحين اعظم الصالحين واصلحهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الامر يحتمل هذا ويحتمل ذاك وان كان الثاني لعله اقرب مهما يكن من شيء فلا شك ان قاعدة سد الذريعة الى الشر وسد ابواب الفساد قاعدة مكررة في الشريعة دل عليها ادلة كثيرة من الكتاب والسنة واثار الصحابة واحيلك بمعرفة قدر هذا الباب الى ما دون ابن القيم رحمه الله في كتابه اعلام الموقعين حيث ذكر ما ما لا مزيد عليه في تقعيد هذه القاعدة والاستدلال عليها حيث اورد من ادلة الشرع التي تدل على هذه القاعدة قاعدة سد الذرائع تسعة وتسعين دليلا والمتأمل في موارد الشريعة يدرك ان الادلة اكثر من ذلك واذا تأملت هذا الباب اعني ما جاء في الشريعة من سد الذريعة الى الشر وجدت ان الشريعة لاحظت انه كلما كان المحرم اعظم كانت الذريعة المسدودة في الوصول او للوصول الى هذا الشر اكثر كلما كان المحرم اعظم واشنع في الشريعة وجدت ان الشريعة تعتني بسد الذريعة اكثر ولذا انظر الى فاحشة الزنا عافاني الله واياك منها تجد ان الشريعة اغلقت منافذها من طرق شتى تجد الشريعة نهت عن سفر المرأة بلا محرم وعن الخلوة بالنساء وعن الدخول على النساء. وقال النبي صلى الله عليه وسلم الحموا الموت. نهت الشريعة المرأة عن ابداء زينتها. بل ان اضرب برجلها ليعلم ما تخفيه من زينتها في ادلة كثيرة ومباحث شتى تتعلق بهذا الباب نظرا الى ان هذه الفاحشة فاحشة كبرى اذا سد الذريعة الموصلة اليها له عناية اكبر في الشريعة خذ مثلا ما يتعلق بوقوع الشحناء والعداوة والاحن بين المسلمين كيف تجد ان الشريعة سدت ابواب هذا الامر من طرق شتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ان يبيع الرجل على بيع اخيه او ان يخطب على خطبة اخيه في امور شتى حتى ان كثيرا من البيوع والمعاملات المالية تجد ان الحكمة اذا تأملت راجعة فيها الى ما يتعلق بسد الذريعة الى وقوع العداوة بين المؤمنين. حتى ان الشريعة اعتنت بادق المسائل. حتى انها نهت عنان يتناجى اثنان دون ثالث. اذا اذا تأملت هذا في مسائل الشريعة المنكرة المحرمة التي اتت الشريعة بالتحذير منها في هذه الابواب وغيرها في مسائل الربا في غيرها من مسائل وجدت انه كلما كان المنكر اعظم كانت عناية الشريعة بسد الذريعة اليه اكبر واذا كان ذلك كذلك في تلك الابواب فكيف سيكون الحال في شأن الشرك الذي هو اعظم ذنب على الاطلاق اعظم ذنب على الاطلاق ان يشرك مع الله تبارك وتعالى غيره. لا شك ولا ريب ان الشريعة اعتنت بسد كل المنافذ التي توصل الى الشرك سواء كان اكبر او كان اصغر. ولذلك مر معنى في الابواب التي درسناها ونحن نشارف على ختم هذا الكتاب اسأل الله عز وجل ان ييسر اتمامه بعونه وتوفيقه تجد انه مرت بنا مسائل شتى فيها تنبيه الشريعة على ادنى ما يخدش في توحيد المسلم على اغلاق كل باب يوصل الى الشر ويوصل الى الشرك عافاني الله واياكم من ذلك. والمؤلف عليه الله وجزاه الله عنا خيرا اعتنى بذلك كثيرا في هذا الباب وهذا لائح لك اذا تأملته بابا بابا تجده كان ناصحا كان مجردا للشفقة والحرص على اخوانه المؤمنين منبها على كل ما يخدش او يقدح في توحيد العبد المسلم سواء رجع هذا الى فعل او رجع هذا الى قول. وهذا الباب اعني حماية جناب التوحيد وسد الذريعة اليه باب قد اضحى مع الاسف الشديد في العصور المتأخرة اضحى غريبا مع الاسف الشديد تجد ان السهام تريش عليه كثيرا من اهل الاهواء والبدع لانهم يعلمون انهم اذا نجحوا باسقاط هذه الحماية وهذا الاحتياط الذي راعته الشريعة في باب الشرك فانه سيسهل ادخال البدع والمنكرات والشركيات على المسلمين. اذا على اهل التوحيد ان يجردوا العناية بهذا الموضوع العظيم وهو سد الذرائع الى الشرك وقطع اسباب الشر والفساد والفتنة ان يأخذوا بما جاءت الشريعة بالدلالة عليه ان يأتوا بما سار على هذا السلف الصالح في البدع لابن وضاح لما ذكر ان عمر رضي الله عنه قطع الشجرة التي بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ينتابونها فيصلون عندها قطعها رضي الله عنه وجاء في هذا الكتاب انه خاف عليهم الفتنة لاحظ يا رعاك الله ان هذه القصة وقعت في الصدر الاول من الذي كان ينتاب هذا المكان كان اولئك التابعين اولئك الذين يتربون على ايدي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم تدخل بعد على المسلمين مداخل الشرك لم تفتح على الناس بعد ابواب الضلالات والبدع التي عمت وطمت في القرون المتأخرة ومع ذلك كان الحزم وكان الاحتياط وكانت الجدية في العناية بامر التوحيد ولو وقع هذا اليوم من احد من الناس لقامت عليه الدنيا ولم تقعد لكن انظر الى ما كان عليه السلف الصالح ورأسهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فقه عميق دلت عليه الشريعة في ادلة لا تكاد تحصى التوحيد هو المصلحة الكبرى التي ينبغي ان تراعى. كل مصلحة يتوهمها متوهم فانها مطرحة امام مصلحة صفاء التوحيد ونقاء الايمان اذا هذا موضوع ذو شجون على طلبة العلم ان يكونوا معتدين به غاية العناية لانه من الامر المهم الذي قل الاهتمام به مع الاسف الشديد في هذه العصور المتأخرة والله المستعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه انه قال انطلقت في وفد بني عامر انطلقت في وفد بني عامر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا انت سيدنا فقال سيد الله تبارك وتعالى قلنا وافضلنا فضلا واعظمنا قولا فقال قولوا بقولكم او بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان. رواه ابو داوود بسند جيد هذا الحديث كما ذكر المؤلف رحمه الله اخرجه ابو داوود والنسائي واحمد والبخاري في الادب المفرد وغيرهم من اهل العلم وهو حديث ثابت لا شك فيه وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ان رجاله ثقات وصححه غير واحد في هذا الحديث يحكي لنا عبدالله ابن الشخير العامري رضي الله عنه وهو من بني عامر بن صعصعة تلك القبيلة العدنانية المشهورة عبدالله رضي الله عنه من مسلمة الفتح وهو والد مطرف بن عبدالله بن الشخير التابعي المشهور وهو الذي يروي هذا حديث عن ابيه فيه انه ذكر انهم انه قومه الذين هم بنو عامر اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر والله اعلم ان هذا كان عام الوفود في السنة التاسعة من الهجرة اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متكلمهم يتكلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انت سيدنا وجاء في رواية اخرى انه قال انت سيد قريش عندها قال النبي صلى الله عليه وسلم السيد الله مسألة السيد حكم اطلاق هذه الكلمة على المخلوق مرت بنا سابقا وتكلمنا عنها بالتفصيل في اي باب كان هذا قبل نحو عشرة ابواب احسنت باب لا يقول عبدي وامتي فيه قوله صلى الله عليه وسلم وليقل سيدي ومولاي تكلمنا عن هذا الموضوع ولا حاجة الى اعادة التفصيل فيه وقلنا ان الصحيح جواز اطلاق هذا اللفظ على المخلوق بشرطين الاول امان المفسدة والشرط الثاني ان يكون من اطلق عليه هذا اللفظ مستحقا لذلك وارجع الى تفصيل هذا الموضوع في ذلك الباب المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له انت سيدنا قال السيد الله هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم مرجعها الى ما يأتي اولا الى تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث انه كان يكره ان يواجه بالمدح وجاء في السنة ادلة شتى في كراهة مواجهة الانسان بالمدح وثانيا كان هذا منه عليه الصلاة والسلام ادبا مع ربه جل وعلا يعني كانه يقول لهم اجعلوا هذا المدح لمن هو اولى به. وهو الله تبارك وتعالى فالسيادة المطلقة انما هي لله جل وعلا والامر الثالث اراد النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه والتحذير وسد ابواب الشرك وسد ابواب الشر وذلك ان الغلو فيه عليه الصلاة والسلام وفي الصالحين لا شك انه من اعظم اسباب وقوع الشرك بل لم تغير اديان الانبياء بشيء مثل الغلو في الصالحين والعام كما قد علمت عام الوفود وفي الحضور كثير ممن هم حدثاء عهد بجاهلية فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يسد ابواب الشر والفتنة قطع دابر التعلق بالمخلوقين ووقوع آآ الغلو فيهم او وجههم وارشدهم الى ان يجعلوا مدحهم وثنائهم هذا الى من هو اولى بكل مدح وثناء الى من لا احد احب اليه المدح وهو منه جل وعلا وهو الله سبحانه وتعالى. اذا لعل هذه الحكم الثلاثة هي التي لاجلها ارشدهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الارشاد قال لهم السيد الله فقالوا وافضلنا فضلا واعظمنا طولا الطول هو الغنى قال جل وعلا ومن لم يستطع منكم قولا ان ينكح المحصنات المؤمنات يعني الغنى قال الله جل وعلا في شأن المنافقين استأذنك اولو الطول منهم ولا شك ان الله تبارك وتعالى هو هو ذو الطول. قال جل وعلا غافر الذنب وقابل التوب شديد العقابي ذي الطول فالله جل وعلا له الغنى المطلق وله العظمة التامة تبارك وتعالى حينما قال القائل هذا القول في حق النبي صلى الله عليه وسلم قال حينها عليه الصلاة والسلام قولوا بقولكم او بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان اختلف الشراح في توجيه هذه الجملة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذه الجملة منه اشتملت على اباحة وارشاد وتحذير الذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذه الجملة منه عليه الصلاة والسلام اشتملت على هذه الامور الثلاثة اشتملت على اباحة وارشاد وتحذير اما الاباحة فانها في قوله عليه الصلاة والسلام قولوا بقولكم فالظاهر والله تعالى اعلم ان هذا منه عليه الصلاة والسلام اذن بهذا الذي قالوه فانه لا شك ولا ريب ان النبي صلى الله عليه وسلم افضلهم بل افضل الناس على الاطلاق عليه الصلاة والسلام و اه هذا امر لا شك فيه ولا ريب ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم انكارا تاما هذا القول وتعلمون انه كان هديه عليه الصلاة والسلام انه كان يرد الخطأ ولا يسمح به ومر بين يدينا قريبا في درس امس رده صلى الله عليه وسلم على من قال فانا نستشفع بالله عليك مر بنا ايضا رده صلى الله عليه وسلم قول من قال ما شاء الله وشئت بعبارة واضحة قال اجعلتني لله ندا. اذا كان هذا منه عليه الصلاة والسلام اذنا بمدحه والثناء عليه بما هو حق. ولا كأن هذا الذي ذكروه حق لا شك فيه. فافضلية النبي صلى الله عليه وسلم. ومنزلته العالية امر لا فيه مسلم اما الارشاد فكان منه عليه الصلاة والسلام في قوله او بعض قوله او بعض قولكم يعني كانه يقول اهم لو انكم تخففتم وانقصتم من هذا المدح لكان هذا اولى اراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ان يرشدهم الى ان ترك المدح في الوجه اولى بالمسلم وذلك لانه قد يترتب على مواجهة الممدوح بالمدح مفاسد وهذا منه صلى الله عليه وسلم توجيه للامة توجيه وتربية للامة بالا تواجه الانسان بالمدح لما يدخله عليه ذلك من العجب. ولا شك ان العجب يتنافى مع مع مراتب التوحيد العالية المؤمن الموحد الذي حقق توحيده لا يرى نفسه بعين الاعجاب. انما يرى نفسه بعين الازراء. لا يرى الا فضل الله تبارك وتعالى عليه تترا اما نفسه فانه لا يراها شيئا فليس منها شيء وليس اليها شيء اما التحذير فجاء في قوله عليه الصلاة والسلام ولا يستجرينكم الشيطان معنى قوله لا يستجرينكم يعني لا يجعلنكم جريا له الجري في اللغة يعني الوكيل او الرسول فالمراد انه لا يتخذكم الشيطان وكيلا عنه فتتكلمون بالباطل على السنتكم. الباطل الذي يريده الشيطان يجريه على السنتكم. فتنوبوا دون منابه وتقومون مقامه. اذا في هذا تحذير من الوقوع في حبائل الشيطان. ومنها ومن اعظم اسباب وقوع الشر الذي يحبه الشيطان الغلو في الصالحين. حذاري من ان تبالغوا في المدح والثناء حتى تقعوا في الغلو المفضي الى الشر الوبيل. وكما ذكرت لك فان الغلو في الصالحين اول اسباب وقوع كيف؟ واعظم اسباب وقوع الشرك و انت اذا تأملت يا رعاك الله هذه آآ الجملة من النبي صلى الله عليه وسلم وجدت انه حقا عليه الصلاة والسلام كان رحيما كان شفيقا كان حريصا علينا عليه الصلاة والسلام هذا من غاية الرحمة وغاية الشفقة ان حذر امته من الوقوع في هذا السبب المرضي الذي يوقع في اعظم جريمة على الاطلاق وهو الشرك بالله تبارك وتعالى. كره منهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يبالغوا في مدحه حتى في مثل هذه الكلمات مع انهم ما قالوا الا حقا. ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ينبههم ويحذرهم ان يبالغوا ومر معنا فيما مضى قوله عليه الصلاة والسلام لا تطروني كما اطرت كما اطرت المسيح ابن مريم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله. كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على سد ابواب الشر ان تقع فتنة بتعظيمه عليه الصلاة والسلام ولو بادق ما يكون في الترمذي من حديث انس رضي الله عنه انه قال ما كان احد احب الينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اذا قدم لم نقم اليه لما نعلم من كراهيته عليه الصلاة والسلام. لذلك حتى مجرد القيام لملاقاته والسلام عليه كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره ذلك منهم فما كانوا يفعلونه فكيف لو سمع النبي صلى الله عليه وسلم ما يقع من غلو عظيم فيه عليه الصلاة والسلام في كثير من كلام الغلاة المنثور والمنظوم اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم قولوا بقولكم او بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان. وهم ما زادوا على ان يقولوا يا خيرنا وابن خيرنا كما سيأتي معنا او انهم قالوا انت افضلنا فضلا واعظمنا طولا كيف لو سمع النبي كيف لو سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذاك القائل الذي يقول لو ناسبت قدره اياته عظما احيا اسمه حين يدعى دارس الرمم او قوله فان من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم او قوله في همزيته هذه علتي وانت طبيبي ليس يخفى عليك في القلب داء كيف لو سمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الغلاة؟ بل هؤلاء الجفاة الذين جفوا شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته واطرحوها ظهرية هؤلاء لا يرضيهم ان يقول الانسان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه عبد الله ورسوله كما سيأتي معنا مع ان هذا مما حث النبي صلى الله عليه وسلم عليه كما سيأتي بيانه لا يرضيهم الا ان يبالغ الانسان في مدح النبي صلى الله عليه وسلم حتى يرفعه الى مرتبة الالوهية بل الى مرتبة في الربوبية اذا هذا توجيه وهذا نصح وهذا تنبيه وهذا سد من النبي صلى الله عليه وسلم لذريعة الشرك وحماية منه عليه الصلاة والسلام لحم التوحيد والله تعالى اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن انس رضي الله عنه ان ناسا قالوا يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا فقال صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان. انا محمد عبد الله ورسوله ما احب ان فوق منزلتي التي انزلني الله عز وجل. رواه النسائي بسند جيد. عندك يستجرينكم يستهوينكم نعم اه حتى حديث عبدالله ابن الشخير جاءت فيه رواية عند احمد ولا يستهوينكم فهي موافقة ايضا هذه الرواية التي بين ايدينا التي هي رواية حديث انس رضي الله عنه وهذا الحديث اه اخرجه النسائي في الكبرى والامام احمد وغيرهما من اهل العلم وهو كما ذكر حديث جيد بل قال ابن عبد الهادي في الصارم انه على شرط مسلم هذا الحديث الذي بين ايدينا قريب في المعنى من الحديث السابق وفيه ان اناسا اتوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا لا شك ولا ريب ان النبي صلى الله عليه وسلم خيرهم بل خير الناس على الاطلاق فهو خير الناس وصفا وحالا ونسبا عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فهذا مما لا شك فيه ولا ريب وهو سيدهم وسيد الناس عليه الصلاة والسلام وهو الذي قال هذا عليه الصلاة والسلام فهو سيد ولد ادم ولا هذا قاله صلى الله عليه وسلم وكذلك قومه واهله ونسبه خير نسب قبيلته لا شك انها خير القبائل عند المسلمين سوى من شذ من شذاذ اهل البدع والا اهل العلم على ان افضل القبائل قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم وهي قبيلة قريش. فلا شك ان اه النبي صلى الله عليه وسلم ابن لخير الناس من جهة النسب من جهة النسب نسبه صلى الله عليه وسلم واباؤه واجداده وقبيلته لا شك انها خير قبيلة واحسن قبيلة و الامر في ذلك كما جاء في حديث واثلة الذي ذكرته لك قبل قليل ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل الى اخر اه كلامه عليه الصلاة والسلام. وما احسن ما قال ابو طالب في هذا المعنى اذا اجتمعت يوما قريش لمفخر فعبد مناف سرها وصميمها وان حصلت اشراف عبدي منافها ففي هاشم اشرافها وقديمها وان فخرت يوما فان محمدا هو المصطفى من سرها وكريمها صلى الله عليه وسلم المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع هذا الكلام وهو حق من حيث هو هذا كلام حق بلا شك ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك الرؤوف الرحيم بامته عليه الصلاة والسلام نبههم وحذرهم فقال يا ايها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان لا يوقعنكم الشيطان في مهاويه وفي حبائله انما انا محمد عبد الله ورسوله هذان الوصفان للنبي صلى الله عليه وسلم افضل ما وصف به عليه الصلاة والسلام بل هما افضل درجة يصلها بشر ان تتحقق فيه العبودية الخاصة لله تبارك وتعالى وان يكون رسولا لله جل وعلا. وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم افضل عبد لله وافضل رسول لله عليه الصلاة والسلام وهذا الوصف منه عليه الصلاة والسلام وهو الذي ارشد امته اليه ان يقولوا عبد الله ورسوله فيه فائدتان الاولى انه كما كان هذا الوصف افضل وصف وصف به النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك هو اسلم وصف وصف فيه او وصف به النبي صلى الله عليه وذلك انك اذا تأملت وجدت ان هذا الوصف الذي فيه المدح العظيم له عليه الصلاة والسلام لا تترتب عليه مفسدة ولا يفضي الى شر وفساد على الاطلاق. بخلاف ما قد يكون من غيره من من المدائح ومن الاوصاف ولذلك اذا تأملت تحقق عندك باليقين ان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اعظم الناس محبة واجلالا له عليه الصلاة والسلام ومع ذلك كيف كانوا يخاطبونه عليه الصلاة والسلام؟ تأمل كتب السنة كيف تجد انهم اذا خاطبوا النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالوا يا رسول الله قالوا يا نبي الله وبيقين نحن نعلم انهم ما كانوا يتركون الوصف الافضل والوصف الاحمر الحق والاجدر الذي ينبغي ان يوصف به النبي صلى الله عليه وسلم والفائدة الثانية ان قوله عليه الصلاة والسلام عبد الله ورسوله فيه رد على طائفتي الضلال فيه رد على الغلاة وفيه رد على الجفات اما قوله عبد الله ففيه رد على الغلاة الذين غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم فرفعوه الى درجة الالوهية بل الى درجة الربوبية الرد على هؤلاء ان يقال انه عبد الله فهو عبد لا يعبد عليه الصلاة والسلام واما الجفاة الذين طعنوا في النبي صلى الله عليه وسلم ووصفوه بالشعر ووصفوه بالكذب ووصفوه بالسحر و كفروا به عليه الصلاة والسلام فالرد عليهم في قوله عليه الصلاة والسلام ورسوله فهو رسول لا يكذب عليه الصلاة والسلام ثم نبه النبي صلى الله عليه وسلم الى انه لا يحب ان يرفع فوق المنزلة التي انزله الله عز وجل وذلك من كمال توحيده وكمال ادبه مع الله جل وعلا. هذا درس للمسلمين درس لاهل التوحيد والايمان ان عليهم ان يراعوا مقام الادب مع الله تبارك وتعالى و ان يحرصوا على التواضع ان يتجافوا عن مقام العجب بالنفس. فان العجب كما ذكرت لك يتنافى معك مال التوحيد. الموحد المحقق هو الذي لا يعجب بنفسه هو الذي لا يخطئ طريق الذل والعبودية لله تبارك وتعالى. الخلاصة التي نريد ان نصل اليها من هذا الباب هي ان الشريعة اعتنت وراعت باب سد الذرائع الى الشرك وحمت حمى التوحيد ومنعت كل اسباب وقوع القوادح في التوحيد وادلة هذا كما ذكرت لك كثيرة لا تكاد تحصى ولا سيما ما يتعلق بالالفاظ التي تؤدي الى الوقوع في الغلو فان الغلو مدرجة الى وقوع العبد في الشرك. اسأل الله جل وعلا ان يعيذني واياكم من الشرك كله صغيره وكبيره ان ربنا لسميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان