بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته العقيدة الوسطية وقوله سبحانه وتوكل على الحي الذي لا يموت ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فلا يزال المؤلف رحمه الله يوالي ذكرى الادلة التي دلت على ثبوت صفات الله سبحانه سواء كانت صفات ثبوتية او منفية قال وقوله يعني ودخل في هذه الجملة ايضا قوله تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت هذه الاية فيها ذكر صفة ثبوتية وصفة منفية لله سبحانه وتعالى وصفة الثبوتية ها هنا هي صفة الحياة لانه قال وتوكل على الحي وقد علمنا ان كل اسم لله عز وجل فانه يتضمن صفة علية له تبارك وتعالى اذا الله جل وعلا متصف بصفة الحياة وحياة الله جل جلاله حياة كاملة لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء والصفة المنفية ها هنا صفة الموت الله جل وعلا منزه عن الموت وتوكل على الحي الذي لا يموت كأن المراد والله تعالى اعلم من ذكر هذه الصفة المافية بعد ذكر اسم الحي التنبيه على ان حياة الله سبحانه وتعالى حياة كاملة فلا يتوهم طرق الهلاك او الفناء على هذه الحياة اذ ان من المشاهد في الاحياء ان حياتهم تفنى وتنتهي ويلحقها الموت اما الله سبحانه وتعالى فان حياته حياة لا يلحقها هلاك ولا فناء فلدفع توهم النقص في صفة الله جل وعلا كان هذا النفي في هذه او في هذا السياق او في هذه الاية فان حياة الله تبارك وتعالى حياة كاملة لا يطرأ عليها فناء او موت. وتوكل على الحي الذي لا يموت ومضى شيء من الكلام عن صفة الحياة في الدرس الماضي وهذه الاية من اعظم الادلة في تقرير توحيد العبادة لان الله سبحانه وتعالى امر بالتوكل عليه وما ذكر بعد هذا الامر مشعر بكون التوكل توكلا ثابتا صحيحا وهو انه توكل على حي لا يموت فما اخسر صفقة من توكل على حي سيموت واظل منه واخسر من توكل على ميت غير حي يا لله العجب! كيف يترك التوكل على الحي الذي لا يموت ويتوكل متوكل على ميت غير حي كما يفعل عباد القبور قديما وحديثا فانهم يقولون عافاني الله واياكم من هذا البلاء وهذه المحنة يصرخون وينادون انا في حسبك يا ابن علوان ثقتي عليك يا سيدي احمد انا متوكل عليك وليس لي الا سواك يا سيدي عبد القادر الى غير ذلك مما يذكرون من هذه الجمل الشركية التي صاحبها من اضل خلق الله جل وعلا المقصود ان هذه الاية دليل عظيم لمن تدبر فالتوكل والعبادة انما يصح ان تتوجه الى الحي الذي لا يموت وليس ذلك الا هو سبحانه وتعالى والتوكل حقيقة مركبة من اعتماد وثقة وتفويض على الله سبحانه وتعالى مع بذل الاسباب الممكنة مع بذل الاسباب الممكنة الممكنة قدرا والممكنة شرعا فلا يكون توكل الا باجتماع الامرين ان يبذل الانسان المستطاع له من الاسباب مع التفويض والثقة والاعتماد على الله تبارك وتعالى ولذلك ذكر ابن حجر رحمه الله في فتح الباري عن بعض اهل العلم انه فسر انه فسر التوكل بانه قطع النظر الى قطع النظر عن الاسباب بعد بذل الاسباب قطع النظر عن الاسباب بعد بذل الاسباب يبذل الانسان ما يستطيع من الاسباب ثم بعد ذلك لا يلتفت بقلبه الى هذه الاسباب ونقل ابن القيم رحمه الله عن بعضهم بكتابه مدارج السالكين ان التوكل اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب ومراده بالاضطراب بلا سكون انه العمل والاجتهاد في بذل السبب دون كسل ودون تراخ اضطراب بلا سكون ثم سكون بلا اضطراب سكون بالقلب وطمأنينة برب العزة سبحانه وتعالى بلا اضطراب ولا التفات الى غيره سبحانه وتعالى هذه حقيقة التوكل على الله جل وعلا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله سبحانه هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم هذه اية عظيمة فيها ذكر اربعة اسماء للبارئ سبحانه تتضمن اربع صفات له جل وعلا فالله جل وعلا الاول والاخر والظاهر والباطن وختم الاية بثبوت صفة العلم له جل وعلا ونتكلم عن صفة العلم فيما بعد هذه الاية ان شاء الله المقصود ان هذه الاية فيها ثبوت صفة الاولية لله جل وعلا وصفة الاخرية وصفة الظهور وصفة البطون فالله جل وعلا هو الظاهر والله جل وعلا هو الباطن واحسن من فسر هذه الاسماء اعلم الخلق بالله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ضمن دعائه عليه الصلاة والسلام عند النوم جاء في هذا الدعاء كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اللهم انت الاول فليس قبلك شيء وانت الاخر فليس بعدك شيء وانت الظاهر فليس فوقك شيء وانت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين واغنني من الفقر اذا هذا هو التفسير الذي لا ينبغي ان يتجاوزه المسلم في هذه الاسماء الاربعة كما قال ابن القيم رحمه الله هو اول هو اخر هو ظاهر هو باطن هي اربع بوزارة ما قبله شيء كذا ما بعده شيء تعالى الله ذو السلطان ما فوقه شيء كذا ما دونه شيء وذا تفسير ذي البرهان صلى الله عليه وسلم الصفة الاولى صفة الاولية والاسم الوارد في هذه الاية فيها وكذا في الحديث الاول والمعنى انه الذي ليس قبله شيء انما هو سابق الاشياء سبحانه وتعالى. لم يزل ولا يزال جل في علاه ثبت في صحيح البخاري من حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاناس اتوه من من اليمن آآ اقبلوا البشرى يا اهل اليمن اذ لم يقبلها بنو تميم ثم قالوا قبلنا يا رسول الله ثم انهم قالوا انا جئنا نسألك عن هذا الامر ما اول هذا الامر؟ يعني ما هو اول هذا الكون المشاهد؟ الذي نعلمه كانوا يسألون عن هذا الخلق المعلوم لهم فكان جوابه عليه الصلاة والسلام كان الله ولم يكن شيء قبله كان الله ولم يكن شيء قبله والله جل وعلا هو الاول الذي ليس قبله شيء خالف في هذا المعنى اراذل من الخلق هم الفلاسفة الذين اثبتوا قدم العالم فمبدأ العالم عندهم قديم حيث انه فاض عن الله عز وجل اذ هو ملازم له فلم يزل قديما كما ان الله تعالى عن قولهم قديم وهذا احد الاسباب التي كفر بها اهل العلم الفلاسفة. حيث انهم انكروا حدوث العالم واثبتوا قديما مع الله تبارك وتعالى بثلاث كفر الفلاسفة العداء اذ انكروها وهي حق مثبتة علم بجزئي حدوث عوالم حشر لاجساد وكانت ميتة المقصود ان هذه هي الصفة الاولى لله تبارك وتعالى وهي صفة الاولية الصفة الثانية الصفة صفة الاخرية والله جل وعلا هو الاخر وفسر هذا النبي صلى الله عليه وسلم بانه الاخر الذي ليس بعده شيء كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام الله جل وعلا هو الذي يبقى بعد افناء الخلائق فانه اذا نفخ ملك الصور بامر الله سبحانه وتعالى نفخة الصعق فان الخلائق فان الخلائق تصعق ويبقى الباري تبارك وتعالى يقبض فانه يطوي السماء ويقبض الارض وينادي انا الملك اين الجبارون اين المتكبرون ينادي سبحانه في ذلك اليوم لمن الملك اليوم فلا يجيبه احد فيجيب نفسه لله الواحد القهار اذا الله عز وجل هو الذي يبقى والخلائق يهلكون كل شيء هالك الا وجهه هذه الصفة الثانية واخرية الله تبارك وتعالى اخرية ذاتية يعني صفة الله تبارك وتعالى صفة ذاتية حيث انه جل وعلا يستحيل عليه الفناء واما ما يبقى من المخلوقات كالجنة وما فيها والنار وما فيها فانها باقية بابقاء الله تبارك وتعالى ليس ان بقاءها وليس ان دوامها من جهة كون ذلك مستحيلا ضده عليها كلا بل انما فهي باقية بابقاء الله تبارك وتعالى ولو شاء ان يفني ذلك كله في لحظة لفعل فالله على كل شيء قدير اذا ينبغي التفريق بين ثبوت صفة الاخرية لله تبارك وتعالى من حيث كونها صفة ذاتية لله تبارك وتعالى تعالى ينتفي عنه ويستحيل عليه تبارك وتعالى ضدها وهو الفناء اما ما سواها من الخلائق فانه اما ما سواه من الخلائق فانه ليس ثمة شيء من المخلوقات يبقى لذاته انما ذلك لله تبارك وتعالى فحسب قال هو الاول والاخر والظاهر الصفة الثالثة صفة الظهور واسمه تعالى الظاهر وفسر هذا النبي صلى الله عليه وسلم بانه الذي ليس فوقه شيء وهذا هو المعروف في اللغة الظهور بمعنى الفوقية فما اسطاعوا ان يظهروا يعني ان يعلوه لاجل هذا يقال ظهر الدابة لانه اعلى ما فيها فالله جل وعلا متصف بصفة العلو فهو عال على كل شيء وفوق كل شيء وكل شيء فهو دونه سبحانه وتعالى. الله جل وعلا من المقطوع به في مئات بل الاف الادلة شرعا وعقلا وفترة ان الله تعالى عال على كل شيء صفة العلو والفوقية صفة ذاتية لله تبارك وتعالى فانه لا يزال عليا جل وعلا وسنتكلم باذن الله جل وعلا بشيء من التفصيل عن هذه الصفة بما يأتي بعون الله تبارك وتعالى في هذه العقيدة اما الصفة الرابعة فهي صفة البطون واسمه تعالى الباطن وفسر هذا النبي صلى الله عليه وسلم بانه بانه الذي ليس دونه شيء واهل السنة والجماعة يفسرون هذه الصفة بانها بطون علمه واحاطته تبارك وتعالى فالله جل وعلا لا يخفى عليه شيء ولا يستر بصره واحاطته وقدرته شيء جل وعلا. انما الله سبحانه مطلع على كل شيء وعليم بكل شيء ومحيط بكل شيء سبحانه وتعالى ولذلك الاجري رحمه الله في كتابه الشريعة لما اشار الى ان الحلولية استدلوا بهذه الاية وهو الباطن على قولهم الباطل بان الله تعالى حال في مخلوقاته بين التفسير الصحيح لهذه الصفة ولهذا الاسم وهو ان الله تبارك وتعالى الباطن انه سبحانه وتعالى الباطن الذي لا يخفى عليه شيء من الاشياء ولو كان في باطن الاراضين ثم قال ويدل على ذلك اخر الاية فانه تعالى قال في ختامها وهو بكل شيء عليم. فهذه هذه قرينة على ان المعنى بطون علم الله تبارك وتعالى كذلك الذهبي رحمه الله روى في كتابه العرش وكذلك في كتابه العلو عن مقاتل ابن حيان الامام الثقة الذي كان معاصرا للاوزاعي رحمة الله تعالى عليهما لما جاء الى تفسير قوله تعالى والباطن قال هذا البطون قربه وقربه بعلمه وقدرته واحاطته سبحانه وتعالى فهذا الذي عليه السلف الصالح وهذا الذي عليه اهل العلم كذلك ابن ابي زمني ذكر في كتابه اصول السنة لما جاء الى قوله تعالى هو الاول والاخر والظاهر والباطن قال هو باطن بعلمه بخلقه جل وعلا والكلام في هذا عن اهل العلم كثير فحذاري من تلبيس اهل الحلول واهل الاتحاد. الله جل وعلا بذاته عال على كل شيء انما قربه وعلمه واحاطته آآ محيطة بكل شيء من خلقه تبارك وتعالى فهو محيط بكل شيء بعلمه وقدرته وسمعه وبصره تبارك وتعالى فهذا الذي يفسر به قوله الباطن وهذا الذي تفسر به هذه الصفة لله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقوله سبحانه وهو العليم الحكيم قال سبحانه وهو العليم الحكيم اية دلت على ثبوت اسمين لله تبارك وتعالى العليم والحكيم والعليم يتضمن صفة العلم لله سبحانه والحكيم يتضمن ما سيأتي الكلام عنه ان شاء الله واسم الله العليم من اكثر الاسماء ورودا في كتاب الله جل وعلا حتى انه ورد في كتاب الله في اكثر من تسعين موضعا جاء انه سبحانه العليم وجاء انه عالم الغيب وجاء انه علام الغيوب تبارك وتعالى وكل ذلك دليل على ثبوت صفة العلم له جل وعلا ولا شك ان صفة العلم من اجل الصفات ومن اكثرها ورودا في الكتاب والسنة. فالله سبحانه وتعالى بالعلم الواسع ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلم علم الله تبارك وتعالى شامل لكل شيء شامل للماضي والحاضر والمستقبل شامل للموجود والمعدوم شامل للممكن والمستحيل علم الله ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون من الممكنات والمستحيلات ما لا يكون ولن يكون ولكن يجوز بالعقل وجوده وهو الممكن لو قدر وجوده علم الله كيف سيكون الحال. لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا هذا دليل على علم الله تبارك وتعالى بما لم يكن لو كان كيف يكون اذا كان ممكنا يعني يمكن في حكم العقل وجوده بل المستحيل الذي ما كان ولا يكون ويستحيل ان يكون لو قدر لو فرض وجوده علم الله كيف سيكون الحال. قال جل وعلا لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض بعض امحل المحالات ان يكون مع الله عز وجل اله وان يكون معه رب ولو فرض حصول ذلك مع كونه مستحيل علم الله ما الذي سيترتب على وجوده؟ اذا علم الله تبارك وتعالى واسع محيط بكل شيء ما من ذرة في هذا الكون ما من شعرة ولا منبتها ما من ورقة ولا شجرة ما من ذرة ما من حبة رمل الا والله عز وجل علمها على وجه التفصيل. ويعلم ما في البر والبحر. وما تسقط من ورقة الا يعلمها. ولا في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين. هذا العلم الواسع لله تبارك وتعالى شيء تفرد الله تبارك وتعالى به وكل ما عند الخلائق من العلوم فانه كلا شيء امام علم الله جل وعلا. بل ان العباد في اصلهم فاقدون للعلم الانسان ظلوم جهول هذا اصله ولذلك اخرج الله عز وجل العباد من بطون امهاتهم لا يعلمون شيئا. والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا شيئا ثم من الله تبارك وتعالى بشيء من علمه الذي يعلمه سبحانه وتعالى فجعله في المخلوقين سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا. فالله عز وجل هو الذي علم الخلائق. ومع ذلك فكل علومهم فلا شيء. امام علم الله تبارك وفي الصحيحين لما كان الخضر وموسى عليهما السلام في السفينة وقفت وقف عصفور على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة او نقرتين فقال الخضر لموسى عليهما السلام ما نقص علمي وعلمك من علم الله جل وعلا الا كنقرة هذا العصفور من البحر ما النسبة بين نقرة عصفور وبحر واسع متلاطم لا شك ان ذلك كلا شيء وعلم الله تبارك تعالى اوسع واكبر من ذلك كله خالف الحق في هذا الباب اعني باثبات العلم لله تبارك وتعالى ثلاث طوائف الطائفة الاولى الفلاسفة فانهم قالوا بقول مآله انكار علم الله جل وعلا حيث انهم يقولون ان الله تعالى يعلم الاشياء الكلية لا الجزئية يعني يعلم الاشياء من حيث كونها كلية لا من حيث كونها جزئية ومعلوم عند جميع العقلاء ان الكليات محلها في الاذهان ولا شيء خارج الاذهان لا شيء في الوجود والحقيقة الا وهو جزئي الكلي عند المناطق ما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه فانسان حيوان هذه اه هذا امر ماذا كلي لا يوجد خارج الذهن انسان. هكذا ماذا مطلق بل لا توجد الاشياء خارج الاذهان الا وهي ماذا الا جزئية مقيدة يوجد فلان وفلان ويوجد انا وتوجد انت اما عند هؤلاء فالله جل وعلا لا يعلم الجزئيات انما يعلم الاشياء كلية يعلم فعلا ويعلم انسانا ويعلم حيوانا يعلم شجرا ويعلم بحرا بحرا دون ان يكون هناك علم بالجزئي وهذا مصير منهم الى انكار علم الله تبارك وتعالى لان الاشياء لا توجد الا جزئية ولاجل هذا كفر السلف كما ذكرت لك قبل قليل الفلاسفة على هذا القول ايضا بثلاثة كفر الفساد الفلاسفة العدا اذ انكروها وهي حق مثبتة علم بجزئي فهذه هي الطائفة الاولى التي خالفت الحق في ثبوت صفة العلم لله تبارك وتعالى الطائفة الثانية القدرية الاوائل الذين خرجوا اخر عهد الصحابة رضي الله عنهم وهم الذين تبرأ منهم ابن عمر كما اه قد علمت في حديث جبريل المشهور في مطلعه وهؤلاء هم الذين اتفق السلف على تكفيرهم هؤلاء يقولون ان الله تعالى لا يعلم الاشياء الا بعد وقوعها اما قبل وقوعها فان هذا ليس معلوما لله تبارك وتعالى عن قولهم علوا كبيرا. ولا شك ان هذا من ابطل الباطل. فان الله تعالى قول وهو بكل شيء عليم. وهذا عموم محفوظ ما خرج منه شيء ولا خص منه شيء. كذلك قوله تعالى علم ان سيكون منكم مرضى. واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله. هذا امر لم يكن بعد علمه الله ماذا قبل كونه وهذا من الامر الذي لا يخالف فيه من شم للايمان رائحة الطائفة الثالثة هم القدرية المتأخرون الذين هم المعتزلة فانهم اثبتوا العلم لله تبارك وتعالى لكنهم ارجعوه الى الذات فليس عندهم صفة تتميز عن الذات. يقولون ان الله تعالى عليم بعلم وعلمه ذاته او يقولون انه عليم بلا علم المقصود ان الصفات عندهم يرجعونها الى الذات الحق الذي لا شك فيه ولا ريب ولا ينبغي ان يخالف فيه عاقل ان الصفة قدر زائد على الذات وان الصفة قائمة بالذات وان الله تبارك وتعالى متصف بالعلم والعلم ليس هو الذات كما ان العلم ليس هو الصفات الاخرى كما ان العلم ليس هو الصفات الاخرى علم الله جل وعلا ليس هو رحمته ورحمته ليست عزته وعزته ليست استواءه وهكذا. اذا هذا ايضا من الاقوال الضالة الف اهل الحق التي ذهب اليها هؤلاء الذين تنكبوا طريقة السلف الصالح اسأل الله جل وعلا ان يعافيني واياكم من الاهواء قال سبحانه وتعالى وهو العليم الحكيم الاسم الثاني في هذه الاية الحكيم وهو يدل على ثلاث صفات لله تبارك وتعالى. الحكيم هذا الاسم لله جل وعلا يتضمن ثلاث صفات لله جل وعلا فالله حكيم بمعنى حاكم يعني الذي له الحكم قال سبحانه له الحكم ان الحكم الا لله و بالتالي تكون كلمة حكيم ها هنا فعيل بمعنى فاعل الله حكيم بمعنى انه حاكم والله جل وعلا له الحكم الكوني والشرعي والحكم حكمان شرعي وكوني ولا يتلازمان وما هما سيان ومضى الكلام في هذا الموضوع غير مرة في دروس سابقة. الله جل وعلا له الحكم الكوني الن ابرح الارض حتى يأذن لي ابي او يحكم الله لي هذا هو الحكم الكوني وثمة حكم شرعي. قال سبحانه وتعالى وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله هذا هو الحكم الشرعي. اذا هذا هو المعنى الاول وهو الحكيم بمعنى الحاكم وقريب من هذا المعنى ما جاء في اسم الله تبارك وتعالى الحكم. فالله جل وعلا هو الحكم مر بنا في دروس كتاب التوحيد الكلام عن هذا الاسم في حديث ابي داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله هو الحكم واليه الحكم وذكرت ان كنتم تذكرون ان بعض اهل العلم فرق بين الحكم والحكيم او الحاكم بان الحكم هو الذي لا يحكم الا بالعدل اما الحاكم فقد يحكم بعدل وبغيره اما المعنى الثاني فهو ان حكيما بمعنى محكم فعيل بمعنى مفعل بمعنى انه تعالى اتقن واحسن شرعه وخلقه ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت صنع الله الذي اتقن كل شيء الذي احسن كل شيء خلقه فشرعه تبارك وتعالى متقن ومحكم وكذلك خلقه سبحانه وتعالى محكم متقن وهذا المعنى في حقيقته راجع الى المعنى الثالث الذي ساتكلم عنه ان شاء الله وهو ان حكيما بمعنى ذو الحكمة الله جل وعلا حكيم بمعنى انه ذو الحكمة فهو متصف بالحكمة تبارك وتعالى والاحكام في حقيقته انما هو فرع عن ثبوت الحكمة. لان الذي يحكم ويتقن ويحسن لا يكون ذلك منه الا اذا كان متصفا بماذا الا اذا كان متصفا بالحكمة الحكمة وضع الشيء في مواضعها وانزالها منازلها الحكمة وضع الشيء موضعها وانزالها منازلها. والله جل وعلا له الحكمة البالغة تبارك وتعالى له الحكمة التي لاجلها يخلق ولاجلها يقدر ولاجلها يشرع سبحانه وتعالى هذا امر ظاهر لا شك فيه والادلة عليه عشرات بل مئات من ادلة الكتاب والسنة. ان الله تعالى متصف بالحكمة. وان له جل وعلى في شرعه وقدره وفي خلقه حكمة لاجلها يخلق ولاجلها يقدر ولاجلها يشرع يحبها سبحانه وتعالى. هذه الحكمة يحبها ولاجل لذلك يخلق لاجل ذلك يشرع. وانت اذا تأملت في ادلة الكتاب والسنة وجدت انواعا واصنافا من اثبات الحكمة فيما يقدره وفيما يشرعه سبحانه وتعالى. تأمل مثلا الادلة التي فيها اثبات لام الحكمة او دام الغاية او لام التعليل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. كيف تجد هذه الاية؟ دالة على ثبوت حكمة لله تبارك وتعالى لاجلها فعل. ولاجل خلق تأمل مثلا في الادلة التي فيها التعليل الصريح. كقوله سبحانه من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل. اذا كان هذا الكتب او كانت هذه الكتابة لحكمة لاجلها كان منه سبحانه وتعالى هذا الامر جل وعلى تأمل مثلا في الادلة التي فيها حرف كي التي تدل على التعليم. قال سبحانه كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم. كيف تجدها صريحة في اثبات قليل وان الله تبارك وتعالى انما يشرع لحكمة بالغة يحبها سبحانه وتعالى. وهذا الامر واضح ومنثور في ادلة الكتاب والسنة. بل في الايات الكونية المشاهدة. فكل ما تراه بعينك لا شك ولا ريب انه دليل على ان هذا الخالق تبارك وتعالى متصف بالحكمة وهذا امر لا لا يمتري ولا ينبغي ان يمتري فيه عاقل ومن العجيب ان يخالف في هذا الحق البين الظاهر طوائف من المتكلمين انكروا ثبوت الحكمة لله تبارك وتعالى انما يجعلون اسمه تعالى الحكيم مختصا بكونه الحاكم الذي له الحكم تبارك وتعالى. اما ان يكون الحكيم دالا على ثبوت الحكمة التي يفعل الله عز وجل ويشرع لاجلها فان هذا عندهم غير صحيح ولا يثبت عندهم لله جل وعلا حكمة قالوا وما تكونوا من اه وما يكون في شرع الله عز وجل من هذا الاتقان والاحكام او ما يكون في هذا الكون من هذا الاتقان والاحكام انما كان وحصل غير مقصود حصل عقيدة تشريع وحصل عقيب الخلق. اما ان يكون الله عز وجل قد خلق او شرع لاجل ذلك هذا عندهم غير صحيح وفي زعمهم يقتضي عدم غنى الله جل وعلا وافتقاره الى غيره ويا لله العجب في اي شرع وفي اي عقل وفي اي لغة يكون سبحانه وتعالى على زعمهم مفتقرا الى غيره اذا كان قد فعل او شرع لحكمة اليست الحكمة صفة قائمة بذاته تبارك وتعالى فهل يقول احد انه مفتقر الى ذاته او مفتقر الى ما يقوم بذاته؟ هذا لا يقول به عاقل الحكمة نصف قائم بذات الله تبارك وتعالى وبالتالي اي افتقار يزعم؟ بل هذا هو الكمال الذي ليس وراءه كمال. القوم مثلوا كون هذه الحكم حاصلة لكنها غير مقصودة مثلوها بشجرة زرعها انسان وانما كان قصده حصول الثمرة اما كون هذه الشجرة يكون منها ظل فيستظل منها الناس هذا امر واقع وحاصل لكنه بالنسبة له ماذا غير مقصود بالنسبة له غير مقصود. كذلك الامر في الشريعة كانت هناك حكم وكانت هناك علل وكان هناك احكام واتقان لكن ذلك كله ماذا غير مقصود انما حصل اتفاقا انما حصل اتفاقا والرد عليهم في هذا المثال ان يقال لا شك ولا ريب ان من زرع هذه الشجرة فاراد حصول الثمرة وحصول الاستظلال اكمل ممن اراد حصوله الثمرة. من قصد الامرين اكمل ممن قصد الامر الواحد. وعلى كل حال لا شك ان القوم قد عموا عن شواهد وادلة كثيرة جدا من جهة الشرع ومن جهة الحس والواقع تدل على ثبوت الحكمة لله تبارك وتعالى. وقد ذكر ابن القيم ابن القيم رحمه الله في شفاء انه لو ذهب يذكر ما يعرف من حكمة الله جل وعلا في شرعه وخلقه لزاد ما يذكره على عشرة الاف موضع يقول هذا مع ظعف العلم وكلال الذهن هذا امر لا ينبغي ان يناقش فيه احد ومن رحمة الله باهل البدع اضطرابهم اقول من رحمة الله باهل البدع انهم يضطربون ولا يطردون قولهم الباطل. والا فانهم لو طردوا قولهم الباطل لادى بهم الى انحراف عظيم بل الى زندقة والحاد لكن من رحمة الله عز وجل بهم انهم يقررون ولكنهم يناقضون انفسهم يقررون في موضع ما يناقضونه في مواضع ولذلك انظر الى هؤلاء الذين ينكرون حكمة الله تبارك وتعالى وثبوت ذلك له جل وعلا. كيف تجدهم تناقضوا حينما اثبتوا القياس في الشريعة وكل من اثبت القياس في الشريعة فانه ملزم باثبات الحكمة صفة لله تبارك وتعالى. فالجمع بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات هذا دليل قطعي على ان المشرع على ان الشارع لهذه الاحكام لا شك ولا ريب انه انه حكيم. ومن يناقش في هذا لا شك انه آآ يخالف في امر بدهي. ولا ينبغي ان يناظر من كان شأنه كذلك. المقصود من العرض السابق التنبه الى هذا الامر المهم الذي قد تجده في بعض التفاسير او قد تجده في بعض شروح الحديث حينما آآ يصل الكلام الى الحكمة والتعليل في افعال الله عز وجل او في شرع الله سبحانه وتعالى فانك قد تجد كثيرا في هذه المسألة والصحيح الذي قامت عليه شواهد الكتاب والسنة ومضى عليه قول السلف الصالح هو ما ذكرته لك من ان الله تبارك وتعالى متصل بالحكمة البالغة وانه جل وعلا الحكيم في كل ما يشرع والحكيم في كل ما يفعل والحكيم في كل ما يخلق والحكيم في كل ما يقدر سبحانه وتعالى. لعلنا نكتفي بهذا القدر ونكمل بعون الله عز وجل وتوفيقه في الدرس القادم والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان