بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته العقيدة الواسطية وما وصف به نفسه في اعظم اية في كتابه حيث يقول نعم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فثنى المؤلف رحمه الله بعد سورة الاخلاص باية الكرسي وقد احسن عليه رحمة الله ما شاء الله ان يحسن انما قدم بين يدي الايات والاحاديث التي يستشهد بها على اثبات الصفات قدم هذين الموضعين من كتاب الله عز وجل وهما سورة الاخلاص واية الكرسي فانهما من اجمع المواضع في كتاب الله التي دلت على اثبات التوحيد للبارئ جل وعلا سورة الاخلاص كما مر معنا في درس البارحة من اعظم السور في اثبات التوحيد جمعت بين اثبات توحيد المعرفة والاثبات وتوحيد القصد والطلب التوحيد العلمي والتوحيد العملي فانها اشتملت على صفة الله تبارك وتعالى بل اخلصت لذلك كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين في قصة الصحابي الذي كان يختم تلاوته في الصلاة بقل هو الله احد ثم اخبر انها صفة الرحمن ولاجل هذا فانه يحبها كذلك ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البيهقي في الاسماء والصفات باسناد حسن كما قال الحافظ ابن حجر ان اليهود قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم صف لنا ربك الذي تعبد فانزل الله قل هو الله احد فتلاها عليهم وقال هذه صفة ربي عز وجل كذلك جاء عند الترمذي من حديث ابي بكر ابي ابن كعب رضي الله عنه ان المشركين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا انسب لنا ربك فانزل الله قل هو الله احد وهذا الاثر حسن بمجموع طرقه ان شاء الله اذا هذه السورة فيها صفة الباري سبحانه وتعالى وذكرنا انها اشتملت على الصفات الثبوتية لله تبارك وتعالى وكذا على الصفات المنفية النفي الاجمالي والنفي التفصيلي كذلك اشتملت على توحيد القصد والطلب التوحيد العملي توحيد العبادة وذلك في ثلاثة مواضع في ثلاثة مواضع من هذه السورة اولا في قوله جل وعلا احد قل هو الله احد وذكرنا ان من معنى الاحد انه الذي تفرد في عبادته فلا شريك له والنبي صلى الله عليه وسلم لما مر باحد اصحابه وهو يدعو باصبعيه فقال له احد احد وثبت عند ابن ماجة باسناد حسن ان بلال رضي الله عنه لما عذب واوذي في سبيل الله وكان الولدان يطوفون به في مكة كان يقول احد احد فاحذية الله جل وعلا في كلامه ترجع الى احديته في عبادته الموضع الثاني في قوله تعالى الله الصمد وقلنا ان من معاني الصمد الذي تصمد اليه الخلائق في حاجاتها فهو وحده جل وعلا المدعو دون ما سواه والموضع الثالث في قوله تعالى ولم يكن له كفوا احد فالله جل وعلا ليس له مكافئ لا في ذاته ولا في صفاته وكذلك ليس له مكافئ في عبادته بل هو الواحد في عبادته تبارك وتعالى فلا يستحقها احد سواه اذا هذه ثلاثة مواضع بهذه السورة العظيمة دلت على انها سورة التوحيد جمعت بين التوحيد العلمي والتوحيد العملي كذلك الشأن بهذه الاية العظيمة التي هي اعظم اية في كتاب الله اية الكرسي جمعت بين اثبات التوحيد العلمي واثبات التوحيد العملي كما سيأتي بيان ذلك ان شاء الله المقصود ان المؤلف رحمه الله ذكر ان مما يدخل في الايمان بالله عز وجل الايمان بما وصف به نفسه في اية الكرسي التي هي اعظم اية في كتاب الله وكونها اعظم اية في كتاب الله دل عليه ما خرج الامام مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي ابن كعب اتدري يا ابا المنذر اية اية في كتاب الله معك اعظم فقال الله ورسوله اعلم فكرر عليه النبي صلى الله عليه وسلم السؤال فقال الله لا اله الا هو الحي القيوم قال ليهنك العلم ابا المنذر. بل الرواية في المسلم والله ليهنك العلم ابا المنذر فهذا من العلم الذي يهنئ عليه صاحبه فكون الانسان يعلم قدر هذه الاية العظيمة ويقوم بما يجب عليه تجاه هذا العلم من الاعتقاد والعمل لا شك انه امر عظيم يستحق صاحبه ان يهنئ عليه لا شك ولا ريب ان هذه الاية اعظم اية في كتاب الله ما جاء في اية واحدة في كتاب الله ذكر الله جل وعلا صريحا او مضمرا سبع عشرة مرة الا في هذه الاية العظيمة ولا جاء تقرير توحيد الله سبحانه وتعالى وذكر نعوت جلاله وجماله في اية واحدة كما جاء في هذه الاية الكريمة استحقت اذا ان تكون اعظم اية في كتاب الله وسميت اية الكرسي لانه ما جاء ذكر الكرسي في كتاب الله الا في هذا الموضع فحسب. فسميت اية الكرسي والكرسي عند اهل السنة والجماعة وهذا اجماع عندهم في شأنه انه موضع قدمي الباري سبحانه وتعالى ثبت هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما باسناد صحيح كما خرجه عبد الله بن احمد في السنة وغيره من اهل العلم وكذلك ثبت هذا عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه كما عند عبد الله ايضا في السنة باسناد صحيح فهذان صحابيان نص على ان تفسير الكرسي انه موضع قدمي الرب تبارك وتعالى. ومثل هذا لا شك ان له آآ حكم ان له حكم الرفع للنبي صلى الله عليه وسلم فانه ليس من موارد الاجتهاد ولا يعرف مخالف لهذين الصحابيين الجليلين بل هذا ما توارد عليه السلف والائمة من بعدهم كمجاهد رحمه الله واطبق اهل السنة والجماعة على هذا المعنى ان الكرسي موضع قدمي سبحانه وتعالى وانه مخلوق عظيم فوق السماء السابعة بينه وبين السماء السابعة مسيرة خمس مئة عام والعرش فوق ذلك ثم ربنا تبارك وتعالى مستو على العرش فهو مخلوق عظيم بين يدي العرش كالمرقاة اليه كان بين يدي العرش كالمرقاة اليه كما جاء هذا عن السلف رحمة الله تعالى عليهم واما كيفية ذلك فان علم ذلك مخزون عنا الله اعلم كيف يكون ذلك لانه امر غيبي ما اطلعنا عليه وثمة اقوال غير صحيحة في تفسير الكرسي من اشهرها تفسير الكرسي بالعلم وسع كرسيه يعني وسع علمه وروي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما لكنه ضعيف لا يصح عنه ضعفه ابن منده وابن كثير ذهبي وغيرهم من اهل العلم فان الاسناد كما رواه ابن جرير في تفسيره فيه رجل ضعيف هو جعفر ابن ابي المغيرة الاحمر وهو ضعيف فلا يصح هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما كيف وقد ثبت عنه ما هو اصح منه وهو تفسير الكرسي بانه موضع قدمي الباري سبحانه وتعالى هذا الذي ذهب اليه جماعة كبيرة من المتكلمين نفوا ثبوت الكرسي وكونه مخلوقا لله تبارك وتعالى عظيما بين يدي العرش وانه موضع قدمي الباري سبحانه وتعالى لجأ طائفة من المتكلمين الى تأويل ذلك بالعلم. ولا شك ان هذا لا يصح والاية دليل على ذلك فان الله تعالى ذكر في هذه الاية قال وسع كرسيه السماوات والارض ولا شك ان علم الله عز وجل وسع كل شيء ليس السماوات والارض في والارض ليس السماوات والارض فحسب قال جل وعلا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فالله عز وجل بكل شيء عليم. وليس علمه وسع السماوات والارض فحسب التفسير الثاني الخاطئ للكرسي هو تفسير الكرسي بانه العرش. فالعرش والكرسي عند اصحاب هذا القول شيء واحد روي هذا عن الحسن البصري رحمه الله لكنه لا يصح عنه ايضا فان هذا الاثر اخرجه الطبري في تفسيره وفي الاسناد جويبر الازدي وهو ضعيف جدا كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب. اذا هذان تفسيران خاطئان للكرسي وثمة تفسيرات اخرى فدونهما في الشهرة من ذلك ان الكرسي قدرة الله تبارك وتعالى ومن ذلك ان الكرسي هو الفلك الثامن من افلاك السماء الى غير ذلك من هذه الاقوال الخاطئة التي لا تصح بحال والصواب كما ذكرت لك وهو الذي عليه اهل السنة والجماعة ان الكرسي موضع قدمي الباري سبحانه وتعالى يقول الله جل وعلا في هذه الاية العظيمة الله لا اله الا هو الحي القيوم مضى الكلام عن اسم الجلالة الله بين سبحانه وتعالى ان هذا الاله العظيم لا اله الا هو ذكر الله جل وعلا في هذه الاية كلمة التوحيد المشتملة على جزئين على النفي والاثبات على التخلية والتحلية على التجريد والتفريط فان النفي وحده ليس توحيدا لان النفي من حيث هو عدم والعدم ليس بشيء والاثبات وحده ليس توحيدا لانه لا يمنع المشاركة انما التوحيد مجموع النفي والاثبات التوحيد هو التجريد مع التفريط قال سبحانه وتعالى ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل فمن لم يعتقد بطلان عبادة كل ما سوى الله تبارك وتعالى وان كل معبود سوى الله فانه معبود بباطل وان العبادة لا يستحقها الا الله تبارك وتعالى وانه المعبود الحق جل وعلا من لم يعتقد بهذا فانه ما اتى بكلمة التوحيد ولا استمسك بالعروة الوثقى وهذا مضى الكلام فيه تفصيلا في شرح كتاب التوحيد. قال جل وعلا الله لا اله الا هو الحي القيوم ذكر الله جل وعلا ها هنا اسمين من اسمائه الحسنى الحي والقيوم الحي دال على ثبوت الحياة الكاملة لله تبارك وتعالى والقيوم دال على ثبوت صفة القيومية لله تبارك وتعالى والقيوم يدل على معنيين كلاهما حق وكلاهما ثابت لله جل وعلا فهو القائم بنفسه المقيم لغيره هذا ومن اسمائه القيوم والقيوم في اوصافه نوعان والقيوم في اوصافه امران احداهما القيوم قام بنفسه والكون قام به هما امران. فالاول استغناؤه عن غيره والفقر من كل اليه الثاني فالله جل وعلا القائم بنفسه المستغني عن غيره والمعنى الثاني انه المقيم لغيره والكل فقير اليه تبارك وتعالى ولاحظ كيف كان الكمال في اجتماع هذين الاسمين العظيمين القيوم جاء في كتاب الله في ثلاثة مواضع في اية الكرسي وفي مفتتح ال عمران الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم وفي طه وعنت الوجوه للحي القيوم ولاحظ انه في هذه المواضع الثلاثة ما جاء القيوم فيها الا مقترنا بالحي وذلك لان هذا الكمال الذي ليس بعده كمال فان اسمه تعالى الحي يدل بدلالة اللزوم على جميع الصفات الذاتية والقيوم يدل بدلالة اللزوم على جميع الصفات الفعلية لله تبارك وتعالى. فكان الكمال فوق الكمال في اجتماع اسميه تبارك وتعالى الحي والقيوم تبارك وتعالى قال سبحانه الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم الله جل وعلا نفى عن نفسه ها هنا هاتين الصفتين اللتين لا تليقان به تبارك وتعالى. السنة والنوم السنة مبدأ النوم ذاك الفتور الذي يعتري الانسان ولكنه لا يفقد معه ذهنه هذا الذي يسمى بالنعاس ويسمى بالوسن واما النوم فهو الثقيل الذي يفقد الانسان معه شعوره في عينه سنة وليس بنائم. كما قال الشاعر وكلاهما يدلان على الضعف ونقص القدرة ولذا نفى الله تبارك وتعالى عن نفسه هاتين الصفتين بالتالي كان هذا النفي دالا على ماذا كمال قوته وقدرته جل وعلا. فالله لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال قوته وقدرته تبارك وتعالى. فالله جل وعلا ليس يعتريه شيء من النعاس فضلا عن ان يعتريه شيء من النوم وفي صحيح مسلم من حديث ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينام ولا ينبغي له ان ينام لا يمكن ان يحصل شيء من النوم لله تبارك وتعالى هذا امر لا يليق بالله لا ينبغي له ان ينام كيف يكون ذلك؟ والله جل وعلا هو القائم على كل شيء. القائم على كل نفس بما كسبت. وهو الذي قامت السماوات والارض بامره وهو الذي ما تحرك متحرك ولا سكن ساكن الا بامره الكوني تبارك وتعالى فكيف فيكون مع هذا ان ينام جل وعلا. وهذا ايضا مناف لكمال حياته تبارك وتعالى. لانه قد سبق ان انه الحي ولانه القيوم انتفى عنه ماذا؟ السنة والنوم ولذلك لكمال حياة اهل الجنة فانه ماذا لا ينامون ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال النوم اخو الموت ولا ينام اهل الجنة. نظرا لكمال حياتهم فكيف بحياة الباري سبحانه وتعالى؟ لا شك انها اولى بالكمال. ولذا انتفى عنه جل وعلا يناله شيء من السنة والنوم قال لا تأخذه سنة ولا نوم. له ما في السماوات وما في الارض لاحظ تقديم الخبر ها هنا وهو قوله له وتقديم الخبر يفيد الحسرة اذا الله عز وجل له الملك وله الملك المطلق في السماوات والارض. بل الله جل وعلا له الا قوت كل شيء قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه. ايكون احد سواه لا شك ولا ريب ان هذا لا يكون له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه عرجت الاية ها هنا بعد ان بينت كمال الله العظيم على موضوع الشفاعة وموضوع الشفاعة ان كنتم تذكرون ما تكلمنا عنه في درس كتاب التوحيد من الموضوعات المهمة التي كثر في القرآن ذكرها فان المنازعة من المشركين انما كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ابتداء واوليا في شأن موضوع الشفاعة انكروا ان يكون الهته ان تكون الهتهم وان تكون معبوداتهم شفعاء عند الله جل وعلا وهم ما اشركوا الا لاتخاذهم هذه الالهة شفعاء مع الله تبارك وتعالى. والله جل وعلا قد نفى هذا في كتابه وانت اذا تأملت وجدت ان موضوع الشفاعة انما جاء في اغلب ايات القرآن منفي لاجل ان ينتفي في اذهان الناس ما يظنونه ويتوهمونه من الشفاعة التي تكون بين الناس في الدنيا ان تكون الشفاعة بين يدي الله جل وعلا يوم القيامة او في الدنيا من هذا حاشا وكلا هذا لا يكون البتة بل هذا من اعظم النقص ان ينسب ذلك الى الله تبارك وتعالى في الدنيا يهجم فيها الشافع على المشفوع عنده دون استئذان لو كان اعظم الملوك من ملوك الدنيا فانه يتقدم بين يديه بالشفاعة زوجه او ابنه او صديقه او حبيبه ذلك رغما عنه حتى لو كان كارها ان تكون شفاعة بين يديه فانه يشفع عنده ولو لم يأذن ولا شك ان هذا منفي بحق الشفاعة التي تكون عند الله تبارك وتعالى. قال سبحانه ها هنا من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه لاحظ ان هذا الاستفهام استفهام انكاري مضمن معنى التحدي مضمن معنى تحدي يعني انه لا احد يشفع الا باذنه ومن يجرؤ من ذا الذي يجرؤ ان يشفع عند الله تبارك وتعالى دون ان يأذن بذلك جل ربنا وعز لا شك ان هذا من الباطل نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه لانه لا يليق به. الشفاعة عند الله تبارك وتعالى لا تكون الا ابن الباري جل وعلا مع رضاه عن المشفوع له حتى اشرف الخلق وسيد الشفعاء عليه الصلاة والسلام لا يشفع عند الله جل وعلا من تلقاء نفسه. بل انه لا يشفع الا بعد ان يحرك الله قلبه للشفاعة. والا بعد ان يستأذن بين يدي شفاعته والا بعد ان يأذن الله عز وجل له بل الا بعد ان يأمره الله عز وجل بالشفاعة. يقول الله جل وعلا اشفع تشفع اذا الامر ابتداء وانتهاء لله تبارك وتعالى. اذا علمت هذا تحققت بقول الله جل وعلا قل لا هي الشفاعة جميعا. حقيقة الامر ان الله شفع من نفسه الى نفسه واراد اكرام عبده حقيقة الحال ان الله شفع من نفسه الى نفسه واراد اكرام عبده اما الشفاعة التي تكون في الدنيا فالشأن فيها مختلف. الشفاعة التي تكون فيها التي تكون في الدنيا ويعرفها الناس شفاعة تنفيها اشتراك في الرحمة. ما حصل المقصود من حصول الخير او دفع الضرر الا باجتماع ارادتين ارادة الشافع والمشفوع عنده وحصل تأثير من الشافعي في المشفوع عنده. فكانت الشفاء فكان نتيجة الشفاعة. ولا شك ان هذا لا يظن ولا يليق ان يظن بالله تبارك وتعالى الله جل وعلا هو الاحد وهو الواحد تبارك وتعالى فانه اذا رحم عبده جل وعلا وعفا عن عبده جل وعلا فان هذا انما يكون عن رحمة منه تبارك وتعالى دون ان يشاركه في ذلك غيره جل في علاه قال سبحانه من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وسع كرسيه السماوات والارض. وسع كرسيه الكرسي مضى الكلام فيه. وانه موضع قدمي الباردة جل وعلا وانه مخلوق عظيم بين يدي العرش كالمرقاة اليه قال جل وعلا في وصف هذا الكرسي وانه كرسي عظيم جدا حتى انه يشمل ويسع السماوات والارض. فالسماوات والارض بالنسبة الى الكرسي مخلوقات صغيرة. مر معنا في كتاب التوحيد ان السماوات والارض في الكرسي كدراهم ستة القيت في ترس وكدر ان السماوات في الكرسي كدراهم سبعة القيت في ترس وكذلك اخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث الاخر ان السماوات والارض في الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة فدل هذا على ان الكرسي مخلوق عظيم تضاءل امام سعته وكبره تضاءل آآ ما يتعلق بسعة هذه السماوات وهذه الارض. فكيف بالعرش الذي هو اعظم واوسع من الكرسي فكيف بالباري تبارك وتعالى الذي هو العظيم الذي هو اعظم من كل شيء واكبر من كل شيء وهو الواسع سبحانه وتعالى قال وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظهما. يعني السماوات والارض وفسر المؤلف رحمه الله في هذه العقيدة قوله يؤوده بماذا يثقله يكرثه ويثقله اكرثه الامر اذا اشتد عليه وبلغ منه مبلغا شاقا ومنه قيل كارثة يعني الامر الذي هو نازلة شديدة وعظيمة الله جل وعلا لا يشتد عليه شيء ولا يثقل عليه شيء فالله سبحانه وتعالى يسير عليه ان يحفظ السماوات والارض وما فيهما ولا يؤوده حفظهما وهذا النفي يدل على ماذا؟ على كمال قدرة الباري تبارك وتعالى وكمال سلطانه ونفوذ امره وتدبيره جل وعلا لكل شيء. فهو الذي يدبر كل شيء وهو القيوم القائم على كل شيء قال ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم اسمان جليلان يدلان على ثبوت صفتين ها العلو والعظمة العلو سيأتي الكلام عنه بالتفصيل ان شاء الله في قادم هذه العقيدة وهو باختصار اعني اسمه العلي يدل على ثبوت العلو والعلو في صفات الله تبارك وتعالى ثلاثة اضرب كلها ثابتة لله تبارك وتعالى الله جل وعلا له العلو من جميع الجهات له علو الذات وله علو القدر وله علو القدر فله العلو من الجهات جميعها ذاتا وقهرا مع علو الشأن اما العظيم فاسم دال على ثبوت صفة العظمة لله تبارك وتعالى والله جل وعلا له العظمة من جميع الجهات وهو العظيم بكل معنى يوجب التعظيم. لا يحصيه من انسان كما قال ابن القيم رحمه الله العظمة صفة من الصفات الجامعة يعني التي تدل على صفات كثيرة تحتها. الشأن في العظمة قريب من الشأن في صفة الصمدية قلنا ان الصمد السيد الذي كمل في صفات الكمال فهو الكريم الذي بلغ الغاية في الكرم وهو الحليم الذي بلغ الغاية في الحلم وهو الغني الذي بلغ الغاية في غنى وهو السيد الذي بلغ الغاية في السؤدد. كذلك الشأن في العظيم فانه يدل على كمال صفاته تبارك وتعالى من جميع الوجوه. وهذا يدلك على ان من من صفات الله تبارك وتعالى صفات جامعة تدل على غيرها وتتضمن غيرها ليس فقط تدل بدلالة في اللزوم بل تدل بدلالة التضمن على غيرها من الصفات الجليلة العظيمة لله تبارك وتعالى قال ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. نعم اقرأ احسن الله اليكم قال رحمه الله ولهذا كان من قرأ هذه الاية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. ختم الكلام عن هذه الاية بعد ان اوردها ببيان فضيلة من فضائل هذه الاية الكريمة وهي ان من قرأها في ليلة فاز فاز بجائزتين الاولى انه لا يزال عليه من الله حافظ والثانية انه لا يقربه شيطان حتى يصبح. يعني حتى يدخل في الصباح وحتى ينتهي الليل وهذا ما ثبت في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم اورده البخاري رحمه الله في صحيحه تعليقا فانه قال رحمه الله في الصحيح في آآ ثلاثة مواضع كلها كانت معلقة وقال عثمان بن الهيثم قال حدثنا عوف عن محمد ابن سيرين عن ابي هريرة رضي الله عنه وساق الحديث وهذا من الاحاديث التي علقها مجزوما بها عن احد مشايخه رحمه الله فان عثمان ابن الهيثم من مشايخ البخاري وروى عنه تحديثا في صحيحه في مواضع عدة والسبب في هذا التعليق عن مشايخه يعني ما ان ما ذكر لفظا من الفاظ السماع والتحديث من شيخه له لاسباب يعرفها طلاب الحديث والحديث وصله النسائي وغيره باسناد صحيح وفيه قصة ابي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان وخلاصة ما جاء فيها انه قد استحفظ من النبي صلى الله عليه وسلم على زكاة رمضان يعني زكاة الفطر فامسك من جاء يحثو من هذه الصدقة يعني جاء يأخذ من هذا الطعام امسكه وقال لارفعنك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتكى انه صاحب حاجة وعيال فرق له رضي الله عنه وتركه ثم اخبر النبي صلى الله عليه وسلم لما اصبح فاخبره النبي صلى الله عليه وسلم انه سيعود فاخبر ابو هريرة رضي الله عنه انه علم انه سيعود لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم. اصحاب النبي صلى الله عليه سلم لعظيم ايمانهم بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فانما يخبرهم به هو عندهم في اليقين انه الامر المشاهد قال علمت انه سيعود لاخبار النبي صلى الله عليه وسلم. وكان كما كان عاد في الليلة الثانية وكان منه ما كان في الليلة الاولى وكان من ابي هريرة رضي الله عنه ما كان منه في الليلة الاولى فتركه ثم عاد فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم لما اصبح فاخبره انه سيعود حتى استتم الامر ثلاث حتى استتم الامر ثلاث مرات ثم انه قال له دعني واني اخبرك امرا ينفعك الله به وذكر ابو هريرة في الحديث ان الصحابة كانوا احرص الناس على الخير لما سمع ان هذا الذي يتحدث معه سيخبره بشيء ينفعه الله به كان عنده من الحرص على الخير ما جعله ماذا يتركه مقابل ان يأخذ هذا الخير وهذا فيه حث لنا على اننا لا ينبغي ان نترك فائدة لعل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا بها المقصود ان هذا وكان الشيطان منذ تلك الليالي وهو يتحاور مع ابي هريرة رضي الله عنه اوصاه بانه اذا اخذ مضجعه تلا اية الكرسي حتى يختمها ثم قال له انه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فاخذها رضي الله عنه واخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام صدقك وهو كذوب. الشأن في الشيطان انه كذوب كثير الكذب لكن قد يصدق الكذاب ومن ذلك هذه المرة صدق فيها الشيطان وفي هذا فائدة لنا وهي ان المبطل اذا اخبر بالحق لم يكن لنا ان ندع الحق لان الذي اخبر به مبطل بل ينبغي ان يكون الرائد لنا ان يكون الرائد لنا الحق. فمتى ما وجده المسلم فان عليه ان يتشبث ولا يدعه المقصود ان من فضائل هذه السوء هذه الاية العظيمة ان يحصل وان يفوز تاليها اذا جاء الى فراش نومه ان يفوز بهذا الفضل وهو انه لا يزال عليه من الله حافظ وماذا يريد العبد اكثر من ذلك اذا رعاك الله واذا حفظك الله فاي اي سوء ينالك اي سوء ينالك واذا لم يقربك شيطان بفضل الله سبحانه وتعالى وكلاءته ورعايته فانك تنام هنيئا قرير العين اما اذا لم يكن عليك من الله عز وجل حافظ ولم تكن هناك حراسة من الله تبارك وتعالى لك تدفع عنك اذى الشيطان فانه ربما ينالك من من اذاه ما ينالك فلا ينبغي للمسلم ان يفرط في هذه السنة التي علمنا اياها نبينا صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث ينبغي على الانسان اذا اتى فراش نومه ان يحرص على ان يتلو هذه الاية ان يغالب النوم لا يغلبه النوم فكم من الناس اذا جاء الى فراشه فان الشيطان ينسيه اه يجعله ينام قبل ان يتلو هذه الاية فيفوته ما جاء في هذه الاية العظيمة من الفضل احسنت نبهني الاخ جزاه الله خيرا على جملة في آآ الاية آآ انسيت ان اتكلم عنها يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ما بين ايديهم يعني الامور المستقبلة وما خلفهم يعني الامور الماضية فالله جل وعلا علم كل شيء من الماضيات والحاضرات والمستقبلات قال ولا يؤود ويعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. الصحيح ان قوله ولا يحيطون بشيء من علمه يعني مما يعلم سبحانه وتعالى. يعني من معلومه جل وعلا الا بما فالعلم لله تبارك وتعالى والعباد لا يعلمون شيئا حتى يعلمهم الله تبارك وتعالى الله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا. الاصل ان الانسان ظالم جاهل. ليس عنده من العلم شيء حتى علمه الله تبارك وتعالى سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا فالتعليم من الله اي تبارك وتعالى والعلم انما هو نعمة يعطيها الله سبحانه وتعالى لمن شاء ولا شك ان ما يعلمه الله تبارك تعالى بالنسبة لما يعلمه العباد لا شك انه لا مناسبة بين هذا وهذا ما يعلمه العباد بالنسبة لما يعلمه الله تبارك وتعالى كنقطة من بحر وهذا تمثيل والا فالامر من ذلك اسأل الله جل وعلا ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين