بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفعه به يا رب العالمين قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى في رسالته العقيدة الواسطية وقوله الرحمن على العرش استوى وقوله ثم استوى على العرش في ستة مواضع ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فتتمة ما بدأناه في درس امس وهو ما يتعلق بصفة استواء الله تعالى على العرش تقدم الكلام عن معتقد اهل السنة والجماعة في العرش ذاك المخلوق العظيم الذي خصه الله عز وجل باستوائه عليه ونتكلم الان بعون الله عن صفة الاستواء للباري جل وعلا الاستواء جاء صفة لله سبحانه وتعالى في تسع مرات منها موضعان جاء فيها هذا الفعل استوى معدا باله وهذان الموضعان في سورتي البقرة وفصلت ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات وفي فصلت قال جل وعلا ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها اما تعدية او اما الضرب الثاني فكان في سبعة مواضع معدا بعلى ذكر المؤلف رحمه الله ان الموضع الاول موضع سورة طه الرحمن على العرش استوى وفي ستة مواضع جاء فيها هذا المعنى لكن الصيغة مختلفة ثم استوى على العرش اذا على العرش استوى واستوى على العرش هذه مواضع ست جاء فيها قوله تعالى ثم استوى على العرش وهي في الاعراف ويونس والرعد والفرقان والحديد والسجدة اذا جاء وصف الله عز وجل بانه مستو على العرش في سبعة مواضع اعراف يونس رعد ثم في طه فرقان سجدة والحديد بها استوى الاستواء في كل هذه الموارد سواء كان معدا بالى او كان معدا بعلى كله يدل على معنى العلو والارتفاع كل ذلك يدل على معنى العلو والارتفاع وان كانت التعدية بالحرف لها خصوصية في المعنى يعني هناك اختلاف يسير في المعنى مع الاتفاق في المعنى في الجملة فاستوى الى السماء يعني ارتفع الى السماء وعلى الى السماء واستوى على العرش يعني على على العرش واستقر على العرش وصعد على العرش الى اخر ما ذكر من هذه المعاني الا التي سيأتي الكلام عنها ان شاء الله اما الموضع الاول اعني المعنى الاول او التعدية الاولى فهي تعدية الاستوائي بالى وانتهاء الغاية انما كان الى السماء فالله جل وعلا استوى الى السماء وباتفاق السلف ان معنى قوله استوى الى السماء ارتفع الى السماء وعلى الى السماء فهذا هو الذي اجمع السلف رحمة الله تعالى عليهم عليه ونقل هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما في كتابه العظيم شرح حديث النزول وهو من احسن المواضع التي تكلمت عن هذه الصفة وهي الاستواء الى السماء وكذلك نقل الاجماع ابن القيم رحمه الله كما في مختصر الصواعق فاستوى الى السماء يعني علا وارتفع الى السماء وهذا جاء عن السلف كثيرا كابي العالية رحمه الله ومجاهد وغيرهما من اهل العلم وهذا الذي تعرفه العرب في لغتها اخرج الذهبي باسناده في كتابه العلو عن الخليل ابن احمد امام العربية المشهور انه ذهب مع جماعة معه الى ابي ربيعة الاعرابي فوجدوه على سطح منزل له فاشاروا عليه بالسلام فقال لهم استووا يقول الخليل فما درينا ماذا يريد قال فقال شيخ جالس معه ارتفعوا يقول الخليل فهذا منه قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان يعني ارتفع قد يقول قائل ها هنا اليس علو الله جل وعلا صفة ذاتية له فهو لم يزل ولا يزال عليا فكيف يقال انه علا الى السماء وارتفع الى السماء والجواب عن هذا ان يقال ان كلمة كيف ها هنا كلمة محظورة كلمة ممنوعة نحن ما رأينا الله ولا رأينا مثيلا له فكيف لنا ان نقول كيف هو والله جل وعلا ليس كمثله شيء والشأن في هذه الصفة كالشأن في صفة النزول اذ ان الله تعالى اذا نزل الى سماء الدنيا كما تواترت الاحاديث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه لا يزال عليا ولا يكون شيء من المخلوقات فوقه كذلك الامر اذا ارتفع الى السماء فانه لا يزال علي ولا يكون شيء من المخلوقات فوقه الله ليس كمثله شيء جل في علاه وانبه هنا الى خطأ ربما تطلع عليه في كلام بعض اهل العلم وهو انهم فسروا الاستواء الى السماء بالقصد الى السماء وبعضهم يقول القصد الى خلق السماء ثم استوى الى السماء يعني قصد الى خلق السماء وهذا لا شك انه من تأويلات اهل البدع وليس من ان وليس من مذهب اهل السنة والجماعة واخطأ من نسب هذا الى مذهب اهل السنة واخطأ من حكى في هذا قولين عن اهل السنة انما هو قول واحد عن اهل السنة وهو ان استوى الى السماء بمعنى علا وارتفع الى السماء. واما قول من قال من الفضلاء من اهل السنة ان استوى الى السماء بمعنى قصد الى خلق السماء فلا شك ان هذا خطأ يعتذر لصاحبه ولا يتابع عليه يعتذر لصاحبه ولا يتابع عليه. فهذا ليس هو المعنى الصحيح ولا الموافق للغة العرب. وخلاف ما اطبق عليه السلف الصالح رحمة الله تعالى عليهم. واوصيك عند ارادة النظر في هذا الموضوع ان تراجع ذاك الكتاب الجليل شرح حديث النزول لابي العباس ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه ننتقل الان الى الاستوائي على العرش قلنا ان الاستواء الذي هو صفة مضافة الى الله جل وعلا جاء هذا الفعل استوى معدا بالى ومعدا بعلى وكل ذلك يدل على معنى العلو والارتفاع في الجملة مع اختصاص في كل سورة من هاتين الصورتين بمعنى خاص نتيجة التعدية التي افادت معنى زائدا على مجرد المعنى الاصلي الذي هو العلو والارتفاع استوى الله عز وجل على العرش بمعنى علا وارتفع على العرش وهذا ايضا اجماع اهل السنة والجماعة وذلك منقول عنهم بالنقل المتواتر وهذا الذي لا تعرف العرب في لغتها غيره ان استوى على كذا بمعنى علا وارتفع على كذا كلمات اهل العلم في تفسير الاستواء على العرش تدور في الجملة على هذا المعنى واشهر ما قيل في تسهيل الاستواء على العرش اربع كلمات جمعها ابن القيم رحمه الله في نونيته فقال فلهم عبارات عليها اربع قد حصلت للفارس الطعاني وهي استقر وقد علا وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران وكذاك قد صعد الذي هو وابو عبيدة صاحب يختار هذا القول في تفسيره ادرى من الجهمي بالقرآن. اذا هذه كلمات اربع اداها ومعناها في الجملة يدور على معنى العلو والارتفاع. فالله جل وعلا استوى على العرش يعني علا وارتفع عليه والعلاقة بين صفتين العلو والاستواء والكلام عن العلو سيأتي ان شاء الله قريبا العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق فان كل استواء فهو علو وليس كل علو استواءة كل استواء فهو علو من استوى على ظهر الدابة فانه قد علا عليها وليس كل ما علا على شيء فانه يكون مستويا عليه فالقمر علت وارتفعت على فالقمر قد علا وارتفع على الارض ولكنه ليس مستويا عليه اذا هذه العلاقة ولذا يقول اهل العلم ان الاستواء علو خاص. الاستواء علو خاص اختلف او عفوا خالف الحق في هذه المسألة اهل البدع وقد ذكرت لك ان هذه المسألة من كبريات المسائل التي حصل فيها الخلاف بين اهل السنة والجماعة والمتكلمين فانهم زعموا ان اثبات الاستواء لله جل وعلا على ظاهره في ضوء ما تقتضيه لغة العرب فيكون بمعنى علوه وارتفاعه واستقراره على العرش ان هذا يقتضي التشبيه فزعموا انهم مضطرون الى تأويل هذه الصفة واشهر ما قيل في تأويل هذه الصفة انه استولى على العرش وهذا تفسير اعني انه تأويل مشهور عن المتكلمين من قول في كثير من تفاسيرهم ومن كتبهم المصنفة في العقيدة وفي غيرها جنحوا عند استدلالهم على هذا التأويل الى الاعتماد على بيت من الشعر زعموا انه قاله احد الشعراء وهو قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراقي قالوا استواهن بمعنى استولى وبالتالي فاستوى تأتي بمعنى استوى تأتي بمعنى استولى فلاجل هذا نحن نقول استوى على العرش يعني ها استولى على العرش على خلاف بينهم. هل العرش هو ذاك المخلوق الذي هو سرير الملك او هو الملك على ما مضى الكلام فيه فسواء قيل انه هذا او هذا فان الاستواء عليه بمعنى الاستيلاء عليه الاستواء عليه بمعنى الاستيلاء عليه ولا شك ان هذا تأويل باطل غير صحيح والكلام عنه في مقامين الاول في استدلالهم عليه بهذا البيت والثاني في مناقشة التأويل من حيث هو يعني في مناقشة تأويلهم هذا من حيث هو اما المقام الاول فهو مناقشتهم في استدلالهم على هذا التأويل بهذا البيت الجواب الاول عن هذا ان يقال ان هذا البيت مصنوع من حول وصاحبه مجهول فكيف يستدل به نحن سنقبل الاستدلال به لو اتوا عليه باي اسناد لو اتوا عليه باي اسناد يرتفع الى صاحبه ولو كان مسلسلا بالضعفاء سنقبل هذا الاستدلال لكن هيهات هيهات هذا بيت مصنوع لا يعرف له قائل ويا لله العجب القوم اعني المتكلمين لو اتيتهم يا ايها السني بحديث مخرج في الصحيحين لاشاروا باطراف الاصابع وقالوا حديث احد لا يقبل في العقيدة ثم ها هم اتوا الى هذه المسألة الكبيرة العظيمة المتعلقة بصفة الاستواء للرحمن العظيم سبحانه فاستدلوا على ذلك بهذا البيت الذي لا يعرف له قائل يا لله العجب وانبه ها هنا الى ان بعضهم نسب هذا البيت للاخطل النصراني وممن ذكر هذا او نسب هذا الى الاخطل ابن عطية في تفسيره وان كان في موضع اخر اشار الى ان بعضهم يقول انه مصنوع وكذلك ذكر هذا ابن كثير في البداية والنهاية وكذلك ذكر هذا الزبيدي في تاج العروس ولكن التحقيق ان هذا ليس بسديد وان هذا ليس من كلام الاخطل وليس موجودا في ديوانه وقد نص نص اساطين اللغة على ان هذا البيت ليس من كلام العرب المحتج بكلامهم. وممن نص على هذا ابن فارس الذي هو اللغوي المشهور وكفى به اماما علما في اللغة اذا استدلالهم بهذا البيت وتقريرهم هذا التأويل به لا شك انه باطل ليس بصحيح وليس لهؤلاء ان يستدل في كلام العرب الا بلغة محتج بها وهذا ليس منها والجواب الثاني ان يقال قال بعض اهل العلم وممن ذكر هذا ابن القيم في كتابه الصواعق ان هذا البيت حصل فيه تحريف نقل هذا عن بعضهم ان هذا البيت حصل فيه تحريف وان اصله بشر قد استولى على العراق من غير سيف ودم مهراق بشر قد استولى على العراق وبالتالي فانه لا علاقة له بموضوع الاستواء والجواب الثالث عن هذا ان يقال سلمنا جدلا ان هذا البيت بيت قاله شاعر عربي يحتج بكلامه فاننا نقول انه يمكن حمل هذا البيت على المعنى الصحيح وهو الاستواء الحقيقي وذلك ان بشرا ها هنا هو بشر ابن بروان ابن الحكم الذي هو اخو عبد الملك ابن مروان وكان واليه على العراق والحق انه قد استولى على العراق فجلس على سرير الامارة والملك فكان ماذا مستويا حقيقة على سرير الامارة في ماذا في العراق فهو استولى ثم استوى فصدق الشاعر حينما قال قد استوى بشر على العراق يعني على ملك العراق او على سرير ملك او امارة العراق. وبالتالي يمكن توجيه هذا البيت التوجيه الصحيح هذا كله على فرض وعلى تسليم ان هذا البيت مما يحتج به وانى يكون ذلك ننتقل الان الى المقام الثاني وهو مناقشة تأويلهم الاستواء بالاستيلاء والجواب عما قالوا من اوجه كثيرة نص ابن القيم رحمه الله في النونية على ان هذا التأويل مردود من عشرين وجها وذكر رحمه الله لطيفة ها هنا قال امر اليهود بان يقولوا حطة فابوا وزادوا الحرف للنقصان امر اليهود بان يقولوا حطة فابوا وزادوا الحرف للنقصان وكذلك الجهمي قيل له استوى فابى وزاد الحرف للنقصان قال استوى استولى وذا من جهله لغة وعقلا ليس يستويان ثم قال نون اليهود ولام جهمي هما في وحي رب العرش زائدتان المقصود ان الجواب عن هذا الذي ذكروا اعني تأويل الاستواء بالاستيلاء من اوجه كثيرة اهمها ما اقول لك اولا ان هاتين الكلمتين شتان بينهما في اللغة اين استوى من استولى القوم غرهم هذا القرب في ماذا في الحروف لكن بين المادتين تباين واختلاف كبير فاين مادة سوي من مادة وليه هذه مادة وهذه مادة فالكلمتان ماذا مختلفتان ثم يقال ثانيا ان القول بان استوى بمعنى استولى قول مخالف لاجماع اهل اللغة كما نص على هذا اساطين اهل اللغة نص على هذا الخليل ابن احمد فقد ذكر ان العرب لا تعرف في لغتها استوى بمعنى استولى وكذلك ابن الاعرابي وقد سأله احمد بن ابي دؤاد ذاك الضال المبتدع كما اخرج هذا الذهبي في العلو سأله هل تعرف العرب استوى بمعنى استولى؟ قال لا. لا تعرف العرب استوى استوى بمعنى استولى. وكذلك نص على هذا جمع من اهل العلم كابن قتيبة وغيرهم من اهل العلم. اذا هذا مناف لماذا لاجماع اللغة هذا الجواب الثاني. الجواب الثالث هذا التأويل مخالف لاجماع السلف فلا يعرف قط عن احد من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من اتباع التابعين تلك الغرة النيرة في جبين الامة الذين اثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ووصفهم بالخيرية ما يعرف عن احد منهم قط انه فسر الاستواء بالاستيلاء بل كلهم مطبقون على ان الاستواء بمعنى الاستياء على ان الاستواء بمعنى العلو والارتفاع ثم انه يقال رابعا هذا التأويل ترده النصوص مخالف لكتاب الله عز وجل اسمع معي يا رعاك الله الله جل وعلا يقول ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام اه ثم استوى على العرش وثم في لغة العرب تدل على الترتيب مع المهلة ترتيب مع مهلة اذا متى استوى الله عز وجل على العرش الجواب بنص الاية بعد خلق السماوات والارض ولو كان الاستواء هو الاستيلاء والاستيلاء في لغة العرب بمعنى القهر والغلبة والتمكن وما جرى مجرى هذه المعاني فان هذا يعني ان الله تعالى ما غلب ولا تمكن على العرش الا بعد خلق السماوات والارض فيال الله العجب من كان مستوليا على العرش قبل خلق السماوات والارض او قبل ان يستوي لي الله عليه اكان لله مشارك او مغالب استولى على العرش ثمان الله استولى عليه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ثم انه يقال خامسا نص كثير من اهل اللغة ومنهم ابن الاعرابي وغيره من اهل العلم على ان الاستيلاء انما يعرف في اللغة على معنى المغالبة والمدافعة فانه يقال استولى فلان الامير على البلدة اذا ماذا غلب من كان ماذا مدافعا ومغالبا له ويقال استولى عليه العدو اذا هناك منافرة وهناك مدافعة وهناك مغالبة فسبحان الله العظيم من ذا الذي كان مغالبا لله عز وجل ثمان الله غلبه وقهره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ثم انه يقال سادسا ان قولهم هذا لا يتوافق والعقل تأمل يا رعاك الله فيما جاء من نصوص الاستواء تجد اتكلم الان عن الاستواء من حيث اللغة لانهم يقولون نحن نأول الصفة المضافة الى الله لان الاستواء في اللغة بمعنى الاستيلاء اقول دعونا نتأمل موارد الاستواء في الكتاب والسنة لنرى هل يمكن ان يحمل شيء منها؟ ولو واحدا على معنى الاستيلاء الا ترى ان الله تعالى يقول عن سفينة نوح واستوت على الجود. الجودي جبل في العراق والسفينة ماذا استوت عليه فيما يعرفه اهل اللغة واهل اللسان العربي وليس الذين اخترعوا لغة جديدة حملوا نصوص الكتاب والسنة عليها يعرفون اعني اهل اللغة ان نستوى بمعنى ماذا؟ علا وارتفع فهي سفينة ماذا؟ استقرت على على جبل فما رأيكم ان نقول ان استوى ها هنا بمعنى استولى فتكون السفينة قد قهرت وملكت وغلبت وتمكنت من ماذا من الجبل كما يقال استولى فلان على البلدة او استولى عليه العدو اهذا يعقل يا جماعة تأملوا في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم تأمل فيما خرج الامام مسلم من قصة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين حيث كان الناس منهم الصائم ومنهم المفطر فجاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم لما استوى على فرسه امر بقدح من لبن او ماء فوضعه عليه. يعني وضعه على هذه الدابة ثم قال المفطرون للصائمين افطروا. الحديث النبي صلى الله عليه وسلم استوى على هذه الدابة بمعنى علا وارتفع ولا يمكن ان تأتي بمعنى استولى وقهر تأمل مثلا فيما ثبت في الصحيحين من قصة ابي قتادة رضي الله عنه لما كان مع الصحابة وكانوا محرمين وكان هو حلالا لما رأى ذاك الحمار الوحشي استوى على فرسه هكذا النصف في الصحيحين. ماذا صنع استوى على فرسه والحديث معروف عندكم حيث طلب الاعانة من اصحابه فابوا عليه الا ترى انه لا يمكن ان يحمل الاستواء هنا الا على معنى الا على معنى العلو والارتفاع خذ مثلا ما خرج النسائي وغيره في قصة حنين الجذع للنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان عليه الصلاة والسلام في ابتداء الامر يستند الى جذع نخلة حينما يخطب ثم لما صنع له المنبر واستوى عليه هكذا الرواية في هكذا الرواية عند النسائي في سننه باسناد صحيح لما استوى على المنبر اضطرب ذاك الجزع اي اضطرب ذاك الجذع وسمع له حنين كحنين الناقة. سبحان الله العظيم. يقول الراوي فسمع اهل المسجد ذاك الجذع حنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له صوت حنين الناقة. سمعتم صوت حنين الناقة هو شبيه به كما ذكر الراوي في الحديث سبحان الله فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وسكنه حتى هدأ وهذا من ايات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. المقصود ان استواء النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ايمكن ان يحمل على غير معنى العلو والارتفاع؟ الجواب لا يمكن ذلك البتة ثم انه يقال سابعا ما الذي دعاكم يا قوم الى تأويل هذه الصفة قالوا ان الذي دعانا الى هذا الفرار من التشبيه لاننا اذا قلنا ان الله استوى على العرش بمعنى علا وارتفع واستقر وصعد فان هذا يقتضي ولا بد تشبيه الله بالمخلوق ففررنا من هذا الى الى التأويل ففررنا من هذا الى التأويل. ولذلك لو تأملت مثلا بكلام الرازي في تفسيره تجد انه في احد المواضع هو تكلم في اكثر من موضع في تفسيره عن هذه الصفة اعترف وسلم في احد المواظع انه قد قيل ان هذا البيت قد استوى بشر بيت مصنوع فلا يصح الاحتجاج به وانه لم يأتي الاستواء الا بمعنى العلو والارتفاع وما اجاب عن هذا ما اجاب عن هذا الايراد لكنه قال كلاما مؤداه وفحواه ان الضرورة هي التي دفعتنا الى ماذا ان نقول ان الاستواء بمعنى الاستيلاء. ارجع الى كلامه في تفسيره وحينئذ فانه يقال ان كنت يا هذا وان كنتم يا قوم قد فررتم من التشبيه فاعلموا انكم قد وقعتم فيه فانه ان كانت اظافة الاستواء الى الله تشبيها فاظافة الاستيلاء الى الله تشبيه ان كنتم تقولون لا نعقل من يعلو ويرتفع ويستقر الا وهو مخلوق فاننا سنتنزل معكم في الجدل ونقول ونحن لا نعقل ولم نشاهد من يستولي فيغلب ويقهر الا وهو مخلوق فاذا كان الاول تشبيها فالثاني تشبيها وان قالوا لكن غلبة الله وقهره اعني استيلاءه تليق بالله عز وجل لا كاستيلاء المخلوقين فاننا سنقول وكذلك الشأن في الاستواء فانه يليق بالله تعالى لا كاستواء المخلوقين اذا كل ما قالوه مما زعموا انه يلزم صفة الاستواء على المعنى الصحيح يلزمهم في ماذا في تأويلهم وبالتالي يبطل تأويلهم ان كنتم مصرين على ان الاستواء بمعنى الاستيلاء فلا تلومون ان قلتم انكم مشبهة لا تلومونه لانكم وصفتم الله عز وجل بصفة ماذا بصفة المخلوق وبالتالي لا مناصة الا من الا بالتسليم اجراء هذه النصوص على ظاهرها اللائق بالله سبحانه وتعالى ثم انه يقال ثامنا حينما زعم الرازي وامثاله ان الذي دعاهم ودفعهم الى تأويل هذه الصفة انما كان الضرورة لان الاستقرار والعلو والارتفاع انما هو من صفات الاجسام ومن صفات المخلوقات فانه يقال قد فاته وفاتهم قاعدة مهمة تفصل بين الحق والباطل في هذا المقام وقد مرت بنا غير مرة وهي قاعدته القدر المشترك والقدر المميز الفارق فاننا نقول انه وان كان المخلوق يشترك في اصل الصفة واصل الاطلاق مع الخالق جل وعلا في كلمة استوى فان ثمة قدرا فارقا مميزا بين الصفتين فحينما يقول الانسان استوى فلان على دابته وحينما يقول الانسان استوى الله على العرش فان هذا الاشتراك هو في معنى كلي في في الذهن لا وجود له في الخارج اما اذا اضيفت الصفة الى المخلوق او اضيفت الصفة الى الخالق فها هنا لا اشتباه ولا تماثل يعني لا تشابه ولا ولا تماثل ولا اشتراك بل لله الصفة المختصة به وللمخلوق صفة المختصة به واذا كنا نعقل ان مخلوقات اشتركت في كونها مخلوقة ومع ذلك فان كيفية استوائها متفاوتة ليست متماثلة فلا ان يكون هذا الافتراق وعدم التواثل حاصلا بين صفة الخالق والمخلوق من باب اولى تأمل يرعاك الله الى قول الله جل وعلا وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون. لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه اذا هناك استواء على الانعام يعني على الابل وهناك استواء على السفينة والاية اية واحدة فاسألك يا رعاك الله استواؤك وانت شخص واحد على ظهر سفينة هل كيفيته كاستوائك على ظهر الناقة اجيبوا يا جماعة شتان بين هذا وهذا لا اقول ان الاختلاف ها هنا حاصل بين اجناس او بين انواع ولا حتى بين افراد بل اقول هذا الاختلاف حاصل في شخص واحد باعتبار احواله بحسب اختلاف الاحوال اختلفت الكيفية والحقيقة وقل مثل هذا في اه اختلاف الانواع الانواع انواع الاجسام او انواع المخلوقات فان الله جل وعلا اخبر عنا معشر المخلوقين اننا نستوي وكذلك قوله تعالى فاذا استويت انت ومن معك على الفلك. قارنه بقوله تعالى واستوت على الجودي هل يتشابهان يا قوم تخيل في ذهنك سفينة تعلو وتستقر على جبل وتخيل انسانا يستوي على ظهر سفينة هل الكيفية والهيئة واحدة هل يقول الانسان سبحان الله تلك السفينة مثل ذاك الذي يستوي على ظهر السفينة ايقول هذا احد؟ او يقال ان لي هذا كيفية؟ ولهذا ولهذا كيفية اذا المخلوقات ما تساوت ولا تماثلت ولا تشابهت في كيفية استوائها كيف يزعم بعد ذلك ان استواء الله العظيم على العرش العظيم مثل استواء المخلوق لو كان كيف يكون ذلك اذا من ادرك وفهم وقنع قاعدة السلف في التفريق بين القدر المشترك والقدر المميز واثباتهما جميعا فانه لا يبقى عنده اشكال ولذا لما سئل ربيعة بن ابي عبد الرحمن رحمة الله تعالى عليه سئل في حلقته او درسه عن قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقد اخرج هذا الذهبي في العلو وغيره قال رحمه الله الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم وهذا السؤال وجه ايضا الى تلميذه مالك ابن انس رحمه الله فانه دخل عليه داخل المسجد فقال يا ابا عبدالله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فاطرق رحمه الله وعلاه الرحظاء يعني العرق عظم في نفسه ان المخلوق الضعيف يسأل هذا السؤال عن الله العظيم فيقول كيف استوى ثم رفع رأسه رحمه الله وقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة لاحظ يا رعاك الله كيف ان هذا الجواب المسدد وهو جواب عظيم يكتب بماء العين تلقاه اهل العلم والسنة عن مالك رحمه الله بالقبول حتى صار ميزانا توزن به جميع الصفات كل صفة طبق عليها هذا الميزان قال الاستواء غير مجهول يعني معروف من جهة لغة العرب والكيف غير معقول يعني بالنسبة لنا لا ندري كيف استوى الله جل وعلا لو كنا رأينا الله عز وجل متصفا بصفاته لقلنا او رأينا على الاقل مثيلا له تعالى الله عن ان يكون له مثيل. لكننا ما رأينا الله ولا رأينا مثيلا له. اذا حسبنا ان نقف عند حد ما ورد والذي جاء في النصوص اثبات الصفة وليس تكييف الصفة اهل السنة ايمانهم ايمان اثبات للصفات وليس تكييفا للصفات. قال والكيف غير معقول والايمان به واجب متى ما اخبرنا الله عز وجل عن نفسه بخبر فان الواجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الاخر ان يتلقى هذا بالتصديق والتسليم ثم قال والسؤال عنه يعني عن الكيف بدعة فهذه هي القاعدة وهذا هو الاصل وهذا هو المرجع فيما يتعلق بهذه المباحث الالهية العظيمة ان يؤمن الانسان بهذه الصفات على ظاهرها الذي جاء في كتاب الله عز وجل وهو لائق به سبحانه وتعالى ولا يتكلف شيئا وراء ذلك لو سار الانسان على هذا النهج فانه سيكون عنده من اليقين والبرد والطمأنينة في قلبه ما يتسامى به بتوفيق الله عز وجل وعونه عن كل اشكال وحيرة واضطراب يقع وتقع في نفوس هؤلاء المتكلمين قلت يا اخوتاه واقول ايضا ان الخلاف بين اهل السنة والجماعة واهل البدع قبل ان يكون خلافا جدليا علميا هو في الحقيقة مسألة ايمانية القوم قبل ان يتكلموا في صفات الله عز وجل هم بحاجة الى ان ينظفوا قلوبهم وينزهوا افئدتهم عن شوائب التشبيه ويملأوا قلوبهم بتعظيم الله عز وجل فانهم ان فعلوا ذلك لم يشكل عليهم البتة ان يؤمنوا بصفات الله جل وعلا على الوجه اللائق به اذا نقول لهم عليكم ان تنظفوا قلوبكم من لوثة التشبيه فما اوتيتم فما اوتيت فما دخل عليكم واتيتم الا من هذا الباب انه وقر في قلوبكم اولا التشبيه فسعيتم السعي الحثيث لدفع هذا عن قلوبكم ولو انكم عظمتم الله وسلمتم لاياته واذعنتم لما اخبركم به فانه والله لا يستشكل الانسان شيئا من ايات الكتاب والسنة. ولا يضرب النصوص بعضها ببعض ان الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم ان في صدورهم الا كبر ما هم ببالغه. العلاج تعظيم الله والتسليم له وليبشر من كان كذلك بزوال كل اشكال وكل حيرة واضطراب اسأل الله جل وعلا ان يرزقني واياكم التسليم والايمان والتعظيم. ان ربنا لسميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان